دعوى خطأ القرآن في وصف القلب بأنه يعقل (*)
مضمون الشبهة:
يقول الله سبحانه وتعالى: )أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور (46)( (الحج)، ويقول الله تعالى أيضًا: )ولقد ذرأنا لجهنم كثيرًا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون (179)((الأعراف).
لقد خطّأ بعض الطاعنين أمثال هذه الآيات التي تصف القلب بأنه يعقل، وزعموا أن القرآن يتناقض مع العلم تناقضًا واضحًا، وقالوا: إن القلب ما هو إلا مضخة للدم، وليس أداة للتفكير أو التعقل.
وجه إبطال الشبهة:
لقد أكدت الحقائق الطبية حديثًا أن القلب ليس مجرد مضخة للدم، وإنما هو عضو حيوي وفعال بشكل هائل، وله علاقة وطيدة بشعور الإنسان وعاطفته وحدسه وتفكيره، وبذلك تتطابق الحقائق الطبية مع القرآن الكريم وأقوال المفسرين وعلماء المسلمين تمام المطابقة، فأي إعجاز هذا؟!
التفصيل:
1) الحقائق العلمية:
· علاقة القلب بالمخ والدماغ بشكل عام:
لقد أثبتت أحدث دراسات القلب أنه عضو حيوي وفعال في جسم الإنسان، وأنه يعمل على تواصل دائم مع مخه عبر (000,40) خلية عصبية تم اكتشافها مؤخرًا فيه وفي الغشاء البريتوني (Peritoneum) المحيط به والمعروف باسم (الصفاق)([1])، وأنه يفرز كما من الهرمونات إلى تيار الدم الذي يضخه إلى مختلف أجزاء الجسم وأولها المخ، كذلك ثبت أن المخطط الكهربائي للقلب هو أكبر بمئة ضعف من المخطط الكهربائي للمخ.
وفي كل نبضة ينبضها القلب يولد طاقة مغناطيسية تفوق الطاقة المغناطيسية للمخ بخمسة آلاف ضعف، وبها يتواصل مع المخ ومع باقي أجزاء الجسم؛ فالقلب يتحدث مع المخ، وينسق معه جميع أنشطته، فكما ينشط المخ بمراكز ذاكرته وحسه بواسطة التغذية الراجعة عبر كل من الشبكات العصبية والدموية، فكذلك القلب الذي يعمل جهازًا لتخزين المعلومات عن طريق التغذية الراجعة عبر كل من الأعصاب والدم كما أثبت الدكتور "بول بيرسال" في مؤلفه المعنون: (شفيرة القلب)([2]).
وقد توصل العلماء إلى أن القلب يخلق قبل الدماغ في الجنين، ويبدأ القلب بالنبض منذ تشكله وحتى موت الإنسان، ومع أن العلماء يعتقدون أن الدماغ هو الذي ينظم نبضات القلب، إلا أنهم لاحظوا شيئًا غريبًا وذلك أثناء عمليات زرع القلب ؛ فقد رأوا أنهم عندما يضعون القلب الجديد في صدر المريض يبدأ بالنبض على الفور دون أن ينتظر الدماغ حتى يعطيه أمرًا بالنبض، وهذا يشير إلى استقلال عمل القلب عن الدماغ، بل إن بعض الباحثين اليوم يعتقد أن القلب هو الذي يوجه الدماغ في عمله([3]).
وقد ثبت بالملاحظات الدقيقة أن القلب هو أكثر أجزاء الجسم تعقيدًا وأكثرها دقة وغموضًا، وأنه يتحكم في المخ أكثر من تحكم المخ فيه، ويرسل إليه من المعلومات أضعاف ما يتلقى منه في علاقة عجيبة بدأت الدراسات الطبية في الكشف عنها، ويشبهها أطباء القلب بجهاز إرسال إذاعي بين القلب والمخ يعمل بواسطة عدد من الحقول المغناطيسية التي يصدر أقواها من القلب إلى المخ فيسبق القلب المخ في ردّات فعله([4]).
ومما يؤكد هذا التأثير المتبادل بين القلب والدماغ ما قاله الدكتور أحمد كنعان؛ فقد أوضح أن أحد العلماء الذين يعملون على نظرية الطاقة القلبية في جامعة أريزونا قد أجرى بحثا على (300 شخص) تعرضوا لزراعة القلب، ووجد أن الطاقة والمعلومات تتفاعل تبادليًّامابينالقلبوالمخبصورةكهرومغناطيسية، فيتلقى مخ الشخص الذي زرع فيه القلب إشارات كهرومغناطيسيةمنالقلبالمزروع تختلف عنالإشارات التي كان يتلقاها منالقلبالأصلي، وقد تحدث العلماء لفترة طويلة عن استجابة القلب للإشارات القادمة منالمخ، ولكنهم في السنوات الأخيرة اكتشفوا أن هذه العلاقة ثنائية الاتجاه، وأنكليهما يؤثر في الآخر، وذكر الباحثون أربع وسائل يؤثر القلب بها على المخ:
1. عصبيًّا من خلال النبضات العصبية.
2. كيميائيًّا بواسطة الهرمونات والناقلاتالعصبية.
3. فيزيائيًّا بموجات الضغط التي تنتج عن تدفقالدم إلى الدماغ.
4. بواسطة المجال الكهرومغناطيسي للقلب، وهوأقوى كهربائيًّا ( 60 مرة ) من المجال الكهربائي للمخ، وأقوى مغناطيسيًّا خمسة آلاف مرةمن المجال المغناطيسي للمخ([5]).
ولقد جاءت النتائج لتعلن أن ما توصلوا إليه يوضح أن الذاكرة لا تقتصر على الدماغ فحسب، بل إنها تتوزع على الجسم، وإن للقلب الحصة الكبرى منها؛ فلقد تم إجراء بحوث على عدد كبير من الناس لمعرفة علاقة ومدى استجابة القلب والدماغ ـ كلٌّ على انفراد لما يرى الإنسان من حوله ويسمع ـ فتبيّن أن القلب أسرع تأثيرًا من الدماغ، وأن الإشارات الكهربائية التي يرسلها القلب أقوى من تلك التي يرسلها الدماغ بمئة ضعف، وأنهما يتبادلان التأثير الكهرطيسي بينهما، وأن القلب يرسل للدماغ إشارات تجعله يتخذ قرارًا ما ليرسل أوامره للجسم باتخاذ سلوك ما. فعندما عرضت صور على المتبرعين للاختبار من مختلف التأثيرات العاطفية كمناظر الذعر والموت والقتل والصداقة والرومانسية، جاءت استجابة القلب أسرع من الدماغ بكثير، وأن الدماغ يأخذ قناعاته من تلك الإشارات التي يرسلها له القلب والمتعلقة برد فعله على تلك المناظر، فصعق العلماء لذلك لأن هذا يعني ببساطة تغييرًا جذريًّا لما كان سائدًا من الاعتقاد بأن العقل هو رأس كل سلوك وذاكرة وعاطفة وتصرف وقناعة.
وبعد استمرار التجارب تبين لهم أن القلب يتأثر بالبيئة ويفكر ويرسل للدماغ رسائله ليحللها ويأمر الجسم بتطبيقها؛ أي إن القلب مع الدماغ يمثلان الجهاز التشريعي بينما بقية الأعضاء تمثل الجهاز التنفيذي.
يقول أحد الباحثين: لو كنا قد توصلنا إلى كل تلك الإنجازات العلمية باستخدام الدماغ وحده دون القلب، فعلينا إعادة النظر بتفكيرنا في كل ما حولنا باستخدام القلب الذي له نمط تفكير مختلف تمامًا عن طريقة التفكير التقليدية للدماغ.
وعندما تنقل قلبًا، يمكن أن يسترجع المتلقي الذي خضع للعملية بعضًا من ذكريات الواهب، وحسب ما ذكره البروفيسور "بول بيرسال" تتغير نفسية المتلقي بنسبة 5 إلى 10%، وتخلص العديد من التحاليل الطبية التي أوردتها بحوث كثيرة في هذا المجال إلى أن القلب دماغ صغير، وهو أيضًا يضم عدة خلايا عصبية تمتلك ذاكرة قصيرة وطويلة الأمد، كما أنه يرسل معلومات إلى الدماغ أكثر مما يرسلها إليه هذا الأخير([6]).
تظهر هذه الصورة الخلايا العصبية داخل القلب، وهي خلايا معقدة جدًّا لم يعرف العلماء
حتى الآن طريقة عملها
وللتأكيد على هذه العلاقة المتبادلة بين القلب والدماغ نذكر بعض الشواهد:
فالمعالـِجة النفسية "Linda Marks" تقول ـ بعد عملها لمدة عشرين عامًا في مركز القلب ـ : كان الناس يواجهونني بسؤال: ماذا تعملين في هذا المركز وأنت تعلمين أن القلب مجرد مضخة للدم ليس له علاقة بالحالة النفسية للإنسان؟ وكنت أجيب بأنني أحس بالتغيير الذي يحصل في نفسية المريض قبل عملية زرع القلب وبعدها، وأحس بتغير عاطفته، ولكن ليس لدي الدليل العلمي إلا ما أراه أمامي. ولكن منذ التسعينيات تعرفت على إحدى المهتمات بهذا الموضوع، وهي ليندا راسك التي تمكنت من تسجيل علاقة بين الترددات الكهرطيسية التي يبثها القلب والترددات الكهرطيسية التي يبثها الدماغ، وكيف يمكن للمجال الكهرطيسي للقلب أن يؤثر في المجال المغناطيسي لدماغ الشخص المقابل!
أما البروفيسور "Gary Schwartz" اختصاصي الطب النفسي في جامعة أريزونا، والدكتورة "Linda Russek" فيعتقدان أن للقلب طاقة خاصة بواسطتها يتم تخزين المعلومات ومعالجتها أيضًا؛ ومن ثم فإن الذاكرة ليست فقط في الدماغ، بل قد يكون القلب محركًا لها ومشرفًاعليها. وقد قام الأطباء ببحث ضم أكثر من 300 حالة زراعة قلب، ووُجد أن جميعها قدحدث لها تغيرات نفسية جذرية بعد العملية.
ويقول الدكتور "Schwartz": قمنا بزرع قلب لطفل من طفل آخر أمه طبيبة،وقد توفي وقررت أمه التبرع بقلبه، ثم قامت بمراقبة حالة الزرع جيدًا، وتقول هذه الأم: "إنني أحس دائما بأن ولدي ما زال على قيد الحياة، فعندما أقترب من هذا الطفل (الذي يحمل قلب ولدها) أحس بدقات قلبه، وعندما عانقني أحسست بأنه طفلي تمامًا، إن قلب هذا الطفل يحوي معظم طفلي"!
والذي أكد هذا الإحساس أن هذا الطفل بدأ يظهر عليه خلل في الجهة اليسرى، وبعد ذلك تبين أن الطفل المتوفى صاحب القلب الأصلي كان يعاني من خلل في الجانب الأيسر من الدماغ يعيق حركته، وبعد أن تم زرع هذا القلب تبين بعد فترة أن الدماغ بدأ يصيبه خلل في الجانب الأيسر تمامًا كحالة الطفل الميت صاحب القلب الأصلي.
وتفسير ذلك أن القلب هو الذي يشرف على عمل الدماغ، والخلل الذي أصاب دماغالطفل المتوفى كان سببه القلب، وبعد زرع هذا القلب لطفل آخر، بدأ القلب يمارس نشاطهعلى الدماغ وطور هذا الخلل في دماغ ذلك الطفل.
تقول الدكتورة "ليندا": من الحالات المثيرة أيضًا أنه تم زرع قلب لفتاة كانت تعاني من اعتلال في عضلة القلب، ولكنها أصبحت كل يوم تحس وكأن شيئًا يصطدم بصدرها فتشكو لطبيبها هذه الحالة فيقول لها: هذا بسبب تأثير الأدوية، ولكن تبين فيما بعد أن صاحبة القلب الأصلي صدمتها سيارة في صدرها، وأن آخر كلمات نطقت بها أنها تحس بألم الصدمة في صدرها([7]).
· علاقة القلب بالإدراك والفهم والتفكير وتخزين الكلمات:
أجرى معهد رياضيات القلب العديد من التجارب، أثبت من خلالها أن القلب يبث ترددات كهرطيسية تؤثر على الدماغ وتوجهه في عمله، وأنه من الممكن أن يؤثر القلب على عملية الإدراك والفهم لدى الإنسان، كما وجدوا أن القلب يبث مجالًا كهربائيًّا هو الأقوى بين أعضاء الجسم؛ لذلك من المحتمل أن يسيطر على عمل الجسم بالكامل.
كما وجدوا أن دقات القلب تؤثر على الموجات التي يبثها الدماغ (موجات ألفا)، فكلما زاد عدد دقات القلب زادت الترددات التي يبثها الدماغ.
وفي بحث أجراه الباحثان "Rollin MCCraty"و "Mike Atkinson"، وتم عرضه في اللقاء السنويللمجتمع البافلوفي عام 1999م، ثبت أن هناك علاقة بين القلب وعملية الإدراك، وقد أثبت الباحثان هذه العلاقة من خلال قياس النشاط الكهرطيسي للقلب والدماغ أثناء عملية الفهم؛ أي عندما يحاول الإنسان فهم ظاهرة ما، فوجدوا أن عملية الإدراك تتناسب مع أداء القلب، وكلما كان أداء القلب أقل كان الإدراك أقل([8]).
مقطع من الخلايا العصبية للقلب
· علاقة القلب بالعاطفة والشعور والانفعال:
أكدت الدراسات الحديثة على أن القلب لا يقتصر دوره على ضخ الدم، بل له علاقة ـ كما سبق أن ذكرنا ـ بالإدراك والفهم والتفكير وتخزين الذكريات، كما أن له علاقة بالعاطفة والشعور والانفعال؛ فقد أوضح أطباء القلب بجامعة بيل الأمريكية ومعهد هارتمان بولاية كاليفورنيا بأن القلب جهاز فائق التعقيد, وأن من صور هذا التعقيد وجود جهاز عصبي معقد بالقلب يشبه المختمامًا، له ذاكرة قصيرة وطويلة الأمد.
وقد اتضح ذلك بجلاء عند نقل قلب من إنسان إلىإنسان آخر، فيأخذ القلب المنقول معه من الذكريات والمواهب والعواطف، والمشاعر,والهوايات, والسجايا والتفصيلات الخاصة بالشخص الذي أخذ منه القلب, والتي تبدو غريبة كل الغرابة عن صفات الشخص الذي تم نقل القلب إليه([9]).
وقد أشارت الدراسات إلى أن المرضى الذين استبدلت قلوبهم بقلوب اصطناعية، فقدوا الإحساس والعواطف والقدرة على الحب؛ ففي 11/ 8/ 2007م نشرت جريدة Washington Postتحقيقًا صحفيًّا حول رجل اسمهPeter Houghton، وقد أجريت له عملية زرع قلب اصطناعي، يقول هذا المريض: "إن مشاعري تغيرت بالكامل، فلم أعد أعرف كيف أشعر أو أحب، حتى أحفادي لا أحس بهم ولا أعرف كيف أتعامل معهم، وعندما يقتربون منيلا أحس أنهم جزء من حياتي كما كنت من قبل".
لقد أصبح هذا الرجل غير مبال بأيشيء، لا يهتم بالمال، لا يهتم بالحياة، لا يعرف لماذا يعيش، بل إنه يفكر أحيانًا في الانتحار والتخلص من هذا القلب المشئوم! لم يعد هذا الإنسان قادرًا على فهم العالم من حوله، لقد فقد القدرة على الفهم أو التمييز أو المقارنة، كذلك فقد القدرة على التنبؤ، أو التفكير في المستقبل أو ما نسميه الحدس، حتى إنه فقد الإيمان بالله، ولميعد يبالي بالآخرة كما كان من قبل!
وحتى هذه اللحظة لم يستطع الأطباء تفسيرهذه الظاهرة، لماذا حدث هذا التحول النفسي الكبير، وما علاقة القلب بنفس الإنسان ومشاعره وتفكيره؟ يقول البروفيسور "Arthur Caplan" رئيس قسم الأخلاق الطبية في جامعةبنسلفانيا: "إن العلماء لم يعطوا اهتمامًا لهذه الظاهرة، بل إننا لم ندرس علاقة العاطفة والنفس بأعضاء الجسم، ولكننا نتعامل مع الجسم وكأنه مجرد آلة"([10]).
2) التطابق بين الحقائق العلمية وما أشار إليه القرآن الكريم:
لقد ادّعى بعض المغرضين أن القرآن قد أخطأ عندما وصف القلب بأنه يعقل في قوله تعالى:)أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور (46)( (الحج)، ولكن هؤلاء الطاعنون كانوا في غفلة عن تلك الحقيقة القرآنية التي اكتشفها العلم مؤخرًا، وهي أن القلب عضو حيوي وفعال ومسئول بشكل كبير في الجسم البشري؛ فلا يقتصر دوره على ضخ الدم إلى جميع أجزاء الجسم ليبعث فيها الحياة، وإنما له علاقة أيضًا بالمخ وبالدماغ ككل، كما أن له علاقة بالتفكير والفهم والإدراك والشعور والعاطفة والانفعال، بل إن العلماء قرّروا أن القلب دماغ صغير، وهو يضم عدة خلايا عصبية تمتلك ذاكرة قصيرة وطويلة الأمد، كما أنه يرسل معلومات إلى الدماغ أكثر مما يرسلها إليه الأخير، ومن أجل كل ذلك فليس بمستغرب بعد ذلك أن يقول القرآن:)فتكون لهم قلوب يعقلون بها((الحج:46).
وإذا كان العلماء والأطباء لم يتفقوا جميعًا على تحديد محل العقل فإن هذا لا ينفي اتفاقهم على أن القلب له علاقة بالفهم والإدراك والتفكير والشعور والانفعال والعاطفة، وكلها أمور تحتاج إلى تعقل وبصيرة كما أشار القرآن.
وقد أجمع المفسرون وعلماء الإسلام ـ مثل الأطباء ـ على أهمية القلب كعضو فعال وحيوي في جسم الإنسان، وأنه قد نال ـ لعظمة دوره ـ تشريف القرآن عندما نسب إليه التعقل في قوله تعالى: )فتكون لهم قلوب يعقلون بها((الحج:46)، لكن المفسرين وعلماء الإسلام قد اختلفوا في ماهية العقل ومحله من جسم الإنسان، فهناك من علماء التفسير من يذهب إلى أن محل العقل هو الدماغ، ولكن أغلبهم قد ذهب إلى أن العقل محله القلب.
فالقرطبي يقول في تفسيره لقوله تعالى: )فتكون لهم قلوب يعقلون بها((الحج:46): "أضاف العقل إلى القلب؛ لأنه محله كما أن السمع محله الأذن، وقد قيل: إن العقل محله الدماغ، وروي عن أبي حنيفة، وما أراها عنه صحيحة"([11]).
ويقول الرازي في تفسيره لقوله تعالى: )فتكون لهم قلوب يعقلون بها( (الحج:46): "فيه دلالة على أن القلب آلة هذا التعقل، فوجب جعل القلب محلًا للتعقل"([12]).
ويقول السمرقندي في قوله تعالى: )ولكن تعمى القلوب التي في الصدور (46)((الحج): "يعني: العقول التي في الصدور"([13]).
ويقول الماوردي في قوله تعالى: )فتكون لهم قلوب يعقلون بها((الحج:46): "يدل على أمرين: على أن العقل علم، ويدل على أنه محله القلب"([14]).
ويقول الثعالبي في قوله تعالى: )فتكون لهم قلوب يعقلون بها( (الحج:46): "هذه الآية تقتضي أن العقل في القلب وذلك هو الحق، ولا ينكر أن للدماغ اتصالًا بالقلب يوجب فساد العقل متى اختل الدماغ"([15]).
ويقول الشوكاني في تفسير الآية السابقة: "وأسند التعقل إلى القلوب؛ لأنها محل القلب"([16]).
ويقول صديق حسن القنوجي في تفسير الآية السابقة: "وأسند التعقل إلى القلوب؛ لأنها محل العقل كما أن الآذان محل السمع"([17]).
أما عن ماهية العقل عند العلماء المسلمين فقد أفاض علماء المسلمين في الحديث عنها ولا نريد الإطالة بعرض أقوالهم؛ فهي "تفيد في مجملها ـ كما يقول الشيخ سليمان الخراشي ـ بأن العقل غريزة قد وهبها الله سبحانه وتعالى لمخلوقه (الإنسان) ليتميز بها من غيره من المخلوقات في إدراك عالمه الذي يحيط به، أو إن شئت فقل: هو ملكة في النفس تستعد بها للعلوم والإدراكات مستعينًا بمجموعة من الحواس التي تشكل نافذة على هذا العالم الرحيب، ومعتمدًا في أعماله على عدة ملكات وهبها الله للإنسان ليستقيم بها عمل العقل، وقد حصرها بعض العلماء في خمس ملكات، وهي: ملكة الإرادة، ملكة الإدراك، ملكة الاستنتاج، ملكة الحافظة، ملكة الذاكرة"([18]).
3) وجه الإعجاز:
لقد توصل العلم الحديث إلى الحقيقة التي سطرها القرآن منذ أكثر من ألف وأربع مئة عام، وهي علاقة القلب بالتفكير والإدراك والفهم والتدبر والعاطفة والشعور والانفعال... إلخ؛ ولهذا جاءت آيات كثيرة تؤكد هذا المعنى، كقوله تعالى:)أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها (24)( (محمد)... إلخ، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يدعي بعض المغالطين أن القرآن قد أخطأ حين نسب التعقل إلى القلب؟ وكيف يزعم هؤلاء أن القلب ما هو إلا مضخة للدماء؟!
(*) موقع: الملحدين العرب www.el7ad.com.
[1]. الصفاق: غشاء رقيق يبطِّن جدار الجسم المحيط بالجوف العام.
[2]. من آيات الإعجاز العلمي: الإنسان من الميلاد إلى البعث في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ص387، 388.
[3]. أسرار القلب والروح، عبد الدائم الكحيل، بحث منشور بموقع: المهندس عبد الدائم الكحيل www.kaheel7.com.
[4]. من آيات الإعجاز العلمي: الإنسان من الميلاد إلى البعث في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ص389.
[5]. القلب والعقل بين الطب والشريعة، أحمد كنعان، بحث منشور بموقع: www.ssfcm.org.
[6]. قلوب يعقلون بها، د. خالد العبيدي، بحث منشور بموقع: خالد العبيدي www.khalid-alubaidy.com.
[7]. أسرار القلب والروح، عبد الدائم الكحيل، بحث منشور بموقع: المهندس عبد الدائم الكحيل www.kaheel7.com.
[8]. أسرار القلب والروح، عبد الدائم الكحيل، بحث منشور بموقع: المهندس عبد الدائم الكحيل www.kaheel7.com.
[9]. من آيات الإعجاز العلمي: الإنسان من الميلاد إلى البعث في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ص388، 389.
[10]. أسرار القلب والروح، عبد الدائم الكحيل، بحث منشور بموقع: المهندس عبد الدائم الكحيل www.kaheel7.com.
[11]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، مرجع سابق، ج2، ص77.
[12] مفاتيح الغيب، الرازي، مرجع سابق، عند تفسير هذه الآية.
[13]. بحر العلوم، السمرقندي، دار الفكر العربي، بيروت، 1997م، عند تفسير هذه الآية.
[14]. النُّكت والعيون، الماوردي، تحقيق: السيد عبد المقصود عبد الرحيم، دار الكتب العلمية، بيروت، عند تفسير هذه الآية.
[15]. الجواهر الحسان في تفسير القرآن، الثعالبي، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، عند تفسير هذه الآية.
[16]. فتح القدير، الشوكاني، مرجع سابق، عند تفسير هذه الآية.
[17]. فتح البيان في مقاصد القرآن، صديق حسن القنوجي، مرجع سابق، ج4، ص482.
[18]. ماهية العقل عند العلماء، سليمان الخراشي، مقال منشور بشبكة: المنهاج الإسلامية www.webache.googzeusercontent.com.
click
read dating site for married people
click
website dating site for married people
why do wife cheat on husband
wife cheaters reasons why married men cheat