شبهات حول القرآن الكريم
توهُّم عدم المطابقة بين
الضمير وما يعود عليه
زعموا
أن القرآن خالف قاعدة المطابقة في النوع بين الضمير ومَعَادِه، واستشهدوا لذلك
بالآيتين التاليتين:
1) قوله تعالى:{إِنَّمَا
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ
تَطْهِيرًا} الأحزاب/ 33؛
حيث جاء الضمير في "يطهِّركم" مذكرًا، والصواب في
ظنهم أن يؤنث فيقال: "ويطهركن"؛ لأنهم توهموا أن
المراد بـ "أهل البيت": نساء النبي صلى الله عليه
وسلم.
وهذا خطأ بَيِّنٌ وقع فيه صاحب الشبهة؛ لأن المراد بأهل البيت: النبيّ صلى الله
عليه وسلم، وعلي بن أبي طالب، والحسن، والحسين، وفاطمة الزهراء، وأمهات المؤمنين[1].
وعلى هذا فالخطاب شمل المذكر والمؤنث، ومعروف أنه إذا اجتمع المذكر والمؤنث غُلِّب
المذكر، فالضمير في "عنكم"، و"يطهركم"
يشمل هؤلاء جميعًا.
2) قوله تعالى:{وَإِنَّ لَكُمْ
فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ
وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ}
النحل/66؛ حيث جاء الضمير في "بطونه" مذكرًا،
وهو عائد على الأنعام وهي مؤنثة، والصواب ـ في زعمهم ـ أن يقال: "بطونها".
الضمير في "بطونه" هنا عائدٌ على بعض الأنعام؛ لأن
الذكور لا ألبانَ لها، والتقدير: نسقيكم مما في بطون بعض الأنعام. وكلمة "بعض"
مذكرة، فعاد الضمير عليها مذكرًا لتخصيص بعضها، أي الإناث التي تدر اللبن.
وأما قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ
لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ
وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} المؤمنون/21 فقد جاء
الضمير في "بطونها" مؤنثًا ليعم الأنعام كلها، بدليل
قوله تعالى بعده:{وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ} فعَمَّ الذكر والأنثى من الأنعام
كلها؛ لأن مدار الحديث هنا على عموم منافعها، بينما في آية النحل خُصَّ بَعْضُ
الأنعام لاقتصار الكلام على اللبن دون سائر المنافع[2].
****************************
[1]
البحر المحيط 7 / 231 ـ 232.
[2]
البحر المحيط 5 / 509، كشف المعاني لابن جماعة،
تحقيق/ د. محمد محمد داود، ص 131 ـ 132.
|
|