تحرير المصطلحات
د. محمد عمارة
الإسْلَامُ والسَّيفُ
في مواجهة الافتراءات الغربية – القديمة الجديدة – التى تزعم أن الإسْلَامُ قّد انتشر بالعنف والسيف والإكراه ... لا بد من استخدام المنطق العقلاني، والحقائق التي تضمنتها كتابات العلماء الغربيين الذين درسوا الإسلام وحضارته وتاريخه، واحترموا عقولهم عندما كتبوا عن انتشار الإسلام...
لقد صدر في فرنسا – عن المعهد الوطني للدراسات الديمجرافية – كتاب ( المسيحيون واليهود في التاريخ الإسلامي: العربي والتركي ) كتبه الباحثان الفرنسيان: " فيليب فارج "، و " يوسف كرباج".. وفي هذا الكتاب – الذى يمثل " منجمًا " من الأرقام والإحصاءات عن الديانات الشرقية – يُذكر أن نسبة المسلمين فى رعية هذه الدولة كانت ( 20% ) فقط لا غير!! فأين هو السَّيف والعنف والإكراه، إذا كان الناس – الذين حرر الفتح بلادهم.. قد ظل (80%) منهم على دياناتهم القديمة، بعد قرن من الفتوحات وقيام السلطة الإسلامية في ربوع الشرق؟! .. إذن، بهذه الحقيقة يتأكد أن الناس قد تركوا وما يدينون، وفق المبدأ القرآني: { لَآ إِكْرَاهَ فىِ الدِينِ} [البقرة :256].
ولأن هذه هي الحقيقة – انتشار الإسلام سلميًّا " وبالتدريج" – فلقد شهد على ذلك الكثيرون من علماء الغرب، الذين أخلصوا لحقائق التاريخ، ولم يزيفوا وقائع الوسائل التي بها نشر الإسْلام..
- لقد شهد العالم الإنجليزي " جورج سيل " ( 1697 – 1736 م) – وهو الذي ترجم القرآن الكريم إلى الإنجليزية – على هذه الحقيقة، فقال: " لقد صادفت شريعة محمد ترحيبًا لا مثيل له فى العالم .... " وإن الذين يتخيلون أنها انتشرت بحد السَّيف إنما ينخدعون انخداعًا عظيمًا "!.
- أما العلامة " سير توماس أرنولد " (1864 – 1930م) – صاحب الكتاب الفذّ (الدعوة إلى الإسلام ) – الذي تتبع فيه كيفية انتشار الإسلام في كل البلاد التي وصل إليها – والذي عده أساطين الاستشراق " العمدة " في تاريخ انتشار الإسلام – فلقد نبه على حقيقة ذات دلالة بالغة، وهي أن الإسلام ليس فقط قد انتشر بالسلم والقدوة والدعوة بالتي هى أحسن .. وإنما – فوق ذلك – لم تكن له " مؤسسة " تبشيرية تدعو إليه!..
وإذا شئنا عبارات لهذه العلامة – توماس أرنولد – تمثل شهادته على الانتشار السلمي للإسلام، فيكفي أن نقرأ قوله:
" إن الفكرة التي شاعت بأن " السَّيف " كان العامل في تحويل الناس إلى الإسلام بعيدة عن التصديق... إن نظرية العقيدة الإسلامية تلتزم التسامح وحرية الحياة الدينية لجميع أتباع الديانات الأخرى..
ولقد قيل إن الإمبرطور الروماني " جيستنيان " ( 483 – 565 م) أمر بقتل مئتي ألف من القبط في مدينة الإسكندرية، وإن اضطهادات خلفائه قد حملت كثيرين على الالتجاء إلى الصحراء.
وقد جلب الفتح الإسلامي إلى هؤلاء القبط حياة تقوم على الحرية الدينية التي لم ينعموا بها من قبل ذلك بقرن من الزمان..
وليس هناك شاهد من الشواهد على أن دخولهم في الإسلام على نطاق واسع كان راجعًا إلى اضطهاد أو ضغط يقوم على عدم التسامح من جانب حكامهم الجدد..
بل لقد تحول الكثيرون إلى الإسلام قبل أن يتم الفتح، حين كانت الإسكندرية – عاصمة مصر وقتئذ – لا تزال تقاوم الفاتحين، وسار كثير من القبط على نهج إخوانهم بعد ذلك بسنين قليلة"..
ولأن الفتح الإسلامي – الذي أزال القهر الروماني – هو الذي فتح أبواب جهاز الدولة أمام أهل البلاد – وهم على ديانتهم القديمة – فلقد شهد العلامة الألماني " آدم ميتز "،( 1869 – 1917م) فقال: " لقد كان النصارى هم الذين يحكمون بلاد الإسلام "!..
هكذا شهد الشهود من أهلها على حقائق السماحة والعدل والإنصاف والسلم في انتشار الإسلام.
وصدق القائل:
شهد العداة له بعزة أمره *** والفضل ما شهدت به الأعداء
المصدر: إزالة الشبهات عن معانى المصطلحات
أ. د/ محمد عمارة
|
|