دعوى تعارض السنة بشأن مزاح النبي صلى الله عليه وسلم (*)
مضمون الشبهة:
يدعي بعض المتوهمين وجود تعارض بين الأحاديث النبوية في مسألة مزاحه - صلى الله عليه وسلم - ويستدلون على ذلك بما رواه عنه عبد الله بن عمرو، وذلك حين سأله: «أكتب كل ما أسمع منك في الرضا والغضب؟ فقال: اكتب، فو الذي نفسي بيده لا يخرج منه إلا حق»، مما يدل على عدم مزاحه - صلى الله عليه وسلم - قط، وهذا يتعارض مع ما جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يمزح؛ ففي ذات يوم استدبر رجلا من ورائه، فأخذ بعينيه، وقال: «من يشتري مني هذا العبد؟» وأنه سابق عائشة - رضي الله عنها - فسبقته تارة وسبقها أخرى، وغير ذلك.
وجها إبطال الشبهة:
1) إن الأحاديث في مزاح النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيرة وصحيحة، ولا يعارضها ما ثبت من أحاديث تقصر قوله - صلى الله عليه وسلم - على الحق؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يمزح - قط - بالباطل، وإنما كان مزاحه في حدود ما لا يعارض الدين، أو يؤذي الآخرين، ولا شك أن الشرع لم ينه عن هذا المزاح، وأن المنهي عنه غير ذلك.
2) جاء مزاح النبي - صلى الله عليه وسلم - في صور كثيرة مفيدا إباحة المزاح إذا خلى عن الحرام كالكذب والترويع، ولم يكن مزاح النبي - صلى الله عليه وسلم - للعبث أو لمجرد الترويح، وإنما كان جزءا من تربيته - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه.
التفصيل:
أولا. لقد صحت أحاديث كثيرة تؤكد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقول إلا حقا، ولا تتعارض هذه الأحاديث مع ما صح من مزاحه - صلى الله عليه وسلم - فليس كل المزاح مذموما:
لقد صحت أحاديث كثيرة في عصمة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قول غير الحق، مؤيدة لما جاء في القرآن، قال تعالى: )وما ينطق عن الهوى (3)( (النجم)، ومن هذه الأحاديث، قوله - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - عندما سأله: «أيكتب كل ما يسمعه منه في الرضا والغضب؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اكتب، فو الذي نفسي بيده لا يخرج منه إلا حق»[1].
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: «يا رسول الله، إنك تداعبنا، قال: إني لا أقول إلا حقا»[2]، وتلك الأحاديث وأمثالها لا تتعارض في الحقيقة مع ما روي من مزاحه - صلى الله عليه وسلم - كحديث عائشة - رضي الله عنها - أنها كانت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، قالت:«فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، فقال: هذه بتلك السبقة»[3]، وروي عن أنس رضي الله عنه: «أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: احملني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنا حاملوك على ولد ناقة، قال: وما أصنع بولد الناقة؟ لأنه فهم أن ولد الناقة لا بد أن يكون صغيرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وهل تلد الإبل إلا النوق؟»[4] [5]، وعن أنس «أن رجلا من أهل البادية كان اسمه زاهرا، كان يهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - الهدية من البادية، فيجهزه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: زاهر باديتنا ونحن حاضروه. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحبه، وكان رجلا دميما، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه، وهو لا يبصره، فقال الرجل: أرسلني، من هذا؟ فالتفت فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل لا يألوا ما ألصق ظهره بصدر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين عرفه، وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: من يشتري العبد؟ فقال: يا رسول الله، إذا والله تجدني كاسدا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لكن عند الله أنت غال»[6]. وغير ذلك مما صح عنه - صلى الله عليه وسلم - في المزاح.
والذين قالوا بتعارض الأحاديث في مسألة مزاحه - صلى الله عليه وسلم - إنما قالوا ذلك ظنا منهم أن الإسلام حرم مطلق المزاح، وهذا ظن مغلوط؛ لأن الإسلام دين واقعي لا يحلق في أجواء الخيال والمثالية الواهمة، ولكنه يقف مع الإنسان على أرض الحقيقة والواقع، ولا يعامل الناس كأنهم ملائكة، ولكنه يعاملهم كبشر يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق.
لذلك لم يفرض الإسلام على الناس أن يكون كل كلامهم ذكرا، وكل سماعهم قرآنا، وكل فراغهم في المسجد، وإنما اعترف بهم، وبفطرتهم، وغرائزهم التي خلقهم الله عليها، وقد خلقهم - سبحانه وتعالى - يفرحون ويمرحون، ويضحكون ويلعبون، ولقد كانت حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - مثالا رائعا للحياة الإنسانية المتكاملة، فهو في خلوته يصلي ويطيل الخشوع والبكاء، ويقوم حتى تتورم قدماه، وهو في الحق لا يبالي بأحد في جنب الله، ولكنه مع الحياة والناس بشر سوي، يحب الطيبات، ويبش ويبتسم، ويداعب ويمزح، ولا يقول إلا حقا.
ولذا فلا عجب أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتفكه حينا، ويطرف للفكاهة والمزاح - الذي لا يحمل إثما - أحيانا، فلم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حياته جافا ولا قاسيا، ولا فظا ولا غليظا، وإننا عند استعراض سيرته - صلى الله عليه وسلم - وحياته نجدها قد تخللها نوع من الدعابة والمزاح[7].
ومعنى المزاح هو الدعابة، والمزح نقيض الجد، وقد يشتمل على المداعبة والمضاحكة والمفاكهة، وهو خلق سلوكي إنساني تربوي له ضوابط وحدود.
وقد جاء في كتاب "المراح في المزاح" لبدر الدين أبي البركات بأنه يندب إلى المزاح بين الإخوان والأصدقاء والخلان؛ لما فيه من ترويح القلوب، والاستئناس المطلوب، بشرط أن لا يكون فيه قذف، ولا انهماك يسقط الحشمة ويقلل الهيبة، ولا فحش يورث الضغينة ويحرك الأحقاد الكمينة.
ويذم المزاح إذا وصل إلى حد المثابرة والإكثار؛ لأن فيه حينئذ إزاحة عن الحقوق، ومخرجا إلى القطيعة والعقوق.
ومن هنا نرى أن المزاح إذا ما خرج عن حدوده وضوابطه فإنه يكون مخلا بالمروءة والوقار.
والناس في المزاح ثلاثة أقسام:
فقسم يهواه ويستحله ويكثر منه، وهذا قسم مذموم. وقسم لا يريده ولا يتمناه، ولا يعكف عليه، ولهؤلاء أعذار؛ فمن كان ذلك عنده بسبب إقباله على طاعة الله والمواظبة على الأعمال الصالحة فهو مأجور، كما كان عمر - رضي الله عنه - قال ابن كثير: "كان لا يمزح ولا يضحك". والتوسط عند القسم الثالث: وهو سيرة محمد - صلى الله عليه وسلم - فكان يمزح، ولا يقول إلا حقا، وهذا صحيح إليه صلى الله عليه وسلم[8].
ولقد جاء ذم المزاح؛ لأن الأصل في المسلم أن يكون جادا؛ إذ لم يخلق في هذه الدنيا للعبث واللعب، ومن المزاح ما قد يخرج المرء عن الواجب الذي خلق له، وإنما ذم المزاح، لما يؤدي إليه من كذب، أو ترويع، أو استهزاء، أو غفلة عن الله وذكره.
ولذلك ذكر العلماء عددا من الأسباب التي من أجلها ذم الإفراط في المزاح منها:
· أنه يؤدي إلى كثرة الضحك التي تميت القلب، وقد روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... وأقل الضحك؛ فإن كثرة الضحك تميت القلب"[9].
وقد نظر وهيب بن الورد إلى قوم يضحكون في عيد الفطر فقال: "إن كان هؤلاء قد غفر لهم فما هذا فعل الشاكرين، وإن كان لم يغفر لهم فما هذا فعل الخائفين"[10].
· المزاح يؤدي إلى الغفلة، والمسلم يحتاج إلى قلب حي لا تتسرب الغفلة إليه، فيحبس صراعه مع الشيطان، فقد أقسم الشيطان على غوايتنا، فقد حكى المولى - عز وجل - قوله: )قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين (82) إلا عبادك منهم المخلصين (83)( (ص).
والغفلة صفة الكافرين قال سبحانه وتعالى: )فويل يومئذ للمكذبين (11) الذين هم في خوض يلعبون (12)( (الطور)، وقال سبحانه وتعالى: )فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون (83)( (الزخرف).
ويوم القيامة يقال للمجرمين: )ما سلككم في سقر (42)( (المدثر) فيكون من ردهم قولهم: )وكنا نخوض مع الخائضين (45)( (المدثر)، وهذه الغفلة حذر منها السلف أشد التحذير، فكان عبد الله بن ثعلبة الحنفي يقول: "أتضحك! ولعل أكفانك قد خرجت من عند القصار"[11].
وقال محمد بن واسع: "إذا رأيت رجلا في الجنة ويبكي، ألست تعجب من بكائه؟ قيل: بلى. قال: فالذي يضحك في الدنيا، ولا يدري إلى ماذا يصير، هو أعجب منه"[12].
· وقد يؤدي المزاح حال كثرته إلى قلة الهيبة، أو اجتراء السفهاء على المازح، قال عمر رضي الله عنه: "من مزح استخف به" [13]، وقال سعيد بن العاص رضي الله عنه: "لا تمازح الشريف فيحقد عليك، ولا الدنيء فيتجرئ عليك"[14].
· وقد يسبب المزاح شيئا من الضغينة فيكون مذموما، قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: "اتقوا الله وإياكم والمزاح؛ فإنه يورث الضغينة، ويجر إلى القبيح، فحدثوا بالقرآن، وتجالسوا به، فإن ثقل عليكم، فحديث حسن من حديث الرجال"[15].
وقد يصبح المزاح حراما إذا صاحبه مخالفة شرعية مثل:
· الترويع: فقد روي: «أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يسيرون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسير، فنام رجل منهم، فانطلق بعضهم إلى نبل معه فأخذها، فلما استيقظ الرجل فزع، فضحك القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يضحككم؟ فقالوا: لا، إلا أنا أخذنا نبل هذا ففزع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يروع مسلما»[16]، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يأخذن أحدكم متاع صاحبه جادا ولا لاعبا، وإذا وجد أحدكم عصا صاحبه فليردها عليه»[17].
· الكذب في المزاح: فقد روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: «قالوا يا رسول الله: إنك تداعبنا. قال: إني لا أقول إلا حقا». وعن أبي أمامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء، وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب، وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه»[18].
· المزاح الذي قد يؤدي إلى الإضرار بالممزوح معه: فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يشير أحدكم إلى أخيه بالسلاح؛ فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان ينزغ في يده، فيقع في حفرة من النار»[19]، وقال صلى الله عليه وسلم: «من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه، حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه»[20].
ذكر ابن العربي: أنه إذا استحق الذي يشير بالحديدة اللعن، فكيف الذي يصيب بها؟ وإنما يستحق اللعن إذا كانت إشارته تهديدا سواء كان جادا أم لاعبا... وإنما أوخذ اللاعب لما أدخله على أخيه من الروع، ولا يخفى أن إثم الهازل دون إثم الجاد، وإنما نهي عن ذلك؛ لما يخاف من الغفلة التي قد تؤدي إلى الإيذاء [21].
· المزاح الذي تنتهك فيه حدود الله: فقد يمتد المزاح إلى باب كبير من أبواب الكبائر، كالاستهزاء ببعض القرآن، أو بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أو الأحكام الفقهية، أو العلماء، كما وقع من بعض المنافقين يوم تبوك حتى استهزءوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه؛ فنزل قول الله سبحانه وتعالى: )ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون (65) لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم( (التوبة).
وقد حذر الله - عز وجل - من مجالسة هؤلاء الذين يمزحون في هذا الباب من الكبائر، قال تعالى: )وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين (68)( (الأنعام)، وقال سبحانه وتعالى: )وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا (140)( (النساء).
مما سبق يتبين أن المزاح يباح في حدود مثل: الخلو عن الحرام، والبعد عن الكذب والترويع، وألا يكون مسقطا المروءة أو حشمته، أو مما يمسه في دينه[22].
وعلى هذا تفهم أحاديث مزاحه - صلى الله عليه وسلم - وأنها لا تتعارض مع ما صح من أحاديث في أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يقول إلا حقا.
ثانيا. جاء مزاح النبي - صلى الله عليه وسلم - في صور كثيرة بأهداف دينية واجتماعية متعددة:
لقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يمازح أصحابه - رضي الله عنهم - ويمازحونه، وهذا يفيد إباحة المزاح إذا خلى عن الحرام كالكذب والترويع، ومزاح النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن للعبث أو لمجرد الترويح، بل كان جزءا من تربيته - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه، ويطيب لنا أن نذكر بعض آراء علماء المسلمين في هذه المسألة: فنجد أن الإمام الغزالي - رحمه الله - قد تكلم في هذه المسألة، وهي صفة مزاحه - صلى الله عليه وسلم - ويشرحها بقوله: "فإن قلت: قد نقل المزاح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فكيف ينهي عنه؟ فأقول: إن قدرت على ما قدر عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وهو أن تمزح ولا تقول إلا حقا، ولا تؤذي قلبا، ولا تفرط فيه، وتقتصر أحيانا على الندور - فلا حرج عليك، ولكن من الغلط العظيم أن يتخذ الإنسان المزاح حرفة يواظب عليها ويفرط فيها، ثم يتمسك بفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم -... فلا ينبغي أن يغفل عن هذا" [23].
قال الإمام ابن حجر الهيثمي: "إن المداعبة لا تنافي الكمال؛ بل هي من توابعه ومتمماته إذا كانت جارية على القانون الشرعي، بأن تكون على وفق الصدق والحق، ويقصد - بها - تأليف قلوب الضعفاء وجبرهم، وإدخال السرور عليهم، والرفق بهم، ومزاحه - صلى الله عليه وسلم - في غير هذه الأمور يقع على جهة الندرة لمصلحة تامة، من مؤانسة بعض أصحابه، فهو بهذا القصد سنة، وما قيل من أن الأظهر أنه مباح لا غير فضعيف؛ إذ الأصل من أفعاله - صلى الله عليه وسلم - وجوب، أو ندب للتأسي به فيها؛ إلا لدليل يمنع من ذلك، ولا دليل هنا يمنع منه، فتعين الندب كما هو مقتضى كلام الفقهاء والأصوليين"[24].
وعلى هذا يكون معنى حديث: «إني لأمزح، ولا أقول إلا حقا» [25]. جاء في "فيض القدير": "«إني لأمزح» أي بالقول وكذا بالفعل، وتخصيصه بالأول ليس عليه معول، «ولا أقول إلا حقا» لعصمتي عن الزلل في القول والعمل، وقيل لابن عيينة: المزاح سبة، فقال: بل سنة، ولكن من يحسنه، وإنما كان يمزح؛ لأن الناس مأمورون بالتأسي به، والاقتداء بهديه، فلو ترك اللطافة والبشاشة، ولزم العبوس والقطوب، لأخذ الناس من أنفسهم بذلك على ما في مخالفة الغريزة من الشفقة والعناء، فمزح ليمزحوا، ولا يناقض ذلك خبر«لست من دد ولا الدد مني» ([26])، فإن هذا الحديث ضعيف أولا، ولا يعارض صحيح بضعيف، وعلى فرض صحته فلا تناقض أيضا، فإن الدد: اللهو والباطل، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا مزح لا يقول إلا حقا، فمن زعم تناقض الحديثين فقد افترى.
قال الماوردي: العاقل يتوخى بمزاحه أحد حالين لا ثالث لهما؛ أحدهما: إيناس المصاحبين والتودد إلى المخالطين، وهذا يكون بما أنس من جميل القول، وبسط من مستحسن الفعل، كما قال حكيم لابنه: يا بني، اقتصد في مزاحك؛ فإن الإفراط فيه يذهب البهاء ويجرئ السفهاء، والتقصير فيه نقص بالمؤانسين، وتوحش بالمخالطين، والثاني: أن ينبغي من المزاح ما طرأ عليه وحدث به من هم، وقد قيل: لا بد للمصدور أن ينفث.
ومزاح النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يخرج عن ذلك، وأتى رجل عليا كرم الله وجهه، فقال: احتلمت بأبي، قال: أقيموه في الشمس واضربوا ظله الحد، أما المزاح الذي يفضي إلى خلاعة، أو يفضي إلى سبة فهجنة ومذمة، قال ابن عربي: ولا يستعمل المزاح أيضا في أحكام الدين؛ فإنه جهل؛ قال تعالى مخبرا عن قصة البقرة: )إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين (67)( (البقرة)، قال معناه: لا أمزح في أحكام الدين، فإن ذلك فعل الجاهلين، ولكن اذبحوها، فستروا الحقيقة فيها"[27].
وعلى هذا التأويل الصحيح لماهية مزاح النبي - صلى الله عليه وسلم - يحل الإشكال الذي في حديث ابن عمرو - رضي الله عنهما - بأنه يكتب كل شيء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمزاحه من السنة.
وقد أخذ المزاح في سجل سيرته العطرة - صلى الله عليه وسلم - صفحة مشرفة، كان لها هدفا، ولم تكن لمجرد اللهو والعبث، فتأمل بعضا من صوره وأهدافه.
فمن صور مزاحه - صلى الله عليه وسلم - ما يأتي:
· المزاح للتحبب: عن أنس: «أن رجلا أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، احملني، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنا حاملوك على ولد ناقة، قال: وما أصنع بولد الناقة - لأنه فهم أن ولد الناقة لا بد أن يكون صغيرا - فقال صلى الله عليه وسلم: وهل تلد الإبل إلا النوق»؟!
وعن أنس أيضا: «أن رجلا من أهل البادية كان اسمه زاهرا، كان يهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - الهدية من البادية، فيجهزه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن زاهرا باديتنا ونحن حاضروه، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحبه - وكان رجلا دميما - فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره، فقال الرجل: أرسلني. من هذا؟ فالتفت فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل لا يألوا ما ألصق ظهره بصدر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين عرفه، وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: من يشتري العبد؟ قال: يا رسول الله، إذا والله تجدني كاسدا، فقال صلى الله عليه وسلم: لكن عند الله لست بكاسد، أو قال: لكن عند الله أنت غال».
· المزاح للمواساة: فقد روي عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقا. وكان لي أخ يقال له أبو عمير. قال: أحسبه قال: كان فطيما. قال: فكان إذا جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرآه قال: أبا عمير! ما فعل النغير؟[28] قال: فكان يلعب به»[29].
· المزاح من أجل التربية: لقد سئل ابن سيرين عن الصحابة رضي الله عنهم: «هل كانوا يتمازحون؟ قال: ما كانوا إلا كالناس»[30].
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: «لم يكن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منحرفين ولا متماوتين، وكانوا يتناشدون الأشعار في مجالسهم، ويذكرون أمر جاهليتهم، فإذا أريد أحدهم على شيء في دينه دارت معاليق عينيه كأنه مجنون»[31].
وقال ابن مسعود: «خالط الناس ودينك لا تكلمنه، والدعابة مع الأهل»[32].
ومن هذا الهدي النبوي يتضح أن المزاح ليس كله مذموما، وإنما أنواع معينة منه بينها النبي - صلى الله عليه وسلم - بإتيانه المباح من المزاح، الذي ثبت أنه كان لأهداف معينة، قصد إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - وللمزاح فوائد متعددة أثبتها العلم والواقع العلمي، ومن أوضح الأدلة الصحيحة على إباحة المزاح وفوائده ما روي عن حنظلة الأسيدي - رضي الله عنه - وكان من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: «لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة، قال: سبحان الله! ماذا تقول؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكرنا بالنار والجنة، حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، فنسينا كثيرا. قال أبو بكر: فوالله! إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر، حتى دخلنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: نافق حنظلة يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما ذاك؟ قلت: يا رسول الله! نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات؛ نسينا كثيرا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده! إن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم. ولكن يا حنظلة! ساعة وساعة. ثلاث مرات»[33].
وبهذا يتضح أنه بالرغم من أن الأصل في المسلم أن يكون جادا؛ إذ لم يخلق للعبث واللعب في هذه الدنيا، إلا أنه يكون في حاجة من وقت لآخر إلى المزاح المباح؛ كي لا يصيبه الملل والسآمة، ويثقل عليه الجد، فإن القلوب تمل من كثرة الجد وإطباقه، فتحتاج أن يزال عنها هذا الملل، وهذا السأم بشيء من المزاح المباح شرعا.
وبناء على ما ذكرنا نلخص ضوابط المزاح الشرعي فيما يلي:
o ألا يكون فيه كذب, امزح، ولكن لا تقل إلا حقا, إما رواية أو حادثة صحيحة فيها طرفة تذكرها, أما أن تختلق أشياء لإضحاك الناس، فلا.
o ألا يكون فيه غيبة.
o ألا يكون فيه قذف.
o أن يكون في الوقت المناسب, فلا يكون - مثلا - في وقت الوعظ، أو التذكير بالموت، أو جلسة علم، وقد يأتي في منتصف هذا الجو العلمي أو الوعظي من يلقي بطرفة، فهذا من أسوأ ما يمكن أن يحدث في مجالس العلم.
o عدم الانهماك والاسترسال والمبالغة.
o عدم الترويع، وعدم الإضرار بالآخرين, فلا يأتي شخص ويخطف مفتاح سيارة شخص آخر على سبيل المزاح, أو يأخذ منه شيئا ثمينا، فهذا فيه ترويع وخوف.
o ألا يكون فيها استهزاء بشيء من الدين، كالاستهزاء بالكتاب العزيز، أو بأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أو بالملائكة, فبعض النكت[34] مذكور فيها استهزاء بالملائكة، أو الجنة والنار، أو عذاب القبر، فهذه كثيرة بين الناس, يقول: عندي نكتة، ثم يأتي بشيء فيه ذكر لأشياء من العقيدة، أو من اليوم الآخر يجعله في هيئة طرفة.
o ألا يكون مع السفهاء؛ لأنه إذا مازح السفهاء ردوا عليه سفاهته, فأضر ذلك بشخصيته.
o أن يراعي شعور الآخرين؛ لأنه قد يأتي بمزحة لكن تجرح شعور الذي أمامه, ويجب على الإنسان أن يكون أدبيا يراعي مشاعر الخلق, وإذا أراد أن يمازح أحدا لا يزعجه، ولا يغضبه، ولا يسخر منه، قال تعالى: )يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن( (الحجرات: ١١).
o ألا تمازح الكبير والعالم بما لا يليق بمقامه، فأنت عندما تمازحه فكأنك لا تحترمه ولا توقره.
o ألا يكون فيه إغراق في الضحك، أو يؤدي إلى ذلك، فقد كان كل مزاح النبي - صلى الله عليه وسلم - دون إغراق في الضحك حتى ينقلب الإنسان على قفاه, أو على عقبيه وهو يضحك, بل مزاح معتدل.
o ألا يضر بشخصه بين الناس, فيكون مضحكة القوم أو مهرجهم، حتى إذا أراد أحد أن يضحك - كما يقولون - يأتي إلى هذا المهرج، ويقولون: ما هو آخر شيء عندك؟ أعطنا موقفا؟ [35].
وعليه فلا تناقض بين الأحاديث؛ إذ موقف النبي - صلى الله عليه وسلم - واضح في إباحة المزاح.
الخلاصة:
· لا تعارض بين ما صح من أحاديث في مزاح النبي - صلى الله عليه وسلم - وما صح في أنه لا يقول إلا حقا؛ لأن مزاحه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن إلا في الحق، ولأهداف سامية.
· لقد أباح الإسلام المزاح؛ لأنه تلبية لحاجة فطرية في النفس البشرية كي لا يصيبها الملل والسأم، فيكون الترويح عن النفس بالمزاح من أكبر الدوافع لها على الاستمرار في تحمل الجد، والقيام بواجباتها بكامل نشاطها، وهذا يباح في إطار عدم مخالفته للشرع، وعدم الإضرار بالغير أو بالنفس.
· لقد جاء مزاح النبي - صلى الله عليه وسلم - في صور كثيرة بأهداف متعددة منها:
o المزاح للتحبب.
o المزاح للمواساة.
o المزاح من أجل التربية.
· لقد نهى الشرع عن أنواع معينة من المزاح لأسباب منها:
o أن الإفراط في المزاح يؤدي إلى كثرة الضحك التي تميت القلب.
o أن المزاح يؤدي إلى الغفلة.
o قد يؤدي المزاح - حال كثرته - إلى قلة الهيبة، أو اجتراء السفهاء على المازح.
o قد يسبب المزاح شيئا من الضغينة؛ فيكون مذموما.
· لقد بينت الأحاديث النبوية الشريفة أن المزاح يحرم إذا ما صاحبه مخالفة شرعية مثل:
o أن يكون بترويع مسلم.
o أن يكون مزاحا فيه كذب.
o أن يؤدي إلى الإضرار بالممزوح معه.
o أن يكون مزاحا تنتهك فيه حدود الله.
(*) تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405هـ/ 1985م.
[1]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: العلم، باب: في كتابة العلم، (10/ 57)، رقم (3641). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (3646).
[2]. صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: البر والصلة، باب: المزاح، (6/ 107، 108)، رقم (2058). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (1990).
[3]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: الجهاد، باب: في السبق على الرجل، (7/ 174)، رقم (2575). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (2578).
[4]. النوق: إناث الإبل، مفردها: ناقة.
[5]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه، رقم (13844). وصححه شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند.
[6]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه، رقم (12669). وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
[7]. موسوعة الدفاع عن رسول الله، علي بن نايف الشحود، (11/ 102).
[8]. مواقف مزح فيها النبي صلى الله عليه وسلم، خميس السعيد، دار الناشر العربي، مصر، ط1، 1423هـ/ 2003م، ص11، 12.
[9]. صحيح: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: الزهد، باب: الورع والتقوى، (2/ 1410)، رقم (4217). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم (4217).
[10]. حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم الأصفهاني، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت، (8/ 149).
[11]. حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم الأصفهاني، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت، (6/ 246).
[12]. إحياء علوم الدين، أبو حامد الغزالي، دار المعرفة، بيروت، د. ت، (3/ 128).
[13]. الصمت، ابن أبي الدنيا، تحقيق: أبي إسحاق الحويني، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1410هـ، ص210.
[14]. الصمت، ابن أبي الدنيا، تحقيق: أبي إسحاق الحويني، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1410هـ، ص211.
[15]. إحياء علوم الدين، أبو حامد الغزالي، دار المعرفة، بيروت، (3/ 128).
[16]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، أحاديث رجال من أصحاب النبي، رقم (23114). وصحح إسناده شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند.
[17]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الشاميين، حديث يزيد بن السائب، رقم (17970). وصحح إسناده شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند.
[18]. حسن: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: الأدب، باب: في حسن الخلق، (13/ 18)، رقم (4790). وحسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (4800).
[19]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الفتن، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من حمل علينا السلاح فليس منا"، (13/ 26)، رقم (7072). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: البر والصلة والآداب، باب: النهي عن الإشارة بالسلاح إلى مسلم، (9/ 3740)، رقم (6545).
[20]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: البر والصلة والآداب، باب: النهي عن الإشارة بالسلاح إلى مسلم، (9/ 3739)، رقم (6543).
[21]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (13/ 28) بتصرف.
[22]. انظر: من هديه - صلى الله عليه وسلم - في المزاح، دروس للشيخ أبي إسحاق الحويني، (80/ 12).
[23]. إحياء علوم الدين، أبو حامد الغزالي، دار المعرفة، بيروت، (3/ 129).
[24]. موسوعة الدفاع عن رسول الله، علي بن نايف الشحود، (11/ 102، 103).
[25]. صحيح: أخرجه الطبراني في المعجم الصغير، رقم (766). وصححه الألباني في صحيح وضعيف الجامع الصغير برقم (4259).
[26]. ضعيف: أخرجه البخاري في الأدب المفرد، كتاب: الألفاظ، باب: الغناء واللهو، رقم (785). وضعفه الألباني في صحيح وضعيف الأدب المفرد برقم (4259).
[27]. فيض القدير، المناوي، تحقيق: أحمد عبد السلام، دار الكتب العلمية، بيروت، 1415هـ/ 1994م، (3/ 18) بتصرف.
[28]. النغير: طائر أحمر المنقار.
[29]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأدب، باب: الكنية للصبي وقبل أن يولد للرجل، (10/ 598)، رقم (6203). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الآداب، باب: جواز كنية من لم يولد له وتكنية الصغير، (8/ 3270)، رقم (5518).
[30]. حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم الأصفهاني، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت، (2/ 275).
[31]. حسن: أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب: الأدب، باب: الرخصة في الشعر، (6/ 179)، رقم (54). وحسن إسناده الألباني في صحيح الأدب المفرد برقم (432).
[32]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأدب، باب: الانبساط، (10/ 543) معلقا.
[33]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: التوبة، باب: فضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة والمراقبة وجواز ترك ذلك في بعض الأوقات والانشغال بالدنيا، (9/ 3852)، رقم (6833).
[34]. النكتة: ملحة أو طرفة، وهي جملة بسيطة تضحك الناس.
[35]. سلسلة الآداب الإسلامية، محمد صالح المنجد، دروس صوتية قام يتفريغها موقع الشبكة الإسلامية، (17/ 7).
why do men have affairs
redirect why men cheat on beautiful women