مرحبًا بكم فى موقع بيان الإسلام الرد على الافتراءات والشبهات
 بحث متقدم ...   البحث عن

الصفحة الرئيسية

ميثاق الموقع

أخبار الموقع

قضايا الساعة

اسأل خبيراً

خريطة الموقع

من نحن

 

دعوى عدم دقة القرآن في حديثه عن النجوم
الطارقة الثاقبة (
*)

مضمون الشبهة:

من جملة ما درج عليه المغالطون نفيهم وجود إعجاز علمي في قوله تعالى:)والسماء والطارق (1) وما أدراك ما الطارق (2) النجم الثاقب (3)((الطارق)، قائلين: إن الصوت لا ينتشر في الفراغ فكيف علمتم أن هذه النجوم تصدر صوتًا يشبه صوت المطرقة؟ كما أن هذا القول يخالف التفسير القديم للآية وما فهمه العرب قديمًا؛ إذ قال قتادة: "إنما سُمِّي طارقًا لأنه يرى بالليل ويختفي بالنهار".

هذا فضلاً عن أن العلماء يسمون هذه النجوم بالنجوم النابضة، فإذا جاء القرآن وسماها الطارقة الثاقبة، فإن التسمية تكون غير دقيقة.

وجها إبطال الشبهة:

1)   يؤكد العلماء أن أفضل تسمية لهذه النجوم هي المطارق العملاقة؛ لأنهم وجدوا أن هذه النجوم تصدر أصواتًا تشبه تمامًا صوت المطرقة، ولا حجة لمن يقول: إن الصوت لا ينتشر في الفراغ، وإنه يحتاج إلى وسط مادي لينتشر فيه؛ لأن الترددات التي يصدرها هذا النجم هي في المجال المسموع، أي إننا عندما نحول هذه الأشعة([1])إلى ذبذبات فإن الترددات الخاصة بها ستكون مسموعة بالنسبة إلينا وستعطي صوت مطرقة. ومن ثم؛ فإن التسمية القرآنية "الطارق" دقيقة جدًّا من الناحية العلمية.

2)   بعد دراسة طويلة لهذه النجوم وجد العلماء أن هذه النجوم تصدر موجات جذبية تشبه موجات الجاذبية الأرضية، ولكنها أقوى بملايين المرات. وهذه الموجات التي يصدرها هذا النجم النيوتروني يقول عنها العلماء بالحرف الواحد: "إنها تثقب وتخترق أي شيء تصادفه"، حتى إن الكرة الأرضية تخترق بالكامل من قبل هذه الموجات، كما يؤكدون أن هذه النجوم تبث إشعاعات هي الألمع من نوعها، وقد فسر المفسرون كلمة "الثاقب" بقولهم: النجم الثاقب: اللامع، وهو ما يعبر عنه العلماء بكلمة (hyperflare)، أي ضوء يبهر الأبصار. ومن ثم؛ فإن التسمية القرآنية "الثاقب" دقيقة جدًّا من الناحية العلمية.

 

التفصيل:

أولا-تأكيد العلماء على أن أفضل تسمية لهذه النجوم هي المطارق العملاقة:

1)  الحقائق العلمية:

لآلاف السنوات درست البشرية السماء وتأمَّلت ما فيها من نجوم وكواكب وشهب، واستخدم الناس أعينهم، ثم استخدموا العدسات المكبرة لسبر أعماق الكون، ولكن رؤيتهم بقيت محدودة، حتى جاء القرن العشرون فاستخدموا أعينًا جديدة هي التلسكوبات العملاقة، ثم استخدموا التلسكوبات التي تعمل بوسائل جديدة تختلف عن الوسائل المرئية بالعين، فاستخدموا الأشعة الراديوية والأشعة تحت الحمراء والأشعة السينية وأشعة جاما وغير ذلك؛ لرؤية ما لا تستطيع العين المجردة رؤيته.

وفي هذه اللحظة بدأ العلماء في اكتشاف أسرار الكون وعجائبه، فاكتشفوا المجرات وبداخل كل مجرة مئات الملايين من النجوم، واكتشفوا الدخان الكوني والغبار الكوني، واكتشفوا أيضًا أنواعًا عديدة من النجوم ومراحل تطور هذه النجوم، وتبين لهم أن النجم يولد ويكبر، ثم يشيخ ويهرم، ثم يموت وينفجر ويتهاوى على نفسه([2]).

ومنعجائب الاكتشافات الكونية ما سماه العلماء بالنجوم النيوترونية([3])، وقد كان أول من طرح فكرة النجوم النيوترونية العالمان (Zwicky Fritz)و (Walter Baade)عام 1933م، حيث وجدا بنتيجة حساباتهما أن الكون يحوي نجومًا عادية ونجومًا نيوترونية، وأن هذه النجوم تتكون من جسيمات صغيرة هي النيوترونات([4]).

وبدأ العلماء على مدى أربعين عامًا رحلة البحث عن هذه النجوم الجذابة، حتى جاء عام 1967م حيث قام كل من (Jocelyn Bell) و (Anthony Hewish) بمراقبة السماء لمدة طويلة، وأخيرًا تمكنوا من تسجيل إشارات راديوية تبين أنها صادرة عن هذه النجوم، ولكن الإثبات العلمي اليقيني على وجودها لم يأت إلا في أواخر القرن العشرين عندما استطاع العلماء تصوير هذه النجوم ودراستها دراسة معمقة، وتأكد لهم وجودها بكميات كبيرة في الكون([5]).

 

·     كيفية تكون النجوم النيوترونية:

يعتبر انفجار العماليق العظام على هيئة مستعر أعظم من النمط الثاني ـ واحدًا من أعظم الانفجارات الكونية المروعة، التي تؤدي إلى تدمير النجم، وإلى تدمير كل ما يدور في فلكه أو يقع في طريق انفجاره من أجرام سماوية في زمن قياسي؛ وذلك بتكون تيارات حمل عنيفة في داخل النجم تدفع بواسطة وابل غزير من النيوترونات (NeutrinoDriven Convection Currents)،فتقوم بتكوين دوامات متفاوتة في أحجامها وفي شدة دورانها، يؤدي تصادمها إلى مزيد من تفجير النجم، وتندفع ألسنة اللهب بعنف شديد من داخل النجم إلى خارجه على هيئة أصابع عملاقة ملتوية ومتكسرة، وتظل طاقة النيوترون تضخ في داخل النجم المتفجر لمسافة آلاف الكيلو مترات في العمق، الأمر الذي يؤدي إلى تكرار عمليات الانفجار مرات عديدة حتى تخبو، فتنطلق رياح عاتية مندفعة بتيار النيوترون من نجم ذي كثافة فائقة قد تكون في داخل حطام النجم المنفجر، ويعرف هذا النجم الوليد باسم النجم النيوتروني الابتدائي، الذي سرعان ما يتحول إلى نجم نيوتروني عادي الحجم بجاذبية قليلة نسبيًّا، ثم إلى نجم نيوتروني شديد التضاغط بجاذبية عالية جدًّا، وهو نجم ضئيل الحجم سريع الدوران حول محوره مطلقًا كمية هائلة من الأشعة الراديوية؛ ولذا يعرف باسم "النابض الراديوي"(Radio Pulsar)([6]).

 

 

 

صورة حقيقية لنجم نيوتروني في المجرة إم 84، وبسبب سرعة دورانه أحدث دوامة في الدخان الكوني المحيط به

وباقي نواتج الانفجار تقذف إلى صفحة السماء على هيئة موجات لافحة من الكتل الغازية الملتهبة، تعرف باسم فضلات انفجار المستعرات العظمى، وهذه الفضلات الدخانية قد تدور في مدارات حول نجوم أخرى لتتخلَّق منها أجرام تلك النجوم، أو قد تنتهي إلى المادة بين النجوم لتشارك في ميلاد نجوم جديدة.

ومن رحمة الله بنا أن مثل هذه الانفجارات النجمية المروعة والمدمرة والمعروفة باسم "المستعر الأعظم"(Supernova Explosion) قد أصبحت قليلة جدًّا بعد أن كانت نشطة في بدء الخلق كما تدل آثارها الباقية في صفحة السماء، فلا يتعدى وقوعها اليوم مرة واحدة كل عدة قرون، فحتى سنة 1987م لم يعرف الفلكيون سوى ثلاث حالات فقط مسجلة في التاريخ المدون، وقعت إحداها في سنة 1054م وخلفت وراءها نجمًا نيوترونيًّا نابضًا في "سديم السرطان"(Crab Nebula الذي يبعد عنا بنحو ألف فرسخ فلكي [3260 سنة ضوئية]، ويدور هذا النابض حول محوره ثلاثين مرة في كل ثانية مطلقًا إشعاعًا دوارًا من الأشعة السينية.

وسجلت الثانية في سنة 1604م في مجرتنا درب اللبانة، ولا تزال آثار الانفجار باقية على هيئة دوامات شديدة من الموجات الصدمية (shock waves) التي يمكن رصدها. ووقعت الثالثة 1987م في سحب ماجلان الكبيرة (The Larg Magellanic clouds)وهي إحدى المجرات المجاورة لمجرتنا.

والانفجار الواحد من هذه الانفجارات العظمى تفوق شدته الطاقة المنطلقة من جميع النجوم في مجرة كاملة، ويكون الضوء المصاحب له أشد لمعانًا من ضوء المجرة بالكامل، ويتبقى عنه نفثات كونية من أشعة جاما (Cosmological Gamma Ray bursts)، ويطلق عليها اسم "المرددات الناعمة لأشعة جاما" (Soft Gamma Ray Repeaters or SGRS)، التي تصدر انبثاقات هائلة من الأشعة السينية لتختفي ثم تظهر من جديد بعد عدة شهور -أو عدة سنوات حسب بعدها عنا- والنفثة الواحدة التي ينفثها واحد من تلك المرددات في ثانية واحدة تساوي كل ما تنفثه الشمس من الأشعة السينية في سنة كاملة من سنين الأرض.

وفي سنة 1992م تمكن الفلكيون من إثبات أن مرددات الأشعة السينية تلك ما هي إلا نجوم نيوترونية شديدة المغنطة (Super Magnetized Neutron Stars) أطلقوا عليها اسم "الممغنطات" (The Magnetarsوأثبتوا لها حقلاً مغناطيسيًّا فائق الشدة، تفوق شدته شدة جاذبية الحقل المغناطيسي للأرض بأكثر من ألف وخمس مئة مليون مليون مرة، وأيضًا للشمس بنحو الألف مليون مليون مرة، وهذه الممغنطات هي نجوم نيوترونية (Pulsting Neutron Starsor Pulsars)تدور حول محورها بسرعات فائقة مطلقة الأشعة السينية بكميات غزيرة([7])

 

صورة بالأشعة السينية لنجم نابض يبعد عنا 800 سنة ضوئية

·     مطارق عملاقة:

عندما قام العلماء بتسجيل الإشارات الراديوية القادمة من الفضاء البعيد، ظنوا في البداية أنها رسالة من كائنات مجهولة، ولكن تبين أن هذه الإشارات ما هي إلا أصوات لدقات منتظمة جدًّا، فقد سمعوا وكأن أحدًا يطرق عدة طرقات كل ثانية، وتخيلوا أن هذا النجم ينبض مثل قلب الإنسان، فأسموا هذه النجوم بـ "النوابض" (Pulsars) ولكن تبين فيما بعد أنها تصدر أصواتًا أشبه بالطرق، فأسموها "المطارق العملاقة" (gigantichammer) التي تدق مثل الجرس([8]).

إن هذه النجوم تدور حول نفسها بشكل هائل؛ إذ إنها تدور مئات الدورات في الثانية الواحدة؛ الأمر الذي يولد حولها مجالاً كهرطيسيًّا قويًّا جدًّا([9])، وهذا المجال يولد صوتًا يشبه صوت المطرقة. لذلك؛ فإن العلماء وجدوا أن أفضل تسمية لهذه النجوم هي المطارق العملاقة، وأخذوا يطلقون عليها في أبحاثهم هذا الاسم.


 

تعتبر النجوم النابضة من أسرع النجوم دورانًا في الكون، وتنتج موجات جذبية هائلة تخترق الزمان والمكان؛ إذ يمكن أن يدور هذا النجم بسرعة تتجاوز 600 دورة في الثانية الواحدة؛ أي 36 ألف دورة في الدقيقة

ولكن كيف يمكن أن يكون الصوت حقيقيًّا ونحن نعلم أن الصوت لا ينتشر في الفراغ؟ فهذه النجوم بعيدة عنا جدًّا، وتفصلنا عنها سنوات ضوئية، فكيف يصلنا هذا الصوت مع العلم أن الصوت يحتاج إلى وسط لكي ينتشر فيه؟

والجواب: إن هذه النجوم تصدر أصواتًا حقيقية، تنتشر في مجال معين حولها، وتختفي هذه الأصوات ويبقى منها الأثر الراديوي لها؛ أي تبقى فقط الموجات الراديوية، وما فعله العلماء أنهم جاءوا بهذه التسجيلات وقاموا بردها إلى شكلها الأصلي تمامًا مثل موجات الراديو، فالراديو يستقبل موجات ولا يستقبل أصواتًا؛ لأن الصوت لا ينتشر في آلاف الكيلو مترات، ولكن يتم تحويل هذا الصوت إلى موجات راديوية يستقبلها هذا الجهاز، ثم يعيد بناءها ويحولها إلى شكلها الأصلي، فنسمعها أصواتًا، والعملية نفسها تحدث مع النجم الطارق.

 ولكي نؤكد صدق هذه الأبحاث؛ فإن العلماء سجلوا هذه الأصوات وعرضوها من مواقعهم العلمية، وهي أصوات حقيقية سجلتها الأجهزة، ومع أن الصوت لا ينتشر في الفراغ إلا أن الأجهزة تستطيع تسجيله بتقنيات خاصة، بعد تحليل الأشعة الراديوية الصادرة عن النجم([10]).

·     مطرقة من حديد:

يقول العلماء في تعريف هذه النجوم:

Their surface is solid crystalline iron, and would ring like a bell were it to be hit with and hammer.

وهذا يعني أن سطحها من الحديد البلوري الصلب، وهي تدق مثل الجرس عندما يضرب بمطرقة.

ومن العجيب أن العلماء وجدوا أن هذه النجوم تتكون من طبقات، وأن قلب هذه النجوم يتألف من الحديد، وفي أثناء تشكل هذه النجوم يحدث طرق لهذه الطبقات بالنواة الحديدية تمامًا كالمطرقة، وجاء في دراسة حول طريقة تشكل النجوم وما يحدث في داخل النجوم النيوترونية:

In the star, the outer layers of the core are like the hammer, and the core is the rubber ball.

وهذا يعني أن الطبقات الخارجية في النجم تعمل مثل المطرقة، ونواة هذا النجم مثل الكرة المطاطية.

 

رسم يمثل النجم النيوتروني، موضحًا عليه أبعاده وكتلته، ويقول العلماء: إن سطح هذا النجم أملس جدًّا ويتكون من الحديد. ولذلك؛ فإن تشبيهه بالمطرقة دقيق من الناحية العلمية

إذا فالعلماء جميعهم يؤكدون أن هنالك طرقًا داخليًّا يحدث في داخل النجم، وطرقًا خارجيًّا نتيجة دوران النجم؛ حيث يصدر طرقات منتظمة تصل إلى الأرض على شكل أمواج راديوية، وهذا يعني أن العلماء يرون في هذه الأجسام عمليات طرق مستمرة تشبه طرقات المطرقة على الجرس.

ويستخدم العلماء في كشف أعماق هذه النجوم تسجيل الانفجارات التي تولدها، ثم يقومون بتحليل هذا التسجيل ومعرفة التركيب الداخلي للنجم، تمامًا كما يستخدم علماء الأرض مقاييس الزلازل وتسجيل الاهتزازات الأرضية لمعرفة تركيب الأرض وبنيتها الداخلية وطبقاتها.

يقول البروفيسور (Richard Rothschild) من جامعة كاليفورنيا -الذي درس هذه الأجسام مدة طويلة- عن أحد الانفجارات النجمية الذي خلف وراءه نجمًا ثاقبًا:

This explosion was akin to hitting the neutron star with a gigantic hammer, causing it to ring like a bell.

وهذا يعني أن الانفجار كان أشبه بضرب النجم النيوتروني بمطرقة كونية؛ الأمر الذي جعل هذا النجم يرنُّ مثل الجرس([11]).

 

 

 
 

هكذا ينفجر النجم ويتهاوى على نفسه، ويبدأ في مركزه تشكل النجم النيوتروني النابض، الذي يبدأ بإطلاق نبضات أشبه بصوت المطرقة

2) التطابق بين ما أثبته العلم وما أشارت إليه الآية الكريمة:

يستهل ربنا عز وجل سورة الطارق بقسم عظيم يقسم به عز وجل، وهو الغني عن القسم ـ بكل من السماء والطارق، ثم يثني باستفهام تفخيمي عن ماهية الطارق، ويحدده بالنجم الثاقب، فيقول عز وجل مخاطبًا خاتم أنبيائه ورسله صلى الله عليه وسلم: )والسماء والطارق (1) وما أدراك ما الطارق (2) النجم الثاقب (3)((الطارق).

·     المدلول اللغوي للفظة الطارق:

الطارق: اسم فاعل من الطرق؛ بمعنى: الضرب بشدة، وأصل الطرق: الدقُّ، ومنه سميت "المطرقة" التي يطرق بها.

·     أقوال المفسرين:

يقسم ربناعز وجل بالسماء والطارق، ومن يستمع إلى هذا القسم لن يعرف لأول وهلة ما المقصود بالطارق؟ ولذلك عرفنا العلي القدير أنه نجم ثاقب؛ ولقد درج المفسرون -وسيأتي تفصيل أقوالهم لاحقًا- على تفسير أشعة النجم بأنها ثاقبة نافذة، أما صفة الطرق فقلَّما تعرض لها أحد.

ومن الناحية العلمية فقد تمكن الفلكيون في أوائل السبعينيات من رصد عدة نجوم ـ وذلك بواسطة جهاز يسمَّى بـ "التلسكوب اللاسلكي أو المذياعي" (RadioTelescope)، وهو جهاز يلتقط الإشارات اللاسلكية من أعماق السماء ومن مسافات تقدر بملايين السنين ـ تشترك كلها في خاصية إرسال إشارات لاسلكية منتظمة وعلى درجة كبيرة من الدقة، فالإشارات تصل على صورة متقطعة: (بيب.. بيب.. بيب)، وتستمر كل إشارة منها كسورًا من الثانية وتتكرر كل ثانية أو أكثر([12]).

ومن ثم؛ فالنجم الطارق يصدر نبضات وطرقات منتظمة؛ ولذلك يقول العلماء عن هذه النجوم بالحرف الواحد: "تعتبر هذه النجوم من أفضل الساعات التي عرفها الإنسان، ولذلك يمكن أن نسميها بالساعات الكونية العملاقة".

إن المشكِّكين يقولون: إن الصوت لا ينتشر في الفراغ، فكيف علمتم أن هذه النجوم تصدر صوتًا يشبه صوت المطرقة؟ ونقول: كلامكم صحيح! فالصوت لا ينتشر في الفراغ؛ ولذلك فنحن لا نسمع صوت هذه النجوم، وهذا من رحمة الله علينا؛ لأن صوتها لو وصلنا إلينا لصمَّ آذاننا على الفور! ولكن العلماء بعدما حللوا الأمواج الراديوية ودرسوا آلية عمل هذه النجوم وجدوا أنها تصدر هذه الأصوات، وهذا ما يقوله علماء وكالة ناسا؛ ففي بحث نشرته وكالة ناسا يقول فيه البروفيسور (Tod strohmayer) -في أثناء حديثه عن اكتشاف في عالم النجوم النيوترونية- بالحرف الواحد:

We think the explosion; the biggest of its kind ever observed, really jolted the star and literally started it ringing like abell.

وهذا يعني أن الانفجار الذي رصده العلماء والذي تشكل نتيجته هذا النجم هو أعنف انفجار رآه العلماء حتى الآن؛ فقد أحدث هزة عنيفة للنجم وجعله يدق مثل الجرس!

إن الترددات التي يصدرها هذا النجم هي في المجال المسموع؛ أي إننا عندما نحول هذه الأشعة إلى ذبذبات فإن الترددات الخاصة بها ستكون مسموعة بالنسبة إلينا، وستعطي صوت مطرقة؛ ولذلك يؤكد العلماء أن الصوت الذي تصدره هذه النجوم يشبه -إلى حد كبير- الصوت الذي نسمعه، ويقولون بالحرف الواحد:

The frequencies of the pulsars are similar to the frequencies of sound waves that can be heard by the human ear.

وهذا يعني أن الترددات التي يطلقها النجم النابض شبيهة بالترددات الصوتية التي يسمعها الإنسان بأذنه.

وهنا نلاحظ مزيدًا من الإعجاز؛ لأن القرآن حدثنا عن صوت لا يمكن لأحد أن يسمعه بشكل مباشر، هذا الصوت لا ينتشر في الفضاء، ولا نحس به، وسؤالنا لكل من يدعي أن القرآن من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم: من أين جاء هذا النبي -وهو الأمي- بهذه المعلومة؟ و كيف صاغها بهذا الشكل العلمي الدقيق الذي يتطابق مع أحدث المكتشفات الكونية؟ ولو لم يكن رسولا من عند الله عز وجل فمن أين له بهذه الحقائق العلمية؟!

ومن ثم؛ فإن الله عز وجل سمَّى هذا النجم "الطارق"، وقد كان العلماء يسمونها النجوم النابضة، وهذه التسمية غير دقيقة؛ فقد ظن العلماء في بداية الأمر أن هذه النجوم تشبه نبضات القلب، ولكن تبين لهم بعد ذلك أن التسمية الأدق هي تسمية مطرقة أو مطارق، فأسموها المطارق العملاقة. وبالفعل؛ فإن الصوت الذي تصدره هذه النجوم يشبه تمامًا صوت المطرقة.

ومن ناحية أخرى يقول الطاعن: إنكم تخالفون التفسير القديم للآية؛ ونحن نقول: إن القرآن الكريم هو معجزة الله الخالدة لهداية البشر كافة في كل زمان ومكان، فهو معين متجدد، ولا يجوز أبدًا قصر فهمه على عصر من العصور أو على قوم دون قوم، فالإعجاز العلمي فهم جديد لمعاني الآيات يتفق مع المعطيات العلمية الحديثة لإثبات أن القرآن لا يناقض العلم.

إننا لو اعتمدنا التفسير القديم لجاء الطاعنون أنفسهم وقالوا: إن القرآن يحوي أخطاء علمية؛ لأن هذه النجوم لا تختفي، وليس كما يقول المفسرون: إنها ترى بالليل وتختفي بالنهار، وبالفعل إنها تختفي بالنسبة إلينا، بسبب أشعة الشمس في النهار، ولكن الذي يخرج خارج الأرض يرى هذه النجوم باقية ليلاً ونهارًا، والمفسرون لم تكن لديهم هذه الحقائق العلمية، ولو كانت لديهم لاستخدموها في تفسير الآيات([13]).

فلا مشكلة إذا أخطأ مفسر في تفسير آية؛ لأن القرآن هو الحقيقة المطلقة التي لا تتغير، أما التفسير فإنه يمثل فهم البشر للآية، وبما أن الناس يختلفون في مستوى فهمهم وبما أن العلم يتطور، فلا بد أن يكون هناك تطور في التفسير، وهذا لا يسيء إلى القرآن، بل يؤكد أن هذا القرآن مناسب لكل عصر من العصور؛ لأنه لا يوجد كتاب على وجه الأرض يمكن تفسيره بشكل منطقي وبما يتفق مع العلم مهما تطور إلا القرآن الكريم.

وفي هذا رد على من ينكر الإعجاز العلمي بحجة حرصه على القرآن؛ فالأخطاء التي تصدر من البشر تبقى للبشر، ويبقى القرآن منزَّهًا عن الخطأ، والمؤمن إذا اجتهد فأخطأ فله أجر، وإذا اجتهد فأصاب فله أجران، وهذا يثبت أنه لا تناقض في القرآن ولا اختلاف، بل هو تعدُّد في التفاسير، وتعدد في فهم النص القرآني؛ لأن القرآن نزل للبشر كافة([14]).

ثانيا -النجوم الطارقة تثقب وتخترق أي شيء تصادفه:

1) الحقائق العلمية:

النجوم النيوترونية تزداد كتلتها على كتلة الشمس بما يقارب 1,4، وعندما يبدأ النجم بالانهيار على نفسه ينكمش بسرعة ويزداد الضغط على ذرات مواده، فتتحطم الذرات ويتكون المائع الإلكتروني ويزداد سمكه فيبقى عاجزًا عن تحمل الضغط الناتج عن ثقل النجم وجاذبيته، وتكون النتيجة أن تسحق جاذبية النجم (المائع الإلكتروني) كما سحقت من قبل قشرة الذرة، ويستمر انهيار العملاق الأحمر على نفسه، فتلتصق الإلكترونات بالبروتونات ثم تتحد معها مكونة نيوترونات جديدة، وتبدأ طبقات النجم وهي تنهار في التطلع إلى منقذ ينقذها من براثن هذا الوحش المسمى بقوة ثقل النجم، الذي يسحق كل ما يجده أمامه، وفي النهاية تتحد الإلكترونات بالبروتونات فيصبح النجم عبارة عن نيوترونات منضغطة على بعضها دون وجود أي فراغ؛ فتصل كثافة النجم إلى رقم قياسي يصعب تصوره ويتقلص العملاق الأحمر إلى ما يسمى بـ "النجم النيوتروني"(Neutron Starsفكُرَةٌ من المادة النيوترونية في حجم كرة القدم يبلغ وزنها خمسين ألف بليون من الأطنان، فإذا وضعت هذه الكرة على الأرض أو على أي جرم سماوي آخر فلن يتحمل سطحه هذا الوزن الهائل، فتسقط الكرة خلال الأرض أو خلال الجرم السماوي تاركة وراءها ثقبًا يتناسب مع حجمه.

إن كثافة النجم الثاقب النيوتروني أعلى كثافة معروفة للمادة، ووزنه يزيد على وزن الكرة الأرضية على الرغم من صغر حجمه، ولنا أن نتصور ماذا يحدث للأرض أو أي جرم سماوي آخر إذا وضع هذا النجم عليه أو اصطدم به، فلن تصمد أمامه أي الأجرام كانت، ولا حتى الشمس، والسبب أنه ذو كثافة مهولة([15]).

يقول علماءوكالة ناسا: إن هذه النجوم ثقيلة جدًّا، حتى إننا لو أخذنا كمية بحجم مكعب سكر سوف يزن 100 مليون طن؛ أي وزن جبل، كذلك فإن جاذبية هذه النجوم - وبسبب كتلتها الهائلة- أكبر 200 بليون مرة من جاذبية الأرض!

من ناحية أخرى يؤكد العلماء أن هذه النجوم تبث أشعة عظيمة ولامعة([16])، ففي عام 1979م سجل العلماء الشعاع الأكثر لمعانًا في السماء، وقد كان ناتجًا عن نجم نيوتروني ثاقب، فقد بث هذا النجم كمية هائلة من أشعة جاما (gamma rays)وهي أقوى أنواع الأشعة الثاقبة، لقد بث في خلال 0,2 ثانية كمية من الإشعاعات الثاقبة تعادل ما تبثه الشمس في ألف سنة! ويقول العلماء الذين رأوا هذا الشعاع إنهم لم يشاهدوا شعاعًا بهذه القوة واللمعان من قبل.

صورة تخيلية لنجم نيوتروني يصدر إشعاعا ثاقبا

لقد رصد العلماء في أمريكا وأوربا الموجات الجذبية الصادرة عن النجوم الثاقبة، وقالوا: إذا كان الضوء يمكن أن يصطدم بالحواجز المادية فلا يستطيع اختراقها، فإن الموجات الجذبية الهائلة التي يصدرها النجم الثاقب تخترق أي شيء، حتى أجسامنا فإنها تخترق في كل لحظة بهذه الأمواج ولا نحس بها.

وهنالك جسيمات دقيقة جدًّا تطلقها هذه النجوم بكميات كبيرة في أثناء تشكلها بعد انفجار النجم الأصلي، وتدعى "نيوترينو"، ويعرف العلماء هذه الجسيمات:

  Neutrinos are electrically neutral, virtually mass less elementary particles that can pass through miles of lead unhindered, Some are passing through your body as you read this.

وهذا يعني أن النيوترينوات هي جسيمات عديمة الشحنة وليس لها كتلة، هذه الأجسام الأولية تخترق الرصاص مسافة أميال عديدة دون أن يعرقلها شيء.

وهذه الجسيمات فائقة الصغر تتعرض لها الأرض ومن عليها في كل لحظة، وهي تبث من المطارق الكونية في أثناء تشكُّلها، وتثقب الغلاف الجوي للأرض، وتثقب البحار والجبال، حتى إن العلماء وجدوا آثارًا لهذه الجسيمات في أعماق البحار وفي أخفض نقطة وصلوا إليها تحت سطح الأرض، ويخبرنا العلماء أن النيوترينوات تستطيع ثقب واختراق طبقة من الرصاص يبلغ سمكها عدة كيلو مترات، حيث تعجز جميع الأجسام الأخرى عن اختراق أكثر من أمتار محددة من الرصاص. ولذلك؛ فإن أفضل تسمية لهذا النجم علميًّا هو (النجم الثاقب)([17]).

  

أشعة ثاقبة تخترق الأرض باستمرار

 

2) التطابق بين ما أثبته العلم وما أشارت إليه الآية الكريمة:

من عظمة كتاب الله عز وجل أنه أشار إلى كثير من الحقائق الكونية المبهرة، وعندما يقسم الله بمخلوق، فإنما يدل على عظمة هذا المخلوق، والله يقسم بما يشاء من خلقه؛ فقد أقسم الله عز وجل بنجوم عظيمة فقال: )والسماء والطارق (1) وما أدراك ما الطارق (2) النجم الثاقب (3)( (الطارق).

وقد احتار المفسرون في تفسير الآيات الكريمات، ولكنهم أجمعوا على أن الله أقسم بنجوم شديدة اللمعان والإضاءة([18])، وهذاما وصلت إليه معارفهم في ذلك العصر، ولكننا في العصر الحديث وأمام التطورات الكبيرة التي شهدها علم الفلك، فإن أفضل تفسير علمي لهذه الآيات هو أنها تتحدث عن النجوم النيوترونية، وقد يتطور العلم فيكشف لنا أشياء جديدة لا نراها اليوم ليبقى القرآن هو المعجزة الخالدة.

·     المدلول اللغوي للفظة (الثاقب):

o    الثقب في اللغة هو الخرق النافذ كما في القاموس المحيط، فكيف يثقب الأشياء ويخترقها هذا النجم الثاقب؟ إن من خصائص النيوترون أنه أثقل أجزاء الذرة، وهو حيادي؛ أي لا شحنة له، فهو ليس موجبًا وليس سالبًا؛ ولذلك فهو يخترق الذرة وينفذ منها بسهولة، ومن ثم يستخدمه العلماء لتحطيم نواة الذرة بسبب ثقله وحياديته. ولذلك؛ فإن أفضل وصف للنيوترون هو أنه يثقب الأشياء ويخترقها بسهولة دون أن يعيقه شيء؛ وبناء على هذا فإن كلمة "الثاقب" مناسبة جدًّا من الناحية العلمية لوصف النجوم النيوترونية.

وثمة أمر آخر، وهو أن النجوم الطارقة تبث موجات جذبية عنيفة جدًّا، وهذه الموجات تستطيع اختراق أي شيء في الكون بما فيه نحن البشر، ففي كل لحظة هنالك موجات جذبية تصدر من هذه النجوم وتخترق أجسامنا ولا نحس بها. ولذا؛ فإن اسم "الثاقب" ينطبق على الموجات التي تبثها هذه النجوم، فسبحان الذي أخبرنا عنها لنزداد إيمانًا ويقينًا بهذا الخالق العظيم!

o    وكلمة "ثاقب" تعني في اللغة أيضًا "مضيء" أو"لامع"، وقد وجد العلماء أن هذه النجوم تعتبر من أشد النجوم لمعانًا في الكون، ويعجب العلماء كيف تنشأ هذه النجوم في قلب الانفجارات وتكون محاطة بكميات هائلة من الدخان الكوني، وفجأة تظهر وتشع بل وتضيء ما حولها، وهذا يدل على أن اللفظة القرآنية تجمع أكثر من معنى؛ فكلمة "الثاقب" تعني الذي يخترق الأشياء، وتعني شديد اللمعان، وكلا المعنيين صحيح، وهذا يعني أن العلماء يستخدمون عدة كلمات لوصف هذه النجوم، بينما القرآن يختصر هذه المصطلحات بكلمة واحدة فقط([19]).

·     من أقوال المفسرين في النجم الثاقب:

 في تفسير قول الحق عز وجل: )والسماء والطارق (1) وما أدراك ما الطارق (2) النجم الثاقب (3)((الطارق)، ذكر ابن كثير قول قتادة وغيره من متقدمي المفسرين ـ رحمهم الله جميعا ـ ما نصه: "إنما سمي النجم طارقًا؛ لأنه إنما يرى بالليل، ويختفي بالنهار"، ويؤيده ما جاء بالحديث: «إلا طارقًا يطرق بخير يا رحمن»([20])، وأضاف قول ابن عباس رضي الله عنهما في شرح الثاقب بالمضيء، وأشار إلىه قول عكرمة رضي الله عنه: وهو مضيء ومحرق للشيطان([21]).

 وقال صاحب الظلال رحمه الله: "هذا الوصف ينطبق على جنس النجم، ولا سبيل إلى تحديد نجم بذاته من هذا النص، ولا ضرورة لهذا التحديد، بل إن الإطلاق أولى ليكون المعنى: والسماء ونجومها الثاقبة للظلام، النافذة من هذا الحجاب الذي يستر الأشياء"([22]).

وذكر مخلوف رحمه الله أن المراد هنا النجم البادي بالليل، وأضاف: (النجم الثاقب)؛ أي المضيء، كأنه يثقب الظلام بنوره فينفذ فيه، والمراد به الجنس، فإن لكل كوكب ـ والصحيح: هو لكل نجم ـ ضوءًا ثاقبًا، أو هو معهود وهو الثريا، أو النجم الذي يقال له: "كوكب الصباح".

ووافق كل من الصابوني وأصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم ما قاله ابن كثير رحمه الله  على الرغم من أن القسم واضح الدلالة على نجم محدد بذاته، وفيه من التحديد والتخصيص ما لا يمكن تجاهله، فلو كان الوصف بالطارق ينطبق على كل نجم، ما خصص في هذه الآية القرآنية الكريمة بهذا التحديد الدقيق، ولما أعطي اسمًا محددًا "الطارق"، ولا صفة محددة "النجم الثاقب"، ولما ورد به القسم مع السماء بهذه الصورة المفخمة، ولما وجه السؤال إلى خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم عقب القسم مباشرة بقول الحق عز وجل: )والسماء والطارق (1) وما أدراك ما الطارق (2) النجم الثاقب (3)( (الطارق). ولما أتى الجواب قاطعًا حاسمًا من الله عز وجل بقوله: )النجم الثاقب( (الطارق)..

والنجوم قد ورد ذكرها في القرآن الكريم ثلاث عشرة مرة، أربع منها بالإفراد (النجم)، وتسع بالجمع (النجوم)، ولم يوصف أي منها (بالطارق النجم الثاقب)، إلا في هذه السورة المباركة التي نحن بصددها، والتي حملت اسم الطارق تأكيدًا على أن الطارق نجم محدد بذاته.([23])

وإذا كان هذا ما ذكره المفسرون، فإن العلماء يؤكدون أن هذه النجوم تبث إشعاعات هي الألمع من نوعها، وهو ما يعبر عنه العلماء بـ (hyperflare أي ضوء يبهر الأبصار، ويؤكدون من ناحية أخرى أن هذه النجوم تصدر موجات، ويقولون عنها: "إنها تثقب وتخترق أي شيء تصادفه". ومن ثم؛ فإن تسمية الله عز وجل هذا النجم بالنجم الثاقب تسمية دقيقة جدًّا من الناحية العلمية.


 

يقول العلماء: إن سبب سماعنا لصوت الطرقات هو دوران هذه النجوم بسرعة هائلة حول مركز دورانها، وفي أثناء دوران هذا النجم فإنه يحقق نتيجتين، الأولى: أنه يعطي طرقات منتظمة، والثانية: أنه يصدر إشعاعات تستطيع ثقب أي شيء يصادفها؛ أي إن دوران هذه النجوم يسبب الطرق والثقب

·      لماذا أقسم الله سبحانه وتعالى بهذه المخلوقات الكونية العظيمة([24])؟

لنتأمَّل هذه السورة بشيء من التدبر والتأني:)والسماء والطارق (1) وما أدراك ما الطارق (2) النجم الثاقب (3) إن كل نفس لما عليها حافظ (4)((الطارق)، تأمَّلوا كيف ربط الله عز وجل بين النفس والملائكة التي تحفظ علينا أقوالنا؛ فكل إنسان وكل الله له ملائكة تحفظ وتكتب كل كلمة ينطق بها، بل كل فكرة قد تخطر بباله: )إن كل نفس لما عليها حافظ( (الطارق)..

ويقول العلماء اليوم: إن هذه النجوم النيوترونية أو الثاقبة تصدر هذه الموجات وتصدر هذه الطرقات بدقة مذهلة، حتى إنهم يعتبرونها من أدق الساعات الكونية على الإطلاق؛ وهذا يعني أن هذه النجوم أدق من أي ساعة على الأرض، فهي تصدر هذه الطرقات بصورة شديدة الانتظام، ولا تخطئ في عملها أبدًا.

فكأن الله عز وجل يخاطب الناس جميعًا ويقول لهم: كما أن هذه النجوم التي خلقتها وحدثتكم عنها وعن عملها ودقتها، كما أنها دقيقة في عملها ولا تخطئ، كذلك فقد وكلت عليكم ملائكة لا تخطئ في كتابتها أبدًا، لا تخطئ في كتابة أي شيء أبدًا يصدر عنك أيها الإنسان؛ فكل شيء مكتوب ومحسوب، ولا يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء.

وإذا ما تتبعنا سلسلة الآيات، نلاحظ أن الله عز وجل يحدثنا عن آيات أخرى أيضًا لنصل إلى هدف نهائي أبعد من هذا الهدف: )والسماء والطارق (1) وما أدراك ما الطارق (2) النجم الثاقب (3) إن كل نفس لما عليها حافظ (4) فلينظر الإنسان مم خلق (5) خلق من ماء دافق (6) يخرج من بين الصلب والترائب (7) إنه على رجعه لقادر (8) يوم تبلى السرائر (9) فما له من قوة ولا ناصر (10) والسماء ذات الرجع (11) والأرض ذات الصدع (12) إنه لقول فصل (13)((الطارق) فالله عز وجل أقسم بهذه المخلوقات: بالنجم الثاقب، وبالسماء ذات الرجع، وبالأرض ذات الصدع، على أن هذا القرآن هو القول الفصل، فكما أن هذه السماء لا تخطئ في عملها ولا يوجد هناك خلل واحد في الكون، كذلك هذا القرآن لا يخطئ أبدًا: )والأرض ذات الصدع (12) إنه لقول فصل (13) وما هو بالهزل (14) إنهم يكيدون كيدا (15) وأكيد كيدا (16) فمهل الكافرين أمهلهم رويدا (17)((الطارق).

ويحاول العلماء اليوم التعرف من خلال هذه النجوم إلى طبيعة المادة في الكون وكيف تشكَّلت، فهم يعتقدون أن نواة النجم الطارق تحوي جسيمات تسمى "كواركات" وهي كتل بناء البروتون والنيوترون، ويقولون: إن دراسة هذه النجوم تساعد على معرفة أصل تشكل النجوم والمادة في الكون. ومن هنا ربما ندرك لماذا جاء الأمر الإلهي للإنسان أن يبحث عن أصله: )فلينظر الإنسان مم خلق((الطارق)، وكأن هذه السورة تربط بين أصل تشكل المادة والطاقة في الكون من خلال دراسة هذه النجوم، وأصل الإنسان من خلال دراسة النطفة التي خلق منها!

وهذا الارتباط يؤكد أن القرآن مترابط؛ أي إن هناك علاقة بين النجم الطارق وخلق الإنسان، فالنجم الطارق)والسماء والطارق (1)((الطارق)، هو دليلنا لمعرفة أصل المادة والطاقة، والماء الدافق )خلق من ماء دافق (6)((الطارق) ،هو دليلنا لمعرفة أصل الإنسان فتأمَّلوا معي هذا الترابط العجيب([25])!

·     وقفة تأمُّل:

أبعد هذه الحقائق اليقينية هل يبقى شك في أن هذه النجوم تصدر صوتًا؟! وهل هناك شك في أن هذه الأصوات تشبه صوت المطرقة؟! وأن العالم الأمريكي (RichardRothschild) شبهها بالمطارق العملاقة (gigantic hammer)، وهل هناك شك في أن هذه النجوم تصدر أشعة متوهجة هي الأكثر إشعاعًا؟!

3) وجه الإعجاز:

اكتشف العلماء وجود نجوم نابضة تصدر أصوات طرق أشبه بالمطرقة، كما وجدوا أن هذه النجوم تصدر موجات جذبية تستطيع اختراق أي شيء وثقبه بما فيها الأرض وغيرها؛ ولذلك أطلقوا عليها صفتين: صفة تتعلق بالطرق فهي مطارق كونية، وصفة تتعلق بالقدرة على النفاذ والثقب فهي ثاقبة، وهذا ما لـخصه لنا القرآن في مطلع سورة الطارق إذ يقول تعالى في وصف هذه النجوم من خلال كلمتين: )والسماء والطارق (1) وما أدراك ما الطارق (2) النجم الثاقب (3)((الطارق)؛ فكلمة "الطارق" تعبر تعبيرًا دقيقًا عن الصوت الذي تصدره هذه النجوم، وكلمة "الثاقب" تعبر تعبيرًا دقيقًا عن نواتج هذه النجوم، وهي الموجات الثاقبة.

الطارق النجم الثاقب


 

(*))النَّجْمُ الثَّاقِبُ(: وهم أم معجزة؟ عبد الدائم الكحيل، بحث منشور بموقع: المهندس عبد الدائم الكحيل www.kaheel7.com. منتدى: المسيحيين المغاربة www.movemegod.com.

[1]. أشعة النجوم: عبارة عن سلسلة متصلة من الأمواج الكهرومغناطيسية، هذه الأمواج تشمل: موجات الراديو بمختلف أطوالها، الأشعة تحت الحمراء، وأطياف الضوء المرئي، والأشعة فوق البنفسجية، والأشعة السينية، وأشعة جاما.

[2]. تمر النجوم بمراحل من الميلاد والشباب والشيخوخة قبل أن تنفجر أو تتكدَّس على ذاتها فتطمس طمسًا كاملًا، فهي:

تولد من الدخان الكوني بتكدس هذا الدخان على ذاته، ثم بفعل الجاذبية تتكوَّن نجوم ابتدائية (prostars).

تتحول النجوم الابتدائية إلى النجوم العادية (star main sequence).

ثم تنفتح متحولة إلى العماليق الحمر (Red Giants).

فإذا فقدت العماليق الحمر هالاتها الغازية تتحول إلى ما يعرف بالسُّدُم الكوكبية (Plantetary Nabulae).

ثم تنكمش السدم الكوكبية على هيئة ما يعرف بالأقزام البيض (White Dwafs)، وقد تتكرر عملية انفتاح القزم الأبيض إلى عملاق أحمر ثم العودة إلى القزم الأبيض عدة مرات.

وتنتهي هذه الدورة بالانفجار على هيئة فوق مستعر من الطراز الأول (Explosion type1 super).

أما إذا كانت الكتلة الابتدائية للنجم العادي كبيرة (أكثر من 10 مرات قدر كتلة الشمس) فإنه ينتفخ في آخر عمره على هيئة العمالقة الكبار (Super Giants). ثم ينفجر على هيئة فوق مستعر من الطراز الثاني (super explosion type2)، فينتج هذا الانفجار النجوم النيوترونية (Pulsating Neutron stars) النابضة (pulasars) وغير النابضة (Non Pulsating Neutron stars)، أو الثقوب السوداء (Blak Holes)، أو ما نسميه باسم النجوم الخانسة الكانسة (وذلك حسب الكتلة الابتدائية للنجم) فينكدر النجم أو يطمس ضوؤه طمسًا كامًلا، وعند انفجار النجوم تتناثر أشلاؤها في صفحة السماء. (الموسوعة الذهبية في إعجاز القرآن الكريم والسنة النبوية، د. أحمد مصطفى متولي، مرجع سابق، ص110).

[3]. النجم النيوتروني: هو عبارة عن نجم أثقل من الشمس بقليل، استنفد وقوده النووي فلم يعد قادرًا على الاشتعال، فبدأ بالانكماش على نفسه وبدأت مادته بالتهاوي والسقوط نحو مركز النجم الأمر الذي يؤدي إلى انضغاطه بشدة كبيرة، وتفكُّك ذراته بفعل الجاذبية الهائلة إلى بروتونات وإلكترونات، ومن ثم تندمج هذه الأجسام متحولة إلى نيوترونات، ولكن النواة تكون في حالة مختلفة؛ حيث تبدأ في داخلها ذرات الحديد بالتشكل، ومن ثم يمكن أن نتخيل كرة ضخمة من الحديد محاطة بسائل كثيف من النيوترونات.

[4]. النيوترونات: هي مكونات دقيقة في داخل الذرة، والذرة ـ التي هي أصغر وحدة بناء في الكون ـ تتألف من نواة فيها جسيمات موجبة وهي البروتونات، وجسيمات عديمة الشحنة هي النيوترونات، وهذه النواة مغلفة بأغلفة إلكترونية (طبقات من الإلكترونات تدور حولها) تمامًا مثل المجموعة الشمسية حيث تكون الشمس في المركز وتدور الكواكب من حولها، فالإلكترون: شحنته سالبة وهو موجود في الغلاف الخارجي للذرة، والبروتون شحنته موجبة وهو موجود في نواة الذرة، وعندما يتحد الإلكترون مع البروتون وينصهر هذان الجسيمان الموجب مع السالب، فإن هذه العملية تحرِّر كمية كبيرة من الطاقة، ويتحول هذان الجسيمان إلى جسم واحد هو النيوترون الذي لا شحنة له، فالإلكترون السالب يتحد مع البروتون الموجب ويندمجان وتختفي الشحنة وينتج جسم لا شحنة له، وهذا مبدأ عمل النجوم النيوترونية  )النَّجْمُ الثَّاقِبُ(: وهم أم معجزة؟! عبد الدائم الكحيل، بحث منشور بموقع: المهندس عبد الدائم الكحيل www.kaheel7.com). انظر الشكل الآتي:

 

 

 

 

[5]. المطارق الكونية آية من آيات الله، عبد الدائم الكحيل، بحث منشور بموقع: المهندس عبد الدائم الكحيل .comwww.kaheel7.

[6]. النجوم النابضة: عبارة عن نجوم كثيفة وصغيرة جدًّا، وتعرف باسم النجوم النيوترونية، ويصل قطرها إلى 20كم فقط، ويمكننا أن نقيس نبضات دورية منتظمة من الأشعة الكهرومغناطيسية التي ترسلها تلك النجوم في أثناء دورانها المغزلي، وبعضها يدور بسرعة مغزلية عالية جدًّا تصل إلى 1000 دورة في الثانية. [الحركة المغزلية هي أن يدور الجسم حول نفسه مثل المغزل].

[7]. من آيات الإعجاز العلمي: السماء في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ص266- 269 بتصرف.

[8]. المطارق الكونية آية من آيات الله، عبد الدائم الكحيل، بحث منشور بموقع: المهندس عبد الدائم الكحيل www.kaheel7.com.

[9]. في الواقع لا تدور النجوم النابضة في اتجاه ما ثم تغيره، إنها تبثُّ تيارًا ثابتًا من الطاقة، وهذه الطاقة مركزة في تيار من الجسيمات الكهرومغناطيسية بسرعة الضوء، ويميل المحور المغناطيسي للنجم النيوتروني بزاوية معينة على محور الدوران، تمامًا كما هو الحال بالنسبة إلى الشمال المغناطيسي والشمال الحقيقي للأرض. وعندما يدور النجم حول نفسه، يقوم هذا الشعاع من الطاقة بمسح الفضاء كالشعاع الذي يخرج من سيارة الإسعاف. وفقط في حالة سطوع هذا الشعاع على الأرض نكون قادرين على اكتشاف النجم النابض باستخدام المنظار الفلكي اللاسلكي.

[10].)النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3)((الطارق): وهم أم معجزة؟ عبد الدائم الكحيل، بحث منشور بموقع: المهندس عبد الدائم الكحيل www.kaheel7.com.

[11]. المطارق الكونية آية من آيات الله، عبد الدائم الكحيل، بحث منشور بموقع: المهندس عبد الدائم الكحيل www.kaheel7.com.

[12]. آيات قرآنية في مشكاة العلم، د. يحيى المحجري، بحث منشور بموقع: موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة www.55a.net.

[13].)النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3)( (الطارق): وهم أم معجزة؟ عبد الدائم الكحيل، بحث منشور بموقع: المهندس عبد الدائم الكحيل www.kaheel7.com.

[14]. الفتق الكوني: حقائق جديدة، عبدالدائم الكحيل، بحث منشور بموقع: المهندس عبد الدائم الكحيل .comwww.kaheel7.

[15]. آيات قرآنية في مشكاة العلم، د. يحيى المحجري، بحث منشور بموقع: موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة www.55a.net.

[16]. تقاس شدة الإضاءة الظاهرية للنجم بكمية الضوء الواصل منه إلى نقطة معينة في وحدة من وحدات الزمن، والقدر الظاهري للنجم قيمة عددية لوغارتمية تعبِّر عن شدة إضاءته الظاهرية بالنسبة إلى غيره من النجوم؛ بمعنى أن الأرقام الأقل تعبر عن درجة لمعان أعلى، ويعتمد القدر الظاهري للنجم على كمية الطاقة المنطلقة منه في الثانية [القدر المطلق]، وعلى بُعْد النجم عنَّا، ويمكن معرفة القدر المطلق للنجم بمعرفة بُعده عن الأرض، وتقسَّم الأقدار النجمية المطلقة إلى 27 درجة، تتراوح بين القدر (ـ 9) في أشدها لمعانًا، و(+ 18) في أخفتها. وتبلغ درجة لمعان الشمس أي قدرها المطلق (+ 5)، بينما يقترب ذلك من أقصى قدر (ـ 9) في كل من العماليق الحمر والعماليق العظام والمستعرات وما فوقها؛ حيث تبلغ شدة إضاءة النجم أكثر من مليون مرة قدر إضاءة الشمس، وتتدنى شدة الإضاءة إلى واحد من ألف من شدة إضاءة الشمس في النجوم المنكدرة، وتنتهي إلى الطمس الكامل في النجوم الخانسة الكانسة.

 

شكل يوضِّح كيفية استخدام العلاقة بين درجة حرارة النجم ودرجة لمعانه في تحديد عمره

 

[17]. المطارق الكونية آية من آيات الله، عبد الدائم الكحيل، بحث منشور بموقع: المهندس عبد الدائم الكحيل www.kaheel7.com.

[18]. لا بد أن نفرق بين هذه الظاهرة وظاهرة الشهاب (Meteor) الساقط التي تُعدُّ ظاهرة يومية لكثرة حدوثها، فالشهب تدخل يوميًّا في الغلاف الجوي ثم تحترق عندما ترتفع درجة حرارتها لاحتكاكها بالهواء الجوي، وبعضها يسقط على الأرض، وقد جاء ذكر الشهب في أكثر من موضع في القرآن، قال تعالى: )إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10)((الصافات)، وقال: )وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8)( (الجن).

[19]. المطارق الكونية آية من آيات الله، عبد الدائم الكحيل، بحث منشور بموقع: المهندس عبد الدائم الكحيل www.kaheel7.com.

[20]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكيين، حديث عبدالرحمن بن حنبش رضي الله عنه، رقم (15498). وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع برقم (74).

[21]. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، مرجع سابق، ج4، ص497.

[22]. في ظلال القرآن، سيد قطب، مرجع سابق، ج6، ص3878.

[23]. من آيات الإعجاز العلمي: السماء في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ص256-257.

[24]. مما يلفت الانتباه أن العلماء يعتبرون هذه النجوم بالذات من عجائب الكون، بل هي من أجمل النجوم في الكون، وهي تبث الأشعة الراديوية بانتظام وبشكل متقطع وتعمل مثل منارات في السماء! ومن هنا ندرك عظمة الله حين أقسم بها، فالله لا يقسم إلا بعظيم.

[25].)النَّجْمُ الثَّاقِبُ(: وهم أم معجزة؟ عبد الدائم الكحيل، بحث منشور بموقع: المهندس عبد الدائم الكحيل www.kaheel7.com.

read women who cheat on husband want my wife to cheat
click here My wife cheated on me women cheat husband
reasons wives cheat on their husbands what is infidelity why do men have affairs
online redirect read here
why wife cheat percentage of women who cheat why women cheat in relationships
husband cheat online online affair
dating a married woman all wife cheat i cheated on my husband
read the unfaithful husband click here
read cheat husband click here
read here my husband cheated on me why women cheat on men
مواضيع ذات ارتباط

أضف تعليقا
عنوان التعليق
نص التعليق
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء كاتبيها فقط ولا تعبر عن الموقع
 
 
 
  
المتواجدون الآن
  8296
إجمالي عدد الزوار
  38398025

الرئيسية

من نحن

ميثاق موقع البيان

خريطة موقع البيان

اقتراحات وشكاوي


أخى المسلم: يمكنك الأستفادة بمحتويات موقع بيان الإسلام لأغراض غير تجارية بشرط الإشارة لرابط الموقع