مقالات العدد الثانى
أ. على محمود
كيف يلتقي أهل الشرائع السماوية على الحب والتسامح؟!
- الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف
الخلق أجمعين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلي آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى
يوم الدين
- هذا العدد الذي بين يديك – أخى القارئ – من مجلة (الإنسان
الإلكترونية) قام بتحريره نخبة مختارة من العلماء والمفكرين الإجلاء ويشتمل
العدد على قضية دينية محورية تهم كل مسلم ومسيحي ويهودي فبالرغم من أن الشرائع قوة
إيجابية جعلها الله سبحانه وتعالى من أجل إسعاد البشر ولكن للأسف الشديد حرف البشر
هذه الرسالة السامية حولوا الرحمة إلى عنف والمودة إلى خصومة وعداوة وقتل!.
- والسؤال الذي يفرض نفسه في هذه القضية الشائكة كيف
يلتقي أهل الشرائع السماوية علي الحب والتسامح؟!
- والإجابة عن هذا السؤال المهم بين ثنايا السطور في
مقالات علماء الفكر الإسلامي في هذا العدد وهي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن
الشرائع السماوية الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام هدفها جميعا هداية البشر
والإيمان بالله والأنبياء والرسل وإذا كان الإسلام هو خاتم الرسالات السماوية
والرسول الكريم صلي الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين فإن الإسلام يعتبر
امتدادا طبيعًا ومتمما للرسالتين المسيحية واليهودية وقد اعترف القرآن الكريم
باليهودية دينا وبسيدنا موسى عليه السلام رسولا كما اعترف بالمسيحية دينا وبسيدنا
عيسى عليه السلام رسولا، ولكنه لا يعترف بالتحريف الذي أصاب الكتب السماوية التوراه
والإنجيل.
- وقد كفل القرآن الكريم حرية العقيدة والتى تضمنتها
الآية الكريمة في سورة الكهف "فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ"
وقال تعالى " لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ
الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ" في سورة البقرة.
- كما ضمن الإسلام للجميع حقوقهم حتى لغير المسلمين
ضمن لهم حقوقهم والعدل معهم قال تعالى " اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
وَاتَّقُوا اللَّهَ" سورة المائدة.
- كما أمر سبحانه بالحكم بالعدل بين الناس قال تعالى
:
" وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا
بِالْعَدْلِ " في سورة النساء، وصان العهود والمواثيق حتى من غير المسلمين
وحرم الخيانة والغدر قال تعالى "وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ
إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ
جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً " في سورة النحل.
وقد طلب ذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم ففي معاهدته لنصاري نجران ضمن لهم حقوقهم
لنجران وحاشيتهم جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلى
أنفسهم وملتهم وأرضهم وأموالهم وغائبهم وشاهدهم وبيعهم لا يغير أسقف عن سقيفاه ولا
راهب عن رهبانيته وأشهد علي ذلك شهودا منهم ابو سفيان بن حرب والأقرع بن حابس
والمغيرة بن شعبة فرجعوا إلى بلادهم فلم يلبث السيد والعقب إلا يسيرا حتى رجعا إلى
النبي صلى الله عليه وسلم فأسلما وأنزلهما دار ابي أيوب الأنصاري.
- وفي المدينة المنورة حيث تأسس المجتمع الإسلامي
الأول وعاش في كنفه اليهود بعهد مع المسلمين والتعامل معهم بغاية السماحة والحلم
حتى نقضوا العهد وخانوا رسول الله صلي الله عليه وسلم.
- وقد حرم الإسلام الظلم علي الجميع وحرم ظلم
المعاهدين قال صلي الله عليه وسلم ( ألا من ظلم معاهدا أو
انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس ، فأنا حجيجه يوم القيامه
)
- وشدد النبي صلي الله عليه وسلم الوعيد علي من انتهك
حرمة دمائه قال صلى الله عليه وسلم ( من قتل معاهدا لم يرح
رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما).
- جاء في صحيفة الرسول صلي الله عليه وسلم في المدينة
: " اليهود و المسلمون أمة واحدة "
- وقد سار الخلفاء الراشدون والسلف الصالح على نهج
رسول الله صلي الله عليه وسلم في معاملة غير المسلمين المعاملة الحسنة والتسامح
معهم وإعانتهم بالمال والنفس عند الحاجة.
- وهذا الموقف من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مع هذا
اليهودي الفقير أبلغ دليل علي نهج الإسلام السوي مع غير المسلمين:
- رأي عمر بن الخطاب رضي الله عنه شيخا ضريراً يسأل
علي الباب، فلما علم أنه يهودي، قال له: ما ألجأك إلي ما أري؟ !
- قال: أسأل الجزية والحاجة و السن، فأخذ " عمر"
بيده، وذهب به إلي خازن بيت المال يقول: أنظر هذا وضرباءه (
أي نظراؤه)، فوالله ما أنصفناه أكلنا شبيبته ( أي
شبابه ) ثم نخذله عند الهرم ( أي الكبر)، "
إنما الصدقات للفقراء والمساكين" ، والفقراء هم المسلمون، وهذا من المساكين
من أهل الكتاب، ووضع (أي رفع) عنه الجزية، ولن يطيع
الدين هكذا إلا رحيم.
بقلم: أ. على محمود
|
|