الطعن في الإعجاز العلمي للقرآن في وصفه اهتزاز الأرض وربوها عند سقوط المطر (*)
مضمون الشبهة :
ينفي بعض الطاعنين الإعجاز العلمي لقوله تعالى:)وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج (5)( (الحج)؛ إذ إن اهتزاز الأرض وربوها (ارتفاعها) بعد سقوط المطر هي مجرد ملاحظات يمكن أن تُدرك بالعين المجردة في كل زمان ومكان، وهي من معارف الإنسان العربي العلمية آنذاك، فالآية على حد زعمهم لا علاقة لها بالإعجاز العلمي بتاتًا.
وجه إبطال الشبهة :
لقد أثبت العلم الحديث- بعد تطور علم التربة وتطور أدواته المعملية- حدوث حركة اهتزازية للتربة عند سقوط المطر عليها؛ حيث تحمل حبيبات التربة شحنات كهربائية، وعند نزول الماء بكمية مناسبة عليها تؤدي هذه الشحنات إلى اهتزاز حبيبات التربة، وقد لاحظ العالم (روبرت براون) هذه الحركة، فأطلق عليها اسم الحركة البراونية، وهذا الاهتزاز يؤدي إلى تخلل الماء بين صفائح التربة والفراغات بين الحبيبات؛ مما يؤدي إلى زيادة حجمها أو ربوها مما يساعد النبات على الاستفادة من الماء المخزن في التربة، وهذا عين ما أخبر الله سبحانه وتعالى عنه من اهتزاز الأرض وربوها؛ حيث قال:)وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج (5)((الحج)؛ مما يؤكد إعجاز القرآن الكريم العلمي وسبقه البحوث العلمية بقرون.
التفصيل :
1) الحقائق العلمية:
تتكون تربة الأرض بواسطة التحلل الكيميائي والحيوي لصخورها, كما تتكون نتيجة تفكك تلك الصخور بواسطة عوامل التعرية المختلفة التي تؤدي في النهاية إلى تكون غطاء رقيق لصخور الغلاف الصخري للأرض من فتات وبسيس الصخور على هيئة حطام مفروط يُعرف باسم عادم الصخور.
وعلى ذلك فإن تربة الأرض تمثل الطبقة الرقيقة من عادم الصخور الناتج عن تحلل أجزاء من الغلاف الصخري للأرض, والذي يغطي صخور ذلك الغلاف في كثير من الأحوال, سواء كان ناتجًا عن تحللها مباشرة, أو منقولاً إليها ليغطيها، والتربة بذلك تمثل الحلقة الوسطى بين الغلاف الصخري للأرض وكلًّا من غلافيها الهوائي والمائي؛ ولذلك فهي خليط من المعادن التي تفككت من صخور الأرض بفعل عوامل التعرية المختلفة, ومن المركبات العضوية وغير العضوية الناتجة عن التفاعل والصراع بين تلك النُّطُق الثلاث من نُطُق الأرض, أو المتبقية عن الكائنات الحية التي تعمر قطاع التربة, وهي كثيرة، مثل: البكتيريا, والطحالب, والفطريات, والنباتات بمختلف هيئاتها ومراتبها؛ فالتربة هي مصدر كل الغذاء والماء لحياة النباتات الأرضية؛ لأنها وسط تتراكم فيه بقايا كل من العمليات الأرضية, والسلاسل الغذائية, والتي تتحلل بواسطة الكائنات الدقيقة التي تزخر بها التربة والتي تجهز- بنشاطاتها- كل العناصر اللازمة لنمو النباتات الأرضية.
وتتكون التربة الأرضية أساسًا من معادن الصلصال, والرمال, وأكاسيد الحديد, وكربونات الكالسيوم والماغنسيوم، وبالإضافة إلى التركيب الكيميائي والمعدني لتربة الأرض فإن حجم حبيباتها ونسيجها الداخلي له دور مهم في تصنيفها إلى أنواع عديدة, وتُقسم التربة حسب حجم حبيباتها إلى التربة الصلصالية, والطميية, والرملية, والحصوية, وأكثر أنواع التربة انتشارًا هي خليط من تلك الأحجام.
ويقسم قطاع التربة من سطح الأرض إلى الداخل إلى النُّطُق الأربعة الآتية:
1.نطاق السطح الأرضي، أو نطاق (o): وهو غني بالمواد العضوية من مثل أوراق الأشجار وفتات زهورها, وثمارها, وأخشابها, وتزداد فيها نسبة المواد الدبالية (Humus)؛ أي: العضوية المتحللة من أعلى إلى أسفل.
2.نطاق التربة العليا، أو نطاق (A): وتتكون أساسًا من فتات المعادن الخشن نسبيًّا, ولكنها تزخر بالنشاط العضوي؛ مما يزيد من محتواها في المواد الدبالية والتي تصل إلى 30% من مكوناتها في بعض الحالات.
3.نطاق ما تحت التربة العليا، أو نطاق (B): وهو نطاق يتجمع فيه كثير من العناصر والمركبات التي تحملها المياه الهابطة من السطح إلى أسفل من النطاقين العلويين؛ ولذا يُعرف باسم نطاق التجمع، ومع كثرة هبوط حبيبات الصلصال الدقيقة من النطاقين العلويين إلى نطاق ما تحت التربة أو نطاق التجمع هذا- فإنه يحتفظ بالماء الهابط إليه من سطح الأرض.
وتمثل النُّطُق الثلاثة (O +A+B) ما يُسمى بالتربة الحقيقية، وهي التي تزخر بالعمليات الحيوية, وبكل صور الحياة التي تشتهر بها تربة الأرض، وتمتد إليها جذور النباتات من فوق سطحها.
4.نطاق الغلاف الصخري للأرض متأثرًا ببعض عمليات التجوية: وهذه النطق لا تتمايز بهذا الوضوح إلا بعد تمام نضج قطاع التربة, فكثيرًا ما تتكدس في نطاق واحد.
وتمثل مجموعة النباتات الدقيقة من مثل البكتيريا, والفطريات, والطحالب أهم أنواع الحياة في تربة الأرض, وتشكل البكتيريا أغلبها (نحو90%)، وتنقسم بكتيريا التربة إلى ذاتية التغذية, وغير ذاتية التغذية, ومن الصنف الأول بكتيريا العقد الجذرية، وقد أعطاها الله سبحانه وتعالى القدرة على تثبيت غاز النيتروجين وتحويله إلى مركبات نيتروجينية مهمة في التربة؛ ولذا تُعرف باسم بكتيريا النيتروجين, وهناك بكتيريا الإيدروجين, وبكتيريا الكبريت, وبكتيريا الحديد وغيرها، وهي تلعب دورًا مهمًّا في تزويد التربة بالأغذية المناسبة للنباتات الأرضية, واستكمالاً لهذا الدور المهم, فإن البكتيريا غير ذاتية التغذية تقوم بتكسير المواد العضوية المعقدة، مثل المواد السيليولوزية والكربوهيدراتية والبروتينية والدهنية، وتحويلها إلى مواد يستطيع النبات الاستفادة بها([1]).
رسم تخطيطي في قطاع التربة يبين نُطُقَها الأربعة
لماذا تهتز التربة عند سقوط المطر عليها؟
اهتزاز الأرض أو التربة: هو حدوث حركة اهتزازية منفصلة للحبيبات المكونة للتربة، وليس بالطبع تحرك طبقات القشرة الأرضية كتلة واحدة كما يتم أثناء زلزلة الأرض.
ولتفهم حدوث اهتزازات هذه الحبيبات ينبغي الإلمام بشيء عن طبيعتها وصفاتها، وطبقًا لما يُعرف عن تقسيم قوائم التربة (SoilTexture) فإن حبيبة الطين يقل قطرها عن (00.002) من الملليمتر، وتتكون الحبيبة من طبقات متراصة (من صفائح السليكا والألومينا) كل طبقة فوق الأخرى، وتحمل الحبيبة على سطحها شحنات كهربائية سالبة أو موجبة على حسب نوع الطين (تنشأ من الزيادة أو النقصان في الشحنات الكهربائية للوحدات الداخلة في تركيب معدن الطين)، ويمكن الكشف عنها باستخدام المكروجراف الإلكتروني، والطين من الغرويات المعدنية التي تتمتع بكثير من صفات الدقائق الغروية.
رسم تخطيطي يوضح تبادل راقات من المعادن المختلفة في تكوين التربة الصلصالية، ويسمح هذا الاختلاف في التركيب للماء للدخول بين تلك الراقات مما يؤدي إلى اهتزاز التربة وربوها إلى أعلى
ومن ثم فعند نزول الماء على الأرض بكميات مناسبة يؤدي إلى اهتزاز حبيباتها، ويمكن تفسير ذلك بما يلي:
1ـ ظهور الشحنة الكهربائية على سطوح الحبيبات يسبب عدم استقرارها، وحدوث حركات اهتزازية لا يمكن سكونها وثباتها إلا بعد تعادل هذه الشحنات بأخرى مخالفة لها في الشحنة (ناتجة عن تأين الأملاح بالتربة)؛ حيث يتم تلاقحها على سطح الحبيبة فتستقر وتسكن.
رقيقة من صلصال حامضي رقيقة من صلصال قلوي
2ـ حدوث حركات واهتزازات لجزيئات التربة (الغروية)؛ نتيجة دفع الدقائق الطينية بجزيئات الوسط السائلي (الماء).
ولما كانت حركة جزيئات السائل ليس لها اتجاه فإن الدقيقة الغروية (حبيبة الطين) تهتز وتتحرك من مكانها؛ نتيجة لما تتعرض له من ضربات غير متساوية على جوانبها المختلفة.
وقد لاحظ العالم روبرت براون (عام 1243هـ - 1828م) هذه الحركة للدقائق الغروية، وأطلقعليها اسم الحركة البراونية، والوسط السائل (الماء) يكون هو الغالب على الجزء الصلب، وكلما كان الوسط السائلي متوافرًا بكميات مناسبة أدى ذلك إلى تباعد حبيبات التربة عن بعضها وسهولة حركتها، ما لم يحدث لها تخثر أو تجميع، فإذا نقص تقاربت الحبيبات وأبطأت حركتها واهتزازها.
ومن ثم فإن اهتزاز حبيبة التربة بتأثير دفع الهواء هو تأثير غير مباشر للماء أيضًا؛ فالماء يحل محل الهواء وينطلق الهواء من ثقوب محددة إلى الهواء الجوي على هيئة فقاقيع متقطعة، وقد يدفع حبيبات التربة جانبًا في اتجاه معين؛ لذا فاهتزاز حبيبة التربة ما هو إلا تأثير مباشر لضربات غير متساوية من جزيئات الماء على جوانب الحبيبة، وهي مستمرة متى ما وُجد الماء في التربة.
· ربو التربة وازدياده بنزول المطر:
كما سبق ذكره من قبل فإن حبيبة الطين تتكون من طبقات متراصة، بين كل طبقة وأخرى مسافة بينية تتيح لجزيئات الماء وأيونات العناصر الذائبة فرصة الدخول فيها.
وتتشرب الحبيبة بالماء، والأيونات (صفة غروية)؛ فيتمدد بذلك معدن الطين، ويزيد سمك قطر الحبيبة، والماء الممسوك على سطح الحبيبات (الماء الشعري والهيجروسكوبي) له دور كبير في زيادة سمك التربة كلها بزيادة المسافة بين الحبيبات، وهكذا تربو الأرض بتأثير الماء.
ومن الأمثلة العملية في هذا المجال أنه عند وضع وزن معين من الطين في مخبار مدرج وصب كمية معينة من الماء عليه فإن حجم الطين يزداد بتشربه للماء، وينقص بسحب الماء منه بعملية تجفيف التربة، ويعتبر طين المونتوموربلونت من أحسن الأنواع التي لها القدرة على التمدد والانكماش بتأثير الماء علاوة على امتصاصه العديد من أيونات العناصر الغذائية بكميات كبيرة.
ومن هنا يتضح دور ذلك وأهميته بالنسبة للنبات؛ لأن كل حبيبة لها القدرة على حمل الماء بين طبقاتها، وحفظ جزيئات الماء على سطحها (غلاف يحيط بالحبيبة) بقوى الجذب الإليكتروستاتيكية والتحام جزيئات الماء ببعضها عن طريق الروابط الهيدروجينية (ويقل تأثير هذه القوى كلما كان جزيء الماء بعيدًا عن سطح حبيبة الطين)؛ فهي بمثابة وعاء يحفظ الماء من التسرب إلى أسفل بتأثير الجاذبية الأرضية أو غير ذلك.
وإن الدراسات العملية والعلمية، ومراجع علوم الأراضي، والبيئة النباتية لتؤكد حدوث الاهتزاز والربو لحبيبات الطين، وخير دليل على ذلك هو ذلك التبادل بين الأيونات المتحدة على سطوح الحبيبات، والأيونات الهيدروجينية؛ ليستفيد النبات من أيونات العناصر الغذائية لسد احتياجاته في بناء أنسجته.
أما ربو الحبيبة وانتفاخها فهذا دليل على احتفاظها بكمية من الماء في التربة، وإن لم يستطع النبات الحصول عليها يبدأ في الذبول، وقد يؤدي الأمر إلى موته إذا لم تُرْوَ الأرض([2]).
ويمكن تلخيص أسباب اهتزاز التربة وانتفاشها وربوها فيما يلي:
1.تتكون التربة أساسًا من المعادن الصلصالية, ومن صفات تلك المعادن أنها تتشبع بالتميؤ؛ أي بامتصاص الماء مما يؤدي إلى زيادة حجمها زيادة ملحوظة فيؤدي ذلك إلى اهتزازها بشدة وانتفاضها فتؤدي إلى اهتزاز التربة بمجرد نزول الماء عليها.
2.تتكون المعادن الصلصالية من رقائق من أكاسيد السيليكون والألومنيوم تفصلها مسافات بينية مملوءة بجزيئات الماء والغازات, وعند التسخين تطرد هذه الجزيئات؛ فتنكمش تلك الرقائق بطرد هذه الجزيئات البينية, وعند إضافة الماء إليها تنتفض, وتهتز وتربو نتيجة لملء المسافات البينية الفاصلة لرقائق المعدن بالمياه.
3. نظرًا لدقة حجم الحبيبات الصلصالية (والتي لا يتعدى قطرها واحد على 256 من الملليمتر؛ أي: أقل من 0,004 من الملليمتر)، وهي المكون الرئيسي لتربة الأرض, فإن اختلاط الماء بتلك التربة يحولها إلى الحالة الفردية، وهي حالة تتدافع فيها جسيمات المادة بقوة, وبأقدار غير متساوية في كل الاتجاهات, وعلى كل المستويات في حركة دائبة تُعرف باسم الحركة البراونية نسبة إلى مكتشفها, وهي من عوامل اهتزاز التربة بشدة وانتفاضها, وكلما كان الماء المختلط بالتربة وفيرًا باعد لمسافات أكبر بين حبيبات التربة, وزاد من سرعة حركتها.
4.تتكون المعادن الصلصالية أساسًا من سيليكات الألومنيوم المميأة, وهذا المركب الكيميائي له قدرة على إحلال بعض ذرات الألومنيوم بذرات قواعد أخرى مثل الماغنسيوم والكالسيوم, وكنتيجة لإحلال ذرات الألومنيوم بذرات غيرها من العناصر ترتبط بعض الأيونات الموجبة الشحنة مثل الصوديوم والكالسيوم على حواف وأسطح راقات الصلصال لمعادلة الشحنات السالبة الناتجة عن إحلال ذرة الألومنيوم ثلاثية التكافؤ بذرة الكالسيوم أو الماغنسيوم ثنائية التكافؤ.
والأيونات الموجبة مثل أيونات الصوديوم والكالسيوم سهلة الإحلال بقواعد أخرى؛ مما يحدث اهتزازًا عنيفًا في مكونات رقائق الصلصال في وجود جزيء الماء القطبي الكهربية.
5.إن العمليات المعقدة التي كوَّنت تربة الأرض عبر ملايين السنين أَثْرَتها بالعديد من العناصر والمركبات الكيميائية اللازمة لحياة النباتات الأرضية, كما أن الكائنات الحية الدقيقة والكبيرة- التي أسكنها الله سبحانه وتعالى تربة الأرض- أدت ولا تزال تؤدي دورًا مهمًّا في إثرائها بالمركبات العضوية وغير العضوية, وعند نزول جزيئات الماء ذات القطبية الكهربية, وإذابتها لمكونات التربة فإن ذلك يؤدي إلى تأين تلك المكونات, وإلى تنافر الشحنات المتشابهة على أسطح رقائق الصلصال وفي محاليل المياه؛ مما يؤدي إلى انتفاض تلك الرقائق واهتزازها بشدة.
6.تحمل الرياح والطيور والحشرات والكائنات الدقيقة إلى التربة بذور العديد من النباتات، خاصة مما يُسمى بالبذور المجنَّحة والأبواغ والجراثيم وحبوب اللقاح التي تحملها الرياح لمسافات بعيدة, وعندما ينزل الماء على التربة الأرضية وتستقي منه تلك البقايا النباتية القابلة للإنبات- مثل البذور- فتنشط أجنتها, وتتغذى على المواد المذابة في مياه التربة- فإنها تنمو, وتندفع جذورها إلى أسفل مكوِّنة المجموعات الجذرية لتلك النباتات, وتندفع سويقاتها (ريشتها) إلى أعلى مسبِّبة اهتزازات عنيفة لمكونات التربة.
7.مع ازدياد هطول الماء على التربة تنتعش كل صور الحياة فيها من البكتيريا والفطريات والطحالب وغيرها, كما تغلظ المجموعات الجذرية للنباتات القائمة على سطح الأرض, ويؤدي النشاط الحيوي لكل من هذه الكائنات إلى زيادة حجم التربة, وإلى زيادة الأنشطة الكيميائية والفيزيائية فيها؛ مما يؤدي إلى انتفاض مكوناتها واهتزازها وربوها وكثرة الإنبات فيها.([3])
ومما سبق يتبين أننا أمام ثلاث صور:
الأولى: صورة الأرض قبل نزول المطر عليها مباشرة:
وفي هذه الصورة ترى أن حبيبات التربة وجزيئاتها تأخذ أقل حيزًا لها، والأرض قاحلة يابسة جدبة، وهنا تكون الأرض هامدة، وفيها نرى أن :
1ـ جميع الكائنات الحية الدقيقة (بكتيريا- فطريات- أكتينوميسيتات- وغيرها) في حالة سكون تام، وانعدام حركة، مع شغلها أقل حيز في حياتها ومعظمها في حالة تجرثم، أو تكون حوافظ جرثومية تعمل كالدرع الواقي للكائن الحي من الظروف الخارجية القاسية، وأهمها غياب الماء.
2ـ البيضات والبييضات الخاصة ببعض الكائنات الحية الأولية الأخرى في حالة كمون وسكون تام مع وجود أغلفة حامية لها من الظروف الخارجية القاسية.
· البصلات والبصيلات والكورمات والريزومات والدرنات والبذور والحبوب في أقل صورة من النشاط الحيوي لها؛ حفاظًا على حياتها وبقاء لأجيالها القادمة.
· الجذور النباتية والمجموعة الخضرية الخاصة بالنباتات في حالة سكون وهدوء عجيب، وقد أغلقت منافذها وتكون عليها طبقة شمعية وحراشيف شديدة التحمل للجفاف.
الثانية: حالة الأرض بعد نزول المطر عليها بمدة قصيرة:
وقت أن ينزل المطر على الأرض تحدث العمليات الفيزيائية والكيميائية والحيوية الآتية:
1. العمليات الفيزيائية الكيميائية:
· ينزل المطر على الأرض فتتغير طاقة الوضع وطاقة الحركة لكل من المطر والأرض؛ فتهتز الأرض وتتحرك لانتقال الطاقة إليها من الماء.
· يزداد تأين مكونات التربة غير العضوية في وجود الماء، ويزداد حجمها.
· تتشرب المكونات العضوية غير القابلة للتأين الماء، وتنتفخ وتتباعد أجزاؤها عن بعضها البعض، ويزداد حجمها نتيجة لعمليات التشرب.
والنتيجة النهائية للعمليات السابقة هي اهتزاز التربة وتحركها مع غياب التشقق عنها.
2. وفي الوقت نفسه تحدث العمليات الحيوية الآتية:
· تخرج الكائنات الحية الدقيقة من سكونها وتهتز وتتحرك .
· تنشط البصلات والبصيلات والريزومات والكورمات وتهتز وتتحرك.
· تفقس البيضات والبييضات وتهتز وتتحرك.
· تنشط الديدان والحشرات في التربة وتهتز وتتحرك.
· تنشط الجذور والسيقان ويزداد معدل امتصاص التربة، وتهتز جزيئاتها وتتحرك، والمحصلة النهائية للعمليات السابقة هي: أن الأرض تهتز وتتحرك.
الثالثة: صورة الأرض بعد نزول المطر عليها بمدة طويلة:
بعد نزول المطر على الأرض بمدة طويلة، تتوالى العمليات الفيزيائية والكيميائية والحيوية وتصبح صورة الأرض كما يلي:
· تبدأ الكائنات الحية الدقيقة في النمو والتكاثر؛ فتزداد في الحجم والوزن، ويزداد المحتوى العضوي للتربة.
· تبدأ الديدان والحشرات في النمو والتكاثر، وتعمل أنفاقا في الأرض فتنتفش التربة.
· تبدأ البصلات والبصيلات والكورمات والريزومات والجذور في النمو مع زيادة في الحجم والوزن.
· تنشط الجذور ويتدرن بعضها ويخزن فيه الغذاء المدخر الناتج عن عملية البناء الضوئي والتغذية.
المحصلة النهائية للعملية السابقة هي زيادة الحجم والوزن.
الرابعة: الصور السابقة مجمعة:
1. الأرض هامدة قاحلة ميتة؛ بسبب غياب الماء وسكون الكائنات الحية بها.
2.ينزل الماء على الأرض فتهتز ويزداد تأينها وتشربها، وتخرج الكائنات الحية من سكونها ومكامنها؛ فتهتز الأرض وتتحرك.
3. بعد مدة يزداد النشاط الحيوي والنمو وتموج الأرض بالحياة وتحيا وتربو([4]).
2) التطابق بين الحقائق العلمية وما أشارت إليه الآية الكريمة:
يصف الله تعالى حالة الأرض قبل سقوط المطر عليها، وحالتها بعد سقوطه بقوله:)وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج (5)((الحج).
و "هامدة" في اللغة كما ورد في القاموس المحيط: "الهمود: الموت، وطفوء النار أو ذهاب حرارتها، وتقطع الثوب من طول الطي كالهمد، وفي الأرض: أن لا يكون بها حياة ولا عود ولا نبت ولا مطر"([5]).
أما "اهتزت" ففي المعجم الوسيط: "اهتز الشيء: تحرك، والنبات: نما وطال، والأرض: أخصبت وأنبتت"([6]).
· من أقوال المفسرين في الآية الكريمة:
يقول ابن كثير: )فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج (5)((الحج)؛ أي: فإذا أنزل الله عليها المطر (اهتزت)؛ أي: تحركت وحييت بعد موتها، (ربت)؛ أي: ارتفعت لما سكن فيها الثرى، ثم أنبتت ما فيها من الألوان والفنون، من ثمار وزروع، وأشتات النباتات في اختلاف ألوانها وطعومها، وروائحها وأشكالها ومنافعها([8]).
ويقول الإمام القرطبي: (هامدة) يابسة لا تنبت شيئًا، ثم يقول: وقوله تعالى: )فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت((الحج:5) ؛ أي: تحركت، والاهتزاز: شدة الحركة، يقال: هززت الشيء فاهتز؛ أي: حركته فتحرك... فالأرض تهتز بالنبات؛ لأن النبات لا يخرج حتى يزيل بعضها من بعض إزالة خفية، و (ربت)؛ أي: ارتفعت وزادت، وقيل: انتفعت، والمعنى واحد وأصله الزيادة([9]).
ويقول سيد قطب في قوله تعالى: )وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت( (الحج:5): الهمود درجة بين الحياة والموت، وهكذا تكون الأرض قبل الماء، وهو العنصر الأصيل في الحياة والأحياء، فإذا نزل عليها الماء "اهتزت وربت"، وهي حركة عجيبة سجلها القرآن قبل أن تسجلها الملاحظة العلمية بمئات الأعوام؛ فالتربة الجافة حين ينزل عليها الماء تتحرك حركة اهتزاز، وهي تتشرب الماء وتنتفخ فتربو ثم تنتفخ بالحياة عن النبات([10]).
وباستعراض أقوال المفسرين السابقة في الآية الكريمة، وما أخبر عنه القرآن الكريم في عبارات واضحة لا لبس فيها عن اهتزاز التربة وربوها بعد نزول الماء عليها- يتبين لنا مدى التطابق بين هذه الآية الكريمة وبين حقائق العلم التي أثبتت حدوث اهتزاز للتربة عند سقوط المطر عليها؛ حيث تحمل حبيبات التربة على سطحها شحنات كهربائية سالبة أو موجبة مما يسبب عدم استقرار للتربة، مما ينتج عنه حدوث حركة اهتزازية لا يمكن سكونها إلا بعد تعادل هذه الشحنات بأخرى مخالفة لها في الشحنة، وهذه الاهتزازات تمكن الماء من التحلل بين الصفائح المكونة للتربة والفراغات بين الحبيبات، فتنتفخ الحبيبات، ويزداد حجمها.
وهاتان العمليتان لا يمكن أن توصفا بخير من الوصف القرآني: الاهتزاز والربو، فصدق الله العظيم الذي تحدى الإنس والجن على أن يأتوا بسورة من مثل القرآن الكريم فعجزوا.
3) وجه الإعجاز:
لقد أخبر القرآن الكريم عن عمليتي اهتزاز التربة وربوها بعد نزول المطر عليها، وهما عمليتان دقيقتان غير مشاهدتين، ولا محسوستين، ولا يمكن إدراكهما إلا من خلال استخدام المجهر؛ وقد جاء العلم حديثًا وأثبت حدوث اهتزاز التربة وزيادة حجمها بعد نزول المطر عليها؛ حيث تؤدي الشحنات الكهربائية التي تحملها حبيبات التربة إلى اهتزازها، وقد لاحظ العالم روبرت براون هذه الحركة، وأطلق عليها اسم الحركة البراونية، وهذا الاهتزاز يمكن الماء من التخلل بين الصفائح المكونة للتربة والفراغات بين الحبيبات؛ مما يؤدي إلى زيادة حجم الحبيبات التي تصبح مخازن للماء يستفيد منها النبات؛ حيث تتشرب البذور الموجودة في التربة الماء.
وتفاصيل هذه العلاقة بين اهتزاز الأرض وربوها وإنبات النبات وبين سقوط المطر لم يدركها الإنسان إلا بعد تقدم علم التربة، وتطور أدواته المعملية في العصر الحديث، وهذا يدل على إعجاز القرآن الكريم، وأن منزِّلَه هو من يعلم السر وأخفى سبحانه وتعالى.
(*) منتدى: اللادينيين العرب www.ladeenyon.net.
[1]. من آيات الإعجاز العلمي: النبات في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ص220: 222.
[2]. من أوجه الإعجاز العلمي للقرآن الكريم في عالم النبات، د. قطب عامر فرغلي، هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، مكة المكرمة، ط1، 1417هـ، ص13: 21.
[3]. من آيات الإعجاز العلمي: النبات في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ص223، 224 بتصرف.
[4]. )اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ( .. رؤية علمية جديدة، د. نظمي خليل أبو العطا موسى، بحث منشور بموقع: موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة www.quran-m.com.
[5]. القاموس المحيط، مادة: همد.
[6]. المعجم الوسيط، مادة: هزز.
[7]. المعجم الوسيط، مادة: ربو.
[8]. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، مرجع سابق، ج3، ص208.
[9]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، مرجع سابق، ج12، ص13.
[10]. في ظلال القرآن، سيد قطب، مرجع سابق، ج4، ص2411.
click
read dating site for married people
husbands who cheat
open my boyfriend cheated on me with a guy
go
online how long for viagra to work
read here
website why women cheat on men