شبهات حول القرآن الكريم
توهُّم عدم المطابقة بين
الحال وصاحبها
زعموا
مخالفة القرآن لقاعدة المطابقة العددية بين الحال وصاحبها، وشاهدهم على ذلك قوله
تعالى:{ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا}
الحج/5؛ حيث جاء الحال بلفظ المفرد، وصاحبها بصيغة
الجمع، والصواب ـ في زعمهم ـ أن يقال: ثم نخرجكم أطفالاً.
وقد سبق التعرُّض لمثل هذا عند الكلام على اسم الجمع، وأنه يستعمل بصورة واحدة
للمفرد والمثنى، والجمع، نحو "خصم ـ ضيف ـ عدُوّ".
فكلمة "طفل" مفرد لفظًا، جمع في المعنى.
وهناك وجه آخر: أن تكون مفردة، والمعنى: ثم نخرج كل واحد منكم طفلاً[1].
والملاحظ في الاستعمال القرآني أنه جاء بصيغة اسم الجمع "طِفْل"
في ثلاثة مواضع: "الحج: 5، النور:
21، غافر: 67".
وفي هذه المواضع جميعًا يراد بالطفل: الذين لم يبلغوا الحلم.
أما الجمع "أطفال"
فقد وردت مرة واحدة في قوله تعالى:{وَإِذَا بَلَغَ
الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ} النور/59.
ونلحظ هنا أن صيغة الجمع "أطفال"
مستعملة للدلالة على: الذين بلغوا الحلم.
وهذا سرٌّ من أسرار لغة القرآن؛ حيث يستعمل الألفاظ المترادفة، أو التي شاع
استخدامها على الترادف، لكي يشير ـ بهذا الاختلاف في الصيغة ـ إلى فارق دلالي دقيق
قد لا يخطر بالبال في الوهلة الأولى، ومع تتبع السياقات القرآنية المختلفة، وتأملها
تنجلي هذه التمايزات، والملامح الدلالية المرهفة التي تحتملها الألفاظ المختلفة في
الصيغة، وإن شاع اتفاقها في المعنى.
***************************
[1]
الكشاف 3 / 6، البحر المحيط 6
/ 352.
|
|