حقائق الإسلام
القرآن شفاء
للصدور
من اللافت للانتباه استعمال
القرآن الكريم كلمة
(شفاء) دون كلمة علاج، قال الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ
مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ }
الإسراء/82. فالعلاج لأى داء (حسى
أو معنوى) قد ُيوفق فيه المعالج فيتحقق الشفاء،
وقد لا يُوفق المعالج فلا يتحقق الشفاء.
أما مع القرآن الكريم فأنت فى معيَّة
الله الشافى، ومن بين هدى القرآن الكريم الذى يشفى صدور
قوم مؤمنين، تلك الآية التى
أنزلها الله على رسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حين تعرض
لحالة كثيرًا ما
نتعرض لها فى حياتنا المعاصرة، وهى حالة ضيق الصدر، بسبب تجاوزات اليهود والمشركين
فى حق الله تعالى، حين قالوا كما حكى القرآن عنهم: {
إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء}
آل عمران/181،
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ
يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ
} المائدة/64. وغير ذلك من
وصفهم لرسول الله صلى الله عليه
وسلم بالجنون وبأنه شاعر وكاهن؛ فضاق صدر رسول الله صلى الله
عليه وسلم بكل ذلك،
فأنزل الله تعالى عليه هذه الآيات: {وَلَقَدْ
نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ
رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ
الْيَقِينُ} الحجر/97-99.
وهذه الآيات أرشدت إلى ثلاثة أدوية
لضيق الصدر:
• أولها: الإكثار من تسبيح الله
وحمده؛ فمن دلالات التسبيح فى القرآن الكريم ارتباطه
بالفرج، قال تعالى بشأن سيدنا
يونس عليه السلام حين التقمه الحوت وصار فى ظلمـات ثلاث:{فَلَوْلا
أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ
يُبْعَثُونَ}الصافات:143-144
وهناك سر بين ذكر الله تعالى وانشراح
الصدر، وانبساط النفس، وقوة البدن، واستعادة نشاطه،
فعندما جاءت السيدة فاطمة - رضى
الله عنها - لرسول الله صلى الله عليه وسلم تطلب منه خادمًا
يعينها على شئون البيت،
قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ألا أدلك على أفضل من
ذلك ؟ » قالت: بلى. فقال لها:
«إذا أويت إلى فراشك فسبحى الله ثلاثًا وثلاثين، واحمديه ثلاثًا وثلاثين،
وكبرى ثلاثًا وثلاثين »، ففعلت السيدة فاطمة ـ رضى الله
عنها ـ ذلك فوجدت قوة فى
بدنـها واستغنت عن الخادم.
• ثانيها: السجود بكل معانيه: سجود
القلب، وسجود العقل، والصلاة. فبالسجود يقترب الإنسان من
ربه ويرتفع عن عالم
الأحقاد والضغائن، فيكون للإنسان الساجد الطهر والنقاء. ومن هدى
المصطفى صلى الله
عليه وسلم أنه كان إذا أهمه أمر نادى بلالاً: « أرحنا بـها يا بلال »، أى: بالصلاة.
• ثالثها: المداومة على الذكر والطاعة
انتظارًا للحظة الرحيل عن دنيا الناس؛ إنما هو مشغول بما
هو أعلى وأغلى: بلقاء ربه
ساعة أن يأتيه اليقين، والمراد باليقين هنا فى هذه الآية:
الموت.
وهكذا دلنا القرآن على التسبيح
والسجود والمداومة على الذكر والعبادة؛ انتظارًا للحظة
الموت، كأدوية نتحصَّل بـها
على الشفاء من الله الشافى إذا أصابنا ضيق صدر من أحداث الحياة
وضغوطها، اللهم اشف
صدورنا.
وَمَا يَذَّكَّرُ
إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ
|
|