التشكيك في الفوائد الصحية للصلاة
مضمون الشبهة:
في محاولة مغرضة للحطِّ من عظمة التشريع الإسلامي وإعجازه يشكك بعض المغالطين في الفوائد الصحية التي تعود على المسلم من أدائه للصلاة؛ زاعمين أن الصلاة من الأمور الاعتيادية التي يؤدِّيها المسلمون برتابة وآلية.
ويستدلون على هذا بقولهم: نحن نصلِّي لأن الله أمرنا بذلك، وليس لأنها تمارين رياضية، وإلا لكانت تمارين الجمباز أفضل، ويتساءلون: لماذا هذا التعسُّف والعناء في تحويل العبادات إلى فوائد علمية؟!
وجه إبطال الشبهة:
لقد أثبت العلم حديثًا ـ من خلال أبحاثه وتجاربه ـ أن للصلاة في الإسلام فوائد بدنية كثيرة، منها: تقوية العظام، الوقاية والعلاج من الانزلاق الغضروفي، الوقاية من أمراض الرئة، ناهيك عن الفوائد الجَمَّة للسجود، والطمأنينة، والخشوع، كما أن للصلاة فوائد نفسية، أهمها تهدئة النفس وإزالة توترها، وقد شهد بتلك الفوائد علماء الغرب. ومن ثم؛ فإن كون الصلاة أمرًا تعبُّديًّا لا يعني خلوها من أي فائدة للجسم؛ فجُلُّ أوامر الله تعالى فيها خير عميم للإنسان نفسيًّا وبدنيًّا، وهذا ما كشف عنه العلم الحديث، ولا يزال يكشف عنه يومًا بعد يوم؛ فأي إعجاز تشريعي هذا؟!
التفصيل:
إن الله سبحانه وتعالى لا يأمر بشيء إلا كان فيه خيرٌ للإنسان نفسيًّا وبدنيًّا، ولا ينهى عن شيء إلا كان فيه ضررٌ للإنسان نفسيًّا وبدنيًّا، عَلِم هذا من عَلِمه وجَهِله من جهله. ومن ثم؛ فإن الصلاة في الإسلام لها فوائد بدنية ونفسية عظيمة تعود على مؤدِّيها، وهذا ما أثبته العلم حديثًا من خلال أبحاثه وتجاربه، وذلك كالآتي:
أولًا: الفوائد البدنية:
· الصلاة رياضة بدنية:
إن الصلاة بحركاتها وسكناتها من قيام وركوع وسجود وجلوس، هي نوع متميز من الرياضات، بل تفوق أكثرها لأسباب كثيرة، منها:
1. أنها رياضة هادئة لا تحتاج إلى جهد شديد، وليس فيها عنف أو مشقة.
2. تناسب كل المستويات الفكرية؛ فهي لا تحتاج إلى مهارة خاصة أو موهبة بعينها كما يحدث في كثير من أنواع الرياضات.
3. تناسب كل الحالات الصحية، سواء كان الإنسان سليمًا أو مريضًا، بينما هناك رياضات كثيرة لا يُسمح بأدائها إلا لفئات معينة تتمتع بدرجة معينة من الصحة والقدرة.
4. يستطيع الإنسان أداءها في كل وقت، دون الرجوع إلى طبيب أو متخصص.
5. تناسب جميع الأعمار من الطفولة وحتى آخر العمر.
6. هي رياضة متكررة خمس مرات في اليوم على الأقل، وهي رياضة مستمرة طوال العمر، يؤديها الإنسان طواعية، بحب ورضا وسعادة، بينما معظم الرياضات تُؤدَّى لمدّة محدودة، وفي أوقات محددة، وقد يتكاسل عنها الإنسان، أو يؤديها مضطرًّا لهدف معين.
7. هي رياضة موزَّعة خلال ساعات الليل والنهار، تتماشى مع الساعة البيولوجية في جسم الإنسان، وتؤدي إلى التناسق بين النفس والجسد، وما حولهما من الطبيعة.
8. هي رياضة تشمل جميع عضلات الجسم الإرادية تقريبًا، وكذا المفاصل والأربطة.
9. هي أكثر الرياضات أمانًا؛ فلا يتعرض فيها الإنسان للأخطار التي يتعرض لها أصحاب الرياضات الأخرى، من رضوض وكسور قد تودي بحياة الإنسان وتعرضه لكثير من الأمراض عاجلًا أو آجلًا.
وعلى هذا؛ فإن فوائد الصلاة شاملة للجسم والعقل معًا، وتمدُّ الإنسان بالطاقة اللازمة للقيام بمختلف الأعمال، وهي وقاية وعلاج؛ وهذه الفوائد وغيرها يمكن للإنسان أن يحصل عليها لو حافظ على الصلاة، وبذلك فهو لا يحتاج إلى نصيحة الأطباء بممارسة التمارين؛ لأنه يمارسها فعلًا ما دامت هذه التمارين تشبه حركات الصلاة.
· الصلاة تقوِّي العظام:
إن أداء سبع عشرة ركعة يوميًّا ـ هي فرائض الصلاة ـ وعدد أكثر من هذا ـ هي النوافل ـ يجعل الإنسان ملتزمًا بأداء حركي جسمي لا يقلُّ زمنه عن ساعتين يوميًّا، وهكذا طيلة حياة المسلم؛ لأنه لا يترك الصلاة أبدًا فتكون سببًا في تقوية عظامه وجعلها متينة سليمة، وهذا يفسِّر ما نلاحظه في المجتمعات المحافِظة على الصلاة ـ كما في الريف المصري مثلًا ـ من انعدام التقوُّس الظهري تقريبًا، الذي يحدث مع تقدم العمر، كما يفسر أيضًا تميُّز أهل الإسلام الملتزمين بتعاليم دينهم صحيًّا وبدنيًّا بشكل عام، وفي الفتوحات الإسلامية والقوة البدنية التي امتاز بها فرسان الإسلام ـ ما يغني عن الحديث.
· الصلاة وقاية وعلاج من الانزلاق الغضروفي:
قدَّم الدكتور محمد وليد الشعراني ـ استشاري جراحة المفاصل والعظام في قطر ـ نظرية جديدة عن الظهر، كشف من خلالها النقاب عن معجزتين إسلاميتين ظلَّتا محجوبتين لأكثر من ألف وأربع مئة سنة، وهما الوقاية من الانزلاق الغضروفي وآلام أسفل الظهر من خلال الصلاة المنتظمة؛ حيث أجرى بحثًا ميدانيًّا على 188 من البالغين، وقد تم سؤالهم عمَّا إذا كانوا يشتكون من آلام أسفل الظهر أو عرق النَّسا، وعن شدة الألم إن وُجد، ثم سئلوا عن صلاتهم: متى انتظموا فيها ولم يقطعوها؟
لقد أثبتت النتائج بشكل قاطع وملحوظ صحة فرضية هذه النظرية، واكتسب الطب هذه النظرية؛ حيث إن 2,6% فقط ممن يصلُّون قبل سنِّ العاشرة قد عانوا من آلام قوية أسفل الظهر، بينما 70% ممن لا يصلُّون إطلاقًا يعانون من آلام قوية.
إن ضعف الغضروف يرجع إلى أسباب ثلاثة:
1. فقدان الغضروف لآلية تبادل المياه فيه.
2. تناقص كمية البروتيوجليكان بتحلُّلها بفعل الإنزيمات.
3. تغيرات سطح الفقرة التي يرتكز عليها الغضروف.
والصلاة عامل مهم للمحافظة على آلية تبادل المياه داخل الغضروف؛ فإن نواة الغضروف توزِّع الضغط الذي تستقبله الألياف الدائرية. هذه الألياف تتمطط وتمتص الضغط، وكذلك تمارس عملية سحب على فقرة مجاورة للغضروف؛ الأمر الذي يقوي الألياف وسطح الفقرة، وتعدُّ النواة جهازًا محوِّلًا للضغط بطريقة مائية ـ هيدروليكية ـ كالآتي:
إن الانتقال من وضع الوقوف ثم الركوع ثم الوقوف ثانيًا، وبعد ذلك السجود والرفع منه، والسجود ثانية ثم الوقوف ـ يفرض ضغطًا خارجيًّا متغيرًا باستمرار تبعًا لوضع الجسم في الصلاة، وبالتالي تتكوَّن حركة دخول الماء وخروجه، ويتغير شكل النواة بحسب قيمة الضغط، وتتغير درجة تمطط الألياف المحيطة بالنواة؛ الأمر الذي يجعل الغضروف في حالة تحوُّل من مستوى توازن معين إلى مستوى أكبر أو أقل، تبعًا لدرجة انحناء الجسم أو استقامته.
وهذا التحول المستمر يرفع من كفاءة النواة كجهاز محوِّل للضغط، ومن مرونة الألياف الليفية وقوتها التي تتمطط وتسحب من مكان التصاقها بسطح الفقرة العليا والسفلى، وهذا يقوِّي عظام الفقرات.
ويمكن أن تتصوَّر أن الحركة الدائبة للماء دخولًا وخروجًا من النواة أثناء تغيير الوضع في الصلاة يجعل نواة الغضروف دائمة التجدُّد ومحافظة على نسبة عالية من الماء فيها، وهذا يجعل الغضروف دائم الشباب والقدرة على تحمل الضغوط برغم السنِّ؛ ومما يؤيد ذلك أنه في بلاد الغرب نجد المتقدمين في السنِّ قد اعوجَّت ظهورهم وانحنت رءوسهم مستعينين بعُكَّاز للمشي، أما في بلادنا الإسلامية ـ والحمد لله ـ يندر هذا المشهد ، وإن وُجد فإنه بنسبة ضئيلة، والسبب يرجع إلى الصلاة.
هذا عن دور الصلاة المنتظمة في الوقاية من الانزلاق الغضروفي وآلام أسفل الظهر، وهي أيضًا تعجِّل الشفاء من الانزلاق الغضروفي؛ فقد تمكَّن الدكتور شفيق الزيات من جعل (40) مريضًا ـ بعد إجراء عملية جراحية للانزلاق الغضروفي بالظهر ـ يغادرون المستشفى بعد أسبوع من الجراحة بالعلاج الحركي عن طريق أداء الصلاة بعد 48 ساعة من إجراء العملية.
ويفسِّر الدكتور الزيات هذا التحسن بقدرة الصلاة على السماح للعمود الفقري بأداء مختلف الحركات، مثل الثني التام للركبة خلال الصلاة، وتؤدي إلى تقليل التقوُّس الخلفي للظهر، وذلك أثناء الانحناء إلى الأمام في الصلاة، كما أن حركة الانحناء نفسها تقوِّي عضلات البطن المسئولة عن ثني الجذع إلى أسفل.
ومقارنة بالعلاج الطبيعي الطبي مثل الحرارة والتدليك ظهر أن هذا العلاج لم يكن أكثر فائدة من التزام الراحة في السرير لا غير، بينما أدَّت الصلاة إلى نتائج أكثر، بداية من 48 ساعة بعد العملية.
وقد توصَّل الباحثون إلى ضرورة أداء تمارين مشابهة لحركات الصلاة خمس مرات يوميًّا، ولم يتمكَّن المرضى من مزاولة هذه التمارين إلا بعد بضعة أيام من الجراحة. وبذلك تعدّ الصلاة أحسن وسيلة لتقوية عضلات العمود الفقري وتدعيم فاعلية العضلات والجهاز الحركي عمومًا.
وبالتالي يمكن ذكر أهم فوائد الركوع والرفع منه فيما يلي:
ـ تقوية العضلات، خصوصًا العضلات الظهرية، وكذلك فقرات العمود الفقري، والأربطة المحيطة بها؛ الأمر الذي يساعد على الوقاية من الانزلاق الغضروفي أو علاجه.
ــ زيادة مرونة الصدر وعضلاته، وتنشيط عمل الرئتين بما يتضمَّنه الركوع من زفير قوي؛ نتيجة الضغط على الحجاب الحاجز، فيخرج ما تبقى فيهما من هواء فاسد.
صورة للركوع الصحيح
· الصلاة وقاية من مرض دوالي الساقين:
في بحث علمي حديث تم إثبات علاقة وطيدة بين أداء الصلاة والوقاية من مرض دوالي الساقين.
يقول الدكتور توفيق علوان (الأستاذ بكلية الطب جامعة الإسكندرية): بالملاحظة الدقيقة لحركات الصلاة وُجد أنها تتميز بقدر عجيب من الانسيابية والانسجام والتعاون بين قيام وركوع وسجود وجلوس بين السجدتين، وبالقياس العلمي الدقيق للضغط الواقع على جدران الوريد الصافن عند مفصل الكعب كان الانخفاض الهائل الذي يحدث لهذا الضغط أثناء الركوع يصل للنصف تقريبًا.
أما حال السجود وُجد أن متوسط الضغط قد أصبح ضئيلًا جدًّا. وبالطبع؛ فإن هذا الانخفاض ليس إلا راحة تامة للوريد الصارخ من قسوة الضغط عليه طوال فترات الوقوف، إن وضْع السجود يجعل الدورة الدموية بأكملها تعمل في الاتجاه ذاته الذي تعمل فيه الجاذبية الأرضية، فإذا بالدماء التي طالما قاست في التسلُّق المرير من أخمص القدمين إلى عضلة القلب ـ نجدها قد تدفقت منسكبة في سلاسة ويسر من أعلى إلى أسفل، وهذه العملية تخفِّف كثيرًا من الضغط الوريدي على ظاهر القدم من نحو 100 ـ 120 سم/ ماء حال الوقوف إلى 1,33 سم/ ماء عند السجود، وبالتالي تنخفض احتمالات إصابة الإنسان بمرض الدوالي الذي يندر فعلًا أن يصيب من يلتزم بأداء فرائض الصلاة ونوافلها بشكل منتظم وصحيح.
وفي أحد البحوث وُجد أن نسبة المرضى المصابين بدوالي الساقين قد بلغت 10% من المصلين، وذلك من مجموع الحالات... فيما كانت النسبة 90% من بين غير المصلين.
وفي بحث آخر أُجري على عينة تضم 30% من الإناث، و70% من الذكور، وُجد أن نسبة المصابين بهذا المرض قد بلغت 35% من المصلين، فيما استقرت نسبة غير المصلين عند 65% من الحالات.
وهكذا؛ فإن الصلاة تُعدُّ عاملًا مؤثِّرًا في الوقاية من مرض دوالي الساقين.
· الصلاة وقاية من أمراض الرئة:
إن للركوع والسجود فائدة عظيمة ـ بجانب ناحية العبادة ـ في المحافظة على سلامة البدن عامة والرئتين خاصة؛ حيث يعتبر الركوع والسجود طاردين للداء عن الرئتين.
ففي حالة الاضطجاع تنعدم حدود الرئة ويجري الدم إليها كاملة، أما في السجود فإن الدم يجري بمقدار هائل إلى المنطقة الأولى الجدبة للرئة التي تعاني قلة الدم. وفي حالة الركوع والسجود؛ فإن الدم يُصَبُّ إلى جميع جوانب الرئتين، ويجري استبدال الأكسجين بثاني أكسيد الكربون، ولقد ثبت أن السرطان يجد طريقه إلى الرئة حين يقلُّ وصول الأكسجين، وكذلك أمراض الدرن والسل الرئوي، وعادة ما يهاجم المنطقة الأولى من الرئتين للسبب نفسه، وكذلك في حالة السجود يتعمق الشهيق (INSPIRATION)، وبذلك يقلُّ قدر الهواء الماكث في خليات الرئة، ونريد أن نشير إلى أن وضع اليدين في السجود ـ بعيدتين عن الجوانب ـ يسهِّل توسع الصدر وتعمق الزفير والشهيق بما يساعد على احتواء قدر هائل من الهواء، ويصفِّي كثيرًا من الهواء، ويحصل الجسم على قدر كبير من الأكسجين.
· الصلاة وقاية من آلام المفاصل:
للصلاة دور مهم في المحافظة على سلامة الغشاء الغضروفي، وتقوية الأربطة المحيطة بالمفصل، والمحافظة على مطاطيتها، وكذلك تقوية العضلات المحيطة بالمفصل، وأطراف العظام الداخلة في تركيبه.
وحركات الصلاة من قيام، وركوع، وسجود، وجلوس، وتسليم، تشمل معظم مفاصل الجسم ـ إن لم يكن جميعها ـ والجدول الآتي يبين المفاصل التي تعمل وتتحرك في كل حركة من حركات الصلاة.
حركة الصلاة |
المفصل العامل |
رفع اليدين |
مفصل الكتف، مفصل المرفق، مفصل الكف. |
الركوع |
العمود الفقري، مفصل الفخذ، مفصل المرفق، مفصل الكف. |
النزول والقيام |
مفصل الفخذ، مفصل الركبة، مفصل الكعب. |
السجود |
العمود الفقري، مفصل الفخذ، مفصل الركبة، مفصل الكعب، مفصل الكتف، مفصل المرفق، مفصل الكف. |
التسليم |
مفصل العنق. |
· الصلاة تنشِّط مراكز استقبال الطاقة الحيوية:
تعمل الصلاة على تنشيط مراكز استقبال الطاقة الحيوية (الغدد) المسئولة عن استقبال الطاقة الكونية كالآتي:
الركوع: فيه تنشيط لثلاث غدد متجاورة، وهي "عَجْب الذَّنَب"، "الكلوية"، "الضفيرة الشمسية"، وهي الغدد الثلاثة التي تستقبل الطاقة من أسفل لأعلى.
السجود: يعمل على إيقاظ وتنشيط ثلاث غدد، هي على التوالي: "الغدة الدرقية" بالرقبة، و"الغدد الصنوبرية" بالجبهة، و"الغدد النخامية" بقاعدة المخ، وهذه الغدد الثلاث يتدفق إليها الدم فتأخذ نصيبًا وافرًا منه؛ إذ إن وجودها أعلى الضفيرة القلبية يضعف من صعود الدم بعكس الجاذبية. ولذلك؛ فإن وضعية السجود تسمح بمرور كمية وفيرة من الدم إلى تلك الغدد، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث زيادة كبيرة في عملية استقبالها للطاقة الكونية.
· الصلاة تنظِّم الدورة الدموية للمخ:
هناك حقيقة علمية ثابتة، وهي أن تدفق الدم للدماغ يزداد مع ميل الرأس إلى أسفل، وهذا يتحقق حتى مع فترات لحظية لانخفاض الرأس، ويعتمد معدل زيادة تدفق الدم للدماغ مع درجة ميل الرأس لأسفل وأعلى يصاحبها تغيرات مماثلة في مستوى تدفق الدم للدماغ. إضافة إلى ذلك؛ فإن معدلات ثاني أكسيد الكربون في الدم ـ التي تعدُّ عاملًا أساسيًّا للتحكم في معدل تدفق الدم للدماغ ـ تزداد مباشرة بمجرد ميل الرأس إلى أسفل؛ نتيجة ضغط الأحشاء على الرئتين، وهذا يؤدي إلى زيادة في معدل تدفق الدم إلى الدماغ.
فإذا نظرنا إلى الصلاة؛ فإن هنالك تغيرات متتابعة في ميل الرأس إلى أسفل لفترات متقطعة، وذلك أثناء الركوع والسجود، وهذا بالتالي يؤدي إلى تنشيط تدفق الدم إلى الدماغ على مدار منتظم طوال اليوم، موزَّعًا على خمس صلوات في اليوم الواحد.
ووضع الجسم أثناء الركوع ـ بما يجعل الرأس تميل إلى أسفل في وضع أفقي ـ يمثِّل أهمية بالغة؛ حيث يساعد المخ كي يتهيَّأ لاستقبال تدفق وفير من الدم في وضع السجود، وبالتالي حين يكون ميل الرأس حينئذٍ بدرجة كبيرة إلى أسفل.
وتجدر الإشارة إلى أن الوقوف بعد السجود أو الجلوس لا يتأتَّى معه تدهور في تدفق الدم للدماغ إلى أي مستوى غير صحي، خاصة إذا كان الوقوف اعتمادًا على الركبتين دون مساعدة اليدين؛ حيث إن انقباض عضلات الساقين أثناء الوقوف يدفع الدم فيهما لأعلى، وبذلك يُسهم في عدم تراجع الدم عن الدماغ بشكل غير محمود أثناء الوقوف.
يتضح مما تقدم أن أداء الصلاة له فضل بائن في زيادة تدفق الدم للدماغ، بما يعنيه ذلك من مميزات بالنسبة لنشاط المخ ووظائفه، وليس هنالك من لم يُجرِّب إن استيقظ ذات مرة لصلاة الفجر وهو متعب، وظن أنه سوف يعود للنوم بمجرد أداء الصلاة، لكنه بعد عودته من الصلاة وجد نفسه نشيطًا، وأن الرغبة في النوم قد ذهبت، وربما آثر أن ينجز بعض العمل أو يخرج لعمله مبكرًا، فلماذا يكون تفسير ذلك هو مجرد ذهاب الرغبة في النوم فقط؟! لماذا لا يكون هو التأثير الروحي للصلاة في المقام الأول، ثم بعد ذلك الفائدة الصحية التي يجنيها المخ من جرَّاء زيادة تدفق الدم للدماغ؛ نتيجة أداء حركات الصلاة؟!
· فوائد الطمأنينة في الصلاة:
إن تكرار ميل الرأس إلى أسفل أثناء الصلاة ـ كما قلنا ـ يسهم بشكل حيوي في إنماء شبكة الأوعية الدموية الاحتياطية، وفي المحافظة على فاعليتها وكفاءتها مع تقدم العمر، وذلك بتشجيع تدفق الدم خلالها أثناء السجود.
وهنا تتضح فائدة الأمر الإسلامي بالتأنِّي في أداء حركات الصلاة؛ فإن ذلك يعطي الفرصة للتغيرات الحيوية التي تطول الدورة الدموية المخيَّة أن تأخذ مجراها كاملًا، كُلًّا على حدة.
ولذلك كانت الحكمة النبوية في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي أسرع في صلاته أن يعيدها على مهل ولا يسرع في ركوعها ولا سجودها.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصلَّى، فسلَّم على النبي صلى الله عليه وسلم فردَّ، وقال: ارجع فصل فإنك لم تصلِّ، فرجع يصلي كما صلَّى، ثم جاء فسلم على النبيصلى الله عليه وسلم، فقال: ارجع فصل فإنك لم تصلِّ، ثلاثًا، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلِّمني؟ فقال: إذا قمت إلى الصلاة فكبِّر، ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، وافعل ذلك في صلاتك كلها».
وتتضح خطورة أداء الصلاة بسرعة وعدم التأنِّي فيها من الناحية الطبية في الآتي:
o الحركة المفاجئة للعضلات، خاصة إن اعتمد في الوضوء على وضوء الصلاة السابقة.
o تسريع ضخ الدم من الدماغ والقلب وإليهما أيضًا؛ الأمر الذي يؤدي إلى اضطراب في الدورة الدموية، وبالتالي جلطة عند المصابين بأمراض ضغط الدم والقلب.
o الصلاة وتأخيرها إلى بعد الغداء ـ ومخالفة السنة بالإكثار من الطعام ـ وتأديتها بسرعة يؤدي إلى خروج الطعام من المكان الذي دخل منه.
o مع الزمن يحدث انزلاق لفقرات الظهر من الانحناء الخاطئ والسريع أثناء تأدية الركوع والسجود.
o إنهاء الصلاة بسرعة قد يؤدي إلى تمزُّق في أعصاب الرقبة أو في أحد عروق الدم.
· فوائد السجود:
للسجود فوائد صحية كثيرة، ذكرنا بعضًا منها في ثنايا الفوائد السابقة، ومن بعضها الآخر نذكر الآتي:
o السجود يساعد على نظافة الجيوب الأنفية بسحب إفرازاتها أولًا بأول، وبالتالي تقلُّ فرصة التهاب هذه الجيوب، أما الجيوب الفكيَّة (نسبة إلى الفك العلوي)، فإن السجود يساعد على تصفيتها أولًا بأول من السائل الزائد بها فلا يشعر المصلي بالصداع، كذلك الأمر بالنسبة للجيوب الإسفينية، والتصفوية، والجبهية.
o يزداد توارد الدم إلى المخ أثناء السجود فيزداد أداؤه، وبالتالي يصل إليه ما يلزمه من مواد غذائية وأكسجين، ويؤدي وظيفته على أحسن وجه، ومعروف أن المخ يمثل مركز التحكم في الجسم كله، ويبدو تأثير عدم تغذية المخ بالدم الكافي واضحًا في الأشخاص الذين يقفون مدة طويلة كجنود الحراسة؛ حيث يصابون بالإغماء المفاجئ.
وعلاجهم غاية في السهولة، وهو أن ينام الجندي على ظهره مع رفع القدمين أعلى من مستوى رأسه، فيعود إليه وعيه بإذن الله.
وهناك دراستان علميتان توضِّحان أن السجود يزيد الوعي ويمنع الإغماء:
إحداهما أُجرِيت تحت إشراف السيد "هاجول" مع مجموعة من الأطباء، ونشرت عام 1994م في كتاب (cardiacjournalargbras)، والثانية أجراها جماعة من علماء الطب الإنجليزي تحت رئاسة "فال بروج"، ونشرها في كتاب (healthjournal).
الدراسة الأولى أُجرِيت على (122 مريضًا) بالإغماء، وسجَّلت ضغط القلب ثم تناولوا طعام الفطور، ثم تم قياس ضغط الدم بعد الإفطار، ثم أمرهم أن يتكئوا على السرير، والنتيجة هي إصابة 52 مريضًا بالإغماء (syncoe)، ثم رفعت رءوسهم بدرجة 75 درجة لأعلى، وفُحصت دماؤهم قبل الإغماء وبعده، فكانت النتيجة:
وجد أن مادة (betaendorphin) ـ وهي مادة مخدرة ـ زائدة قبل الإغماء، أما السجود فيقي النفس والعقل من إنتاج هذه المادة المخدرة أو مكوناتها، كما تدل الدراسة على أن الذين يستكبرون أن يسجدوا لله تعالى يوجد في دمائهم مادة كيميائية مثل أسيوبروترونول، هذه المادة لها دور في توزيع الدماء لأنحاء الجسم عن طريق تقلُّص العروق الدموية حين ينخفض ضغط الدم.
o يساعد وضع السجود على تخفيف الاحتقان بمنطقة الحوض، وبالتالي يساعد على الوقاية من الإصابة بالبواسير وحدوث الجلطات بالأوردة، التي لا يخفى على أحد خطورتها.
o يساعد وضع السجود أيضًا على التخلص من الإمساك، ويعدّ من أنسب الأوضاع لعلاج سقوط الرحم الخِلْقِي لدى الإناث، وقد اكتُشفت فوائد هذا الوضع حديثًا؛ ولهذا ينصح به أطباء النساء والتوليد في علاج بعض الأعراض، وقد أطلقوا عليه وضع "الركبتين والصدر".
o إن وضع السجود يخفِّف من مضاعفات مرضى السكر، خاصة في التخلص من المواد الضارة، مثل: اليورين، والكرياتين، والكرياتينين.
وفي بحوث أجراها "هروكي كلين" ـ كلية الطب جامعة توهو ـ حيث أجرى الدراسة بين أصحاء وبين مرضى السكر ؛ للمقارنة بين تدفق الدم إلى الكلى في وضع القيام مقارنة مع وضع السجود، وجد أن القيام يقلِّل تدفق تيار الدم إلى الكلى؛ ومن ثم لا يتم التخلُّص التام من المواد الضارة بالجسم، أما وضع السجود وجد أنه يزيد من إيصال الدم إلى القلب، ويزيد تدفُّق الدم إلى الكلى؛ لتصفيتها وتصفية المواد الضارة الناتجة عن زيادة السكر في الدم، التي تسبِّب بزيادتها اضطرابات ضارة في نشاط الدماغ والأعصاب المركزية.
o هناك دراسات للأستاذ الدكتور "أوكانورا" ـ أستاذ في كلية الطب عام 1990م ـ أكَّد فيها أن جريان الدم يزيد إلى الكبد في حالة السجود أكثر بثلاثة أضعاف عن وضع الاضطجاع؛ وذلك لأن السجود يقوم بصبِّ الماء من العروق إلى الكبد، ويزيد هذا التدفق بعد تناول الطعام لتنشيط الهضم، وبذلك يكون السجود شافيًا لأمراض الكبد الناتجة عن نقصان جريان الدم إليه، ويساعد على الهضم بوفرة الدماء في القناة الهضمية.
صورة للسجود الصحيح
· فوائد الخشوع في الصلاة:
1. الخشوع يدلُّ على درجات التركيز:
أظهرت الدراسات العلمية أن التأمل ـ وهو مجرد أن يجلس المرء ويحدِّق في جبل أو شمعة أو شجرة دون حركة ودون تفكير ـ له فائدة كبيرة في معالجة الأمراض، وتقوية الذاكرة، وزيادة الإبداع والصبر، وغير ذلك.
ولكن القرآن لم يقتصر على التأمل المجرد، بل قرنه بالتفكير والتدبر وأخذ العبرة والتركيز على الهدف، وسمَّاه "الخشوع". والخشوع من أهم العبادات وأصعبها؛ لأنه يحتاج لتركيز كبير. وهكذا؛ فإن كلمة "الخشوع" تدل على أقصى درجات التأمل مع التفكير العميق، وهذا الخشوع ليس مجرد عبادة فحسب، بل له فوائد مادية في علاج الأمراض واكتساب قدرات هائلة ومتجددة.
2. الخشوع يساعد في استقرار عمل القلب:
أظهرت دراسة جديدة نشرتها مجلة جمعية القلب الأمريكية أن التأمل لفترات طويلة ومنتظمة يقي القلب من الاضطراب، ويعمل على علاج ضغط الدم العالي، وبالتالي تخفيف الإجهاد عن القلب. ولذلك قال تعالى مخاطبًا المؤمنين: )أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ((الحديد/16).
وتؤكد الدراسات أهمية التأمل والخشوع في استقرار عمل القلب، كما أنها تثبت اليوم أن التأمل يعالج الاكتئاب والقلق والإحباط، وهي أمراض العصر التي تنتشر بكثافة اليوم.
ليس هذا فحسب؛ بل وجدوا أن التأمل المنتظم يعطي للإنسان ثقة أكبر بالنفس ويجعله أكثر صبرًا وتحمُّلًا لمشاكل الحياة وهمومها، يقول سبحانه وتعالى: ) الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ(28)((الرعد).
3. الخشوع يريح الدماغ ويقوِّيه:
لقد وجد العلماء أن دماغ الإنسان يصدر ترددات كهرومغناطيسية باستمرار، ولكن قيمة الترددات تتغير حسب نشاط الإنسان.
ففي حالة التنبُّه والنشاط والعمل والتركيز يُطلق الدماغ موجات اسمها "بيتا"، وهي ذبذبات يتراوح ترددها من 15 إلى 40 ذبذبة في الثانية "هرتز".
وفي حالة الاسترخاء والتأمل العادي يطلق الدماغ موجات "ألفا"، ويتراوح ترددها من 9 إلى 14 ذبذبة في الثانية.
أما في حالة النوم والأحلام والتأمل العميق فيعمل الدماغ على موجات "ثيتا"، وهي من 5 إلى 8 هرتز.
وأخيرًا في حالات النوم العميق بلا أحلام يطلق الدماغ موجات "دلتا"، وقيمتها أقل من 4 هرتز.
نستطيع أن نستنتج أن الإنسان كلما كان في حالة خشوع؛ فإن الموجات تصبح أقل ذبذبة، وهذا يريح الدماغ ويقويه ويساعد في إصلاح الخلل الذي أصابه نتيجة مرض أو اضطراب نفسي مثلًا؛ لذلك يعتقد الباحثون أن الانفعالات ترهق الدماغ، بينما التأمل يريحه.
وقام باحثون من كلية هارفارد الطبية حديثًا بدراسة التأثير المحتمل للتأمل على الدماغ، فوجدوا أن حجم دماغ الإنسان الذي ينفق شيئًا من وقته على التأمل بانتظام أكبر من حجم دماغ الإنسان العادي الذي لم يعتد التأمل أو الخشوع؛ ولذلك هناك اعتقاد بأن التأمل يزيد من حجم الدماغ؛ أي: يزيد من قدرات الإنسان على الإبداع والحياة السليمة والسعادة.
فقد وجدوا أن قشرة الدماغ في مناطق محددة تصبح أكثر سمكًا بسبب التأمل، وتتجلَّى أهمية هذه الظاهرة إذا علمنا أن قشرة الدماغ تتناقص كلما تقدمنا في السن، وبالتالي يمكن القول: إن الخشوع يبطِّئ تقدُّم الهرم.
لاحظ بعض العلماء أيضًا عندما أجروا مسحًا للدماغ بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fmri) أن الإنسان الذي يتعوَّد على التأمل يكون أكثر قدرة على التحكم بعواطفه، وأكثر قدرة على التحكم بانفعالاته، وبالنتيجة أكثر قدرة على السعادة من غيره.
بل بيَّنت التجارب أن التأمل يساعد على تنظيم عاطفة الإنسان وعدم الإسراف أو التهور في قراراته؛ لأن التأمل ينشِّط المناطق الحساسة في الدماغ تنشيطًا إيجابيًّا؛ بحيث يزيل التراكمات السلبية والخلل الذي أصاب هذه الأجزاء نتيجة الأحداث التي مرَّ بها الإنسان.
4. الخشوع يخفِّف الآلام:
بعدما فشل الطب الكيميائي في علاج بعض الأمراض المستعصية لجأ بعض الباحثين إلى العلاج بالتأمل، بعدما لاحظوا أن التأمل المنتظم يساعد على تخفيف الإحساس بالألم، وكذلك يساعد على تقوية جهاز المناعة.
وفي دراسة جديدة تبيَّن أن التأمل يعالج الآلام المزمنة؛ فقد قام بعض الباحثين بدراسة الدماغ لدى أشخاص طلب منهم أن يغمسوا أيديهم في الماء الساخن جدًّا، وقد تم رصد نشاط الدماغ نتيجة الألم الذي شعروا به، وبعد ذلك تم إعادة التجربة مع أناس تعوَّدوا على التأمل المنتظم، فكان الدماغ لا يستجيب للألم؛ أي: إن التأمل سبَّب تأثيرًا عصبيًّا منع الألم من إثارة الدماغ.
وهكذا؛ نستطيع أن نستنتج أن الخشوع يساعد الإنسان على تحمل الألم؛ بل وتخفيفه بدرجة كبيرة، وهو أفضل وسيلة لتعلُّم الصبر، وهو علاج فعَّال للانفعالات.
5. الخشوع ينشِّط الناصية:
إن ناصية الإنسان ـ أي: الجزء الأمامي من الدماغ ـ تنشط بشكل كبير أثناء التأمل والتفكير العميق والإبداعي، وهذه المنطقة من الدماغ هي مركز القيادة أيضًا لدى الإنسان، ومركز اتخاذ القرارات المهمة والمصيرية، ولهذا الجزء من الدماغ أثر كبير في سلوكنا وعواطفنا واستمرار حياتنا؛ ولذلك كان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لربه يقول: «... ناصيتي بيدك».
ومما سبق من فوائد صحية ندرك الأهمية الكبيرة للخشوع في الصلاة؛ قال تعالى:)قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1)الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ(2)((المؤمنون).
· فوائد الصلاة للحامل:
أثبتت الدراسات الطبية الحديثة أن حركات البدن والرياضة مثل الصلاة تفيد كثيرًا النساء الحوامل، كما أنها تضر كثيرًا الحائضات؛ لأن المرأة الـمُصَلِّيَةَ عندما تؤدي السجود والركوع يزيد جريان الدم إلى الرحم، بالإضافة إلى أن خلية الرحم والمبيض شبيهة بخلية الكبد التي تجذب كثيرًا من الدماء، ولا شك أن رحم الحامل يحتاج إلى الدماء الوفيرة؛ لكي تغذِّي الجنين، ولتصفية الملوِّثات من دمه، وعندما تؤدي الحامل الصلاة فإنها تساعد في إيصال الدم إلى الجنين.
ومن ثم؛ فقد وضع الأطباء تمارين رياضية للحوامل تشبه حركات الصلاة تمامًا، ولو علم هؤلاء أن جميع الحوامل يُصلين هذه الصلاة لما وجدوا حاجة في وضع هذه التمارين، ولاكتفوا بنصح الحامل بالمحافظة على الصلاة، ولا شك أن الذين اشتُهروا بأنهم واضعو هذه التمارين هم من غير المسلمين، وأكثر اللاتي يمارسنها هنَّ من غير المسلمات.
أما المرأة المسلمة فلديها هذه الصلاة التي أنعم الله عليها بها؛ فهي إذا حافظت عليها عبادةً لله عز وجل، فسيكون فضل الله عليها عظيمًا بأن يعجِّل لها هنا في الدنيا فوائد بدنية كبيرة تكسبها بطريقة تلقائية، وتنفعها في حملها وولادتها وبعد طهارتها من النفاس، فضلًا عن المنافع والأجر العظيم في الآخرة.
وإذا كان لا بد من ذكر بعض الفوائد الصحية التي تكتسبها المرأة الحامل من الصلاة، فهذه أهم الفوائد البدنية والنفسية:
o تُكسب مرونة لمعظم أعضاء الجسم وعضلاته، وتسهِّل حركة العمود الفقري مع الحوض مفصليًّا؛ للمحافظة على ثبات الجسم واعتدال قوامه.
o تنشيط الدورة الدموية في القلب والدماغ والشرايين والأوردة؛ الأمر الذي يساعد في توصيل الغذاء إلى الجنين بانتظام عبر الدم، ويساعد أيضًا في نمو الجنين نموًّا طبيعيًّا.
o المحافظة على مرونة مفاصل الحوض وعضلات البطن؛ حيث لها أكبر الأثر في قَوَام الأمِّ الحامل.
o تحسين النغمة العضلية.
o رفع المعنويات وإكساب الثقة بالنفس، والسيطرة على الجسم، والقدرة على التركيز.
ولقد سُئلت الدكتورة نجوى إبراهيم السعيد عجلان ـ مدرسة بكلية طب جامعة طنطا، ودكتورة النساء والولادة بمركز الرياض الطبي بالرياض ـ عن وجهة نظرها فيما يمكن أن تستفيده الحامل من الصلاة، فأجابت:
1.إن السيدة الحامل ـ كما هو معتاد دائمًا وخاصة في الشهور الأخيرة ـ تكون مُثقلة بالجنين، ولكن عندما تؤدي الصلاة فإن حركاتها تساعد على تنشيط الدورة الدموية وعدم التعرُّض لدوالي القدمين، كما يحدث لبعض السيدات.
2.إن معظم شكوى الحوامل هي عسر الهضم؛ الأمر الذي يجعل الإحساس بالانتفاخ والتقيؤ صعب الاحتمال، وفي الصلاة الصحةُ ـ بإذن الله ـ والتغلب على عُسْر الهضم الذي يصاحب الحوامل، فالركوع والسجود يفيدان في تقوية عضلات جدار البطن، ويساعدان المعدة على تقلُّصها وأداء عملها على أكمل وجه.
3.هناك تمرينات مفيدة للحامل قريبة الشبه تمامًا بحركات الصلاة التي تجعل أربطة الحوض ليِّنة، وخاصة في الأسابيع الأخيرة من الحمل، كما أنها تقوِّي عضلات البطن وتمنع الترهُّل.
4.كما أنه في الأسابيع الأخيرة للحمل هناك تمرينات تشبه تمامًا الركوع والسجود أثناء الصلاة، وهذه مهمة جدًّا لدفع الجنين خلال مساره الطبيعي في الحوض؛ كي تتم ولادة طبيعية بإذن الله.
وهذه الفوائد والمنافع التي تجنيها الحامل من صلاتها تعود عليها بالنفع أيضًا وقت الولادة؛ حيث تساعدها في تخطِّي هذه العملية بكل يسر وسهولة، وإنهائها في أقصر وقت ممكن بسبب ثقتها بنفسها وسيطرتها على جسمها، وقدرتها على التركيز طوال العملية بدلًا من الخوف والصراخ والحركات الفوضويَّة.
ثانيًا: الفوائد النفسية:
تساعد الصلاة الخاشعة على تهدئة النفس وإزالة توترها؛ لأسباب كثيرة، أهمها: شعور الإنسان بضآلة كل مشكلاته أمام قدرة الخالق المدبِّر لهذا الكون الفسيح وعظمته، فيخرج المسلم من صلاته وقد ألقى كل ما في جعبته من مشكلات وهموم، وترك علاجها وتصريفها إلى الرب الرحيم، وكذلك تؤدي الصلاة إلى إزالة التوتر؛ بسبب عملية تغيير الحركة المستمرة فيها، ومن المعلوم أن هذا التغيير الحركي يُحدث استرخاء فسيولوجيًّا مهمًّا في الجسم، وقد أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم أيَّ مسلم تنتابه حالة من الغضب، كما ثبت علميًّا أن للصلاة تأثيرًا مباشرًا على الجهاز العصبي؛ إذ إنها تهدِّئ من ثورته وتحافظ على اتزانه، كما تعدُّ علاجًا ناجعًا للأرق الناتج عن الاضطراب العصبي.
لذلك «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حَزَبَه أمر صلَّى»، وكان ينادي بلالًا: «يا بلال أقم الصلاة، أرحنا بها».
أيضًا يعمل ترتيل القرآن الكريم في الصلاة ـ حسب قواعد التجويد ـ على تنظيم التنفس خلال تعاقب الشهيق والزفير، وهذا يؤدي بدوره إلى تخفيف التوتر بدرجة كبيرة، كما أن حركة عضلات الفم المصاحِبة للترتيل تُقلِّل من الشعور بالإرهاق، وتكسب العقل نشاطًا وحيوية.
وللسجود دور عميق في إزالة القلق من نفس المسلم؛ حيث يشعر فيه بفيضٍ من السكينة يغمره، وطوفان من نور اليقين والتوحيد يملأ قلبه. وكثير من الناس في اليابان يخرُّون ساجدين بمجرد شعورهم بالإرهاق أو الضيق والاكتئاب دون أن يعرفوا أن هذا الفعل ركـن من أركان صلاة المسلمين.
يؤكد ما سبق ما كشفت عنه أحدث الدراسات المصرية التي أُجرِيت في مركز تكنولوجيا الإشعاع القومي أن السجود لله يخلِّص الإنسان من التوتر النفسي وغيره من الأمراض العصبية، هذا بجانب ما يحقِّقه من فوائد بدنية.
واكتشف أخصائيو العلوم البيولوجية وتشعيع الأغذية، في مركز تكنولوجيا الإشعاع القومي برئاسة الدكتور محمد ضياء حامد ـ أن السجود يقلل الإرهاق والتوتر والصداع والعصبية والغضب، كما يلعب دورًا مهمًّا في تقليل مخاطر الإصابة بالأورام السرطانية.
وأوضح الباحثون أن الإنسان يتعرض لجرعات زائدة من الإشعاع، ويعيش معظم أحواله في أوساط ومجالات كهرومغناطيسية، وهو ما يؤثر سلبًا على خلاياه فيتعبها ويرهقها، أما السجود لله فيساعد الجسم في تفريغ هذه الشحنات الزائدة التي تسبب أمراض العصر، كالصداع وتقلصات العضلات وتشنجات العنق والتعب والإرهاق، إضافة إلى النسيان والشرود الذهني، مشيرين إلى أن زيادة كمية الشحنات الكهرومغناطيسية دون تفريغها يفاقم الأمر ويزيده تعقيدًا؛ ولأنها تسبِّب تشويشًا في لغة الخلايا وتفسد عملها وتعطِّل تفاعلها مع المحيط الخارجي، فتنمو الأورام السرطانية، وقد تُصاب الأجنة بالتشوُّهات.
وأثبت العلماء أن السجود يمثِّل وصلة أرضية تساعد في تفريغ الشحنات الزائدة والمتوالدة إلى خارج الجسم، والتخلُّص منها بعيدًا عن استخدام الأدوية والمسكنات وآثارها الجانبية المؤذية.
إضافة إلى ذلك؛ فإن حيِّز الوقت الذي تشغله الصلاة والاستعداد لها، وما يليها من أذكار ـ يأخذ الإنسان بعيدًا عن مشاغل الحياة اليومية، وجهد العمل المستمر، الجسدي والنفسي، فإذا ما تكرَّر ذلك بتكرر الصلاة انقطعت حلقات التوتر، وزال الجهد، وتواصل الهدوء النفسي.
لذا؛ يقول علماء النفس: إن الصلاة أهم شيء في حياة الإنسان يبثُّ الطمأنينة في نفسه، والهدوء في أعصابه، والاسترخاء في عضلات جسمه كلها، وكل هذه من أساليب العلاج النفسي المسلكي المستعملة في الطب النفسي الحديث.
وعليه؛ فتلك هي الفوائد البدنية والنفسية للصلاة في الإسلام، وقد شهد بها علماء الغرب:
يقول الدكتور "توماس هايسلوب" ـ عالم غربي متخصص في الطب النفسي ـ : إن من أهم مقومات النوم التي عرفتها خلال سنين طويلة من الخبرة والبحث ـ الصلاة، وأنا أُلقي هذا القول بوصفي طبيبًا؛ فإن الصلاة هي أهم وسيلة عرفتها إلى الآن لبث الطمأنينة في النفوس، وبث الهدوء في الأعصاب.
أما الدكتور "إليكسيس كارليل" ـ حائز على جائزة نوبل في الطب، ورئيس قسم في مؤسسة روكفلر بالولايات المتحدة الأمريكية ـ فيقول عن الصلاة: إنها تُحدث نشاطًا عجيبًا في أجهزة الجسم وأعضائه؛ بل هي أعظم مولِّد للنشاط عُرف إلى يومنا هذا، وقد رأيت كثيرًا من المرضى الذين أخفقت العقاقير في علاجهم كيف تدخَّلت الصلاة فأبرأتهم تمامًا من عللهم، إن الصلاة كمعدن الراديوم مصدر للإشعاع ومولِّد ذاتي للنشاط، ولقد شاهدت تأثير الصلاة في مداواة أمراض مختلفة، مثل: التدرُّن البريتوني، والتهاب العظام، والجروح المتقيحة، والسرطان وغيره.
ويقول الدكتور "إدوين فردريك" ـ أستاذ الأمراض العصبية بالولايات المتحدة الأمريكيةـ: هناك ألوف الحالات التي لم يجد فيها أشهر الأطباء وأكثرهم فطنة أدنى بارقة أمل، ومع ذلك تمَّ شفاؤها واستعادتها لصحتها من خلال معجزة تُسمَّى "الصلاة".
وبعد هذه الآراء من علماء لا يعرفون محاباة للدين الإسلامي وشعائره، هل يمكن لأحد أن يغالط في قيمة الصلاة كإجراء وقائي وعلاجي من الأمراض؟!
وعليه؛ نخلص مما سبق إلى أن للصلاة فوائد بدنية ونفسية كثيرة، أثبتها العلم الحديث، وشهد بها علماء الغرب، فكيف يشكك فيها الطاعنون، ويدعون أن هناك تعسُّفًا في تحويل العبادات إلى فوائد علمية؟!
لا شك أن الصلاة عبادة عظيمة فرضها الله علينا؛ طاعة وتقربًا له عز وجل، ونحن نؤدِّيها لأجل هذا، ولكنها بالإضافة إلى هذا هي ذات فائدة عظيمة لجسم الإنسان، وهذا من عظمة التشريع الإسلامي.
يقول الدكتور النابلسي: وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك إشارة موجزة رائعة؛ فعن سالم بن أبي الجعْد قال: «قال رجل: قال مِسْعَر: أُراه من خزاعة، ليتني صلَّيت فاسترحت، فكأنهم عابوا ذلك عليه (عليه ذلك)، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا بلال، أقم الصلاة، أرحنا بها»، ولعل الراحة في الصلاة هي راحة نفسية وبدنية في آن واحد؛ فإن أمر الله عز وجل أعظم بكثير من أن يُفسَّر بعلة أو حكمة واحدة، إن أوامره تعالى لها علل وحِكَم لا تُعدُّ ولا تُحصى، فأي إعجاز تشريعي هذا؟!
الخلاصة:
· أثبت العلم الحديث أن للصلاة فوائد بدنية كثيرة، منها: تقوية العظام، الوقاية والعلاج من الانزلاق الغضروفي، الوقاية من أمراض الرئة وآلام المفاصل، هذا بالإضافة إلى الفوائد الكثيرة للسجود والطمأنينة والخشوع.
· للصلاة دور كبير في تهدئة النفس، وإزالة ما بها من توتر واضطراب نفسي، كما أوضح علماء النفس في أبحاثهم.
· كيف يشكِّك الطاعنون في الفوائد الصحية للصلاة في الإسلام، وقد شهد بها علماء الغرب، والفضل ما شهدت به الأعداء؟!
· لا شك أن الصلاة رياضة بدنية متميزة تفوق كثيرًا من الرياضات؛ وذلك من وجهة نظر الرياضيين، وهذا لا يتنافى بحالٍ مع كون الصلاة شريعة نتعبَّد لله بها؛ فأوامره تعالى أعظم من أن تُفسَّر بحكمة واحدة.
click
read dating site for married people
why do wife cheat on husband
website reasons why married men cheat