حقائق الإسلام
صنع الحضارة تكليف إسلامى ( ب ) العلم سر الحضارة : لـما أراد الله أن يرفع الإنسان لمنـزلة كريمة فى بدء الخلق، لم يكن ذلك بمال ولا بسلطان ولا بشىء من متاع الدنيا، وإنما كان ذلك بالعلم؛ فقد علمه الله الأسماء ثم أمره أن يعلِّم الملائكة هذه الأسماء ليعترفوا بمنـزلته، يظهر ذلك من قوله تعالى: ( وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) البقرة/ 31-32. وأخبر القرآن الكريم أن أهل العلم لهم الدرجات العالية والمنازل الكريمة عند الله تعالى، قال تعالى: ( رْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) المجادلة/11. ولـما أمر الله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسؤال الله تعالى الزيادة، لم يأمره بالدعاء وسؤال الزيادة فى مال أو سلطان أو متاع دنيا، وإنما أمره بسؤال ربه الزيادة فى العلم، قـال تعالى: ( وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ) طه/114. ولـما أراد سليمان عليه السلام إحضار عرش بلقيس بصورة معجزة ليظهر عظمة ما وهب الله له من الملك، وما سخر له من الجنود وليتخذ ذلك حجة لنبوته عند بلقيس وقومها كى تؤمن، كانت المفاجأة أن تفوق من عنده علم الكتاب على عفريت الجن فى سرعة الإحضار، قال الله تعالى: ( قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) النمل/38 : 40. أيضًا مما كرم الله به أهل العلم أنه جعلهم أحق الناس بالخشية من الله، قال تعالى: ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ) فاطر/28. وكانت أول آية صافحت قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم هى قول الله تعالى: ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) العلق/1. ثم هذه الدعوة القرآنية إلى البحث والاكتشاف والاختراع، قال تعالى: ( قُلِِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) يونس/101. كل هذا يؤكد حقيقة قرآنية مهمة، هى أن العلم هو سر الحضارة والتقدم، وهكذا قضت سنة الله فى كونه أن طريق الرفعة والعزة هو العلم. ويُثاب الإنسان على كل علم نافع للناس؛ سواءً كان طبًّا أو فلكًا أو هندسةً ... إلخ، ما دام فى نيته وجه الله وإفادة المسلمين، فلقد أمرنا الله بالبحث والتأمل فى كون الله تعالى، قال تعالى: ( قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) يونس/101. وقال تعالى: ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ ) آل عمران/190. إن السعى والاجتهاد فى تحصيل العلم مهمة سامية تجعلنا فى المقدمة بين الناس فى الدنيا وعند الله يوم القيامة، والأحاديث فى هذا الباب كثيرة. إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ
|
|