حقائق الإسلام
القرآن والتنوير
جاء القرآن الكريم نورًا يبدد ظلمات العقل
بنور المعرفة، ويمحو ظلمات القلب بالسكينة والطمأنينة،
ويملأ النفوس بالرضا؛ لذلك
أخبر اللـه عن القرآن أنه نور، قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا
إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا) النساء/174. كما
أخبر الحق تبارك وتعالى أن القرآن ينقذ الناس من الظلمات والضـلال، قال تعـالى: (كِتَابٌ
أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)
إبراهيم/1.
وما أحوجنا إلى هذا التنوير القرآنى الذى يحقق لنا حياة الأمان والسكينة
والطمأنينة والرضا، وما ذلك إلا لأنه مستمد من اللـه الخالق مصدر كل نور، قال
تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)
النور/35.
فالله نور السماوات والأرض، نوَّرهما بالنور الحسى: بالشمس والقمر والنجوم، قال
الله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ
بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا)
الفرقان/61.
والله نور السماوات والأرض، نوَّرهما بالنور المعنوى:
بالكتب السماوية والرسل والأنبياء وأسباب الهداية التى أنعم الله بها على عباده،
قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا)
النساء/174، وقال تعالى: (قَدْ
جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ)
المائدة/15.
والعبد المؤمن إذا تأدب بأدب القرآن واهتدى بـهديه يفيض اللـه عليه من هذا النور،
فتتحول حياته إلى منازل القرب والرضا، قال تعالى: (أَوَمَنْ
كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ
كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ
لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الأنعام/122.
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ
لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
الحديد/28.
أما عن ثمرات نور الله فى يوم القيامة، فحسبنا أن نتأمل هذا الموقف الذى
يعرضه القرآن ليرغِّب المؤمنين فيما عند الله تعالى من فضل؛ فيسارعون إلى الخيرات،
قال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى
اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ
وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي
اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا
وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
التحريم/8.
وهذا هو التنوير الحقيقى، والخروج عنه خروج إلى الظلمة والضلال، وسبحان الله
القائل:(وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا
لَهُ مِنْ نُورٍ) النور/40.
لذلك كان من دعائه صلى الله عليه وسلم طلب نور الله تعالى؛ فيقول صلى الله عليه
وسلم: «اللهم اجعل فى قلبى نورًا، وفى بصرى نورًا، وفى سمعى
نورًا، وعن يمينى نورًا، وعن يسارى نورًا، ومن فوقى نورًا، ومن تحتى نورًا، اللهم
اجعلنى نورًا».
وأخرج الحاكم فى المستدرك عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: بينما الصحابة جلوس مع
رسول اللـه صلى الله عليه وسلم إذ تلا عليهم قول اللـه تعالى: (أَفَمَنْ
شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ) الزمر/22.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن النور إذا دخل
القلب انفسح وانشرح». فقيل: يا رسول اللـه، هل لذلك من علامة يُعرف بـها؟
فقال صلى الله عليه وسلم: «نعم: التجافى عن دار الغرور،
والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزولـه».
وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ
أُوْلُواْ الأَلْبَابِ
|
|