الطعن في أحاديث السواك (*)
مضمون الشبهة:
يطعن بعض المغرضين في صحة الأحاديث الدالة على استحباب السواك، ويستدلون على ذلك بأن بعضها قد روي عن ضعفاء مثل: محمد بن عمرو بن علقمة، وبعضها الآخر به زيادات ضعيفة، كما يدعون أن هذه الأحاديث متنافضة في تحديد وقت استخدام السواك؛ فقد روى البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك»، وروي عنه أيضا: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء»، وقد روى مسلم أيضا من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة»، ويرون أن استعمال السواك قبل الصلاة مباشرة يثير اشمئزاز المصلين؛ لما في ذلك من إخراج الفضلات، ولا محل لإخراجها في هذه الحالة، كما يدعون أن الأحاديث التي دلت على استخدام السواك لأكثر من شخص أحاديث باطلة؛ لأن استخدامه لأكثر من شخص يؤدي إلى نقل العدوى والمرض.
ويدعون أيضا أن قوله صلى الله عليه وسلم: «السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب» هو اقتصار منه -صلى الله عليه وسلم- على السواك فقط؛ بسبب أن العرب كانت لا تعرف غيره - آنذاك - مطهرا للفم، ولو وجد غيره لما اقتصر النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه. هادفين من وراء ذلك إلى إسقاط جميع الأحاديث التي تحث على استخدام السواك، ومن ثم الطعن والتشكيك في السنة النبوية الصحيحة.
وجوه إبطال الشبهة:
1) الأحاديث الواردة في الحث على استخدام السواك صحيحة ثابتة في الصحيحين بطرق مختلفة، وكذا في غيرهما بأسانيد قوية صحيحة، وهي بذلك لم ترو عن ضعفاء كما يدعون؛ فإن محمد بن عمرو ثقة وثقه العديد من العلماء، واحتجوا بحديثه، كما أنها لا تحوي زيادات ضعيفة إلا زيادة واحدة عن أبي سلمة قالوا - خطأ - بضعفها، وقد صححها أهل العلم سندا ومتنا.
2) لا تعارض ألبتة بين أحاديث السواك من جهة تحديد وقت استخدامه؛ إذ إن بعضها يدل على استحبابه في جميع الأوقات، وبعضها الآخر قد أكد هذا الاستحباب في أوقات معينة، كعند الوضوء والصلاة؛ وذلك زيادة في طهارة الفم للوقوف بين يدي الله تعالى، وليس في هذا ما يثير اشمئزاز المصلين، كما هو معلوم بداهة.
3) إن الأحاديث الدالة على جواز استعمال سواك الغير بعد غسله وتقليمه، واستئذان صاحبه - أحاديث صحيحة ثابتة، وبذلك فلا عدوى ولا مرض، لا سيما وأن العلماء قد أثبتوا أن السواك يحتوي على مادة تقتل الجراثيم.
4) لقد شهد الطب والعلم الحديث بفضل السواك على غيره من المطهرات الحديثة؛ لما فيه من فوائد كثيرة، وهذا مما يؤكد أن إطلاق النبي للفظ السواك كان مقصودا لذاته، وليس لكون العرب لم تعرف غيره.
التفصيل:
أولا. الأحاديث الواردة في الحث على استخدام السواك صحيحة ثابتة:
إن الأحاديث الواردة بشأن استخدام السواك والحث عليه أحاديث صحيحة ثابتة، من ذلك ما رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك»[1]، وقد رواه غيره أيضا بأسانيد صحيحة.
وقد روى البخاري أيضا معلقا: قالت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب»[2]، وهذا الحديث كما قال ابن حجر: "وصله أحمد[3]، والنسائي[4]، وابن خزيمة[5]، وابن حبان[6] من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق عن أبيه عنها - يعني: عائشة رضي الله عنها، رواه عن عبد الرحمن هذا يزيد بن زريع،والدراوردي، وسليمان بن بلال وغير واحد"[7].
وقد جاءت أحاديث صحيحة في الحث على استخدام السواك في أوقات معينة، من ذلك ما رواه البخاري معلقا عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء»[8]، وهذا الحديث قد ذكر ابن حجر وصله في "فتح الباري" فقال: "وصله النسائي[9] من طريق بشر بن عمر عن مالك عن ابن شهاب عن أبي هريرة بهذا اللفظ، ووقع لنا بعلو في (جزء الذهلي)، وأخرجه ابن خزيمة من طريق روح بن عبادة عن مالك بلفظ «لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء»[10]، والحديث في الصحيحين بغير هذا اللفظ من غير هذا الوجه"[11]؛ فقد روى البخاري قائلا: حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لولا أن أشق على أمتي - أو على الناس - لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة»[12].
وقد روى مسلم هذا الحديث في صحيحه لكن بلفظ آخر من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لولا أن أشق على المؤمنين - وفي حديث زهير: على أمتي - لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة»[13].
هذا عن حثه -صلى الله عليه وسلم- على استخدام السواك من خلال القول، أما عن تطبيقه -صلى الله عليه وسلم- لهذا الأمر عمليا، فقد دلت عليه أيضا أحاديث كثيرة صحيحة، منها ما اتفق عليه الشيخان من حديث حذيفة قال: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا قام من الليل يشوص[14] فاه بالسواك»[15].
وروى مسلم وغيره من حديث عائشة: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك»[16].
وبهذا يتبين أن أحاديث الحث على استخدام السواك صحيحة ثابتة، وأما قول مثيري الشبهة: إن بعض أحاديث السواك قد رويت عن ضعفاء؛ كمحمد بن عمرو بن علقمة، هو قول باطل؛ لأن العديد من علماء الجرح والتعديل قد وثقوه، واحتجوا بحديثه.
قال عنه أبو حاتم الرازي: "صالح الحديث، يكتب حديثه، وهوشيخ"[17]، وأورد الحافظ المزي في تهذيبه قال: "قال النسائي: ليس به بأس. وقال في موضع آخر: ثقة. وقال أبو أحمد بن عدي: له حديث صالح، وقد حدث عنه جماعة من الثقات، كل واحد منهم ينفرد عنه بنسخة، ويغرب بعضهم على بعض، ويروي عنه مالك غير حديث في "الموطأ"، وأرجو أنه لا بأس به". ثم قال المزي في نهاية ترجمته له: "روى له البخاري مقرونا بغيره، ومسلم في المتابعات، واحتج به الباقون"[18]. وقال عنه الذهبي في "السير": "الإمام المحدث الصدوق". ونقل قول ابن عدي فيه قال: "روى أحمد بن أبي مريم عن يحيى بن معين: ثقة"[19]. فهل بعد هذا التوثيق والتعديل لمحمد بن عمرو يحق لأحد رميه بالضعف في الحديث بدعوى اتهامه بسوء الحفظ؟!!
وبهذا يتبين لكل مدع أن حديث محمد بن عمرو في السواك حديث صحيح؛ فقد روى هذا الحديث أحمد في مسنده[20]، والترمذي في سننه[21] بإسناد صحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة».
وأما عن قولهم: إن أحاديث السواك قد احتوت على زيادات ضعيفة - فإنه قول لا معنى له؛ لأنه لم يرد في أحاديث السواك زيادات إلا في حديث واحد رواه الترمذي، وغيره من حديث أبي سلمة عن زيد بن خالد الجهني قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، ولأخرت صلاة العشاء إلى ثلث الليل. قال: فكان زيد بن خالد يشهد الصلوات في المسجد وسواكه على أذنه موضع القلم من أذن الكاتب، لا يقوم إلى الصلاة إلا استن، ثم رده إلى موضعه"[22]. قال أبو عيسى (أي الترمذي) معلقا: "هذا حديث حسن صحيح"»[23].
والناظر في زيادة أبي سلمة - في هذا الحديث - يجد أنها استجابة فورية من زيد بن خالد -رضي الله عنه- لما سمعه من حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على استعمال السواك؛ طلبا للثواب الجزيل، فما الضير في هذا، وقد جاء في مصنف ابن أبي شيبة عن صالح بن كيسان "أن عبادة بن الصامت وأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا يروحون والسواك على آذانهم"[24].
ومن ثم فنحن نتساءل: ما وجه تضعيف هذه الزيادة، وقد ثبت صحتها! بل إن الذي رواها أبو سلمة، وهو صحابي جليل محال في حقه الكذب في الحديث؛ لأن الصحابة كلهم عدول.
وخلاصة القول: أن الأحاديث الواردة في الحث على استخدام السواك صحيحة ثابتة، فمنها: ما رواه البخاري في صحيحه، ومنها ما رواه مسلم في صحيحه، ومنها ما اتفقا عليه، ومنها ما رواه غيرهما بأسانيد قوية صحيحة.
ثانيا. اختلاف الأوقات في استخدام السواك ليس دليلا على التعارض:
لقد حثنا النبي -صلى الله عليه وسلم- على استخدام السواك؛ حتى أوشك هذا الحث والاستحباب أن يصل إلى درجة الأمر لولا المشقة، فقد جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بالقرينة «لولا أن أشق...» التي أنزلت هذا الأمر منزلة الاستحباب؛ فالقاعدة الشرعية معروفة بأن: (كل أمر من النبي -صلى الله عليه وسلم- للوجوب، ما لم تأت قرينة تصرفه إلى الاستحباب)، فالقرينة هنا خشية المشقة، وقد أجمع أهل العلم على استحباب السواك في أوقات كثيرة، من هذه الأوقات عند الوضوء، وعند الصلاة، وعند الاستيقاظ من النوم، وعند الفراغ من الطعام، وعند دخول البيت، وعند قراءة القرآن.
قال ابن قدامة: "اتفق أهل العلم على أنه - يعني السواك - سنة مؤكدة؛ لحث النبي -صلى الله عليه وسلم- ومواظبته عليه، وترغيبه فيه وندبه إليه، وتسميته إياه من الفطرة"[25].
وقد علق النووي على الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث عائشة - رضي الله عنها: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك»[26] - فقال: "فيه بيان فضيلة السواك في جميع الأوقات، وشدة الاهتمام به وتكراره"[27]. وقال - أيضا - في مقدمة شرحه لأحاديث باب السواك عند مسلم: "إن السواك مستحب في جميع الأوقات، ولكن في خمسة أوقات أشد استحبابا:
1. عند الصلاة، سواء كان متطهر بماء أو غير متطهر، كمن لم يجد ماء ولا ترابا.
2. عند الوضوء.
3. عند قراءة القرآن.
4. عند الاستيقاظ من النوم.
5. عند تغير الفم، وتغيره يكون بأشياء منها ترك الأكل والشرب، ومنها أكل ما له رائحة كريهة، ومنها طول السكوت، ومنها كثرة الكلام"[28].
ومن ثم، فإن قول مثيري الشبهة: إن أحاديث السواك متناقضة في تحديد وقت استخدامه - هو قول باطل يفتقد إلى دليل يدعمه؛ وذلك لأن أحاديث السواك - التي ذكرناها من قبل، وغيرها كثير - مقطوع بصحتها، ومن جهة أخرى هي أحاديث منها المطلق في عدم تحديد وقت لاستخدامه، كحديث «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك»، ومنها المقيد، كحديث: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء» وحديث: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة»، فأما المطلق منها فقد حمله العلماء على استحباب السواك في جميع الأوقات، وأما المقيد منها بوقت ما - كعند الوضوء، وعند الصلاة - فمحمول على تأكيد الاستحباب في هذه الأوقات، وذلك كما ذكرنا آنفا، ومن ثم فلا تعارض ألبتة بين هذه الأحاديث.
وعليه؛ فإن قال قائل: إن التسوك يكون بتحريك السواك في الفم طولا وعرضا لإخراج الفضلات من بين الأسنان، وقذفها إلى خارج الفم، وهذه الحركات لا تصح أن تكون أثناء الصلاة ولا قبلها؛ لأنها تثير اشمئزاز المصلين.
قلنا: هذه الأقوال لا يقولها إلا صاحب هوى، فمن المعروف أن السواك لا يستخدم أثناء الصلاة، وإنما يستخدم قبلها مباشرة، كما أنه يستخدم عند الوضوء، ولا تعارض في هذا كما ذكرنا سابقا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أما السواك في المسجد فما علمت أحدا من العلماء كرهه، بل الآثار تدل على أن السلف كانوا يستاكون في المسجد، ويجوز أن يبصق الرجل في ثيابه في المسجد، ويتمخط في ثيابه باتفاق الأئمة، وبسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الثابتة عنه، بل يجوز التوضؤ في المسجد بلا كراهة عند جمهور العلماء، فإذا جاز الوضوء فيه، مع أن الوضوء يكون فيه السواك، وتجوز الصلاة فيه، والصلاة يستاك عندها، فكيف يكره السواك؟ وإذا جاز البصاق والامتخاط فيه، فكيف يكره السواك"[29]؟!
ويقول د. وهبة الزحيلي: ولا يكره السواك في المسجد؛ لعدم الدليل على الكراهة[30].
وقد ذكر ابن حجر الحكمة من استخدامه عند الصلاة، فقال: "قال ابن دقيق العيد: الحكمة في استحباب السواك عند القيام إلى الصلاة؛ كونها حالا تقرب إلى الله، فاقتضى أن تكون حال كمال ونظافة؛ إظهارا لشرف العبادة"[31].
وقال الحافظ العراقي: "ويحتمل أن يقال حكمته عند إرادة الصلاة ما ورد أنه يقطع البلغم، ويزيد في الفصاحة... وتقطيع البلغم مناسب للقراءة؛ لئلا يطرأ عليه فيمنعه القراءة، وكذلك الفصاحة"[32].
وأما قولهم: إن استعمال السواك قبل الصلاة مباشرة يثير اشمئزاز المصلين؛ لما في ذلك من إخراج الفضلات، فهو قول باطل لا أساس له من الصحة؛ لأن المسلم - كما هو معلوم - لا يأتي إلى الصلاة وهو يحمل في فمه ما يمكن أن يطلق عليه فضلات، وإنما الفضلات لها موضع آخر يعرفه الجميع، ففم الإنسان إن حمل فلا يحمل إلا بقايا قليلة جدا من الطعام، وإلا فما فائدة الوضوء؟!!
وخلاصة القول: أنه لا تعارض ألبتة بين الأحاديث الواردة في الحث على استخدام السواك من جهة تحديد وقت استخدامه؛ وذلك لأن بعضها يدل على استحبابه في جميع الأوقات، وبعضها الآخر يؤكد الاستحباب في أوقات معينة، كعند الوضوء والصلاة؛ وذلك زيادة في طهارة الفم للوقوف بين يدي الله تعالى.
ثالثا. السواك غير جالب للعدوى والمرض:
لاشك أن الأحاديث الدالة على جواز استخدام سواك الغير - صحيحة لا مطعن فيها ولا مغمز؛ فقد روى بعضها البخاري، وبعضها الآخر رواه غيره بأسانيد قوية صحيحة.
من ذلك ما رواه ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أراني أتسوك بسواك، فجاءني رجلان أحدهما أكبر من الآخر، فناولت السواك الأصغر منهما، فقيل لي: كبر، فدفعته إلى الأكبر منهما»[33].
قال ابن حجر في تعليقه على هذا الحديث: "وفيه أن استعمال سواك الغير ليس مكروها، إلا أن المستحب أن يغسله، ثم يستعمله"[34].
يؤكد هذا ما روته عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعطيني السواك لأغسله، فأبدأ به فأستاك، ثم أغسله وأدفعه إليه»[35].
يقول أبو الطيب العظيم آبادي: "وفيه أن استعمال سواك الغير برضاه الصريح، أو العرفي ليس بمكروه"[36].
وقد روت - رضي الله عنها - أيضا: «دخل عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا مسندته إلى صدري، ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به، فأبده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصره، فأخذت السواك فقضمته ونقضته وطيبته، ثم دفعته إلى النبي-صلى الله عليه وسلم- فاستن به، فما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استن استنانا قط أحسن منه، فما عدا أن فرغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رفع يده أو إصبعه، ثم قال: في الرفيق الأعلى(ثلاثا)، ثم قضى»[37].
ومن ثم، فقد كانت هذه المقدمات للتدليل على جواز استعمال سواك الغير، والدليل ما فعلته السيدة عائشة مع النبي -صلى الله عليه وسلم- عند غسل السواك، وكذا عندما نظر إلى سواك عبد الرحمن بن أبي بكر، وهذه من أقوى الأدلة على أن السواك غير ناقل للعدوى أو مسبب لها؛ لأن السواك - في حد ذاته - طاهر، ومطهر، وإن كان ثمة ضرر يحدثه لما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- بل ولنهى عنه، فهو أعلم خلق الله بالذرائع وسدها.
وبالجمع بين طهارة السواك، وحديث «لا عدوى ولا طيرة»[38] يتضح لنا عدم نقل العدوى عن طريق استعمال سواك الغير، وكذلك عدم التسبب في الأمراض.
كما أن السواك أصبح متوفرا، فكل مستخدم له سواكه الخاص به يحمله معه، ومن طبيعة النفس البشرية أنها تأنف من استعمال أشياء الغير، مع العلم أنها قد لا تحدث ضررا مثل: ملعقة الطعام، أو كوب الماء، أو مقص الأظافر؛ لأنها تنظف باستمرار، وبالطبع فهي تأنف من الأشياء التي تدخل الفم، وينظف بها الأسنان، أما الفرشاة فهي متروكة دائما في البيت لا يحملها الإنسان معه، فهي مدعاة لجلب الأمراض والعدوى بخلاف السواك.
ولكن مع هذا كله أباح النبي -صلى الله عليه وسلم- استعمال سواك الغير لمن أراد، لكن بعد تقليمه وغسله جيدا، كما فعلت السيدة عائشة - رضي الله عنها - معه صلى الله عليه وسلم.
فهل بعد هذه الأحاديث الصحيحة التي جاءت في جواز استعمال السواك لأكثر من شخص، ومن ثم عدم ثبوت أي عدوى أو مرض - نتهم السواك بأنه ناقل للعدوى والمرض؟!!
رابعا. السواك يعد أفضل مطهر للفم، كما شهد بذلك العلم الحديث:
إن إطلاق النبي -صلى الله عليه وسلم- للفظ السواك قصد به السواك تحديدا، ولم يرد أي معنى لهذا السواك من خرقة أو فرشاة أو غير ذلك، كما أنه لم يكن من باب أن العرب لم تعرف إلا هذا الاسم.
ومن ثم، فإن اقتصار النبي -صلى الله عليه وسلم- على لفظ السواك في حديث «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب» لم يكن من فراغ، بل هو وحي يوحى إليه من رب العزة.
ومع ذلك يجوز استعمال أشياء تحل محل السواك قديمة كانت أو حديثة، لكن الفائدة والمنفعة لا تتم إلا بالسواك، وهذا واضح في تفضيل السواك على الفرشاة وإثبات العلم الحديث لفائدته، وكذلك الطب، وسنتعرض لهذا قريبا إن شاء الله.
ولا يفهمن أحد خطأ مفهوم المخالفة في حديث "السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب" فيظن أن استعمال شيء غير السواك يكون غير مطهر للفم وغير مرض للرب، لأن للسواك بدائل كثيرة في العصر الحديث، وهي صحية ومطهرة - كذلك - لكنها لا تقوم مقام السواك في الفائدة والمنفعة، كما أن الثواب والأجر لا يتم إلا بالسواك، ومن أراد الحق يتبين له أن الشركات الطبية قد صنعت معجونا للأسنان محاولة أن تكسبه فوائد السواك حتى وصل بهم الأمر أن أطلقوا عليه (مسواك).
ولكي يكون السواك أفضل مطهر للفم لا بد من استخدامه بطريقة صحيحة، وهي تتمثل في أن يستاك الشخص بيده اليمنى مبتدئا بالجانب الأيمن عرضا في الأسنان؛ أي: ظاهرا وباطنا، من ثناياه إلى أضراسه، ويذهب إلى الوسط ثم الأيسر وطولا في اللسان؛ لحديث عائشة - رضي الله عنها: «كان النبي يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره، وفي شأنه كله»[39].
"ويجزئ الاستياك في الأسنان طولا، لكن مع الكراهة، لأنه قد يدمي اللثة، ويفسد اللحم، وقال الحنابلة: يبدأ من أضراس الجانب الأيمن بيساره"[40].
كما أنه لا بد من اختيار الأنواع الجيدة من السواك، يقول ابن قدامة: "ويستحب أن يكون السواك عودا لينا ينقي الفم، ولا يجرحه ولا يضره، ولا يتفتت فيه؛ كالأراك والعرجون (من النخل)، ولا يستاك بعود الرمان، ولا الآس[41]، ولا الأعواد الذكية"[42].
ولا تستخدم الأعواد الذكية في السواك؛ لما تسببه من ضرر، فقد قيل إن السواك بعود الريحان يضر لحم الفم.
ويقول د. وهبة الزحيلي: "وقال الحنابلة: والأفضل أن يكون من أراك، ثم من النخل، ثم ذي الريح الطيب، ثم اليابس المندي بالماء، ثم العود".
ثم قال: "ولا يستاك أيضا بقصب الشعير، ولا بعود الحلفاء، ونحوهما من كل ما يضر أو يجرح؛ ولأنهما يورثان الأكلة والبرص، ولا يتسوك، ولا يتخلل بما يجهله؛ لئلا يتضرر منه"[43].
يقول د. زغلول النجار: "إن المسواك عود من شجيرة تعرف باسم الأراك، وقد يتخذ من غيرها من الشجيرات مثل الزيتون البري (العتم) أو من شجرة السمبر، ولكن أفضل السواك ما اتخذ من المدادات الأرضية لشجرة الأراك، علما بأنه قد يتخذ من فروعها الخضراء، وهي أقل جودة من مساويك المدادات الأرضية"[44].
وأما عن فوائد السواك الطبية وغيرها، فيقول الإمام ابن القيم: "وفي السواك عدة منافع؛ يطيب الفم، ويشد اللثة، ويقطع البلغم، ويجلو البصر، ويذهب بالحفر - صفرة الأسنان - ويصح المعدة، ويصفي الصوت، ويعين على هضم الطعام، ويسهل مجاري الكلام، وينشط للقراءة والذكر والصلاة، ويطرد النوم، ويرضي الرب، ويعجب الملائكة، ويكثر الحسنات"[45].
ويؤكد هذا ما توصل إليه العلم حديثا من فوائد جمة للسواك، فقد جاء في الموسوعة العلمية عن إعجاز القرآن والسنة أن السواك:
· يحتوي على مادة الفلورين التي تمنع تسوس الأسنان، وقد تنافست الشركات حينما اكتشفت هذا السر في إنتاج أنواع عديدة من معاجين الأسنان المحتوية على هذه المادة التي أخبر عنها ووصى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قبل أربعة عشر قرنا، والعجيب أنهم أطلقوا على هذه المادة (مسواك).
· يحتوي على زيوت عطرية مما يكسب الفم رائحة عطرية مميزة.
· يحتوي على مواد كيمياوية مزيلة لصفار الأسنان، مما يكسبها لونا أبيض ناصعا.
· يقوم السواك بتنظيف ما يعلق بين الأسنان من بقايا وفضلات الطعام، بما يحتويه من ألياف كالعيدان (عيدان الخلة)، وإزالة هذه البقايا والفضلات من أهم أسباب الوقاية من أمراض الأسنان وتسوسها؛ حيث إن بقاءها يؤدي إلى تعفنها بواسطة ميكروبات الفم المختلفة.
· يحتوي السواك على مادة قابضة للثة مما يقويها ويجعلها في حالة صحية جيدة، ويمنع حدوث النزيف بها.
· يقوم السواك بقتل آلاف البيكتريا والميكروبات الموجودة في منطقة الفم واللثة والأسنان، سواء بقوته ونفاذيته أو بحركته داخل الفم"[46].
ويذكر د. أحمد مصطفى متولي بعض فوائد السواك، ومن هذه الفوائد ما يأتي:
· تؤكد الأبحاث المخبرية الحديثة أن المسواك الأخضر من عود الأراك يحتوي على العفص بنسبة كبيرة، وهي مادة مضادة للتعفن مطهرة قابضة تعمل على قطع نزيف اللثة وتقويتها.
· توجد مادة خردلية هي (السينجرين) ذات رائحة حادة وطعم حراق، تساعد على الفتك بالجراثيم.
· أكد الفحص المجهري لمقطع المسواك على وجود بللورات السيليكا وحمض الكلس، ويفيد هذا في تنظيف الأسنان كمادة تزلق الأوساخ والقلج الاصفرار عن الأسنان.
· أكد د. طارق الخوري على وجود الكلورايد مع السيليكا، مما يزيد بياض الأسنان، ووجود مادة صمغية تغطي ميناء الأسنان، وتحمي الأسنان من التسوس.
· كما يوجد فيتامين (C) (تراي ميثيل أمين) الذي يعمل على التئام جروح اللثة ونموها السليم.
· كما تبين وجود مادة كبريتية تمنع التسوس"[47].
جاء في موسوعة الإعجاز العلمي ما يأتي:
يقول الأستاذ حلمي الخولي تحت عنوان: "الغرب يعترف بفضل السواك": في الآونة الأخيرة انبرت بعض الدوائر العلمية المهتمة بأمر السواك - من أجل الصحة - بالتصريح بفوائد السواك:
o العالم "رودات" مدير علم الجراثيم والأوبئة في جامعة "روستوك" بألمانيا يقول في المجلة الألمانية 4/ 1961م: إن هناك حكما كثيرة في استخدام العرب للمسواك بعد بله بالماء؛ لأن استعماله جافا لا ينجح؛ لما يحويه من مادة مضادة للجراثيم، ولو استعمل جافا فهناك اللعاب الذي يمكنه حل هذه المادة الموجودة فيه.
أما الحكمة الأخرى فهي في تغيير المسواك من حين لآخر (أي: قطع الجزء المستخدم، واستبدال جزء آخر به)؛ لأنه يفقد مادته المقاومة للجراثيم بطول مدة الاستخدام.
o يقول د. مانلي: إن تآكل أنسجة الأسنان الصلبة يكون جسيما إذا كانت الفرشاة جافة، أما إذا كانت مبللة فيكون الضرر بسيطا؛ لذلك يستحب تبليل السواك.
o ويقول د. كينيت كيوديل: إن السواك يحتوي على مادة تمنع تسوس الأسنان، وقال أمام المؤتمر الثاني والخمسين للجمعية الدولية لأبحاث الأسنان في أتلانتا الأمريكية: لوحظ أن الذين يستعملون السواك يتمتعون بأسنان سليمة، وأن بعض الشركات في بريطانيا والهند تصنع معاجين تدخل بها مواد مأخوذة من السواك.
o أعلنت مجلة أطباء الأسنان الأمريكية لسنة1960م أن أغلبية المعاجين المستعملة في أمريكا غير صحية أو طبية، وبالمسواك كميات من بلورات السيليس الصلبة التي تعتبر مادة منظفة تحك القلج (الاصفرار)، وموجودة بالسواك بنسبة (4%).
o وجدت جامعة Minnesota بأمريكا أن المسلمين الزنوج الذين يستعملون المسواك سليمو الأسنان واللثة بالمقارنة بمستعملي الفرشاة.
o أجرت جمعية طب الأسنان بأمريكا A. D. A للجيش تجارب أثبتت فيها فاعلية الشعيرات الدموية المكونة لمادة المسواك وتفوقها.
o ورد مقال بمجلة الاعتصام بعنوان: (السواك يغزو أسواق الإنجليز) جاء فيه أن أطباء الأسنان في لندن يعترفون للسواك بأثره الفعال في نظافة الأسنان، وبأثره العجيب في تفادي كثير من العلل والأمراض، وأن معهد الجراثيم والأوبئة في ألمانيا يقول: مادة السواك لها تأثير فعال مثل تأثير البنسلين سواء بسواء"[48].
يقول د. زغلول النجار: "قد أثبتت الدراسات المختبرية على عود الأراك أنه يحتوي على عديد من المركبات الكيميائية التي تحفظ الأسنان من التسوس والتلوث، وتحفظ اللثة من الالتهابات، وذلك مثل حمض التانيك (العفص)، ومركبات كيميائية أخرى من زيت الخردل، وسكر العنب لها رائحة حادة وطعم لاذع، وهذه المركبات لها قدرة فائقة في القضاء على جراثيم الفم، بالإضافة إلى عديد من المواد العطرية، والسكرية، والصمغية، والمعدنية، والشعيرات الطبيعية من الألياف النباتية الحاوية على كربونات الصوديوم، وهي مادة تستخدم في تحضير معاجين الأسنان، وهذه معلومات لم تكن متوافرة في زمن الوحي ولا لقرون من بعده، ومن ثم كان التوجيه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- باستخدام السواك عند كل صلاة سبقا علميا وسلوكيا بكل أبعاده، وحرصا على طهارة الفم والأسنان ونظافتهما؛ لأن الفم هو مدخل الطعام إلى الجهاز الهضمي في جسم الإنسان[49].
إن تخصيص النبي -صلى الله عليه وسلم- للسواك لم يأت من فراغ، فهو النبي الأمي الذي علم الدنيا، وقد أثبتت الدراسات فائدة السواك وتفضيله على المعجون؛ لأن المعجون قد يكون سببا في سوء الامتصاص عند بعض المرضى بسبب بلع المعجون، وتأثيره على خمائر الأمعاء الماصة للطعام، والمقام هنا لا يتسع لذكر الأضرار الناتجة عن استعمال المعجون إذا لم يكن هناك حيطة وحذر في استخدامه.
بقي لنا أن نذكر الخواص العلاجية الوقائية للسواك لمعرفة أهميته، ومدى تخصيص السواك بهذا الإعجاز عن غيره من الأدوات الأخرى.
تبين لنا مما سبق أن السواك يحتوي على مواد كيماوية تساعد على منع تسوس الأسنان، وتمنع الالتهابات التي قد تحدث داخل الفم، وتسكن الآلام، وتزيل البؤر الجرثومية عن سطح الأسنان، كما أن الحركة الميكانيكية لاستعمال السواك تقوم بتدليك اللثة، فتنشط الدورة الدموية فيها.
وقد أظهرت دراسات طبية معاصرة أن المواد الكيميائية التي يحتوي عليها السواك مواد مثبطة لنشاط الخلايا السرطانية Cancer cells، ففي دراسة علمية أجريت في باكستان عام1981م على بعض أنواع السواك، جاءت النتائج لتؤكد وجود مواد وعناصر في السواك تقلل أو تمنع الإصابة بسرطان الفم.
كما أن "المعهد الوطني للصحة" في الولايات المتحدة الأمريكية قد أجرى بعض التجارب على مستخلصات بعض نباتات السواك؛ وذلك لدراسة مدى فاعليتها ضد أمراض السرطان...
وكانت النتائج تدل على وجود مركبات كيميائية في هذه النباتات تمنع بعض أنواع الأمراض السرطانية"[50].
وشهد شاهد من أهلها، فهذا هو البروفسيور د. رودات وقد سخر من السواك على أنه قطعة خشبية في القرن العشرين تدل على تأخر هؤلاء الناس، ثم فكر مليا: أليس من الممكن أن يكون وراء هذه القطعة الخشبية حقيقة علمية؟!
فنجده يقول: جاءت الفرصة سانحة عندما أحضر زميل لي من العاملين في حقل الجراثيم في السودان أعوادا من تلك الأعواد الخشبية، وفورا بدأت أبحاثي عليها، فسحقتها وبللتها، ووضعت المسحوق المبلل على مزارع جرثومية، فظهرت المزارع كأنما وضع عليها البنسلين، وإن كان الناس قد استعملوا فرشاة الأسنان من مائتي عام، فلقد استخدم المسلمون السواك منذ أكثر من أربعة عشر قرنا، ولعل إلقاء نظرة على التركيب الكيميائي لمسواك الأراك يجعلنا ندرك أسباب الاختيار النبوي الكريم[51].
وليس هذا فحسب، بل أثبتت دراسات علمية حديثة أن السواك مفضل على الفرشاة والمعجون، وذلك من خلال المقارنة بينهما، يقول د. عبد المعطي أمين قلعجي في تعليقه على كتاب "الطب النبوي"، في باب السواك: "إنه اقتصادي؛ لأن الفرشاة تهلك بعد شهور، أما السواك فهو دائم؛ لأننا نقلمه، وقد درس علماء طب الأسنان حديثا تلك الطبقة البكتيرية من الأسنان والتي أسموها" Dental Black" والتي لا تصلها شعيرات الفرشاة، ومنها تبدأ رائحة الفم، وأمراض اللثة، فتبين من الدراسة أن شعيرات السواك تصل إلى هذه الطبقة وتؤدي دورها بكفاءة[52].
كما جاء في كتاب "السواك أهميته واستعماله" مقارنة طويلة بين السواك وفرشاة الأسنان ملخصها ما يلي:
§ السواك فرشاة طبيعية مزودة بمواد مطهرة ومنظفة آلية، تطرح فضلات ما بين الأسنان، وأليافه قوية لا تنكسر تحت الضغط، بل لينة لها شكلها الذي تدخل فيه بين الأسنان، وفي الشقوق فتزيح الفضلات، دون أن تؤذي اللثة، والفرشاة الصناعية غير ذلك.
§ السواك منظف كيماوي مستمر، أما الفرشاة فبعد عشرين دقيقة - فقط - من استعمالها مع المعجون نجد أن الجراثيم تعود مرة أخرى للفم.
§ السواك يستعمل وحده، أما الفرشاة فتحتاج إلى معجون.
§ السواك به مادة العفص لعلاج الالتهابات وطعمها جيد، أما المعجون فمواده صابونية.
§ يمتاز السواك بسهولة التحكم في قطره وطوله، وعرضه، وليونته.
§ يساعد السواك على إفراز اللعاب مما يساعد في الدفاع العضوي، وعدم الاعتناء بالفرشاة يسبب معظم أمراض الإنسان[53].
يتراءى لنا بعد ما تقدم ذكره من فوائد للسواك، وبيان وجه الإعجاز العلمي فيه - سؤال يطرح نفسه أمام كل ذي لب سليم، يحب الحق، وينفر من الباطل، وهو: من الذي أعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- بفائدة السواك؟! وما هو وجه تخصيصه بالأراك؟! وهل بعد هذه الفوائد التي ذكرناها يحق لمدع أن يقول: إن إطلاق النبي للفظ السواك كان من باب ضرب المثل؛ لعدم معرفة العرب إلا إياه؟! أو أن يطعن في صحة أحاديث السواك الثابتة؟!
الخلاصة:
· إن الأحاديث الواردة في الحث على استخدام السواك صحيحة في أعلى درجات الصحة؛ لورودها في الصحيحين، وقد وردت في غيرهما بطرق متعددة وبأسانيد قوية صحيحة.
· لقد وثق محمد بن عمرو بن علقمة العديد من علماء الجرح والتعديل، واحتجوا بحديثه.
· إن زيادة أبي سلمة عن زيد بن خالد الجهني لم ترد إلا في حديث واحد، وقد صححه الترمذي، ووافقه عليه الألباني.
· لا تعارض ألبتة في روايات السواك من جهة تحديد وقت استخدامه؛ إذ إن بعضها يدل على استحبابه في جميع الأوقات، وبعضها الآخر يؤكد هذا الاستحباب في أوقات معينة، كعند الوضوء، وعند الصلاة؛ وذلك زيادة في طهارة الفم للوقوف بين يدي الله عز وجل.
· استعمال السواك قبل الصلاة لا يثير اشمئزاز المصلين كما هو معلوم بداهة.
· الأحاديث الواردة في جواز استعمال سواك الغير بعد غسله وتقليمه، واستئذان صاحبه - أحاديث صحيحة، ومن ثم فلا عدوى ولا مرض، لا سيما وأن السواك يحتوي على مادة تقتل الجراثيم.
· لقد أثبت العلم الحديث فوائد كثيرة السواك، وهذا مما يؤكد ويشهد بأن إطلاق النبي للفظ السواك كان مقصودا لذاته، وليس لأن العرب لا تعرف سواه.
(*) دور السنة في إعادة بناء الأمة، جواد موسى محمد عفانة، جمعية عمال المطابع التعاونية، الأردن، ط1، 1419هـ