نفي الإشارة العلمية الواردة في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الفاحشة ()
مضمون الشبهة:
من بين المحاولات التي تهدف إلى نفي أية إشارة علمية وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية، يزعم المغرضون أن قوله صلى الله عليه وسلم: «لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يُعْلِنُوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا» ـ ليس فيه إشارة علمية إلى أضرار الزنا المختلفة والأمراض الناتجة عنه، ويدَّعون أن هذا الحديث مجرد دعوة إلى الفضيلة والعفة وترك الرذيلة، وهذه دعوة الأديان جميعها.
رامين من وراء ذلك إلى قطع كل طريق يثبت الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
وجه إبطال الشبهة:
لم يكن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يُعْلِنُوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا» دعوة إلى الفضيلة ونبذ الرذيلة فقط، وإنما هو إخبار منه صلى الله عليه وسلم بما هو كائن من أن انتشار الفواحش والإعلان بها شرط أكيد، إذا تحقَّق فلا بد أن يتحقق جوابه وهو انتشار الأمراض والطاعون.
وهذا ما نشاهده الآن ونسمع عنه؛ إذ إن الأمراض الجنسية أصبحت كابوس العصر، ويكفينا أن نُذَكِّر بالإيدز وحده؛ حيث يقول تقرير منظمة الصحة العالمية: "إن الأمراض الجنسية هي أكثر الأمراض المعدية انتشارًا، وهي التي تشكِّل تهديدًا خطيرًا على الصحة العامة في العالم اليوم"، وهذه الأمراض لا تنتشر إلا بالعلاقات الـمُحَرَّمَة، يقول الطبيبان باتشلر وموريل: "إن انتشار الأمراض الجنسية راجع بالأساس إلى إباحية الصِّلات الجنسية".
ومن ثم؛ يتبيَّن أن نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم قد تحققت، وأثبتت الأبحاث صحتها، وكذلك يتبين حكمة المولى عز وجل في تحريم الزنا.
التفصيل:
1) الحقائق العلمية:
انتشرت في العقدين الأخيرين من القرن العشرين الفواحش بصورة مروِّعة، وتفشَّت كثير من الأمراض الجنسية التي لم تكن معهودة من قبل، وكل ذلك بسبب ظهور الفاحشة وإعلانها، فكان أول ظهور لمرض الزهري أثناء الحرب الإيطالية الفرنسية، عندما انتشر الزنا بين الجنود، وسمَّاه الإيطاليون "الداء الفرنسي".
وعندما غزا الاستعمار الغربي البلاد العربية حملوا معهم هذا الداء، فأطلق عليه العرب آنذاك الداء الفرنجي، ولا يزال هذا الاسم مستعملًا حتى اليوم.
وفي العصر الحديث ظهر مرض الهربس بوصفه وباءً جنسيًّا واسع الانتشار، حتى إن معدل الإصابة السنوية بهذا المرض في الولايات المتحدة يصل إلى نصف مليون حالة.
وفي عام 1979م ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية ـ ولأول مرة ـ مرض فقدان المناعة المكتسبة، والمعروف باسم "الإيدز"، وهو فيروس يتتبَّع كُريَّات الدم البيضاء المدافعة عن جسم الإنسان فيدمِّرها الواحدة تلو الأخرى حتى يفقد الجسم أهم وسائل الدفاع، ويصبح بعد ذلك عاجزًا كل العجز عن مقاومة الأمراض التي يتغلب عليها الجسم السليم في الظروف العادية، ويظل صاحبه كذلك حتى يُقضى عليه بالموت بعد معاناة طويلة وآلام مبرحة، لفترات قد تطول وقد تقصر؛ بسبب انهيار جهاز المناعة في الجسم.
كل ذلك على الرغم من أنه تم القضاء على كثير من الأمراض المعدية في هذا العصر؛ نتيجة التقدُّم في الطب والعلاج، إلا أن الأمراض الجنسية تظل حتى الآن من أكثر الأمراض المعدية انتشارًا في العالم وصعوبة في العلاج.
إضافة إلى ظهور أمراض أخرى مختلفة ومتنوعة بسبب انتشار الفاحشة وشيوعها وانتشار الشذوذ الجنسي في البلاد الإباحية.
1. الأمراض الجنسية:
إن موضوع الأمراض الجنسية له أهمية كبرى عند الأطباء؛ لما له من خطر على الصحة الجسمية والنفسية للفرد والجماعة، وأكبر دليل على الاهتمام العالمي بهذه الأمراض هو ذلك المؤتمر الضخم الذي عُقد في أمريكا عام 1974م من أجل بحث مرض الزهري والأمراض المشابهة له، وقد حضر هذا المؤتمر ألف وخمس مئة اختصاصي من خمسين دولة، وجمعت محاضراتهم في كتاب بلغ أكثر من خمس مئة صفحة من الحجم الكبير.
ويقول مرجع "مرك" الطبي: إن الأمراض الناتجة عن طريق الجنس ـ الزنا ـ والعلاقات الجنسية الشاذة هي أكثر الأمراض انتشارًا في العالم اليوم، ويزداد كل عام عدد المصابين بهذه الأمراض، وذلك منذ عقدين من الزمان تقريبًا، وتقدِّر هيئة الصحة العالمية عدد الذين يصابون بالسيلان بأكثر من 150 ألف شخص سنويًّا، كما أن عدد المصابين بالزهري المعروف عند بعض الدول العربية ـ باسم داء الإفرنجي ـ يزيدون على خمسين ألف شخص سنويًّا.
ويقدِّر مركز أتلانتا لمكافحة الأمراض المعدية في ولاية جورجيا بالولايات المتحدة عدد المصابين بالسيلان في الولايات المتحدة بثلاثة ملايين شخص، وعدد المصابين بالزهري بأربع مئة ألف، وذلك في عام 1976م، وتقول مجلة (GradguateDoctor) عدد مايو 1983م، ومجلة التايم الأمريكية 4 يوليو 1983م: إن عشرين مليونًا من الأمريكيين يعانون من مرض الهربس التناسلي، ويتم تشخيص نصف مليون حالة جديدة سنويًّا في الولايات المتحدة، وفي بريطانيا تم تشخيص خمسة عشر ألف حالة جديدة في عام 1982م.
وعلى الرغم من الأبحاث العميقة والمبالغ الطائلة التي صُرفت على الأمراض الجنسية في الغرب إلَّا أنها تزداد انتشارًا يومًا بعد يوم كما تزداد الممارسات الجنسية الشاذة.
ويكمن خطر هذه الأمراض الجنسية المحرَّمة في أنها سريعة الانتقال من المريض إلى الصحيح، فبعضها ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي، وبعضها عن طريق القُبْلَة لحامل المرض، وبعضها عن طريق اللمس أو استعمال أدوات المريض مباشرة.
وقد تعددت هذه الأمراض، وتزداد يومًا بعد يوم، وتنقسم الأضرار الناتجة عن الزنا إلى أضرار صحية، وأضرار أخلاقية، وأضرار اجتماعية، وأضرار اقتصادية، ومن أهم الأضرار الصحية الأمراض الجنسية كالسيلان والزهري والإيدز، إلى غير ذلك من الأمراض العديدة، وسوف نُفَصِّلُ القول في بعض هذه الأمراض.
أولًا. السيلان:
السيلان من الأمراض الجنسية الشائعة، وتنتشر عدواه بسهولة، وتظهر العدوى بعد 3 إلى 7 أيام من الاتصال المشبوه. وأعراض السيلان لدى الرجل: إفرازات مؤلمة، وحرقة أثناء التبول، أما لدى المرأة: يؤدي إلى بعض الإفرازات.
ومرض السيلان إذا لم يعالج معالجة كاملة للقضاء على جرثومته؛ فإن هذه الجرثومة يمكن أن تكمن فترة قبل أن تظهر في أماكن أخرى تسبب مضاعفات للمرض؛ فقد تُسَبِّب العقم للمرأة، والتهاب المفاصل، واضطرابات القلب، والسيلان من أكثر الأمراض الجنسية انتشارًا؛ نظرًا لسهولة وسرعة العدوى به.
· طريقة العدوى:
ينتقل مرض السيلان عن طريق الاتصال الجنسي، وفي حالات نادرة نتيجة الجلوس على مقعد الحمام الإفرنجي الملوَّث، أو استعمال منشفة ملوثة أو إسفنجة أو ميزان أو أي أشياء أخرى تحمل الجرثومة الحية عن طريق اللمس أو الاحتكاك المباشر.
· أعراض مرض السيلان:
تبدأ الأعراض عادة بمجرى البول مصحوبًا أحيانًا بوخز، و يشكو بعض المرضى من صعوبة أو عسر عند التبول، وبعد 24 ساعة أو أكثر يلاحظ المريض خروج صديد من مجرى البول قد يكون كثيفًا أو لزجًا حسب نوع الجرثومة. وأول ما يجذب انتباه المصاب هو ظهور السيلان من مجرى البول أو المهبل، وترتفع درجة حرارة المصاب مع الشعور بالصداع وزيادة سرعة النبض.
وبعد أسبوعين تزداد الحرقة والألم عند التبول والتقطع أو قد يحدث العكس؛ إذ تخفُّ الأعراض لدرجة لا تستدعي انتباه المصاب، وقد تصل جرثومة السيلان إلى الدورة الدموية فتؤدي إلى مضاعفات خطيرة في القلب وسحايا المخ أو المفاصل، أو قد تصل إلى البربخ والخصيتين، ولا يمكن الجزم بأن المصاب مريض بالسيلان إلا بعد التأكد من وجود الجراثيم في الإفرازات، وعدم وجود الجراثيم في الفحص لا ينفي وجود السيلان؛ حيث من الممكن أن تظهر فيما بعد، فلا بد من فحوص متكررة في أيام متتالية.
ثانيًا. مرض الزهري:
مرض الزهري من أكثر الأمراض الجنسية خطورة على الإنسان؛ نظرًا لتأثيره على معظم أجزاء الجسم حتى بعد سنوات طويلة، وهو مرض خطير إذا ظل بلا علاج، وقد يكون له نتائج سيئة بعد سنوات من الإصابة، يزيد من خطورته أن عوارضه الأولية قد تكون بسيطة لا يُهتم بها، فهو يسبب قرحة موضعية غير مؤلمة تزول ظاهريًّا من تلقاء نفسها خلال أسبوعين أو ثلاثة، وقد انتقلت في أثنائها إلى معظم أجزاء الجسم.
· طريقة العدوى:
ينتقل مرض الزهري عن طريق الاتصال الجنسي المباشر أو التقبيل، ونقل الدم من مريض إلى شخص غير مصاب، وتمريض حامل المرض، واستعمال الأدوات الخاصة به، وشرب الماء مباشرة من كأس استعمله.
· أعراض مرض الزهري:
مرض الزهري له ثلاث مراحل:
الأولى. المرحلة البدائية:
وهي قرحة السلفس، وهي قرحة صغيرة قد لا تلفت نظر المريض، تشبه لسعة السيجارة، وتكبر هذه القرحة إلى أن تُشْفَى بعد ستة أسابيع.
وفترة حضانة المرض من 3 إلى 4 أسابيع، وتظهر هذه القرحة على الأعضاء كما تظهر على أماكن الاحتكاك.
الثانية. المرحلة الثانوية:
تكون جرثومة الزهري منتشرة في الجسم، وتبدأ هذه المرحلة بعد ظهور قرحة الزهري وقد تتأخر عدة شهور، وتتميز هذه المرحلة بالطفح الجلدي الشديد في أكثر من 80% من الحالات، ويُصاب المريض بالتهابات بالعظام والعين والكبد، وغثيان وقيء وإمساك، وألم في العضلات مع ارتفاع في درجة الحرارة، وصداع وضعف عام، وبعد انتهاء الأعراض الجلدية في المرحلة الثانوية بأسابيع يدخل في مرحلة الكمون ولا تظهر أي أعراض.
الثالثة. المرحلة الأخيرة:
وتتميَّز هذه المرحلة بظهور أورام تنتشر في جميع أجزاء الجسم، وفترة هذه المرحلة من (3- 7) سنوات.
جرثومة مرض الزهري
ثالثًا. الإيدز:
الإيدز هو مرض فَقْدِ المناعة المكتسبة، وهو الوباء الآتي من فساد الأخلاق، ويعدُّ البروفيسور "لوك مونثانييه" أول مكتشف له، وقد اكتشف له أكثر من 740 حالة عام 1985م وفق تصريحات منظمة الصحة العالمية، وهو مرض لا شفاء منه ولا فكاك إلا بالموت، والموت البطيء، وهذا المرض كغيره من الأمراض الجنسية له فترة حضانة تتراوح من 3 إلى 7 سنوات، قد يكون الإنسان حاملًا للمرض ولا تظهر عليه أعراضه.
نشرت مجلة الحوادث في عددها رقم 1526 الصادر بتاريخ 21 يناير 1986م مقابلة أجرتها في بون مع البروفيسور الدكتور "ماتفريد فرانكيه"، وهو أحد الاختصاصيين في مرض الإيدز، ونعرض هنا بعض ما ورد من الأسئلة باختصار:
س: سمعت أن القُبْلَةَ تنقل العدوى بالإيدز، فما رأيكم؟
ج: نعم هذا صحيح، ويحدث ذلك في حالة ما إذا كانت القبلة عنيفة، فيختلط اللعاب أو ينتج عن هذه القبلة جرح صغير داخل الفم؛ حيث إنه عن طريق الجروح ـ وإن كانت صغيرة جدًّا ـ يمكن لفيروس الإيدز أن يدخل إلى قنوات الدم.
س: ما مظاهر الإصابة بالمرض، وماذا يحدث داخل الجسم؟
ج: إذا أُصيب شخص ما بمرض الإيدز؛ فإن مدة الإصابة بالمرض قد تأخذ فترة ما بين 3 إلى 7 سنوات، أما ما يحدث في الجسم؛ فإن الفيروس يدخل عن طريق قنوات الدم، وبعد ذلك تبدأ خطورته فيعمل على تقسيم الخلية الخاصة بالمناعة، وهي خلايا كريات الدم البيضاء، وفي هذه الحالة تكون وظيفة هذه الخلية قد انتهت، وتبدأ المناعة داخل الجسم في الانقراض بينما يتزايد الميكروب، وعندما تقل المناعة لا يقاوم الجسم أي مرض.
س: ما قصة الإيدز؟ ومن أين أتى؟ وكيف حدث؟
ج: ظهر هذا الفيروس لأول مرة في السبعينيات في أواسط أفريقيا؛ حيث يحمل هذا النوع من الميكروب أحد أنواع القرود التي يتناولها السكان، ومن المحتمل أن أحد الأمريكان كان ينتقل كسائح، واختلط بأحد السكان المرضى بالإيدز وحمل هذا السائح الفيروس معه إلى أمريكا، ولأنه كان يمارس الشذوذ الجنسي بدأت العدوى في التنقُّل إلى أن وصلت إلينا().
رابعًا. مرض الحلأ أو التقرحات الفيروسية Herpes)):
ويُعرف هذا المرض أيضًا باسم "الحمة الحلئية" (Herpesvirus)، ويصيب الجهاز البولي التناسلي بالتهابات مصحوبة بنزول سوائل بيضاء أو صفراء كريهة الرائحة تُلطُّخ الملابس الداخلية للمصابين، وتؤدي إلى زحف البثور الناتجة عن هذه الالتهابات لتنتشر على الجلد وتتحول بالهرش إلى جروح شديدة الإيلام.
وفيروسات المرض تنتقل بالعدوى, ومن أخطارها أنها تهاجم الأعصاب وتتسبَّب في تدميرها, فإذا وصلت إلى النخاع الشوكي تسببت في التهاب السحايا, وإذا وصلت إلى المخ قد تؤدي إلى الموت، ولا يوجد لهذا المرض علاج ناجع إلى اليوم؛ حيث إن كل الأدوية المقترحة تخفف من الآلام الناتجة عنه فقط على المدى الطويل من التداوي دون القضاء تمامًا على فيروسه الذي يظل كامنًا بجسم المصاب, وقد يؤدي إلى سرطانات الجهاز البولي التناسلي مثل سرطانات الرحم, البروستاتا وغيرها.
ومن أخطار هذا المرض أنه سريع الانتقال بالعدوى من إنسان لآخر بشكل مباشر؛ لأنه لا يصيب إلا الإنسان, وإذا وصلت فيروساته إلى الجلد، فإنها تتكاثر بسرعة مذهلة, ومن أخطاره أيضًا قدرة فيروساته على الاختباء في داخل جسم المصاب فلا يصلها تأثير المضادات الحيوية بسهولة، ومن أخطار هذا المرض كذلك إمكانية إصابة الأجنَّة في بطون الأمهات المصابات أثناء عبورها لمنطقة عنق الرحم, فيولد المولود فاقد البصر, أو مشوَّه الخِلْقَة، أو مُدمَّر المخ.
ومع الفوضى الجنسية التي تجتاح عالم اليوم خاصة بين المراهقين من الشبان والشابات تحت مُسمَّى الحرية الشخصية, والتي ساعدت على استعارها البحوث الطبية بتوفير وسائل وأدوية منع الحمل والسماح بالإجهاض في أغلب الدول غير المسلمة؛ الأمر الذي شجَّع على ممارسة الجنس في سن مبكرة، فلا يكاد الشاب أو الشابة يصل إلى سن العشرين إلا ويكون قد أُصيب بأحد الأمراض الجنسية التي استقرت في جسده أو جسدها، والتي انتشرت مؤخرًا كانتشار النار في الهشيم، والمصاب بها يدخل في دوَّامة من العلل الجسدية ومن أبرزها العقم, وأمراض نقص المناعة والأورام السرطانية العديدة, والأمراض النفسية التي قد يصعب التخلُّص منها, ومن صورها القلق, والتوتر النفسي, والاضطراب السلوكي, والعوارض العصابية, والانهيارات النفسية وغيرها().
خامسًا. العقم:
إن من الأمراض الناتجة عن الإباحية والفوضى الجنسية العقم؛ حيث ثبت علميًّا ارتفاع نسبة عدم الإخصاب أو العقم عند النساء اللاتي تَعَوَّدْنَ على الحرية الزائدة في ممارسة الجنس، دون وازع من خُلُق أو دين، كما هو حادث بالنسبة للفتيات الأمريكيات والأوربيات، وبناء على دراسات إحصائية تمت مؤخرًا في أمريكا؛ فإن حالة العقم تحدث في النساء المتزوجات اللاتي أعمارهن ما بين 20 و 24 عامًا، وهي السن التي تشكِّل أعلى مرحلة في خصوبة المرأة، ومع ذلك فقد ارتفعت نسبة العقم بين هؤلاء النساء إلى 77% ما بين عام 1965م وعام 1982م.
ومن هنا؛ يؤكد الأطباء الغربيون أن الإباحية في بلادهم هي أكبر أسباب العقم؛ حيث إن ذلك يؤدي إلى التهاب الحوض عند المرأة، الذي يؤدي بدوره إلى انسداد قناة فالوب، ويؤثر على عمل المبايض والأرحام بوجه خاص، بما يمنع مرور البويضة إليها نتيجة ذلك الالتهاب من جرَّاء الإصابة بمرض السيلان، أو غيره من الأمراض التي قد تصل إلى حوادث أورام ليفية في الرحم().
وإن كنا قد فصَّلنا القول في خمسة أمراض من الأمراض التي تنتشر بسبب الزنا؛ فإن هناك العديد من الأمراض الأخرى التي لم نذكرها هنا، كالقرحة الرخوة، والورم البلغمي الحبيبي التناسلي، والورم الحبيبي المغبني، وثآليل التناسل، والمليساء المعدية، والتهاب الكبد الفيروسي، إلى غير ذلك().
· الأضرار الأخلاقية لجريمة الزنا:
تدمِّر جريمة الزنا كل الأخلاق في المجتمعات التي تنتشر فيها، فتغيب الفضائل، وتسود الفواحش، ويتلاشى الحياء، وينتهي الوفاء، وتنقلب الموازين، ويسود الفساد، ويُمْحى التراحم بين الناس، الذين لا يتحاكمون إلا بالكذب والخيانة، والوقاحة والخديعة، والغدر والجريمة، ولا تُسيِّرهم إلا شهواتهم الدونية، ورغباتهم الحيوانية، ونفوسهم الوضيعة، وأفكارهم الساقطة، وعقولهم المنحطَّة، وقلوبهم الميتة، التي يتحكَّم فيها شياطين الإنس والجن تحكمًا كاملًا شاملًا. ومجتمع هذا شأنه؛ فإن مآله إلى الدمار مهما طال به الأجل، وأفراده سيغرقون في بحار من التعاسة الفردية والجماعية تعجز الألفاظ عن تصويرها.
ونتيجة لانتشار الرذيلة والفساد تشير الأرقام والإحصائيات إلى ارتفاع معدلات حالات الاغتصاب في جنوب أفريقيا؛ حيث ذكرت الأبحاث أنه في كل نصف دقيقة تغتصب امرأة في ذلك البلد المتحرِّر حديثًا من أسر التفرقة العنصرية، وقالت إحدى الصحفيات وتُدعَى تشارلين سميث: أن الدور حلَّ عليها عندما قام رجل يحمل ساطورًا باقتحام دارها وأوثق يديها واغتصبها، وبعد اغتصابها واجهت سميث ممرضات بيروقراطيات ومستشفيات سيئة التجهيز تتولَّى علاج ضحايا الاغتصاب بالعقاقير المضادة للإيدز.
تُعَدُّ جنوب أفريقيا من أكثر الدول المبتلاة بالجريمة في العالم؛ حيث يحدث الاغتصاب بها بمعدل 116 حالة لكل 100,000 فرد، وهو تقريبًا ضعف المعدل السنوي لجرائم القتل، الذي بلغ في عام 1998م 59 حالة لكل 100,000 فرد!
وقد أشارت إحدى الاستطلاعات التي أُجريت على طالبات إحدى المدارس العليا إلى أن 60% من الفتيات يتوقَّعن أن يغتصبن قبل التخرج!
وتقدِّر الجهات الأمنية عدد حالات الاغتصاب التي يتم الإبلاغ عنها بأنه لا يتجاوز 9% من إجمالي حالات الاغتصاب التي تقع بالفعل في جنوب أفريقيا؛ الأمر الذي يرفع العدد الإجمالي للنساء والفتيات المغتصبات كل سنة إلى أكثر من مليون من مجموع السكان الإناث في ذلك القطر.
من جهتها أشارت جمعية مناهضة اغتصاب النساء إلى أن الشرطة عادة ما تنقص في تقديراتها العدد الحقيقي لضحايا الاغتصاب؛ ففي مقابل كل حالة اغتصاب يتم الإبلاغ عنها؛ فإن هناك 35 ضحية أخرى تلتزم الصمت، ومن نتائج الاغتصاب انتشار الإيدز؛ حيث إن واحدًا من كل ثمانية أفراد بالغين في جنوب أفريقيا مصاب بفيروس (HIV)، وارتفعت نسبة العدوى إلى 1500 في اليوم.
وتقول التقارير: إن معظم ضحايا الاغتصاب في جنوب أفريقيا لا يستطعن تحمُّل تكلفة العقار المضاد للإيدز الذي يتراوح سعره بين 2000 إلى 4000 راند؛ أي: 330 إلى 660 دولارًا، وهو عقار غير مدعوم من جانب الحكومة التي تعرضت لانتقادات حادة من قِبل الأحزاب المعارضة؛ وذلك لفشلها في منع وقوع جرائم الاغتصاب، وكذلك لقصورها في تجفيف منابع الجريمة واحتواء آثارها بسرعة، فالنظام القضائي مُثقل وليس لديه الإمكانات الكافية للبتِّ السريع في إدراك أن الاغتصاب جريمة خطيرة!
من ناحية أخرى أظهرت إحدى الدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية التي تم إعدادها بتكليف من وزارة العدل والصحة والشئون الاجتماعية: أن قرابة 18% من النساء 17,7 مليون امرأة في الولايات المتحدة اغتصبن أو تعرضن لمحاولات اغتصاب في مرحلة ما من مراحل عمرهن، ويُذكر أن أكثر من نصف ضحايا الاغتصاب كنَّ تحت سِنِّ 17 عندما تعرضْنَ للاغتصاب للمرة الأولى.
وقد علَّقت وزيرة الشئون الاجتماعية والصحة الأمريكية "دونا شلالا" على هذه الأرقام قائلة: "إن كل رقم في هذا المسح سيمثِّل بناتنا وأمهاتنا وجاراتنا، وعلينا أن نعترف بأن العنف الذي سبَّبه الاختلاط والتحرُّر ضد النساء أضحى مشكلة اجتماعية بارزة".
على صعيد آخر أشار المسح الذي أجراه مركز بحوث السياسات ومقره ديفر تحت عنوان: "العنف القومي ضد النساء" إلى أن أكثر من نصف النساء تعرضن لاعتداء بدني في مراحل مختلفة من حياتهن، يتراوح بين الصفع على الوجه، واللكمات، ووصل إلى استخدام الأسلحة النارية، وتضمَّن المسح المذكور إجراء مقابلات مع نحو 8000 رجل و8000 امرأة().
· الأضرار الاجتماعية لجريمة الزنا:
مع انتشار جريمة الزنا تتفكك العلاقات الأسرية, وتهون الأعراض, وتختلط الأنساب, وتشتعل العداوات, وتزداد الخلافات, ويكثر أبناء الحرام, ويتشردون بين الناس, وترتفع معدلات الجريمة, وتضيع الحقوق, وتكثر الأمراض النفسية والعضوية, وتنتشر بين الناس أسباب البغضاء والكراهية, وتتلاشى من قلوبهم الغيرة والحمية, وينمحي الإحساس بالعار والشعور بالذنب؛ فتكثر المعاصي وتنتشر, ويسود الشعور بالدونية, وتنتشر الأمراض النفسية والاجتماعية المختلفة().
إن من أهم المشاكل الكبرى الناتجة عن الزنا التي تواجهها الحضارة الحديثة حقوق الأطفال، فهؤلاء الضعفاء من بين كل الإنسانية تنالهم أضرار فادحة جدًّا؛ ففي الدول الفقيرة يقتلهم الجوع، وتجتاحهم الأمراض، ويُستغلُّون للعمل بالأجر الزهيد في الظروف القاسية؛ بل ويصبحون أحيانًا تجارة تُنقل عبر البلاد، وفي الدول الغنية تلقيهم أمهاتهم حين يكون الحمل غير شرعي ـ وما أكثره ـ إلى دور الحضانة الحكومية، فيُنشُّئون دون آباء ولا أمهات؛ بل لا يعرفون عن آبائهم شيئًا، وقد لا يعرفون عن أمهاتهم شيئًا أيضًا، ثم يكبرون ويخرجون من دور الرعاية الخاصة بهم إذا بلغوا السن القانونية ـ وهي ثمانية عشر عامًا ـ ليلقوا معترك الحياة، كل منهم وحده بعدما عرف أنه ليس له أسرة ولا قريب().
أما عن الارتباط دون زواج شرعي أو مدني، فالنسبة في ارتفاع مستمر وتتزايد بنسبة 3,6% كل عام، حتى بلغ عدد الذين يعيشون معًا دون زواج شرعي نحو مليون رجل وامرأة().
ومن الأخطار الاجتماعية المترتبة على الزنا حدوث القتل بين البشر بأنواع مختلفة، منها:
1. عمليات الإجهاض للأجنة الناتجة من الزنا، وهذا قتل للأجنة.
2. إن لم يُقتل الجنين في بطن أمه، فإنه يُقتل بعد ولادته أو يُلقى به إلى الضياع.
3. الزنا يقتل الروابط العائلية، ويهدم التقاليد الاجتماعية.
4. الزنا يقتل ما في نفس الزاني من طهر وسمو وعزة وكبرياء().
ونشرت مجلة "لونوفيل أو بزفاتور" الفرنسية أخطر بحث عن علاقات الرجال بالنساء من زواج وطلاق وإنجاب، أبرزت فيه مدى الخطورة الاجتماعية التي تسببت فيها الإباحية الجنسية، فقد انخفضت معدلات الزواج من 400 ألف حالة زواج في عام 1972م إلى ألف حالة فقط خلال عام 1986م؛ أي: إن نسبة الزواج في فرنسا تنخفض بنسبة 30% كل عام. وتؤكد الإحصائيات أن ثلث سكان فرنسا يعيشون دون ارتباط.
· الأضرار الاقتصادية لجريمة الزنا:
لجريمة الزنا من الأضرار الاقتصادية على مستوى الأفراد والجماعات ما لا يكاد العقل يتصوَّره، وتكفي في ذلك الإشارة إلى ما ينفقه الزاني من أجل قضاء شهوته في الحرام، وأعداد المومسات ممن لا عمل لهن سوى الغرق في الرذائل والمعاصي، وهي طاقات مُعطَّلة في أي مجتمع تنتشر فيه هذه الجريمة، وتعتمد فيه العاهرات على دخلهنَّ من الحرام.
وتكفي الإشارة إلى ما تنفقه الدول في علاج المصابين بالأمراض الجنسية، وعلى اللقطاء من أبناء الزنا، وعلى الأيتام والمقعدين الذين أنتجتهم هذه الجريمة، وهو عبء حقيقي على كواهل الدول الغنية، وتدمير حقيقي لاقتصاد الدول الفقيرة. كما تكفي الإشارة كذلك إلى أعداد المصابين بعاهات تُقعد عن العمل ممن وقعوا فريسة للأمراض الجنسية، وهم كذلك عبء حقيقي على ميزانيات دولهم، وعلى دافعي الضرائب في مجتمعاتهم، وعلى ذويهم.
وتكفي الإشارة أيضًا إلى ظاهرة المساكنة التي انتشرت في الغرب أخيرًا بشكل ملحوظ، وفيها يتعايش الصديقان معايشة الزوجية الكاملة بغير أدنى رباط رسمي، وسرعان ما تنفضُّ هذه العلاقة لأدنى الأسباب وأبسطها، بعد أن تكون قد خَلَّفَتْ من التبعات ما يثقل كاهل الدولة.
كما تكفي الإشارة إلى ظاهرة الأطفال الذين ترعاهم أم دون أب، أو أب دون أم، وأعدادهم في تزايد مستمر مع الأيام، وتكاليف إعاشتهم تثقل كاهل الدول الكبرى، وتؤدي إلى كوارث اقتصادية واجتماعية في دول العالم الثالث([10]).
وفي ذلك يقول الدكتور محمود زائد في مقال بعنوان "شيء للتفكير" نُشِرَ في جريدة الشرق الأوسط في عددها الصادر بتاريخ 6/1/1980م: "إن عدد اللواتي يلدن سفاحًا في سِنِّ المراهقة في الولايات المتحدة لا يقل عن ست مئة ألف فتاة سنويًّا، بينهن أكثر من عشرة آلاف فتاة دون سِنِّ الرابعة عشرة، وإن إجمالي عدد اللائي يلدن سفاحًا في سِنِّ المراهقة وغيرها أكثر من مليون امرأة سنويًّا، وذلك في الولايات المتحدة فقط حسب إحصائيات عام 1979م".
وما يهم المسئولين في أمريكا هو أن على الدولة القيام بإعالة هؤلاء لفترة قد تطول وقد تقصر بسبب انتشار البطالة، وأن كل طفل يُولد من السفاح يكلِّف الدولة ثمانية عشر ألف دولار.
ويعلِّق الدكتور محمود زائد قائلًا: "والكارثة في الواقع ليست اقتصادية فحسب، بل هي اجتماعية قبل كل شيء، وقد تُزلزل بنيان الأسرة التقليدي وتهدمه، وفي هذا عبرة وأي عبرة للدول النامية"().
· آراء الأطباء في انتشار الأمراض الجنسية بسبب الزنا:
نَصَّ كثير من الأطباء المتخصصين في الأمراض الجنسية وعلاجها ـ لا سيما الأطباء الغربيين ـ على أن انتشار الإباحية هو السبب المباشر في انتشار هذه الأمراض الجنسية بين البشر، ومن هذه الأقوال ما يلي:
o "باتشلر وموريل":
يقول الطبيبان باتشلر وموريل: إن انتشار الأمراض الزهرية (الجنسية) راجع بالأساس إلى إباحية الصلات الجنسية، وكل شيء يفتِّت شمل الأسرة يزيد في هذه الإباحية().
o الدكتور "جون بيستون":
يقول الدكتور جون بيستون: إن القرائن التي جُمعت من عدة دراسات تدل على أن الأمراض الجنسية تنتج في معظمها عن العلاقات الجنسية خارج نطاق الزواج؛ أي: الزنا().
o مرجع "مرك" الطبي:
ويقول مرجع مرك الطبي: "إن الأمراض الناتجة عن طريق الجنس ـ الزنا ـ والعلاقات الجنسية الشاذة هي أكثر الأمراض انتشارًا في العالم اليوم، ويزداد كل عام عدد المصابين بهذه الأمراض، وذلك منذ عقدين من الزمان تقريبًا"(.
o الدكتور "كيث مور":
بَيَّن الدكتور كيث مور أن العلاقات الجنسية المختلطة غير المنظَّمة تؤدي إلى أمراض جنسية عديدة، وهذه الأمراض تؤدي بدورها إلى تشوُّهات للجنين، فيقول: إن التشوهات التخلقية قد تنتج من عوامل معدية، فالعلاقات الجنسية ذات الطابع المختلط قد ارتبطت منذ القدم بمرض السيفيلين (Syphilis) ومرض السيلان (Gonorrhea) أو ما يُسمَّى "التعقيبة".
فهناك ازياد مقلق للأمراض الزهرية التي ليس لها علاج في الوقت الحاضر، منها: الهربس (Herpes)، ومرض قصور المناعة المكتسبة الإيدز (AIDS)، كما أن العلاقات المختلطة قد تؤدي عند المرأة إلى تشوهات في الجهاز التناسلي مع احتمال أن يكون المرض خبيثًا، إن تطوُّر هذه الأمراض مرتبط بمعدل الجماع مع كثرة الشركاء().
o منظمة الصحة العالمية ( : (WHO
ويقول قرار منظمة الصحة العالمية (WHO) في الاجتماع الثامن والعشرين المنعقد في مايو 1975م: "إن الأمراض الجنسية هي أكثر الأمراض المعدية انتشارًا، وهي التي تشكِّل تهديدًا خطيرًا على الصحة العامة في العالم اليوم. وللأسف؛ فإن كثيرًا من الدول لم تدرك بعدُ أبعاد هذه المشكلة"().
o دكتور "ثيودوركوبر":
وهذا هو الدكتور ثيودوركوبر ـ رئيس دائرة الثقافة الصحية ووكيل وزارة الصحة في الولايات المتحدة ـ يقول: "إن السلوك الإنساني هو حجر الزاوية في الأمراض الجنسية وانتشارها"().
o البروفيسور "وليم بيكرز":
2) التطابق بين الحقائق العلمية وما أشار إليه الحديث الشريف:
· من الدلالات اللغوية:
3) وجه الإعجاز:
why do men have affairs
redirect why men cheat on beautiful women