الطعن في أحاديث منح الأنبياء قوة خاصة في الجماع*)
مضمون الشبهة:
يطعن بعض منكري السنة في صحة الأحاديث الواردة في منح الأنبياء قوة خاصة في الجماع، من ذلك حديث أنس بن مالك قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار، وهن إحدى عشرة، قال: قلت لأنس: أوكان يطيقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين»، ويزعمون أن هذا الحديث يعارض القرآن الكريم الذي يبين أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقضي ليله في القيام والعبادة، ويقضي نهاره في الجهاد ونشر الدعوة، ومن ذلك قوله تعالى: )إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه( (المزمل: ٢٠).
كما أنه يصعب أن يخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بما يحدث بينه وبين زوجاته، وأن يفصح عن القوة التي منحها الله إياه، ويتساءلون ما الذي يعود على الأمة من نفع إذا علمت أن النبي كان يتمتع بهذا القدر من القوة، وكيف تسنى لأنس بن مالك أن يعرف هذا؟ أأخبره به النبي - صلى الله عليه وسلم - أم أخبرته زوجاته، أم تجسس أنس على النبي صلى الله عليه وسلم؟! وعلى غرار ذلك فهم ينكرون حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الذي ورد فيه أن سيدنا سليمان أقسم ليطوفن على سبعين امرأة، ويتساءلون من أين لسليمان أن يخلق الله من مائه هذا العدد في ليلة واحدة، وهل يعقل هذا لرجل؟
وهم يؤيدون زعمهم هذا باختلاف الروايات حول عدد زوجات سليمان، هادفين من وراء ذلك إلى الطعن في صحة هذه الأحاديث، ومن ثم التشكيك في السنة النبوية.
وجوه إبطال الشبهة:
1) إن الأحاديث الواردة في منح الأنبياء قوة خاصة في الجماع أحاديث صحيحة ثابتة، بل في أعلى درجات الصحة، ولا غرابة في معرفة أنس - رضي الله عنه - طواف النبي - صلى الله عليه وسلم - على نسائه؛ إذ كان خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولازمه مدة عشر سنوات، منذ أن كان في العاشرة من عمره، وفي معرفة مثل ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فائدة عظيمة، هي بيان أحكام الشريعة وأدق تفاصيلها.
2) كان طوافه - صلى الله عليه وسلم - على نسائه في ساعة واحدة من ليل أو نهار، وليس في كل وقت كما صرح بذلك حديث أنس، وهذا الطواف يعد بيانا عمليا لما جاء في القرآن الكريم من قوله تعالى: )وعاشروهن بالمعروف( (النساء: 19)، ومن ثم فلا تعارض ألبتة بين هذا وبين القرآن الذي بين أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقضي ليله في القيام والعبادة، ويقضي نهاره في الجهاد ونشر الدعوة.
3) إن تعدد روايات حديث أبي هريرة واختلافها في ذكر عدد نساء سليمان - عليه السلام - هو اختلاف ظاهري فحسب؛ فإن الحديث في أعلى درجات الصحة، ومع ذلك فقد ذهب العلماء - ومنهم ابن حجر - إلى إمكانية الجمع بينها، فقالوا: إن الستين كن حرائر، وما زاد عليهن كن سراري أو العكس، وأما السبعون فللمبالغة، وأما التسعون والمائة فكن دون المائة وفوق التسعين.
التفصيل:
أولا. أحاديث منح الأنبياء قوة خاصة في الجماع ثابتة، ومعرفة مثل ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - له فائدة عظيمة:
لقد خلق الله - عز وجل - الأنبياء والرسل، وفضلهم على سائر البشر، ثم فضل أولي العزم منهم، قال سبحانه وتعالى: )تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات( (البقرة: ٢٥٣)، ثم اصطفى محمدا - صلى الله عليه وسلم - من أولي العزم. لكن الله - عز وجل - جعل لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - معجزات وخصائص وفضائل تميزه عن بقية الأنبياء، بل عن بقية البشر عموما، وقد أقر - صلى الله عليه وسلم - بهذا التفضيل قائلا: «فضلت على الأنبياء بست...»[1].
كما أن الله - عز وجل - أعطى للأنبياء قوة خاصة في الجماع، وقد أقر بذلك علماء الأمة سلفا وخلفا، وذلك لأن النقص في هذا الشيء يعد عيبا، وحاشاهم - صلوات الله وسلامه عليهم - أجمعين عن العيب والنقص، فالأنبياء معصومون، ولنضرب لذلك مثالين من الأنبياء؛ هما سيدنا محمد وسيدنا سليمان عليهما السلام، ولنبدأ بسيدنامحمد صلى الله عليه وسلم.
فلقد روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل أو النهار، وهن إحدى عشرة. قال: قلت لأنس: أو كان يطيقه؟! قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين. وقال سعيد عن قتادة: إن أنسا حدثهم: تسع نسوة»[2].
كما روى البخاري أيضا عن محمد بن المنتشر قال: «ذكرته لعائشة - رضي الله عنها، فقالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن، كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيطوف على نسائه، ثم يصبح محرما ينضخ طيبا»[3]. وعن أنس رضي الله عنه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يطوف على نسائه بغسل واحد»[4].
يقول ابن حجر: "وفي هذا الحديث من الفوائد... ما أعطي النبي - صلى الله عليه وسلم - من القوة على الجماع، وهو دليل على كمال البنية وصحة الذكورية"[5].
وقال الصنعاني: "وفي الحديث دلالة على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان أكمل الرجال في الرجولية؛ حيث كان له هذه القوة"[6].
ومن ثم فقد دلت أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - السابقة، والتعليق عليها على قوة النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة في جماعه، فلقد أعطاه الله - عز وجل - قوة ثلاثين رجلا في الجماع، بل قد روى قتادة عن أنس أيضا: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدور على نسائه في الساعة من الليل والنهار، وهن إحدى عشرة: قال - أي قتادة -: قلت لأنس بن مالك: فهل كان يطيق ذلك؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة أربعين»[7].
وقد روى زيد بن أرقم: «إن الرجل من أهل الجنة يعطى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والشهوة والجماع...»[8]. يقول ابن حجر معلقا على هذا الحديث: "فعلى هذا يكون حساب قوة نبينا أربعة آلاف"[9].
وللجماع فوائد دينية وعقلية؛ ولذلك خص الله - عز وجل - الأنبياء بالقوة عليه، بل إنها تعد معجزة خارقة للعادة، وليست سحرا، كما يدعي البعض أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سحر فأعطى قوة ثلاثين رجلا، وفي هذا يقول الإمام العلامة المناوي - رحمه الله: "فإن قلت: هل للتمدح بكثرة الجماع للنبي - صلى الله عليه وسلم - من فائدة دينية أو عقلية لا يشاركه فيها غير الأنبياء من البرية؟ قلت: نعم - بل هي معجزة من معجزاته السنية، إذ قد تواتر تواترا معنويا، أنه كان قليل الأكل، وكان إذا تعشى لم يتغد، وعكسه، وربما طوى أياما، والعقل يقضي بأن كثرة الجماع إنما تنشأ عن كثرة الأكل، إذ الرحم يجذب قوة الرجل، ولا يجبر ذلك النقص إلا كثرة الغذاء، فكثرة الجماع لا تجتمع مع قلة الغذاء عقلا ولا طبا ولا عرفا، إلا أن يقع على وجه خرق العادة، فكان من قبيل الجمع بين الضدين، وذلك من أعظم المعجزات فتدبر"[10].
ونظرا لأن الله - عز وجل - أنزل الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم، والوحي ثقيل كما قال الله عز وجل: )إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا (5)( (المزمل)، ولكي يستطيع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحمل نزول الوحي عليه - وهو بهذا الثقل - آتاه الله قوة جسمانية، فكان لا بد أن يكون لهذه القوة أثر في طاقته الطبيعية في المعاشرة الزوجية، فكان لا بد أن يؤتى من الرغبة ما يتناسب مع هذه الطاقة، ومن هنا جاء الربط بين قوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجسمانية وقوته في الجماع، ويؤكد ذلك ابن حجر قائلا: وقد وقع للنبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك أبلغ المعجزة؛ لأنه مع اشتغاله بعبادة ربه وعلومه ومعالجة الخلق، كان متقللا من المآكل والمشارب المقتضية لضعف البدن على كثرة الجماع، ومع ذلك فكان يطوف على نسائه في ليلة بغسل واحد، وهن إحدى عشرة امرأة[11]، ويقال: إن كل من كان أتقى لله فشهوته أشد؛ لأن الذي لا يتقي يتفرج بالنظر ونحوه.
ومن هنا فقد حبب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النساء، كما جاء في الحديث: «حبب إلي النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة»[12]؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بشر، ولا بد للبشري الكامل من هذا، ونقص هذه الرغبة عند الإنسان يعد نقصا وليس كمالا كما يظن البعض، وحاشا نبينا - صلى الله عليه وسلم - من أي وصف بالنقص.
وهناك دليل آخر على أن هذه الأشياء من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - ألا وهو حديث مرضه صلى الله عليه وسلم، فالنبي إذا مرض يكون وقع المرض عليه مضاعفا، فعن الحارث بن سويد عن عبد الله، قال: «دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يوعك، فقلت: يا رسول الله، إنك توعك وعكا شديدا، قال: أجل، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم، قلت: ذلك بأن لك أجرين، قال: أجل، ذلك كذلك...»[13].
ومن ثم، فإن اشتداد المرض ومضاعفته عليه - صلى الله عليه وسلم - لدليل على قوته الجسمانية، فليس بمستغرب بعد هذا أن يعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - قوة خاصة في الجماع.
وفضلا عن هذا، فإن هذه المعاشرة الزوجية صدقة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجر؟! قال: أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر»[14].
وعليه، فإن ما سبق لا يدل بحال على هوس النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجماع كما يدعي مثيرو الشبهة؛ إذ الأمر في ذلك راجع إلى قيامه بواجب العدل بين أهل بيته، كما أنه يرجع إلى طبيعته البشرية، وما اختصه به ربه - عز وجل - فهو مع ما طبعت عليه بشريته من كثرة الجماع، فهو أعبد الناس، ولم يخل بعبادته شيئا؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يأتيها إلا على مشروعيتها، وهذا هو غاية العصمة والكمال في البشرية[15].
وإن المتأمل في أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - يجد أن كثيرا من الأفعال قد بنيت للمفعول (أعطى، حبب، أوعك، جعلت...)؛ لتدل دلالة كاملة على أن كلامه - صلى الله عليه وسلم - وفعله وتقريره إنما هو وحي من الله تعالى له، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - زوج فتزوج وأمر ففعل، فزيجات النبي - صلى الله عليه وسلم - كلها كانت لحكمة شرعية، كما أن عدد زوجاته خاص به وحده دون الناس.
وهكذا يتبين لنا قوة النبي - صلى الله عليه وسلم - في النكاح، وأن هذه القوة تعد معجزة خارقة للعادة، وليست سحرا، كما أن هذه القوة خاصة بجميع الأنبياء، ومنهم سيدنا سليمان عليه السلام، وهو مدار حديثنا في السطور القادمة.
فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة، تحمل كل امرأة فارسا يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: إن شاء الله. فلم يقل، ولم تحمل شيئا إلا واحدا ساقطا أحد شقيه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو قالها لجاهدوا في سبيل الله»[16].
قال النووي: "وفي هذا بيان ما خص به الأنبياء - صلوات الله تعالى وسلامه عليهم - من القوة على إطاقة هذا في ليلة واحدة، وكان نبينا - صلى الله عليه وسلم - يطوف على إحدى عشرة امرأة له في الساعة الواحدة، كما ثبت في الصحيحين، وهذا كله من زيادة القوة"[17].
ويقول ابن حجر: "وفيه ما خص به الأنبياء من القوة على الجماع الدال ذلك على صحة البنية، وقوة الفحولية، وكمال الرجولية، مع ما هم فيه من الاشتغال بالعبادة والعلوم"[18].
وقال المناوي: "إن سليمان - عليه السلام - تمنى أن يكون له ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، فأعطي الملك، وأعطي القوة في الجماع؛ ليتم له الملك على خرق العادة من كل الجهات؛ لأن الملوك يتخذون من الحرائر والسراري بقدر ما أحل لهم ويستطيعونه، فأعطي سليمان - عليه السلام - تلك الخصوصية ليتميز بها عنهم، فكان نساؤه من جنس ملكه الذي لا ينبغي لأحد من بعده"[19].
وقال ابن حجر أيضا: "قال ابن الجوزي: فإن قيل: من أين لسليمان أن يخلق من مائه هذا العدد في ليلة واحدة؛ لا جائز أن يكون بوحي؛ لأنه ما وقع، ولا جائز أن يكون الأمر في ذلك إليه؛ لأن الإرادة لله؟ والجواب: أنه من جنس التمني على الله، والسؤال له أن يفعل، والقسم عليه، كقول أنس بن النضر: والله لا يكسر سنها، ويحتمل أن يكون لما أجاب الله دعوته أن يهب له ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، كان هذا عنده من جملة ذلك فجزم به، وأقرب الاحتمالات ما ذكرته أولا. قلت - أي ابن حجر: ويحتمل أن يكون أوحي إليه بذلك مقيدا بشرط الاستثناء، فنسي الاستثناء، فلم يقع ذلك لفقدان الشرط، ومن ثم ساغ له أولا أن يحلف... وفيه - أي الحديث - جواز السهو على الأنبياء، وأن ذلك لا يقدح في علو منصبهم"[20].
وبهذا نخلص إلى أن الله - عز وجل - أعطى لسيدنا سليمان - عليه السلام - ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، وكان الله يستجيب لدعائه، فليس بعزيز على الله أن يخلق له سبعين أو مائة أو أصغر من ذلك أو أكبر من مائه عليه السلام، لكنه نسي تقديم مشيئة الله - عز وجل - فلم يتحقق له ما تمناه.
أما عن الحكمة من معرفة مثل هذه الأشياء عن الأنبياء فعظيمة؛ فنبينا - صلى الله عليه وسلم - لم يترك شاردة ولا واردة من أمر الدين إلا وقد بينها لأمته؛ لذا وصلت إلينا سنته - صلى الله عليه وسلم - القولية والفعلية والتقريرية، لكن هناك أمورا لا نعرفها إلا من خلال حياته الخاصة، ولا يخبرنا بهذه الأمور إلا الأقربون من النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل زوجاته وخدامه.
ومن ثم فليس من المستغرب أن يخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بما يحدث بينه وبين زوجاته، أو يفصح بقوة منحها الله إياه في النكاح، طالما أن في ذلك إفادة لأمته، فليس في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - الخاصة ما يشوه سيرته العطرة، وليس في رواية رواة السنة من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم وصولا إلى أئمة المحدثين كالبخاري ومسلم - عن حياته الخاصة ما يدعو إلى الحرج؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - معصوم في سلوكه وهديه، وما ينقل عنه من حياته الخاصة دين، وللأمة فيه القدوة والأسوة الحسنة، وليس أدل على ذلك مما ورد من اختلافهم في جواز القبلة للصائم، وفي طلوع الصبح على الجنب وهو صائم، فسألوا أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها، فأخبرتهم أن ذلك وقع من النبي - صلى الله عليه وسلم - فرجعوا إلى ذلك، وعلموا أنه لا حرج على فاعله.
وهذا النقل لما يخصه - صلى الله عليه وسلم - في حياته الخاصة، حث عليه، وكان بإذنه، بدليل ما روي «أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل، هل عليهما الغسل؟ وعائشة جالسة، فقال صلى الله عليه وسلم: إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل»[21]، كما دل على أن النقل من الدين قوله تعالى: )وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا (19)( (النساء)، فهذا نص قرآني صريح يأمر بحسن صحبة الزوجة بكل ما تعنيه كلمة "المعروف"، ومعلوم أن مراد الله في كتابه، من مهامه - صلى الله عليه وسلم - لقوله تعالى: )وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم( (النحل: ٤٤). ومن هنا كان نقل هذا البيان في الحياة الخاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم - قولا وعملا - دينا واجبا ذكره؛ لتتعلم الأمة المراد بخطاب ربها: )وعاشروهن بالمعروف( [22].
ومن ثم فإن الحديث الذي رواه أنس بن مالك - رضي الله عنه - في طوافه - صلى الله عليه وسلم - على نسائه في ليلة واحدة، قد علم الأمة أن العدل في القسمة بين الزوجات مودة واستئناسا أمر واجب، وفي هذا بيان عملي لهم بأن يعطوا كل ذي حق حقه، كما علمنا هذا الحديث اختصاص النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقوة في الجماع، وهذه القوة ناشئة عن القوة الجسدية عموما، فالصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يحتمون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا حمي الوطيس واشتدت المعركة، وكان يقوم بأصعب دور في أي عمل كان يعمله مع الصحابة مثل جمع الحطب، وعندما صارع ركانة صرعه صلى الله عليه وسلم، وهذه القوة تؤثر على مرضه أيضا فهو يوعك كما يوعك الرجلان من أمته؛ وذلك لأن له أجرين.
أما ما أثير حول راوي الخبر - وهو سيدنا أنس بن مالك - فمردود، والأدلة على ذلك ما يأتي:
· دخل أنس بن مالك بيت النبوة وهو صبي صغير عنده من العمر عشر سنين كما نصت على ذلك الروايات الصحيحة، ومنها ما أخرجه البخاري في صحيحه عن ابن شهاب قال: «أخبرني أنس بن مالك: أنه كان ابن عشر سنين مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فخدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرا حياته...»،[23] وقد كان ذلك قبل أن يفرض الحجاب على أمهات المؤمنين، فكان يتحرك في البيت دون قيود، حتى نزلت آيات الحجاب، وقد خدم النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر سنوات، وهذه الفترة كافية لأن يعرف شخص تفاصيل حياة الشخص الذي يصاحبه، خاصة إذا كان يحبه ويحاول التقرب منه، وليس أدل على ذلك القرب من قول أنس رضي الله عنه: «ما شممت عنبرا قط، ولا مسكا، ولا شيئا أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا مسست شيئا قط ديباجا ولا حريرا ألين مسا من رسول الله صلى الله عليه وسلم»[24].
· كان سيدنا أنس بن مالك - رضي الله عنه - يخدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل شيء، حتى إنه ليعد له غسله، ويصب عليه وضوءه، وهذا يقتضي أن يرى تطوافه على نسائه؛ لأنه سيكون لافتا للنظر أن يتوضأ أو يغتسل إحدى عشرة مرة أو تسع مرات، إذ إن للصبي الصغير ذاكرة قوية تنطبع فيها الحوادث والأقوال كأشد ما يكون الانطباع.
ومن ثم فقد كان لأنس تحركات في بيت النبوة، وهو صبي صغير - عنده عشر سنوات - وذلك قبل نزول آيات الحجاب، ومنها:
o الدخول بغير إذن، يقول أنس رضي الله عنه: «كنت أخدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكنت أدخل عليه بغير إذن...»[25]؛ فقد كان صبيا لم يبلغ الحلم بعد.
o كان يدخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسا أو مضطجعا، يقول أنس: «دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على سرير مضطجع، مرمل بشريط، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف...»[26].
o إحضار الماء للنبي - صلى الله عليه وسلم - للطهارة، فعن عطاء بن أبي ميمونة أنه سمع أنس بن مالك يقول: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل الخلاء، فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة، فيستنجي بالماء»[27].
وروي أيضا عن أنس - رضي الله عنه - قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا تبرز لحاجته أتيته بماء فيغسل به»[28].
o وضع الماء للغسل، فقد روى ابن ماجه بسنده عن الزهري عن أنس قال: «وضعت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - غسلا، فاغتسل من جميع نسائه في ليلة»[29].
o كان يحضر له طعامه، وكان يوصل الطعام إلى بيوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما في الحديث الذي أخرجه أحمد في مسنده عن قتادة عن أنس قال: «قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك في السحر: يا أنس، إني أريد الصيام، فأطعمني شيئا، قال: فجئته بتمر وإناء فيه ماء بعدما أذن بلال، فقال: يا أنس، انظر إنسانا يأكل معي، قال: فدعوت زيد بن ثابت، فقال: يا رسول الله، إني شربت شربة سويق، وإني أريد الصيام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنا أريد الصيام، فتسحر معه، ثم صلى ركعتين، ثم خرج فأقيمت الصلاة»[30].
وقد دل هذا الحديث على أن أنسا كان أحيانا يكون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خدمته طيلة الليل حتى الفجر.
وعليه، فقد كان لهذه الحركة أثرها في أن ينفرد أنس بأن ينقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يجري داخل بيته، فضلا عما يشترك فيه مع غيره من الصحابة وأمهات المؤمنين، وكان لا بد من هذا النقل؛ لأن ما يجري في بيت النبوة من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو ما يجري تحت بصره فيه ما يكون تشريعا من أوامر أو نواه، ومنه ما يكون سنة متبعة لمن أراد الاقتداء ولو كان من الأعمال الطبيعية، وللصبي الذاكرة القوية التي تنطبع فيها الأحداث والأقوال كأشد ما يكون الانطباع لتظهر وقت الحاجة، فنقل أنس - رضي الله عنه - للأمة الإسلامية، بل للعالم أجمع صورا شتى من حياة خاتم المرسلين من بيته في أوقات مختلفة وظروف متغيرة؛ لتكون نبراسا للناس جميعا في سلوكهم ومعاشهم.
ولكن ماذا عن موقف أنس بعد فرضية الحجاب على أمهات المؤمنين؟
روى أنس - رضي الله عنه - أنه لما نزلت آية الحجاب أراد أن يدخل كما كان يدخل من قبل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وراءك يا بني»[31].
ولقد نزلت آية الحجاب عند وليمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لزواجه بأم المؤمنين زينب بنت جحش، وذكر المؤرخون أن الزواج كان في السنة الخامسة من الهجرة في ذي القعدة[32]، وكان ذلك لأن أنسا كان قد قارب الخامسة عشرة من عمره في هذا الوقت، وإن لم يكن قد احتلم فعلا[33]، وفي هذا الموقف يروي أنس قائلا: «كنت أخدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكنت أدخل عليه بغير إذن، فجئت ذات يوم، فدخلت عليه، فقال: يا بني، إنه قد حدث بعدك أمر، فلا تدخل علي إلا بإذن»[34].
· لقد اختص النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض أصحابه ببعض العلم، وكان يلقب كل واحد بلقب، من ذلك: اختصاصه لحذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - بإعلامه أسماء المنافقين، فقد كان كاتم سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك عندما أراد معاذ أن يخبر الناس بدخول الجنة لمن لا يشرك بالله شيئا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا تبشرهم فيتكلوا، فكذلك من المؤكد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اختص أنس بن مالك رضي الله عنه - وهو خادمه ومن أقرب المقربين إليه - ببعض العلم الخاص به في حياته، قال: الذهبي: "وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخصه ببعض العلم، فنقل أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه طاف على تسع نسوة في ضحوة بغسل واحد"[35].
وقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أنس قال: «خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما حتى إذا رأيت أني فرغت من خدمته قلت: يقيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت إلى صبيان يلعبون، قال: فجئت أنظر إلى لعبهم، قال: فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلم على الصبيان وهم يلعبون، فدعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعثني إلى حاجة له، فذهبت فيها وجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في فيء حتى أتيته، واحتبست على أمي في الإتيان الذي كنت آتيها فيه، فلما أتيتها قالت: ما حبسك؟ قلت: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حاجة له، قالت: وما هي؟ قلت: هو سر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فاحفظ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سره. قال ثابت: فقال لي أنس: لو حدثت به أحدا من الناس أو كنت محدثا به، لحدثتك به يا ثابت»[36].
فمن هذا الحديث يتبين لكل ذي لب أن أنسا - رضي الله عنه - كان لا يغادر بيت النبوة إلا بعد أن يفرغ من خدمة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتظهر أمانته وحفظه للسر اللذين نرد بهما على من يتهم أنسا بالتجسس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإفشاء سره.
ونخلص مما سبق إلى أن الذي روى حديث منح النبي - صلى الله عليه وسلم - قوة خاصة في الجماع هو أنس بن مالك رضي الله عنه، وأن الذي أخبره بهذه الخصوصيات هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن لم يكن أنس قد فهمها من خلال صحبته وقربه من النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ثم فلا يحق لمدع بأي حال من الأحوال أن يتهم أنسا - رضي الله عنه - بالتجسس والتصنت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا ينبغي لأحد ممن تربى في مدرسة النبوة أن يفعل هذا.
ثانيا. كان طوافه - صلى الله عليه وسلم - على نسائه في ساعة واحدة من ليل أو نهار، وليس في كل وقت، كما صرح بذلك حديث أنس:
لا تعارض ألبتة بين أحاديث طوافه - صلى الله عليه وسلم - على نسائه في ليلة واحدة وجماعه لهن، وبين القرآن الكريم الذي يبين أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقضي ليله في قيام الليل وقراءة القرآن والعبادة، ويقضي نهاره في الجهاد ونشر الدعوة، وقد جاء ذلك في غير آية من القرآن الكريم؛ منها قوله تعالى: )إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه( (المزمل: ٢٠).
ويتبين لنا عدم التعارض عندما نتأمل حديث أنس - رضي الله عنه - الذي قال فيه:«كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة. قال: قلت لأنس: أوكان يطيقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين. وقال سعيد عن قتادة إن أنسا حدثهم: تسع نسوة»[37].
والحديث واضح وصريح في طوافه - صلى الله عليه وسلم - على نسائه في ساعة واحدة من النهار أو الليل، وليس في كل وقت، قال ابن حجر: "والساعة الواحدة المراد بها قدر من الزمان لا ما اصطلح عليه أصحاب الهيئة"[38].
ويقول د. عماد الشربيني: والساعة هنا: هي حق له، ولأهل بيته، ولا تشغله عن حق ربه - عز وجل - ولا عن حق رسالته ونشر دعوته، فهو القائل - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - لما أخبر عنه أنه يصوم النهار أبدا، ويقوم الليل، ويقرأ القرآن كله في ليلة، خاطبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا»[39].
وهكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سيرته يعطي كل ذي حق حقه، يدل على ذلك ما روي عن عائشة - رضي الله عنها - عندما سئلت: «ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع في أهله؟ قالت: كان في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة»[40].
ومن ثم كان طوافه - صلى الله عليه وسلم - على نسائه جميعا من العدل بإعطاء كل ذي حق حقه، بدون أن يشغله ذلك عن حق ربه - عز وجل -، وهاك نماذج من قيامه - صلى الله عليه وسلم - الليل بما لا يتعارض مع طوافه على نسائه:
· تحكي عائشة - رضي الله عنها - أنها افتقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة تقول: «فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه، فتحسست، ثم رجعت، فإذا هو راكع أو ساجد، يقول: سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت، فقلت: بأبي وأمي، إنك لفي شأن، وإني لفي آخر»[41]؛ تعني: أنها غارت حيث افتقدته، وظنت أنه ذهب إلى بعض نسائه، ولكن إذا بها تجده قائما بين يدي ربه - عز وجل - يناجيه.
· وتوضح عائشة - رضي الله عنها - فيما رواه عنها الأسود بن يزيد، كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين حق الله تعالى في قيام الليل، وبين حق أهل بيته وحقه، فتقول: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينام أول الليل، ويحيي آخره، ثم إن كانت له حاجة إلى أهله قضى حاجته، ثم ينام، فإذا كان عند النداء الأول - قالت - وثب - ولا والله ما قالت: قام - فأفاض عليه الماء - ولا والله ما قالت: اغتسل، وأنا أعلم ما تريد - وإن لم يكن جنبا توضأ وضوء الرجل للصلاة، ثم صلى الركعتين»[42].
فتأمل: كيف جعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - الجماع تباعا لقيام ليله، وبعد فراغه منه، ثم ينام حتى إذا دخل وقت الفجر قام بسرعة وبكل نشاط استعدادا لصلاة الفجر، بإفضاء الماء على جسده تطهيرا من الجنابة - إن كان جنبا - وتأمل دقة التعبير قالت: "وثب" يقول الأسود بن يزيد (راوي الحديث): لا والله ما قالت قام... إلخ، وإن كان جنبا توضأ وضوء الرجل للصلاة، ثم صلى الركعتين، أي سنة الصبح.
وبنفس شهادة عائشة - رضي الله عنها - شهد ابن عباس - رضي الله عنهما - عندما بات عند خالته أم المؤمنين ميمونة - رضي الله عنها.
وبعد، فهل قصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع طوافه على نسائه جميعا في ساعة واحدة من الليل أو النهار في قيام الليل؟!!
وعليه نتسائل كيف تتعارض أحاديث طوافه - صلى الله عليه وسلم - على نسائه جميعا مع القرآن، وهي تبين بيانا علميا ما جاء في القرآن الكريم، وذلك في قوله تعالى: )وعاشروهن بالمعروف( (النساء: 19)، كما أنها تبين البيان العملي لخيرية وكمال أخلاقه وعصمته مع أهل بيته، كما قال: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»[43] [44].
ومن خلال ما سبق يتبين لنا أنه لا تعارض ألبتة بين أحاديث طوافه - صلى الله عليه وسلم - على نسائه في ليلة واحدة وجماعه لهن، وبين القرآن الكريم الذي يبين أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقضي ليله في العبادة والطاعة، ونهاره في الجهاد.
ثالثا. تعدد روايات حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - واختلافها في ذكر عدد نساء سليمان - عليه السلام - هو اختلاف ظاهري فحسب، فإن الحديث في أعلى درجات الصحة:
لقد تعددت روايات الحديث الوارد في طواف سليمان - عليه السلام - على نسائه واختلفت ألفاظها في تحديد عدد نسائه عليه السلام، لكن مخرجها واحد وهو أبو هريرة رضي الله عنه.
ومن ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: «كان لسليمان ستون امرأة، فقال: لأطوفن عليهن الليلة، فتحمل كل واحدة منهن، فتلد كل واحدة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله، فلم تحمل منهن إلا واحدة، فولدت نصف إنسان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كان استثنى لولدت كل واحدة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله»[45].
وقد أخرج الشيخان في صحيحيهما عن الأعرج عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قال سليمان بن داود: لأطوفن على سبعين امرأة تحمل كل امرأة فارسا يجاهد في سبيل الله. فقال له صاحبه: إن شاء الله. فلم يقل، ولم تحمل شيئا إلا واحدا ساقطا أحد شقيه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو قالها لجاهدوا في سبيل الله»[46].
وأخرج البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال سليمان: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله...»[47] الحديث.
وجاء في صحيح البخاري أيضا عن عبد الرحمن بن هرمز قال: "سمعت أبا هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «قال سليمان بن داود - عليهما السلام: لأطوفن الليلة على مائة امرأة أو تسع وتسعين...»[48] الحديث.
وعليه، فإن الاختلاف في تحديد عدد زوجات سليمان - عليه السلام - الوارد في الروايات الصحيحة السابقة هو اختلاف ظاهري، وليس حقيقيا.
لقد ذكر ابن حجر في "نزهة النظر" أن من قاعدة المحدثين أنه إذا حصل الاختلاف في الروايات الصحيحة الأسانيد يحاولون الجمع بينها أولا إن أمكن، وإلا فيعتبرونها من باب الناسخ والمنسوخ، وذلك عند معرفة المتأخرة منها من المتقدمة، وإذا تعذر ذلك يرجحون إحداهما على الأخرى بوجه من وجوه الترجيح المتعلقة بالمتن والإسناد، وإذا تعذر ذلك أيضا، يتوقفون عن العمل بها حتى يظهر لهم ما خفي عليهم، أو يظهر لغيرهم، وذلك لقوله تعالى: )وفوق كل ذي علم عليم (76)( (يوسف)[49].
ومن ثم يقول ابن حجر في توجيه الروايات الصحيحة السابقة: "فمحصل الروايات ستون وسبعون وتسعون وتسع وتسعون ومائة، والجمع بينهما أن الستين كن حرائر وما زاد عليهن كن سراري أو بالعكس، وأما السبعون فللمبالغة، وأما التسعون والمائة فكن دون المائة وفوق التسعين، فمن قال تسعون ألغى الكسر، ومن قال مائة جبره، ومن ثم وقع التردد"[50].
وقد وجه ابن حجر هذه الروايات توجيها آخر فقال: "والذي يظهر مع كون مخرج الحديث عن أبي هريرة واختلاف الرواة عنه أن الحكم للزائد، لأن الجميع ثقات"[51].
ويؤكد ما سبق أن الإمام البخاري - مع شدة شروطه، ودقة نظره، وطول باعه في علم الحديث - قد أخرج هذا الحديث في ستة مواضع من صحيحه - وقد ذكرنا منها ثلاثة - بل روى حديث جابر في قدر ثمن الجمل الذي هو أكثر اختلافا في العدد من هذا الحديث[52].
وعلى هذا، فإن روايات حديث طواف سيدنا سليمان - عليه السلام - على نسائه روايات صحيحة، وذلك لخروجها من مخرج واحد، هو سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه، وقد أثبتها كبار المحدثين في دواوينهم؛ أمثال البخاري ومسلم والترمذي وأبي داود رحمهم الله جميعا، ولا يتجرأن أحد على أبي هريرة ويتهمه بالزلل في الحديث أو في فهمه، أو أنه لم يسمع حديثه الكامل، بل لقد أجاد الفهم رضي الله عنه، ولم يزل، وقد استطاع أن يسمع الحديث كاملا، ولكن الواقع هو اختلاف الروايات التي أتت من مخرج واحد هو أبو هريرة رضي الله عنه، ولا يحق لأي مدع أن يطعن في أبي هريرة أو في نقله للحديث؛ فهو راوية الإسلام الأول.
الخلاصة:
· لقد فضل الله - عز وجل - الأنبياء على بقية البشر، فخصهم بقوة في أجسادهم نتجت عنها قوة في جماعهم، فعدت من خصائصهم الخارقة للعادة المميزة لهم عن بقية البشر.
· إن الله - عز وجل - أعطى لنبيه قوة ثلاثين رجلا أو أربعين في الجماع، وقد خصه بهذا لما كلف به من نزول الوحي عليه وتحمله له - وهو ثقيل - عن طريق قوته الجسمانية التي يواجه بها مرض شخصين من أمته، وغير ذلك من أعباء رسالته.
· ليس بمستغرب أو بعزيز على الله تعالى أن يخلق لسليمان - عليه السلام - سبعين أو مائة نفس أو أصغر من ذلك أو أكبر من مائه، وهو سبحانه قد أعطاه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، وكان يستجيب لدعائه، لكنه نسي تقديم مشيئة الله تعالى.
· لقد خدم أنس بن مالك - رضي الله عنه - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنوات، فنقل لنا ما استطاع نقله من أسرار وخفايا حياته - صلى الله عليه وسلم ـوهو ما زال صبيا لم يبلغ الحلم، ولا حرج في نقل مثل هذه الأخبار؛ كي تتعلم الأمة من نبيها ما تحتاج إليه من أمور دينها ودنياها.
· لا تعارض ألبتة بين طوافه - صلى الله عليه وسلم - على نسائه وبين القرآن الكريم الذي يبين أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقضي ليله في القيام والعبادة، ونهاره في الجهاد ونشر الدعوة؛ وذلك لأن طوافه - صلى الله عليه وسلم - على نسائه كان في ساعة واحدة من ليل أو نهار، وليس في كل وقت، كما صرح بذلك حديث أنس، وهذا الطواف يعد بيانا عمليا لما جاء في القرآن الكريم، وذلك في قوله تعالى: )وعاشروهن بالمعروف(.
· تعدد روايات حديث أبي هريرة واختلافها في ذكر عدد نساء سليمان - عليه السلام - لا يعد طعنا في صحة الحديث، ولا في راويه؛ إذ الحديث في أعلى درجات الصحة لاتفاق الشيخين على روايته، وأما راويه فأبو هريرة راوية الإسلام الأول، ومع ذلك فقد جمع العلماء بين هذه الروايات، فقالوا: إن الستين كن حرائر وما زاد عليهن كن سراري أو العكس، وأما السبعون فللمبالغة، وأما التسعون والمائة فكن دون المائة وفوق التسعين.
(*) دفاعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، محمد يوسف، مكتبة مدبولي، القاهرة، ط1، 2008م. زوابع في وجه السنة قديما وحديثا، صلاح الدين مقبول أحمد، دار عالم الكتب، السعودية، د. ت. رد شبهات حول عصمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ضوء الكتاب والسنة، د. عماد السيد الشربيني، مطابع دار الصحيفة، القاهرة، ط1، 1424هـ/ 2003م.
[1]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، (3/ 1084)، رقم (1147).
[2]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الغسل، باب: إذا جامع ثم عاد ومن دار على نسائه في غسل واحد، (1/ 449)، رقم (268).
[3]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الغسل، باب: إذا جامع ثم عاد ومن دار على نسائه في غسل واحد، (1/ 448)، رقم (267). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الحج، باب: الطيب للمحرم عند الإحرام، (5/ 1867)، رقم (2797).
[4]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الحيض، باب: جواز نوم الجنب، (2/ 853)، رقم (693).
[5]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (1/ 451).
[6]. سبل السلام، الصنعاني، تحقيق: محمد صبحي حسن حلاق، دار ابن الجوزي، المملكة العربية السعودية، ط1، 141هـ/ 1997م، (6/ 128).
[7]. صحيح: أخرجه أبو يعلى في مسنده، مسند قتادة عن أنس، (5/ 456)، رقم (3176). وصححه حسين سليم أسد في تعليقه على مسند أبي يعلى.
[8]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الكوفيين، حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه، رقم (19333). وصححه شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند.
[9]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (1/ 450).
[10]. فيض القدير، المناوي، تحقيق: أحمد عبد السلام، دار الكتب العلمية، بيروت، 1415هـ/ 1994م، (1/ 130).
[11]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (6/ 533).
[12]. صحيح: أخرجه النسائي في سننه، كتاب: عشرة النساء، باب: حب النساء، (2/ 649)، رقم (3957). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن النسائي برقم (3940).
[13]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: المرضى، باب: أشد الناس بلاء، (10/ 116)، رقم (5648). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: البر والصلة والآداب، باب: ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك...، (9/ 3700)، رقم (6437).
[14]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الزكاة، باب: بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، (4/ 1632)، رقم (2292).
[15]. رد شبهات حول عصمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ضوء الكتاب والسنة، د. عماد السيد الشربيني، مطابع دار الصحيفة، القاهرة، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص493.
[16]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: ) ووهبنا لداوود سليمان (، (6/ 528)، رقم (3424). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الأيمان، باب: الاستثناء في اليمين، (6/ 2568)، رقم (4208).
[17]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (6/ 2570).
[18]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (6/ 533).
[19]. فيض القدير، المناوي، تحقيق: أحمد عبد السلام، دار الكتب العلمية، بيروت، 1415هـ/ 1994م، (4/ 659).
[20]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (6/ 533).
[21]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الحيض، باب: نسخ الماء من الماء، (3/ 907)، رقم (770).
[22]. رد شبهات حول عصمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ضوء الكتاب والسنة، د. عماد السيد الشربيني، مطابع دار الصحيفة، القاهرة، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص485 بتصرف.
[23]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الاستئذان، باب: آية الحجاب، (11/ 24)، رقم (6238).
[24]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفضائل، باب: طيب رائحة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولين مسه والتبرك بمسحه، (8/ 3456)، رقم (5939).
[25]. حسن: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه، (3/ 209)، رقم (13199). وحسن إسناده شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند.
[26]. صحيح لغيره: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه، (3/ 139)، رقم (12440). وصححه شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند.
[27]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الوضوء، باب: الاستنجاء بالماء، (1/ 302)، رقم (150). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الطهارة، باب: الاستنجاء بالماء من التبرز، (2/ 796)، رقم (609).
[28]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الوضوء، باب: ما جاء في غسل البول، (1/ 384)، رقم (217). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الطهارة، باب: الاستنجاء بالماء، (2/ 796)، رقم (610).
[29]. صحيح لغيره: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: الطهارة وسننها، باب: فيمن يغتسل من جميع نسائه غسلا واحدا، (1/ 194)، رقم (589). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم (589).
[30]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه، (3/ 197)، رقم (13056). وصحح إسناده شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند.
[31]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه، (2/ 238)، رقم (13519). وصحح إسناده شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند.
[32]. تاريخ الرسل والملوك، ابن جرير الطبري، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، ط4، (2/ 562).
[33]. انظر: خادم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنس بن مالك رضي الله عنه، د. فاروق عبد المنعم، دار نور الإيمان، القاهرة، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص119: 126.
[34]. حسن: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه، (3/ 209)، رقم (13199). وحسن إسناده شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند.
[35]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (3/ 402).
[36]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أنس بن مالك، (3/ 195)، رقم (13045). وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
[37]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الغسل، باب: إذا جامع ثم عاد ومن دار على نسائه في غسل واحد، (1/ 449)، رقم (268).
[38]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (1/ 449).
[39]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الصوم، باب: حق الجسم في الصوم، (4/ 256)، رقم (1975). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الصيام، باب: النهي عن صيام الدهر لمن تضرر به، (4/ 1807)، رقم (2684).
[40]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأدب، باب: كيف يكون الرجل في أهله، (10/ 476)، رقم (6039).
[41]. صحيح: أخرجه النسائي في سننه، كتاب: عشرة النساء، باب: الغيرة، (2/ 653)، رقم (8910). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن النسائي برقم (3962).
[42]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة الليل وعدد ركعات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الليل، (3/ 1324)، رقم (1697).
[43]. صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: أبواب المناقب، باب: فضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، (10/ 269)، رقم (4150). وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (285).
[44]. انظر: رد شبهات حول عصمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ضوء الكتاب والسنة، د. عماد السيد الشربيني، مطابع دار الصحيفة، القاهرة، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص490: 493.
[45]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الأيمان، باب: الاستثناء في اليمين، (6/ 2567)، رقم (4206).
[46]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: ) ووهبنا لداوود سليمان (، (6/ 528)، رقم (3424). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الأيمان، باب: الاستثناء في اليمين، (6/ 2568)، رقم (4208).
[47]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم، (11/ 533)، رقم (6639). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الأيمان، باب: الاستثناء في اليمين، (6/ 2568)، رقم (4210).
[48]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجهاد والسير، باب: من طلب الولد للجهاد، (6/ 41)، رقم (2819).
[49]. انظر: نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: عبد الله الرحيلي، مطبعة سفير، الرياض، ط1، 1422هـ/ 2001م، (1/ 97).
[50]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (6/ 531).
[51]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (11/ 615).
[52]. زوابع في وجه السنة قديما وحديثا، صلاح الدين مقبول أحمد، دار عالم الكتب، السعودية، د. ت، ص181، 182.
open
online black women white men
go
link how long for viagra to work