دعوى عدم اختصاص الله عز وجل بعلم ما في الأرحام (*)
مضمون الشبهة:
في محاولة غير مجدية يدعي منكرو الإعجاز العلمي في القرآن الكريم أن اختصاص الله عز وجل بعلم ما في الأرحام، والذي جاء في قوله تعالى:)ويعلم ما في الأرحام( (لقمان: 34) يتنافى مع الاكتشافات العلمية الحديثة، قائلين: لقد استطاع العلم الحديث تحديد نوع الجنين وهو في بطن أمه من حيث كونه ذكرًا أو أنثى، كما استطاع العلماء حديثًا معرفة بعض الأمراض الوراثية التي تصيب الجنين. متسائلين: كيف يكون العلم بما في الأرحام غيبًا والأطباء يعلمون جنس الجنين في رحم أمه قبل ولادته؛ بل يعلمون الكثير من أسرار خلقه وهو في بطن أمه؟!
وجه إبطال الشبهة:
إن قول الله تعالى:)ويعلم ما في الأرحام( (لقمان: 34)ليس مقصورًا على العلم بنوع الجنين ـ وهو في رحم أمه ـ من حيث كونه ذكرًا أو أنثى كما يفهم هؤلاء، وإنما هو علم شامل بكل ما يخص الجنين عبر مراحل تخلقه وتطوره، ليس فقط في أرحام الإناث من الإنس، وإنما في أرحام الكائنات الحية جميعها، من إنسان وحيوان ونبات.
كما أن معرفة الأطباء لنوع الجنين ـ ذكرًا كان أو أنثى ـ أمر لا يتناقض مع اختصاص الله عز وجل بعلم الغيب، فإن كان الأطباء بعد التخلق قد عرفوا نوع الجنين، فإنهم قبل التخلق لم يكونوا يعرفون نوعه، كما أنهم لا يعرفون مدة بقائه جنينًا على وجه اليقين في بطن أمه؛ علاوة على أن الآية لم تصرح بذكر نوع الجنين، وإنما قالت: )ويعلم ما في الأرحام( (لقمان: 34)بصيغة العموم لا بصيغة الخصوص.
وإن كان توصل العلماء اليوم إلى معرفة جنس الجنين وهو في بطن أمه يُعد تقدمًا علميًّا كبيرًا، إلا أنه علم شهادة، وليس علم غيب؛ فالطبيب الذي يشاهد الجنين بالأشعة أو السونار ويصف ما يشاهده، مثله في ذلك مثل إنسان نظر إلى القمر من خلال التلسكوب، فإنه يشاهد ما لا نشاهده نحن من القمر، ولكنه لا يعلم ما يجري في جوفه من أسرار.
التفصيل:
1) الحقائق العلمية:
يمر الجنين خلال مرحلة التخليق بتحولات خطيرة وكبيرة ومعقدة للغاية، وما زالت جوانب كثيرة من هذه التحولات تشكل لغزًا محيرًا للعلماء، مثل الانقسام السريع للخلايا الجينية وتمايزها إلى خلايا وأعضاء مختلفة التركيب والوظيفة، وتحدث خلال هذه الفترة الحرجة تغيرات مفاجئة قد ينجم عنها خلل في الصبغيات أو الجينات تؤدي إلى هلاك الجنين المبكر بنسبة عالية قد تتجاوز 60 % من مجموع الإسقاط التلقائي المبكر عند كل النساء، هذه التغيرات المفاجئة والمميتة ما زالت خارج نطاق العلم القطعي بحدوثها؛ وذلك لأن معظم أسبابها مجهولة، ويصعب جدًّا، بل يستحيل في كثير من الأحيان الكشف عنها سابقًا أو حتى توقع حدوثها.
ومن ناحية أخرى فإننا إذا نظرنا إلى المسببات التي تؤدي إلى هلاك الأجنة المبكرة وحدوث الإسقاط التلقائي لها، نجد أنها مسببات عديدة ومتداخلة ويستحيل التنبؤ بحدوث معظمها؛ فالنموغير الطبيعي للبويضة الملقحة (zygote) الناتج عن خلل في عدد الصبغيات والذي يمثلأكبر سبب للسقط التلقائي المبكر يسبب خللًا وانعدامًا في التوازن الحيوي لخلايا الجنين فيؤدي إلى هلاكه. والخلل التركيبي في الصبغيات، والذي يحدث نتيجة حدوث طفرات مفاجئة لأسباب معظمها مجهولة، يؤدي إما لتغيير الوظائف الجينية العديدة، أو لتغييرمسار التمايز للخلايا الجنينية، فيهلك الجنين تبعا لذلك.
صورة لبدء انغراس الجنين داخل بطانة الرحم
والخلل في آليات الغرس للبويضة الملقحة في بطانة الرحم، مثل: التحكم الهرموني المتخصص فيالانقباضات، والحركة الدودية للرحم وأبواقه، والعوامل الهرمونية العديدة ذات الصلة بنضج بطانة الرحم، وتكوّن الغشاء الساقط، والإشارة الصحيحة أو المناسبة للانغراس، واستجابة الكيسة الأريمية([1]) له، والعلاقة الخلوية بين الخلايا المغذية(Trophoblast)وبطانة الرحم.
صورة حقيقية مكبرة للكيسة الأريمية
فهذه العوامل يجب أن تتكامل، وتتوحد بدقة فائقة، حتى يتم تعشيش البويضة الملقحة، فإذا فشلت إحدى هذه الآليات فإن حياة البويضة الملقحة تكون معرضة لخطر الهلاك وحدوث الإسقاط.
كما أن تمايز الخلايا ونمو الجنين يتأثران بعوامل مختلفة، اكتُشف منها حتى الآن أكثر من 100 عامل؛ بالإضافة إلى العوامل الجينية (Genetic) وكثير من الهرمونات، والخلل في هذه العوامل يؤدي إلى موت الجنينوحدوث الإسقاط.
صورة لسقط لفظه الرحم قبل تمام خلقه
وهناك عوامل عديدة تؤثر على البيئة الداخلية للرحم والجنين، مثل: الإشعاع، والفيروسات، والمواد الكيميائية، ويمكن أن يحدث بسببها تشوهات خلقية، فيهلك الجنين ويحدث الإسقاط.
وهناك أيضًا عوامل أمومية يمكن أن تسبب الإسقاط، مثل: خلل الصبغيات ـ التركيبي والعددي ـ في بويضة الأم، والذي يزداد باطّراد معكبر سنها، وأنواع مختلفة من الأمراض الإنتانية (infectious diseases)؛ كالإصابةبفيروسات الحصبة والحصبة الألمانية([2]) والجدري وغيرها، والأمراض المزمنة المسببةللهزال الشديد، مثل: الأورام السرطانية، ومرض السكري، والخلل الهرموني الذي يمكن أن يتسبب في هلاك الجنين، والنواقص الغذائية، وتناول الكحول والتبغ، والعوامل المناعيةالعديدة، ومعظم أسباب هذه العوامل مجهولة، حتى الصدمات النفسية والعضوية يمكن أن تؤدي للإسقاط؛ فمجرد وهم الأم واعتقادها بأن حملها سوف يسقط، يمكن أن يكون سببًا فيحدوث الإسقاط.
إذا نظرنا إلى هذه العوامل العديدة والمتداخلة البسيطة منها والمركبة من أكثر من عامل، وقدرنا حدوث أحدها وفق قانون الاحتمالات، فإننا نستنتج بيقين أن التوصل للعلم القطعي بمستقبل هلاك الأجنة في أي طور من أطوار تخليقها الأولى، وحدوث الإسقاط التلقائي لها يعتبر ضربًا من الخيال، فالخلل في الصبغيات ـ كما قال العلماء ـ يحدث بطريقة عشوائية ومتفرقة، ولا يمكن العلم بحدوثه قبل أن يحدث، والاضطرابات في العوامل الجينية العديدة المسئولة عن تمايز الخلايا ونموها، وما يمكن أن يتعرض له الجنين من العواملالماسخة من الإشعاع والفيروسات والمواد الكيميائية، وما يمكن أن تتعرض له الأم منالصدمات النفسية أو العصبية أو الأمراض المختلفة في المستقبل، كل هذه العوامل لايستطيع أحد من البشر أن يجزم بحدوثها أو عدم حدوثها، وبالتالي فما ينبني عليها منحدوث الإسقاط التلقائي يظل مجهولًا لا يعلمه أحد.
وبناء على هذا، فإنه يستحيل على العلماء الآن ـ وفي المستقبل ـ معرفة مصير أي طور من أطوار الجنين قبل اكتمال تخليقه ونفخ الروح فيه، هل سيتخلق إلى الطور الذي يليه أم سيهلك، وتغيض به الأرحام([3])؟!
2) التطابق بين الحقائق العلمية وما أشارت إليه الآية الكريمة:
صرحت الآية الكريمة: )ويعلم ما في الأرحام((لقمان: 34)بأن ما يحدث في الأرحام هو من اختصاص علم الله عز وجل، بيد أن العلم الحديث جاء بمعارف شتى فتطورت العلوم واستطاع الإنسان أن يكتشف بأجهزته الحديثة نوع الجنين ما إذا كان ذكرًا أو أنثى.
وهنا أثار المشككون شبهتهم متسائلين: كيف يكون العلم بما في الأرحام غيبًا والأطباء يعلمون جنس الجنين في رحم أمه قبل ولادته، بل يعلمون الكثير من أسرار خلقه وهو في بطن أمه؟!
ولا شك أن طرح مثل هذا التساؤل ينم عن قصر فهم للآية الكريمة؛ حيث قصر هؤلاء علم ما في الأرحام على معرفة جنس الجنين من حيث كونه ذكرًا أو أنثى، والحق خلاف ذلك.
وفيما يلي سنوضح لمن طرح هذا التساؤل ـ سواء بحسن نية أو بسوء نية ـ المراد بقوله تعالى: )ويعلم ما في الأرحام( (لقمان: 34).
ولعل نظرة إلى الدلالات اللغوية التي اشتملت عليها الآية الكريمة وإلى بعض أقوال المفسرين ـ توضح بجلاء ما تشتمل عليه الآية من إعجاز.
· من الدلالات اللغوية في قوله تعالى: (ويعلم ما في الأرحام((لقمان: 34):
(ما) اسم موصول يفيد العموم، قال ابن عثيمين: "وتعلق العلم بهذا العام هو تعلق عام أيضًا، فعلم ما في الأرحام لا يقتصر على علم كونه ذكرًا أو أنثى، واحدًا أو متعددًا، بل علم ما في الأرحام أشمل من ذلك"([4]).
والأرحام: جمع رحم، وهي منبت الولد([5]). وقد جاءت كلمة (الأرحام) جمعًا غير محددة بنوع معين، فهي تطلق على أرحام الإناث من الإنسان والحيوان والنبات.
إن الأسلوب في قوله تعالى: )ويعلم ما في الأرحام( (لقمان: 34) أسلوب مختلف.. أسلوب مفتوح النهاية، يبدأ بالفعل المضارع الذي يدل على الحال والاستقبال؛ يعني: اليوم وغدًا وإلى ما شاء الله.
كما أن الفعل المضارع هنا هو عامل السحر اللغوي في الآية؛ حيث يقتضي أن كل خطوة ولحظة وجانب من جوانب الفعل وتبعاته واستمراريته تخصه عز وجل.
وسبحان الله! لو كان الأسلوب هنا أسلوب قصر لكان سببًا في النقد والاتهام ولكن جعله مفتوح النهاية، فالله الذي يبدأ الفعل ويتابعه ويسيطر عليه، ولكن يسمح بوجود الأسباب البشرية المهيئة لحدوثه بإذنه عز وجل([6]).
من أقوال المفسرين:
قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسير قوله تعالى:)ويعلم ما في الأرحام( (لقمان: 34): "كذلك لا يعلم ما في الأرحام مما يريد أن يخلقه تعالى سواه، ولكن إذا أمر بكونه ذكرًا أو أنثى، أو شقيًّا أو سعيدًا، علم الملائكة الموكلين بذلك، ومن شاء الله من خلقه"([7]).
ويقول الطاهر ابن عاشور موضحًا معنى حصر مفاتح الغيب في هذه الخمسة الواردة في الآية الكريمة: )إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدًا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير (34)( (لقمان)، يقول: "ومعنى حصر مفاتح الغيب في هذه الخمسة أنها هي الأمور المغيبة المتعلقة بأحوال الناس في هذا العالم، وأن التعبير عنها بالمفاتح أنها تكون مجهولة للناس فإذا وقعت فكأن وقوعها فتح لما كان مغلقًا، وأما بقية أحوال الناس فخفاؤها عنهم متفاوت ويمكن لبعضهم تعيينها، مثل: تعيين يوم كذا للزفاف، ويوم كذا للغزو، وهكذا مواقيت العبادات والأعياد، وكذلك مقارنات الأزمنة، مثل: يوم كذا مدخل الربيع؛ فلا تجد مغيبات لا قبل لأحد بمعرفة وقوعها من أحوال الناس في هذا العالم غير هذه الخمسة، فأما في العوالم الأخرى وفي الحياة الآخرة فالمغيبات عن علم الناس كثيرة وليست لها مفاتح علم في هذا العالم"([8]).
قال صاحب الظلال في قوله تعالى:)ويعلم ما في الأرحام( (لقمان: 34): "اختصاص بالعلم كالاختصاص في أمر الساعة فهو سبحانه الذي يعلم وحده ـ علم يقين ـ ماذا في الأرحام في كل لحظة، وفي كل طور، من فيض وغيض، ومن حمل حتى حين لا يكون للحمل حجم ولا جرم يدرك، ونوع هذا الحمل ذكرًا أو أنثى، حين لا يملك أحد أن يعرف عن ذلك شيئًا في اللحظات الأولى لاتحاد الخلية الذكرية والبويضة، وملامح الجنين وخواصه وحالته واستعداداته، فكل أولئك مما يختص به علم الله تعالى..."([9]).
وقال الشيخ الشعراوي في تفسير قوله تعالى: )ويعلم ما في الأرحام( (لقمان: 34): "هذه أيضًا من مفاتح الغيب، وستظل كذلك مهما تقدمت العلوم، ومهما ادعى الخلق أنهم يعلمون ما في الأرحام، والذي أحدث إشكالًا في هذه المسألة الآن الأجهزة الحديثة التي استطاعوا بها رؤية الجنين، وتحديد نوعه أذكرًا أم أنثى، فهذه الخطوة العلمية أحدثت بلبلة عند بعض الناس، فتوهموا أن الأطباء يعلمون ما في الأرحام، وبناء عليه ظنوا أن هذه المسألة لم تعد من مفاتح الغيب التي استأثر الله بها.
ونقول: أنتم بسلطان العلم علمتم ما في الأرحام بعد أن تكون ووضحت معالمه، واكتملت خلقته، أما الخالق عز وجل فيعلم ما في الأرحام قبل أن تحمل الأم به، ألم يبشر الله تعالى نبيه زكريا عليه السلام بولده يحيى قبل أن تحمل فيه أمه؟ ونحن لا نعلم هذا الغيب بذواتنا، إنما بما علمنا الله، فالطبيب الذي يخبرك بنوع الجنين لايعلم الغيب، إنما معلم غيب، والله تعالى يكشف لبعض الخلق بعض الغيبيات.
من ذلك ما كان من الصديق أبي بكر رضى الله عنه حين أوصى ابنته عائشة رضي الله عنها قبل أن يموت وقال لها: يا عائشة، إنما هما أخواك وأختاك([10])، فتعجبت عائشة؛ حيث لم يكن لها من الإخوة سوى محمد وعبد الرحمن، ومن الأخوات أسماء، لكن الصديق في هذا الوقت كان متزوجًا من حبيبة بنت خارجة، وكانت حاملًا، وبعد موته ولدت له بنتًا، فهل نقول: إن الصديق كان يعلم الغيب؟ لا، إنما أعلم من الله، إذًا الممنوع هنا العلم الذاتي؛ أن تعلم بذاتك.
ثم إن الطبيب يعلم الآن نوع الجنين، إما من صورة الأشعة أو التحاليل التي يجريها على عينة من الجنين، وهذا لا يعتبر علما للغيب، والتحدي أن تجلس المرأة الحامل أمامك وتقول لها: أنت ستلدين كذا وكذا، وهذا لا يحدث أبدًا"([11]).
وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: كيف نوفق بين علم الأطباء الآن بذكورة الجنين وأنوثته، وقوله تعالى: )ويعلم ما في الأرحام( (لقمان: 34) ؟!
فأجاب بقوله: "قبل أن أتكلم عن هذه المسألة أحب أن أبيّن أنه لا يمكن أن يتعارض صريح القرآن الكريم مع الواقع أبدًا، وأنه إذا ظهر في الواقع ما ظاهره المعارضة، فإما أن يكون الواقع مجرد دعوى لا حقيقة لها، وإما أن يكون القرآن الكريم غير صريح في معارضته؛ لأن صريح القرآن الكريم وحقيقة الواقع كلاهما قطعي، ولا يمكن تعارض القطعيين أبدًا.
فإذا تبين ذلك فقد قيل: إنهم الآن توصلوا بواسطة الآلات الدقيقة للكشف عما في الأرحام، والعلم بكونه أنثى أو ذكرًا، فإن كان ما قيل باطلًا فلا كلام، وإن كان صدقًا فإنه لا يعارض الآية؛ حيث إن الآية تدل على أمر غيبي هو متعلق علم الله تعالى في هذه الأمور الخمسة، والأمور الغيبية في حال الجنين هي: مقدار مدته في بطن أمه، وحياته، وعمله، ورزقه، وشقاوته أو سعادته، وكونه ذكرًا أم أنثى، قبل أن يخلق، أما بعد أن يخلق فليس العلم بذكورته أو أنوثته من علم الغيب، لأنه بتخليقه صار من علم الشهادة، إلا أنه مستتر في الظلمات الثلاثة، التي لو أزيلت لتبين أمره، ولا يبعد أن يكون فيما خلق الله تعالى من الأشعة أشعة قوية تخترق هذه الظلمات حتى يتبين الجنين ذكرًا أم أنثى، وليس في الآية تصريح بذكر العلم بالذكورة والأنوثة"([12]).
هذه بعض أقوال المفسرين حول معنى قوله تعالى:)ويعلم ما في الأرحام( (لقمان: 34) ، وقد ظهر منها أن الآية الكريمة لم تقصر كل علم في الأرحام على علم الغيب فقط؛ فعلم ما في الأرحام، منه ما هو علم غيب ومنه ما هو علم شهادة.
ويزداد الأمر وضوحًا إذا جمعنا بين النصوص الواردة في هذا الموضوع؛ "فقد وردت في سورة الرعد آية تجمع بين العموم لما في الأرحام، وعلم الله المحيط به، وبين علم غيض الأرحام الذي لا يعلمه إلا الله؛ وهي قوله تعالى: )الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار (8)( (الرعد).
فعلم الله بما تحمل كل أنثى، كعلم الله بما في الأرحام، من حيث دلالة (ما) الموصولة في كلتا الآيتين، والتي تدل على العموم، فاللفظ فيهما عام شامل لكل ما يتعلق بعالم الغيب والشهادة في الحمل، وهذا المعنى العام المجمل، فُصِّل بقوله تعالى:)وما تغيض الأرحام وما تزداد((الرعد:8)؛ أي إن الله تعالى يعلم ما تغيض الأرحام وما تزداد؛ فالعلم المتعلق بغيض الأرحام هو من الغيب المقصور علمه على الله تعالى، والعلمالمتعلق بازدياد الأرحام بالأجنة؛ هو علم شهادة، وعلم الله فيه علم إحاطةوشمول.
ويؤكد هذا قوله تعالى في الآية التالية: )عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال (9)((الرعد)؛ إشارة إلى أن في الآية السابقة جزءًا من عالم الغيب، وهو: )وما تغيض الأرحام((الرعد:8) ، وجزءًا من عالم الشهادة؛ وهو علم الله المحيط الشامل لجميع أحوال وصفات حمل كل أنثى على وجه الأرض وما تزداد به الأرحام من هذا الحمل"([13]).
وليس ما تبين هو غاية ما يحمله اللفظ القرآني من معنى، لا؛ بل إن لفظ (تحمل) في قوله تعالى: )الله يعلم ما تحمل كل أنثى( (الرعد:8) يدل على التكرار، وهو ما يصفه علماء البيان بالحدوث والتجدد، فدل ذلك على أن كل أنثى متى خلقها الله أنثى كان سبحانه عالـمًا بأنها ستحمل طول حياتها مرة واحدة، أو مرات قليلة أو كثيرة، كما يعلم أن أنواع أجنتها ذكور أو إناث أو مختلطون، وأنهم توائم أو مفردون، وهم أسقاط أو متممون أو متنوعون، وهؤلاء جميعًا ـ على اختلاف أوضاعهم ـ مشمولون بعلم الله في كل شئونهم رزقًا وأجلًا، وشقاوة أو سعادة،)ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير (14)( (الملك)([14]).
ويأتي الحديث الشريف مؤيدًا نسق القرآن الكريم في قصر الغيب ـ المطلق عن علم البشر ـ على حال غيض الأرحام قبل تخلق الجنين دون حال ازديادها بعد تخلقه، نجد ذلك في الحديث الذي رواه البخاري وغيره عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله؛ لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله، ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله"([15]).
"إذًا هناك نصوص قد بينت بجلاء أن الأمر المحجوب عن علم غير الله إنما هو في مرحلةما قبل تكوُّن الجنين، فعلمنا أن الأرحام ـ قبل أن تزداد حتى يراها كل المحيطين بالحامل ـتعاني من حالة تقلص وانكماش وغور ونقصان, وفي تلك الفترة حال الجنين المرتقب محجوب عن علم غير الله تعالى، فهو مفتاح من مفاتيح الغيب يفتح على أبواب مغلقة، ولايملكه دون الخالق سبحانه أحد...
وفي مرحلة الغيض يستحيل على إنسان أن يعرف صفات الجنين المقبل، ولو جئت بصفين من الحجارة؛ وقلت: أنا سأصنع من هذه الأحجار بناء، هل سيعلم أحدالسامعين يقينًا أيكون من الصفين مدرسة أم مستشفى؟ فيلا أم عمارة؟!
هكذا الجنين فيمرحلة الغيض لا يعلم أحد ـ غير الله تعالى ـ بما سيكون عليه حاله"([16]).
ماذا يعني العلم بغيض ما في الأرحام؟
العلم بغيض الأرحام يعني العلم المسبق بحدوث الإسقاط التلقائي المبكر بشقيه قبل تمام تخليق الجنين برغم توفر مقدمات الخلق الضرورية ومادته الأولى، وتهيؤ الأسباب وانتفاء الموانع لحدوثه، فيتخلص الرحم من تلك الموادالأولية؛ إما بإسقاطها أو بغورها واندثارها؛ وذلك لبيان أن الإيجاد بعد العدم والإعدام بعد الوجود ظاهرة متكررة تبين إمكان وقوع البعث بالنظير والضد، وأنالتخليق هو اختيار من الفاعل المختار.
وعلى هذا يكون المراد بعلم غيض الأرحام ـ الذيلا يعلمه إلا الله ـ هو العلم بمستقبل هلاك الأجنة المبكرة، أو بمعنى آخر: العلمبإرادة الله في إنشاء إنسان جديد من عدمه، وأن هذا العلم مقصور على الله وحده، ويستحيل على البشر معرفته([17]).
إن الآية ـ وما في معناها من الأدلة الشرعية الأخرى ـ إنما تتحدث عن الغيب، ولا تتحدث عن المشاهدة، فمن زعم أنه يستطيع معرفة جنس الجنين في بطن أمه رجمًا بالغيب، فهذا الذي لا يستطيع ذلك، أما من لجأ إلى وسيلة من الوسائل التي تجعله يبصر ذلك بعينيه أو ما في حكمهما، فيكون قد انتقل من عالم الغيب إلى عالم المشاهدة، كما هو الحال في لحظة خروج الجنين من بطن أمه، ولمزيد من الإيضاح نورد المثال الآتي:
لو أن أحد المعاندين للوحي من كفار مكة أو غيرهم قام متحديًا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أنا أستطيع معرفة ما في الرحم، ثم عمد إلى امرأة حبلى، فبقر بطنها، ونظر إلى جنينها، وقال: هو ذكر، هل يكون هذا واقعًا موقع التحدي؟!
نحن لا نشك أن هذا لو وقع، لكان أول من يسخر منه أصحابه؛ لأن سياق الآية يتحدث عن عالم الغيب، ولا يتحدث عن عالم المشاهدة.
فإذا قبلنا هذا، فما الفرق إذًا بين أن يبقر بطن المرأة، وبين أن يدخل في رحمها آلة تصوير، تصور الجنين وهو في الرحم، أو ما هو بديل عن آلة التصوير كالأشعة التي تخترق جدار البطن وتنفذ إلى الرحم([18])؟
إن قول ربنا تبارك وتعالى: )ويعلم ما في الأرحام((الرعد:8) فيه إشارة واضحة إلى أن في الأرحام من الأسرار والغيوب ما لا يعلمه إلا الله، وأن من هذه الغيوب ما هو مرحلي يمكن للإنسان مع تطور أجهزته ومعارفه المكتسبة أن يصل إلى شيء منه في يوم من الأيام، بإذن الله تعالى وإرادته، وما هو مطلق لا سبيل للإنسان في الوصول إليه؛ لأن الله قد حجبه عن خلقه.
فمن تلك الغيوب المرحلية التي تم الكشف العلمي عنها مؤخرًا أن كثيرًا من النساء يحملن ثم يفقدن حملهن في الأسابيع الأولى من الحمل؛ أي في المراحل الأولى من تخليق الجنين، دون أدنى دراية منهن، وتعرف هذه الظاهرة باسم السقوط التلقائي للحمل (spontaneousabortionormiscarriage)، وعادة ما يتم ذلك في الأسابيع الأربعة الأولى من زمن الإخصاب، وقد يمتد إلى الأسبوع العشرين دون أدنى دراية من صاحبة الحمل.
وهذه الظاهرة شائعة الحدوث؛ إذ تتراوح نسبتها بين (40%)، و (60%) قبل الأسبوع الرابع من تاريخ الإخصاب، وبعد ذلك تتناقص إلى ما بين (15%)، (20%)، ولم يدرك الأطباء ذلك إلا مؤخرًا.
وفي حالات السقوط التلقائي للحمل قد ينزل الجنين وهو في حدود (1٫5 مم) إلى (5 مم) في الطول، مع الدورة الشهرية مصاحبًا بكم من الدماء الغزيرة دون أدنى دراية من صاحبته. وفي حالات أخرى قد يتحلل الجنين ويمتصه جدار الرحم بالكامل، وتشيع هذه الحالة فيما يعرف باسم ظاهرة التوائم المتلاشية (The Vanishing Twin Syndrome).
صورة بالأشعة فوق الصوتية تكشف ظاهرة التوائم المتلاشية داخل الرحم في الأسابيع الأولى من الحمل
وقد لا يسقط كيس الحمل الفارغ بعد موت أحد هذه التوائم أو بعد موتها جميعًا، وتعرف هذه الحالة باسم السقط أو الإجهاض المخفي (TheMissedmiscarriageorTheMissedabortion).
صورة لجنين متهتك داخل كيس الحمل فيما يعرف بـ "الإجهاض المخفي"
وهذه مجرد واحدة من الأحداث والدورات العديدة التي تقع في داخل الأرحام، ولا تدري بها صاحبة الحمل نفسها، وهي تشمل كلًّا من الأجنة التي يلفظها الرحم دمًا، والتي تتحلل بداخله وتغور مادتها في جداره كما يغور الماء في الأرض تمامًا، ولذلك عبر القرآن الكريم عن هذه الظاهرة من قبل أربعة عشر قرنًا بتعبير:)وما تغيض الأرحام وما تزداد((الرعد:8) ، وهو تعبير يشمل الحالتين السابقتين كما يشمل غيرهما من أحداث رحمية، وهو تعبير بلغ من الدقة اللغوية والعلمية والإعجازية المنتهى؛ وذلك لأن هذه الظاهرة لم تعرف إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين بعد تصنيع أجهزة الكشف بالأشعة فوق الصوتية (TheUltrasonicWaveDetectors)، والتي باستخدامها أمكن إثبات أن حوالي (50%) من حمل التوائم يفقد جزئيًّا أو كليا في داخل الرحم في الأسابيع الأولى من الحمل، فإذا هلك أحد التوأمين أو كلاهما ترك مكانه على هيئة كيس صغير ممتلئ بمادة كثيفة ما يلبث أن يختفي، وباختفائه يزول تمامًا الأثر الدال على وجود جنين آخر، أو وجود حمل على الإطلاق إذا هلك الجنينان([19]).
صورة لتوأمين داخل الرحم غار أحدهما واختفى من كيس الحمل
وإذا كانت هذه بعض الغيوب المرحلية التي استطاع العلم الحديث ـ بإذن من الله ـ الكشف عنها، فإن هناك أسرارًا تتعلق بتخلق الجنين في الرحم لا يعلم إنسان عنها شيئًا، ولن يعلم منها إلا ما أذن الله تعالى له به.
ومن أمثلة ذلك أن النطفة الأنثوية تنقسم إلى عدة خلايا بعد أن تلقح من قبل الحيوان المنوي، هذه الخلايا تكون متشابهة تمامًا إلى أن يصبح عددها ثماني خلايا؛ أي أن تصبح البويضة الملقحة في مرحلة ما يسمى بـ "التوتة" (Morula)، ومن ثم تتمايز الخلايا شيئًا فشيئًا، وتستمر في الانفلاق إلى أن يقارب عددها الخمسين، عندئذٍ تنقسم مجموعة الخلايا ـ وهي مستمرة في الانفلاق ـ إلى جزأين: واحد سوف يؤدي إلى تخلق الجنين، ويسمى: كتلة الخلايا الداخلية، والثاني: يؤدي إلى تخلق المشيمة (Placenta)، ويسمى: كتلة الخلايا الخارجية.
ومن ثم تتمايز كتلة الخلايا الداخلية ـ التي سوف تكون الجنين فيما بعد ـ إلى ثلاث طبقات من الخلايا:
أ ـ الطبقة الخارجية، وتدعى: الأكتودرم.
ب ـ الطبقة المتوسطة، وتدعى: الميزودرم.
ج ـ الطبقة الداخلية، وتدعى: الأنتودرم.
أما كيف تعلم كل خلية إلى أي فريق تنضم، إلى كتلة الخلايا الداخلية أم إلى كتلة الخلايا الخارجية؟ إلى طبقة الأكتودرم أم إلى طبقة الميزودرم أم إلى طبقة الأنتودرم؟ وأي عضو ستساهم في تخليقه؟ فهذا أمر ما زال مبهمًا إلى الآن.
يقول الدكتور "لارس هامبرغر" شاهدًا على هذه المسائل: إن هذا هو أحد أسرار الحياة الذي ما زال يحيرنا، وهو محط أبحاث علمية واسعة([20]).
كما أن الحيوانات المنوية التي يبلغ عددها مئتي مليون أو أكثر في الدفقة الواحدة، نصفها يحمل الصفات الأنثوية ونصفها الآخر يحمل الصفات الذكرية، فمن بين هذا الكم الهائل من الحيوانات المنوية لا يستطيع الإنسان على وجه الدقة أن يعرف أيًّا من هذه الحيوانات هو الذي سيقوم بعملية الإخصاب أو تلقيح البويضة!
يقول الدكتور زغلول النجار: تحتاج البويضة الناضجة السليمة الصحيحة الواحدة إلى مئة مليون حَيْمَن على أقل تقدير بشرط أن تكون هذه الحيامن صحيحة وسليمة ونشطة؛ حتى يتمكن أحدها من إخصاب تلك البويضة المختارة بصفات وراثية خاصة، بهذا الحيمن المختار كذلك بصفات وراثية خاصة، والذي لا يتعدى طوله في المتوسط (005‚0) مم، لكي تبقى لكل فرد من بلايين البشر بصمة وراثية خاصة تميزه عن غيره.
وهنا أيضًا يتضح لنا كم الغيوب والدورات والأحداث التي تتم في داخل الرحم، والتي لا يعلمها إلا الله تعالى، كما تتضح قدرة الخالق العظيم في نشر الصفات الوراثية التي أودعها صلب أبينا آدم عليه السلام وتوزيعها على بنيه وأحفاده على مرور الزمن حتى قيام الساعة بعلم الله وقدرته؛ خاصة إذا علمنا أن الرجل يخرج في الدفقة الواحدة ما بين مئة مليون إلى ثلاث مئة مليون حَيْمَن، وأن هذه النطف لا تستطيع العيش لأكثر من 72 ساعة([21]).
على أن الإنسان لا يعلم الوقت المحدد الذي يخترق فيه الحيوان المنوي البويضة، ويقوم بعملية التلقيح، وهل سيعيش لإتمام مراحل تخلق الجنين أم سيموت؟! وإن عاش، هل سيعيش سليمًا أم سيكمل حياته مصابًا ببعض التشوهات؟! هل سيكون هذا الحيوان المنوي جنينًا ذكيًّا أم غبيًّا؟ طويلًا أم قصيرًا؟!... إلخ.
كما أن تحديد نوع الجنين من الأمور التي لا يعرفها الإنسان ولا يعلم عنها شيئًا في المراحل الأولى من الإخصاب؛ فعندما تنتج الزيجوت ـ البويضة المخصبة ـ يتحدد جنس المولود ذكرًا كان أو أنثى، فإذا كان الحيوان المنوي يحمل كروموزوم (y) تنتج زيجوت تحتوي على كروموزومات (XY) (مولود ذكر)، وإذا كان الحيوان المنوي يحمل كروموزوم (X) تنتج زيجوت تحتوي على كروموزومات (XX) مولود أنثى. هذا ما يعرفه الجميع، ولكن هذه ليست الصورة الكاملة للموضوع؛ حيث يمكنلجنين يحمل كروموزوم (Y) أن يكون أنثى وجنين آخر يحمل كروموزوم (X) أن يكون ذكرًا، وتعرف هذه الظاهرة بما يسمى (Pseudohermaphrodites)، وهنالك حالات أخرى لن نتطرق إليها.
إن مسار التطور الجنسي لدى الذكر والأنثى مركب ومعقد للغاية، وفي الوقت نفسه متشابه جدًّا، والعديد منالجينات تتدخل في هذا التطور.
وعلى الرغم مما ذكر آنفا، إلا أن الهوية الجنسية الكاملة للجنين والوظائف المنبعثة من هذه الهوية والشكل الخارجي لا تتحدد فقط إلا في الأسبوع السابع. (انظر: كتاب LangmansMedicalEmbryology، الكتاب المعتمد في تعليم علم تطور الأجنة في كليات الطب فيالعالم، صفحة 337 الفقرة الثانية)؛ حيث إن (Germ Cells)([22]) تصل إلى (Gonads) الغدد التناسلية فقط خلال الأسبوع السادس، وإذا لم تصل هذه الخلايا في هذا الوقت إلى الـ (Gonads) لن تكتمل عملية التطور الجنسي الهادفةلتحديد جنس المولود، كما أن لها دورًا مهمًّا أيضًا في تحديد جنس المولود.
مع وصول هذه الخلايا ـ نهاية الأسبوع الخامس وبداية السادس ـ لا يوجد أي فرق بين الجنين الذي سيتحول فيما بعد إلى أنثى أو ذكر، فلا يمكن تحديد الجنس في هذه الفترة، فهما متماثلان تمامًا. وبسبب استحالة التفرقة تعرف الـ (Gonad) بـ (IndifferetGonad)؛ أي: لا يعرف ذكرًا كان أو أنثى.
في أول ستة أسابيع تعرف بالـ (indifferentstage)، ونقطة التحول تبدأ في بدايةالأسبوع السابع وفقا للبروتينات الموجودة في جسم الجنين([23]).
على أن هناك أشياء يتوقعها الأطباء وتأتي عكس ما كانوا يتوقعون، من ذلك مسألة عدد الأجنة عند الولادة؛ فقد يتوقع الأطباء عددًا ويأتي عدد الأجنة أكثر مما توقعوه، ومما يؤكد ذلك تلك الحادثة الشهيرة التي حدثت في الولايات المتحدة؛ حيث وضعت امرأة ثمانية توائم في مستشفى في كاليفورنيا، فيما يعتقد أنها الحالة الثانية فقط في الولايات المتحدة لولادة هذا العدد من التوائم.
وقالت الدكتورة "كارين مابليس" ـ من مركز (قيصر برمانينت الطبي) في ضاحية (بيل فلاور) بمدينة لوس أنجلوس: ولد التوائم الثمانية قبل موعدهم بتسعة أسابيع عن طريقجراحة قيصرية في مفاجأة لفريق الأطباء المكون من 46 عضوًا الذي كان يتوقع سبعة توائمفقط، وتراوح وزن الأطفال بين 680 جرامًا و 1,47كيلو جرامًا. وقالت مابليس: بعد أن أخرجنا الطفل السابع وهو ما كنا نتوقعه فوجئنا بالطفل الثامن([24]).
وطبقًا للعلوم الطبية الحديثة فإن معرفة نوع الجنين تتم عن طريق ثلاث محاولات:
الأولى: عن طريق تحليل السائل الأمنيوسي (membrane Amniotic) في الأسبوع السادس عشر من بدء الحمل، ويتم ذلك بإدخال حقنة في الرحم عن طريق البطن بعد تحديد مكان الجنين والمشيمة بواسطة الموجات فوق الصوتية، ثم قياس نسبة هرمون الذكر إلى هرمون الأنثى في السائل الأمنيوسي، ولكن قد ينتج عن ذلك مضاعفات، مثل: الإجهاض أو إصابة الجنين في بعض الحالات.
الثانية: أخذ عينة من الغشاء الكريوني (ChirionicMembrane) في الشهور الأولى من الحمل.
الثالثة: استخدام الموجات فوق الصوتية في الفترة الأخيرة من الحمل لتصوير الجهاز التناسلي للجنين.
فهذه الحالات الثلاث تعتمد على التحليل أو التصوير، وتتم هذه المحاولات بعد تكوين الجنين، ولا دخل لأحد في تغيير الوضع القائم. وفوق هذا فإن هذه النتائج ظنية، وحتى لو كانت النتائج بنسبة 100% فإنها لا تتعارض مع قوله تعالى:) ويعلم ما في الأرحام((الرعد:8).
إن ما يصل إليه الطبيب عن طريق التصوير بالموجات فوق الصوتية أو عن طريق التحليل ليس معرفة للغيب، ولكنه كالذي يقوم بإدخال منظار ليرى من خلاله الحصو أو ليرى قرحة المعدة، أو كالذي يفتح البطن؛ ليقوم بعمل استكشاف عن مرض معين.
وإن معرفة نوع الجنين لو نظرنا إليها لوجدناها واحدة من آلاف المعلومات التي تتعلق بالجنين.
فهناك التركيب الخلقي من حيث التصوير والأوصاف الخاصة بأعضائه الخارجية والداخلية، وهناك الأسرار الكامنة في علم الوراثة، وهناك العديد من الأسرار في الأوردة والشرايين والجهاز العصبي والغدد، وهل سيكتب له البقاء أم سيولد ميتًا أم يولد مشوها؟... إلى آخر هذه الأمور التي لا يعلمها إلا الله عز وجل.
ودون أدنى إشارة إلى تعجيز أحد من هؤلاء، هل يعلم أحد تحديد الصفات التي سيكون عليها الجنين؟ هل يمكن التنبؤ بالمستوى العقلي الذي سوف يكون عليه مستوى ذكائه بناء على مستوى ذكاء والديه؟
إن كان ما توصل إليه الطب الحديث هو معرفة السبب الذي على أساسه تنتقل بعض المواصفات من الأبوين للأبناء، فهل يمكن وضع حدود فاصلة في هذا الصدد([25])؟
التحدي بمفاتح الغيب الخمسة:
تحت عنوان: "المغيبات الخمس وأثرها في حياة الإنسان" كتب الدكتور عبد الحي الفرماوي يقول: "قد يعلم بعض الناس بما آتاهم الله من علم بعض ما في هذه الأرحام، لكن علمهم لهذا البعض لا يكون إلا في حالات معينة وأوقات محددة منه؛ كأن يعلم بعض العلماء أن الأنثى حامل أو غير حامل قبل أن تظهر ملامح ذلك لغير المختص، وذلك بواسطة التحاليل المعملية، أو قد يعلم بعضهم مثلًا وضع الجنين في بطن أمه مقلوبًا أو غير مقلوب، وذلك بواسطة الأجهزة الحديثة التي تبين ذلك وهي الأشعة، أو قد يعلم فريق ثالث نوع الجنين أذكر هو أم أنثى؟ وهو لا يزال في بطن أمه، أو... أو ... إلى آخر هذه الأشياء التي أدرك الإنسان معرفتها، والتي ما زال يبحث حول معرفتها، سواء أكان بالنسبة للأجنة في أرحام الطيور، أم في أرحام الحيوانات، أم في أرحام الإنسان، والتي ما زال يبحث حول معرفتها كل يوم"([26]).
لقد أخبر الله سبحانه وتعالى أن هناك غيبًا لا يعلمه إلا هو، وسماه مفاتح الغيب في قوله تعالى: )وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ( (الأنعام: 59)، وحدد النبي صلى الله عليه وسلم هذا الغيب في خمسةأشياء: علم وقت قيام الساعة، وعلم وقت نزول المطر، وعلم ما تغيض به الأرحام، وكسب الأنفس، ومعرفة مكان موتها وزمانه، حتى في الزمن القريب (الغد)؛ أي إن هذه الأشياءالخمسة المغيبة محجوبة عن علم الإنسان وإدراكه، وعلمها مقصور على الله وحده.
وبالتالي لن يتمكن البشر ـ مهما حاولوا ـ من معرفة هذا الغيب، وقد تحدتهم نصوص القرآن والسنة في هذه الخمس، في زمن سادت فيه الكهانة والتنجيم والسحر فعجزوا، واستمر هذا التحدي للإنسان عبر القرون حتى اكتشف عددًا من السنن الكونية في هذا الزمان، فعرف بها بعض المجهول في الكون والحياة؛ وهو مع كل ذلك العلم عاجز تمامًا عن أن يعرف ويعلم يقينًا هذه المغيبات الخمس، برغم اليقين العلمي الآن.
فقضية إنشاء إنسان جديد، برغم توفر مقدماتها والتي أصبحت مشاهدة الآن، بعدما تم تصويرها ورؤيتها بالعين، وبرغم وصول الإنسان إلى كم هائل ودقيق في معرفة كثير من سنن الخلق في عالم الشهادة، إلا أنه سيظل عاجزًا عن إدراك ومعرفة سر إنشائه وخلقه، وسيظل عاجزًا عن أن يعلم يقينًا هل كل طور جنيني صحيح أو شبه صحيح سيتحول إلى الطور الآخر؟ وهل سيتخلق إنسانًا جديدًا أم لا؟
بمعنى: هل كل نطفة أمشاج تتحول إلى علقة؟ وهلكل علقة تتحول إلى مضغة؟ وهل كل مضغة سيتم تخليقها وتصويرها، وتنفخ الروح فيها، وتنشأ خلقًا آخر، ويزداد بها الرحم؟ أم تتوقف سنن الخلق الغيبية في أي طور من هذهالأطوار المبكرة، فتهلك في هذه الأطوار، معبرة عن إرادة الله سبحانه وتعالى بعدم إنشاء إنسان جديد منهذه المقدمات والمكونات، وتتخلص الأرحام منها إما بإسقاطها، أو بتحللها واختفاء آثارها؟
إن العلم بمستقبل الأجنة المبكرة في أطوارها الصحيحة أو شبه الصحيحة، هل هي هالكة أم مخلقة؟ بمعنى آخر: هل يغيض الرحم بها أم ينشأ منها إنسان جديد تنفخ فيه الروح ويزداد به الرحم؟ هذا العلم هو الغيب الحقيقي الذي لا يعلمه إلا الله؛ أي إن العلم بمشيئة الله في الخلق هو مفتاح الغيب([27]).
الحكمة من اختصاص الله تعالى بعلم ما في الأرحام:
لقد اختص الله تعالى نفسه بعلم ذلك كله على النحو الذي ذكرنا، واختصاصه سبحانه وتعالى به من أجل نعمه وعظيم فضله سبحانه على عباده، ولكن لماذا اختص الله عز وجل ذاته بعلم ما في الأرحام؟!
بيان ذلك: أن العلماء لو عرفوا كل شيء عن الجنين وهو في رحم أمه كعلم الله تعالى بذلك؛ أي علموا بعض ما سيكون عليه من ذكاء أو غباء، سيصبح ناجحًا يحمل الزهو والفخر لأهله أو فاشلًا يجلب العار... إلى آخر هذه الصفات والحالات الموجودة في أفراد بني الإنسان، أينكر عاقل أنه سيوجد بعض الناس ـ إن لم يكن جميعهم ـ يتوجهون إلى الأطباء للتخلص من هذا الجنين الذي علموا أنه سيصبح مجرمًا أو فاشلًا أو صاحب عاهة، أو للتخلص من هذا الجنين الذي يعرف أنه أنثى عند من لا يريد إنجاب الأنثى مثلًا؛ ليصبح العالم كله كما يريدون ـ وكما يحلو لهم حينها ـ ناجحًا مشهورًا غنيًّا ذكيًّا سعيدًا... إلى آخر هذه الصفات المنتقاة التي يفضلونها؟
لكن قبل أن ينكر ذلك أحد، نحب أن ننبه إلى ما يحدث اليوم من تخلص بعضهم من الجنين لعدم رغبتهم في الإنجاب بحجة أنهم يريدون تأمين أنفسهم ماديًّا قبل الإنجاب، أو من تخلص بعضهم من الجنين لأي سبب آخر مما يعرفه المختصون.
تعالوا الآن نتخيل ما يحدث على الخريطة البشرية لو أن الإنسان علم ما في الأرحام علم الله تعالى به دون أن يتحلى هذا الإنسان برحمة الله تعالى وحكمته.
ونترك لكم حرية الخيال فيما سيكون عليه الحال من انقلاب الموازين واختلاف المقاييس وتباين الأهواء وصيرورة العالم إلى حال لا تستقيم معها الحياة.
ونتساءل: هل يظهر الذكي إلا وجود الغبي؟ وهل يُعرف السخي إلا بوجود البخيل؟ وهل تدرك عزة الغنى إلا بذلة الفقر؟ وهل تعرف نعمة الصحة إلا بعد المرض؟
إنها حكمة الله تعالى في امتلاء الحياة الدنيا بالأضداد والمتناقضات! وهنا نسارع فنقول: أليس اختصاص الله تعالى بعلم ذلك من أجل نعمه وعظيم فضله على عباده([28])؟!
إذًا، فهناك أمور وأسرار تتعلق بخلق الجنين لا يعرف الإنسان عنها شيئًا، فإن عرف بعضًا منها ـ كأن يعرف جنس الجنين وبعض الأمراض التي تصيبه ـ فذلك لا يتنافى مع علم الله بما في الأرحام؛ وذلك لأربعة أمور:
أولها: أن الله يعلم ذلك قبل أن يتخلق الجنين؛ أي قبل أن تتلقحبويضة الأنثى بماء الذكر، إلى أن يولد، بل قبل أن يكون هناك الزواج بين الرجل والمرأة، والأطباء لا يعرفون ذلك إلا بعد إخصاب البويضة بزمن يمكنهم فيه الفحص والاستدلال، وما يقال: إنهم يعرفون ذلك قبل الإخصاب بفحص ماء الرجل ومعرفة الكروموسومات الغالبة فيه، فإن هناك عوامل أخرى لا يستطيع العلم التحكم فيها، وكلها تحت إرادة الله سبحانه، وما يستنبطونه مقدمًا فهو لا يعدو مرحلة الظن والتخمين.
ثانيها: أن علم الله بنوع الجنين علم حقيقي لا يتخلف، وعلمالعلماء بذلك علم ظني قد يتخلف، وبخاصة في الأيام الأولى للحمل.
ثالثها: أن علم الله بالجنين علم شامل لنوعه ورزقه وأجله وسعادته وشقائه، وذلك غيرمستطاع إلا لله سبحانه وتعالى، الذي قدر كل شيء قبل أن يخلقه.
رابعها: أن علم الله لا يسبقه جهل، وعلم غيره مسبوق بالجهل.
وبهذه الأمور وغيرها يظل علم الله سبحانه وتعالى في قدسيته وشموله وصدقه لا يدانيه فيه مخلوق من مخلوقاته، قالتعالى:)وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ( ([29]) (الانعام:59).
بعد هذا العرض لتوضيح المراد بقوله تعالى: )ويعلم ما في الأرحام((لقمان :34) نرى أنه من المفيد أن نورد تلخيصًا سريعًا يجمل ما سبق:
1. مفاتح الغيب هي: السنن أو الطرق الموصلة لاستكشاف الغيب الحقيقي المقصور علمه ـ بكلياته وجزئياته ـ على الله تعالى، أو هي خزائن الغيب، أو هما معًا. ومفاتح الغيبالخمس محجوب علمها عن الخلق جميعًا، ولا يعلمها علمًا ذاتيًّا إلا الله وحده، أما علم الله المحيط الشامل لعالم الشهادة، فليس من مفاتح الغيب الخمس.
2. وفقا للقواعد الأصولية التي توجب الجمع والتوفيق بين النصوص الواردة في الموضوع نفسه، فإن العموم الوارد في آية سورة لقمان:)إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير (34)( (لقمان) يراد به الخصوص الوارد في الحديث "مفاتح الغيب خمس لايعلمها إلاالله: لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم متىيأتي المطر أحد إلا الله..."([30]) الحديث، وعليه فإن العلم بما في الأرحام الذي لا يعلمه إلا الله هو علم ما تغيض الأرحام، كما أن العلم الذي لا يعلمه إلا الله في إنزال الغيث هو العلم بوقت نزوله.
3. غيض الأرحام هو هلاك الأجنة المبكر، أو ما يعرف طبيًّا بالإسقاط التلقائي للأجنة في أطوار خلقها المبكرة؛ أي في الأسابيع الثمانية الأولى بعد التلقيح، ويشمل الأجنة التي تبتلعها الأرحام أو تلفظها.
4. العلم بغيض الأرحام يعني: أن العلم بمستقبل تخليق أطوار الأجنة الأولى، من طور إلى طور، هل هي هالكة أم مخلقة؟ غيب لا يعلمه إلا الله وحده؛ وهذا يعني أن مشيئة إنشاء إنسان جديدمن عدمه، في علم الله وحده.
5. قضية الذكورة والأنوثة والتشوهات الخلقية للأجنة في بطون أمهاتها، ليست من مفاتح الغيب الخمسة، بل هي من عالم الشهادة، والقطع فيها بالعلم من قبل الأطباء والخبراء ليس من الغيب الحقيقي؛ بل هي من الأشياء الخاضعة لسنن الاستكشاف، والتي أمرنا بالتعرف عليها([31]).
3) وجه الإعجاز:
على الرغم من تقدم العلم واستطاعته ـ بإذن الله ـ الكشف عن نوع الجنين في رحم أمه إلا أن هذا لا يعد خرقًا لقاعدة مفاتح الغيب؛ حيث إننا لو نظرنا إلى معرفة نوع الجنين من حيث كونه ذكرًا أو أنثى لوجدناها واحدة من آلاف المعلومات التي تتعلق بتخلق الجنين أو تطوره؛ مما يثبت إعجاز القرآن وسبقه للعلم الحديث في هذا المضمار منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمان.
كما أن دلالة غيض الأرحام على الإسقاط التلقائي المبكر بصورتيه: غور الأجنة وإسقاطها, وما يصاحبه من نقصان ونضوب لبرك السوائل والدماء المحيطة بالأجنة ـ لهو إعجاز علمي واضح سبق به القرآن الكريم علم الأجنة بقرون, فالعرب رغم أنهم يعرفون معنى لفظ الغيض لغة إلا أنهم لم ينطقوا بجملة (غيض الأرحام) قط قبل نزول القرآن الكريم.
ولقد اتضح بيقين ـ في هذا الزمان ـ بعد تقدم علم الأجنة الوصفي والتجريبي دقة لفظ الغيض ودلالته الشاملة لكل الأحداث التي تمر بها الأجنة الهالكة في مرحلة التخليق؛ فبعضها تسقطه الأرحام, ويمكن أن يشاهد وتدرك آثاره, والبعض الآخر يتلاشى ويختفي ولا تدرك آثاره؛ ويصدق عليها أن الأرحام قد ابتلعتها كما تبتلع الأرض الماء. وهذه الحقيقة لم تعرف إلا في أواخر القرن العشرين, بعد تقدم أجهزة البحث والرصد والتحاليل الدقيقة, ولم تحدد بدقة إلا بعد استخدام أجهزة الموجات فوق الصوتية المكتشفة حديثًا.
وهكذا أثبت العلم ـ بيقين ـ دقة هذا التعبير وشموليته؛ وبهذا يتحقق السبق القرآني في الإشارة إلى حقائق علمية دقيقة, لم يكتشف معظمها إلا في النصف الثاني من القرن العشرين؛ تحقيقًا لقول الله تعالى: )إن هو إلا ذكر للعالمين (87) ولتعلمن نبأه بعد حين (88)( (ص).
(*) وَهْم الإعجاز العلمي، د. خالد منتصر، دار العين، القاهرة، ط1، 2005م.
[1]. تُعدُّ الكيسة الأريمية مضغة ما قبل الانغراس، وهي تتطور حتى اليوم الخامس من التلقيح، كما تتضمَّن الكيسة الأريمية جميع المواد الضرورية للتطور إلى كائن بشري كامل، وتتألف الكيسة الأريمية من:
الكتلة الخلوية الداخلية، وتتكوَّن من 30 ـ 34 خلية، يصفها العلماء بأنها متعددة القدرة؛ وذلك لقدرتها على التمايز إلى أي نوع من أنواع الخلايا في الجسم.
الخلايا الخارجية (المحيطية)، والتي تتطور لتعطي الملحقات الجنينية (مشيمة، حبل سري...).
هذا وإن خلايا الكتلة الداخلية ـ خلال مسيرة التطور الجنيني ـ مسئولة عن إعطاء جميع الطبقات (البويضات) الجنينية الأصلية الابتدائية الثلاث: الخارجية، الوسطى، الداخلية؛ وبذلك تكون هذه الخلايا قادرة على التحول إلى أكثر من 200 نوع من الخلايا الموجودة في الجسم عندما تحصل على التحريض الكافي والضروري لتتحول إلى نموذج محدد من الخلايا، كما تجدر الإشارة إلى أن خلايا الكتلة الداخلية في الكيسة الأريمية لا تشارك في إعطاء الأغشية الجنينية الخارجية أو المشيمة أبدًا.
[2]. الحصبة الألمانية (Rubella): مرض مُعدٍ لا يسبب للطفل إزعاجًا أكثر من الزُّكام، وقد سُمِّيت بهذا الاسم؛ لأنها اكتشفت للمرة الأولى على يد مجموعة من الأطباء الألمان في منتصف القرن الثامن عشر، وتستمر فترة حضانة الفيروس بعد أن يدخل الجسم من 14 إلى 21 يومًا، وعادة تكون 18 يومًا، ثم تبدأ أعراض المرض في الظهور، مثل ارتفاع درجة حرارة الجسم خلال اليومين الأولين، ولا يحتاج مرضى الحصبة الألمانية إلى علاج خاص، ولكن هذا المرض قد يؤثر على الجنين وهو في رحم أمه؛ كأن يولد الطفل مُشوَّهًا، أو مصابًا بمرض القلب، أو مصابًا بفقدان النظر أو السمع، أو يصاب بتأخر في النمو العقلي والجسدي، أو غير ذلك؛ ولذلك يجب أن تتجنَّب المرأة الحامل الاتصال بشخص مصاب بالحصبة الألمانية لتجنب العدوى.
[3]. مفاتح الغيب.. وعلم ما في الأرحام، د. عبد الجواد الصاوي، بحث منشور بمجلة الإعجاز العلمي، الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، السعودية، العدد (28)، رمضان 1428هـ، ص35، 36.
[4]. مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين، محمد بن صالح بن محمد العثيمين، جمع وترتيب: فهد بن ناصر بن إبراهيم السليمان، دار الوطن، دار الثريا، السعودية، 1413هـ، ج5، ص198.
[5]. لسان العرب، مادة: رحم.
[6]. المغيبات الخمس، مقال منشور بموقع: حراس العقيدة www.hurras.net.
[7]. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، مرجع سابق، ج3، ص453.
[8]. التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، مرجع سابق، مج10، ج21، ص198.
[9]. في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، القاهرة، ط13، 1407هـ/ 1987م، ج5، ص2799.
[10]. أخرجه مالك في موطئه، كتاب: البيوع والتجارات والسلم، باب: النُّحْلَى، ص259، رقم (808).
[11]. تفسير الشعراوي، محمد متولي الشعراوي، أخبار اليوم، القاهرة، ط1، 1991م، ج19، ص11768، 11769.
[12]. مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين، مرجع سابق، ج1، ص36.
[13]. مفاتح الغيب.. وعلم ما في الأرحام، د. عبد الجواد الصاوي، مرجع سابق، ص33.
[14]. هل يملك أحد الإخبار بنوع الجنين؟ محمد السقا عيد، مقال منشور بموقع: اسم الله www.esmallah.org.
[15]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى:)عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا(26)((الجن)، (13/ 374)، رقم (7379).
[16]. هل في كشف جنس الجنين منازعة لله في الغيب؟ د. محمد دودح، بحث منشور بموقع: الإسلام اليوم www.islamtoday.net.
[17]. مفاتح الغيب.. وعلم ما في الأرحام، د. عبد الجواد الصاوي، مرجع سابق، ص35.
[18]. هل العلم الحديث يعلم ما في الأرحام؟ مقال منشور بموقع: شبهات www.shobohat.com.
[19]. خلق الإنسان في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ص513: 515.
[20]. إعجاز القرآن في ما تخفيه الأرحام، كريم نجيب الأغر، مرجع سابق، ص229.
[21]. خلق الإنسان في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ص517، 518.
[22]. هي الخلايا الأولية التي ستتحوَّل إلى خلايا أنثوية أو ذكرية.
[23]. متى يُحدَّد جنس المولود؟ مقال منشور بموقع: التوحيد www.eltwhed.com.
[24]. امرأة تلد ثمانية توائم في مستشفى في كاليفورنيا، مقال منشور بموقع: www.quran.maktoob.com.
[25]. هل يملك أحد الإخبار بنوع الجنين؟ محمد السقا عيد، مقال منشور بموقع: اسم الله www.esmallah.org.
[26]. المغيبات الخمس وأثرها في حياة الإنسان، د. عبد الحي الفرماوي، مقال منشور بمجلة منار الإسلام، أبو ظبي، العدد (6)، 1416هـ، ص27.
[27]. مفاتح الغيب.. وعلم ما في الأرحام، د. عبد الجواد الصاوي، مرجع سابق، ص35، 36.
[28]. هل يملك أحد الإخبار بنوع الجنين؟ محمد السقا عيد، مقال منشور بموقع: اسم الله www.esmallah.org.com.
[29]. هل العلم الحديث يعلم ما في الأرحام؟ مقال منشور بموقع: شبهات www.Shobhat.com.
[30]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى:)عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا(26)((الجن)، (13/ 374)، رقم (7379).
[31]. مفاتح الغيب.. وعلم ما في الأرحام، د. عبد الجواد الصاوي، مرجع سابق، ص39.
click
read dating site for married people