مرحبًا بكم فى موقع بيان الإسلام الرد على الافتراءات والشبهات
 بحث متقدم ...   البحث عن

الصفحة الرئيسية

ميثاق الموقع

أخبار الموقع

قضايا الساعة

اسأل خبيراً

خريطة الموقع

من نحن

الطعن في علماء الجرح والتعديل وقواعدهم في نقد الحديث (*)

مضمون الشبهة:

يطعن بعض المغرضين في علماء الجرح والتعديل،[1] وفي أحكامهم على رواة الحديث النبوي، بدعوى أن قواعدهم في الجرح والتعديل تقوم على اجتهادات وأهواء شخصية، ويستدلون على ذلك بأن هؤلاء العلماء كانوا يطلقون لقب "الصحابي" على أي شخص لمجرد أنه لاقى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو ساعة واحدة، ولو على سبيل الظن، كما أنهم أخرجوا الصحابة من دائرة نقدهم، فلم يطبق عليهم معيار تجريح الرواة لمعرفة مدى عدالتهم وضبطهم، كما أن هؤلاء العلماء قد وقعوا تحت وطأة الخلاف المذهبي الذي ترتب عليه أن من يعدله بعضهم قد يجرحه آخرون والعكس حتى عبر الذهبي عن هذا الاختلاف بقوله: "لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشأن على توثيق ضعيف ولا تضعيف ثقة"، ثم إن بعض المحدثين يرفض حديث المبتدع مطلقا كالخارجي والمعتزلي في حين يقبل بعضهم روايته في الأحاديث التي لا تتصل ببدعته، كما أن سمة التشدد والتزمت التي حكمت منهج بعض نقاد الحديث امتدت حتى رفضت بعض الأحاديث؛ لأن أصحابها أخذ عليهم مزحة مزحوها، فنشأ عن ذلك اختلاف كبير في الحكم على الأشخاص لاسيما المستور منهم.

رامين من وراء ذلك إلى الطعن في هذا العلم العظيم وأئمته وصولا إلى الطعن في الرواة أنفسهم مما يشكك بذلك في منهج إثبات السنة الصحيحة.

وجوه إبطال الشبهة:

1)   إن علم الجرح والتعديل من أجل العلوم وأهمها، وقد قام به مجموعة من النقاد الأفذاذ حسبة لله تعالى، وصيانة للدين، ولم يحابوا أحدا في ذلك؛ فقد قدحوا فيمن يستحق القدح، حتى ولو كانوا أبناءهم أو آباءهم أو إخوانهم.

2)   لقد نظر علماء الحديث في تعريفهم للصحابي إلى فضل صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - وشرف منزلته، فأطلقوا لقب الصحابي على كل من لاقى النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمنا به ولو مرة واحدة، وقد وضعوا عدة قواعد صارمة لإثبات الصحبة لشخص ما، ليس للظن إليها سبيل.

3)   اتفق أهل السنة على أن الصحابة كلهم عدول بشهادة القرآن والسنة، وهذا ما حدا بنقاد الحديث إلى تعديلهم وعدم تجريحهم أو نقدهم؛ إذ من يستطيع أن يجرح من عدله القرآن الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم؟!

4)   إن الخلاف المذهبي لم يكن حائلا دون قبول رواية الراوي متى تحقق صدقه وكفايته، وعبارة الذهبي استدلال في غير موضعه؛ لأن مراده أنه لم يقع اختلاف بين العلماء فيمن اشتهر حاله بالصدق أو الكذب، وإنما يختلفون فيمن لم يكن مشهورا بالضعف أو التثبت. والرواية عن أهل البدع ضبطها النقاد بشروط غاية في الدقة.

5)   إن علماء الجرح والتعديل قد نصوا على أسباب الجرح في مؤلفاتهم، وهذا الأمر يجعل العلة واضحة أمامنا، فنستطيع إدراك حجمها والحكم بناء عليها، فإذا كان المجرح قدح في رجل بأمر ليس جارحا - كما يزعمون - لظهر ذلك لنا في كتبهم، لكن ذلك لم يحدث.

التفصيل:

أولا. إن علماء الجرح والتعديل قاموا بهذا العمل حسبة لله تعالى وصيانة للدين، ولم يحابوا أحدا في ذلك:

إن علم الجرح والتعديل من أجل العلوم وأهمها؛ لأنه يزيل عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - الكذب عليه، ويميز الخبيث من الطيب، ويمحص الأحاديث، ويفحص الرجال، قال ابن أبي حاتم: " فإن قيل: كيف السبيل إلى معرفة كتاب الله - عز وجل - ومعالم دينه؟ قيل: بالآثار الصحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه النجباء الألباب الذين شهدوا التنزيل، وعرفوا التأويل - رضي الله عنهم - فإن قيل: فبماذا تعرف الآثار الصحيحة والسقيمة؟ قيل: بنقد العلماء الجهابذة الذين خصهم الله - عز وجل - بهذه الفضيلة، ورزقهم هذه المعرفة في كل دهر وزمان"[2].

 فمن هنا ندرك أن الأساس الذي قام عليه علم الجرح والتعديل هو واجب ديني اقتضته الشريعة لصيانة مصدرها الثاني وهو السنة النبوية المطهرة[3].

ولم يقم بهذا العمل إلا الجهابذة من النقاد المهرة؛ لصعوبة الشروط التي تشترط في الجارح، قال المعلمي اليماني مبينا حال هؤلاء النقاد، ومدى اتساع علمهم وتبحرهم الشديد في العلم: " ليس نقد الرواة بالأمر الهين؛ فإن الناقد لابد أن يكون واسع الاطلاع على الأخبار المروية، عارفا بأحوال الرواة السابقين وطرق الرواية، خبيرا بعوائد الرواة ومقاصدهم وأغراضهم، وبالأسباب الداعية إلى التساهل والكذب، والـموقعة في الخطأ والغلط، ثم يحتاج إلى أن يعرف أحوال الراوي: متى ولد؟ وبأي بلد؟ وكيف هو في الدين، والأمانة والعقل والمروءة والتحفظ؟ ومتى شرع في الطلب؟ ومتى سمع؟ وكيف سمع؟ ومع من سمع؟ وكيف كتابته؟ ثم يعرف أحوال الشيوخ الذين يحدث عنهم وبلدانهم ووفياتهم وأوقات تحديثهم وعاداتهم في التحديث، ثم يعرف مرويات الناس عنهم، ويعرض عليها مرويات هذا الراوي، ويعتبر ما بها إلى غير ذلك مما يطول شرحه، ويكون مع ذلك متيقظا مرهف الفهم، دقيق الفطنة، ولا يستخفه بادر ظن حتى يستوفي النظر ويبلغ المقر، ثم يحسن التطبيق في حكمه، فلا يجاوز ولا يقصر، وهذه المرتبة بعيدة، عزيزة المنال لم يبلغها إلا الأفذاذ" [4].

هذا هو المطلوب من المجرح قبل أن يجرح أحدا، فالجرح ليس أمرا جزافا تمليه الأهواء، وتزينه الرغبات؛ بل هو موضع مشرف لا يعلوه إلا الأماهر، ولا يدركه إلا الأقلون، يدلك على هذا أن نقلة الأخبار كثيرون يعدون بالألوف، أما النقاد الحاذقون فهم قليلون لا يتعدون أصابع اليد في كل طبقة.

وإن هؤلاء الأئمة النقاد قاموا بهذا الواجب حسبة لله تعالى، وصيانة للدين من أن تشوبه شائبة، أو أن يدخل فيه ما ليس منه، "فإنهم كانوا يعلمون أن الأمر أمر دين فلم يكونوا يحابون فيه أحدا، ولو كان للبواعث النفسية من مدخل لكان لها تأثيرها في حكمهم على أقربائهم وعشيرتهم، أو على الصالحين من عباد الله ممن لا معرفة لهم بالرواية، ولكن ما كان عليه القوم من كمال الديانة وشدة التقوى، وتمام الحيطة حملهم على قدح من يستحقه حتى ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم"[5]، وهذه بعض الأمثلة التي تشهد بذلك:

1.  قال زيد بن أبي أنيسة: «لا تأخذوا عن أخي. يعني: يحيى بن أبي أنيسة»[6].

2.  قال أيوب: «إن لي جارا - ثم ذكر من فضله - ولو شهد عندي على تمرتين ما رأيت شهادته جائزة»[7]. فهذا جار له، فضله عليه عظيم، لكن لا يأخذ عنه.

3.  وقال أبو داود صاحب السنن: "ابني عبد الله كذاب "[8].

4.  وسأل عبد الخالق بن منصور الإمام يحيى بن معين عن علي بن قرين، فقال له: كذاب. فقلت له: يا أبا زكريا، إنه ليذكر أنه كثير التعاهد لكم، فقال يحيى: "صدق إنه ليكثر التعاهد لنا، ولكني أستحي من الله أن أقول إلا الحق، هو كذاب"[9].

5.  ولما قدم يحيى بن معين "حران" طمع أبو سعيد يحيى بن عبد الله بن الضحاك البابلتي أنه يجيء إليه، فتوجه بصرة فيها ذهب وطعام طيب، فقبل الطعام، ورد الصرة، فلما رحل سألوه، فقال: "والله إن صلته لحسنة، وإن طعامه لطيب، إلا أنه لم يسمع من الأوزاعي شيئا"[10].

فهذه الآثار التي ذكرناها تدل دلالة قاطعة على أن علماء الجرح والتعديل لم يحابوا أحدا في عملهم، أو يظلموا أحدا، وإنما كان عملهم هذا خالصا لله تعالى ابتغاء مرضاته حفاظا على سنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - لذلك لم يكن علم الجرح والتعديل مضطربا؛ لأنه قام على اجتهادات شخصية تبعا لأهواء العلماء كما زعموا، وإنما كانت اجتهادات العلماء بناء على علم واسع واطلاع كبير من هؤلاء العلماء الأجلاء.

ثانيا. تعريف علماء الجرح والتعديل للصحابي، والطرق التي وضعوها لإثبات الصحبة:

قبل أن نتحدث عن سبب تعميم علماء الجرح والتعديل تعريف الصحابي، لابد أن نوضح معنى "الصحابي" في اللغة، وعند هؤلاء العلماء؛ حتى تظهر لنا الحقيقة كاملة:

"الصحبة في اللغة: يتحقق مدلولها في شخصين بينهما ملابسة ما، أو أشخاص بينهم ملابسة كثيرة أو قليلة حقيقة أو مجازا.

يقول الله سبحانه وتعالى: )فقال لصاحبه وهو يحاوره( (الكهف: ٣٤)، وقال عز وجل: )قال له صاحبه وهو يحاوره( (الكهف: ٣٧)، فقضى بالصحبة مع الاختلاف في الإسلام الموجب للعداوة، وقال تعالى: )والصاحب بالجنب( (النساء: ٣٦)، وهو المرافق في السفر أو الزوجة، ويدخل في إطلاق الآية الملازمة وغيره، ولو صحب الإنسان رجلا ساعة من نهار، أو لازمه في بعض الأسفار لدخل في ذلك؛ لأنه يصدق أن يقال: صحبت فلانا في سفري ساعة من النهار"[11].

وعليه فإن مصطلح الصحبة في اللغة لا يشترط طول الملازمة، بل يشتمل مطلق الملازمة، طالت أو قصرت.

أما عن تعريف "الصحابي" في الاصطلاح، فيقول الإمام بدر الدين الزركشي: "ذهب الأكثرون إلى أن الصحابي من اجتمع مؤمنا بسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وصحبه ولو ساعة، روى عنه أو لا؛ لأن اللغة تقتضي ذلك، وإن كان العرف يقتضي طول الصحبة وكثرتها، وهو ما ذهب إليه جمهور الأصوليين، أما عند أصحاب الحديث فيتوسعون في تعريفهم لشرف منزلة النبي صلى الله عليه وسلم" [12].

ويقول ابن حزم: "أما الصحابة - رضي الله عنهم - فهم كل من جالس النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو ساعة، وسمع منه ولو كلمة فما فوقها، أو شاهد منه - صلى الله عليه وسلم - أمرا يعيه، ولم يكن من المنافقين الذين اتصل نفاقهم، واشتهر حتى ماتوا على ذلك" [13].

والتعريفات التي وضعها العلماء للصحابة كثيرة، لكن التعريف المختار والمعتمد هو ما قرره الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه "الإصابة في تمييز الصحابة" بقوله: "وأصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابي من لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمنا به، ومات على الإسلام، فيدخل فيمن لقيه: من طالت مجالسته له أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يرو، ومن غزا معه أو لم يغز، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعمى"[14].

ثم يشرع في شرح تعريفه قائلا: "ويخرج بقيد الإيمان من لقيه كافرا، ولو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتمع به مرة أخرى، وقولنا: "به" يخرج من لقيه مؤمنا بغيره، كمن لقيه من مؤمني أهل الكتاب قبل البعثة. وهل يدخل من لقيه منهم وآمن بأنه سيبعث أو لا يدخل؟ محل احتمال، ومن هؤلاء: بحيرا الراهب ونظراؤه... وخرج بقولنا: "ومات على الإسلام" من لقيه مؤمنا به ثم ارتد، ومات على ردته والعياذ بالله، وقد وجد من ذلك عدد يسير؛ كعبيد الله بن جحش الذي كان زوج أم حبيبة - رضي الله عنها، فإنه أسلم معها، وهاجر إلى الحبشة، فتنصر ومات على نصرانيته... ويدخل فيه من ارتد وعاد إلى الإسلام قبل أن يموت، سواء اجتمع به - صلى الله عليه وسلم - مرة أخرى أم لا، وهذا هو الصحيح المعتمد... وهذا التعريف مبني على الأصح المختار عند المحققين كالبخاري وشيخه أحمد بن حنبل ومن تبعهما" [15].

وهذا ما "ذهب إليه الجمهور من الأصوليين، منهم الآمدي في "الإحكام"، وابن عبد الشكور في "فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت"، والزركشي في "البحر المحيط"، والشوكاني في "إرشاد الفحول" وغيرهم.

ويقول الحافظ السخاوي مؤيدا رأى شيخه ابن حجر: "والعمل عليه عند المحدثين والأصوليين"[16].

هذا هو تعريف "الصحابي" في اللغة وعند علماء الحديث، وعلماء الأصول، وهو كما رأينا تعريف عام يشمل كل من لاقى النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمنا به ولو ساعة واحدة.

·       الغرض من التعميم في تعريف "الصحابي" عند علماء الحديث:

لقد ذهب العلماء إلى التعميم في تعريف الصحابي نظرا إلى أصل فضل الصحبة، ولشرف منزلة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولأن لرؤية نور النبوة قوة سريان في قلب المؤمن، فتظهر آثارها على جوارح الرائي في الطاعة والاستقامة مدى الحياة، ببركته صلى الله عليه وسلم.

ويشهد لهذا قوله صلى الله عليه وسلم: «طوبى لمن رآني، وطوبى لمن رأى من رآني، ولمن رأى من رأى من رآني وآمن بي»[17].

وفي ذلك يقول الإمام السبكي: "والصحابي هو كل من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - مسلما، وذلك لشرف الصحبة، وعظم رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك أن رؤية الصالحين لها أثر عظيم، فكيف برؤية سيد الصالحين؟! فإذا رآه مسلم ولو لحظة واحدة، انطبع قلبه على الاستقامة؛ لأنه بإسلامه متهيئ للقبول، فإذا قابل ذلك النور العظيم (نور محمد صلى الله عليه وسلم) أشرف عليه وظهر أثره في قلبه وجوارحه" [18].

أما أصحاب الحديث فيطلقون اسم "الصحابة" على كل من روي عنه حديثا أو كلمة، ويتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية ما من الصحابة، وهذا لشرف منزلة النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعطوا كل من رآه حكم الصحابة... فالتعميم في تعريف "الصحابي" نظرا إلى أصل فضل الصحبة، وأما تفاوت من يشملهم هذا اللقب في الفضل والدين وسائر خصال الخير، وكذا عدم مساواة جميعهم في جميع الأحكام المتعلقة بهم، فهذا أمر وراء ذلك"[19].

·       الطريق إلى معرفة الصحابي:

   زعم بعض المدعين أن علماء الجرح والتعديل كانوا يطلقون على أي أحد لقب "الصحابي" حتى ولو كان ذلك على سبيل الظن على حد زعمهم، وهذا كلام مردود؛ فلم يطلق علماء الحديث على أي شخص يظنونه صحابيا لقب "صحابي"، بل كان لهم عدة طرق لإثبات كون الشخص صحابيا أو لا، منها:

1.  التواتر الذي يقطع به لكثرة الناقلين أن فلانا من الصحابة؛ كأبي بكر وعمر وبقية العشرة المبشرين بالجنة، وجمع آخر من الصحابة.

2.  الاستفاضة والاشتهار أن فلانا من الصحابة، والاستفاضة أقل من التواتر.

3.  شهادة صاحب معلوم الصحبة؛ كأن يقول: فلان له صحبة؛ كما حدث لحممة الدوسي، وقد غزا أصبهان، فمات هناك، فشهد له أبو موسى الأشعري بالصحبة والشهادة، على الرغم من أن حممة هذا لم يرو عنه شيء من الحديث.

4.  أن يشهد له تابعي ثقة بأنه صحابي، ومن هذا الضرب كثير، ويندرج فيهم من لم يرو عنه إلا راو واحد.

5.  أن يخبر عن نفسه بأنه صحابي، وقد وضع أهل الحديث لذلك ضوابط أهمها:

·       ألا يرد ذلك عليه أحد من الصحابة.

·       أن يكون معلوم العدالة، وبه جزم أهل الحديث والأصول.

·       أن يكون معاصرا للنبي - صلى الله عليه وسلم - وقد انتهى معاصروه بمضي مائة وعشر سنين من الهجرة الشريفة؛ لأنه نقل بالأسانيد الصحيحة، وأخرج ذلك البخاري ومسلم وغيرهما من حديث ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أرأيتكم ليلتكم هذه؟ فإن رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد»[20].

وعند مسلم أيضا من حديث أبي سعيد الخدري، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تأتي مائة سنة، وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم»[21].

قال الآمدي: "لو قال من عاصره: أنا صحابي مع إسلامه وعدالته فالظاهر صدقه".

وقال الحافظ ابن كثير: "أما لو قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال كذا، أو رأيته فعل كذا، أو كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحو هذا، فهذا مقبول لا محالة إذا صح السند إليه، وكان ممن عاصره عليه السلام.

وقيد المعاصرة هذا دعا المحدثين إلى التأليف في آخر الصحابة وفاة حسب الأماكن والبقاع أو بإطلاق، ومن هنا لم يقبلوا دعوى من ادعى الصحبة بعد الغاية التي حددها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة وعشرا [22].

هذا، وقد قال الحافظ ابن حجر: "ضابط يستفاد من معرفة صحبة جمع كثير، يكتفى فيهم بوصف يتضمن أنهم صحابة، وهو مأخوذ من ثلاثة آثار:

الأول: أخرج ابن أبي شيبة من طريق، قال: كانوا لا يؤمرون في المغازي إلا الصحابة؛ فمن تتبع الأخبار الواردة في الردة والفتوح وجد من ذلك شيئا كثيرا؛ وهم من القسم الأول.

الثاني: أخرج الحاكم من حديث عبد الرحمن بن عوف، قال: كان لا يولد لأحد مولود إلا أتي به النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعا له؛ وهذا يؤخذ منه شيء كثير أيضا، وهم من القسم الثاني.

الثالث: وأخرج ابن عبد البر من طريق، قال: لم يبق بمكة والطائف أحد في سنة عشر إلا أسلم، وشهد حجة الوداع، هذا وهم في نفس الأمر عدد لا يحصون، لكن يعرف الواحد منهم بوجود ما يقتضي أنه كان في ذلك الوقت موجودا، فيلحق بالقسم الأول أوالثاني، لحصول رؤيتهم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وإن لم يرهم هو"[23].

على أننا ننبه في النهاية أن القرآن الكريم قد ذكر صحابيا باسمه وهو زيد بن حارثة، وأضمر بعضا في مواطن منها قوله تعالى: )إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا( (التوبة: ٤٠). أما ماعدا ذلك المذكور في النص القرآني، والمتواتر، والمشهور يجب أن يكون الإسناد الذي يثبت له الصحبة صحيحا، وإلا فلا يعتد به[24].

من كل هذه الحقائق يتبين أن علماء الجرح والتعديل لم يكونوا يتساهلون أبدا في إطلاق لقب "الصحابي" على أحد كما يتوهم هؤلاء المدعون، بل كانت قواعدهم شديدة الصرامة في إثبات الصحبة لأحد.

كما أنهم لم يكونوا يطلقون لقب "الصحابي" على أحد على سبيل الظن، بل كان لهم من الوسائل التي تثبت الصحبة على سبيل القطع الذي لا مرية فيه.

ثالثا. اتفاق أهل السنة على أن الصحابة كلهم عدول بشهادة القرآن والسنة، فمن يستطيع أن يجرح من عدله القرآن الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم؟!

يقول ابن حجر العسقلاني في كتابه "الإصابة في تمييز الصحابة" وهو بصدد بيان حال الصحابة - رضي الله عنهم - من العدالة: " اتفق أهل السنة على أن الجميع - من الصحابة - عدول، ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة"[25]، وعدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم؛ فمن ذلك قوله تعالى: )كنتم خير أمة أخرجت للناس( (آل عمران: ١١٠)، وقوله تعالى: )وكذلك جعلناكم أمة وسطا( (البقرة: ١٤٣)، وقوله تعالى: )يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين (64)( (الأنفال: ٦٤)... وغيرها كثير يطول ذكرها.

والأحاديث الواردة في فضائل الصحابة كثيرة تدل على عدالتهم منها ما رواه الشيخان - البخاري ومسلم - من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه»[26].

وكذلك ما رواه مسلم من حديث أبي بردة عن أبيه، وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي. فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون. وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون»[27].

"وجميع ذلك يقتضي القطع بتعديلهم، ولا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله له إلى تعديل أحد من الخلق؛ على أنه لو لم يرد من الله ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد ونصرة الإسلام وبذل المهج والأموال، وقتل الآباء والأبناء، والمناصحة في الدين، وقوة الإيمان واليقين - القطع على تعديلهم، والاعتقاد لنزاهتهم، وأنهم أفضل من جميع الخالفين بعدهم، والمعدلين الذين يجيئون من بعدهم، هذا مذهب كافة العلماء، ومن يعتمد قوله"[28].

"وقال أبو محمد ابن حزم: الصحابة كلهم من أهل الجنة قطعا؛ قال الله تعالى: )لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى( (الحديد: ١٠)، وقال تعالى: )إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون (101)( (الأنبياء: ١٠١)، فثبت أن الجميع من أهل الجنة" [29].

وقال ابن حبان في صحيحه: "وإنما قبلنا أخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما رووه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن لم يبينوا السماع في كل ما رووا، وبيقين نعلم أن أحدهم ربما سمع الخبر من صحابي آخر، ورواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير ذكر ذلك الذي سمعه منه؛ لأنهم - رضي الله عنهم - أجمعين أئمة سادة قادة عدول، نزه الله أقدار أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يزلق بهم الوهن، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب»[30] أعظم دليل على أن الصحابة كلهم عدول، ليس فيهم مجروح ولا ضعيف؛ إذ لو كان فيهم مجروح أو ضعيف، أو كان فيهم أحد غير عدل لاستثنى في قوله صلى الله عليه وسلم: ألا ليبلغ فلان وفلان منكم الغائب، فلما أجملهم في الذكر بالأمر بالتبليغ من بعدهم دل ذلك على أنهم كلهم عدول، وكفى بمن عدله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرفا" [31].

ونذكر هنا وثيقة على غاية من الأهمية تبين أن العلماء قد تثبتوا أشد التثبت من عدالة الصحابة، ومن ثم لم يخضعوهم لقواعد الجرح والتعديل، وهذه الوثيقة قد أعدها العلامة المحقق محمد بن الوزير اليماني، فقد تتبع أحاديث معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وهم أكثر من يطعن فيهم الآخرون، وبين بسرد هذه الأحاديث التي رواها أنهم لم ينفردوا بما يخالف ما ثبت عن غيرهم من الصحابة الكرام في موضوع ما، وأثبت هذا التتبع بإيجاز في كتابه القيم "الروض الباسم"، وحسبنا ذلك دليلا عقليا منطقيا على عدالة الصحابة وائتمانهم على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم[32]، مما حدا بنقاد الحديث إلى تعديلهم جميعا وعدم تجريحهم أو نقدهم.

"وفي هذا المعنى قال ابن الأنباري: وليس المراد بعدالتهم ثبوت العصمة لهم، واستحالة المعصية منهم، وإنما المراد قبول رواياتهم من غير تكلف بحث عن أسباب العدالة وطلب التزكية، إلا أن يثبت ارتكاب قادح، ولم يثبت والحمد لله"[33].

وإذا كان بعض الصحابة - رضي الله عنهم - قد صدرت عنهم سيئات فإنها تغمر في بحار حسناتهم ولا يلتفت إليها؛ لأن تعديل القرآن والسنة لهم يجب ما صدر عنهم من سيئات، وأن الله - عز وجل - اختار لصحبة نبيه - صلى الله عليه وسلم - أفاضل الناس، ولا يعقل أن يسخر أناسا غير عدول لحمل الرسالة قرآنا وسنة.

لكل ما ذكرناه من فضائل كان الصحابة فوق التجريح، وهذا هو سبب أن علماء الجرح والتعديل لم ينقدوهم أو يجرحوهم.

رابعا. الخلاف المذهبي لم يكن حائلا في قبول رواية الراوي متى تحقق صدقه وعدالته وضبطه، وعبارة الذهبي استدلال في غير موضعه، والرواية عن أهل البدع ضبطها النقاد بشروط دقيقة:

إذا كان المقصود بالاختلاف المذهبي ما كان بين أهل السنة أنفسهم، فإن هذا مرده إلى تباين الأنظار واختلاف الوجهات في أحوال الرواة حفظا ونسيانا، ووهما وضبطا، كما تختلف أنظار المجتهدين من الفقهاء في مسائل الفقه، وهو سبيل متسع رحب، قال ابن الوزير: " تجد كثيرا من أئمة الجرح والتعديل يترددون في الراوي فيوثقونه مرة ويضعفونه أخرى؛ وذلك لأن دخول وهمه في حيز الكثرة مما لا يوزن بميزان معلوم، وإنما ينظر ويرجع فيه إلى التحري والاجتهاد، فصار النظر فيه كنظر الفقهاء في الحوادث الظنية"[34]. فالمحدثون يستعملون سائر الشروط ولكنهم يتفاوتون في تطبيقها بين متشدد، ومعتدل متوسط، ومتساهل، قال الإمام الذهبي: "اعلم هداك الله: أن الذين قبل الناس قولهم في الجرح والتعديل على ثلاثة أقسام:

1. قسم منهم متعنت في الجرح، متثبت في التعديل، يغمز الراوي بالغلطتين والثلاث، ويلين بذلك حديثه، فهذا إذا وثق شخصا فعض على قوله بناجذيك، وتمسك بتوثيقه، وإذا ضعف رجلا فانظر هل وافقه غيره على تضعيفه، فإن وافقه ولم يوثق ذاك أحد من الحذاق فهو ضعيف، وإن وثقه أحد فهذا الذي قالوا فيه: لا يقبل تجريحه إلا مفسرا، يعني: لا يكفي أن يقول فيه ابن معين مثلا: هو ضعيف، ولم يوضح سبب ضعفه وغيره قد وثقه، فمثل هذا يتوقف في تصحيح حديثه، وهو إلى الحسن أقرب، ومن ذلك: أبو حاتم والجوزجاني.

2. قسم في مقابلة هؤلاء، كأبي عيسى الترمذي، وأبي عبد الله الحاكم، وأبي بكر البيهقي، وهم متساهلون.

3. قسم معتدل منصف؛ كالبخاري، وأحمد بن حنبل، وأبي زرعة، وابن عدي. ومما قاله الذهبي: ندرك أن اختلاف المحدثين ناشئ عن تعدد مسالكهم كما هو الحال بالنسبة للفقهاء المجتهدين[35]، وكل هذا لا يؤدي إلى تعذر الحكم على الرجال. "وهم وإن اختلفوا في بعض الأسباب فقد اتفقوا في كثير منها، ولماذا ينقم على المتشددين في الجرح والمتزمتين فيه؟ وهما لا يؤديان إلا إلى التحوط البالغ في الرواية، وهو أمر لا يضر[36].

هذا إذا كان الخلاف المذهبي بين أهل السنة أنفسهم، أما إذا كان بين أهل السنة وغيرهم فيما يخص الجرح والتعديل، "فإن الاختلاف المذهبي العقائدي لم يكن حائلا دون قبول رواية الراوي متى تحقق صدقه وكفايته للرواية.

 قال الحاكم النيسابوري: وأصحاب الأهواء فإن رواياتهم عند أكثر أهل الحديث مقبولة إذا كانوا فيها صادقين، فقد حدث محمد بن إسماعيل البخاري في الجامع الصحيح عن عباد بن يعقوب الرواجني[37].

وكان أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول: حدثنا الصدوق في روايته، المتهم في دينه عباد بن يعقوب.

وقد احتج البخاري أيضا في الصحيح بمحمد بن زياد الألهاني، وحريز بن عثمان الرحبي، وهما ممن اشتهر عنهما النصب[38]، واتفق البخاري ومسلم على الاحتجاج بأبي معاوية محمد بن خازم، وعبيد الله بن موسى، وقد اشتهر عنهما الغلو"[39].

وجاء في "تهذيب التهذيب" في ترجمة ثور بن زيد الديلي المدني: "روى عنه مالك وسليمان بن بلال وابن عجلان وعبد الله بن سعيد بن أبي هند والدراوردي وجماعة... قال ابن عبد البر في التمهيد: وهو صدوق، ولم يتهمه أحد بكذب، وكان ينسب إلى رأي الخوارج والقول بالقدر، ولم يكن يدعو إلى شيء من ذلك"[40].

قال ابن الصلاح عن رأي العلماء في قبول رواية المبتدع: "اختلفوا في قبول رواية المبتدع الذي لا يكفر في بدعته، فمنهم من رد روايته مطلقا؛ لأنه فاسق ببدعته، وكما استوى في الكفر المتأول وغير المتأول يستوي في الفسق المتأول وغير المتأول.

 ومنهم من قبل رواية المبتدع إذا لم يكن ممن يستحل الكذب في نصرة مذهبه، أو لأهل مذهبه، سواء كان داعية إلى بدعته أو لم يكن، وعزا بعضهم هذا إلى الشافعي لقوله: أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة؛ لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم.

وقال قوم: تقبل روايته إذا لم يكن داعية، ولا تقبل إذا كان داعية إلى بدعته". وهذا مذهب الكثير أو الأكثر من العلماء. وحكى بعض أصحاب الشافعي - رضي الله عنه - خلافا بين أصحابه في قبول رواية المبتدع إذا لم يدع إلى بدعته، وقال: أما إذا كان داعية فلا خلاف بينهم في عدم قبول روايته.

وقال أبو حاتم ابن حبان البستي أحد المصنفين من أئمة الحديث: الداعية إلى البدع لا يجوز الاحتجاج به عند أئمتنا قاطبة، لا أعلم بينهم فيه خلافا.

وهذا المذهب الثالث أعدلها وأولاها، والأول بعيد مباعد للشائع عن أئمة الحديث، فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة. وفي الصحيحين كثير من أحاديثهم في الشواهد والأصول"[41].

وقال ابن حجر: البدعة هي إما أن تكون بمكفر، كأن يعتقد ما يستلزم الكفر أو بمفسق، فالأول لا يقبل صاحبها الجمهور، وقيل: يقبل مطلقا، وقيل: إن كان لا يعتقد حل الكذب لنصرة مقالته قبل.

والتحقيق: أنه لا يرد كل مكفر ببدعة؛ لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ فتكفر مخالفيها، فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف، فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمرا متواترا من الشرع معلوما من الدين بالضرورة، وكذا من اعتقد عكسه، فأما من لم يكن بهذه الصفة، وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه، مع ورعه وتقواه فلا مانع من قبوله.

والثاني: وهو من لا تقتضي بدعته التكفير أصلا، فقد اختلف أيضا في قبوله ورده، فقيل: يرد مطلقا وهو بعيد، وأكثر ما علل به أن في الرواية عنه ترويجا لأمره وتنويها بذكره، وعلى هذا ينبغي ألا يروى عن مبتدع شيء يشاركه فيه غير مبتدع، وقيل: يقبل مطلقا، إلا إن اعتقد حل الكذب.

 وقيل: يقبل من لم يكن داعية إلى بدعته؛ لأن تزيين بدعته قد يحمله على تحريف الروايات وتسويتها على ما يقتضيه مذهبه، وهذا في الأصح، وأغرب ابن حبان فادعى الاتفاق على قبول غير الداعية من غير تفصيل.

 نعم الأكثر على قبول غير الداعية، إلا إن روى ما يقوي بدعته فيرد على المذهب المختار، وبه صرح الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني شيخ أبي دواد والنسائي في كتابه "معرفة الرجال"، فقال في وصف الرواة: "ومنهم زائغ عن الحق - أي: عن السنة - صادق اللهجة، فليس فيه حيلة؛ إلا أن يؤخذ من حديثه ما لا يكون منكرا، إذا لم تقو به بدعته".

وما قاله متجه؛ لأن العلة التي لأجلها رد حديث الداعية واردة فيما إذا كان ظاهر المروي يوافق مذهب المبتدع، ولو لم يكن داعية [42].

قال الخطيب البغدادي: وقال كثير من العلماء: تقبل أخبار غير الدعاة من أهل الأهواء، فأما الدعاة فلا يحتج بأخبارهم، وممن ذهب إلى ذلك أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، وابن أبي ليلى، وسفيان الثوري، وروي عن أبي يوسف القاضي[43].

فهذه الأدلة تبين أن المحدثين لم يتوانوا في قبول رواية الراوي ما دام مستأهلا لشروط الرواية، وقد سبق أن البخاري ومسلما على جلالتهما قد رويا من طريق المبتدعة الثقات، وإنما توقفوا في رواية المخالفين لهم من أهل الأهواء إذا كانوا دعاة لبدعهم؛ لأن الداعية قد يحمله تزيين بدعته على تحريف الروايات وتسويتها على ما يقتضيه مذهبه، مروجا لها"[44].

ومن هذا يظهر أن أهل السنة قد حملتهم الأمانة العلمية على توثيق من يستحق، وعلى تضعيف من يستحق، حتى ولو كان مخالفا أو موافقا لمذهبهم.

وأما ما قاله الذهبي وهو "لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشأن على توثيق ضعيف، ولا تضعيف ثقة". فهو استدلال في غير موضعه، وفهم على غير مراده، فإن الذهبي بعد أن تكلم عن مسائل في الجرح والتعديل، واختلاف الأنظار في ذلك قال: " ولكن هذا الدين مؤيد محفوظ من الله تعالى، لم يجتمع علماؤه على ضلالة لا عمدا ولا خطأ، فلا يجتمع اثنان على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة، وإنما يقع اختلافهم في مراتب القوة، أو مراتب الضعف، والحاكم منهم يتكلم بحسب اجتهاده وقوة معارفه، فإن ندر خطؤه في نقده، فله أجر واحد، والله الموفق"[45].

فمراده أن أئمة النقد يحتاطون، لم يقع منهم اختلاف في توثيق رجل اشتهر حاله بالضعف والسقوط، ولا في قدح رجل عرف أمره بالصدق والتثبت، وإنما يختلفون فيمن لم يكن مشهورا بالضعف أو التثبت، فلا يذكرون الرجل إلا بما علم من حاله وواقعه الظاهر والمعروف عند من عاصره وشاهده.

والأظهر أن معناه: لم يتفق اثنان من أهل الجرح والتعديل غالبا على توثيق ضعيف وعكسه، بل إن كان أحدهما ضعفه وثقه الآخر، أو وثقه أحدهما ضعفه الآخر، وسبب الاختلاف ما قرره الذهبي: بأن يكون سبب ضعف الراوي شيئين مختلفين عند العلماء في صلاحية الضعف وعدمه، فكل واحد منهما تعلق بسبب فنشأ الخلاف[46]. فلا يختلف اثنان على توثيق راوي ثقة معروف بذلك، ولا يختلف اثنان في جرح من هو معروف بذلك، وإنما الاختلاف وقع فيمن هو متوسط الحال.

ومن هنا يتبين أن الخلاف المذهبي لا علاقة له بنقد الرواة إلا إذا كان الراوي داعيا لبدعته، أما غير ذلك فلم يكن حائلا في قبول رواية الراوي متى تحقق صدقه وكفايته للرواية.

خامسا. إن علماء الجرح والتعديل قد نصوا على أسباب الجرح في مؤلفاتهم، وهذا الأمر يجعل العلة واضحة أمامنا، فنستطيع إدراك حجمها والحكم بناء عليها:

إن القول بأن بعض المحدثين كانوا يأخذون على الراوي مزحة يمزحها، ويردون حديثه لذلك - أمر لا تقبله الفطرة السليمة؛ إذ كيف أن هؤلاء العلماء الأجلاء يردون الحديث لأجل مزحة مزحها الراوي لا يتنزه عنها أحد من البشر، والمطالع لمؤلفات العلماء في الجرح والتعديل يجد أنهم نصوا على ذكر سبب الجرح؛ لأن الجارح ربما يقدح رجلا بأمر لا يستوجب جرحا، فببيان السبب الذي قدحوه من أجله يتضح لنا مدى صدق هذا الجرح ومدى صلاحيته.

ومن أفضل ما فعله علماء الجرح والتعديل أنهم ذكروا علة الجرح التي جرحوا الراوي من أجلها في كتبهم ووصلت إلينا، فنستطيع إدراك حجمها والحكم على الراوي بناء عليها.

وقد عقد الخطيب البغدادي في كتابه "الكفاية" بابا قال فيه: "باب ذكر بعض أخبار من استفسر في الجرح فذكر ما لا يسقط العدالة "، ومن أمثلة ذلك ما جاء عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: "قلت لأبي: إن يحيى بن معين يطعن على عامر بن صالح. قال: يقول ماذا؟ قلت: رآه يسمع من حجاج، قال: قد رأيت أنا حجاجا يسمع من هشيم، وهذا عيب! يسمع الرجل ممن هو أصغر منه وأكبر"، وقيل لشعبة: "لم تركت حديث فلان؟ قال: رأيته يركض على برذون[47]، فتركت حديثه".

وعن جرير قال: "رأيت سماك بن حرب يبول قائما، فلم أكتب عنه"، وقال شعبة: "أتيت منزل المنهال بن عمرو، فسمعت فيه صوت الطنبور فرجعت"[48].

فهذه الأمور التي ذكرت غير قادحة في أصحابها، وكان ذكرها لبيان مدى قدحها في الراوي أو عدمه؛ لذلك اشترط العلماء التفسير؛ لأن قول الجارح: فلان ليس بثقة يحتمل أن يكون لمثل هذه المعاني، وكان العلماء يراجع بعضهم بعضا في هذا، فقد جاء في خبر المنهال المتقدم أن وهب بن جبير تلميذ شعبة قال له: "فهلا سألت عسى ألا يعلم هو"[49]، وقال ابن حجر: "وهذا اعتراض صحيح، فإن هذا لا يوجب قدحا في المنهال"[50].

وقال السبكي: ومما ينبغي أن يتفقد أيضا حاله في العلم بالأحكام الشرعية، فرب جاهل ظن الحلال حراما فجرح به، ومن هنا أوجب الفقهاء التفسير ليتضح الحال، وقال الشافعي: "حضرت بمصر رجلا مزكيا يجرح رجلا، فسئل عن سببه وألح عليه، فقال: رأيته يبول قائما، قيل: وما في ذلك؟ قال: يرد الريح من رشاشه على يده وثيابه فيصلي فيه، قيل: هل رأيته قد أصابه الرشاش وصلى قبل أن يغسل ما أصابه؟ قال: لا. ولكن أراه سيفعل"[51].

كما اشترطوا معرفة الجارح بمدلولات الألفاظ لاسيما الألفاظ العرفية التي تختلف باختلاف الناس، وتكون في بعض الأزمنة مدحا وفي بعضها ذما[52].

لذلك فإن المحدثين قد أوصدوا الباب أمام كل جرح غير قادح واعتبروه مردودا؛ صيانة لأعراض الناس، وهذا شاهد يضاف إلى ما تقدم من قوة منهجهم وسلامة مسلكهم في التجريح[53]، وأنهم لم يردوا حديثا لأن راويه مزح مزحة كما ادعى هؤلاء، وإنما يردون الحديث لما يستحق أن يرد من أجله فقط.

يقول عصام أحمد البشير: "إن الناظر المتأمل لقواعد هذ العلم، والمتأمل لأصوله، يجد أن العلماء قد أسقطوا كل وسيلة غير معتبرة أو قرينة غير قادحة، واعتبروا ذلك من الأمور المردودة في قواعدهم"[54]، فإذا كان العلماء قد أسقطوا كل علة غير قادحة واعتبروها مردودة، فهل يقبلون المزاح باعتباره علة قادحة في الراوي يرد حديثه بسببها؟! إن هذا مما لا يقبله العقل السليم والفطرة الجيدة.

قال ابن دقيق العيد: "أعراض المسلمين حفرة من حفر النار وقف على شفيرها طائفتان: المحدثون والحكام"[55]، فهذا دليل على أن المحدثين كانوا يعلمون خطورة القدح.

وقال ابن الصلاح: " ثم إن على الآخذ في ذلك أن يتقي الله تبارك وتعالى، ويتثبت ويتوقى التساهل؛ كيلا يجرح سليما، ويسم بريئا بسمعة سوء يبقى عليه الدهر عارها"[56].

وهذه القاعدة التي ذكرها ابن الصلاح وجدت سبيلها في الواقع العملي؛ فلم يكن العلماء يعتمدون جرحا لا يستند على أصول شرعية، بل يردونه على قائله كائنا من كان.

ومن هذا نقول: إن علماء الجرح والتعديل قد نصوا على أسباب الجرح في مؤلفاتهم، وحرصوا على ذلك أشد الحرص، وكان من فائدة ذلك أن علة الجرح واضحة أمامنا فنستطيع إدارك حجمها والحكم بناء عليها.

الخلاصة:

·       إن علم الجرح والتعديل من أجل العلوم وأهمها، ولم يقم بهذا العمل إلا الجهابذة من النقاد المهرة؛ لصعوبة الشروط التي تشترط في الجارح، وهؤلاء الأئمة النقاد قاموا بهذا العمل حسبة لله تعالى، فلم يحابوا أحدا، وإنما قدحوا فيمن يستحق القدح، حتى ولو كانوا آباءهم، أو إخوانهم.

·       لقد قام علم الجرح والتعديل على اجتهادات النقاد بناء على علمهم الواسع، واطلاعهم الكبير، ولم يقم على اجتهادات شخصية تبعا لأهواء العلماء كما يزعمون.

·       لقد وضع علماء الجرح والتعديل لهذا العلم أصولا ومبادئ وقواعد لابد للناقد من السير عليها، حتى يكون نقده بناء، بعيدا عن الهوى والزيغ.

·       لقد ذهب أكثر العلماء في تعريف الصحابي إلى أنه: "من لاقى النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمنا به ولو ساعة واحدة، ومات على الإسلام، وهم في تعميمهم هذا في تعريف الصحابي ينظرون إلى فضل صحبته وشرف منزلته - صلى الله عليه وسلم - فإذا رآه مسلم ولو للحظة واحدة، انطبع قلبه على الاستقامة، وظهر أثر نوره - صلى الله عليه وسلم - على قلبه وجوارحه.

·       لقد كان لعلماء الحديث طرق عدة لإثبات كون الشخص صحابيا أو لا، منها: التواتر والاشتهار، وشهادة صحابي معلوم الصحبة، وشهادة تابعي ثقة، وما عدا ذلك، فلا بد أن يكون الإسناد الذي يثبت له الصحبة صحيحا. فأين التساهل وأين الظنية في هذا؟

·       إن الصحابة - رضي الله عنهم - كلهم عدول بشهادة القرآن والسنة وإجماع علماء الأمة، وهذا ما حدا بنقاد الحديث إلى تعديلهم، وعدم تجريحهم أو نقدهم، فهل يحتاج أحد من الصحابة مع تعديل الله لهم إلى تعديل أحد من الخلق؟ وهل يستطيع أحد أن يجرح من عدله القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم؟

·       إذا كان المقصود بالاختلاف المذهبي ما بين أهل السنة أنفسهم، فإن هذا مرده إلى تباين الأنظار، واختلاف الوجهات، كما تختلف أنظار المجتهدين من الفقهاء في مسائل الفقه، وهو ميدان رحب متسع لا إشكال فيه.

·       أما إذا كان بين أهل السنة وغيرهم، فإن هذا الاختلاف لم يكن حائلا في قبول رواية الراوي متى تحقق صدقه وكفايته للرواية؛ وقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن فرق أخرى ما لم يكونوا دعاة لبدعتهم.

·       اتفق العلماء على قبول رواية أهل الأهواء والبدع إذا اتصفوا بالصدق والأمانة وبعدوا عن الكذب، وألا يكونوا دعاة إلى بدعتهم، وأن تكون رواياتهم مخالفة لبدعتهم، ومن هؤلاء الإمام أحمد بن حنبل، وسفيان الثوري، والشافعي، وابن الصلاح وغيرهم.

·       إن المراد من قول الذهبي المستدل به أن أئمة النقد محتاطون، فلم يقع منهم اختلاف في توثيق رجل اشتهر حاله بالضعف والسقوط، ولا في قدح رجل عرف أمره بالصدق والتثبت، وإنما يختلفون فيمن لم يكن مشهورا بالضعف، أو التثبت؛ فلا يجتمع اثنان على تضعيف قوي، أو العكس؛ لأنهم يصفونهم بما علم من حاله وواقعه لديهم.

·       إن القول بأن المحدثين كانوا يأخذون على الراوي مزحة يمزحها أمر لا تقبله الفطرة السليمة؛ لأن هؤلاء النقاد نصوا على ذكر سبب جرحهم فظهرت العلة أمامنا ومن خلالها نستطيع إدراك حجمها والحكم على الراوي بناء عليها.

·       لقد أوصد العلماء الباب أمام كل جرح غير قادح واعتبروه مردودا، وهذا دليل على قوة منهجهم وسلامة مسلكهم في التجريح.

 


(*) أصول منهج النقد عند أهل الحديث، عصام أحمد البشير، مؤسسة الريان، بيروت، ط2، 1412هـ/ 1992م. المنهج الإسلامي في الجرح والتعديل، د. فاروق حمادة، دار طيبة، السعودية، ط 3، 1418هـ/ 1997م. الحديث النبوي ومكانته في الفكر الإسلامي الحديث، محمد حمزة، المركز الثقافي العربي، المغرب، ط 1، 2005م. العواصم والقواصم، ابن الوزير اليماني، مؤسسة الرسالة ناشرون، بيروت، ط1، 1429هـ/ 2008م.

[1]. الجرح: هو ذكر الراوي بصفات تقتضي عدم قبول روايته، والتعديل: هو وصف الراوي بصفات تقتضي قبول روايته؛ فهي شهادة بالتزكية تصحح العمل بمرويه. انظر في ذلك: الوسيط في علوم ومصطلح الحديث، د. محمد محمد أبو شهبة، مكتبة السنة، القاهرة، ط 1، 1427هـ/ 2006م، ص398.

[2]. الجرح والتعديل، عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، تحقيق: المعلمي اليماني، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت، (1/ 2).

[3]. أصول منهج النقد عند أهل الحديث، عصام أحمد البشير، مؤسسة الريان، بيروت، ط2، 1412هـ/ 1992م، ص102 بتصرف.

[4]. الجرح والتعديل، ابن أبي حاتم الرازي، تحقيق: المعلمي اليماني، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت، (1/ ب، ج) من مقدمة المحقق.

[5]. أصول منهج النقد عند أهل الحديث، عصام أحمد البشير، مؤسسة الريان، بيروت، ط2، 1412هـ/ 1992م، ص104.

[6]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، المقدمة، باب: الإسناد من الدين، (1/ 181).     

[7] . صحيح مسلم (بشرح النووي)، المقدمة، باب: الإسناد من الدين، (1/ 177، 178).

[8]. سير أعلام النبلاء، محمد بن أحمد عثمان الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (13/ 228).

[9]. تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت، (12/ 51).

[10]. ميزان الاعتدال في نقد الرجال، الحافظ الذهبي، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت، د. ت، (4/ 390).     

[11]. المنهج الإسلامي في الجرح والتعديل، د. فاروق حمادة، دار طيبة، السعودية، ط 3، 1418هـ/ 1997م، ص207.

[12]. انظر: البحر المحيط في أصول الفقه، بدر الدين الزركشي، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، القاهرة، ط2، 1413هـ/ 1992م، (4/ 301) وما بعدها.

[13]. الإحكام في أصول الأحكام، ابن حزم الظاهري، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405هـ/ 1985م، (5/ 86).

[14]. الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار نهضة مصر، القاهرة، د. ت، (1/ 6).

[15]. الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار نهضة مصر، القاهرة، د. ت، (1/ 6، 7).

[16]. فتح المغيث، السخاوي، (3/ 85)، نقلا عن: عدالة الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية، د. عماد السيد الشربيني، مكتبة الإيمان، القاهرة، ط1، 1427هـ/ 2006م، ص12.

[17]. حسن: أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب: معرفة الصحابة رضي الله عنهم، باب: فضائل الأمة بعد الصحابة والتابعين، (4/ 96)، رقم (6994). وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (1254).

[18]. الإبهاج في شرح المنهاج، الإمام السبكي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1404هـ/ 1984م، (1/ 15).

[19]. لمحات من تاريخ السنة وعلوم الحديث، عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، سوريا، ط5، 1429هـ/ 2008م، ص51.

[20]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العلم، باب: السمر في العلم، (1/ 255)، رقم (116). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم"، (9/ 6363)، رقم (6361).

[21]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم"، (9/ 4664)، رقم (6367).

[22]. المنهج الإسلامي في الجرح والتعديل، د. فاروق حمادة، دار طيبة، السعودية، ط 3، 1418هـ/ 1997م، ص224: 226 بتصرف.

[23]. الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار نهضة مصر، القاهرة، د. ت، (1/ 9، 10).

[24]. انظر: المنهج الإسلامي في الجرح والتعديل، د. فاروق حمادة، دار طيبة، السعودية، ط 3، 1418هـ/ 1997م، ص128.

[25]. الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار نهضة مصر، القاهرة، د. ت، (1/ 10).         

[26]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو كنت متخذا خليلا"، (7/ 25)، رقم (3673). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: تحريم سب الصحابة رضي الله عنهم، (9/ 3666)، رقم (6370).

[27]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: بيان أن بقاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمان لأصحابه وبقاء أصحابه أمان للأمة، (9/ 3657)، رقم (6348).

[28]. الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار نهضة مصر، القاهرة، د. ت، (1/ 11).

[29]. الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار نهضة مصر، القاهرة، د. ت، (1/ 11).

[30]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العلم، باب: ليبلغ العلم الشاهد الغائب، (1/ 240)، رقم (105).        

[31]. مقدمة صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، ابن حبان البستي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط2، 1414هـ/ 1993م، (1/ 162).

[32]. السنة المطهرة والتحديات، د. نور الدين عتر، دار المكتبي، سوريا، ط 1، 1419هـ/ 1999م، ص25 بتصرف.

[33]. المنهج الإسلامي في الجرح والتعديل، د. فاروق حمادة، دار طيبة، السعودية، ط 3، 1418هـ/ 1997م، ص219.       

[34]. الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم، محمد بن إبراهيم الوزير اليماني، دار المعرفة، بيروت، 1399هـ/ 1979، (1/ 80، 81).        

[35]. أصول منهج النقد عند أهل الحديث، عصام أحمد البشير، مؤسسة الريان، بيروت، ط2، 1412هـ/ 1992م، ص109، 110 بتصرف.     

[36]. دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين، د. محمد محمد أبو شهبة، مكتبة السنة، القاهرة، ط2، 1428هـ/ 2007م، ص256.          

[37]. أخرج له البخاري مقرونا بغيره، انظر: صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التوحيد، باب: وسمى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الصلاة عملا، (13/ 519), رقم (7534).

[38]. النصب: هو فعل النواصب، وهم قوم يتدينون ببغض علي رضي الله عنه، وهم قوم من الخوارج عادوا الإمام علي، وأظهروا له الخلاف. انظر: تاج العروس، الزبيدي، مادة (نصب). لسان العرب، ابن منظور، مادة (نصب).

[39]. المدخل إلى كتابة الأكليل، الحاكم النيسابوري، ص49، نقلا عن: أصول منهج النقد عند أهل الحديث، عصام أحمد البشير، مؤسسة الريان، بيروت، ط2، 1412هـ/ 1992م، ص111. وقد ذكر ابن حجر رجال الإمام البخاري المطعون عليهم، وأجاب عنهم موضعا موضعا، وميز من أخرج له البخاري منهم في الأصول، أو في المتابعات والاستشهادات مفصلا لذلك جميعا. انظر: هدي الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص403.     

[40]. تهذيب التهذيب، ابن حجر العسقلاني، دار الفكر، دمشق، ط1، 1404هـ/ 1984م، (2/ 29).

[41]. علوم الحديث، ابن الصلاح، تحقيق: نور الدين عتر، المكتبة العلمية، بيروت، 1401هـ/ 1981م، ص103، 104.

[42]. شرح نزهة النظر، محمد بن صالح العثيمين، دار العقيدة، القاهرة، ط1، 1428هـ/ 2007م، ص216: 220 بتصرف.

[43]. الكفاية في معرفة أصول علم الرواية، الخطيب البغدادي، تحقيق: أبي إسحاق إبراهيم بن مصطفى آل بحبح الدمياطي، مكتبة ابن عباس، مصر، 2002م، (1/ 367) بتصرف.

[44]. الكفاية في معرفة أصول علم الرواية، الخطيب البغدادي، تحقيق: أبي إسحاق إبراهيم بن مصطفى آل بحبح الدمياطي، مكتبة ابن عباس، مصر، 2002م، (1/ 382، 383) بتصرف.

[45]. المتكلمون في الرجال، السخاوي، ص131، نقلا عن: أصول منهج النقد عند أهل الحديث، عصام أحمد البشير، مؤسسة الريان، بيروت، ط2، 1412هـ/ 1992م، ص110.

[46]. شرح نزهة النظر، محمد بن صالح العثيمين، دار العقيدة، القاهرة، ط1، 1428هـ/ 2007م، ص322، 323 بتصرف.

[47]. البرذون: هو الخيل التركي.

[48]. الكفاية في معرفة أصول علم الرواية، الخطيب البغدادي، تحقيق: أبي إسحاق إبراهيم بن مصطفى آل بحبح الدمياطي، مكتبة ابن عباس، مصر، 2002م، (1/ 343: 346) بتصرف.

[49]. الكفاية في معرفة أصول علم الرواية، الخطيب البغدادي، تحقيق: أبي إسحاق إبراهيم بن مصطفى آل بحبح الدمياطي، مكتبة ابن عباس، مصر، 2002م، (1/ 346).

[50]. هدي الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص468.

[51]. طبقات الشافعية الكبرى، تاج الدين السبكي، تحقيق: عبد الفتاح الحلو ومحمود الطناحي، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، د. ت، (2/ 18، 19).

[52]. قاعدة في الجرح والتعديل، السبكي، ص46، 47، نقلا عن: أصول منهج النقد عند أهل الحديث، عصام أحمد البشير، مؤسسة الريان، بيروت، ط2، 1412هـ/ 1992م، ص108.

[53]. أصول منهج النقد عند أهل الحديث، عصام أحمد البشير، مؤسسة الريان، بيروت، ط2، 1412هـ/ 1992م، ص108 بتصرف.

[54]. أصول منهج النقد عند أهل الحديث، عصام أحمد البشير، مؤسسة الريان، بيروت، ط2، 1412هـ/ 1992م، ص103.

[55]. الاقتراح، ابن دقيق العيد، ص330، 331، نقلا عن: أصول منهج النقد عند أهل الحديث، عصام أحمد البشير، مؤسسة الريان، بيروت، ط2، 1412هـ/ 1992م، ص106.

[56]. علوم الحديث، ابن الصلاح، تحقيق: د. نور الدين عتر، المكتبة العلمية، بيروت، 1401هـ/ 1981م، ص350.

wives that cheat redirect read here
wives that cheat women who want to cheat read here
click here online women cheat husband
signs of a cheater why women cheat website
generic viagra softabs po box delivery buy generic viagra buy viagra generic
dating a married woman all wife cheat i cheated on my husband
My girlfriend cheated on me my wife cheated on me with my father signs of unfaithful husband
My girlfriend cheated on me read here signs of unfaithful husband
مواضيع ذات ارتباط

أضف تعليقا
عنوان التعليق 
نص التعليق 
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء كاتبيها فقط ولا تعبر عن الموقع
 
 
 
  
المتواجدون الآن
  1524
إجمالي عدد الزوار
  38107794

الرئيسية

من نحن

ميثاق موقع البيان

خريطة موقع البيان

اقتراحات وشكاوي


أخى المسلم: يمكنك الأستفادة بمحتويات موقع بيان الإسلام لأغراض غير تجارية بشرط الإشارة لرابط الموقع