الطعن في حديث "لا نورث ما تركناه صدقة"(*)
مضمون الشبهة:
يطعن بعض المشككين في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشأن وراثة الأنبياء، قال: «نحن معشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة». زاعمين أنه من وضع الوضاعين أيام ولاية العباسيين بعد سقوط الدولة الأموية عام 132هـ. ويستدلون على طعنهم هذا بمخالفة الحديث للقرآن الكريم في هذه المسألة؛ فالحديث يؤكد عدم جواز وراثة الأنبياء، على حين أن القرآن قد نص على جواز ذلك صراحة؛ فقال الله تعالى حكاية عن زكريا عليه السلام: )فهب لي من لدنك وليا (5) يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا (6)( (مريم)، وقال تعالى: )وورث سليمان داوود( (النمل: ١٦). كما أن هذا الحديث يتعارض مع ما صح عن فاطمة - رضي الله عنها - من أنها قد طالبت أبا بكر - رضي الله عنه - بميراث أبيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يعطها إياه؛ فحلفت ألا تكلمه أبدا. رامين من وراء ذلك إلى بطلان الحديث ورده، ومن ثم تشكيك المسلمين فيما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وجوه إبطال الشبهة:
1) إن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نورث ما تركناه صدقة»صحيح سندا، وليس من وضع الوضاعين، فقد رواه الشيخان عن أبي بكر رضي الله عنه، وله طرق أخرى عن أبي هريرة، وعائشة، وعمر، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، والعباس، وعلي رضي الله عنهم.
2) لا تعارض بين الحديث والقرآن؛ فقد أجمع علماء الأمة على أن جميع الأنبياء لا يورثون، وليس المراد بالإرث في قصة زكريا وداود - عليها السلام - الإرث المادي أو إرث المال؛ وإنما المقصود هو إرث النبوة.
3) سبب منازعة فاطمة لأبي بكر - رضي الله عنهما - في إرث والدها - صلى الله عليه وسلم - هو عدم علمها بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما علمت به كفت وتراجعت عما طلبت، ولم تكلمه بشأن هذا الإرث حتى ماتت.
التفصيل:
أولا. حديث "لا نورث ما تركناه صدقة" سنده صحيح في أعلى درجات الصحة، وليس بموضوع:
إن حديث عدم توريث الأنبياء صحيح بالاتفاق؛ فقد رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي بكر رضي الله عنه: قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا نورث، ما تركناه صدقة»[1]، ورواه الشيخان - أيضا - عن عائشة - رضي الله عنها: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا نورث، ما تركناه صدقة»[2]، ورواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«لا نورث، ما تركناه صدقة»[3].
وقد صح هذا الحديث عن عمرو، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، والعباس، وعلي - رضي الله عنهم - في الحديث الذي رواه الشيخان عن الزهري، أن مالك بن أوس حدثه قال: «أرسل إلي عمر بن الخطاب، فجئته حين تعالى النهار... فقال: هل لك، يا أمير المؤمنين! في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد؟ فقال عمر: نعم، فأذن لهم، فدخلوا، ثم جاء فقال: هل لك في عباس وعلي؟ فقال: نعم، فأذن لهما، فقال عباس: يا أمير المؤمنين! اقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن، فقال القوم: أجل يا أمير المؤمنين! فاقض بينهم وأرحهم، فقال مالك بن أوس: يخيل إلي أنهم قدموهم لذلك، فقال عمر: اتئد. أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض! أتعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا نورث، ما تركناه صدقة، قالوا: نعم، ثم أقبل على العباس وعلي، فقال: أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض! أتعلمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا نورث، ما تركناه صدقة؟ قالا: نعم...»[4].
ورواه الإمام مسلم أيضا عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا نورث، ما تركناه صدقة»[5].
فالحديث صحيح متواتر النقل، فعلاوة على اتفاق الشيخين - البخاري ومسلم - على روايته بطرق متعددة، فقد تواترت رواية الحديث في أغلب كتب الحديث بأسانيد قوية، فقد رواه أبو داود في سننه، وأحمد في مسنده، والترمذي في سننه، والنسائي في سننه، وابن ماجه في سننه... وغيرهم.
فالقول بأن هذا الحديث قد وضع أيام تولية العباسيين للسلطة بعد سقوط الدولة الأموية عام 132هـ - قول باطل لا يصح، فالحديث كما بينا متواتر النقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من طرق عدة في أغلب كتب الحديث الصحيحة.
فادعاؤهم هذا لا سند له من عقل أو نقل، فالمسألة طرحت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وحسمها أبو بكر رضي الله عنه، ثم جددت في عهد عمر - رضي الله عنه - وحسمها أيضا، ولما تولى علي الخلافة لم يحاول أخذ شيء من تركة النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمر الذي يدل على أنه اقتنع بصحة الحديث، فمن أين جاء الوضع في الحديث إذن[6]؟!
كما أنه لا دليل على زعمهم هذا بأن العباسين في هذه الفترة قد استغلوا علماء الدين في وضع أحاديث تمكن الحكم لهم وتثبته.
ولو فرض أنه كان هناك صراع بين آل البيت والعباسيين على الخلافة، فلم يكن لهذا الصراع أي تأثير على علماء المسلمين فيما يحفظون، ويدونون من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا فلم لم يغير أمراء بني العباس ما في الموطأ؟!
نعم، كان هناك من يتقرب إلى الملوك والأمراء بوضع ما يوافق فعلهم، ولكن هؤلاء الأدعياء لم يكونوا يمتون إلى العلم بصلة، وهم غير العلماء الذين نهضوا لجمع الحديث وتدوينه ونقده، وفي الوقت نفسه لم يغفل الأمراء عن كذبهم، كما حدث من غياث بن إبراهيم النخعي مع الخليفة المهدي العباس، لما رآه يلعب بالحمام، فحدثه بحديث أبي هريرة رضي الله عنه: «لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر»[7]، وزاد فيه: "أو جناح"، فأمر له المهدي بعشرة آلاف درهم، فلما قام قال المهدي: أشهد أن قفاك قفا كذاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر بذبح الحمام فذبحت.
يقول د. عماد الشربيني: "إن ما وقع من وضع في السنة أيام الأمويين والعباسيين، وقع من غلاة الشيعة الرافضة، والزنادقة، وغيرهم ممن لا يمتون إلى العلم بصلة، وأمثال هؤلاء هم الذين كانوا في صراع دائم مع الدولة الأموية، والعباسية، أما ما يزعمه أعداء الإسلام والسنة المطهرة، بأن الوضع وقع من العلماء الذين رأبوا على نشر السنة المطهرة، وحفظها وتنقيتها أمثال الزهري، والأوزاعي، والثوري، وابن حنبل، والبخاري، وغيرهم من رواة السنة، فذلك كذب وافتراء يرده تاريخنا الإسلامي السالم من تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين"[8].
ومما يؤكد زيف ادعائهم بوضع الحديث أن الحديث صحيح سندا ومتنا - كما ذكرنا؛ فالحديث جاء مطابقا لما نص عليه القرآن صراحة، ففكرة عدم توريث الأنبياء ووراثتهم صحيحة اتفق عليها القرآن والسنة، وهذا ما سنبينه في الوجه الثاني.
ثانيا. لا تعارض بين الحديث وآيات القرآن؛ إذ المقصود بالإرث في الآيات إرث النبوة فقط:
لقد أجمع جمهور العلماء على أن جميع الأنبياء - صلوات الله عليهم - لا يورثون؛ لقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: «لا نورث، ما تركناه فهو صدقة»، قال العلماء: والحكمة في أن الأنبياء لا يورثون أنه لا يؤمن في الورثة من يتمنى موته فيهلك، ولئلا يظن بهم الرغبة في الدنيا لوارثهم، فيهلك الظان، وينفر الناس عنه[9]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا نورث، ما تركنا فهو صدقة» لا يتعارض مع قوله - سبحانه وتعالى - عن زكريا عليه السلام: )يرثني ويرث من آل يعقوب( (مريم: ٦)، كما لا يتعارض مع قوله سبحانه وتعالى: )وورث سليمان داوود( (النمل: ١٦)؛ لأن المراد من قصة زكريا وداود - عليهما السلام - هو وراثة النبوة، وليس المراد حقيقة الإرث، بل قيامه مقامه، وحلوله مكانه[10]، وفي قوله - سبحانه وتعالى - عن زكريا عليه السلام: )وإني خفت الموالي من ورائي( (مريم: ٥) قال ابن كثير: "إنه خشي أن يتصرفوا من بعده في الناس تصرفا سيئا، فسأل الله ولدا يكون نبيا من بعده؛ ليسوسهم بنبوته ما يوحى إليه، فأجيب في ذلك، لا أنه خشي من وراثتهم له ماله، فإن النبي أعظم منزلة وأجل قدرا من أن يشفق على ماله إلى ما هذا حده، وأن يأنف من وراثة عصباته له، ويسأل أن يكون له ولد ليحوز ميراثه دونهم، كما أنه لم يذكر أن زكريا كان ذا مال، بل كان نجارا يأكل من كسب يديه، ومثل هذا لا يجمع مالا، ولا سيما الأنبياء؛ فإنهم كانوا أزهد شيء في الدنيا، وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«لا نورث، ما تركناه صدقة»، وفي رواية عن الترمذي بإسناد صحيح: «نحن معشر الأنبياء لا نورث»، وعلى هذا فتعين حمل قوله: )فهب لي من لدنك وليا (5) يرثني( على ميراث النبوة، ولهذا قال: )ويرث من آل يعقوب( كقوله: )وورث سليمان داوود(؛ أي في النبوة؛ إذ لو كان في المال لما خصه من بين إخوته بذلك، ولما كان في الإخبار بذلك فائدة كبيرة؛ إذ من المعلوم المستقر في جميع الشرائع والملل أن الولد يرث أباه، فلولا أنها وراثة خاصة لما أخبر بها، وكل هذا يقرره ويثبته ما صح في الحديث: «نحن معشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه فهو صدقة»، قال مجاهد في قوله: )يرثني ويرث من آل يعقوب(: كان وراثته علما، وكان زكريا من ذرية يعقوب، وقيل المراد: يكون نبيا كما كانت آباؤه أنبياء"[11].
وقال القرطبي في قوله تعالى عن زكريا عليه السلام: )وإني خفت الموالي(: " )الموالي( هنا الأقارب وبنو العم والعصبة الذي يلونه في النسب. قيل: وإنما كان مواليه مهملين للدين، فخاف بموته أن يضيع الدين، فطلب وليا يقوم بالدين من بعده، حكى هذا القول الزجاج.
وعليه فلم يسل من يرث ماله؛ لأن الأنبياء لا تورث. وهذا هو الصحيح في تأويل الآية، وأنه - عليه السلام - أراد وراثة العلم والنبوة لا وراثة المال؛ لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة» وفي كتاب أبي داود: «إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم»[12]... وهذا الحديث يدخل في التفسير المسند لقوله سبحانه وتعالى: )وورث سليمان داوود( وعبارة عن قول زكريا عليه السلام: )فهب لي من لدنك وليا (5) يرثني ويرث من آل يعقوب( وتخصيص العموم في ذلك، وأن سليمان لم يرث من داود مالا خلفه داود بعده، وإنما ورث منه الحكمة والعلم، وكذلك ورث يحيى من آل يعقوب... قال العلماء: دعاء زكريا - عليه السلام - في الولد إنما كان لإظهار دينه وإحياء نبوته، ومضاعفة لأجره لا للدنيا[13].
وفي قوله سبحانه وتعالى: )وورث سليمان داوود( قال الكلبي: كان لداود - عليه السلام - تسعة عشر ولدا، فورث سليمان من بينهم نبوته وملكه، ولو كان وراثة مال لكان جميع أولاده فيه سواء، وقاله ابن العربي، قال: فلو كانت وراثة لانقسمت على العدد؛ فخص الله سليمان بما كان لداود من الحكمة والنبوة، وزاده من فضله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده.
قال ابن عطية: داود من بني إسرائيل، وكان ملكا، وورث سليمان ملكه ومنزلته من النبوة، بمعنى صار إليه ذلك بعد موت أبيه، فسمي ميراثا تجوزا، وهذا نحو قوله صلى الله عليه وسلم: «العلماء ورثة الأنبياء»، ويحتمل قوله صلى الله عليه وسلم: «لا نورث»أن يريد أن ذلك من فعل الأنبياء وسيرتهم، وقيل: ورث سليمان أباه في الملك والنبوة، وقام بعده بشريعته، وقوله سبحانه وتعالى: )علمنا منطق الطير( (النمل: ١٦) أي تفضل الله علينا على ما ورثنا من داود العلم والنبوة والخلافة في الأرض - في أن فهمنا من أصوات الطير المعاني التي في نفوسها[14].
قال الشعراوي في قوله تعالى: )وورث سليمان داوود(: "أي بقيت فيه النبوة، وحمل المنهج لا الملك؛ لأن الأنبياء لا تورث كما جاء في الحديث الشريف: «لا نورث، ما تركناه صدقة»، فالله - سبحانه وتعالى - يريد أن يكون الرسول بعيدا في رسالته وتبليغه عن أي نفع يجيئ له، أو لذريته"[15].
وقال ابن عاشور في "التحرير والتنوير" عند تفسير قوله تعالى: )وورث سليمان داوود(: "الإرث هنا مستعمل في معناه المجازي، وتشبيه الأحوال الجليلة بالمال، وهو تشبيه الخلفة بانتقال ملك الأموال؛ لظهور أن ليس غرض الآية إفادة من انتقلت إليه أموال داود بعد قوله: )ولقد آتينا داوود وسليمان علما( (النمل: ١٥)، فتعين أن إرث المال غير مقصود فإنه غرض تافه.
وقد كان لداود أحد عشر ولدا، فلا يختص إرث ماله بسليمان، وليس هو أكبرهم، وكان داود قد أقام سليمان ملكا على إسرائيل؛ وبهذا يظهر أن ليس في الآية ما يحتج به لجواز أن يورث مال النبي، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نورث، ما تركنا صدقة»[16].
وفي قوله تعالى عن زكريا عليه السلام: )يرثني ويرث من آل يعقوب( قال الشعراوي: "إن العلة من طلبه دينية محضة، لا يطلبه لمغنم دنيوي؛ وإنما شغفه بالولد؛ لأنه لم يأمن من القوم من بعده على منهج الله وحمايته من الإفساد. لذلك قوله: )يرثني( هنا لا يفهم منه ميراث المال كما يتصوره البعض؛ لأن الأنبياء لا يورثون، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نورث، ما تركناه صدقة»، وبذلك يخرج النبي من الدنيا دون أن ينتفع أحد من أقاربه بماله حتى الفقراء منهم، فالمسألة مع الأنبياء خالصة كلها لوجه الله تعالى؛ لذلك قال بعدها: )ويرث من آل يعقوب( أي: النبوة التي تناقلوها، فلا يستقيم هنا أبدا أن نفهم الميراث على أنه ميراث المال أو متاع الدنيا الفاني.
ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى: )وورث سليمان داوود( ففي أي شيء ورثه؟! أورثه في تركته؟ إذن: فما موقف إخوته الباقين؟ لا بد أنه ورثه في النبوة والملك، فالمسألة بعيدة كل البعد عن الميراث المادي"[17].
وقد أجاب د. علي محمد محمد الصلابي عن هذا التعارض المزعوم فأحسن، فقال: "إن الإرث اسم جنس يدخل تحته أنواع، فيستعمل في إرث العلم والنبوة، والملك وغير ذلك من أنواع الانتقال. قال سبحانه وتعالى: )ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا( (فاطر: ٣٢)، وقال سبحانه وتعالى: )أولئك هم الوارثون (10) الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون (11)( (المؤمنون)، وغير ذلك من الآيات الواردة في هذا الشأن، وإذا كان كذلك فقوله سبحانه وتعالى: )وورث سليمان داوود(، وقوله: )يرثني ويرث من آل يعقوب( إنما يدل على جنس الإرث، ولا يدل على إرث المال، وذلك أن داود - عليه السلام - كان له أولاد كثيرون غير سليمان، فلا يختص سليمان بماله، فدل على أن المراد بهذا الإرث إرث العلم والنبوة ونحو ذلك، لا إرث المال، والآية سيقت في بيان مدح سليمان وما خصه الله به من النعمة، وحصر الإرث في المال لا مدح فيه؛ إذ إرث المال من الأمور العادية المشتركة بين الناس، وكذلك قوله سبحانه وتعالى: )يرثني ويرث من آل يعقوب( ليس المراد به إرث المال؛ لأنه لا يرث آل يعقوب شيئا من أموالهم، وإنما يرث ذلك منهم أولادهم وسائر ورثتهم لو ورثوا.
كما أن قوله سبحانه وتعالى: )وإني خفت الموالي من ورائي( لا يدل على أن الإرث مال؛ لأن زكريا لم يخف أن يأخذوا ماله من بعده إذا مات، فإن هذا ليس بمخوف، وزكريا - عليه السلام - لم يعرف له مال، بل كان نجارا يأكل من كسب يده، كما في صحيح مسلم. ولم يكن ليدخر منها فوق قوته حتى يسأل الله ولدا يرث عنه ماله، فدل على أن المراد بالوراثة في هاتين الآيتين وراثة النبوة، والقيام مقامه[18].
فالأنبياء - عليهم السلام - لم يخلقوا للدنيا يجمعونها ويورثونها، وإنما خلقوا للآخرة يدعون إليها ويرغبون فيها، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا نورث، ما تركناه صدقة»، وكان أول من أظهر هذه المحاسن من هذا الوجه أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -، لما سئل عن ميراث النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبر عنه بذلك، ووافقه على نقله عنه - عليه السلام - غير واحد من الصحابة، فمنهم عمر وعثمان وعلي والعباس وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وأبو هريرة وعائشة رضي الله عنهم [19].
وتأسيسا على ما سبق يتضح جليا أنه لا تعارض في مسألة ميراث الأنبياء بين السنة والقرآن، فالمراد بالوراثة في الآيتين الكريمتين هو وراثة النبوة، والمراد من قوله صلى الله عليه وسلم: «لا نورث، ما تركت فهو صدقة» أن جميع الأنبياء - صلوات الله عليهم - لا يورثون، وفي حديث أبي الدرداء: «إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر»، ولهذا قال ابن عباس: وإنما ترك - صلى الله عليه وسلم - ما بين الدفتين يعني: القرآن، فالأنبياء لم يخلقوا للدنيا يجمعونها ويورثونها، وإنما خلقوا للآخرة يدعون إليها ويرغبون فيها[20]، فأين التعارض الذي يدعونه بين الآيتين والحديث؟!
بذلك يتبين أنه لا تعارض في مسألة ميراث الأنبياء بين السنة والقرآن؛ إذ تبين أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نورث، ما تركناه فهو صدقة" أن جميع الأنبياء - صلوات الله عليهم - لا يورثون، كما أن المراد في قصة زكريا وداود - عليهما السلام - في القرآن هو وراثة النبوة، وليس وراثة المال كما يتوهمون، ومن ثم تسقط شبهتهم وتبطل.
ثالثا. مطالبة فاطمة - رضي الله عنها - بميراث والدها - صلى الله عليه وسلم - ليس بمستنكر؛ لعدم علمها بقول النبي صلى الله عليه وسلم، فلما علمت كفت ورجعت عن ذلك:
أما عن منازعة فاطمة أبا بكر - رضي الله عنهما - في ميراث النبي - صلى الله عليه وسلم - فليس بمستنكر؛ لأنها لم تكن تعلم ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظنت أنها ترثه كما يرث الأولاد آباءهم، فلما أخبرها أبو بكر الصديق بما قاله - صلى الله عليه وسلم - كفت[21]، والمسألة قد وردت في صحيح البخاري عن عروة عن عائشة - رضي الله عنها: «أن فاطمة والعباس - رضي الله عنهما - أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهما حينئذ يطلبان أرضيهما من فدك، وسهمهما من خيبر، فقال لهما أبو بكر: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا نورث، ما تركناه صدقة، إنما يأكل آل محمد من هذا المال، قال أبو بكر: والله، لا أدع أمرا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنعه إلا صنعته، قال: فهجرته فاطمة. فلم تكلمه حتى ماتت»[22].
قال ابن حجر: "وقوله فيه: «إنما يأكل آل محمد من هذا المال» كذا وقع، وظاهره الحصر، وأنهم لا يأكلون إلا من هذا المال، وليس ذلك مرادا؛ وإنما المراد العكس، وتوجيهه أن "من" للتبعيض، والتقدير: إنما يأكل آل محمد بعض هذا المال، يعني بقدر حاجتهم، وبقيته للمصالح"[23].
وقال ابن بطال وغيره: ووجه ذلك - والله أعلم - أن الله بعثهم مبلغين رسالته، وأمرهم أن لا يأخذوا على ذلك أجرا كما قال: )قل لا أسألكم عليه أجرا( (الأنعام: ٩٠)، وقال نوح وهود وغيرهما نحو ذلك، فكانت الحكمة في أن لا يورثوا؛ لئلا يظن أنهم جمعوا المال لوارثهم، قال: وقوله تعالى: )وورث سليمان داوود( حمله أهل العلم بالتأويل على العلم والحكمة، وكذا قول زكريا عليه السلام: )فهب لي من لدنك وليا (5) يرثني( [24].
أما ما احتجوا به من منازعة فاطمة أبا بكر في ميراث أبيها - صلى الله عليه وسلم - فقد كانت هذه المنازعة بسبب عدم علم السيدة فاطمة - رضي الله عنها - بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، ويؤكد ذلك د. طه حبيشي، فقال: "فلما علمت بهذا الحديث كفت وتراجعت عما طلبت، أما ما قاله الراوي «فما كلمته حتى ماتت» فظن الظانون بذلك أنها قد خاصمته وهجرته، والأقرب أن فاطمة ما عادت تكلمه في شأن هذا الميراث حتى ماتت، ويؤيد ذلك أنها كانت على علاقة طيبة جدا بعائشة - رضي الله عنها، وأن عائشة كانت تسألها وتلح في السؤال عليها؛ لتعرف ما تريد من جانبها، وعائشة هي ابنة الصديق وزوجة النبي صلى الله عليه وسلم، والذي صنعه أبو بكر في هذا المال هو أنه قد أجراه على ما كان يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وصنع فيه ما كان يصنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير أن يورثه لأحد، وفاطمة وعلي يريدان ويسمعان ويرضيان ولا يعارضان"[25].
وكيف يسوغ لأحد أن يظن بأبي بكر - رضي الله عنه - أنه منع فاطمة حقها من ميراث أبيها، وهو يعطي الأحمر والأسود حقوقهم؟
وكيف يركب مثل هذا ويستحله من فاطمة - رضي الله عنها، وهو يرد إلى المسلمين ما بقي من أموالهم منذ ولـي؟ وقد قال لعائشة - رضي الله عنها: انظري يا بنية، فما زاد في مال أبي بكر، منذ ولـي هذا الأمر، فرديه على المسلمين، فوالله ما نلنا من أموالهم إلا ما أكلنا في بطوننا من جريش[26] طعامهم، ولبسنا على ظهورنا من خشن ثيابهم. فنظرت فإذا بكر[27] وجرد[28] قطيفة، لا تساوي خمسة دراهم، وحبشية[29].
فهو لم يأخذ مال النبي - صلى الله عليه وسلم - لنفسه ولا لولده، ولا لأحد من عشيرته، وإنما أجراه مجرى الصدقة، وكان دفع الحق إلى أهله أولى به[30].
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقتسم ورثتي دينارا، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي فهو صدقة» [31]، وهذا ما فعله أبو بكر - رضي الله عنه - مع فاطمة، لذلك قال الصديق: لست تاركا شيئا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعمل به إلا عملت به، وقال: والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله يصنعه إلا صنعته، وقد تركت فاطمة منازعته بعد احتجاجه بالحديث وبيانه لها، وفيه دليل على قبولها الحق وإذعانها لقوله صلى الله عليه وسلم، وقال القاضي عياض: وفي ترك فاطمة منازعة أبي بكر - بعد احتجاجه عليها بالحديث - التسليم للإجماع على قضية، وأنها لما بلغها الحديث وبين لها التأويل تركت رأيها، ثم لم يكن منها ولا من ذريتها بعد ذلك طلب ميراث، ثم ولـي علي الخلافة فلم يعدل بها عما فعله أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما.
وقال حماد بن إسحاق: والذي جاءت به الروايات الصحيحة فيما طلبه العباس وفاطمة وعلي وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من أبي بكر - رضي الله عنهم - إنما هو الميراث، حتى أخبرهم أبو بكر والأكابر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا نورث، ما تركنا صدقة» فقبلوا بذلك وعلموا أنه الحق، ولو لم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك لكان لأبي بكر وعمر فيه الحظ الوافر بميراث عائشة وحفصة - رضي الله عنهما؛ فآثروا أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، ومنعوا عائشة وحفصة ومن سواهما ذلك، ولو كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يورث، لكان لأبي بكر وعمر أعظم الفخر به أن تكون ابنتاهما وارثتي محمد صلى الله عليه وسلم [32].
وقد ثبت عن فاطمة - رضي الله عنها - أنها رضيت عن أبي بكر بعد ذلك، وماتت وهي راضية عنه، ويدل على ذلك ما روى البيهقي بسنده عن الشعبي أنه قال: «لما مرضت فاطمة آتاها أبو بكر الصديق، فاستأذن عليها، فقال علي: يا فاطمة هذا أبو بكر يستأذن عليك، فقالت: أتحب أن آذن له؟ قال: نعم، فأذنت له، فدخل عليها يترضاها، فقال: والله ما تركت الدار والمال، والأهل والعشيرة إلا ابتغاء مرضاة الله ومرضاة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ومرضاتكم أهل البيت، ثم ترضاها حتى رضيت - رضي الله عنها»[33].
قال ابن كثير: "وهذا إسناده جيد قوي، والظاهر أن عامرا الشعبي سمعه من علي، أو ممن سمعه من علي، كما ذكر العلماء أن فاطمة - رضي الله عنها - لم تتعمد هجر أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أصلا، ومثلها منزه عن ذلك؛ لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الهجر فوق ثلاثة، وإنما لم تكلمه لعدم الحاجة لذلك"[34].
وقال أبو العباس القرطبي صاحب "المفهم" في سياق شرحه لحديث عائشة المتقدم: "ثم إنها - أي فاطمة - لم تلتق بأبي بكر لشغلها بمصيبتها برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولملازمتها بيتها، فعبر الراوي عن ذلك بالهجران، وإلا فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث»[35]، وهي أعلم الناس بما يحل من ذلك ويحرم، وأبعد الناس عن مخالفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف لا يكون كذلك، وهي بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيدة نساء أهل الجنة"[36].
وقال ابن تيمية: "كون النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يورث ثبت بالسنة المقطوع بها، وبإجماع الصحابة، وكل منهما دليل قطعي، فلا يعارض ذلك بما يظن أنه عموم، وإن كان عموما فهو مخصوص؛ لأن ذلك لو كان دليلا لما كان إلا ظنيا، فلا يعارض القطعي؛ إذ الظني لا يعارض القطعي؛ وذلك أن هذا الخبر رواه غير واحد من الصحابة في أوقات ومجالس، وليس فيهم من ينكره، بل كلهم تلقاه بالقبول والتصديق.
ولهذا لم يصر أحد من أزواجه - صلى الله عليه وسلم - على طلب الميراث، ولا أصر العباس على طلب الميراث، بل من طلب من ذلك شيئا فأخبر بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - رجع عن طلبه، واستمر الأمر على ذلك على عهد الخلفاء الراشدين إلى علي، فلم يغير شيئا من ذلك، ولا قسم له تركة"[37].
وقد تولى علي بعد ذلك، ولم يعط شيئا لأحد من أولاد فاطمة، ولا من زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا ولد العباس، فلو كان ظلما، وقدر على إزالته لكان هذا أهون عليه من قتال معاوية وجيوشه، أفتراه يقاتل معاوية، مع ما جرى في ذلك من الشر العظيم، ولا يعطي هؤلاء قليلا من المال، وأمره أهون بكثير[38]؟
فكما رأينا أن القوم جميعا، فاطمة، وعليا، وأبا بكر الصديق، قد حرصوا جميعا على أن يقابلوا الله بوجه واحد فقابلوه به، وقد حرصوا جميعا على أن يسلكوا إليه سبيلا واحدة فسلكوا إليه، رضي الله عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وفاطمة والحسن والحسين وجميع آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم [39].
الخلاصة:
· إن حديث: «لا نورث، ما تركناه صدقة» صحيح سندا عن النبي صلى الله عليه وسلم، متواتر النقل في أغلب كتب الحديث بأصح الأسانيد، وقد روي عن كثير من الصحابة، فقد رواه الشيخان - البخاري ومسلم - عن كل من: أبي بكر الصديق، وعائشة، وأبي هريرة، وعمر، وعثمان، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وعلي، والعباس - رضي الله عنهم - مما يبطل القول بوضع الحديث.
· لقد أجمع العلماء على أن جميع الأنبياء - صلوات الله عليهم - لا يورثون، والحكمة في ذلك أنه لا يؤمن في الورثة من يتمنى موته فيهلك، ولئلا يظن بهم الرغبة في الدنيا لوارثهم؛ فيهلك الظان.
· إن المراد بالإرث في الآيتين: )يرثني ويرث من آل يعقوب(، و)وورث سليمان داوود(هو وراثة النبوة، لا وراثة المال؛ فالأنبياء لم يخلقوا للدنيا يجمعونها ويورثونها، وإنما خلقوا للآخرة يدعون إليها، ويرغبون فيها، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نورث، ما تركناه صدقة».
· إن في اختصاص سليمان - عليه السلام - بالإرث دون غيره من إخوته الآخرين دليلا قاطعا على أن المقصود بالإرث هو إرث النبوة، لا إرث المال ونحو ذلك.
· لم تكن فاطمة - رضي الله عنها - تعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نورث ما تركناه صدقة»، فطالبت أبا بكر - رضي الله عنه - بإرث والدها - صلى الله عليه وسلم - لأنها كانت تظن أنها ترثه كما يرث الأولاد آباءهم، فلما أخبرها أبو بكر - رضي الله عنه - بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - كفت عن ذلك وتراجعت.
· إن المقصود من قول الراوي: «ولم تكلمه حتى ماتت» أنها لم تكلمه في شأن هذا الميراث حتى ماتت، وقد ثبت عن فاطمة أنها ماتت راضية عن أبي بكر - رضي الله عنه -، وكانت علاقتها طيبة مع ابنته السيدة عائشة - رضي الله عنها.
· لم يصر أحد من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - على طلب الميراث، ولا أصر العباس على ذلك؛ بل من طلب من ذلك شيئا فأخبر بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - رجع عن طلبه، واستمر الأمر على ذلك على عهد الخلفاء الراشدين إلى علي - رضي الله عنه - فلم يغير شيئا من ذلك، ولا قسم لنفسه تركة، وفي ذلك دليل على اقتناعهم جميعا بما بلغه أبو بكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نورث، ما تركناه صدقة».
(*) دور السنة في إعادة بناء الأمة، جواد موسى محمد عفانة، جمعية عمال المطابع التعاونية، الأردن، ط1، 1419هـ/ 1999م. تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405هـ/ 1985م.
[1]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الفرائض، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركناه صدقة"، (12/ 7)، رقم (6726). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الجهاد والسير، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركناه فهو صدقة"، (7/ 2748)، رقم (4501).
[2]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الفرائض، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركناه صدقة"، (12/ 8)، رقم (6730). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الجهاد والسير، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركناه فهو صدقة"، (7/ 2746)، رقم (4498).
[3]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الجهاد والسير، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركناه فهو صدقة"، (7/ 2748)، رقم (4504).
[4]. صحيح البخاري (بشر ح فتح الباري)، كتاب: الفرائض، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركناه صدقة"، (12/ 7)، رقم (6728). صحيح مسلم (بشر ح النووي)، كتاب: الجهاد والسير، باب: حكم الفيء، (7/ 2740)، رقم (4496).
[5]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الجهاد والسير، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركناه فهو صدقة"، (7/ 2748)، رقم (4504).
[6]. كيف ولماذا التشكيك في السنة، أحمد عبد الرحمن، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1428هـ/ 2007م، ص18.
[7]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم، مسند أبي هريرة رضي الله عنه، (19/ 136)، رقم (10142). وصحح إسناده أحمد شاكر في تعليقه على المسند.
[8]. السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام: مناقشتها والرد عليها، د. عماد السيد الشربيني، دار اليقين، مصر، ط1، 1423هـ/ 2002م، ص441: 443 بتصرف.
[9]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (7/ 2749).
[10]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (7/ 2751).
[11]. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، دار المعرفة، بيروت، ط1، 1400هـ/ 1980م، (3/ 111) بتصرف.
[12]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: العلم، باب: في فضل العلم، (10/ 53)، رقم (3636). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (3641).
[13]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، (11/ 78، 79) بتصرف.
[14]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، (13/ 163: 165) بتصرف.
[15]. تفسير الشعراوي، محمد متولي الشعراوي، أخبار اليوم، مصر، د. ت، (17/ 10753: 10755) بتصرف.
[16]. التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، دار سحنون للنشر والتوزيع، تونس، د. ت، (18/ 235).
[17]. تفسير الشعراوي، محمد متولي الشعراوي، أخبار اليوم، مصر، د. ت، (15/ 9024، 9025).
[18]. أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب شخصيته وعصره، د. علي محمد محمد الصلابي، دار الإيمان، الأسكندرية، د.ت، ص156، 157 بتصرف.
[19]. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، دار طيبة، السعودية، ط2، 1420هـ/ 1999م، (1/ 57).
[20]. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، دار طيبة، السعودية، ط2، 1420هـ/ 1999م، (1/ 57).
[21]. تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405هـ/ 1985م، ص283.
[22]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الفرائض، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركناه صدقة"، (12/ 7)، رقم (6725، 6726).
[23]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (12/ 71).
[24]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (12/ 10).
[25]. ضلالات منكري السنة، د. طه حبيشي، مطبعة رشوان، القاهرة، ط2، 1427هـ/ 2006م، ص450 بتصرف.
[26]. الجريش: المجروش من الحبوب أو غيرها.
[27]. الكر: مكيال لأهل العراق يعادل أربعين إردبا.
[28]. الجرد: الترس، والبقية من المال.
[29]. الحبشية: ناقة شديدة السواد.
[30]. تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405هـ/ 1985م، ص283 بتصرف.
[31]. صحيح البخاري (بشر ح فتح الباري)، كتاب: الفرائض، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركناه صدقة"، (12/ 8)، رقم (6729). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الجهاد والسير، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركناه فهو صدقة"، (7/ 2748)، رقم (4502).
[32]. الانشراح ورفع الضيق بسيرة أبي بكر الصديق، د. علي محمد الصلابي، دار الإيمان، الإسكندرية، 2002م، ص208: 210.
[33]. أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب: قسم الفيء والغنيمة، باب: بيان مصرف أربعة الخمس، (6/ 301)، رقم (13113).
[34]. البداية والنهاية، ابن كثير، دار التقوى، القاهرة، 2004م، (3/ 374).
[35]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأدب، باب: الكبر، (10/ 507)، رقم (6076). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: البر والصلة والأدب، باب: تحريم التحاسد والتباغض والتدابر، (9/ 3689)، رقم (6406).
[36]. المفهم شرح صحيح مسلم، أبو العباس القرطبي، (12/ 73)، نقلا عن: أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، د. علي محمد الصلابي، دار الإيمان، الأسكندرية، د.ت، ص161، 162.
[37]. منهاج السنة النبوية في نفي كلام الشيعة والقدرية، ابن تيمية، تحقيق: محمد أيمن الشبراوي، دار الحديث، القاهرة، ط1، 1425هـ/ 2004م، (4/ 100، 101).
[38]. منهاج السنة النبوية في نفي كلام الشيعة والقدرية، ابن تيمية، تحقيق: محمد أيمن الشبراوي، دار الحديث، القاهرة، ط1، 1425هـ/ 2004م، (6/ 187).
[39]. ضلالات منكري السنة، د. طه حبيشي، مطبعة رشوان، القاهرة، ط2، 1427هـ/ 2006م، ص450، 451.