رد الاحتجاج بروايات نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما (*)
مضمون الشبهة:
يرد بعض الواهمين روايات الإمام نافع مولى ابن عمر - رضي الله عنهما - بدعوى أنه روى روايات تخالف المنقول والمعقول، ويستدلون على ذلك، بما رواه عن ابن عمر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أغار على بني المصطلق وهم غارون[1]، وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم، وسبى سبيهم"، وهذا في زعمهم يتنافى مع مبدأ الدعوة إلى الإسلام قبل إعلان الحرب؛ حيث قال تعالى: )قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون (108) فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون (109)( (الأنبياء). ويستدلون أيضا بما رواه عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - في سبب نزول قوله تعالى: )نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم( (البقرة: 223) وأنها نزلت في إباحة إتيان النساء في أدبارهن؛ مما جعل سالم بن عبد الله يقول حينما سمع أن نافعا يحدث عن أبيه بذلك: "كذب العبد أو أخطأ، إنما قال عبد الله: يؤتون في فروجهن من أدبارهن".
ويتساءلون: أليس إتيان النساء في أدبارهن محرم في الإسلام؟ فكيف يفتي فيه بالحل، ويروي ذلك عن ابن عمر؟!
وعليه، فإن سبب نزول الآية الذي قال به نافع يتنافى مع تعاليم الشريعة الإسلامية، فكيف نقبل بعد ذلك روايات نافع في الحديث، وحاله هذه؟!
رامين من وراء ذلك إلى الطعن في الإمام الجليل نافع.
وجوه إبطال الشبهة:
1) لقد اشتهر الإمام نافع - رحمه الله - بالعدالة عند علماء الجرح والتعديل وأئمة الحديث، ليس هذا فحسب، بل أطلقوا على روايته عن ابن عمر "السلسلة الذهبية".
2) لم يخالف الإمام نافع مبدأ الدعوة إلى الإسلام قبل إعلان الحرب، عندما روى حديث إغارة النبي - صلى الله عليه وسلم - على بني المصطلق؛ لأن مباغتة هؤلاء لا تعني أنه لم تبلغهم دعوة الإسلام، بل لقد تأكد وصول الدعوة الإسلامية إليهم قبل ذلك، ورفضهم لها، بدليل تألبهم على المسلمين مع المشركين يوم أحد (3 هـ)، وهذا ما دعا إلى حربهم.
3) ليس في رواية الإمام نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما - بشأن إتيان النساء في أدبارهن ما يشير إلى إباحة هذا الفعل المشين، ولكن المغالطين نسبوا إليه ذلك نتيجة فهمهم الخاطئ للمراد من الحديث، وهذا يدل على سوء نيتهم وقصدهم.
4) لم يقصد سالم بن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - بقوله: "كذب العبد أو أخطأ" الكذب المنهي عنه في الإسلام، وإنما المقصود هنا الخطأ أو الوهم، وهذا استعمال شائع عند العرب.
التفصيل:
أولا. ثبوت عدالة الإمام نافع - رحمه الله - وتوثيقه:
إن الإمام نافعا - رحمه الله - من الرواة الثقات المعتبرين عند جمهور العلماء عامة، فضلا عن جمهور علماء الجرح والتعديل خاصة.
ولا نعلم أحدا من العلماء جرح هذا الإمام العلم، وإنما وجدناهم وثقوه بأفضل التوثيقات، فعرفوا له قدره ومقامه.
وإليك ما جاء بشأنه على لسان الأئمة الكبار والجهابذة النقاد؛ لتعلم خطورة الطعن في هذا الإمام الجليل.
قال عبيد الله بن عمر: " لقد من الله علينا بنافع"[2]. وقال: "بعثه عمر بن عبد العزيز إلى مصر؛ ليعلمهم السنن"[3]. وقال مالك: "كنت إذا سمعت حديث نافع عن ابن عمر، لا أبالي ألا أسمع من غيره"[4]، وقال: "إذا قال نافع شيئا فاختم عليه"[5]. وقال سفيان: "فأي حديث أوثق من حديث نافع"[6]. وقال ابن سعد: "كان ثقة كثير الحديث"[7]. وقال أحمد بن حنبل: "إذا اختلف نافع وسالم ما أقدم عليهما"[8]. وقال البخاري وغيره: "أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر"[9]. وقال العجلي: "مدني تابعي ثقة"[10]. وقال ابن خراس: "ثقة نبيل"[11]. وقال النسائي: "ثقة"[12]، ويقول أيضا: "اختلف سالم ونافع في ثلاثة أحاديث، وسالم أجل منه، لكن أحاديث نافع الثلاثة أولى بالصواب "[13]. وقال أحمد بن صالح المصري: " كان نافع حافظا، ثبتا له شأن... أكبر من عكرمة عند أهل المدينة "[14]. وقال الخليلي: "نافع من أئمة التابعين بالمدينة، إمام في العلم، متفق عليه، صحيح الرواية، منهم من يقدمه على سالم، ومنهم من يقارنه به، ولا يعرف له خطأ في جميع ما رواه"[15]. وقال عنه الحافظ الذهبي: "الإمام المفتي الثبت، عالم المدينة"[16]. وقال الحافظ ابن حجر: "ثقة ثبت فقيه مشهور، من الثالثة مات سنة سبع عشرة ومائة، أو بعد ذلك"[17]. أي روى له أصحاب الكتب الستة. وقال ابن العماد الحنبلي: "فقيه المدينة أبو عبد الله نافع الديلمي مولى عبد الله بن عمر، كان من جلة التابعين"[18]. وقال ابن خلكان: "أبو عبد الله نافع مولى عبد الله بن عمرـ رضي الله عنهما - وهو من كبار الصالحين التابعين... ومن المشهورين بالحديث، ومن الثقات الذين يؤخذ عنهم، ويجمع حديثهم ويعمل به، ومعظم حديث ابن عمر عليه دار... وأهل الحديث يقولون: رواية الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر، سلسلة الذهب؛ لجلالة كل واحد من هؤلاء الرواة"[19].
ويقول ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني نافع بن أبي نعيم وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وأبو مروان عبد الملك بن عبد العزيز بن أبي فروة، قالوا: "كان كتاب نافع الذي سمع من عبد الله بن عمر في صحيفة، فكنا نقرؤها عليه فنقول: يا أبا عبد الله إنا قد قرأنا عليك، فنقول: حدثنا نافع؟ فقال: نعم"[20].
فهل بعد هذا الثناء على نافع، وتوثيق العلماء والأئمة له، يأتي من يحط من قدره ومكانته، ويدعي أن مروياته لا يصلح الاحتجاج بها؟!
ثانيا. حديث نافع عن ابن عمر في الإغارة على بني المصطلق لا يتنافى مع مبدأ الدعوة الإسلامية:
إن حديث إغارة النبي - صلى الله عليه وسلم - على بني المصطلق وهم غافلون دون إنذار، لا إشكال فيه ولا يخالف كتاب الله، ولا سياسة الدعوة الإسلامية.
فهذا الحديث ورد في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر، ولفظه عند البخاري: حدثنا علي بن الحسن، أخبرنا عبد الله، أخبرنا ابن عون قال: «كتبت إلى نافع فكتب إلي: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أغار على بني المصطلق وهم غارون، وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم، وسبى ذراريهم، وأصاب يومئذ جويرية، حدثني به عبد الله بن عمر، وكان في ذلك الجيش»[21]. ولفظ مسلم: عن ابن عون قال: «كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال، قال فكتب إلي: إنما كان ذلك في أول الإسلام، قد أغار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بني المصطلق وهم غارون، وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم وسبى سبيهم...»[22].
وقبل الشروع في بيان فقه الحديث ونقض ما طعن به المشككون نوضح أمرين مهمين:
الأول: حكم إنذار العدو قبل بدء القتال.
الثاني: هل كان هناك إنذار لبني المصطلق بالحرب على وجه الخصوص؟!
حكم إنذار العدو قبل بدء القتال:
ذكر الإمام النووي في تعليقه على هذا الحديث حكم إنذار العدو قبل بدء القتال، فقال: "وفي هذا الحديث جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم الدعوة من غير إنذار بالإغارة، وفي هذه المسألة ثلاثة مذاهب حكاها المازري والقاضي عياض:
أحدها: يجب الإنذار مطلقا، قاله مالك وغيره. وهذا ضعيف.
الثاني: عدم وجوب الإنذار مطلقا، حكاه المازري والقاضي عياض.
والثالث: يجب إن لم تبلغهم الدعوة، ولا يجب إن بلغتهم، لكن يستحب، وهذا هو الصحيح، وبه قال نافع مولى ابن عمر، والحسن البصري، والثوري، والليث، والشافعي، وأبو ثور، وابن المنذر، والجمهور، قال ابن المنذر: وهو قول أكثر أهل العلم، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة على معناه، فمنها هذا الحديث، وحديث قتل كعب بن الأشرف الطائس، وحديث قتل ابن أبي الحقيق"[23].
ويؤكد ذلك ما ذكره صاحب كتاب "عون المعبود" في تعليقه على الحديث قائلا: "الحديث دليل على جواز المقاتلة قبل الدعاء إلى الإسلام في حق الكفار الذين بلغتهم الدعوة من غير إنذار، وهذا أصح الأقوال الثلاثة في المسألة"[24]؛ لذلك فإن الدعوة إلى الإسلام واجبة قبل القيام بالهجوم الحربي في حق من لم تبلغه الدعوة الإسلامية، ولا علم له بها، فإن الإسلام دين هداية وبيان وإرشاد، وليس له غرض في الحروب المدمرة، كما هو واضح من هدي هذا الدين الحنيف، أما من بلغته الدعوة الإسلامية وعلم بها، فلا يجب في حقه تجديد الدعوة؛ لأن العلم بها حاصل لديه، وخاصة إذا علم منه تبييت الشر للمسلمين كما حصل من بني المصطلق[25].
واختلف العلماء في موقف النبي - صلى الله عليه وسلم - من بني المصطلق إلى رأيين:
الأول: ما ذهب إليه ابن عبد البر، والطحاوي، وابن حزم، وابن القيم، وابن كثير، وابن حجر وغيرهم، وهو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أغار عليهم وهم غارون، واستدلوا بحديث ابن عمر - السابق، وبحديث أنس: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى خيبر فجاءها ليلا، وكان إذا جاء قوما بليل لا يغير عليهم حتى يصبح...»[26].
ووجه الدلالة من حديث ابن عمر ونافع قوله "أغار" أي أخذهم على غرة، ويدل على هذا صراحة لفظ «وهم غارون» أي غافلون.
ومن تقريره - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث الصعب بن جثامة الليثي قال: «مر بي النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأبواء - أو بودان - فسئل عن أهل الدار يبيتون من المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم، قال: هم منهم...»[27].
فدل ما سبق على إباحة البيات والإيقاع بهم وهم غارون.
الثاني: ما ذهب إليه ابن إسحاق والواقدي من أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعاهم قبل القتال، ولكنهم امتنعوا عن قبول الإسلام، وثبتوا للقتال ودارت المعركة بين الفريقين، وكان النصر حليف المسلمين، ورويا في ذلك حديثا مرسلا.
قال الألباني: "رواه بنحوه ابن جرير في تاريخه من طريق ابن إسحاق بسنده مرسلا، وكذا رواه ابن هشام في السيرة، وهذا الإسناد مع ضعفه ليس فيه أمر لعمر بعرض الإسلام، وقد أشار الزرقاني في شرح المواهب إلى ضعف هذه الزيادة، وحق له ذلك، فقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - ما يقتضي ضعفها؛ فقال ابن القيم في "الزاد" بعد ذكر نحو ما هنا من القتال: "هكذا قال عبد الرحمن بن خلف في سيرته، وغيره، وهو وهم؛ فإنه لم يكن بينهم قتال، وإنما أغار عليهم على الماء فسبى ذراريهم وأموالهم كما في الصحيح: «أغار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بني المصطلق وهم غارون...»، وذكر الحديث"[28].
وبهذا نعلم أن الصواب مع القائلين بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أغار عليهم وهم غارون[29].
واستنادا إلى ما سبق نبين الفقه السليم لحديث نافع عن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أغار على بني المصطلق وهم غارون»:
ينبغي أن يعلم أولا أن هناك فرقا بين الدعوة العامة إلى الإسلام، وبين الدعوة الخاصة إليه قبل القتال، أو ما يسمى بالإنذار.
والذي عليه المشككون من أن الرواية تخالف مبدأ الدعوة إلى الإسلام قبل إعلان الحرب، فيه اتهام لرواية الصحيحين دون دليل، وسيظهر لك بوضوح أن هذا افتراء على الصحيحين، وأن بني المصطلق بلغتهم الدعوة العامة إلى الإسلام، ولا يشترط أن يرسل إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وفدا خاصا يدعوهم فيه على وجه الخصوص للإسلام، وذلك لمعنى رآه أو أخذ به وهو القائل صلى الله عليه وسلم: «الحرب خدعة»[30].
فمباغتة هؤلاء وهم غافلون على حين غرة لا يعني أنهم لم تبلغهم دعوة الإسلام، وتأمل معي رواية الصحيحين لتعرف ما وراءه:
· قوله: "قال عبد الله بن عون: كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال؟".
تأمل هذا السؤال جيدا تفهم مقصود الإمام نافع حين أجاب، فهو يسأله عن شيء واضح وهو حكم دعاء العدو قبل القتال!! ولا يفهم حينئذ من إجابة الإمام نافع أن دعوة الإسلام العامة لم تبلغهم، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أغار عليهم بدون أن تصل إليهم رسالة التوحيد.
· قوله: "فكتب إلي إنما كان ذلك في أول الإسلام".
يعني أن إنذار المقاتلين ودعوتهم إلى الإسلام قبل القتال كان في أول الإسلام؛ لأن هناك قوما لم تبلغهم الدعوة العامة، ولم يكونوا يعلمون على ما يقاتلون عليه، فأمر بالإنذار والدعاء ليكون ذلك تبليغا لهم، وإعلاما لهم ما يقاتلون عليه.
وأن هذا المسلك هو مسلك النبي - صلى الله عليه وسلم - حينذاك، كما دل عليه غير ما حديث، منها:
حديث بريدة بن الحصين: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا، ثم قال:... وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال (أو خلال)، فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام...»الحديث[31].
فمقصد الإمام نافع هنا: أن الدعوة قبل القتال كانت أول الأمر؛ لأن الناس حينذاك لم تبلغهم الدعوة ولا علموا بها، فمجيء الدعوة والحال هذه أمر مطلوب وواجب محتوم؛ لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك.
· قوله: "وقد أغار النبي - صلى الله عليه وسلم - على بني المصطلق وهم غارون..."
أي على حين غرة بدون إنذار، ومقصد الإمام نافع، رحمه الله، فيما رواه عن ابن عمر هنا: أن الحال اختلف بعد ذلك، فأمر النبيـ صلى الله عليه وسلم - بالإغارة على بني المصطلق؛ لأن الدعوة العامة حينئذ بلغتهم، وعرفوا حينئذ على أي شيء يقاتلون، ومما يدل على ذلك أن الدعوة الإسلامية قربت من دارهم، ويؤكد هذا تأكيدا قاطعا للشك ما يلي:
1. أن بني المصطلق كانوا ضمن المتألبين مع قريش في معركة أحد ضد المسلمين، فكيف يقال: لم تبلغهم الدعوة أو أن الإنذار يجب في حقهم؟!
2. ثم إنهم لم يكتفوا بهذا، بل بعد عودتهم إلى بلادهم أخذوا يعدون ويجمعون الجموع لضرب المسلمين في قلعتهم حينئذ "المدينة المنورة"، وذلك مما يدل دلالة قاطعة على أنهم على علم وبصيرة بالدعوة الإسلامية، ومثل هؤلاء لا تجب الدعوة في حقهم قبل القتال.
فحينئذ ليس من الحكمة ولا الفطنة ولا من الخدعة في الحرب التي أمرنا بها، أن يجدد النبي - صلى الله عليه وسلم - الدعوة لهؤلاء قبل القتال، وهذا المعنى هو ما ذهب إليه الإمام الفقيه الطحاوي - رحمه الله - فقال:
"ثم أمر بالإغارة على آخرين، فلم يكن ذلك إلا لمعنى لم يحتاجوا معه إلى الدعاء؛ لأنهم قد علموا ما يدعون إليه لو دعوا، وما لو أجابوا إليه لم يقاتلوا، فلا معنى للدعاء".
وهكذا كان أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد - رحمة الله عليهم أجمعين - يقولون: "كل قوم قد بلغتهم الدعوة، فأراد الإمام قتالهم، فله أن يغير عليهم، وليس عليه أن يدعوهم، وكل قوم لم تبلغهم الدعوة، فلا ينبغي قتالهم، حتى يتبين لهم المعنى الذي عليه يقاتلون، والمعنى الذي إليه يدعون"[32].
وعليه فلا تعارض بين الآية التي استشهد بها المشككون وبين حديث نافع عن ابن عمر، حيث إن الدعوة - كما قلنا - بلغت بني المصطلق، فضلا عن محاولتهم الغدر بالمسلمين.
وهنا نتساءل!!
هل المعنى الذي أشار إليه المشككون في كلامهم على رواية نافع هو ما فهمه الإمام نافع؟!
وهل رواية نافع هذه تشعر بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغت القوم دون أن تبلغهم دعوة الإسلام؟!
إن قصور الفهم في الفقه هو الذي أوقع هؤلاء المشككين في هذا التخبط، وتجنيهم على الإمام نافع مولى ابن عمر، بل وجنايتهم على الصحيحين برد الحديث[33].
ثالثا. لم يبح نافع في روايته عن ابن عمر إتيان النساء في أدبارهن:
لقد أجمعت الأمة على تحريم إتيان النساء في أدبارهن، وهذا الإجماع مأخوذ من الفهم الصحيح للآية القرآنية: )نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم( (البقرة: ٢٢٣)، وقوله تعالى: )فأتوهن من حيث أمركم الله( (البقرة: ٢٢2)، وجملة الأحاديث التي نهت عن إتيان النساء في أدبارهن، والتي منها حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينظر الله - عز وجل - إلى رجل جامع امرأته في دبرها»[34].
وحديثه - رضي الله عنه - أيضا - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أتى حائضا أو امرأة في دبرها، أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد»[35].
والأحاديث في ذلك كثيرة، قد أوردناها آنفا.
فهل بعد ذلك يخالف الإمام نافع ما أجمعت عليه الأمة، أم أن بعض الناس فهم ما رواه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - فهما خاطئا؟!
وحديث نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما - رواه الطبري في تفسيره عن نافع قال: "كان ابن عمر إذا قرئ القرآن لم يتكلم، قال: فقرأت ذات يوم هذه الآية )نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم(، فقال ابن عمر: أتدري فيما نزلت؟ قلت: لا! قال: نزلت في إتيان النساء في أدبارهن"[36].
ومما يؤكد أن بعض الناس قد وهموا في فهم هذا الحديث، أن بعض الروايات عن بعض الصحابة تشير إلى سبب النزول نفسه الوارد عن الإمام نافع - رحمه الله - فيما رواه عن ابن عمر في سبب نزول قوله تعالى: )نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم(، وأنها نزلت في "إتيان النساء في أدبارهن"، وهي صحيحة مشهورة كما قال ابن عبد البر.
بل إن سبب النزول هذا الوارد عن نافع عن ابن عمر قد تابع نافعا عليه غير واحد، منهم:
1. زيد بن أسلم عن ابن عمر: قال الحافظ ابن حجر: روايته عند النسائي بإسناد صحيح.
2. عبد الله بن عبد الله عن أبيه: قال الحافظ: أخرجه النسائي أيضا.
3. سعيد بن يسار.
4. وسالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه مثل ما قال نافع: قال الحافظ: وروايتهما عند النسائي وابن جرير، ثم قال: وأخرجه الدارقطني من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن مالك، وقال: هذا محفوظ عن مالك صحيح[37].
فعلم بهذا أن نافعا قد شاركه في الرواية عن ابن عمر في سبب النزول هذا غير واحد، بل منهم سالم بن عبد الله بن عمر الذي خطأ نافعا بقوله: "كذب العبد أو أخطأ".
وقد ورد سبب نزول آخر مفسرا عن جابر في صحيح البخاري قال: «كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول، فنزلت )نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم(»[38].
وهذا السبب الوراد عن جابر - رضي الله عنه - يدل على أن الله أكذب اليهود في زعمهم، وأباح للرجال أن يتمتعوا بنسائهم كيف شاءوا، على أي صفة شاءوا، ما دام الوطء في القبل محل الجماع والحرث.
وبهذا يظهر لك أن الآية جاء في سبب نزولها قولان: أحدهما: مجمل وهو حديث نافع عن ابن عمر، والآخر: مفسر وهو حديث جابر.
قال الحافظ: إذا تعارض المجمل والمفسر قدم المفسر وحديث جابر مفسر، فهو أولى أن يعمل به من حديث ابن عمر، والله أعلم[39].
وخلاصة القول في سبب النزول:
1. أنه صحيح مشهور عن ابن عمر.
2. أن نافعا في روايته لهذا السبب عن ابن عمر قد شاركه غير واحد منهم: زيد بن أسلم، وعبد الله بن عبد الله بن عمر، وسالم بن عبد الله بن عمر.
3. أن سبب النزول هذا مجمل غير مفسر، وجاء المفسر من حديث جابر رضي الله عنه.
الفهم الصحيح لرواية الإمام نافع ينفي عنه ما اتهم به:
إن معنى ما ذكره نافع - رحمه الله - عن ابن عمر في هذا السبب: أن يكون طريقا للوطء في القبل؛ لأنه لا محترث في الدبر، بل القبل هو المحترث )فأتوا حرثكم أنى شئتم(، فليس من العقل أن نتهم كلا من نافع وابن عمر أنهما لا يعلمان مكان الحرث المعروف، وهو القبل.
إن اتهام نافع مولى ابن عمر بأنه يفتي عن ابن عمر بإباحة إتيان النساء في أدبارهن، بما رواه عن ابن عمر في سبب نزول الآية، يعتبر وهما من قائله.
قال الإمام ابن القيم: "قد صح عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه فسر الآية بالإتيان في الفرج من ناحية الدبر، وهو الذي رواه عنه نافع، وأخطأ من أخطأ على نافع، فتوهم أن الدبر محل الوطء، لا طريق إلى وطء الفرج، فكذبهم نافع"[40].
ثم إن ما نقله نافع عن ابن عمر في سبب نزول الآية بقوله: "نزلت في إتيان النساء في أدبارهن" مجمل غير صريح، لا يستلزم إباحة ولا تحليلا.
قال الشوكاني: "ومن زعم منهم أن سبب نزول الآية أن رجلا أتى امرأته في دبرها، فليس في هذا ما يدل على أن الآية أحلت ذلك، ومن زعم ذلك فقد أخطأ، بل الذي تدل عليه الآية أن ذلك حرام، فكون ذلك هو السبب، لا يستلزم أن تكون الآية نازلة في تحليله، فإن الآيات النازلة على أسباب تأتي تارة بتحليل هذا، وتارة بتحريمه"[41].
يؤكد ما ذكرناه من مقصد نافع أنه جاءت عنه رواية بتحريم ذلك الفعل المشين.
قال الحافظ الذهبي: " وقد جاءت رواية أخرى عنه بتحريم أدبار النساء، وما جاء عنه بالرخصة فلو صح، لما كان صريحا، بل يحتمل أنه أراد بدبرها من ورائها في القبل، وقد أوضحنا المسألة في مصنف مفيد، لا يطالعه عالم إلا ويقطع بتحريم ذلك"[42].
ومما يؤكد براءة هذا الإمام المظلوم أنه كذب من ادعى عليه ذلك، فيما رواه النسائي وابن حزم في المحلى بإسناد صحيح، وقد ذكره ابن القيم في عون المعبود: أن أبا النضر قال لنافع: قد أكثر عليك القول أنك تقول عن ابن عمر: إنه أفتى بأن يؤتى النساء في أدبارهن؟! قال نافع: لقد كذبوا علي! ولكن سأحدثك كيف كان الأمر؛ إن ابن عمر عرض المصحف يوما وأنا عنده، حتى بلغ: )نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم( فقال: يا نافع، هل تعلم ما أمر هذه الآية؟ إنا كنا معشر قريش نجبي النساء[43]، فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار، أردنا منهن مثل ما كنا نريد من نسائنا، فإذا هن قد كرهن ذلك وأعظمنه، وكانت نساء الأنصار إنما يؤتين على جنوبهن، فأنزل الله عز وجل: )نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم( [44].
وهذا يدل دلالة قاطعة على أن مقصد نافع أن يأتيها في قبلها من دبرها، وبراءته مما نسب إليه.
إن مثل هذا الموضع مما يشكل على الناس، وقد وقع ذلك مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فسارع بتوضيحه لئلا يفهم أحد أنه يبيح هذا ويحلله.
يدل على ذلك ما جاء في حديث خزيمة بن ثابت: «أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إتيان النساء في أدبارهن؟ فقال: "حلال"، فلما ولى، دعاه، أو أمر به فدعي، فقال: كيف قلت، في أي الخربتين، أو في أي الخرزتين، أو في أي الخصفتين، أمن دبرها في قبلها؟ فنعم، أم من دبرها في دبرها؟ فلا، إن الله لا يستحيي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن»[45].
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أجاب الرجل أولا على أساس أن الإتيان في موضع الحرث - وهو القبل - هو المتبادر للذهن سواء كان عن طريق القبل مباشرة أو عن طريق الدبر إلى القبل، فخشي أن يلتبس ذلك على السامع، فناداه ووضح له الفرق بين المحرم والمباح من ذلك توضيحا كافيا شافيا نافيا للالتباس.
وهذا الذي حدث مع النبي - صلى الله عليه وسلم - والرجل في حديث خزيمة بن ثابت يشبه إلى حد قريب ما حدث مع الإمام نافع، فيما اشتبه على الناس من روايته عن ابن عمر في سبب نزول قوله تعالى: )نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم(.
فنافع عندما قال: "نزلت في إتيان النساء في أدبارهن " ظنوا أنه يفتي بجواز ذلك عن ابن عمر!! وما كان هذا مقصدهما، فإن مرادهما كما قدمنا مرارا أن يأتي في موضع الحرث من طريق الدبر.
ولما حدث ما حدث من الاشتباه على بعض الناس في ذلك بلغ ذلك سالما بن عبد الله بن عمر على أن نافعا أفتى عن والده بإباحة إتيان النساء في أدبارهن، فسارع إلى تكذيب ذلك ونفيه عن والده.
ولما بلغ ذلك نافعا - رحمه الله - سارع إلى تكذيب ما قيل عنه في ذلك، ووضح القصد مفسرا في رواية النسائي التي مرت.
ومما يؤكد أن مثل هذا الموضع يشكل على بعض الناس ما جاء عن عطاء قال: تذاكرنا هذا عند ابن عباس، فقال ابن عباس: ائتوهن من حيث شئتم، مقبلة ومدبرة، فقال: كأن هذا حلال! فأنكر عطاء أن يكون هذا هكذا، وأنكره، كأنه إنما يريد الفرج، مقبلة ومدبرة في الفرج"[46].
وهكذا نقول عن نافع: إنه أنكر أن يكون ابن عمر أحل ذلك، وكذب من ادعى عليه أنه يفتي عنه بإباحة إتيان النساء في أدبارهن.
أليست هذه فرية على هذا الإمام النبيل، وبهتان ألصق به وهو منه براء؟![47].
رابعا. استعمال العرب لفظ "الكذب" بمعنى الخطأ أو الوهم ينطبق على قول سالم الذي معنا:
إن سالما أجاب بحسب ما نقل له عن نافع؛ فإنه نقل له عنه أنه ينقل عن والده ابن عمر أنه لم يكن يرى بأسا بإتيان النساء في أدبارهن، فسار إلى نفي مثل هذا عن والده.
ولو نقل له ما رواه نافع عن ابن عمر مجملا " نزلت في إتيان النساء في أدبارهن" ما قال هذا؟ لأنه روى مثل هذا عن أبيه أيضا، وشاركهما على ذلك سعيد بن يسار وعبد الله بن عبد الله بن عمر وزيد بن أسلم، وما رووه كما قلنا لا يستلزم إحلالا ولا إباحة[48].
أما قول سالم عن نافع: "كذب العبد أو أخطأ " إنما يقصد به الخطأ، فإن الكذب كانوا يطلقونه بإزاء الخطأ، ومما يدل على ذلك أن الصحابة كانوا يوردون ألفاظ التكذيب على ألسنة بعضهم يريدون بها تخطئة بعضهم لبعض، وبيان ما وقع فيه بعضهم من وهم الكلام، والكذب بهذا المعنى لا يعصم منه أحد، لا من الصحابة ولا من غيرهم، ولا ممن دونهم، وقد جاءت كلمة الكذب على لسان بعض الصحابة بمعنى الخطأ، ومن ذلك:
قول ابن عمر - رضي الله عنه - لمال أتاه رجل فقال: إن أبا هريرة يقول: إن الوتر ليس بحتم فخذوا منه ودعوا. فقال ابن عمر: كذب أبو هريرة؛ جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن صلاة الليل فقال:«يصلي أحدكم مثنى مثنى حتى إذا خشي أن يصبح سجد سجدة توتر له ما قد صلى»[49].
ومنه قول عبادة بن الصامت رضي الله عنه: "كذب أبو محمد" إذ قال: الوتر واجب، فهذا كله من الكذب الخطأ، ومعناه "أخطأ قائل ذلك؛ وسمي كذبا لأنه يشبهه، لأنه ضد الصواب، كما أن الكذب ضد الصدق، وإن افترقا من حيث النية والقصد"[50].
وهكذا كان العرب يطلقون "الكذب" أحيانا على "الخطأ"، وليس الكذب المقصود المنهي عنه من النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ما حدث مع أسلم بن عبد الله بن عمر حيث قال: "كذب العبد"، ثم أردفها بقوله: "أو أخطأ"، وقد قال هذا القول بحسب ما نقل من أن نافعا ينقل عن والده إباحة إتيان النساء في أدبارهن، ولم ينقل له ما قاله نافع بالضبط.
ومما يدعم هذه الرؤية ما كان عليه الصحابة الكرام - رضوان الله عليهم - من ثقة بعضهم في بعض، والتزام بالصدق في كل الأقوال والأحوال، وصدقت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - إذ قالت: «ما كان خلق أبغض إلى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الكذب»[51].
وبناء عليه فلا إشكال في الحديث؛ إذ إنه صحيح كما رأينا، واتهام الإمام نافع باطل لا دليل عليه، إلا الفهم الخاطئ لما قاله هذا الإمام الجليل.
الخلاصة:
· لقد كان الإمام نافع - رحمه الله - من الرواة الثقات، وهذا ما أجمع عليه أئمة الجرح والتعديل وعلماء الأمة، ولا نعلم أحدا من العلماء جرح هذا الإمام العلم، ولقد حفظ له العلماء قدره ومكانته العلمية، وعدوا سلسلة رواته من سلاسل الذهب، وهي مالك عن نافع عن ابن عمر.
فكيف يتهمونه بالكذب وقلة العلم وهو من هذا براء؟!
· لقد كانت الدعوة إلى الإسلام قبل القتال أول الأمر؛ لأن الناس حينذاك لم تبلغهم الدعوة ولا علموا بها، أما حينما اختلف الحال بعد ذلك وعمت أصداء الدعوة الجزيرة العربية كلها، فلا حجة لأحد أن الدعوة لم تصله، وبذلك يجوز الإغارة عليه؛ لأن" الحرب خدعة " كما أخبر صلى الله عليه وسلم.
· الذي رواه نافع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أغار على بني المصطلق وهم غافلون لا إشكال فيه؛ لأن الدعوة وصلتهم كغيرهم من سكان الجزيرة العربية، يدل على هذا أنهم كانوا من المتألبين مع قريش في غزوة أحد ضد المسلمين، وأنهم أعدوا العدة بعد غزوة أحد؛ لضرب المسلمين في عقر دارهم، فكيف يقال بعد ذلك: إن الدعوة لم تبلغهم، أو إن الإنذار يجب في حقهم؟!!
· إن من المعلوم أن الإسلام حرم إتيان النساء في أدبارهن، وذلك يظهر واضحا جليا في الفهم الصحيح؛ لقوله تعالى: )نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم( (البقرة: ٢٢٣)، ومن المعلوم أن الحرث "موضع الولد" يكون في الرحم، والرحم يكون من طريق الفرج لا عن طريق الدبر، ومما يؤكد ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن إتيان النساء في أدبارهن في أكثر من حديث، يقول صلى الله عليه وسلم: "ملعون من أتى امرأة في دبرها "، فكيف يخالف هذا الإمام الجليل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم؟!
· بالرجوع إلى ما رواه الإمام نافع نجد أنه لم يبح إتيان النساء في أدبارهن، ولكن بعض الناس لم يفهموا ما رواه على الوجه الصحيح، فظنوا أنه يبيح هذا الأمر، وهو من ذلك براء، ولما سمع هذا الأمر سارع إلى تكذيب ذلك، وبين أن المقصود إتيان المرأة من دبرها في فرجها، وأن ذلك يخالف قول اليهود الذين زعموا أن الرجل إذا جامع زوجته في قبلها من دبرها جاء الولد أحول.
فهل بعد هذا يدعون أنه أباح هذا الأمر المحرم؟!
· ومما يؤكد أن نافعا أراد بروايته سبب نزول الآية أنه لم ينفرد بذكره لسبب النزول، ولكن بعض الصحابة والتابعين قد رووا روايته في سبب النزول مثل: زيد بن أسلم، وعبد الله بن عبد الله بن عمر، وسعيد بن يسار، وابن عباس.
· لقد اشتهر على لسان العرب أن يطلقلوا لفظ "الكذب" على الخطأ أو الوهم، وهذا مشهور عندهم، وقد جاءت بعض الأحاديث والآثار تؤكد ذلك، فقال ابن عمر: "كذب أبو هريرة" أي أخطأ. وكقول عائشة - رضي الله عنها: كذب من يقول ذلك، وكقول عبادة بن الصامت رضي الله عنه: "كذب أبو محمد حيث قال: "الوتر واجب"، وقول سالم بن عبد الله بن عمر من هذا القبيل،أي أخطأ نافع، ثم بين الصواب في ذلك.
(*) السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث، محمد الغزالي، دار الشروق، القاهرة، ط14، 1427هـ/2006م.
[1] . غارون: أي غافلون بدون إنذار.
[2]. الجرح والتعديل، ابن أبي حاتم الرازي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، (8/452).
[3]. الطبقات الكبير، ابن سعد، تحقيق: د. علي محمد عمر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2002م، ( 7/423).
[4]. التاريخ الكبير، البخاري، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، د. ت، (8/85).
[5]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (5/98).
[6]. الطبقات الكبير، ابن سعد، تحقيق: د. علي محمد عمر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2002م، (7/423).
[7]. الطبقات الكبير، ابن سعد، تحقيق: د. علي محمد عمر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2002م، (7/424).
[8]. تذكرة الحفاظ، الذهبي، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت، (1/100).
[9]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (5/97).
[10]. معرفة الثقات، العجلي،، تحقيق: د. عبد العليم عبد العظيم البستوي، مكتبة الدار، المدينة المنورة، ط1، 1405هـ/ 1985م، (2/310).
[11]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (5/98).
[12]. تهذيب الكمال في أسماء الرجال، الحافظ المزي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1413هـ/ 1992م، (29/304).
[13]. تهذيب الكمال في أسماء الرجال، الحافظ المزي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1413هـ/ 1992م، (29/305).
[14]. تاريخ أسماء الثقات، ابن شاهين، الدار السلفية، الكويت، ط1، 1404هـ/1984م، (1/240).
[15]. تهذيب التهذيب، ابن حجر، دار الفكر، بيروت، ط1، 1404هـ/ 1984م، (10/370).
[16]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (5/95).
[17]. تقريب التهذيب، ابن حجر، تحقيق: أبي الأشبال صغير أحمد شاغف، دار العاصمة، الرياض، ط1، 1416هـ، ص996.
[18]. شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ابن العماد الحنبلي، تحقيق: عبد القادر الأرنؤوط، دار ابن كثير، بيروت، ط1، 1408هـ/1988م، (2/82،81).
[19] . وفيات الأعيان وأنباء أبناء هذا الزمان، ابن خلكان، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت، ط7، 1994م، (5/367).
[20]. الطبقات الكبير، ابن سعد، تحقيق: د. علي محمد عمر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2002م، (7/423).
[21]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العتق، باب: من ملك من العرب رقيقا، (5/202)، رقم (2541).
[22]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الجهاد، باب: جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام، (6/2696)، رقم (4439) .
[23]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (6/2700،2699).
[24]. عون المعبود شرح سنن أبي داود، شمس الحق العظيم آبادي،دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/1990م، (7/231).
[25]. انظر: مرويات غزوة بني المصطلق، إبراهيم قريبي، عمادة البحث العلمي، المدينة المنورة، (75: 104).
[26]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجهاد والسير، باب: دعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الناس إلى الإسلام والنبوة، ( 6/130)، رقم (2945).
[27]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجهاد والسير، باب: أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري، (6/170)، رقم (3012).
[28]. زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن القيم، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط8، 1405هـ/ 1985م، (3/258،257).
[29]. انظر: جناية الشيخ محمد الغزالي على الحديث وأهله، أشرف عبد المقصود بن عبد الرحيم، مكتبة الإمام البخاري، مصر، ط1، 1410هـ/ 1989م، ص219:215.
[30]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجهاد والسير، باب: الحرب خدعة، (6/183)، رقم (3030).
[31]. صحيح مسلم ( بشرح النووي)، كتاب: الجهاد والسير، باب: تأمير الإمام الأمراء على البعوث، (6/2701)، رقم (4441).
[32]. شرح معاني الآثار، الطحاوي، تحقيق: محمد زهري النجار، دار الكتب العلمية، بيروت، ط3، 1416هـ/1996م، (3/210).
[33]. انظر: جناية الشيخ محمد الغزالي على الحديث وأهله، أشرف عبد المقصود بن عبد الرحيم، مكتبة الإمام البخاري، مصر، ط1، 1410هـ/ 1989م، ص222:219.
[34]. صحيح: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: النكاح، باب: النهي عن إتيان النساء في أدبارهن، (1/619)، ر قم (1923). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم (1923).
[35]. صحيح: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: الطهارة وسننها، باب: النهي عن إتيان الحائض، (1/209)، رقم (639). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم (639).
[36]. جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ابن جرير الطبري، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1420هـ/2000م، (4/404).
[37]. انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (8/38) بتصرف.
[38]. صحيح البخاري ( بشرح فتح الباري)، كتاب: التفسير، باب: ) نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم (، (8/37)، رقم (4528).
[39]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (8/40).
[40]. عون المعبود شرح سنن أبي داود مع شرح الحافظ ابن قيم الجوزية، شمس الحق العظيم آبادي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/1990م، (6/142).
[41]. فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، الشوكاني، تحقيق: عبد الرحمن عميرة، دار الوفاء، مصر، 1415هـ/1994م، (1/345)
[42]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (5/100).
[43]. التجبية: أن يأتيها وهي باركة على هيئة السجود.
[44]. عون المعبود شرح سنن أبي داود مع شرح الحافظ ابن قيم الجوزية، شمس الحق العظيم آبادي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/1990م، (6/141).
[45]. صحيح: أخرجه الشافعي في مسنده، كتاب: أحكام القرآن، (1/ 275)، رقم (1322). وصححه الألباني في إرواء الغليل عند تعليقه على الحديث رقم (2005).
[46]. جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ابن جرير الطبري، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1420هـ/ 2000م، (4/402).
[47]. انظر: جناية الشيخ محمد الغزالي على الحديث وأهله، أشرف عبد المقصود بن عبد الرحيم، مكتبة الإمام البخاري، مصر، ط1، 1410هـ/ 1989م، ص 369.
[48] . جناية الشيخ محمد الغزالي على الحديث وأهله، أشرف عبد المقصود بن عبد الرحيم، مكتبة الإمام البخاري، مصر، ط1، 1410هـ/ 1989م، ص367،366 بتصرف.
[49] . جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر، مكتبة التوعية الإسلامية، القاهرة، 1428هـ/ 2007م، (2/ 1100)، والحديث صحيح: أخرجه ابن حبان في صحيحه، كتاب: الصلاة، باب: الوتر، (6/ 183)، رقم (2426). وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
[50]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، الحافظ ابن حجر، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (1/242). عدالة الصحابة، د. عماد السيد الشربيني، مكتبة الإيمان، القاهرة، 1427هـ/2006م، ص 50،49.
[51]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، مسند عائشة ـ رضي الله عنها، رقم (25224). وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند: إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين.
why do men have affairs
redirect why men cheat on beautiful women
click
read dating site for married people