دعوى تعارض القرآن مع الحقائق العلمية بشأن
تثبيت الجبال للأرض (*)
مضمون الشبهة:
في سلسلة من الافتراءات يحاول أعداء الإسلام نفي الإعجاز العلمي عن القرآن الكريم في حديثه عن الجبال وما يتعلق بها، فيدعون أن الآيات في هذا الشأن جاءت متناقضة مع حقائق العلم الثابتة، ويستدلون على ذلك بقوله تعالى:)والجبال أوتادًا (7)((النبأ)، وقوله تعالى: )والجبال أرساها (32)((النازعات)، وقوله تعالى:)وجعلنا في الأرض رواسي( (الأنبياء:31)، فالآيات تشير إلى أن الجبال هي المسئولة عن تثبيت الأرض وعدم اضطرابها، في حين أنه قد ثبت علميًّا أن مجموع كتل الجبال على سطح الأرض ـ على ضخامتها ــ لا يساوي شيئًا بالنسبة لكتلة الأرض المقدرة بحوالي ستة آلاف مليون مليون مليون طن.
بالإضافة إلى أن طول الجبال ـ على تعاظمها ـ لا يساوي شيئًا بالنسبة إلى طول نصف قطر الأرض؛ فالفرق بين أعلى قمة جبلية على سطح الأرض، وبين أعمق بقعة في أعماق المحيطات لا يكاد يصل إلى عشرين كم (19٫715 كم)، بينما يبلغ نصف القطر الاستوائي للأرض حوالي (6378٫160 كم). ويتساءلون: كيف يمكن للجبال أن تثبت الأرض وكتلتها وأبعادها بهذه الضآلة إذا ما قورنت بكتلة الأرض وأبعادها؟!
كما يدعون أنه على عكس ما حاول القرآن إثباته، قد ثبت أن الجبال تحدث اهتزازات وزلازل للأرض، فكيف يصفها القرآن بأنها رواسي لها؟!
وجها إبطال الشبهة:
1) لم يخطئ القرآن الكريم عندما أشار إلى أن وظيفة الجبال هي تثبيت الأرض وعدم اضطرابها، وذلك عندما وصف الجبال بأنها رواسي في حوالي عشرة مواضع، ووصفها أيضا بأنها أوتاد ليؤكد ذلك، وقد أثبتت الحقائق العلمية أن كل نتوء أرضي فوق مستوى سطح البحر له امتداد في داخل الغلاف الصخري للأرض يتراوح طوله بين (10: 15) ضعف ارتفاعه الخارجي؛ مما يتسبب في تثبيت الأرض داخليًّا (تثبيت ألواح الغلاف الصخري) وخارجيًّا (الحفاظ على توازن الأرض ككوكب أثناء دورانها حول محورها).
2) ليس صحيحًا ما ادعاه الطاعن من أن الجبال هي المسئولة عن حدوث ظاهرة الزلازل؛ فالثابت علميًّا أن هناك عدة عوامل تكمن وراء حدوث تلك الظاهرة؛ منها تلك الحرارة المختزنة في باطن الأرض والتي تستخرج بفعل موجات الجذب لكل من الشمس والقمر، فتخرج تلك الحرارة على هيئة زلازل وبراكين، وليست الجبال واحدًا من تلك العوامل، بل الثابت أن الجبال تكونت كنتيجة طبيعية لهاتين الظاهرتين (الزلازل والبراكين)، فكان من الجبال ما هو بركاني، ومنها ما هو رسوبي.
التفصيل:
أولا. تصريح القرآن بتثبيت الجبال للأرض، واتفاق العلم الحديث معه في ذلك:
1) الحقائق العلمية:
ثبت علميًّا أن الغلاف الصخري للأرض ممزق بشبكة هائلة من الصدوع التي تمتد لعشرات الآلاف من الكيلو مترات، وهي محيطة بالأرض إحاطة كاملة بعمق يتراوح بين 65 كم: 150 كم، فتؤدي إلى تمزيق هذا الغلاف إلى عدد من الألواح الصخرية المعزولة عن بعضها البعض بمستويات تلك الصدوع، وتطفو ألواح الغلاف الصخري للأرض فوق طبقة لَدِنة شبه منصهرة، عالية الكثافة واللزوجة تعرف باسم "نطاق الضعف الأرضي".
وفي هذا النطاق تنشط التيارات الحرارية على هيئة دوامات عاتية من تيارات الحمل التي تدفع بألواح الغلاف الصخري للأرض متباعدة عن بعضها البعض بسرعات لا تسمح بعمرانها على الإطلاق.
وهذه الحركات لألواح الغلاف الصخري للأرض، لا يهدئ من عنفها إلا تكوُّن السلاسل الجبلية على مراحل متتالية حتى تصل إلى مرحلتها النهائية باستهلاك قاع المحيط الفاصل بين قارتين متباعدتين استهلاكًا كاملًا، وذلك بدفع إحدى القارتين له تحت القارة الأخرى، حتى تصطدم القارتان ضاغطتين الصخورَ المتجمعة بينها على هيئة سلاسل جبلية عظيمة، تمتد بأوتادها لتثبت صخور إحدى القارتين بصخور الأخرى، كما يثبِّت الوتد أركان الخيمة بالأرض.
نرىفيهذهالصورةجبلًاجليديًّايبلغارتفاعه 700م،ولكنهناكجذرلهيمتدتحت سطح الماء لعمق 3 كم،وقد كانت جذور الجبال الجليدية سببًا فيغرق الكثير من السفن؛ لأن البحارة لميكونوا يتصورون أن كل جبل جليديلهجذريمتدعميقًا تحت سطح البحر
هذا بالنسبة لتثبيت كتل القارات على سطح الأرض، أما بالنسبة للأرض ككوكب، فمن المعروف أنه نتيجة لدوران أرضنا حول محورها فقد تحول شكلها من كرة كاملة الاستدارة إلى شبه كرة منبعجة قليلًا عند خط الاستواء، ومفلطحة قليلًا عند القطبين، وهذا النتوء الاستوائي للأرض جعل محور دورانها يغير اتجاهه في حركة بطيئة، وهذه الحركة تعرف باسم "الحركة البدارية"، وتعبر عن حركة محور دوران الأرض في الفضاء.
وهذا المحور يترنّح ويتمايل في حركات مختلفة مع حركة كل من الشمس والقمر، والمتغيرات المستمرة في مقدار واتجاه قوتي كل منهما البدارية، ووضع الأرض بالنسبة لكل منهما، ويقلل من عنف هذه الحركات وجود الجبال ذات الجذور الغائرة في الغلاف الصخري للأرض، فتقلل من شدة ترنّح محور دوران الأرض، وتجعلها أكثر استقرارًا وانتظامًا في دورانها حول محورها، وأقل ارتجاجًا وترنُّحا تمامًا كما تفعل قطعة الرصاص حول أطر عجلات السيارات؛ لتقلل من ارتجاجها أثناء دورانها تحت السيارة([1]).
رسم يوضح قطاعات تخطيطية للغلاف الصخري للأرض، وفيها امتداد كل من القارات والجبال
داخل نطاق الضغط الأرضي
وقد ترسخ لدى جميع علماء الجيولوجيا اليوم أن لكل جبل وتدًا يمتد عميقًا في الأرض، ولولا هذه الأوتاد لما استقرت الجبال ولما استقرت القشرة الأرضية؛ فالوتد مهمته تثبيت الجبل من جهة وتثبيت القشرة الأرضية من جهة أخرى.
وهذه الحقيقة العلمية قد بدأت تستحوذ على اهتمام الباحثين منذ مطلع القرن العشرين، واستغرقت جهود العلماء عشرات السنوات من البحث والتجربة والقياس والتكاليف الباهظة، وكانت النتيجة التي تم إثباتها هي أن جميع الجبال التي نراها لها جذور كالأوتاد تمامًا، تمتد لمسافات تزيد عن 60 كم في باطن الأرض.
وقد جاء بموقع هيئة المساحة والجيولوجيا الأمريكية النص الآتي:
It's now known that most mountain ranges are underlain by crustal roots floating atop the hot plastically deforming mantle.
أي إنه من المعترف به أن معظم الجبال تمتلك جذورا تمتد داخل الأرض وتطفو عبر الغلاف الصخري بشكل مرن.
ويقول الدكتور"André Cailleux" في كتابه (تشريح الأرض):
The mountains, like pegs, have deep roots embedded in the ground, These roots are deeply embedded in the ground, thus, a mountain have a shape like peg.
أي إن الجبال تشبه الأوتاد فهي تمتلك جذورًا عميقة في الأرض، هذه الجذور ممتدة بعمق في الأرض؛ ولذلك فإن شكل الجبل يشبه الوتد.
وقد قام العلماءR. Carbonell, A. Pérez ـEstaún, J. Gallart, J. Diaz,S. Kashubin, J. Mechie, R. Stadtlander, A. Schulze, J. H. Knapp, Morozovبدراسة عام 1996م حول جذور الجبال، وتركزت الدراسة في جبال الألب في أوربا، ووجدوا أن هذه الجبال تمتد عميقًا في الأرض لعشرات الكيلو مترات (40 ـ 50 كم)([2]).
وقد ثبت في عام 1956م أن الجبل له جذر يخترق طبقات الأرض، ويمتد تحت سطح الأرض حتى يصل إلى طبقة الغطاء (السيما)، وهذا الجذر يعادل من 5: 10 أضعاف ارتفاع الجبل فوق سطح الأرض، وقد تم تصوير هذا الجذر بطريقة الهيلوغرافية.
ولنضرب مثلًا لذلك وهو قمة (إفرست) التي يبلغ ارتفاعها 9 كم، بينما جذورها تمتد إلى عمق 135 كم تحت سطح الأرض، وبما أن طبقة القشرة تكون صلبة حيث توجد الجبال، وبما أن طبقة الغطاء التي تحتها هي طبقة لزجة في أسفلها، فلا بد بسبب دوران الأرض أن يحصل اضطراب وتزلزل وتصدع لطبقة القشرة التي ستنزلق على طبقة الغطاء، فكان لا بد من شيء يربط الطبقتين بعضهما ببعض، لكي يمنع الاهتزازات على طبقة القشرة؛ لذلك جعل الله عز وجل للجبال جذورًا تنزل في أعماق الغطاء بحيث تصبح الجبال أوتادًا، فكما أن الأوتاد تثبت الخيام على الأرض فكذلك الجبال تثبت القارات على الأرض وتمنعها من التحرك([3]).
ولقد كان لبعض العلماء الغربيين ـ غير المسلمين ـ جهود وفيرة في هذا الشأن، وكانت نتيجة ذلك هي التأكيد على الفكرة السابقة وتثبيتها؛ ففي القرن الثامن عشر تنبه "بير بوجر" ـ وكان يرأس بعثة إلى جبال الإنديز ـ إلى أن قوة الجذب المقاسة في هذه المنطقة Gravitional Attraction لا تتناسبمع كتلة هذه الجبال الهائلة، وإنما هي أقل بكثير من المتوقع، معتمدًا على الانحراف في اتجاه القمم البركانية في تلك المنطقة، والملاحظ على قياس الجذب التقليدي الذي معه؛ والمسمى بـ "ميزان البناء"، ونتيجة لهذه الملاحظة الأولية افترض "بوجر" ضرورة وجود كتلة صخرية هائلة غير مرئية ليس لها مكان إلا أسفل تلك الجبال البارزة.
وفي القرن التاسع عشر الميلادي لم تجد البعثات الجيولوجية البريطانية التي قامت بأعمال المسح الجيولوجي تفسيرًا منطقيًّا لظاهرة الاختلاف الشاذ لقراءات الجاذبية إلى منتصف ذلك القرن؛ حيث أشارت أعمال المسح التي أشرف عليها "جورج إفرست"([4]) أنه لا يمكن تفسير هذه الاختلافات الشاذة لقراءات الجاذبية إلا بافتراض وجود امتدادات منغرسة لهذه الجبال (الهيمالايا) في جوف القشرة الأرضية إلى مسافات عميقة، وأن هذه الامتدادات إما أن تكون من مادة الجبال البارزة نفسها أو أكثر كثافة منها.
وفي عام 1865م تقدم "جورج آيري"([5]) بنظرية مفادها أن القشرة الأرضية لا تمثل أساسًا مناسبًا للجبال التي تعلوها؛ وعليه فلا بد للجبال ـ لضمان ثباتها واستقرارها ـ أن يكون لها جذور ممتدة إلى داخل الصخور عالية الكثافة التي تقوم عليها القشرة الأرضية.
وفي عام 1889م قدم الجيولوجي "دتون"([6]) تفسيرًا علميًّا لنظرية "جورج آيري" فيما أسماه نظرية الاتزان Theory of Isostacy، والمتمثل في حوض مملوء بالماء وبه مجموعات طافية من المجسمات الخشبية المختلفة الارتفاعات، وتبين من هذا النموذج أن الجزء المغمور في الماء من المجسمات الخشبية يتناسب طرديًّا مع ارتفاعه، وأسمى هذه الحالة الاتزان المائي الثابتState of Hydrostatic Balance.
2) التطابق بين الحقائق العلمية وما جاءت به الآيات الكريمة:
ادعى المشككون أنه ليس للجبال دور في عملية تثبيت الأرض والحفاظ على توازنها، زاعمين أن القرآن قد أخطأ في ذلك، وأنه قد خالف حقائق العلم الثابتة، والواقع أن ادعاءهم هذا هو الذي يخالف حقائق العلم وليس القرآن الكريم؛ فالثابت علميًّا أن الأرض في حركة مستمرة داخليًّا وخارجيًّا، وأنه لولا وجود تلك الجبال التي تمتد بجذورها إلى عشرات الآلاف من الكيلو مترات داخل طبقات القشرة الأرضية ـ لما حدث توازن واستقرار في باطن الأرض، ولما استطاع الإنسان العيش على سطحها.
· الدلالات اللغوية لألفاظالآيات الكريمة:
أوتادًا: الوَتِد بالكسر، والوتَد والوَدُّ: ما زُرَّ في الحائط أو الأرض من الخشب، والجمع أوتاد. ووَتَدَ الوتد وتدًا: ثَبَتَ([7]).
الأوتاد: قطع من الخشب أو الحديد غليظة الرأس، مدببة النهاية، تثبت بها أركان الخيمة في الأرض بدكها حتى يدفن أغلبها في الأرض، ويبقى أقلها ظاهرًا فوق السطح، فتشد بذلك العمق أركان الخيمة في الأرض فتثبتها وتجعلها قادرة على مقاومة الرياح والعواصف الهوجاء([8]).
أرساها:رسا الشيء يرسو رسوًا وأرسى: ثبت، ورسا الجبل يرسو: إذا ثبت أصله في الأرض([9]).والـمرْسَى هو مكان الرسو أو زمانه، كما يقال للمصدر وللمفعول به، وفي معنى الزمان جاء قول اللهسبحانه وتعالى: )يسألونك عن الساعة أيان مرساها (42)( (النازعات)؛ أي قيامها وزمان ثبوتها، والمرساة: الآلة التي تُرسى بها السفينة([10]).
· من أقوال المفسرين:
قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: )والجبال أوتادًا (7)( (النبأ):"أي: جعلها لها أوتادًا أرساها بها، وثبتها وقررها حتى سكنت ولم تضطرب بمن عليها"([11]).
وقال القرطبي عند تفسيره لهذه الآية: "أي: لتسكن ولا تتكفأ ولا تميل بأهلها"([12]).
وجاء في ظلال القرآن: "وجعل الجبال أوتادا، يدركه الإنسان من الناحية الشكلية بنظره المجرد، فهي أشبه شيء بأوتاد الخيمة التي تشد إليها. أما حقيقتها فنتلقاها من القرآن، وندرك منه أنها تثبت الأرض وتحفظ توازنها"([13]).
وفي تفسير قوله عز وجل:)والجبال أرساها (32)((النازعات)، يقول ابن كثير: "أي: قرها وأثبتها في أماكنها، وهو الحكيم العليم، الرءوف بخلقه الرحيم... وثبت جبالها لتستقر بأهلها ويقر قرارها"([14]).
وجاء في تفسير الجلالين عن قوله تعالى:)والجبال أرساها (32)((النازعات): "أثبتها على وجه الأرض لتسكن"([15]).
أما قوله تعالى: )وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم( (النحل:15) فقد قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: "ثم ذكر تعالى الأرض، وما جعل فيها من الرواسي الشامخات والجبال الراسيات، لتقر الأرض ولا تميد؛ أي لا تضطرب بما عليها من الحيوان، فلا يهنأ لهم عيش بسبب ذلك"([16]).
حقًا، إن القرآن الكريم قد أعجز الجن والإنس عندما أشار إلى بعض الآيات الكونية التي يقف العقل أمامها حائرًا متسائلًا: من أين؟ وكيف؟ ولماذا؟ تلك الآيات التي من شأنها أن تؤكد الربوبية والتوحيد الخالصين لله وحده، وأن ترسخ نبوة محمد صلى الله عليه وسلم في النفوس. ومن تلك الآيات التي أشار إليها القرآن الكريم آية الجبال، وجاء حديثه عنها في مواضع كثيرة، والذي نحن بصدده الآن هو بيان القرآن الكريم للوظيفة التي من أجلها خلق الله سبحانه وتعالى الجبال، فالقرآن يؤكد في غير آية على أن وظيفة الجبال الأساسية هي تثبيت الأرض، والحفاظ علىها من أن تضطرب أو تميل، حتى يكفل للإنسان العيش على سطحها في أمان وطمأنينة؛ ليعبد الله سبحانه وتعالى ويشكره على نعمه الوفيرة، فقال سبحانه وتعالى: )وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم( (النحل: 15).
وقال سبحانه وتعالى: )والجبال أرساها (32)( (النازعات)؛ أي: أرسى الأرض بها، وقال:)وجعلنا في الأرض رواسي( (الأنبياء:31). أما قوله تعالى: )والجبال أوتادًا (7)( (النبأ) فهو صريح في أن الجبال بمثابة الأوتاد التي تثبت بها الأرض، تماما كما تثبت الأوتاد أركان الخيمة، وهذا ما تأكد من أقوال علماء اللغة وتفسيرات المفسرين.
أما ما ادعاه المشككون من أن تلك الآيات لم تأت بأي إعجاز، بل إنها بذلك تخالف ما جاء به العلم حديثًا، وأن العقل يأبى ذلك، فلا يعقل ـ في زعمهم ـ أن تكون الجبال مثبتات للأرض وحجمها وكتلتها بهذه الضآلة إذا ما قيست بحجم الأرض وضخامتها ـ فليس من شك في أن ما ادعاه هؤلاء غير صحيح البتة؛ فقد جاءت علوم الأرض في العقود المتأخرة من القرن العشرين بالأدلة المادية التي تثبت أن الجبال تعمل على حفظ توازن الأرض، بعد أن ظل وصف الجبال إلى مشارف التسعينيات قاصرًا على أنها نتوءات فوق سطح الأرض.
فالحقائق العلمية تثبت أن للجبال دورًا مهمًّا في تثبيت ألواح الغلاف الصخري للأرض، ولولا ذلك لما استقامت الحياة على سطح الأرض أبدًا؛ لأن هذه الألواح كانت في بدء خلق الأرض على درجة من السرعة والعنف لا تسمح لتربة أن تتجمع، ولا لنبتة أن تنبت، وكان السبب وراء تلك الحركات المستمرة لألواح الغلاف الصخري هو دوران الأرض حول محورها بسرعة فائقة؛ مما يزيد من سرعة انزلاق ألواح الغلاف الصخري فوق نطاق الضعف الأرضي، مما يسبب ظاهرة اتساع قيعان البحار والمحيطات، ويدفع بملايين الأطنان من الصهارة الصخرية والحمم البركانية المندفعة عبر صدوع تلك القيعان، وبتسارع حركة ألواح الغلاف الصخري للأرض تسارعت الحركة البانية للجبال، وبتسارع بنائها هدأت حركة هذه الألواح، وهيئت الأرض لاستقبال الحياة.
كما أنه لم يقتصر دور الجبال على تثبيت ألواح الغلاف الصخري للأرض، بل إن للجبال دورًا عظيمًا في تثبيت الأرض ككوكب؛ فوجود تلك الجذور الغائرة للجبال في ألواح الغلاف الصخري للأرض يقلل من شدة ترنح الأرض في دورانها حول محورها، ويجعل حركتها أكثر انتظامًا وسلاسة([17]).
فالوصف القرآني للجبال قد جاء متفقًا تمامًا مع حقائق العلم الحديثة حول الجبال، بل إن في تعريف بعض العلماء للجبال بأن لها جذورًا تشبه الأوتاد التي تثبت بها الخيمة ـ دليلًا قويًّا على دقة الوصف القرآني لها بـ (أوتادًا).
3) وجه الإعجاز:
لقد أشار القرآن الكريم في حوالي عشرة مواضع إلى أن الوظيفة الأساسية للجبال هي تثبيت الأرض وإرساؤها، وقد جاء وصف القرآن للجبال بأنها أوتاد للأرض، وقد ثبت علميًّا أن لكل جبل جذرًا غائرًا في الأرض يتراوح طوله بين (10: 15) ضعف ارتفاعه الخارجي؛ مما يتسبب في إرساء ألواح الغلاف الصخري للأرض، والحد من اضطراب الأرض ككوكب في دورانها حول نفسها، وتلك الحقائق لم تكن معروفة حتى عقود قليلة لا تتعدى القرنين الماضيين.
ثانيا. لا علاقة للجبال بإحداث الزلازل:
هناك مجموعة من العوامل تكمن وراء ثورة الزلازل على سطح الأرض؛ حيث يمكن تقسيمهاإلى عوامل داخلية ترتبط بتكوين الأرض، والتي تتألف من عدة طبقات هي من الخارج للداخل، القشرة ثم الوشاح ثم لب الأرض، ويتكون لب الأرض من كرة صلبة من الحديد والنيكل تتميز بدرجة حرارة تصل إلى عدة آلاف درجة مئوية "قرابة 6000 درجة مئوية"، ولكون طبقات الأرض غير متجانسة تحدث عملية انتقال للحرارة من منطقة لأخرى، سواء بخاصية التوصيل في المناطق الصلبة أو الحمل في المناطق السائلة، أو بخاصية الإشعاع على سطح الأرض، وعندما تتراكم الطاقة الحبيسة في منطقة ما في طبقات الأرض يظهر دور الشمس والقمر من خلال موجات الجذب التي تؤثر بها على الأرض، وهو ما يسمح بتحرير الحرارة المختزنة داخل باطن الأرض على شكل زلازل وبراكين . أيضا تقف ظاهرة اقتران الكواكب وراء حدوث الزلازل والبراكين؛ حيث تكون قوى المد الشمسي والقمري أكبر ما يمكن، وهو ما يساعد على تحرير حرارة الأرض، ويفسر قصر مدة الاقتران الكوكبي صغر المدة التي ينتاب فيها الأرض الهزات الزلزالية.
وتلعب جيولوجيا المكان أيضًا دورًا مهمًّا في حدوث الزلازل؛ حيث يؤثر سمك القشرة الأرضية بما فيها من فوالق وتصدعات وكونها جزرًا في المحيط أو أرضًا صخرية. إضافة إلى أنه كلما كان الكوكب قريبًا من الشمس زادت الجاذبية المؤثرة وتسببت في حدوث زلازل وبراكين ضخمة مثلما يحدث على كوكب الزهرة، وكلما كبرت الكواكب وبعدت عن الشمس تقل الزلازل والبراكين عليها، وتتلقى الأرض طاقتها الحرارية من مصدرين؛ الأول هو الشمس والتي يظهر تأثيرها في المنطقة السطحية، وهو الجزء العلوي من القشرة والذي لا يزيد عن 28 ـ 30م، ويتمثل المصدر الثاني في حرارة باطن الأرض التي تنجم بشكل كبير عن النشاط الإشعاعي لبعض العناصر وخاصة اليورانيوم والثوريوم وغيرها من العناصر شديدة الإشعاع([18]).
وقد حاول كثير من العلماء البحث عن أسباب حدوث الزلازل، فظهرت نظريات كثيرة، وكلها محاولات لإيجاد تفسير لما يحدث في باطن الأرض، وما يترتب على ذلك من هزات أرضية، ومن هذه النظريات:
· نظرية الصفائح التكتونية:
توصلت هذه النظرية إلى أن قشرة الأرض كانت عبارة عن كتلة واحدة متصلة، ثم تعرضت للتفتت والانفصال، فانفصلت إلى أجزاء أو ألواح أو صفائح كما تسمى هنا، وصل عددها إلى اثنتي عشرة صفيحة، وهذه الصفائح تتحرك بالنسبة إلى بعضها بمعدل بطيء جدًّا لا يتعدى سنتيمترات قليلة سنويًّا، وسبب هذه الحركة يكمن في الطاقة الحرارية الناتجة عن التوزيع غير المتساوي للحرارة داخل الأرض؛ ومن ثم يترتب على هذه الحركة اصطدام حواف بعض الصفائح ببعض، أو انزلاق إحداها على الأخرى.
وبناء على هذه النظرية، يتضح لنا أن هناك علاقة بين حواف الصفائح التكتونية ومناطق الزلازل؛ فعندما يحدث تصادم بين الصفائح وبعضها ـ كما هو الحال بين صخور منطقة شبه الجزيرة العربية وصخور المنطقة الأوراسية (الجزء المشترك بين آسيا وأوربا) ـ ترتج الأرض، نتيجة تصادم صخور المنطقتين، ويحدث الكثير من الزلازل التي تتعرض لها جبال زاجروس بإيران.
وأحيانًا، تكون صخور القشرة في إحدى اللوحتين المتقاربتين أثقل من صخور القشرة في اللوحة الأخرى وأقل منها سمكًا؛ فيترتب على هذا انزلاق اللوحة الثقيلة تحت اللوحة الخفيفة، كما يحدث من انزلاق الجزء الشمالي من القارة الأفريقية ـ الذي تغطيه حاليًا مياه البحر الأبيض المتوسط ـ تحت اللوحة الأوراسية في جنوب أوربا، فتنصهر الصخور المنزلقة في الأعماق، وتكون صهيرًا يصعد على شكل براكين بالقرب من مناطق الانزلاق، ويكون صعودها مصحوبًا بزلازل مدمرة شديدة، وذلك مثل الزلازل التي حدثت في إيطاليا أعوام: (1908م، 1980م، 1986م)، وأغلب الهزات التي تحدث في اليابان وأندونيسيا وكل مناطق جنوب شرق آسيا، تنتمي إلى هذا النوع من الزلازل.
· نظرية الارتداد المرن:
تقوم هذه النظرية على أن السبب المباشر للزلازل هو التراكم والاختزان المستمر للطاقة على جزء ضعيف من القشرة الأرضية، وعندما تزيد الضغوط إلى حد يصعب على الصخور مقاومته، فإنها تنكسر إلى جزأين، ثم يستعيد كل منهما الشكل الأصلي له بواسطة الارتداد المرن، وتنطلق الطاقة على شكل موجات زلزالية أو هزات.
رسم توضيحي يبين كيفية تكون الزلزال
وتسمى الزلازل غير المرتبطة بشقوق سطحية باسم: الهزات الأرضية الخفيفة، وتحدث هذه الهزات عندما تنحني الصخور وتتحدب بفعل الضغط، وينتج عن هذا الضغط طيات يصاحبها حدوث العديد من الهزات الأرضية الضعيفة؛ نتيجة للحركة المستمرة للطاقة المختزنة بها، وقد يصل الضغط على تلك الصخور المنحنية إلى درجة كبيرة جدًّا، فتنشق وتنطلق الطاقة المختزنة نحو السطح، وتتحول بدورها إلى مصدر لهزات أرضية عنيفة.
وقد ثبت علميًّا أن للإنسان دورًا أيضًا في إحداث ظاهرة الزلازل والبركين؛ فالإنسان يحدث الكثير من التغييرات في البيئة المحيطة به، مما يساعد على حدوث الزلازل، ومن ذلك:
O إنشاء السدود والبحيرات الصناعية؛ مما يتسبب في إحداث ضغوط هائلة علىالقشرة الأرضية نتيجة لضغط المياه.
O ضخ المياه داخل الأرض؛ مثل حقن الأرض بالمياه لاستخراج البترول، فقدلوحظ أن ضخ المياه في أعماق الأرض في الولايات المتحدة الأمريكية أدى إلى ظهور نشاط زلزالي في مناطق كانت غير نشطة زلزاليًّا من قبل، وعندما توقف الضخ، هدأ النشاط الزلزالي في الحال.
O إجراء التجارب النووية تحت سطح القشرة الأرضية:
ومن سرد الحقائق العلمية السابقة حول أسباب حدوث الزلازل والبراكين، يتبين أن ادعاء الطاعن المتمثل في أن الجبال هي السبب وراء حدوث الزلازل، وعليه بنى زعمه بتخطئته القرآن عندما أشار إلى أن الجبال من شأنها أن تثبت الأرض وتزنها ـ هو ادعاء باطل ترده حقائق العلم في هذا الشأن؛ فالمقرر علميًّا أن الجبال ما هي إلا نتاج الزلازل والبراكين، وأنه لا دخل للجبال في إحداث ظاهرة الزلازل كما يزعم الطاعن، فهناك عدة عوامل تتسبب في وقوع تلك الظاهرة الطبيعة، منها ما هو داخلي مرتبط بتكوين الأرض؛ حيث إن لب الأرض يتميز بدرجة حرارة عالية جدا تصل إلى (6000 درجة مئوية)، ولكون طبقات الأرض غير متجانسة، فإنها تحدث عملية انتقال للحرارة من منطقة لأخرى، وعندما تتراكم تلك الحرارة في منطقة ما في طبقات الأرض يظهر دور الشمس والقمر من خلال موجات الجذب التي تؤثر بها على الأرض؛ مما يسمح بتحرير تلك الحرارة المختزنة على شكل زلازل وبراكين.
كما أن قوى المد الشمسي والقمري تكون أكبر ما يمكن عند حدوث ما يسمى بظاهرة اقتران الكواكب؛ مما يساعد على تحرير حرارة الأرض بدرجة أكبر.
وفي محاولات لاكتشاف أسباب وقوع الزلازل ظهرت عدة نظريات، منها ما يعرف بـ "نظرية الارتداد المرن"، و "نظرية الصفائح التكتونية"، ولم تشر أي منها إلى أن الجبال هي سبب وقوع الزلازل. كما ثبت أيضا أن للإنسان دخلًا في إحداث تلك الظاهرة، من خلال بعض الأعمال التي يقوم بها، مثل: إنشاء السدود والبحيرات الصناعية، وضخ المياه داخل الأرض لأغراض معينة، وإجراء التجارب النووية تحت سطح القشرة الأرضية، وغيرها.
مما سبق يتضح أن هناك عوامل تساعد على حدوث ظاهرتي الزلازل والبراكين، وليست الجبال واحدًا منها فضلًا عن أن تكون هي العامل الرئيس في وقوع هاتين الظاهرتين.
ليس هذا فحسب، بل لقد أثبت العلم الحديث أيضًا أن تكوُّن الجبال مرتبط ارتباطًا وثيقا بحدوث ظاهرتي الزلازل والبراكين؛ فقد ثبت أن الجبال تتكون من صخور تصنعها تحركات عنيفة بالقشرة الأرضية، نتيجة ضغوط هائلة تنشأ في طبقات هذه القشرة في شتى الاتجاهات، وهذه الضغوط تنشأ غالبا من تحول الطاقة الحرارية المختزنة في باطن الأرض إلى طاقة ميكانيكية تؤدي بدورها إلى أحد احتمالين؛ الأول: قوى سريعة أو فجائية. والثاني: القوى الداخلية البطيئة، وهذه الأخيرة تؤدي إلى تكوين القارات والجبال، ولقد أثبتت البحوث أن سطح الأرض لا يزال تنتابه تقلصات والتواءات في أماكن كثيرة منه، يرتفع في مكان، وينخفض في آخر، وأن هذه الالتوائية بطيئة لا نشعر بها، ولكن آثارها تتضح بعد مرور الزمن.
فتلك الالتواءات الناتجة عن القوى الداخلية البطيئة تساهم بالضغوط الجوفية القوية العارمة لرفع وإنتاج نتوءات على هيئة جبال أو هضاب ترتفع لعدة كيلو مترات فوق مساحات تبلغ آلاف الكيلو مترات المربعة بطاقة تفوق الوصف والخيال.
ومما ثبت أيضًا أن الجبال قد تكون بركانية متكونة من مقذوفات البراكين من صخور نارية تخرج من التصدعات والشقوق، وقد تكون الجبال رسوبية تم ترسيب صخورها في أحواض بحرية عظيمة في قديم الزمان في طبقات متراكمة لعدة كيلو مترات في قيعان هذه الأحواض، حتى امتلأت بالصخور الرسوبية التي حملتها الأنهار من منابعها من أعلى الجبال القديمة إلى مصباتها في هذه البحار، وضغطت الرواسب تدريجيًّا لتكوين جذور هذه الجبال الجديدة في قيعان الأحواض، بينما عملت قوى الالتواء الجبارة البطيئة على رفع هذه الجبال الرسوبية عظيمة الارتفاع والامتداد، كمرتفعات الأبلاش، والركي، والألب، والهيمالايا([19]).
من جملة ما سبق نخلص إلى أن افتراء الطاعن بتخطئته القرآن في إشارته إلى أن الجبال هي مثبتات للأرض ـ هو افتراء باطل لا أساس له من الصحة، واستدلاله ـ أي الطاعن ـ على صحة افترائه هذا بأن الجبال هي السبب وراء حدوث ظاهرة الزلازل هو افتراء باطل أيضًا؛ لأنه قد ثبت أن هناك عدة عوامل تتسبب في وقوع ظاهرة الزلازل، وليست الجبال واحدًا منها، بل ثبت أن الجبال ما هي إلا نتاج لهاتين الظاهرتين، ويبقى الإعجاز القرآني بهذا الشأن ثابتًا لا تشوبه شائبة.
[1]. إرساء الأرض بالجبال، من محاضرات ألقاها د. زغلول النجار في شهر رمضان سنة 1424هـ/ 2003م، مجمع البحوث الإسلامية، ص131: 133.
[2]. الجبال أوتاد، عبد الدائم الكحيل، بحث منشور بموقع: المهندس عبد الدائم الكحيل www.kaheel7.com.
[3]. الموسوعة الكونية الكبرى: آيات الله في الجبال والصحاري والغابات وفي النبات والثمار والأزهار والألوان، د. ماهر أحمد الصوفي، المكتبة العصرية، بيروت، 1429هـ/ 2008م، ج9، ص74، 75.
[4]. جورج إفرست (1791م ـ 1866م)، عالم رياضيات إنجليزي، عُيِّن المساح العام في الهند من 1830م ـ 1843م، وسُمِّي باسمه أعلى الجبال في العالم ارتفاعًا "قمة إفرست"؛ حيث يبلغ طوله 8848 م.
[5]. جورج بيدل آيري: فلكي بريطاني تخصص في المغناطيسية والأرصاد الجوية، عاش بين 1801م ـ 1892م، تخرَّج في جامعة كمبردج سنة 1823م، وأصبح أستاذًا لعلم الفلك فيها بين 1826م ـ 1835م، عُيِّن رئيسًا للجمعية الفلكية الملكية ومديرًا لمرصد جرينتش، وقد أعاد تنظيم المرصد كليًّا وعمل على إبرازه، وقاس الجاذبية عن طريق تدلي بندول في أعلى منجم عميق، وهكذا قاس الوسيط لكثافة الأرض التي هي متقاربة في كل بقعة.
[6]. كلارينس إدوارد داتون (1841م ـ 1912م)، عالم الجيولوجيا والزلازل، أمريكي، صاحب مبدأ (Isostasy) والذي يعرف مستوى قشرة الأرض من خلال كثافتها، له أبحاث كثيرة في الزلازل استطاع من خلالها أن يُظهر طريقته المتقدمة في معرفة عمق النقطة البؤرية للزلازل، وكذلك حساب سرعة الأمواج بدقة لم يسبق لها مثيل.
[7]. لسان العرب، مادة: وتد.
[8]. من آيات الإعجاز العلمي: الأرض في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ص204.
[9]. لسان العرب، مادة: رسا.
[10]. من آيات الإعجاز العلمي: الأرض في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ص221.
[11]. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، مرجع سابق، ج4، ص462.
[12]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، مرجع سابق، ج19، ص171.
[13]. في ظلال القرآن، سيد قطب، مرجع سابق، ج6، ص3804.
[14]. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، مرجع سابق، ج4، ص468، 469.
[15]. تفسير الجلالين، جلال الدين السيوطي وجلال الدين المحلي، دار الحديث، القاهرة، ط1، ص790.
[16]. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، مرجع سابق، ج2، ص565.
[17]. انظر: من آيات الإعجاز العلمي: الأرض في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ص228، 229.
[18]. أسباب وقوع الزلازل، مقال منشور بموقع: ويكيبيديا، الموسوعة الحرة www.ar.wikipedia.org.
[19]. انظر: المعارف الكونية بين العلم والقرآن، د. منصور محمد حسب النبي، مرجع سابق، 449: 453.
click here
online women cheat husband
generic viagra softabs po box delivery
viagra 50 mg buy viagra generic