مقالات حواء
د.محمد داود
القرآن ومنـزلة المرأة أ. د. محمد داود المتأمل فى آيات القرآن الكريم يرى أن المرأة قد اختصت بكثير من الآيات التى ترفع من مكانتها وتعلى منـزلتها، وتدفع عنها الضرر الذى تراكم عليها بسبب العادات والتقاليد الموروثة التى نالت من حرية المرأة وأهدرت حقوقها. وفى هذا الجانب نرى أن القرآن الكريم قد حرم وأد البنات، وإلى ذلك يشير قولـه تعـالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَىِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}(التكوير: 8-9). وكذلك ذم القرآن كراهية الجاهلية للأنثى، وأشار إلى ذلك قوله تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ }(النحل/58). كما ندد القرآن بكل عدوان على حقوق المرأة، قال تعالي: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُون َ}(البقرة/232). ونـهى الرجل أن يذرها كالمعلقة، قال تعالى: {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً}(النساء/129). ومن جانب آخر فقد كرم القرآن المرأة ورفع مكانتها أمًا فأوصى بـها الأبناء، قال تعـالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (لقمان/14). وكرمها زوجة فأوصى الرجل بحسن معاشرتـها فى أكثر من سورة من سور القرآن الكريم بل قد خصص لها سورة كاملة هى سورة النساء، وحسبنا من تكريم القرآن للزوجة أن جعل الله العلاقة الزوجية فى إطار المودة والرحمة فقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون} (الروم/21). حتى الطلاق جعله الله رحمة للمرأة إذا ما استحالت الحياة الزوجية، فجعل لها فرصة فى الطلاق أو الخلـع، قـال تعــالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}(البقرة/229). كما دعا القرآن الكريم إلى المحافظة على خصوصية الأسرة، فلا يطلع عليها الغرباء ولا يتدخل فيها غير الأتقياء، يفهم هذا من قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً} (النساء/35). ولم يفرق القرآن فى مجال العمل والجزاء عليه بين ذكر وأنثى, ونص على ذلك صراحة فى قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(النحل/97). كما قدم القرآن الكريم نماذج للأسوة والقدوة من النساء: كمريم ابنة عمران وامرأة فرعون، قال الله تعـالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ}(التحريم:11-12). وتبارك وتعالى من هذا كلامه، سبحانه سبحانه {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}(الملك/14). dr.mohameddawood@yahoo.com
|
|