مرحبًا بكم فى موقع بيان الإسلام الرد على الافتراءات والشبهات
 بحث متقدم ...   البحث عن

الصفحة الرئيسية

ميثاق الموقع

أخبار الموقع

قضايا الساعة

اسأل خبيراً

خريطة الموقع

من نحن

نفي الإعجاز العلمي عن قوله تعالى:

)والبحر المسجور (6)((*)

مضمون الشبهة:

في الشبهة التي بين أيدينا لا يزيد الطاعن على قوله: إن لفظة "المسجور" في قوله تعالى: )والبحر المسجور (6)((الطور)كانت من الألفاظ الشائعة لدى العرب، والتي وردت في شعر زهير بن أبي سلمى:

لقد عرفت ربيعة في جذام **** وكعب خالها وابنا ضرار

لقد نازعتمُ حسبا قديما  **** وقد سجرت بحارهمُ بحاري

ومن ثم فإن الآية لا علاقة لها بما اكتشفه العلماء حديثًا من أن قيعان المحيطات والبحار تتقد بالنيران.

وجها إبطال الشبهة:

1)  اكتشف علماء الجيولوجيا أن قيعان المحيطات جميعها متوقدة نارًا في مناطق الوديان العميقة في منتصف المحيطات، وتبين أنها مناطق اللقاء بين الألواح القارية، وتفوق درجة الحرارة في تلك المناطق البركانية النشطة الألف درجة مئوية، وهذا يتطابق مع قوله تعالى: )والبحر المسجور (6)((الطور)؛ لأن وصف البحر بلفظ "المسجور" يعني أن قاعه ملتهب يتقد بالنيران؛ فالسجر في اللغة: الإيقاد في التنور. وهذه الحقيقة لم تكن معروفة لدى العرب كما يدعي الطاعن؛ لأن المتأمل لسطح البحر لا يمكن أن يتصور أن قاعه متأجج بالنيران.

2)  من المعاني اللغوية للبحر المسجور: المملوء بالماء، والمكفوف عن اليابسة، وهو معنى صحيح ـ كذلك ـ من الناحية العلمية، ويعني أن الله تعالى ملأ منخفضات الأرض بماء البحار والمحيطات، وحجز هذا الماء عن مزيد من الطغيان على اليابسة كي تبقى صالحة للعمران.

التفصيل:

أولا. البحر المسجور بمعنى: القائم على قاع أحمته الصهارة الصخرية المندفعة من داخل باطن الأرض فجعلته شديد الحرارة:

1) الحقائق العلمية:

في العقود المتأخرة من القرن العشرين تم اكتشاف حقيقة تمزق الغلاف الصخري للأرض بشبكة هائلة من الصدوع العملاقة المزدوجة، والتي تكون فيما بينها ما يعرف باسم: أودية الخسف أو الأغوار، وأن هذه الأغوار العميقة تحيط بالكرة الأرضية إحاطة كاملة، وتمتد هذه الأغوار في كافة الاتجاهات لعشرات الآلاف من الكيلو مترات، ولكنها تنتشر أكثر ما تنتشر في قيعان محيطات الأرض، وفي قيعان عدد من بحارها([1]).

وتعمل هذه الصدوع على تمزيق الغلاف الصخري للأرض بالكامل، وتقطيعه إلى عدد من الألواح الصخرية التي تطفو فوق نطاق من الصخور شبه المنصهرة، يسميه العلماء باسم: نطاق الضعف الأرضي، وهو نطاق لَدِن عالي الكثافة واللزوجة، تتحرك بداخله تيارات الحمل من أسفل إلى أعلى؛ حيث تتبرد وتعاود النزول إلى أسفل، وهي بتلك الحركة الدائبة تدفع بكل لوح من ألواح الغلاف الصخري للأرض إلى التباعد عن اللوح المجاور في أحد جوانبه في ظاهرة تسمى "ظاهرة اتساع قيعان البحار والمحيطات"، ومصطدمًا في الجانب المقابل باللوح الصخري المجاور ليكون سلسلة من السلاسل الجبلية، ومنزلقًا عن الألواح المجاورة في الجانبين الآخرين.

  

رسم تخطيطي لحركة الألواح الصخرية في قيعان المحيطات

وباستمرار تحرك ألواح الغلاف الصخري للأرض تتسع قيعان البحار والمحيطات باستمرار عند خطوط التباعد بينها‏، وتندفع الصهارة الصخرية بملايين الأطنان في درجات حرارة تتعدى الألف درجة مئوية لتساعد على دفع جانبي المحيط يمنة ويسرة‏، وتملأ المسافات الناتجة بالصهارة الصخرية المندفعة من باطن الأرض على هيئة ثورات بركانية عارمة‏ تحت الماء‏، تسجر قيعان جميع محيطات الأرض‏، وقيعان عدد من بحارها‏، وتجدد مادتها الصخرية باستمرار.

وقد أدى هذا النشاط البركاني فوق قيعان كل المحيطات‏، وفوق قيعان عدد من البحار النشطة إلى تكوُّن سلاسل من الجبال في أواسط المحيطات تتكون في غالبيتها من الصخور البركانية‏، وقد ترتفع قممها في بعض الأماكن على هيئة أعداد من الجزر البركانية من مثل جزر كل من إندونيسيا‏، وماليزيا‏، والفلبين‏، واليابان‏، وهاواي‏، وغيرها، وفي المقابل تصطدم ألواح الغلاف الصخري عند حدودها المقابلة لمناطق اتساع قيعان البحار والمحيطات‏، ويؤدي هذا التصادم إلى اندفاع قيعان المحيطات تحت كتل القارات وانصهارها بالتدريج؛ مما يؤدي إلى تكون جيوب عميقة عند التقاء قاع المحيط بالكتلة القارية، تتجمع فيها كميات هائلة من الصخور الرسوبية والنارية والمتحولة، والتي تطوى وتتكسر لترتفع على هيئة السلاسل الجبلية على حواف القارات، من مثل سلسلة جبال الإنديز في غربي أمريكا الجنوبية‏، وهنا يستهلك قاع المحيط بالتدريج تحت الكتلة القارية‏، وإذا توقفت عملية توسع قاع المحيط فإن هذا القاع قد يستهلك بأكمله تحت القارة؛ مما يؤدي إلى تصادم قارتين ببعضهما، وينشأ عن هذا التصادم أعلى السلاسل الجبلية([2]).

ويصاحب كلا من عمليتي توسع قاع المحيط في محوره الوسطي‏، واصطدامه عند أطرافه عدد من الهزات الأرضية‏، والثورات والطفوح البركانية‏. ويبلغ طول جبال أواسط المحيطات أكثر من أربعة وستين ألفًا من الكيلو مترات في الطول‏، بينما يبلغ طول الصدوع العميقة التي اندفعت منها الطفوح البركانية لتكون تلك السلاسل الجبلية في أواسط المحيطات أضعاف هذا الرقم،‏ وتتكون هذه السلاسل أساسًا من الصخور البركانية المختلطة بالقليل من الرسوبيات البحرية‏، وتحيط كل سلسلة من هذه السلاسل المندفعة من قاع المحيط بواد خسيف‏ (غور‏)‏، مكون بفعل الصدوع العملاقة التي تمزق الغلاف الصخري للأرض بعمق يتراوح بين خمسة وستين كيلو مترًا وسبعين كيلو مترًا؛ ليخترق الغلاف الصخري للأرض بالكامل ويصل إلى نطاق الضعف الأرضي الذي تندفع منه الصهارة الصخرية بملايين الأطنان في درجة حرارة تزيد على الألف درجة مئوية لتسجر قيعان كل محيطات الأرض‏، وقيعان عدد من بحارها النشطة باستمرار.

ومع تجدد اندفاع الصهارة الصخرية عبر مستويات هذه الصدوع العملاقة يتسع قاع المحيط باستمرار، وتتجدد مادته بدفع الصخور القديمة في اتجاه الشاطئ المحيط يمنة ويسرة؛ ليحل محلها أحزمة أحدث عمرًا تتكون من تجمد تلك الصهارة الجديدة، وتترتب بصورة متوازية على جانبي أغوار المحيطات والبحار، ويهبط كل جانب من جانبي قاع المحيط المتسع بنصف معدل اتساعه الكلي تحت كل قارة من القارتين أو القارات المحيطة بشاطئيه، وبذلك يمتلئ محور المحيط بالصهارة الصخرية الحديثة المندفعة عبر مستويات الصدوع الممزقة لقاعه فتسجره، بينما تندفع الصخور الأقدم بالتدريج في اتجاه الشاطئين؛ حيث توجد أقدم صخور ذلك القاع، والتي تستهلك باستمرار تحت القارات المحيطة.

 

رسم تخطيطي لتكون الجزر البركانية ـ مثل جزر هاواي ـ من جراء اندفاع الصهارة من نطاق الضعف الأرضي عبر صدوع قيعان المحيطات

وهذه الصدوع العملاقة التي تمزق قيعان كل محيطات الأرض‏، وقيعان عدد من بحارها ‏(‏مثل البحر الأحمر‏)‏ توجد أيضًا على اليابسة، ولكن بنسب أقل منها فوق قيعان البحار والمحيطات. وتعمل على تكوين عدد من الأغوار ‏(‏الأودية الخسيفة‏)‏ والبحار الطولية ‏(‏مثل أغوار شرقي أفريقيا والبحر الأحمر‏)‏ التي تعمل على تفتيت الكتل القارية باتساعها التدريجي؛ لتتحول تلك البحار الطولية مثل البحر الأحمر إلى بحار أكبر، ثم إلى محيطات تفصل بين الكتلة القارية التي كانت متصلة على هيئة قارة واحدة، وتحاط تلك الخسوف القارية العملاقة بعدد من القمم البركانية السامقة([3]).

2)  التطابق بين الحقائق العلمية وبين ما أشارت إليه الآية الكريمة:

لقد ثبت لكل من علماء الأرض والبحار ـ بالأدلة المادية الملموسة ـ أن محيطات الأرض ـ بما في ذلك المحيطان المتجمدان الشمالي والجنوبي ـ وأعدادًا من بحارها ـ مثل البحر الأحمر ـ قيعانها مسجرة بالصهارة الصخرية المندفعة بملايين الأطنان من داخل النطاق الضعيف في الأرض عبر شبكة الصدوع العملاقة التي تمزق الغلاف الصخري للأرض بالكامل وتصل إلى نطاق الضعف الأرضي.

وتتركز هذه الشبكة من الصدوع العملاقة أساسًا في قيعان البحار والمحيطات، وأن كم المياه في تلك الأحواض العملاقة ـ على ضخامته ـ لا يستطيع أن يطفئ جذوة تلك الطفوح من الصهارة الصخرية المندفعة من داخل الأرض إطفاء كاملًا، وأن هذه الجذوة على شدة حرارتها ـ أكثر من ألف درجة مئوية ـ لا تستطيع أن تبخر هذا الماء بالكامل؛ وذلك لأنه عندما يتبخر الماء باندفاع الصهارة فيه فإنه يرتفع إلى أعلى ليلامس ماء أبرد فيتكثف ويعود إلى قاع البحر مرة أخرى ليعاود الكرة من جديد، وهكذا ليبقى هذا الاتزان الدقيق بين الأضداد من الماء والحرارة العالية من أكثر ظواهر الأرض إبهارًا للعلماء في زماننا، وهي حقيقة لم يتمكن الإنسان من اكتشافها إلا في أواخر الستينيات من القرن العشرين، ولكن القرآن الكريم قد أشار إلى هذه الحقيقة منذ أكثر من ألف وأربع مئة سنة في قوله تعالى:)والبحر المسجور (6)((الطور).

·      المدلول اللغوي للآية:

o     البحر في اللغة ضد البر، وسمي بهذا الاسم لعمقه واتساعه، وجمعه: أبحر وبحور وبحار([4]). وكل نهر عظيم يسمى بحرًا؛ لأن أصل البحر هو كل مكان واسع جامع للماء الكثير([5]).

o     المسجور: السجر تهييج النار، يقال: سجرت التنور، ومنه: )والبحر المسجور(6)((الطور)، قال الشاعر:

إذا ساء طالع مسجورة *** ترى حولها النبع والسمسما

وقوله:)والبحر المسجور(6)((الطور)؛ أي: أضرمت نارًا، وقيل: غيضت مياهها؛ وإنما يكون كذلك لتسجير النار فيه )ثم في النار يسجرون (72)( (غافر). وسجرت الناقة استعارة لالتهابها في العدو، نحو اشتعلت الناقة. والسجير: الخليل الذي يسجر في مودة خليله، كقولهم: فلان محرق في مودة فلان، قال الشاعر:

سجراء نفسي غير جمع إشابة([6])

·      من أقوالالمفسرين:

جاء في تفسير الطبري: "وقوله: )والبحر المسجور (6)((الطور)،اختلف أهل التأويل في معنى البحر المسجور، فقال بعضهم: الموقد. وتأويل ذلك: والبحر الموقد المحمي"([7]).

وقال القرطبي: ")والبحر المسجور (6)((الطور)، قال مجاهد: الموقد، وقد جاء في الخبر: «إن البحر يسجر يوم القيامة فيكون نارًا». وقال قتادة: المملوء. وأنشد النحويون للنمر بن تولب:

إذا ساء طالع مسجورة *** ترى حولها النبع والسمسما

يريد وعلا يطالع عينا مسجورة مملوءة، فيجوز أن يكون المملوء نارا فيكون كالقول المتقدم. وكذا قال الضحاك وشمر بن عطية ومحمد بن كعب والأخفش بأنه الموقد المحمي بمنزلة التنور المسجور. ومنه قيل: للمسعر مسجر؛ ودليل هذا التأويل قوله تعالى: )وإذا البحار سجرت (6)((التكوير)؛ أي: أوقدت، سجرت التنور أسجره سجرًا؛ أي أحميته"([8]).

ومن ثم فإن الآية بها إعجاز علمي واضح وإن حاول إخفاءه الطاعنون؛ فحقيقة البحر المشتعل ـ المسجور ـ أصبحت يقينًا ثابتًا، فنحن نستطيع اليوم مشاهدة الحمم المنصهرة في قاع المحيطات وهي تتدفق وتلهب مياه المحيط ثم تتجمد وتشكل سلاسل من الجبال قد يبرز بعضها إلى سطح البحر مشكلًا جزرًا بركانية. هذه الحقيقة العلمية لم يكن لأحد علم بها أثناء نزول القرآن ولا بعده بقرون طويلة، فكيف جاء العلم إلى القرآن؟ ومن الذي أتى به في ذلك الزمان؟

إنه الله تعالى الذي يعلم السر وأخفى والذي حدثنا عن اشتعال البحار، ويحدثنا عن مستقبل هذه البحار عندما يزداد اشتعالها: )وإذا البحار سجرت (6)( (التكوير)، ثم يأتي يوم لتنفجر هذه البحار، يقول تعالى: )وإذا البحار فجرت (3)( (الانفطار).

وهنا نكتشف شيئًا جديدًا في أسلوب القرآن؛فهو يستعين بالحقائق العلمية لإثبات الحقائق المستقبلية، فكما أن البحار نراها اليوم تشتعل بنسبة قليلة، سوف يأتي ذلك اليوم عندما تشتعل جميعها ثم تنفجر، وهذا دليل علمي على يوم القيامة([9]).

  

صورة حقيقية للبحر المسجور الذي أقسم الله به، وهذا المشهد يؤكد صحة ما جاء في القرآن بعكس ما يدعيه المشككون من أن القرآن من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم

3)  وجه الإعجاز:

لقد قرر كتاب الله تعالى أن قاع البحر مسجرة بالنيران، ولم يكن أحد يعلم قبل ومع نزول القرآن هذه الحقيقة العظمى؛ لأن العقل العربي في ذلك الوقت لم يكن ليستوعب هذه الحقيقة، كيف يكون البحر مسجورًا والماء والحرارة من الأضداد، حتى جاء القرن العشرون وتبين للعلماء تلك الحقيقة.

ثانيا. البحر المسجور بمعنى: المملوء بالماء المكفوف عن اليابسة:

1الحقائق العلمية:

الأرض هي أغنى كواكب المجموعة الشمسية بالماء الذي تقدر كميته بحوالي 1360 إلى 1385 مليون متر مكعب، وهذا الماء قد أخرجه ربنا عز وجل  كله من داخل الأرض على هيئة بخار ماء اندفع من فوهات البراكين، وعبر صدوع الأرض العميقة؛ ليصادف الطبقات العليا الباردة من نطاق التغيرات الجوية، والذي يمتد من سطح البحر إلى ارتفاع حوالي ستة عشر كيلو مترًا فوق خط الاستواء، وحوالي العشرة كيلو مترات فوق قطبي الأرض، وتنخفض درجة الحرارة في هذا النطاق باستمرار مع الارتفاع حتى تصل إلى ستين درجة مئوية تحت الصفر في قمته فوق خط الاستواء.

وهذا النطاق يحوي حوالي ثلثي كتلة الغلاف الغازي للأرض (66%) والمقدرة بأكثر من خمسة آلاف مليون مليون طن، وهو النطاق الذي يتكثف فيه بخار الماء الصاعد من الأرض، والذي تتكون فيه السحب، وينزل منه كل من: المطر، والبرد، والثلج، وتتم فيه ظواهر الرعد والبرق، وتتكون العواصف والدوامات الهوائية وغير ذلك من الظواهر الجوية، ولولا تبرد هذا النطاق مع الارتفاع ما عاد إلينا بخار الماء الصاعد من الأرض أبدًا،‏ وحينما عاد إلينا بخار الماء مطرًا‏ وثلجًا‏ وبردًا‏، انحدر على سطح الأرض ليشق له عددًا من المجاري المائية‏، ثم فاض إلى منخفضات الأرض الواسعة ليكون البحار والمحيطات، وبتكرار عملية التبخر من أسطح تلك البحار والمحيطات،‏ ومن أسطح اليابسة بما عليها من مختلف صور التجمعات المائية والكائنات الحية‏ بدأت دورة المياه حول الأرض‏، من أجل التنقية المستمرة‏‏ لهذا الماء وتلطيف الجو، وتفتيت الصخور،‏ وتسوية سطح الأرض،‏ وتكوين التربة،‏ وتركيز عدد من الثروات المعدنية‏، وغير ذلك من المهام التي أوكلها الخالق لتلك الدورة المعجزة التي تحمل ‏380,000كم3 من ماء الأرض إلى غلافها الجوي سنويًّا‏، لتردها إلى الأرض ماء طهورًا‏؛ منها ‏320,000 كم3  تتبخر من أسطح البحار والمحيطات و 60,000‏ كم3 من أسطح اليابسة، يعود منها ‏284,000‏ كم3 إلى البحار والمحيطات، ‏96,000‏ كم3 إلى اليابسة التي يفيض منها ‏36,000‏ كم3 من الماء إلى البحار والمحيطات‏،وهو مقدار الفارق نفسه بين البخر والمطر من البحار والمحيطات وإليها‏.

 

رسم بياني يوضح دورة الماء حول الأرض لحالتي التبخر والأمطار

هذه الدورة المحكمة للماء حول الأرض أدت إلى خزن أغلب ماء الأرض في بحارها ومحيطاتها (حوالي 97,2%)، وإبقاء أقله على اليابسة (حوالي 2,8%)، وبهذه الدورة للماء

حول الأرض تملح ماء البحار والمحيطات، وبقيت نسبة ضئيلة من مجموع ماء الأرض على هيئة ماء عذب على اليابسة، وحتى هذه النسبة الضئيلة من ماء الأرض العذب قد حبس أغلبها على هيئة سمك هائل من الجليد فوق قطبي الأرض، وفي قمم الجبال، والباقي مختزن في الطبقات المسامية والمنفذة من صخور القشرة الأرضية على هيئة ماء تحت سطحي (حوالي 0,61%)، وفي بحيرات الماء العذب والأنهار (حوالي 0,01%)، وعلى هيئة رطوبة في تربة الأرض (حوالي 0,005%)، والباقي يتوزع بين بحيرات الماء العذب ورطوبة الغلاف الغازي للأرض (حوالي 0,0349%).

 

الثلوج على قمم الجبال صورة من صور  تخزين الماء على سطح الأرض

وتوزيع ماء الأرض بهذه النسب التي اقتضتها حكمة الله الخالق قد تم بدقة بالغة بين البيئات المختلفة بالقدر الكافي لمتطلبات الحياة في كل بيئة من تلك البيئات، وبالأقدار الموزونة التي لو اختلت قليلا بزيادة أو نقص لغمرت الأرض وغطت سطحها بالكامل، أو انحسرت تاركة مساحات هائلة من اليابسة، ولقصرت دون متطلبات الحياة عليها.

ومن هذا القبيل يحسب العلماء أن الجليد المتجمع فوق قطبي الأرض وفي قمم الجبال المرتفعة فوق سطحها إذا انصهر (وهذا لا يحتاج إلا إلى مجرد الارتفاع في درجة حرارة صيف تلك المناطق بحوالي خمس درجات مئوية) فإن كم الماء الناتج سوف يؤدي إلى رفع منسوب المياه في البحار والمحيطات إلى أكثر من مئة متر فيغرق أغلب المناطق الآهلة بالسكان والممتدة حول شواطئ تلك البحار والمحيطات.

وليس هذا من قبيل الخيال العلمي، فقد مرت بالأرض فترات كانت مياه البحار فيها أكثر غمرا لليابسة من حدود شواطئها الحالية، كما مرت فترات أخرى كان منسوب الماء في البحار والمحيطات أكثر انخفاضا من منسوبها الحالي مما أدى إلى انحسار مساحة البحار والمحيطات وزيادة مساحة اليابسة، والضابط في الحالين كم الجليد المتجمع فوق اليابسة؛ فكلما زاد كم الجليد انخفض منسوب الماء في البحار والمحيطات، فانحسرت عن اليابسة التي تزيد مساحتها زيادة ملحوظة، وكلما قل كم الجليد ارتفع منسوب المياه في البحار والمحيطات وطغت على اليابسة التي تتضاءل مساحتها تضاؤلًا ملحوظًا([10]).

2)  التطابق بين الحقائق العلمية وبين ما جاءت به الآية الكريمة:

من خلال ما سبق كان تفسير القسم القرآني )والبحر المسجور(6)((الطور) بأن الله تعالى يمن علينا بأنه ملأ منخفضات الأرض بماء البحار والمحيطات، وحجز هذا الماء عن مزيد من الطغيان على اليابسة، وذلك بحبس كميات من هذا الماء في هيئات متعددة، أهمها ذلك السمك الهائل من الجليد المتجمع فوق قطبي الأرض وعلى قمم الجبال، والذي يصل إلى أربعة كيلو مترات في قطب الأرض الجنوبي وإلى ثلاثة آلاف وثمان مئة من الأمتار في القطب الشمالي، ولولا ذلك لغطى ماء الأرض أغلب سطحها ولما بقيت مساحة كافية من اليابسة للحياة بمختلف أشكالها الإنسانية، والحيوانية، والنباتية، وهي إحدى آيات الله البالغة في الأرض، من أجل إعدادها لكي تكون صالحة للعمران.

·      المدلول اللغوي وأقوال المفسرين حول الآية:

إذا كانت لفظة "المسجور" تعني: الموقد المشتعل، فإن من معانيها كذلك: المملوء؛ قال ابن منظور: "والمسجور في كلام العرب المملوء، وقد سكرت الإناء وسجرته: إذا ملأته"([11]). وكذلك قال كثير من المفسرين بأن البحر المسجور هو المملوء بالماء.

ومن هنا كان تفسير القسم بـ "والبحر المسجور" بمعنى: المملوء بالماء المكفوف عن اليابسة ينطبق مع عدد من الحقائق العلمية الثابتة التي تشهد للقرآن الكريم بأنه كلام الله الخالق، وتشهد لسيدنا محمد بن عبد الله بالنبوة والرسالة.

أما الأبيات التي أوردها الطاعن لزهير بن أبي سلمى والتي يقول فيها:

لقد عرفت ربيعة في جذام *** وكعب خالها وابنا ضرار

لقد نازعتمُ حسبا قديما *** وقد سجرت بحارهمُ بحاري

وإذا كان الطاعن يستدل بهذه الأبيات على عدم وجود إعجاز علمي في قوله تعالى: )والبحر المسجور (6)((الطور)؛ بحجة أن لفظة "المسجور" كانت من الألفاظ الشائعة لدى العرب، فإنه بذلك يكون قد أثبت الإعجاز للآية من حيث أراد أن ينفيه، فكلمة "سجرت" في الأبيات تعني: ملئت، وهذا يوافق مراد الطاعن؛ لأنه يريد أن ينفي عن السجر معنى الإيقاد مثبتًا له معنى الامتلاء، ونسي أن المعنيين كليهما به إعجاز علمي، فمن المعاني اللغوية للبحر المسجور هو المملوء بالماء، والمكفوف عن اليابسة، وهو معنى صحيح من الناحية العلمية صحة كاملة كما أثبتته الدراسات العلمية في القرن العشرين، ومن المعاني اللغوية لهذا القسم القرآني المبهر أيضًا أن البحر قد أوقد عليه حتى حمي قاعه فأصبح مسجورًا، وهو كذلك من الحقائق العلمية التي اكتشفها الإنسان في العقود المتأخرة من القرن العشرين.

وليس معنى هذا أن القدماء كانوا على علم بما أخبرت به الآية؛ فقد كان مفسرو القرآن إذا مروا على مثل هذه الآيات حاولوا تفسيرها قدر استطاعتهم، وعلى حسب ما توفر لديهم من علوم ومعارف، وليس هذا عجز منهم، وإنما هو عجز المعرفة في أزمانهم، كما شاءت الإرادة الإلهية أن يتأخر الكشف عن مخبوءات هذه الآيات إلى حين ينضج الفكر البشري ويرتقي علم الإنسان.

وكان المفسرون السابقون يعتمدون في تفسيرهم لهذه الآيات على المعاني اللغوية؛ فقال بعضهم: البحر المسجور: البحر الذي يشتعل نارًا، وقال بعضهم: هو البحر الممتلئ بالماء، وقال آخرون: بل هو بحر في السماء! والبحر المسجور الذي أقسم الله به لأهميته موجود فعلا؛ لأن الله لا يقسم بشيء غير موجود، ولا يقسم إلا بعظيم، والأخاديد وفتحات النار وتسجير البحر رأيناه رأي العين وعرض على أجهزة التلفزيون في كثير من دول العالم([12]).


 

(*) منتدى: المسيحيين المغاربة www.movemegod.com.

[1]. يتراوح عمق الصدوع المشكِّلة لتلك الأغوار بين 65: 70 كم تحت قيعان البحار والمحيطات، وبين 100: 150 كم على اليابسة (أي في صخور القارات).

[2]. من مثل جبال الهيمالايا التي نتجَتْ عن اصطدام الهند بالقارة الأسيوية بعد استهلاك قاع المحيط الذي كان يفصل بينهما بالكامل في أزمنة أرضية سحيقة‏.‏

[3]. من آيات الإعجاز العلمي: الأرض في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ص192: 196.

[4]. لسان العرب، مادة: بحر.

[5]. المفردات في غريب القرآن، الراغب الأصفهاني، مرجع سابق، ص37.

[6]. المرجع السابق، ص224.

[7]. جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ابن جرير الطبري، مرجع سابق، ج22، ص458.

[8]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، مرجع سابق، ص91.

[9]. البحر المسجور، عبد الدائم الكحيل، بحث منشور بموقع: المهندس عبد الدائم الكحيل www.kaheel7.com.

[10]. من آيات الإعجاز العلمي: الأرض في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ص187: 191.

[11]. لسان العرب، مادة: سجر.

[12]. إشارات قرآنية لظواهر بحرية، ماهر أحمد صوفي، بحث منشور بموقع: موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة www.55a.net.

wives that cheat women who want to cheat read here
click here online women cheat husband
husbands who cheat open my boyfriend cheated on me with a guy
reasons wives cheat on their husbands what is infidelity why do men have affairs
viagra vison loss viagra uk buy online read
website why some women cheat redirect
husband cheat online online affair
dating a married woman cheat on my wife i cheated on my husband
مواضيع ذات ارتباط

أضف تعليقا
عنوان التعليق 
نص التعليق 
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء كاتبيها فقط ولا تعبر عن الموقع
 
 
 
  
المتواجدون الآن
  2527
إجمالي عدد الزوار
  38108181

الرئيسية

من نحن

ميثاق موقع البيان

خريطة موقع البيان

اقتراحات وشكاوي


أخى المسلم: يمكنك الأستفادة بمحتويات موقع بيان الإسلام لأغراض غير تجارية بشرط الإشارة لرابط الموقع