منهج التعريف بالإسلام
المبحث الرابع أسلوب التعريف بالإسلام للنصارى الغربيـين، وكيفية التعامل معهم أولاً: 1. ضع نصب عينيك أن تقدم الإسلام لغير المسلمين، بالحكمة والموعظة الحسنة، أي بأحسن طريقة أو أسلوب، وبعقلانية ومنطق سليم، أي على بصيرة. واعلم أن من أهم الأمور في هذا الخصوص، هو التطبيق العملي لما تدعو إليه (في حياتك الخاصة والعامة)، ويمكن إجمال كل ذلك بحسن الخلق. أعرض على المدعوين محاسن الإسلام حتى يرغبوا فيه، وبين جماله ومرونته، وإن في تعاليمة حلاً لمشكلات الإنسان المعاصرة (المادية والروحية والفكرية). واعلم أن النفوس مجبولة على حب ما ألفت، والسكون إليه، وهي تنفر مما يهاجمها أو يهاجم معتقداتها، وتركن وتميل إلى من يحدثها بما تحب أو تألف. ولهذا فإن من الحكمة والمنطق، أن تبدأ بالأمور المشتركة بيننا وبين من تريد أن تدعوهم أو تعرفهم، واحذر أو تجنب البدأ بتناول الاختلافات، أو الأمور الخلافية بيننا وبينهم. يقول الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله، في أحد كتبه ما معناه : عند دعوة قوم إلى الإسلام (( بين لهم من مبادئه ما يكون أحب لقلوبهم، وأدنى لمألوفهم، وأقرب إلى ما تقره عاداتهم، وما هو عندهم في مرتبة التقديس، ففي ذلك ربط الإسلام بجليل أعمالهم أو معتقداتهم، فيتجهون إليه طالبين ويبحثون عنه متعرفين. والإسلام غني بالمبادئ التي تألفها الجماعات البشرية وتحبها، إذ هو دين الفطرة، التي فطر الله الناس عليها. وإذا آنس الداعي فيمن يدعوهم، إلفاً ورغبة في التعريف على هذا الدين، دخل عليهم بحقائق الإسلام، وعرفهم أسرارها وحكمها وصلاحها، وتاريخ الذين أقاموها )) انتهى. 2. اعلم أن الخطاب الموجة إلى المسلمين، وأسلوب التعامل معهم (على اختلاف درجات تدينهم، أو تمسكهم بالإسلام وعباداته وتشريعاته)، ومنها على سبيل المثال لا الحصر : تقديم النصائح، والترهيب والترغيب، والدعاء للمستمعين، وأسلوب الخطابة والحماس والصراخ . . . الخ. يختلف اختلافاً جذرياً وتاماً، عن الخطاب الموجه إلى غير المسلمين، وأسلوب التعامل معهم، لتعريفهم بالإسلام ودعوتهم إليه. فلكل ميدان احتياجاته ورجاله. (1) يرجى ملاحظة ما يلي: أ. الفقرات تحت بند أولاً، تعتبر عامة، وتصلح لتطبيقها على جميع الناس من غير المسلمين. ب. الفقرات تحت بند ثانياً، معظمها يصلح لتطبيقه مع المتعلمين والمثقفين من جميع الناس من غير المسلمين. ج. الفقرات تحت بند ثالثاً، مخصصة للتعامل مع النصارى الغربيـين، وهذا لا يمنع أن بعضها قد يناسب غيرهم، كل حسب ظروفه. فالذي تعود أن يقود سيارته في البراري والقفار، أو القرى النائية، لا يستطيع أن يقودها بأمان وبدون حوادث، لو توجه بها إلى إحدى العواصم المزدحمة بالسكان، والتي تموج بسيل لا ينقطع من السيارات والمركبات، من شتى الاتجاهات، وعلى مدار الساعة، وسيفاجأ بإشارات المرور، والجسور، والأنفاق، والاتجاهات الجبرية، وأماكن يمنع الإستدارة منها، وأخرى يمنع الدخول إليها، وأماكن يحضر فيها الوقوف، والتي لم يألفها أو يستعد لها، فكيف تكون النتيجة؟ أو كطبيب العيون مثلاً لوحل محل طبيب العظام أو الأسنان، أو بالعكس. فإن قيل : هناك الطبيب العام الذي يمكنه من علاج كثير من الحالات، فأجيب: هذا صحيح، ولكنه غير متخصص في أي جهاز من أجهزة الجسم المختلفة، أو أي مرض من الأمراض التي تصيب الإنسان. ولذلك تراه في كثير من الأحيان، يحول المرضى إلى الأطباء المختصين في أحد أجهزة الجسم، وفي العلل التي تصيب ذلك الجهاز. ومعنى ذلك بكل صراحة ووضوح، أن من تعود على القيام بالدعوة إلى الإسلام بين المسلمين، (مهما كانت الدرجة العلمية التي يحملها، والمكانة المرموقة التي يتبوؤها في مجتمعه، والنجاح الذي يحققه في دعوته بين المسلمين) ليس بالضرورة، أنه يستطيع القيام بنفس المهمة بين غير المسلمين، بكفاءة واقتدار. وإن الاحتمال كبـير جداً، أن تكون النتائج التي يحققها سلبية، وتنفر من يدعوهم من غير المسلمين، بالإسلام ورسالته، وتزيد من شكوكهم، وترسخ الشبهات عندهم عن الإسلام. فدعوة غير المسلمين، تحتاج إلى تخصص ومؤهلات وقدرات خاصة في هذا المجال، تختلف عن تلك التي يحتاجها الداعية (الشيخ أو الفقية أو إمام وخطيب المسجد وغيرهم) بين المسلمين. 3. مما سبق بيانه، يتضح لكل ذي عقل، أن الرغبة في الدفاع عن هذا الدين ونشره، محبةً فيه ورغبةً في الأجر، ليس وحده سبباً كافياً، لأن يصبح أي مسلم مؤهلاً للتعريف بالإسلام لغير المسلمين. فولوج هذا الميدان من دون علم ودراية بأصوله وفنونه، مضر جداً في كثير من الأحيان، وقد يأتي بنتائج سلبية أو معاكسه للأهداف أو الغايات النبيلة المرجوه. 4. تجنب أسلوب الوعظ والإرشاد أو التعليم، أو الدعاء للمدعوين أو المستمعين علناً، ولا تستخدم أسلوب الترهيب أو الترغيب، مع من تحاورهم أو تدعوهم، بل اتخذ صفة المذكَّر، والمنبَّة، ولافت النظر، أو المساعد على المعرفة واكتشاف الحقيقة. 5. لا تخص بدعوتك الطبقة الفقيرة أو المحرومة أو الضعيفة فقط، بل اجعل للطبقات المتعلمة أو ذات النفوذ نصيباً من دعوتك، لأن لها تأثير على غيرها، فيما لو اقتنعت بدعوتك، وتعامل مع من تدعوهم بإخلاص وتعاطف وصدق. 6. كن كريماً معهم بدون مبالغة أو إسراف، حتى لا يساء فهمك، وساعد من تدعوهم إذا احتاجوا للمساعدة لقضاء حوائجهم، دون مبالغة، حتى لا يستغلونك. 7. اهتم بعملية الإرجاع (ردود فعل أو أنماط الاستجابة) من المتلقين. فهو مفيد جداً لك، لتطوير وتحسين أسلوبك أو خطابك معهم، ولتتجنب ما لا يصلح أو ذا التأثير الفاتر أو السلبي.
|
|