دعوى خطأ القرآن في حساب مدة الحمل والرضاعة (*)
مضمون الشبهة:
يدعي بعض المغرضين أن بالقرآن أخطاءً حسابية عديدة، لا سيما فيما يتعلَّق بمدة حمل الجنين ورضاعه؛ ففي سورة البقرة يقول الله سبحانه وتعالى: )والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين((البقرة: ٢٣٣)، وفي سورة لقمان يقول سبحانه وتعالى: )وفصاله في عامين(
(لقمان: ١٤).
أي إن رضاعة الطفل تكون أربعة وعشرين شهرًا، لكن نجد القرآن في موضع آخر يقول عن الطفل: )وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا((الأحقاف: ١٥)؛ أي إن مدة الرضاعة ليست عامين؛ لأن الحمل يكون تسعة أشهر فيبقى للرضاعة واحد وعشرون شهرًا لكي يكون المجموع ثلاثين شهرًا، فكيف يجعلها القرآن)حولين كاملين((البقرة: ٢٣٣)؟!
ويضيفون إلى ذلك أن هذه المدة ـ العامين ـ غير علمية؛ لأن الطفل يمكن أن يكفيه سنة مثلًا، وهذا أمر يعود للأطباء وليس للقرآن.
هادفين من وراء ذلك إلى نفي الحقائق العلمية في القرآن الكريم فيما يخص مسألة الحمل والرضاعة.
وجها إبطال الشبهة:
1) لا تعارض بين آيات مدة الحمل والرضاعة؛ فقد نصَّت آيتا سورة البقرة ولقمان على أن مدة الرضاعة تكون حولين كاملين، وهذا يتفق تمام الاتفاق مع قوله تعالى: )وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا((الاحقاف:15)؛ إذ إنه بإخراج العامين من الثلاثين شهرًا يتبقَّى ستة أشهر لتكون مدة الحمل، وهذه المدة هي أقل مدة ينتج عنها حمل ناجح؛ حيث أثبت الطب الحديث أن الجنين يكون قابلًا للحياة إذا وُلد بعد تمام ستة أشهر، أما إذا وُلد لأقل من ذلك فلا يستطيع الحياة في الأوضاع الطبيعية، وهذا إعجاز علمي يبيِّن أن هذا القرآن كلام الله عز وجل.
والحكمة في ذكره سبحانه وتعالى أقل مدة للحمل ـ وهي ستة أشهر دون التسعة ـ أن سياق الآية يبين مدى معاناة الأم في حمل ابنها، فإن كانت المرأة تعاني من أقل مدة للحمل ـ ستة أشهر ـ فمن باب أولى أنه لو تأخر الحمل لمدة أطول فتعبها يزداد، ومعاناتها تستمر.
2) لقد نصَّ القرآن الكريم على أن تكون المرضعة هي الأم الوالدة، وأن تستمر الرضاعة حولين كاملين؛ وفي ذلك إعجاز علمي؛ إذ أثبتت الدراسات الحديثة أن لبن الوالدة أفضل غذاء للطفل؛ فهو مناسب في تركيبه الكيميائي وصفاته الطبيعية وكمياته لحاجة الرضيع طوال فترة الرضاعة، بالإضافة إلى أنه غني بالمضادات الحيوية النوعية التي تحمي الرضيع من كثير من الأمراض، خاصة أمراض الحساسية والإسهال وغيرها.
وأما مدة الرضاعة فقد نصَّت كثير من الدراسات الطبية على أهمية استمرار الرضاعة لمدة عامين كاملين؛ وذلك لأن الجهاز الهضمي للرضيع لا يكتمل نموُّه تمامًا إلا في نهاية العامين، وتناول الطفل لبنًا صناعيًّا أو بقريًّا قبل اكتمال نموِّه يعرِّضه للإصابة بمرض السكري وغيره، أما بعد اكتمال نموه فلا ضرر على الطفل في ذلك.
التفصيل:
أولا. التوافق التام بين قوله سبحانه وتعالى: )وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا((الاحقاف:15)، وقوله سبحانه وتعالى: )وفصاله في عامين( (لقمان: ١٤):
1) الحقائق العلمية:
أكَّد علم الأجنة في القرن العشرين أن أقل مدة للحمل هي ستة أشهر قمرية ـ أي: 177 يومًا ـ من لحظة الإخصاب، وأن الجنين إذا وُلِد لستة أشهر فإنه قابل للحياة؛ لأن كافة أجهزة وأعضاء جسمه يكون خلقها قد اكتمل مع نهاية الأسبوع الثامن من لحظة الإخصاب ـ بعد 65 يومًا ـ وأن مرحلة إنشائه خلقًا آخر تبدأ من اليوم السابع والخمسين من عمر الجنين، وتستمر حتى لحظة ميلاده في فترة تتراوح ما بين ستة وتسعة أشهر قمرية ـ أي: 177 يومًا إلى 266 يومًا من لحظة الإخصاب ـ تتم خلالها عملية تحديد الملامح الشخصية للجنين([1]).
يقول الدكتور جمال محمد الزكي: أظهرت التجارب أن الجنين نادرًا ما يعيش في حالة حدوث الولادة قبل مضي (22 أسبوعًا) عقب الإخصاب، وأثبت العلم أن أقل مدة حمل هي (25 أسبوعًا + يومان)؛ أي: (25 × 7 = 175 + 2 = 177 يومًا)؛ حيث إن معظم مراكز التوليد العالمية أقرَّت بنشوء قابلية الحياة عند الأسبوع (25) من الإباضة أو الإخصاب([2]).
وينصُّ أحد القوانين في ولاية لويزيانا الأمريكية على أن:
Every child born alive more than six months after conception, is presumed to be capable of living.
وترجمة هذا: "كل طفل يولد بعد ستة أشهر من الحمل يستطيع الحياة".
ونشرت جريدة "الدايدلي ميل" ما يؤكِّد أن مدة الحمل ستة أشهر؛ فقالت:
Research has found the number of successful births between 22 and 25 weeks has more than doubled.
وترجمة هذا: "الأبحاث دلَّت على زيادة نسبة نجاح الولادة لأجنة عمرها يتراوح بين 22 و 25 أسبوعًا"([3]).
وذكر الطبيب أحمد كنعان أن أقل مدة للحمل ستة أشهر؛ فقال: "ويتفق أهل الطب والفقهاء حول أقل مدة للحمل؛ إذ تؤكد الشواهد الطبية أن الجنين الذي يُولد قبل تمام الشهر السادس لا يكون قابلًا للحياة، وإلى هذا يذهب أهل القانون أيضًا".
ويقول الطبيب عبد الله باسلامة: "فقد غيَّر الأطباء رأيهم الآن وأصبحت أقل مدة للحمل هي ستة أشهر بعد أن كانت سبعة، والواقع أنه إلى الآن لا تزال مذكورة في دائرة المعارف البريطانية أن أقل الحمل الذي يمكن أن يعيش هو 28 أسبوعًا أو 169 يومًا، ولا أعتقد أنه سوف يجيء يوم من الأيام ويكون في مقدور جنين أن يعيش خارج الرحم ويواصل الحياة ـ طبيعيًّا ـ إن هو نزل قبل هذه المدة (ستة أشهر قمرية)"([4]).
ويفسِّر لنا الدكتور "شارل رو" هذه الحقيقة قائلًا: "إن الجنين في بطن أمه يعيش في محيط مائي ويستخرج الأكسجين من هذا المحيط([5])، ولكي يستطيع الحياة خارج بطن أمه يلزم عليه أن يتنفس الهواء بدلًا من استخراجه من محيطه المائي، وذلك يعتمد على نضج رئتيه، ونضج المراكز العصبية الموجودة في النخاع الشوكي التي تتحكم بها، أما نضج الرئتين فلا يتم إلا بعد مضي ثمانية أشهر، ولكنها تستطيع أن تبدأ التنفس قبل ذلك بكثير، ذلك أن نضجها يعتمد على عنصرين أساسيين، وهما:
أ-النخاريب (ALVEOLA): وهي أكياس صغيرة موجودة في الرئتين يتم عبرها التبادل الغازي.
ب- الأوعية الشعرية (VASCULAR CAPILLARIES): وهي تحمل الدم الذي ينقل الغازات.
إن خلق النخاريب يبدأ في الشهر السادس من الحمل وينتهي في نهاية الحمل، ومن الممكن أن يمتد بعد هذه الفترة إلى السنة الأولى (أي: بعد ولادته)، أما الأوعية الشعرية فترتبط بالنخاريب ارتباطًا حميمًا خلال الشهر السادس.
وبهذا يكون الجنين قادرًا نظريًّا على الحياة خارج الرحم (إذ إنه يستطيع التنفس؛ وذلك لأن العناصر الأساسية للتنفس قد تخلَّقت)؛ لذا يجب اعتبار الشهر السادس أقل مدة الحمل التي نتوقع من بعدها أن يعيش المولود الجديد.
إن العنصر الأساسي للتنفس هو إفراز مادة السورفاكتنت (SURFACTANT) من قبل النخاريب. هذه المادة الدهنية تُمكِّن النخاريب من التمدد بشكل ثابت وتمنعها من التحطم خلال الزفير"([6]).
نرى في الرسم كيف أن التنفس يعتمد على النخاريب (الحويصلات الهوائية) والأوعية الشعرية وعلى التبادل الغازي بينهم، كما نرى أن هناك ضغوطات متفرقة قد تؤدي إلى تحطم النخاريب لولا مادة السورفاكتنت (SURFACTANT)
وإفراز مادة السورفاكتنت يبدأ ـ تحديدًا ـ من الأسبوع العشرين، ولكن كمياتها قليلة جدًّا في الأطفال الذين يولدون قبل الموعد المحدد، ولا تبلغ معدلًا مقبولًا إلا في الفترة المتأخرة من المرحلة الجنينية، فالعنصر الأهم الذي يخوِّل الأطفال الذين يولدون في فترة مبكرة من الحمل ليس هو وجود أكياس طرفية رقيقة في النهايات الرئوية (THIN TERMINAL SACS) أو أغشية النخاريب البدائية (PRIMORDIALALVEOLAR EPITHELIUM)، بقدر ما هو تطوُّر مقبول للأوعية الرئوية ووجود كمية كافية من مادة السورفاكتنت، ومن ثم فإن الأجنة التي تولد فيما بين أربعة وعشرين وستة وعشرين أسبوعًا من عملية التخصيب ـ وقبل الموعد المحدد ـ تستطيع أن تعيش إذا اخْتُصَّت برعاية فائقة.
غير أن هناك احتمالًا أن تموت الأجنة التي تولد ما بين 22 إلى 25 أسبوعًا في الطفولة المبكرة؛ لأن جهازهم التنفسي غير ناضج، أما الأجنة التي تولد بعد هذه الفترة فكثيرًا ما تعيش لأن جهازها التنفسي يستطيع أن يتنفس الهواء.
وكما نعلم فإن الشهر القمري يتألف من 6‚29 يومًا، وستة أشهر قمرية تعادل
(6 × 6‚29) = 6‚177يومًا، أو (7/ 6‚177) = 25 أسبوعًا ويومين إلى ثلاثة([7]).
2) التطابق بين الحقائق العلمية وما أشارت إليه الآية الكريمة:
في قوله سبحانه وتعالى:)وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا((الاحقاف:15)، أشار الله عز وجل إلى أن مدة حمل الجنين ورضاعه ثلاثون شهرًا؛ وذلك لأن الرضاع يكون سنتين كاملتين لمن أرادت أن تتم رضاع طفلها، والحمل تكون مدته ستة أشهر على الأقل، وبإضافة ستة أشهر إلى السنتين يكون المجموع ثلاثين شهرًا كما ذكر القرآن الكريم.
وكان الناس يعتقدون أن الجنين إذا ولد لستة أشهر لن يستطيع الحياة، إلى أن جاء القرآن ونصَّ على أن مدة الحمل قد تكون ستة أشهر، فظن بعض المتوهمين أن القرآن أخطأ في ذلك، إلى أن جاء العلم الحديث وأثبت بتجاربه الدقيقة أن الجنين إذا أكمل في بطن أمه ستة أشهر استطاع الحياة، أما دون هذه المدة فلا يستطيع الحياة غالبًا دون أمراض خطيرة، وبذلك يكون هذا سبقًا علميًّا يثبت إعجاز القرآن، وأنه من عند عليم خبير.
وحتى يتجلَّى لنا الإعجاز العلمي في هذه الآية الكريمة في صورة واضحة لا بد من توضيح دلالاتها اللغوية، وأقوال المفسرين فيها.
·من الدلالات اللغوية:
الفصال في قوله سبحانه وتعالى:)وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا((الاحقاف:15)، هو الفطام، وهما كلمتان مترادفتان لهما معنًى واحد. جاء في لسان العرب: الفصال: الفطام؛ أي: قطع الولد عن الرضاع، فصلت الشيء فانفصل: قطعته، وفصلت المرأة ولدها: أي: فطمته([8]).
ولما كان الرضاع يليه الفصال ويلائمه؛ لأنه ينتهي ويتم به، سُمِّي فصالًا.
·من أقوال المفسرين:
يقول الطاهر ابن عاشور: "ومن بديع معنى الآية )وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا((الاحقاف:15)، جمع مدة الحمل إلى الفصال في ثلاثين شهرًا لتُطابق مختلف مدد الحمل؛ إذ قد يكون الحمل ستة أشهر، وسبعة أشهر، وثمانية أشهر، وتسعة وهو الغالب، قيل: كانوا إذا كان حمل المرأة تسعة أشهر وهو الغالب أرضعت المولود واحدًا وعشرين شهرًا، وإذا كان الحمل ثمانية أشهر أرضعت اثنين وعشرين شهرًا، وإذا كان الحمل سبعة أشهر أرضعت ثلاثة وعشرين شهرًا، وإذا كان الحمل ستة أشهر أرضعت أربعة وعشرين شهرًا، وذلك أقصى أمد الإرضاع، فعوَّضوا عن نقص كل شهر من مدة الحمل شهرًا زائدًا في الإرضاع؛ لأن نقصان مدة الحمل يؤثر في الطفل هزالًا.
ومن بديع هذا الطيِّ في الآية أنها صالحة للدلالة على أن مدة الحمل قد تكون دون تسعة أشهر، ولولا أنها تكون دون تسعة أشهر لحدَّدته بتسعة أشهر؛ لأن الغرض إظهار حق الأم في البر بما تحمَّلته من مشقة الحمل، فإن مشقة مدة الحمل أشد من مشقة الإرضاع، فلولا قصد الإيماء إلى هذه الدلالة لكان التحديد بتسعة أشهر أجدر بالمقام"([9]).
وقد استدلَّ العلماء بهذه الآية مع التي في لقمان:)وفصاله في عامين((لقمان: ١٤)، على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، وهو استنباط قوي صحيح([10])، يقول القاسمي: وقد استُدلَّ بهذه الآية على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر؛ لأن مدة الرضاع سنتان، أي: مدة الرضاع الكامل في قوله: )حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة( (البقرة: ٢٣٣)، فذكر سبحانه وتعالى في هذه الآية أقل مدة الحمل وأكثر مدة الرضاع، وفي هذه الآية إشارة إلى أن حق الأم آكد من حق الأب؛ لأنها حملته بمشقة، ووضعته بمشقة، وأرضعته هذه المدة بتعب ونصب، ولم يشاركها الأب في شيء من ذلك([11]).
ويقول الشيخ الشعراوي عن قوله تعالى:)وحمله وفصاله ثلاثون شهرا((الاحقاف:15)، وقوله تعالى: )وفصاله في عامين((لقمان: ١٤) : كل آية أخذت لقطة، وبجمع الآيتين أمكننا أن نحلَّ بعض الإشكالات في مسألة مدة الحمل ومدة الرضاعة([12]).
فقد رُوي «أن عثمان بن عفان أُتي بامرأة قد ولدت في ستة أشهر فأمر بها أن تُرجَم، فقال له علي بن أبي طالب: ليس ذلك عليها إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: )وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا((الاحقاف:15)، وقال تعالى: )والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة( (البقرة:233)، فالحمل يكون ستة أشهر فلا رجم عليها...»([13]).
والحكمة من ذكر المولى عز وجل لأقل مدة للحمل في هذه الآية أنه أراد أن يبين أن الأم تعاني ألمـًا شديدًا في حمل ابنها، فلو ذكر الله تعالى أكبر مدة للحمل لكان المعنى أن من تلد قبل هذه المدة لم تعانِ الألم في حملها، لكن الله تعالى ذكر أقل مدة تحمل فيها المرأة، مبينًا أن حملها تقاسي فيه وتعاني منه، فإن كانت المرأة تعاني من أقل مدة للحمل، فمن الطبيعي والمنطقي أنه لو تأخر حملها إلى المدة الطبيعية أو إلى أي مدة أطول فتعبها يزداد، ومعاناتها تستمر([14]).
ومن المهم أن ننوِّه إلى الفائدة التي تقف وراء نص الآيات القرآنية على فترة الأشهر الستة دون الأشهر التسعة، فالحاصل أن فترة الأشهر التسعة معروفة لدى الجميع على عكس فترة الأشهر الستة التي هي أخفى مدد الحمل (6، 7، 8، 9 أشهر)، والتي لم يعرفها العرب آنذاك، والدليل على ذلك أن الصحابة تحيَّروا في أمر المرأة المتهمة بالزنا، واستلزم الأمر استشارة بعضهم بعضًا، ولم يتبيَّن الأمر إلا بعد الاعتماد على نصوص الوحي كي يعرفوا أدنى مدة حمل، فالآيات القرآنية نصَّت صراحة على الخفي من مدة الحمل، وضمنًا على الجلي منها لوضوحه، ومن خلال تلك الحوادث التي يحدثها البارئ عز وجل يظهر أمية مجتمع شبه الجزيرة العربية، وعلو أحكام القرآن الكريم على الأفكار السائدة في مجتمعهم، فيظهر الإعجاز العلمي الكامن من الآيات القرآنية وفقًا للآية:
)سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد (53)((فصلت).
كما أن هناك فائدة أخرى تستلزم تنصيص مدة الأشهر الستة، وهي: أن الآية القرآنية التي تكلمت عن الحمل والفصال جاءت في معرض المنَّة، وبيان مدى تعب الأم في حملها وإرضاعها لولدها؛ حيث يستلزم ذلك البر بها، والإحسان إليها، والشكر، كما نراه في الآية: )حملته أمه كرهًا ووضعته كرهًا( (الأحقاف: ١٥)؛ لهذا أثنى الله تعالى على من يعرف فضل الوالدين عليه، ويدعو لهما قائلًا: )حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحًا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين (15)((الأحقاف).فَتَرْك مدة الحمل الأخرى مطويَّة ضمن العقد هو لظهور المنة فيها من باب أولى، فإذا كان الشكر واجبًا على فترة الحمل الدنيا للكره الذي يرافقها، فذلك يشير إلى وجوب تأدية المزيد من الشكر للمرأة الحامل التي اعتادت مدة الحمل الطبيعية والتي يلحقها كره أكبر، وهذا يتناغم مع النهي عن أدنى العقوق في قوله تعالى:)وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولًا كريـمًا (23)( (الإسراء)؛ إذ يستلزم ذلك النهي عن ما هو أكبر من ذلك العقوق.
ولا يجب أن ننسى أن الله تعالى ذكر مدة الأشهر الستة لغرض التعميم؛ أي: تعميم أحكام الآية على كل النساء الحوامل، فذكر المدة الدنيا هو بمثابة ذكر القاسم المشترك الأصغر بين جميع مُدد الحمل، فالمدد الأخرى ـ مدة الأشهر السبعة، ومدة الأشهر الثمانية، ومدة الأشهر التسعة ـ تتألف كلها من مدة الأشهر الستة مع زيادة المتبقي من الأشهر على المدة المعتبرة، ولو ذكرت الآية مدة الحمل القصوى لأسقطت باقي المدد، ولاقتصر واجب الشكر على المرأة التي تلد في المدة الطبيعية.
وبهذا الأسلوب كانت الآية عامة، شاملة، تتضمَّن إعجازًا علميًّا فريدًا، يمتزج بحكمة الشكر بأبلغ تعبير([15]).
وإذا كان العلم الحديث قد أثبت أن الحمل يكون ستة أشهر، والطفل يعيش إذا استوفى هذه الأشهر الستة، فإنه بذلك لا خطأ في حساب القرآن؛ لأن مدة الرضاعة الباقية من الثلاثين شهرًا تكون حولين كاملين بالفعل كما بيَّن الله سبحانه وتعالى في قوله تعالى: )والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة((البقرة:233).
أما لو أثبت العلم الحديث أن الجنين لا يمكن أن يعيش إذا نزل بعد الشهر السادس ـ الذي أخبر القرآن الكريم أنه أقل مدة للحمل ـ لكان القرآن مُخطئًا في ذلك، لكن هذا لم يحدث، وكيف يحدث والقرآن من عند الله تعالى؟!
3) وجه الإعجاز:
قال الله تعالى:)وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا((الاحقاف:15)، وهذه الآية تشير إلى حقيقة علمية ثابتة، وهي أن أقل مدة حمل هي ستة أشهر؛ لأن الباقي من الثلاثين شهرًا بعد طرح أشهر الحمل الستة هو سنتان كاملتان، وهذا ما أخبر الله تعالى عنه في موضعين آخرين، حين قال ربنا: )والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة((البقرة:233)، وفي قوله: )وفصاله في عامين((لقمان:14).
وهذه الحقيقة الجنينية الدقيقة لم يستطع الإنسان التأكد منها إلا في هذا العصر بعد اختراع الأجهزة والمعدات الحديثة؛ حيث أثبت علم الأجنة أن الجنين يكون قابلًا للحياة إذا ولد بعد تمام ستة أشهر، أما إذا ولد لأقل من ذلك فلا يستطيع الحياة في الأوضاع الطبيعية.
ثانيًا. فوائد الرضاعة الطبيعية من الأم لمدة عامين:
1) الحقائق العلمية:
لقد جمع الدكتور زغلول النجار الفوائد الطبية للرضاعة الطبيعية، ولـخَّصها فيما يأتي:
oأن لبن الوالدة مناسب في تركيبه الكيميائي وصفاته الطبيعية وكمياته لحاجة الرضيع طوال فترة الرضاعة، ومن معجزات الخالق سبحانه وتعالى أن هذا التركيب الكيميائي وتلك الصفات والكميات للبن الوالدة يتغيَّر تلقائيًّا مع تغير أحوال الرضيع ووزنه، وهل هو مكتمل العمر الرحمي أو مبتسر، ومع احتياجاته الغذائية وحالته الصحية، بل مع مراحل الرضعة الواحدة من أولها إلى آخرها؛ ففي الأسبوع الأول من عمر الرضيع يحتوي لبن الوالدة على كميات أعلى من البروتينات، ومن كريات الدم البيضاء، والفيتامينات خاصة فيتامين (أ)، ومادة اللاكتوفرين المثبتة لعنصر الحديد حتى يستفيد منه الرضيع، وعلى كميات أقل من الدهون والمواد الكربوهيدراتية عن اللبن في الأسابيع التالية.
أن الدهون في لبن الأم هي دهون ثلاثية بسيطة يسهل هضمها وامتصاصها مع كميات متدرجة من الأحماض الدهنية المشبعة والزيوت الدهنية الطيارة، وكذلك الكربوهيدرات وأغلبها سكر ثنائي بسيط يُعرف باسم سكر اللبن أو اللاكتوز (
Lactose يسهل على معدة الرضيع هضمه وامتصاصه، ويُحوَّل بعضه إلى حمض اللبن (Lacticacid) في أمعاء الرضيع مما يساعد على امتصاص عنصر الكالسيوم اللازم لبناء عظامه. والأملاح في لبن الوالدة محددة بنسب يسهل امتصاصها وتمثيلها في جسد الرضيع، والفيتامينات في هذا اللبن الفطري كافية لتلبية كل احتياجات الرضيع طوال الشهور الستة الأولى من عمره، وفيه من الخمائر الهاضمة ما يعين معدته على امتصاص ما في الرضعة من مركبات كيميائية.
أن لبن الوالدة معقم تعقيمًا ربانيًّا؛ ولذلك فهو خالٍ تمامًا من الميكروبات والفيروسات ومن غيرها من مسببات الأمراض، هذا بالإضافة إلى أن هذا اللبن الفطري جاهز للرضيع في كل زمان ومكان، وطازج دائمًا، والوجود في درجة حرارة توائم المناخ المحيط به صيفًا وشتاءً.
في لبن الوالدة من المضادات الحيوية النوعية، ومن مقويات جهاز المناعة ما يحمي الرضيع من كثير من الأمراض خاصة أمراض الحساسية (التحسس) والإسهال، والنزيف المعوي، والمغص، وغيرها، وعلى ذلك فهو أفضل غذاء للوليد حتى تمام السنتين من عمره وإن كان بإمكان الأم إضافة قدر ملائم من الطعام المناسب ابتداءً من الشهر السادس من عمر الوليد.
oأن الرضاعة الطبيعية ليست فقط مفيدة للرضيع، بل للوالدة أيضًا؛ لأن الرضاعة تساعد في تنشيط إفرازات الغدد المختلفة في جسدها مما يعين على استقرارها النفسي والجسدي، وعلى وقف نزيف ما بعد الولادة برجوع الرحم إلى حجمه الطبيعي وانطماره، هذا بالإضافة إلى أن الهرمونات المسئولة عن إدرار اللبن هي المسئولة عن تثبيط عملية التبويض (إنتاج البويضات)، حتى لا تحمل الأم وهي لا تزال ترضع لما في ذلك من أخطار صحية عليها وعلى رضيعها، كما يريحها ذلك من آلام الطمث وهي في مرحلة الإرضاع، وفوق ذلك كله لُوحظ أن الوالدات المرضعات هن أقل إصابة بالأورام السرطانية ـ خاصة في الصدر وفي المبيضين ـ عن كلٍّ من غير المرضعات، وغير الوالدات، وغير المتزوجات.
أن نشاط مخ المرضعة أثناء الرضاعة هو من الأمور المتعلقة بنشاط وظائف الأعضاء في جسدها كله؛ حيث تنبعث إشارات عصبية من الهالة الداكنة المحيطة بحلمة الثدي إلى الغدة النخامية بالمخ عن طريق العصب الحائر، فتفرز هرمون البرولاكتين Prolactin اللازم لإنتاج اللبن في الثديين عن طريق الخلايا المختصة بذلك في كل منهما، كما أن عملية الرضاعة ذاتها تنبِّه الغدة النخامية أيضًا لإفراز هرمون الأكسيتوسين (Oxytocin) المنشط لعضلات الثدي، فتبدأ في الانقباض والانبساط من أجل إفراز اللبن وتوجيهه إلى الحلمة، وعدم استخدام هذه الأجهزة التي وهبها الله تعالى لجسد المرأة قد يكون فيه من الأضرار الصحية لها ما لا يعلمه إلا الله تعالى.
أن الانعكاسات الإيجابية التي تحقِّقها عملية الرضاعة الطبيعية على نفسية كل من الرضيع والمرضعة، والتي تتجلَّى في تقوية الصلة الروحية بينهما على أساس من التعاطف والحب والحنان والارتباط الوثيق ـ هي من الأمور الفطرية التي أودعها الخالق سبحانه وتعالى في قلب كل من الوالدة والمولود، وبفقدانها يفقد كل منهما مرحلة من مراحل حياته تهبه من أسباب التوازن النفسي والعاطفي ما يجعله مخلوقًا سويًّا.
oللرضاعة في الحولين الأولين من عمر الوليد تأثير على صفاته الوراثية؛ لذلك ينبغي أن تكون مرضعة الطفل هي أمه وليس غيرها إن تيسَّر ذلك؛ حفاظًا على صفاته الوراثية.
oأثبتت الأبحاث في مجال طب الأطفال ـ كما أشار الأستاذ الدكتور مجاهد أبو المجد ـ أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين الرضاعة من منتجات الألبان الحيوانية المصنعة وغير المصنعة ـ خاصة لبن الأبقار ـ وبين انتشار مرض الداء السكري بين الأطفال الرُّضَّع، وانعدام ذلك في حالات الرضاعة الطبيعية من الوالدة، وكان تعليل ذلك أن البروتين الموجود في لبن الأبقار يؤدي إلى تكوين أجسام مناعية مضادة في دم الرُّضَّع دون العامين؛ لأن إنزيمات الهضم عندهم لا تستطيع تكسير البروتينات المعقدة في ألبان الأبقار، وأن هذه الأجسام المناعية تقوم بتدمير أعداد من الخلايا المهمة في بنكرياس الرضيع؛ مثل الخلايا التي تقوم بإفراز مادة الأنسولين.
ولكن بعد تجاوز العام الثاني من عمر الوليد فإن تناوله للبن الأبقار لا يسبِّب تكوُّن مثل هذه الأجسام المناعية المضادة، ويُفسَّر ذلك باكتمال نمو الغشاء المخاطي المبطن للجهاز الهضمي عند الوليد والذي لا يتم اكتماله إلا بعد عامين كاملين من عمره، فتستطيع إنزيمات الهضم عنده تكسير البروتينات المعقَّدة في ألبان الحيوانات، فلا تتكوَّن أجسام مناعية مضادة لها.
oكذلك أثبتت الدراسات العلمية أخيرًا أن ألبان الأنعام ـ خاصة ألبان الأبقار ـ تحتوي على عدد من الأحماض الأمينية تزيد بثلاثة إلى أربعة أمثال عمَّا في لبن الأم، مما قد يؤدي إلى ارتفاع نسبة تلك الأحماض في دم الرضيع فيعرِّضه للإصابة ببعض الإعاقات الذهنية، ويؤدي إلى رفع نسب وفيات الرُّضَّع الذين يتغذُّون أساسًا على الألبان الحيوانية غير المصنعة والمصنعة([16]).
· مدة الرضاعة الكافية للطفل:
أقرَّت مؤخرًا منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونسيف أن الرضاعة الطبيعية يجب أن تستمر لعامين اثنين، وأصدرت دعوتها للأمهات في العالم أجمع أن يتبعن تلك التوجيهات، كما دعا مقال نُشر في إحدى المجلات الأمريكية (PediatricClinicsofNorthAmerica) في عدد شهر فبراير 2001م ـ دعا النساء في أمريكا إلى اتباع توصيات الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، والتي تدعو إلى الاستمرار في الرضاعة الطبيعية لمدة 12 شهرًا على الأقل، وأن الأَوْلى من ذلك اتباع توصيات منظمة الصحة العالمية بالرضاعة لحولين كاملين([17]).
وكتب الدكتور مجاهد محمد أبو المجد بحثًا وافيًا بيَّن فيه فوائد الرضاعة لمدة عامين، فقال: ذكر كتاب (نلسون) ـ وهو أحد المراجع المشهورة في طب الأطفال ـ في طبعته عام 1994م: أن الأبحاث الحديثة أظهرت وجود علاقة ارتباطية قوية بين عدد ومدة الرضاعة من ثدي الأم، وبين ظهور مرض السكري من النوع الأول في عدد من الدراسات على الأطفال في كل من النرويج والسويد والدنمارك، وعلَّل الباحثون ذلك بأن لبن الأم يمدُّ الطفل بحماية ضد عوامل بيئية تؤدي إلى تدمير خلايا بيتا البنكرياسية في الأطفال الذين لديهم استعداد وراثي لذلك، وأن مُكوَّن الألبان الصناعية وأطعمة الرضع تحتوي على مواد كيميائية سامة لخلايا بيتا البنكرياسية، وأن ألبان البقر تحتوي على بروتينات يمكن أن تكون ضارة لهذه الخلايا، كما لوحظ أيضـًا في بعض البلدان الأخرى أن مدة الرضاعة من الثدي تتناسب عكسيـًّا مع حدوث مرض السكري؛ لذلك ينصح الباحثون الآن بإطالة مدة الرضاعة من ثدي الأم للوقاية من هذا المرض الخطير، وللحفاظ على صحة الأطفال في المستقبل، وبناءً على الحقائق برزت في السنوات الأخيرة نظرية مفادها أن بروتين لبن البقر يمكن أن يحدث تفاعلًا حيويًّـا مناعيًّـا يؤدي إلى تحطيم خلايا بيتا البنكرياسية التي تفرز الأنسولين، ويعضِّد هذه النظرية وجود أجسام مضادة بنسب مرتفعة لبروتين لبن البقر في مصل الأطفال المصابين بداء السكري بالمقارنة مع الأطفال غير المصابين بالمرض كمجموعة مقارنة.
وفي دراسة حديثة منشورة في مجلة السكري([18]) ـ في يناير 1998م ـ استخلص الباحثون أن البروتين الموجود في لبن الأبقار يعتبر عاملًا مستقلًّا في إصابة بعض الأطفال بمرض السكري بغض النظر عن الاستعداد الوراثي.
وفي دراسة حديثة منشورة في فبراير 1998م في جريدة المناعة أشار المؤلفون إلى أن تناول لبن الأبقار وبعض الألبان الصناعية بديلًا للبن الأم يؤدي إلى زيادة نسبة الإصابة بمرض السكري في هؤلاء الأطفال، وقد أُجريت هذه الدراسة على أطفال صغار السن حتى الشهر التاسع من العمر، ولهذا نصح المؤلفون بإطالة مدة الرضاعة الطبيعية.
وفي دراسة مشابهة منشورة في مجلة السكري ـ في يناير 1994م ـ أوضح الباحثون وجود ارتباط قوي بين تناول منتجات الألبان الصناعية (خاصة لبن الأبقار) في السن المبكرة حتى العام الأول من العمر وازدياد نسبة الإصابة بمرض السكري.
وفي دراسة أُجريت ـ بقسم الباطنية سنة 1995م ـ تحت إشرافي ـ والكلام للدكتور مجاهد محمد أبو المجد ـ اكتشفنا أن الأجسام المناعية المضادة للبن الأبقار وُجدت في مصل الأطفال الذين تناولوا لبن الأبقار حتى نهاية العام الثاني، أما الأطفال الذين تناولوا لبن الأبقار بعد عامين من العمر، فلم يتضح فيهم وجود هذه الأجسام المناعية.
لكن لماذا يسبب لبن الأبقار هذا الضرر قبل العام الثاني، بينما يزول بعد هذه المدة؟
في دراسة أجريت بفنلندا عام 1994م منشورة في مجلة المناعة الذاتية([19]) يقول المؤلفون: إن بروتين لبن الأبقار يمرُّ بحالته الطبيعية من الغشاء المبطن للجهاز الهضمي نتيجة عدم اكتمال نمو هذا الغشاء من خلال ممرات موجودة فيه، حيث إن إنزيمات الجهاز الهضمي لا تستطيع تكسير البروتين إلى أحماض أمينية، ولذلك يدخل بروتين لبن الأبقار كبروتين مركَّب؛ مما يحفِّز على تكوين أجسام مناعية داخل جسم الطفل. وتشير المراجع الحديثة إلى أن الإنزيمات والغشاء المبطن للجهاز الهضمي وحركية هذا الجهاز وديناميكية الهضم والامتصاص لا يكتمل عملها بصورة طبيعية في الأشهر الأولى بعد الولادة، وتكتمل تدريجيـًّا حتى نهاية العام الثاني.
مقطع طولي في الأمعاء الدقيقة؛ حيث يمتص لبن الأبقار كما هو من جدار أمعاء الطفل قبل اكتمال نموه خلال العامين الأولين من عمره، ونرى فيه ممرات يمر من خلالها لبن الأبقار بحالته الطبيعية
ومجموع هذه الأبحاث يشير إلى أنه كلما اقتربت مدة الرضاعة الطبيعية من عامين قلَّ تركيز الأجسام المناعية الضارة بخلايا بيتا البنكرياسية التي تفرز الأنسولين، وكلما بدأت الرضاعة البديلة، وخاصة بلبن الأبقار في فترة مبكرة بعد الولادة ،ازداد تركيز الأجسام المناعية الضارة في مصل الأطفال([20]).
ويؤكِّد كريم نجيب الأغر أهمية استمرار الرضاعة لمدة عامين كاملين، فيقول: "إن الجهاز الهضمي للرضيع يكتمل نموه تدريجيًّا حتى نهاية العامين، ويمكن للولد بعد ذلك أن يعتمد في غذائه على المصادر غير الإنسانية دون أي خطر على صحته، أما إذا تناول الطفل لبنًا صناعيًّا أو لبنًا بقريًّا قبل انتهاء هذه المدة فهو مُعرَّض لأن يصاب بمرض السكري أو أمراض الحساسية.
أضف إلى ذلك أن المخ والجهاز العصبي يمرَّان بتغيرات سريعة خلال سنوات الطفولة الأولى، والدهن مُكوِّن مهم من مكونات الجهاز العصبي، واللاكتوز ضروري لبناء دهن اللبن (GALACTOLIPIDIS) في المخ النامي، ولبن الإنسان يختلف عن ألبان غالبية الثدييات الأخرى في أن تركيز اللاكتوز به أعلى، وبالتالي فإن تناول لبن الأبقار والحيوانات الأخرى الذي يحتوي على كمية منخفضة من اللاكتوز بالنسبة إلى لبن الأم قد يكون له أثر سلبي على صحة الطفل، وعليه فإن مدَّ فترة الرضاعة من الأم إلى سنتين هو لصالح عقل الطفل وجهازه العصبي على وجه الخصوص، ولسائر أعضائه على وجه العموم"([21]).
2) التطابق بين الحقائق العلمية وما أشارت إليه الآية الكريمة:
أشار القرآن الكريم إلى أفضلية الرضاعة الطبيعية من الأم لمدة عامين كاملين، وذلك في قوله تعالى: )والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالًا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير (233)((البقرة)، وأكَّد على أولوية أن تكون الرضاعة من الأم نفسها، فقال سبحانه وتعالى: )فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأْتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى (6)( (الطلاق)، ثم يؤكد على أن تكون مدة الرضاعة عامين، فيقول: )وفصاله في عامين(، بالإضافة إلى قوله تعالى: )وحمله وفصاله ثلاثون شهْرًا((الاحقاف:15)، وقد سبق تفصيلها.
· من أقوال المفسرين:
ذهب جميع المفسرين إلى أن الرضاعة التامة هي حولان، ومن الطبيعي أن يكون التمام هو الأفضل والأَوْلى بالاتباع، وأن هذا الرضاع يكون من الأم الوالدة، فإن تعسَّر ذلك كانت مرضعة أخرى غيرها.
يقول ابن كثير في تفسيره لهذه الآية الكريمة: "هذا إرشاد من الله تعالى للوالدات أن يرضعن أولادهن كمال الرضاعة، وهي سنتان، فلا اعتبار بالرضاعة بعد ذلك؛ ولهذا قال:)لمن أراد أن يتم الرضاعة("[22].
ويقول سيد قطب: "إن على الوالدة المطلقة واجبًا تجاه طفلها الرضيع، واجبًا يفرضه الله عليها ولا يتركها فيه لفطرتها وعاطفتها التي قد تفسدها الخلافات الزوجية، فيقع الغرم على هذا الصغير. إذًا يكفله الله ويفرض له في عنق أمه، فالله أَوْلى بالناس من أنفسهم، وأبرُّ منهم وأرحم من والديهم، والله يفرض للمولود على أمه أن ترضعه حولين كاملين؛ لأنه سبحانه يعلم أن هذه الفترة هي المثلى من جميع الوجوه الصحية والنفسية للطفل )لمن أراد أن يتم الرضاعة((البقرة:233)، وتثبت البحوث الصحية والنفسية اليوم أن فترة عامين ضرورية لينمو الطفل نموًّا سليمًا من الوجهتين الصحية والنفسية، ولكن نعمة الله على الجماعة المسلمة لم تنتظر بهم حتى يعلموا هذا من تجاربهم، فالرصيد الإنساني من ذخيرة الطفولة لم يكن ليترك يأكله الجهل كل هذا الأمد الطويل، والله رحيم بعباده، وبخاصة بهؤلاء الصغار الضعاف المحتاجين للعطف والرعاية"([23]).
وعلَّق صاحب التحرير والتنوير على الآية، قائلًا: "وقد جعل الله الرضاع حولين؛ رعيًا لكونهما أقصى مدة يحتاج فيها الطفل للرضاع إذا عرض له ما اقتضى زيادة إرضاعه، فأما بعد الحولين فليس في نمائه ما يصلح له الرضاع بعدُ، ولما كان خلاف الأبوين في مدة الرضاع لا ينشأ إلا عن اختلاف النظر في حاجة مزاج الطفل إلى زيادة الرضاع، جعل الله القول لمن دعا إلى الزيادة، احتياطًا لحفظ الطفل.
وقد كانت الأمم في عصور قلة التجربة وانعدام الأطباء لا يهتدون إلى ما يقوم للطفل مقام الرضاع؛ لأنهم كانوا إذا فطموه أعطوه الطعام، فكانت أمزجة بعض الأطفال بحاجة إلى تطويل الرضاع؛ لعدم القدرة على هضم الطعام وهذه عوارض تختلف.
وفي عصرنا أصبح الأطباء يعتاضون لبعض الصبيان بالإرضاع الصناعي، وهم مع ذلك مجمعون على أنه لا أصلح للصبي من لبن أمه ما لم تكن بها عاهة أو كان اللبن غير مستوفي الأجزاء التي بها تمام تغذية أجزاء بدن الطفل، ولأن الإرضاع الصناعي يحتاج إلى فرط حذر في سلامة اللبن من العفونة في قوامه وإنائه"([24]).
والأمر الإلهي بالإرضاع جاء بصيغة المضارع إقرارًا لاستمرارية هذا الأمر لكل والدة أن ترضع مولودها تحقيقًا لدور الأمومة ولحقِّ مولودها عليها. ولكن في بعض الظروف الخاصة التي لا تستطيع الوالدة أن ترضع فيها وليدها صرَّح القرآن الكريم بأن ترضع له أخرى مع بقاء الأولوية في الرضاعة للأم الوالدة؛ فقال تعالى:)وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى (6)((الطلاق).
ويفهم من النص الكريم أن تمام مدة الرضاعة هو حولان كاملان (أربعة وعشرون شهرًا قمريًّا)، ولكن ترك الأمر لتقدير الوالدين؛ فقال تعالى:)فإن أرادا فصالا عن تراضٍ منهما وتشاور فلا جناح عليهما((البقرة:233)، على أن تمام الرضاعة هو عامان، وذلك في مقام آخر بقوله تعالى:)وفصاله في عامين((لقمان:14)، وذلك لتباين مدد الحمل بين ستة وتسعة أشهر قمرية (بين 177 و 266 يومًا)؛ لقوله تعالى: )وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا((الاحقاف:15). فإذا ولد الحميل لستة أشهر قمرية كان واجبًا إتمام مدة الحمل والفصال ثلاثين شهرًا قمريًّا، ولكن إذا اكتملت فترة الحمل إلى تسعة أشهر قمرية كان كافيًا لفترة الرضاعة التامة (واحد وعشرون شهرًا)، ليكمل فترتي الحمل والرضاعة إلى ثلاثين شهرًا([25]).
من هذه التفاسير يتضح أن القرآن الكريم حدَّد مدة الرضاعة بعامين اثنين في أكثر من موضع، ونصَّ على أن تكون هذه الرضاعة من الأم الوالدة، وهذا يتفق تمام الاتفاق مع الحقائق العلمية سالفة الذكر، والتي تدور حول أهمية أن تكون الرضاعة من الأم، وأن تستمر لمدة عامين كاملين؛ حيث أكدت الدراسات الطبية أن الرضاعة الطبيعية المديدة من لبن الأم تقي من العديد من الالتهابات الجرثومية والفيروسية، كما أن الرضاعة المديدة تقلِّل من حدوث سرطان الدم عند الأطفال، وكلما طالت مدة الرضاعة الطبيعية زادت قوة الوقاية من هذا النوع من السرطان.
وليس هذا فحسب، بل إن الرضاعة المديدة تقي أيضًا من سرطان آخر يصيب الجهاز الليمفاوي في الجسم ويُدعَى "ليمفوما".
وفوق هذا وذاك، فقد أكَّد البحث الذي نشرته مجلة (Pediatric Clinics OfNorth America) في شهر فبراير 2001م، أن المدارك العقلية عند الأطفال الذين رضعوا من ثدي أمهم رضاعة مديدة هي أعلى من الذين لم يرضعوا من ثدي أمهم، وأنه كلما طالت مدة الرضاعة الطبيعية زادت تلك المدارك العقلية في كل سنين الحياة([26]).
وهكذا جاءت هذه الأبحاث العلمية الحديثة لتؤكد وتبرهن على صدق وإعجاز ما أخبر به القرآن الكريم منذ أكثر من ألف وأربع مئة عام، عن تحديد مدة الرضاعة بحولين كاملين، وأن تكون الرضاعة من الأم الوالدة.
ويؤكد الدكتور "ستانوي" أهمية طول مدة الرضاعة، فيقول: قد يكفي الرضيع من الناحية الغذائية أن يرضع لمدة ثمانية أشهر في المجتمع الغربي، إلا أنه من حيث الفائدة للأم، فإن هناك كل الأسباب التي تدعو الأم لأن تستمر في الرضاع المديد حتى ولو بلغ الطفل سنًّا يستطيع فيها تناول معظم غذائه من الأطعمة الأخرى، فالتمريض المتكرر لحلمة الثدي يحرِّض الهرمونات عند الأم لتمنع نزول البويضة من المبيض إلى الرحم عند الأم لعدة شهور.
وفي هذا فإن الرضاع لا يعمل مانعًا طبيعيًّا للحمل فحسب، بل إنه يمنع التغيرات الحاصلة شهريًّا في فترة الطمث، مما يريح الجهاز التناسلي من هذا العناء، ألم تقض حكمة الله تعالى بأن تكون مدة الرضاعة عامين اثنين، ينال فيها الرضيع حظه من الغذاء والمناعة الطبيعية والحنان، وترتاح خلال تلك المدة أعضاء المرأة من رحم ومبايض([27])؟!
وعن أهمية رضاعة الأم لطفلها ينقل د. كريم نجيب الأغر آراء الأخصائيين، فيقول: يقول د. علي النذير: "تعتبر فترة الرضاعة بالثدي إلى مدة تتراوح بين سنة ونصف وسنتين قاعدة في كثير من المجتمعات الريفية، فإذا كانت الرضاعة تستمر هذه الفترة الطويلة، فالأرجح أن يرجع ذلك إلى ما تضفيه هذه الفترة من السرور والرضا، وليس لمجرد أنها واجب مفروض، فالاستجابة النفسية للرضاعة، وما يصحبها من تمدُّد لحلمة الثدي والتقلصات الرحمية تسبب إحساسًا بالنشوة".
ويقول د. "لارس هامبرغر": "هناك أيضًا فائدة عاطفية عظيمة في الرضاعة؛ فلن تسنح للأم وطفلها فرصة أخرى يتعرَّفان فيها بعضهما على بعض، ويكوِّنان علاقة متبادلة، مثلما يكون خلال الرضاعة".
وجاء في "الوجيز في تغذية الأطفال والأولاد الصغار": التغذية من الثدي تثبِّت علاقة حميمية ومفرحة بين الأم وطفلها.
ومن هنا نفهم لماذا أوصت النصوص الشرعية بأهمية إرضاع الأم لطفلها وإعطائها الأفضلية في الإرضاع، ولهذا تعتبر التوصيات الإسلامية النموذج المثالي للاتباع([28]).
وبعد هذه الحقائق العلمية الدقيقة التي أثبتها أهل العلم والاختصاص من غير المسلمين قبل المسلمين، لنا أن نتساءل عدة أسئلة، منها: لماذا حدَّد الرسول صلى الله عليه وسلم مدة الرضاعة بعامين؟ هل كان لديه أجهزة تمكِّنه من معرفة أن هناك ممرات بين خملات المعدة تسمح للأجسمة الغريبة أن تمرَّ دون رقابة عليها إلى السنة الثانية؟ وأن حركية الجهاز الهضمي لا تكتمل إلا بعد عامين؟ وأن إنزيمات المعدة والأمعاء لا تعمل بفعالية إلا عند نهاية العام الثاني؟ أم هل كان ملك يستطيع أن ينفذ عبر جدار البطن والرحم ليشاهد بدقة ماذا يجري هناك؟ أم هل كان للرسول صلى الله عليه وسلم أجهزة تحليل تمكنه من معرفة أن الدهن مُكوِّن مهم من مكونات المخ النامي والجهاز العصبي، وأن الرضيع يحتاج للدهن الموجود في لبن الأم؟ يجيبنا الرسول صلى الله عليه وسلم بوحي من الله تعالى:)قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون (50)( (الأنعام)([29]).
3) وجه الإعجاز:
لقد أشار القرآن الكريم إلى حقيقتين مهمتين؛ إحداهما: أن يكون رضاع الطفل من أمه الوالدة، وإن لم يتيسر الرضاع من الأم الوالدة فأخرى من المرضعات، والأخرى:
أن يستمر الرضاع مدة عامين كاملين، وذلك في قوله تعلى: )والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة( (البقرة:233).
وقد أثبت الطب الحديث ضرورة أن تكون الأم هي المرضعة؛ وذلك لأن لبن الأم هو أنسب غذاء للطفل في هذه المرحلة، فهو يتغير تلقائيًّا مع تغير أحوال الرضيع ووزنه، وهو مكتمل العمر الرحمي أو مبتسر، بل مع مراحل الرضعة الواحدة من أولها إلى آخرها، بالإضافة إلى أنه يقي من العديد من الالتهابات الجرثومية والفيروسية، إلى جانب أن هذه الفترة تعتبر ضرورية للأم المرضعة؛ فهي تريح الرحم والمبايض من وقوع الحمل خلالها.
وأما كون الرضاع حولين كاملين؛ فذلك لأن الجهاز الهضمي للطفل يكتمل نموه تدريجيًّا حتى نهاية العامين، فإذا تناول لبنًا صناعيًّا أو بقريًّا قبل انتهاء هذه المدة فهو مُعرَّض لأن يُصاب بمرض السكري أو أمراض الحساسية... إلخ، أما بعد اكتمال نمو الجهاز الهضمي فيمكن اعتماده على المصادر غير الإنسانية دون أي خطر على صحته.
[1]. انظر: من آيات الإعجاز العلمي: الإنسان من الميلاد إلى البعث في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، دار المعرفة، بيروت، ط2، 1429هـ/ 2008م، ص45، 46.
[2]. انظر: صور إعجازية في القرآن الكريم، د. جمال محمد الزكي، شركة ألفا للنشر، مصر، ط1، 1429هـ/ 2008م، ص86: 93.
[3]. منتديات: أتباع المرسلين www.ebnmaryam.com.
[4]. أقل وأكثر مدة للحمل: دراسة فقهية طبية، د. عبد الرشيد بن محمد أمين بن قاسم، بحث منشور بموقع: ملتقى أهل التفسير www.tafsir.net.
[5]. إن الجنين يستخرج الأكسجين على وجه التحديد من الأم من خلال الحبل السري، ولكن المهم هو أن المحيط سائلي.
[6]. المؤتمر الطبي الإسلامي الدولي، الإعجاز الطبي في القرآن: 25/ 9/ 1985م، نقلًا عن: إعجاز القرآن في ما تخفيه الأرحام، كريم نجيب الأغر، مرجع سابق، ص387، 388.
[7]. الإنسان النامي، د. موروبارسو، نقلًا عن: إعجاز القرآن في ما تخفيه الأرحام، كريم نجيب الأغر، مرجع سابق، ص388، 389.
[8]. لسان العرب، مادة: فطم.
[9]. التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، مرجع سابق، مج12، ج26، ص30.
[10]. صفوة التفاسير، د. محمد علي الصابوني، المطبعة العربية الحديثة، القاهرة، ج3، ص1358.
[11]. فتح البيان في مقاصد القرآن، صديق بن حسن القنوجي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1420هـ/ 1999م، ج6، ص300.
[12]. تفسير الشعراوي، محمد متولي الشعراوي، مرجع سابق، ج23، ص14189.
[13]. أخرجه مالك في موطئه، كتاب: الحدود، باب: ما جاء في الرجم، ص323، رقم (1513).
[14]. منتديات: أتباع المرسلين www.ebnmaryam.com.
[15]. إعجاز القرآن في ما تخفيه الأرحام، كريم نجيب الأغر، مرجع سابق، ص391، 392.
[16]. من آيات الإعجاز العلمي: الإنسان من الميلاد إلى البعث في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ص52: 57.
[17]. الرضاعة من لبن الأم لحولين كاملين، د. حسان شمسي باشا، بحث منشور بمنتدى: الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، موقع: www.nouralhak.com.
[18]. مجلة السكري: هي أول مجلة في العالم العربي تتناول كل ما يتعلق بداء السكري، وتصدر شهريًّا.
[19]. مجلة المناعة الذاتية: هي مجلة تنشر الصحف المتصلة بالجوانب المختلفة من المناعة الذاتية، مثل: آلية التعرف على الذات، وتنظيم الاستجابات الذاتية، وأمراض المناعة الذاتية التجريبية، واختبارات التشخيص للأجسام المضادة، وعلم الأوبئة، وفيزيولوجيا المرض، وعلاج أمراض المناعة الذاتية.
[20]. حكمة تحديد مدة الرضاعة بحولين كاملين من منظور علمي، د. مجاهد محمد أبو المجد، مقال منشور بموقع: الدعوة www.aldaawah.com.
[21]. إعجاز القرآن في ما تخفيه الأرحام، كريم نجيب الأغر، مرجع سابق، ص461: 463.
[22]. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، مرجع سابق، ج1، ص283.
[23]. في ظلال القرآن، سيد قطب، مرجع سابق، ج1، 253، 254.
[24]. التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، مرجع سابق، مج2، ج2، ص431.
[25]. من آيات الإعجاز العلمي: الإنسان من الميلاد إلى البعث في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ص56.
[26]. الرضاعة من لبن الأم لحولين كاملين، د. حسان شمسي باشا، مقال منشور بمنتدى: الإعجاز العلمي في القرآن والسنة www.nouralhak.com.
[27]. لبن الأم وحده يكفي، مقال منشور بمنتدى: التوحيد www.eltwhed.com.
[28]. إعجاز القرآن في ما تخفيه الأرحام، كريم نجيب الأغر، مرجع سابق، ص436، 437.
[29]. المرجع السابق، ص463، 464.