مقالات العدد الثالث
مكرم محمد أحمد
المشترك بين الأقباط والمسلمين
بقلم: مكرم محمد أحمد
الأهرام ـ أكتوبر 2010
إن
هذا الوطن سوف يبقى أبدًا وطنًا لأقباط مصر ومسلميها، ولا بديل لآى منهما عن
التعايش مع الآخر فى ود ووئام، ينهض بجهدهما المشترك أو يلقى لا قدر الله سوء
المصير لإخفاقها المشترك ولا مفر من أن يعيشوا معًا فوق هذه الأرض كما عاشوا منذ
آلاف السنين يقتسمون معًا حلو الحياة ومرها، وينظمون مصالحهم المشتركة فى إطار
المساواة الكاملة فى الحقوق والواجبات، يحترم كل منهما حقوق الآخر وعقيدته لأن
المشترك بين الجماعتين المسلمة والقبطية فى مصر ضخم وكبير، فالأغلبية المسلمة
مأمورة بنص القرآن بأن تحب النصارى لأن منهم قسيسين ورهبانًا ولأنهم أتباع اليسوع
عيسى بن مريم السيدة البتول التى فضلها القرآن على كل نساء العالمين، ولأن الأقلية
القبطية مأمورة بنص الإنجيل بأن تحب جيرتها المسلمة لأن الله محبة، ولأن المحبة
تكسر الحجر وتربى النفوس. وتخلص أسباب التشاحن بين أقباط مصر ومسلميها فى أربع
قضايا معروفة وإن تكررت أحداثها:
1.
قضية توسيع وبناء وترميم الكنائس التى تكاد تكون القاسم المشترك فى معظم حوادث
الفتنة الطائفية، ولست أعرف لماذا لم ننجح فى حل هذه المشكلة العويصة التى لا تزال
تعكر صفو العلاقات بين أقباط مصر ومسلميها؟!.
2.
المشكلة الثانية تتعلق بالمضاعفات حتى يمكن أن تنشأ وتنشأ بالفعل عن علاقات
اجتماعية تحكمها صدفة
طارئة تؤدى إلى فتنة صغيرة، سرعان ما تصبح فتنة كبيرة، تحول بعض القرى إلى ساحات
حرب أهلية بسبب الحرص على توصيف غير حقيقى
لمشكلة صنعتها الصدفة، ربطت بين شباب مصرى مسلم وفتاة قبطية فى علاقة زواج أو خطبة
يصر البعض على أنها تنطوى على جريمة اختطاف الإناث بهدف إكراههن على الإسلام رغم
عدم توافر الإرادات الحرة فى جميع هذه القضايا، ورغم التزام الأزهر والإدارة عدم
قبول تغيير ديانة قاصر لم تبلغ سن الرشد.
3.
تتعلق بضرورة التزام الدولة بوضع برنامج تنفيذى يستهدف تطبيق كافة حقوق المواطنة
على أقباط مصر بما يكفل المساواه الكاملة، وينهى كل صور التمييز غير المكتوبة التى
تمنع أو تقلل توظيفهم فى بعض المجالات أو المناصب مثل المحافظين ومديرى الجامعات
وعمداء الكليات.
4.
وتتعلق بحقوق يعتبر المعتقد والملة والديانة باعتبارها حقوقًا شخصية، لا يجوز
للدولة المدنية أو أى من مؤسسات المجتمع المدنى التدخل فيها بما فى ذلك المسجد أو
الكنيسة، فى عصر جعل حرية الإعتقاد ركنًا أساسيًا فى حقوق الإنسان، واذا كانت
الحكومة المصرية لا تسعى إلى تطبيق حد الردة فى الإسلام تأسيسًا على حرية الأعقاد
التى تضمنتها الآية الكريمة من سورة الكهف: { فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ
شَاءَ فَلْيَكْفُرْ } يصبح من واجب الدولة ألا تكون طرفًا فى أية قضية من هذا النوع
تتعلق بالأقباط أو المسلمين باعتبارها حقوقًا يمارسها الإنسان العاقل الرشيد الذى
يتحمل مسؤلية التكليف وأعبائه طبقًا لأحكام القانون.
وغاية القول: إن اجتثاث أسباب الفتنة الطائفية ليس
أمرًا مستحيلًا، لأن معظمها طارئ يستقوى بتدخلات الخارج، ولأن تحرك الداخل على
مسيرة الدولة المدنية لا يزال يواجه عقبات ومشاكل، بعضها يعود إلى تباطؤ خطأ
الحكومة على طريق الإصلاح السياسى بما يضمن تكافؤ الحقوق والواجبات بين جميع
المواطنين بصرف النظر عن الجنس أو اللون أو الدين واحترام الكفاءة معيارًا وحيدًا
لتولى المناصب العامة وتنظيم علاقات الدولة بالكنيسة والدولة بما يضمن احترام
العقائد وأماكن العبادة والرموز الدينية ويكفل حرمتها فى بلد مسلم تسكنه أغلبية
مسلمة يؤمن بحرية الإعتقاد ويعترف بكل الأديان والرسل ويحصل على سواسية الحقوق
والواجبات ويرفع شعار الدين لله والوطن للجميع.
|