الطعن في حديث صيام ست من شوال(*)
مضمون الشبهة:
يطعن بعض الواهمين في الحديث النبوي الوارد في أن صيام ستة أيام من شوال كصيام الدهر، والذي رواه الإمام مسلم من طريق إسماعيل بن جعفر عن سعد بن سعيد بن قيس عن عمر بن ثابت بن الحارث الخزرجي عن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - أنه حدثه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر». ويستدلون على طعنهم هذا بما يأتي:
· أن سعد بن سعيد بن قيس - أحد رواة الحديث - ضعيف، ضعفه أهل العلم وقالوا فيه: صدوق سيئ الحفظ، وعلى هذا فالحديث ضعيف ولا قيمة له.
· أنه لا خصوصية لشهر شوال في هذا الفضل؛ فأعمال الخير والصدقات لا خصوصية لوقت فيها دون وقت؛ لقول الله عز وجل: )من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها( (الأنعام:١٦٠)، وقوله - عز وجل - في الحديث القدسي: «الصوم لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها»، ولحديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صم من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر».
· أن بعض أهل العلم والفقهاء قد نفى خصوصية هذه الأيام بالصوم، ونفى عن السلف صيامها، كقول الإمام مالك: "لم أر أحدا من أهل العلم والفقه يصومها، ولم يبلغني هذا عن أحد من السلف"، وقد جاء عن أبي يوسف أنه كان يكره أن يوصل صوم الستة من شوال، وأثر عن الحسن البصري قوله: "والله، لقد رضي الله بصيام هذا الشهر من السنة كلها"، عندما يذكر له صوم الأيام الستة من شوال.
ويتساءلون: ألا تقطع هذه الأدلة بعدم خصوصية صيام ست من شوال بهذا الفضل؟! فلا اشتراط لشهر شوال في صيام الستة أيام بعد رمضان، وإنما الأمر عام في أي شهر.
وجوه إبطال الشبهة:
1) إن الحديث الوارد في صيام ستة أيام من شوال صحيح ثابت، فقد رواه الإمام مسلم في صحيحه، وورد في كثير من كتب السنة بطرق صحيحة مرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كما أن سعد بن سعيد - أحد رواة الحديث - ممن تقبل روايته ويعتد بها، خاصة إذا كانت لروايته شواهد أخرى تؤكدها.
2) ليس هناك أي مانع من اختصاص شهر شوال بهذا الفضل الكبير؛ حيث إن الصوم يختلف عن كثير من العبادات والطاعات، فقد قصره الله -عز وجل- على نفسه وتكفل بالجزاء عليه، فقال - عز وجل - في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، فهذا لا يعارض ما جاء به القرآن والسنة في مضاعفة الحسنة بعشر أمثالها في كل وقت.
3) إن أقوال الأئمة الثلاثة لا تطعن في صحة الحديث ولا العمل به، فقول الإمام مالك كان لأنه لم يبلغه صيامها عن أحد من السلف، وكأنه لم يعلم بهذا الحديث، أو أنه خاف أن تختلط هذه الأيام برمضان فتدخل معه، فكره صومها، وأما أبو يوسف فقد كان يكره وصلها برمضان؛ لذلك كان يرى صومها متفرقة خلال الشهر أفضل، وأما الحسن البصري فلا يدل قوله على إنكار الحديث والعمل به، لأن مراده أن الله لم يفرض في العام إلا صيام رمضان وحده، وقد رضي الله به.
4) لقد أجمع أهل العلم من الفقهاء - قديما وحديثا - على استحباب صوم ستة أيام من شوال؛ لدلالة الأحاديث على ذلك، كحديث أبي أيوب الأنصاري، وحديث ثوبان مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهما.
أولا. الحديث الوارد في صيام ست من شوال صحيح معتبر، رواه أصحاب الصحيح والسنن والمسانيد بطرق صحيحة مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم:
لا شك أن المسلم مطالب بالمداومة على الطاعات، والحرص على تزكية النفس، والصوم من أهم هذه الطاعات والعبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه، ويزكي بها نفسه، ويطهر قلبه.
ومما من الله به على عباده بعد انقضاء شهر الصيام والقيام، ورتب عليه عظيم الأجر والثواب - صيام ستة أيام من شوال، فهي فرصة من تلك الفرص الغالية، بحيث يقف الصائم على أعتاب طاعة أخرى، بعد أن فرغ من صيام رمضان، وقد حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على صيام هذه الأيام، وشجع عليها؛ حيث أكد على أن صيام هذه الأيام يساوي صيام الدهر كله.
والحديث الوارد في صيام هذه الأيام صحيح ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء في كثير من كتب السنة، فقد رواه الإمام مسلم في صحيحه، من حديث إسماعيل بن جعفر قال: أخبرني سعد بن سعيد بن قيس عن عمر بن ثابت بن الحارث الخزرجي عن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - أنه حدثه:«أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر»[1].
وقد رواه بهذا الإسناد الإمام أحمد في مسنده[2]، وأبو داود[3] والترمذي[4] وابن ماجه[5] في سننهم.
وقد علق الإمام الترمذي على هذا الحديث بقوله: "وفي الباب عن جابر وأبي هريرة وثوبان... وحديث أبي أيوب: حديث حسن صحيح، وقد استحب قوم صيام ستة من شوال لهذا الحديث"[6].
فللحديث شواهد أخرى تثبته، وتؤكد صحته؛ فقد روى الإمام ابن حبان في صحيحه من حديث هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم عن يحيى بن الحارث الذماري عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صام رمضان وستا من شوال فقد صام السنة»[7].
وروى الإمام ابن ماجه من هذا الطريق أيضا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من صام ستة أيام بعد الفطر، كان تمام السنة، من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها»[8].
وروى الإمام أحمد من هذا الطريق نفسه - أي طريق يحيى بن الحارث الذماري عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«من صام رمضان فشهر بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام بعد الفطر فذلك تمام صيام السنة»[9].
كما أخرج الإمام الطحاوي من هذا الطريق أيضا عن ثوبان مولى رسول الله أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:«جعل الله الحسنة بعشر أشهر، وستة أيام بعد الفطر تمام السنة»[10].
فهذه شواهد ومتابعات لهذا الحديث بألفاظ مختلفة وطرق متعددة مرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تؤكد صحة هذا الحديث وتثبت قوته. وفي الباب أحاديث أخرى عن جابر بن عبد الله الأنصاري وأبي هريرة - رضي الله عنه - كما ذكر الإمام الترمذي.
أما عن راوي الحديث: سعد بن سعيد الأنصاري، فقد اختلف أئمة الحديث في توثيقه، قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه: ضعيف. وقال يحيى بن معين في رواية: صالح، وقال في أخرى: ضعيف. وقال محمد بن سعد: كان ثقة، قليل الحديث. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: سعد بن سعيد الأنصاري مؤد - يعني أنه كان لا يحفظ ويؤدي ما سمع. وقال أبو أحمد بن عدي: له أحاديث صالحة تقرب من الاستقامة، ولا أرى بحديثه بأسا بمقدار ما يرويه. وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: كان يخطئ، استشهد به البخاري في "الجامع الصحيح"، وروى له في "الأدب المفرد"، وروى له الباقون[11].
وقال الذهبي: "أحد الثقات، يروي عن أنس بن مالك، والسائب بن يزيد. حدث عنه شعبة، وابن المبارك، وجماعة"[12]. وقال عنه ابن سعد في "الطبقات": "وقد روى عنه أبو معاوية الضرير، وعبد الله بن نمير، وكان ثقة قليل الحديث دون أخيه"[13].
وقد اعتنى الإمام ابن القيم في حاشيته على سنن أبي داود بالكلام على طرق الحديث، وبيان متابعاته وشواهده، والإجابة عن اعتراضات المخالفين إجابة مفصلة[14].
هذه أقوال أهل العلم في سعد بن سعيد راوي الحديث، فإنهم وإن كانوا لا يصلون به إلى الدرجة التامة في الثقة والاعتماد، إلا أن الحديث صحيح مقبول بشواهده ومتابعاته.
ويؤكد هذا ما قاله الإمام الطحاوي عند تعليقه على الحديث، يقول: "كان هذا الحديث مما لم يكن بالقوي في قلوبنا؛ لما سعد بن سعيد عليه في الرواية عند أهل الحديث، ومن رغبتهم عنه، حتى وجدناه قد أخذه عنه من قد ذكرنا أخذه إياه عنه من أهل الجلالة في الرواية والثبت فيها، فذكرنا حديثه لذلك، غير أن محمد بن عمرو حدث به مرة عنه، ومرة عن شيخه الذي حدث به عنه، وهو عمرو بن ثابت، وممن حدث به أيضا قرة بن عبد الرحمن، وعسى أن يكون سنه كسنه"[15].
وذكر ذلك الإمام ابن القيم فقال: "وهذه العلل - وإن منعته أن يكون في أعلى درجات الصحيح - فإنها لا توجب وهنه، وقد تابع سعدا ويحيى وعبد ربه عن عمر بن ثابت: عثمان بن عمرو الخزاعي عن عمر، لكن قال: عن عمر عن محمد بن المنكدر عن أبي أيوب. ورواه - أيضا - صفوان بن سليم عن عمر بن ثابت، ذكره ابن حبان في صحيحه، وأبو داود والنسائي، فهؤلاء خمسة: يحيى، وسعيد، وعبد ربه بنو سعيد، وصفوان بن سليم، وعثمان بن عمرو الخزاعي، كلهم رووه عن عمرو، فالحديث صحيح"[16].
لذلك قال الشيخ الألباني تعليقا منه على صحة حديث أبي أيوب: "فصح الحديث - والحمد لله - وزالت شبهة سوء حفظ سعد بن سعيد"[17].
ومما سبق يتبين أن الحديث صحيح؛ لوروده في معظم كتب السنة الصحيحة، بالإضافة إلى تعدد طرقه وشواهده، فضلا عن توثيق بعض العلماء والأئمة لسعد بن سعيد أحد رواة الحديث.
ولهذا فقد رواه الإمام مسلم في صحيحه؛ إذ ثبت له أن الحديث صحيح بشواهده ومتابعاته، وأن سعد بن سعيد قد ضبط روايته، ولهذا قال الإمام ابن القيم: "لكن مسلم إنما احتج بحديثه؛ لأنه ظهر له أنه لم يخطئ فيه بقرائن ومتابعات وشواهد دلته على ذلك، وإن كان قد عرف خطؤه في غيره، فكون الرجل يخطئ في شيء لا يمنع الاحتجاج به، فيما ظهر أنه لم يخطئ فيه، وهكذا حكم كثير من الأحاديث التي خرجاها، وفي إسنادها من تكلم فيه من جهة حفظه، فإنهما لم يخرجاها إلا وقد وجدا لها متابعا"[18].
وعلى هذا يتبين أن الحديث صحيح ثابت بلا ريب، قد صححه جمهور من أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين، وكان ممن صححه مسلم والترمذي وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي وآخرون، ومن المتأخرين: ابن القيم وابن الملقن وابن حجر وغيرهم كثير.
ثانيا.الحسنة بعشر أمثالها مبدأ عام في كل البر إلا الصيام، فإنه لله وهو يجزي به:
إن المبدأ الإسلامي المتمثل في قوله عز وجل: )من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها( (الأنعام: ١٦٠) مبدأ عام مطلق في كل الأعمال كالصلاة والحج وغيرهما، إلا أن الشارع -عز وجل- استثنى من ذلك الصيام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم«كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به...» الحديث[19].
قال الإمام النووي معقبا على الحديث: "قيل معناه: أنا المنفرد بعلم مقدار ثوابها أو تضعيف حسناته، وغيره من العبادات أظهر -عز وجل- بعض مخلوقاته على مقدار ثوابه. وقيل: هي إضافة تشريف، كقوله تعالى: )ناقة الله( (الأعراف: ٧٣) مع أن العالم كله لله تعالى، وفي هذا الحديث بيان عظم فضل الصوم، والحث عليه. وقوله تعالى:«وأنا أجزي به» بيان لعظم فضله، وكثرة ثوابه؛ لأن الكريم إذا أخبر بأنه يتولى بنفسه الجزاء اقتضى عظم قدر الجزاء وسعة العطاء"[20].
وقال ابن عبد البر: "ولكن الله يعلمه ويجازي به على ما شاء من التضعيف، والصوم في لسان العرب أيضا: الصبر، )إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (10)( (الزمر)"[21]. وقال ابن حجر: "قال القرطبي: معناه أن الأعمال قد كشف مقادير ثوابها للناس، وأنها تضاعف من عشرة إلى سبعمائة إلى ما شاء الله، إلا الصيام، فإن الله يثيب عليه بغير تقدير"[22]، وقال تعالى: )إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (10)(.
أما استدلالهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم«... وصم من الشهر ثلاثة أيام؛ فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر...» [23]، فإن كان مقصودهم تضعيف الحسنات وأن الحسنة بعشر أمثالها، فقد سبق توضيح ذلك، وأنه عام في كل أعمال الخير، كالصلاة والحج والذكر وغيرها، وبينا أن ثواب الصائم لا يعلمه إلا الله كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة.
أما إن كان المقصود مضاعفة عدد الأيام كما يظهر من الحديث، أن اليوم بعشرة أيام، فلا مانع أن تكون الأيام الست من شهر شوال، وبعض الأحاديث يؤكد هذا المعنى، يقول الحافظ في "الفتح": "قال القرطبي: هذا القول ظاهر الحسن - أي قول: إن العمل الذي لا يعلم ثوابه إلا الله هو الصيام، قال: غير أنه تقدم ويأتي في غير ما حديث أن صوم اليوم بعشرة أيام، وهي نص في إظهار التضعيف، فبعد هذا الجواب، بل بطل. قلت - أي ابن حجر: لا يلزم من الذي ذكر بطلانه، بل المراد بما أورده أن صيام اليوم الواحد يكتب بعشرة أيام، وأما مقدار ثواب ذلك فلا يعلمه إلا الله عز وجل، ويؤيده أيضا العرف المستفاد من قوله: «وأنا أجزي به»؛ لأن الكريم إذا قال: أنا أتولى الإعطاء بنفسي كان في ذلك إشارة إلى تعظيم ذلك العطاء وتفخيمه"[24].
وهذه الأدلة التي ساقوها لا تمنع من اختصاص شوال بهذا الفضل الكبير، وإلا لما ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحاديثه أو أشار إليه بقوله: بعد الفطر، واختصاص شوال بهذا الفضل دون غيره لأسباب ذكرها الإمام ابن القيم، منها:
· أن المقصود به المبادرة بالعمل، وانتهاز الفرصة؛ خشية الفوات، قال -عز وجل-: )فاستبقوا الخيرات( (البقرة: ١٤٨)، وقال عز وجل: )وسارعوا إلى مغفرة من ربكم( (آل عمران: ١٣٣)، وهذا تعليل طائفة من الشافعية وغيرهم. قالوا: ولا يلزم أن يعطى هذا الفضل لمن صامها في غيره؛ لفوات مصلحة المبادرة والمسارعة المحبوبة لله، قالوا: وظاهر الحديث مع هذا القول، ومن ساعده الظاهر فقوله أولى، ولا ريب أنه لا يمكن إلغاء خصوصية شوال، وإلا لم يكن لذكره فائدة.
· وقال آخرون: لـما كان صوم رمضان لابد أن يقع فيه نوع تقصير وتفريط، وهضم من حقه وواجبه - ندب إلى صوم ستة أيام من شوال؛ جابرة له، ومسددة لخلل ما عساه أن يقع فيه، فجرت هذه الأيام مجرى سنن الصلوات التي يتنفل بها بعدها جابرة ومكملة، وعلى هذا تظهر فائدة اختصاصها بشوال"[25].
وبناء على ما سبق، فإن ما استدلوا به من آيات وأحاديث لا يمنع من اختصاص الصيام في شوال بهذا الفضل الكبير، فهذه حكمة الله عز وجل، يفضل بعض الأيام على بعض، وبعض الشهور على بعض، وبعض الرسل على بعض.
ثالثا. أقوال الأئمة الثلاثة لا تطعن في صحة الحديث ولا تنكر صيام أيام شوال:
إن أقوال الأئمة الثلاثة - مالك وأبي يوسف صاحب أبي حنيفة والحسن البصري - لا تطعن في صحة الحديث، ولا في صيام هذه الأيام من شهر شوال، لذلك سوف نورد آراءهم ونرد عليهم:
الإمام مالك وصيام ست من شوال:
إن كراهة الإمام مالك لصيام الأيام الستة من شوال لا تدل على إنكاره صيامها، ولكنه كره ذلك لأسباب أخرى، فصلها ابن عبد البر حيث قال: "لم يبلغ مالكا حديث أبي أيوب على أنه حديث مدني، والإحاطة بعلم الخاصة لا سبيل إليه، والذي كرهه له مالك أمر قد بينه وأوضحه؛ وذلك خشية أن يضاف إلى فرض رمضان، وأن يستبين ذلك إلى العامة، وكان - رحمه الله - متحفظا كثير الاحتياط للدين.
وأما صيام الستة الأيام من شوال على طلب الفضل، وعلى التأويل الذي جاء به ثوبان - رضي الله عنه - فإن مالكا لا يكره ذلك إن شاء الله؛ لأن الصوم جنة، وفضله معلوم لمن ترك طعامه وشرابه وشهوته لله عز وجل، وهو عمل بر وخير، وقد قال الله عز وجل: )وافعلوا الخير( (الحج: ٧٧)، ومالك لا يجهل شيئا من هذا، ولم يكره من ذلك إلا ما خافه على أهل الجهالة والجفاء إذا استمر ذلك، وخشي أن يعدوه من فرائض الصيام مضافا إلى رمضان، وما أظن مالكا جهل الحديث، والله أعلم؛ لأنه حديث مدني انفرد به عمر بن ثابت، وقد قيل: إنه روى عنه مالك، ولولا علمه به ما أنكره، وأظن الشيخ عمر بن ثابت لم يكن عنده ممن يعتمد عليه، وقد ترك مالك الاحتجاج ببعض ما رواه عن بعض شيوخه، إذا لم يثق بحفظه ببعض ما رواه، وقد يمكن أن يكون جهل الحديث، ولو علمه لقال به"[26].
وقد علق الإمام أبو الوليد الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" على قول الإمام مالك قائلا: وهذا كما قال، إن صوم هذه الستة الأيام بعد الفطر لم تكن من الأيام التي كان السلف يتعمدون صومها، وقد كره ذلك مالك وغيره من العلماء، وقد أباحه جماعة من الناس ولم يروا به بأسا، وإنما كره ذلك مالك؛ لما خاف من إلحاق عوام الناس ذلك برمضان، وأن لا يميزوا بينها وبينه حتى يعتقدوا جميع ذلك فرضا، والأصل في صيام هذه الأيام الستة ما رواه سعد بن سعيد بن قيس عن عمر بن ثابت بن الحارث الخزرجي عن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أنه حدثه: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر»[27]. وسعد بن سعيد هذا ممن لا يحتمل الانفراد بمثل هذا، فلما ورد الحديث على مثل هذا ووجد مالك علماء المدينة منكرين العمل بهذا، احتاط بتركه لئلا يكون سببا لما قاله. قال مطرف: إنما كره مالك صيامها؛ لئلا يلحق أهل الجهل ذلك برمضان، وأما من رغب في ذلك؛ لما جاء فيه، فلم ينهه"[28].
وقد ذهب ابن القيم - رحمه الله - إلى تعليل ذلك قائلا: قال الحافظ المنذري: والذي خشى منه مالك قد وقع بالعجم، فصاروا يتركون المسحرين على عادتهم، والنواقيس وشعائر رمضان إلى آخر الستة الأيام، فحينئذ يظهرون شعائر العيد، ويؤيد هذا ما رواه أبو داود في قصة الرجل الذي دخل المسجد وصلى الفرض، ثم قام يتنفل، فقام إليه عمر، قال له: اجلس حتى تفصل بين فرضك ونفلك، فبهذا هلك من كان قبلنا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصاب الله بك يا ابن الخطاب. قالوا: فمقصود عمر: أن اتصال الفرض بالنفل إذا حصل معه التمادي وطال الزمن ظن الجهال أن ذلك من الفرض، كما قد شاع عند كثير من العامة: أن صبح يوم الجمعة خمس سجدات ولابد، فإذا تركوا قراءة )الم (1) تنزيل( (السجدة) قرءوا غيرها من سور السجدات، بل نهي عن الصوم بعد انتصاف شعبان؛ حماية لرمضان أن يخلط به صوم غيره، فكيف بما يضاف إليه بعده"[29]؟
فالأمر عند مالك من باب سد الذرائع؛ لئلا يلتبس على العامة الفرض بالنفل، والحديث مأخوذ به عند جماعة من العلماء الثقات، قال القاضي عياض: أخذ بهذا الحديث جماعة عن العلماء، وروي عن مالك وغيره كراهية ذلك، ولعل مالكا إنما كره صومها على ما قال في الموطأ: أن يعتقد من يصومه أنه فرض، وأما على الوجه الذي أراده النبي - صلى الله عليه وسلم - فجائز.
ويعلق ابن القيم على ذلك قائلا: فلا ريب أنه متى كان في وصلها برمضان مثل هذا المحذور كره أشد الكراهية، وحمي الفرض أن يخلط به ما ليس منه، ويصومها في وسط الشهر أو آخره، وما ذكروه من المحذور فدفعه والتحرز منه واجب، وهو من قواعد الإسلام[30].
وقد ذكر الإمام القرطبي قريبا من ذلك فقال: "واختلف في صيام هذه الأيام، فكرهها مالك في موطئه؛ خوفا أن يلحق أهل الجهالة برمضان ما ليس منه، وقد وقع ما خافه، حتى أنه كان في بعض بلاد خراسان يقومون لسحورها على عادتهم في رمضان. وروى مطرف عن مالك أنه كان يصومها في خاصة نفسه، واستحب صيامها الشافعي، وكرهه أبو يوسف"[31]، وعلى الرغم من ذلك إلا أنه قد ذهب كل أتباع مالك وشراح الموطأ من المالكية إلى أن المراد من "ستة أيام بعد الفطر" هي أيام شوال، وبنوا ما ذكروه من موافقة في صيامها أو مخالفة على ذلك الفهم... وحاصله: أننا اتفقنا مع مالك في فهم "ستة أيام بعد الفطر من رمضان"، وبلغنا الحديث وعملنا به، ولم نخالف، ومالك لم يبلغه الحديث، ولو بلغه لعمل به[32].
أبو يوسف وصيام الست من شوال:
إن أبا يوسف - رحمه الله - لم ينكر صيام الأيام الستة من شوال كما فهم المدعون، ولكن نقل عن أبي حنيفة - رحمه الله - كراهة صوم ستة من شوال متفرقا كان أو متتابعا، وعن أبي يوسف: كراهته متتابعا لا متفرقا، لكن عامة المتأخرين من الحنفية لم يروا بأسا به.
ولا يبعد أن تكون أحاديث صيام ستة من شوال لم تبلغ الإمام أبا حنيفة، ولـما كره أبو حنيفة صيامها كرهه لعلة التباس صيام الفرض بصيام التطوع، يقول صاحب الهداية في كتابه "التجنيس": إن صوم الستة بعد الفطر متتابعة، منهم من كرهه، والمختار أنه لا بأس به؛ لأن الكراهة إنما كانت لأنه لا يؤمن من أن يعد ذلك من رمضان، فيكون تشبها بالنصارى، والآن زال ذلك المعنى.
ومثله في كتاب "النوازل" لأبي الليث، و"الواقعات" للحسام الشهيد، و"المحيط البرهاني" و"الذخيرة"، وفي "الغاية" عن الحسن بن زياد، أنه كان لا يرى بصومها بأسا، ويقول: كفى بيوم الفطر مفرقا بينهن وبين رمضان. وفيها أيضا عامة المتأخرين لم يروا به بأسا، واختلفوا هل الأفضل التفريق أم التتابع؟
وفي "الحقائق": صومها متصلا بيوم الفطر يكره عند مالك، وعندنا لا يكره، وإن اختلف مشايخنا في الأفضل، وعن أبي يوسف أنه كرهه متتابعا، والمختار لا بأس به... والمكروه عند أبي يوسف تتابعها، وإن فصل بيوم الفطر فهو مؤيد لما فهمه في "الحقائق"[33].
ومن ثم، فإن قولي مالك وأبي يوسف دليل على أن الكراهة في حق الجهال الذين لا يميزون، "وعن أبي يوسف أنه قال: أكره متتابعا، ولا أكره متفرقا"[34].
وبهذا نعلم أن أبا يوسف كان يكره أن يوصل برمضان صوم الستة من شوال، فإن كان هناك فطر وفصل فلازم القول أنه لا يكره[35].
الإمام الحسن البصري وصيام الأيام الستة من شوال:
إن مقولة الإمام الحسن البصري لا تنكر صيام الأيام الستة من شوال ولا غيرها من صيام التطوع كما يزعمون، وقد ذكر هذا الأثر في المصنف لابن أبي شيبة قال: "حدثنا حسين بن علي عن أبي موسى عن الحسن قال: إذا ذكر عنده ستة أيام التي يصومها بعض الناس بعد رمضان تطوعا كان يقول: لقد رضي الله بهذا الشهر للسنة كلها"[36].
يقول د. عبد العزيز العتيبي: "إن كلام الحسن البصري - رحمه الله - يـحمل على صيام الفرض، لا على صيام التطوع، والمقصود أنه لا يصام فرض في السنة كلها إلا رمضان... وإلا لأفاد عدم جواز صيام يوم عرفة، ويوم عاشوراء، وصيام يوم الاثنين، والأيام البيض... إلى غير ذلك من صيام التطوع"[37].
والخلاصة: أن قول الحسن البصري ليس فيه إنكار على من صام ستة أيام من شوال تطوعا من غير وصل برمضان، لكن من رأى ذلك فرضا أنكر عليه ذلك.
إن مقولة الحسن البصري هذه تطابق ما رواه طلحة بن عبيد الله قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم... فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات في اليوم والليلة. فقال: هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:وصيام رمضان. قال: هل علي غيره؟ قال: لا، إلا أن تطوع، قال: وذكر له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزكاة. قال هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع. قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:أفلح إن صدق»[38].
رابعا. أقوال أهل العلم تثبت صحة الحديث والعمل به:
لقد ذهب معظم الأئمة والفقهاء إلى استحباب صوم الأيام الستة من شوال؛ يقول الإمام النووي: "قوله صلى الله عليه وسلم:«من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر»فيه دلالة صريحة لمذهب الشافعي وأحمد وداود، وموافقيهم في استحباب صوم هذه الستة... ودليل الشافعي وموافقيه هذا الحديث الصحيح الصريح، وإذا ثبتت السنة لا تترك، لترك بعض الناس أو أكثرهم أو كلهم لها... قال أصحابنا: والأفضل أن تصام الستة متوالية عقب يوم الفطر، فإن فرقها أو أخرها عن أوائل شوال إلى أواخره حصلت فضيلة المتابعة؛ لأنه يصدق أنه أتبعه ستا من شوال.
قال العلماء: وإنما كان ذلك كصيام الدهر؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، والستة بشهرين، وقد جاء هذا في حديث مرفوع في كتاب النسائي"[39]، وقال الترمذي معلقا على هذا الحديث: حديث أبي أيوب حديث حسن صحيح، وقد استحب قوم صيام ستة من شوال لهذا الحديث. وقال ابن المبارك: هو حسن مثل صيام ثلاثة أيام من كل شهر... واختار ابن المبارك أن يكون ستة أيام من أول الشهر، وقد روي عن ابن المبارك أنه قال: إن صام ستة أيام من شوال متفرقا فهو جائز"[40].
وقد ذهب إلى ذلك ابن قدامة فقال: "وجملة ذلك: أن صوم ستة أيام من شوال مستحب عند كثير من أهل العلم، روي ذلك عن كعب الأحبار، والشعبي، وميمون بن مهران، وبه قال الشافعي، وكرهه مالك... ولنا ما روى أبو أيوب... وقال أحمد: هو من ثلاثة أوجه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وروي عن ثوبان عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من صام رمضان، فشهر بعشرة أشهر، وصام ستة أيام بعد الفطر، فذلك تمام السنة»[41]، يعني أن الحسنة بعشر أمثالها، فالشهر بعشرة، والستة بستين يوما، فذلك اثنا عشر شهرا، وهي سنة كاملة، ولا يجري هذا مجرى التقديم لرمضان؛ لأن يوم الفطر فاصل... ولا فرق بين كونها متتابعة أو مفرقة، في أول الشهر أو في آخره؛ لأن الحديث ورد بها مطلقا من غير تقييد، ولأن فضيلتها لكونها تصير مع الشهر ستة وثلاثين يوما، والحسنة بعشر أمثالها؛ فيكون ذلك كثلاثمائة وستين يوما، وهي السنة كلها، فإذا وجد ذلك في كل سنة صار كصيام الدهر كله، وهذا المعنى يحصل مع التفريق[42].
ويؤكد ذلك ابن حجر في "الفتح" قائلا: "واستدل به بعض المالكية على عدم استحباب ستة شوال؛ لئلا يظن الجاهل أنها ملتحقة برمضان، وهو ضعيف، ولا يخفى الفرق"[43].
ومما يزيد الأمر وضوحا ما قاله الإمام الشوكاني - رحمه الله: "وقد استدل بأحاديث الباب على استحباب صوم ستة أيام من شوال، وإليه ذهب الشافعي وأحمد وداود وغيرهم، وبه قالت العترة"[44].
وقد ذهب إلى ذلك - أيضا - صاحب كتاب "سبل السلام" يقول بعد أن ذكر حديث أبي أيوب: "وفيه دليل على استحباب صوم ستة أيام من شوال، وهو مذهب جماعة من الآل وأحمد والشافعي، وقال مالك: يكره صومها وقال: لأنه ما رأى أحدا من أهل العلم يصومها، ولئلا يظن وجوبها، والجواب: أنه بعد ثبوت النص بذلك لا حكم لهذه التعليلات"[45].
ولذلك قال الشيخ عادل العزازي: "واعلم أنه يجوز صيام هذه الأيام الستة من شوال متتابعة أو متفرقة في أي أيام الشهر، عدا اليوم الأول، وهو يوم عيد الفطر، فإنه يحرم صيامه"[46].
وبهذا يتبين أن الحديث صحيح سندا ومتنا، وقد تأكد الحث على صيام الستة أيام من شوال بأحاديث أخر، ذكرت في الباب، ومنها حديث ثوبان السالف الذكر، وأن الدعاوى التي استندوا إليها لا تطعن في صحة الحديث، ولا في كون استحباب صيام الستة أيام من أول شوال، سواء كان الصيام متتابعا أو متفرقا، وذلك - كما بين العلماء - خاص بشهر شوال دون غيره من الشهور.
الخلاصة:
· إن حديث أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - في صيام ستة من شوال حديث صحيح ولا غبار عليه؛ وذلك لأنه جاء في كتب السنة الصحيحة، فقد رواه الإمام مسلم والترمذي، وأبو داود، وأحمد، والنسائي، وابن ماجه... وغيرهم من أصحاب المسانيد والمعاجم، كما أن للحديث شاهدا آخر من حديث ثوبان مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - وحديث جابرـ رضي الله عنه - فكيف يكون ضعيفا؟!
· لقد ذهب بعض العلماء إلى توثيق سعد بن سعيد أحد رواة الحديث، كالذهبي، وابن معين، وأبي حاتم، وابن عدي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، واستشهد به البخاري في صحيحه، وروى له في "الأدب المفرد"، وروى له الباقون، كمسلم وغيره.
· لقد جعل الله -عز وجل- لهذه الأمة أعمالا يسيرة وأجورا مضاعفة، فقال -عز وجل-: )من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها( (الأنعام: ١٦٠)، وهذا الأجر عام في كل أعمال الخير والبر والطاعة، كالصلاة والزكاة والحج وغيرها من الأعمال، أما الصيام فقد جعله الله تعالى لنفسه، ثم يجازي به كما جاء في الحديث القدسي.
· لقد خص النبي - صلى الله عليه وسلم ـشهر شوال بهذا الفضل الكبير لأسباب منها:
o أن صيام هذه الأيام بعد رمضان قد يجبر ما حدث من تقصير ونقص خلال شهر رمضان.
o أن المقصود من ذلك: المبادرة بالعمل الصالح بعد رمضان؛ لأن الإنسان يكون قريب عهد بالصيام، فيسهل عليه صيام هذه الأيام، قال تعالى: )فاستبقوا الخيرات( (البقرة: ١٤٨)، وقال أيضا: )وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض( (آل عمران: ١٣٣).
· إن فتوى الإمام مالك بكراهة صيام ستة أيام من شوال كانت لمخالفة وصلها بأيام رمضان، كما فعل العجم من المسلمين بعده، حين كانوا لا يحتفلون بالعيد إلا بعد فوات الستة أيام، أو كما يتوهم العامة والجهال، فيلحقون بالفرائض ما ليس منها، أو أن الحديث لم يبلغه، وليس معنى قول الإمام مالك أن ننكر الحديث أو ننكر العمل به، وقد أفتى متأخرو المالكية باستحباب صوم هذه الأيام!
· إن قول أبي يوسف لا يفهم منه إنكار صيام الستة أيام من شوال؛ إذ إنه كان يكره وصل هذه الأيام برمضان، لذلك أفتى باستحباب صومها متفرقة خلال الشهر.
· إن قول الحسن البصري - رحمه الله - لا يدل على إنكاره لحديث أبي أيوب الأنصاريـ رضي الله عنه ـولا على كراهة صوم الستة أيام من شوال، ولكنه يفهم منه أن الله -عز وجل- لم يوجب على المسلمين إلا صيام شهر رمضان كل عام، وهذا يكفي إذا حافظ المسلم على صيامه ولم يفرط فيه، أما التطوع في الصيام فلا كراهة فيه.
· لقد أجمع أهل العلم - قديما وحديثا - على استحباب صيام الستة أيام من شوال، ومن هؤلاء: الشافعي وأحمد والنووي وابن قدامة والشوكاني وبعض متأخري الحنفية والمالكية، فكيف يطعن هؤلاء في الحديث وفي حكم صيام هذه الأيام؟!
(*) مكانة الصحيحين والدفاع عن صحيح مسلم، د. عبد العزيز العتيبي، شركة غراس، الكويت، ط1، 1427هـ/ 2007م. السنة المطهرة، د. محمد سيد أحمد المسير، مكتبة الإيمان، القاهرة، ط3، 1424هـ/ 2003م.
[1]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الصيام، باب: استحباب صوم ستة من شوال إتباعا لرمضان، (4/ 1822، 1823)، رقم (2712).
[2]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، رقم (23580). وصححه شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند.
[3]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: الصيام، باب: في صوم ستة أيام من شوال، (7/ 61)، رقم (2430). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (2433).
[4]. صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: الصوم، باب: ما جاء في صيام ستة أيام من شوال، (3/ 388)، رقم (756). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (759).
[5]. صحيح: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: الصيام، باب: صيام ستة أيام من شوال، (1/ 547)، رقم (1716). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم (1716).
[6]. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، المباركفوري، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/ 1990م، (3/ 388، 389).
[7]. صحيح: أخرجه ابن حبان في صحيحه، كتاب: الصوم، باب: صوم التطوع، (8/ 398)، رقم (3635). وصححه شعيب الأرنؤوط في تعليقه على صحيح ابن حبان.
[8]. صحيح: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: الصيام، باب: صيام ستة أيام من شوال، (1/ 547)، رقم (1715). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم (1715).
[9]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، من حديث ثوبان رضي الله عنه، رقم (22465). وصححه شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند.
[10]. صحيح: أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار، باب: بيان مشكل ما روي عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من قوله: "من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال فكأنما صام السنة"، (6/ 125، 126)، رقم (2349). وصححه شعيب الأرنؤوط في تعليقه على شرح مشكل الآثار.
[11]. تهذيب الكمال، الحافظ المزي، (10/ 264، 265) بتصرف.
[12]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (5/ 482).
[13]. الطبقات الكبير، محمد بن سعد، تحقيق: د. علي محمد عمر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2002م، (7/ 519).
[14]. انظر: عون المعبود شرح سنن أبي داود، شمس الحق العظيم آبادي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/ 1990م، (7/ 61: 68).
[15]. شرح مشكل الآثار، الطحاوي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1415هـ/ 1994م، (6/ 121).
[16]. عون المعبود شرح سنن أبي داود، شمس الحق العظيم آبادي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/ 1990م، (7/ 62).
[17]. إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1405هـ/ 1985م، (4/ 106).
[18]. عون المعبود شرح سنن أبي داود، شمس الحق العظيم آبادي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/ 1990م، (7/ 65).
[19]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الصيام، باب: فضل الصيام، (4/ 1798)، رقم (2664).
[20]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (4/ 1799).
[21]. التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، ابن عبد البر، تحقيق: مصطفي بن أحمد العلوي ومحمد عبد الكريم البكري، مؤسسة قرطبة، المغرب، 1986م، (19/ 60).
[22]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، (4/ 130).
[23]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الصوم، باب: صوم الدهر، (4/ 259)، رقم (1976). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الصيام، باب: النهي عن صوم الدهر... (4/ 1807)، رقم (2684).
[24]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، (4/ 130).
[25]. عون المعبود شرح سنن أبي داود، شمس الحق العظيم آبادي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/ 1990م، (7/ 69).
[26]. الاستذكار، ابن عبد البر، تحقيق: سالم محمد عطا ومحمد علي معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1421هـ/ 2000م، (3/ 380).
[27]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الصيام، باب: استحباب صوم ستة من شوال إتباعا لرمضان، (4/ 1822)، رقم (2712) .
[28]. المنتقى شرح الموطأ، الإمام الباجي، (3/ 92).
[29]. عون المعبود شرح سنن أبي داود، شمس الحق العظيم آبادي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/ 1990م، (7/ 67).
[30]. عون المعبود شرح سنن أبي داود، شمس الحق العظيم آبادي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/ 1990م،(7/ 68) بتصرف.
[31]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، (2/ 331، 332).
[32]. مكانة الصحيحين والدفاع عن صحيح مسلم، د. عبد العزيز العتيبي، شركة غراس، الكويت، ط1، 1427هـ/ 2007م، ص193 بتصرف.
[33]. حاشية رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، دار الفكر، بيروت، 1415هـ/ 1995م، (2/ 478، 479) بتصرف.
[34]. المحيط البرهاني في الفقه، برهان الدين ابن مازه، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د. ت، (2/ 655).
[35]. مكانة الصحيحين والدفاع عن صحيح مسلم، د. عبد العزيز العتيبي، شركة غراس، الكويت، ط1، 1427هـ/ 2007م، ص200 بتصرف.
[36]. أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب: الصيام، باب: ما قالوا في صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان، (2/ 509)، رقم (2).
[37]. مكانة الصحيحين والدفاع عن صحيح مسلم، د. عبد العزيز العتيبي، شركة غراس، الكويت، ط1، 1427هـ/ 2007م، ص 206، 207 بتصرف.
[38]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الإيمان، باب: الزكاة من الإسلام، (1/ 130)، رقم (46). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، (1/ 308)، رقم (100).
[39]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (4/ 1823).
[40]. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، المباركفوري، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/ 1990م، (3/ 389).
[41]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، من حديث ثوبان رضي الله عنه، رقم (22465). وصححه شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند.
[42]. المغني، ابن قدامة المقدسي، تحقيق: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي وعبد الفتاح محمد الحلو، دار هجر، القاهرة، 1412هـ/ 1992م، (4/ 438: 440) بتصرف.
[43]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، (4/ 235).
[44]. نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، الشوكاني، تحقيق: عبد المنعم إبراهيم، مكتبة نزار مصطفي الباز، مكة المكرمة، ط1، 1421هــ/ 2001م، (5/ 2351).
[45]. سبل السلام الموصلة إلى بلوغ المرام، محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني، تحقيق: محمد صبحي حسن حلاق، دار ابن الجوزي، السعودية، ط1، 1418هـ/ 1997م، (4/ 156، 157).
[46]. تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السنة، عادل يوسف العزازي، دار العقيدة، القاهرة، ط3، 1427هـ/ 2006م، (2/ 180).