مقالات حواء
د.محمد داود
المرأة بين العقل
والتقاليد
أ. د. محمد داود
إن
الإنسانية تطير بجناحيها: الرجل والمرأة معًا، وإن انكسار أحد الجناحين يعنى التوقف
والهبوط.
لكن مصاب الإسلام فى المتحدثين عنه حيث جعلوا أنفسهم أوصياء على المرأة، لا بشرع
الله وإنما بعاداتـهم وتقاليدهم الراكدة؛ حيث ظلت عقولهم غارقة فى المرأة وما تثيره
الغرائز نحوها, غافلين عن مناحى التكريم العقلية والفكرية والأمومة التى أكرم الله
المرأة بـها ولم يَحْظَ بـها رجلٌ قط.
ورؤية أمثال هؤلاء تحتاج إلى تصحيح لكثير من المفاهيم التى استخدمت فيها النصوص
وأوِّلت بأسلوب وطريقة سلبية لصالح أهوائهم. فمن أخطر هذه المفاهيم: مفهوم القوامة
الذى يُساء استخدامه فى معانى القهر والسيطرة والهيمنة، والقوامة لا تعنى أبدًا فى
دين الله القهر, وإنما هى مسئولية منوط بـها تبعات وواجبات، وإلا فالأمر شورى بينهم،
والنساء شقائق الرجال, وحسبنا أن القرآن عبر عن العلاقة بين الزوج والزوجة بكلمات
تعنى الامتزاج الكامل فى كيان واحد، قال تعالى: {هُنَّ
لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}
البقرة/187.
وأقام الله عز وجل العلاقة بين الرجل والمرأة على المودة
والمحبة، قال تعالى:{وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ
مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} الروم/21.
كذلك ذهاب المرأة إلى المسجد، ما زلنا نسمع أصداء لبعض الأصوات التى تريد أن تحبس
النساء فى البيوت بلا علم ولا فقه ولا إسهام فى بناء المجتمع المسلم. وأين نحن من
هدى المصطفى صلى الله عليه وسلم: "لا تمنعوا إماء الله
مساجد الله" كذلك شأن صوت المرأة حين يذهب بعضهم إلى أنه عورة على الإطلاق، دون
تمييز بين الصوت الذى يثير الفتنه وبين الصوت الجاد الذى يرشد ويعلم.
أيضًا لباس المرأة مسألة طال فيها الجدل واحتدم فيها الخلاف، وكأنَّ كل قضية صلاحها
وفسادها، جهلها وعلمها قد وضعت داخل هذه الثياب. هل يعقل أن
يكتسب الإنسان قيمته من ثوبه وملبسه؟ أم من فكره وصلاحه؟
ينبغى أن نفرق بين التجمل والتبرج، وبين إباحة الدين والشرع والحنيف وما فرضته
تقاليدنا الراكدة التى جعلت كل شىء فى المرأة حتى ولو كان مباحًا لها عورة.
وعلى هذا المنوال يمكن أن تناقش قضايا ضرب الزوجات، والتلاعب بالطلاق، وسفر المرأة،
وحرية اختيار الزوج، والعمل. وكأننا تائهون عن المقاصد الشرعية الغراء فى حسن تربية
وتعليم المرأة، وبنائها بناءً إيمانيًا، وخير أسوة وقدوة فى هذا أمهات المؤمنـين،
فهذه السيـدة الفاضـلة أم المؤمنين عائشة – رضى الله عنها – كانت مضربًا للمثـل فى
العلـم والعقـل، وهذه نسيبة بنت كعب صحابية محاربة مجاهدة ... إلخ.
أم أن الأعداء نجحوا فى شغلنا بتوافه الأمور وصرفنا عن الجادة؟ وهو أمر يحتاج منا
إلى مراجعة؛ لأنه من العار علينا أن يكون وفاؤنا للعادات والتقاليد مقدمًا فى واقع
الفعل على وفائنا لشرع الله عز وجل.
وما يعقلها إلا العالمون
Dr.mohameddawood@yahoo.com
|
|