مقالات حواء
د.محمد داود
وسام الأمومة
تكريم إسلامى للمرأة
أ. د/ محمد داود
خَصَّ
الله المرأة بامتياز عظيم لم يَحْظَ به رجل قط، ونالت المرأة تكريـمًا من ربـها فى
الدنيا والآخرة بسبب هذا الامتياز، إنه امتياز الأمومة.
وإذ نقدم التهنئة للأم بهذا الامتياز، فإننا نذكِّرها بدور الأمومة حيث تحتضن الأم
أبناء الأمة، ومستقبل الأمة.. فالأمومة عطاء نبيل أعلى الله من شأنه ورفع من قدره
فجعل الجنة تحت أقدام الأمهات، وجعل البر بالأم من أسباب تفريج الكربات، كما ظهر من
حديث الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار فوقعت صخرة أغلقت عليهم باب الغار، فكان
مما توسلوا به «البر بالوالدين»، ففرج الله كربـهم وكتب لهم النجاة.
إن الأمومة وسام على رؤوس الأمهات، استحقت به المرأة الجنة والمقدمة فى منازل
التكريم الإلهى. ولا تنال الأم وسام الأمومة بالإنجاب
وحده، وإنما الأُمُّ أمٌّ بالتـربية والعطاء والتضحية، ولذلك فإن من ترضع وتربِّى
تكون أمًّا من الرضاعة، ويكون لها من الحقوق والرعاية ما يكون للأم التى حملت، وذلك
لدعم الكيف قبل الكم، ولتنجب الأم خير أمة أخرجت للناس، وكى لا نكون أكثرية كغثاء
السيل كما أخبر النبى صلى الله عليه وسلم.
ولقد أوصى النبى صلى الله عليه وسلم بالأرملة التى آثرت
رعاية أولادها على حظ نفسها؛ تقديرًا لدور الأمومة التربوى، وجعل النبى
صلى الله عليه وسلم من الأعمال الصالحة الباقية للإنسان
بعد موته ولد صالح يدعو له.
ووافدة النساء التى جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
تسأله عن مصير النساء من الثواب والأجر عند الله، وليس لهن من أعمال البر العظيم ما
يتيسر للرجال كالجهاد والنفقة والصدقة ... إلخ، وأُعجب النبى
صلى الله عليه وسلم بسؤالها، ولفت أنظار صحابته الكرام رضوان الله عليهم –
إلى ذلك قائلاً صلى الله عليه وسلم: « ألا ترون إلى حسن
منطقها؟!»، ثم أجابها صلى الله عليه وسلم بأن حسن
التربية لأولادها، والرعاية لزوجها عمل عظيم عند الله يعدل ويساوى الأعمال المجيدة
التى يقوم بها الرجال، فقال صلى الله عليه وسلم: « حسن
تَبَعُّل المرأة فى بيت زوجها يعدل ذلك كله ».
ولكن طغيان الجانب المادى الحسى فى الحضارة الحديثة والانبهار بـها والتقليد الأعمى
لها، نقل إلى مجتمعنا فى مجال الأسرة عادات سيئة من أبرزها تنازل كثير من النساء عن
دَوْر الأمومة، حيث تلقى بأطفالها الرضع إلى الخدم أو فى دُور الحضانة، فينشأ الطفل
محرومًا يفتقد حنان الأم ومشاعر الأمومة، ولم يصبح للطفل من الوالدين إلا رعاية
المأكل والمشرب والملبس ونفقات المدرسة، أما الجانب التربوى الإيمانى والأخلاقى
فيقوم به غير الآباء.
وماذا ننتظر من الأبناء بعد أن تربوا على القيم المادية
الاستهلاكية وحرمناهم من التربية على موائد القرآن والسنة؟!
ماذا ننتظر منهم بعد أن غرسنا فيهم الجحود والنكران؟!
ماذا ننتظر منهم بعد أن انتقصناهم من نعمة الأمومة؟!
فإذا غربت شمس العمر وأدركتنا الشيخوخة، أودعونا فى دور المسنين نجلس فيها ننتظر
لحظة النهاية.. لحظة الموت.
وهكذا: عققناهم صغارًا فجحدونا كبارًا. ولا غرابة، فهذا حصاد ما غرست أيدينا!!
وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا
أُولُو الْأَلْبَابِ
dr.mohameddawood@yahoo.com
|
|