ادعاء أن الصحابة كان يكذب بعضهم بعضا(*)
مضمون الشبهة:
يدعي بعض المشككين أن الصحابة - رضي الله عنهم - كان يكذب بعضهم بعضا فيما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ ويستدلون على ذلك بما روي عن عروة بن الزبير بن العوام قال: قال لي أبي الزبير: أدنني من هذا اليماني - يعني أبا هريرة رضي الله عنه - فإنه يكثر الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فأدنيته منه، فجعل أبو هريرة يحدث، وجعل الزبير - رضي الله عنه - يقول: صدق، كذب، صدق، كذب. كما كذب أبو بكر الصديق المغيرة بن شعبة رضي الله عنهما في حديث ميراث الجدة، وكذب عمر أبا موسى الأشعري رضي الله عنهما في حديث الاستئذان ثلاثا، وطلبا منهما شاهدا حتى يصدقاهما. وكذلك فقد رد بعض الصحابة أحاديث صحابة آخرين، كما فعل عمر - رضي الله عنه - في حديث فاطمة بنت قيس عن طلاقها من زوجها؛ إذ قال: «لا نترك كتاب ربنا وسنة نبينا بقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت».
ويتساءلون: أليس في تكذيب الصحابة بعضهم بعضا مدعاة لعدم الوثوق فيما رووه لنا عن النبي صلى الله عليه وسلم؟!
رامين من وراء ذلك إلى الطعن في عدالة هؤلاء الصحابة الكرام، وإسقاط ما نقلوه إلينا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وجوه إبطال الشبهة:
1) إن لفظ الكذب عند العرب يعني الخطأ والغلط، لا التكذيب والافتراء، وهذا ما قصده الزبير في الرواية التي استدلوا بها، إذ قال عن أبي هريرة: أما أن يكون سمع هذه الأحاديث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا أشك، ولكن منها ما وضعه على مواضعه، ومنها ما وضعه على غير مواضعه.
2) إن طلب أبي بكر وعمر من المغيرة وأبي موسى - رضي الله عنهم - من يشهد معهما كان للاستيثاق والتثبت في الحديث، وإعطاء الصحابة جميعا درسا في التثبت في قبول الأخبار وروايتها، وليس لتكذيبهما، ويدل على ذلك قول عمر لأبي موسى: «أما إني لم أتهمك لكنه الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم».
3) عندما يرد بعض الصحابة أحاديث بعض لا يعني تكذيب بعضهم بعضا، وإنما وقع ذلك بسبب الاختلاف في فهم الأحاديث، أو عدم علم الراوي بنسخ الحديث الذي يرويه، أو لأن بعض الصحابة كانت له ظروف خاصة عامله النبي - صلى الله عليه وسلم - بمقتضاها، فيحكيها للناس على أنها حكم عام، وقول عمر عن فاطمة بنت قيس: «لا ندري أصدقت أم كذبت» لم يرد في أي من كتب السنة.
التفصيل:
أولا. إن لفظ الكذب عند الزبير يقصد به الخطأ والغلط، لا التكذيب والافتراء:
لم يكن الصحابة يكذب بعضهم بعضا، بل يبين بعضهم خطأ بعض، ولفظ (الكذب) هنا إنما يقصد به الزبير بن العوام - رضي الله عنه - الخطأ والغلط، لا التكذيب والافتراء.
لا شك أن القول بأن الزبير بن العوام - رضي الله عنه - كذب أبا هريرة قول يتنكب طريق الحقيقة والإنصاف، ويسلك طريق اقتضاب النقول والاقتصار على بعضها دون بعض، وقد اعتمد المغرضون في هذا القول على جزء من رواية تقول: "فجعل أبو هريرة يحدث، وجعل الزبير يقول: «صدق، كذب...». ولا شك أن هذا الاقتضاب جاء على طريقة )لا تقربوا الصلاة( مقتطعا قوله عز وجل: )وأنتم سكارى( (النساء: 43).
وحري بنا أن نذكر الرواية بتمامها لنفند هذا الاتهام، ونبين فساد هذا الاستدلال. قال صاحب "البداية والنهاية": وروى عروة بن الزبير قال: "قال لي أبي: أدنني من هذا اليماني - يعني أبا هريرة - فإنه يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فأدنيته منه، فجعل أبو هريرة يحدث، وجعل الزبير يقول: صدق، كذب... قلت: يا أبت؟ ما قولك: صدق، كذب؟ قال: أما أن يكون سمع هذه الأحاديث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا أشك، ولكن منها ما وضعه على مواضعه، ومنها ما وضعه على غير مواضعه".
فهل ترى في هذا النص اتهام الزبير بن العوام لأبي هريرة رضي الله عنهما؟!
إن الزبير لم يعترض على سماع أبي هريرة أو عدم سماعه - كما هو واضح بالنص - بل سلم بالسماع ولم يشك فيه، إنما قال عندما سمع أحاديث أبي هريرة الكثيرة: إنه يضع بعضها على غير ما يجب أن يوضع، ولا ضير على أبي هريرة في ذلك، ولا سبيل للطعن في صدقه؛ يقول الزبير: «صدق، كذب...»؛ التي تعني: أصاب، أخطأ، وهذا المعنى لا يصل إليه إلا من يفهم الكلام العربي.
فالصحابة - رضي الله عنهم - لم يكذب بعضهم بعضا، بل بين بعضهم خطأ بعض، وكانوا سرعان ما يعودون إلى الحق، ويدورون معه حيث دار، وإذا صدر عنهم لفظ (الكذب) فإنما يقصدون به الخطأ والغلط، لا التكذيب والافتراء، وكثيرا ما كان يحدث هذا بين الصحابة، ولا يرون فيه حرجا ولا إهانة، ولا يجرحون من قيل في حقه ذلك، أو ينقصون من عدالته وصدقه.
ومن ذلك ما قالته أسماء بنت عميس لعمر بن الخطاب: كذبت يا عمر، وكان ذلك في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهل يتصور من أسماء أو غيرها أنها تعني التكذيب بمعنى الافتراء؟! إنها تعني الخطأ ولا شك([2])؛ لأن العرب قد استعملت الكذب بمعنى الخطأ، ومن هذا قول الأخطل:
كذبتك عينك أم رأيت بواسط
غلس الظلام من الرباب خيالا
وقول ذي الرمة: وما في سمعه كذب([3]).
وفي حديث عروة قيل له: إن ابن عباس يقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لبث بمكة بضع عشرة سنة، فقال: كذب، أي: أخطأ.
ومنه قول عمر لسمرة حين قال: المغمى عليه يصلي مع كل صلاة صلاة حتى يقضيها، فقال: كذبت، ولكنه يصليهن معا؛ أي: أخطأت([4]).
ويبين د. رفعت فوزي سبب إطلاق الكذب على الخطأ بأنه "يشبهه في كونه ضد الصواب، كما أن الكذب ضد الصدق، وإن افترقا من حيث النية والقصد"([5]).
ولهذا يقول ابن القيم: الكذب نوعان: كذب عمد، وكذب خطأ، فكذب العمد معروف، وكذب الخطأ ككذب أبي السنابل بن بعكك في فتواه للمتوفى عنها زوجها إذا وضعت حملها: أنها لا تحل حتى تتم أربعة أشهر وعشرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كذب أبو السنابل»، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «كذب من قالها»، لمن قال: حبط عمل عامر؛ حيث قتل نفسه خطأ. ومنه قول عبادة بن الصامت: «كذب أبو محمد...»؛ حيث قال: الوتر واجب. فهذا كله من كذب الخطأ، ومعناه: أخطأ قائل كذا([9]).
وقال ابن تيمية: «إن الكذب كانوا يطلقونه بإزاء الخطأ، كقول عبادة: كذب أبو محمد، لما قال: الوتر واجب. وقال ابن عباس: كذب نوف. لما قال: صاحب الخضر ليس موسى نبي إسرائيل».
وقولهم أيضا: "زعم فلان" من الصحابة، كانت تعني الإخبار فقط؛ أي: أخبر فلان، كقول جابر رضي الله عنه: "زعم أبو سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم..." وسرد حديثا، وأبو سعيد من أفاضل الصحابة، وجابر أرفع حالا من أن يشك في أبي سعيد، لكنها اصطلاحاتهم"([12])، ومنه قول زينب امرأة ابن مسعود رضي الله عنهما للنبي صلى الله عليه وسلم: زعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صدق ابن مسعود، زوجك وولدك أحق»([13])، وقول الزهري: «أخبرني محمود بن الربيع، وزعم محمود أنه عقل رسول الله صلى الله عليه وسلم...»([14]).
وأنشد ابن الأعرابي:
وإني أدين لكم أنه
سينجزكم ربكم ما زعم
وقد بين ابن قتيبة معنى إنكار الصحابة على أبي هريرة أن هذا الإنكار لم يكن قط بمعنى التكذيب أو التجريح؛ فقد ذكر فيما رواه عن مطرف بن عبد الله أن عمر بن حصين - رضي الله عنه - قال: "... فأعلمك أنهم كانوا يغلطون لا أنهم كانوا يتعمدون، فلما أخبرهم أبو هريرة بأنه كان ألزمهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخدمته وشبع بطنه، وكان فقيرا معدما، وأنه لم يكن ليشغله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غرس الودي([15]) ولا الصفق بالأسواق([16])، يعرض أنهم كانوا يتصرفون في التجارات ويلزمون الضياع([17]) في أكثر الأوقات، وهو ملازم له لا يفارقه، فعرف ما لم يعرفوا، وحفظ ما لم يحفظوا - أمسكوا عنه([18]).
وهناك شيء آخر غفل عنه هؤلاء أو تغافلوا عنه، هو أن أبا هريرة - رضي الله عنه - هو أحد رواة حديث تحريم الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد روى البخاري عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «... ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»([19])([20]).
فهل يعقل أن يكون أبو هريرة أحد رواة هذا الحديث، ثم يأتي ويكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
ومن خلال ما سبق يتبين أن كل ألفاظ التكذيب التي نطق بها الصحابة في مثل هذه الرواية تحمل على هذا المعنى، وهو التخطئة لا التكذيب، وعليه فإن الزبير لم يتهم أبا هريرة بالكذب؛ لأنه يقصد بالكذب الخطأ والغلط، وهذا هو الصحيح في لغة العرب.
ثانيا. إن طلب أبي بكر وعمر من المغيرة وأبي موسى - رضي الله عنهم - من يشهد معهما إنما كان للاستيثاق والتثبت في الحديث وليس للتكذيب:
إن طلب أبي بكر وعمر من المغيرة وأبي موسى من يشهد معهما يحمل على ما عرف عنهما من التثبت في رواية الأخبار، وحمل الصحابة على ذلك، وليس تكذيبا لهما أو طعنا في مصداقيتهما.
فأبو بكر وكذلك عمر أرادا أن يعطيا الصحابة - وبخاصة صغارهم - درسا في التثبت في قبول الأخبار وروايتها، فإذا كان مثل أبي موسى والمغيرة - وهما من هما في جلالة قدرهما بين الصحابة - يطلب منهما أن يأتيا براو آخر، كان من دون أبي موسى والمغيرة من الصحابة وغيرهم من التابعين أحق بالتثبت، وأجدر بالتروي في نقل الأخبار وروايتها. هذا هو المحمل الصحيح لما صنعا، ويدل عليه قول عمر - رضي الله عنه - لأبي موسى: «أما إني لم أتهمك، ولكني خشيت أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم»([21]).
فاستدلال هؤلاء الطاعنين على أن الصحابة - رضي الله عنهم - كان يكذب بعضهم بعضا بموقف أبي بكر من المغيرة بن شعبة إنما هو استدلال خاطئ، ينم عن قصور في الفهم والإدراك؛ فقد روى معمر عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب أن أبا بكر - رضي الله عنه - قال: «هل سمع أحد منكم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها؛ أي: في الجدة - شيئا؟ فقام المغيرة بن شعبة، فقال: شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقضي لها بالسدس، فقال: هل سمع ذلك معك أحد؟ فقام محمد بن سلمة فقال: شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقضي لها بالسدس. فأعطاها أبو بكر السدس»([22]).
وما كان ذلك من أبي بكر إلا زيادة في الاحتياط والتثبت فقط، خاصة وأن توريث الجدة إثبات حكم لم يرد في القرآن، فكان تشريعا لا بد فيه من الاحتياط والتوقي، لا سيما أن أكثر أحكام المواريث شرعت بنصوص القرآن الكريم([23]).
وأما موقف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - فقد ورد في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال: «كنت في مجلس من مجالس الأنصار، إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور، فقال: استأذنت على عمر ثلاثا فلم يؤذن لي، فرجعت، فقال: ما منعك؟ قلت: استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع، فقال: والله لتقيمن عليه بينة، أمنكم أحد سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أبي بن كعب: والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم، فكنت أصغر القوم، فقمت معه فأخبرت عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك»([24]).
قال الشافعي رحمه الله: "أما في خبر أبي موسى فإلى الاحتياط؛ لأن أبا موسى ثقة أمين عنده، إن شاء الله، فإن قال قائل: ما دل على ذلك؟ قلنا: قد رواه مالك بن أنس عن ربيعة عن غير واحد من علمائهم، حديث أبي موسى، وأن عمر قال لأبي موسى: أما إني لم أتهمك ولكني خشيت أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم".
فعمر - رضي الله عنه - لم يتهم أبا موسى الأشعري، ولم يرمه بالكذب في هذا الحديث، وإنما كان ذلك منه خوفا على الحديث النبوي، وتوثيقا له.
ويوضح الإمام أبو حامد الغزالي العلل التي ربما كانت وراء تثبت الصحابة، فيقول: "أما توقف أبي بكر في حديث المغيرة في توريث الجدة فلعله كان هناك وجه اقتضى التوقف، وربما لم يطلع عليه أحد، أو لينظر أنه حكم مستقر أم منسوخ، أو ليعلم هل عند غيره مثل ما عنده ليكون الحكم أوكد، أو خلافه فيندفع، أو توقف في انتظار استظهار بزيادة، كما يستظهر الحاكم بعد شهادة اثنين على عزم الحكم إن لم يصادف الزيادة، لا على عزم الرد، أو أظهر التوقف لئلا يكثر الإقدام على الرواية عن تساهل، ويجب حمله على شيء من ذلك"([26]).
فالصحابة كانوا أبعد ما يكون من تكذيب بعضهم بعضا، "والنقل الصحيح والتاريخ النزيه عن أهواء ذوي الغايات يثبت ببيان لا غموض فيه أن الصحابة كانوا أبعد الناس عن أن يسب بعضهم بعضا، أو أن يشك بعضهم في صدق بعض، والأدلة على هذا متوافرة جدا، فقد كان الصحابي إذا سمع من صحابي آخر حديثا صدق به، ولم يخالجه الشك في صدقه، وأسنده إلى الرسول كما لو كان سمعه بنفسه، ويؤكد ذلك قول أنس: «لم يكن يكذب بعضنا بعضا»([27])، وقول البراء: «ما كل الحديث سمعناه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحدثنا أصحابنا عنه»([28])، مما يدلك على ثقة الصحابة بعضهم ببعض، ثقة لا يشوبها شك ولا ريبة، لما يؤمنون به من تدينهم بالصدق، وأنه عندهم رأس الفضائل، وبه قام الإسلام، وساد أولئك الصفوة المختارة من أهله الأولين"([29]).
وبهذا يتبين أن ما ورد على لسان أحد الصحابة بنفي ما رواه نظيره، أو قوله في مثله: "كذب فلان"، أو نحو ذلك؛ فالمراد أنه أخطأ أو نسي؛ لأن الكذب عند أهل السنة هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه عمدا أو نسيانا أو خطأ"([30]).
يقول الحافظ ابن حجر: "أهل الحجاز يطلقون الكذب في موضع الخطأ"([31]).
والإثم يختص بالعامد وحاشا الصحابة الأبرار - رضي الله عنهم - أن يتعمد أحدهم ذلك.
وعليه فإن الصحابة لم يرد بعضهم أحاديث بعض تكذيبا وإنكارا - كما حدث مع أبي بكر وعمر - وإنما كان ذلك من قبيل زيادة الاستيثاق والتثبت في رواية الأخبار، وتعليم الصحابة جميعا هذا المبدأ؛ حتى يروا أنه إذا فعل ذلك مع المغيرة وأبي موسى وهما من كبار الصحابة؛ فأولى أن يتبع هذا المنهج مع غيرهما من الصحابة.
ثالثا. رد بعض الصحابة روايات بعضهم الآخر لا يعني أنهم يكذب بعضهم بعضا:
لم تكن مسألة رد بعض الصحابة لروايات بعضهم الآخر بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبب تكذيب بعضهم بعضا، وإنما كانت هناك أسباب أدت إلى وقوع هذا الاختلاف بينهم، ومن ثم رد بعضهم روايات بعض، وهذه الأسباب هي:
1. الاختلاف في فهم الأحاديث ومدلولاتها، ومن ذلك ما رواه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه"، وفهمه على أن الحديث عام، ينص حقيقة على أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه.
وقد أنكرت السيدة عائشة رضي الله عنها ذلك وقالت: "إنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في يهودية: إنها تعذب، وهم يبكون عليها"، يعني تعذب بكفرها في حال بكاء أهلها، لا بسبب البكاء، واحتجت بالآية الكريمة: )ألا تزر وازرة وزر أخرى (38)( (النجم)([33]).
ولم تنسب السيدة عائشة رضي الله عنها إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ولا إلى ابنه الذي روى الحديث عن أبيه أنهما كذبا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد صرحت بذلك فقالت: «رحم الله عمر! ما كذب، ولكنه أخطأ أو نسي»([34]) ([35]). وقالت: «إنكم لتحدثوني عن غير كاذبين ولا مكذبين، ولكن السمع يخطئ»([36])، إذن فالاختلاف في فهم الحديث هو السبب في رد السيدة عائشة لحديث عمر، وليس تكذيبا له أو لابنه راوي الحديث.
2. نسخ الحديث فلا يبلغ راويه هذا النسخ، فيظل على روايته والعمل به، ويكون هذا سببا في معارضة بعض الصحابة، ورد روايته.
ومن ذلك ما كان يفتي به أبو هريرة - رضي الله عنه - ويحدث به: «من أصبح جنبا فقد أفطر»، فهذه الرواية قد نسخت، و لم يبلغه أن ذلك نسخ، ولكنه لما علم بذلك من بعض الصحابة، وأن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أخبرتاه: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم، رجع عن فتياه».
فلم يكذب أحد من الصحابة أبا هريرة، وإنما التمسوا له العذر في عدم علمه بنسخ الحديث الذي سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - بحديث آخر.
وفي شرح هذا الحديث يقول ابن حجر: "وذكر ابن خزيمة أن بعض العلماء توهم أن أبا هريرة غلط في هذا الحديث، ثم رد عليه بأنه لم يغلط، بل أحال على رواية صادق - الذي روى عنه أبو هريرة - إلا أن الخبر منسوخ، فحديث عائشة رضي الله عنها ناسخ لحديث الفضل - الذي حدث أبا هريرة بهذا الحديث - ولم يبلغ الفضل ولا أبا هريرة النسخ، فاستمر أبو هريرة على الفتيا به، ثم رجع عنه بعد ذلك لما بلغه"([38]).
3. كان لبعض الصحابة ظروف خاصة يعامله بها الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيحكيها للناس على أنها حكم عام، فيقع بينهم نقاش علمي محض، لا مدخل فيه للنقد المبني على الريبة في الصدق، ولا أثر فيه للتصديق أو التكذيب، فهذا يروي حديثا فيراه الآخر منسوخا أو مخصوصا أو مقيدا، وهذا يحدث بحديث فيراه الآخر خاصا بمن حكم له الرسول - صلى الله عليه وسلم - لظروف خاصة به، وهذا يذكر خبرا فيذكره الآخر على وجه آخر ويحكم عليه بأنه وهم فيه، أو نسي، أو نقص منه، أو ما أشبه ذلك.
وعلى ذلك فكل ما ورد في الآثار عن الصحابة في رد بعضهم على بعض، واستدراك صحابي على آخر، مرده إلى ما ذكرناه، وليس معناه تكذيبا من فريق لفريق.
أما استدلالهم بموقف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من فاطمة بنت قيس، فقد قالوا فيه: «إن فاطمة بنت قيس روت أن زوجها طلق، فبت الطلاق، فلم يجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لها نفقة ولا سكنى، وقال لها: "اعتدي في بيت ابن أم مكتوم؛ فإنه رجل أعمى"، فردها أمير المؤمنين قائلا: لا نترك كتاب ربنا وسنة نبينا بقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت، حفظت أم نسيت، وعند البخاري عن عائشة أنها قالت: "ما لفاطمة؟! ألا تتقي الله؟ يعني في قولها: لا سكنى ولا نفقة»([40]).
إن قول عمر: «لا ندري أصدقت أم كذبت» لم يرد في كتاب من كتب الحديث قاطبة، وقال الدكتور مصطفى السباعي في هذا: "وقد بحثت في كل مصدر استطعت الوصول إليه من مصادر الحديث في مختلف دور الكتب العامة؛ فلم أعثر على من ذكره بهذا اللفظ، بل الذي فيها: «حفظت أم نسيت»، ولم يرد ذلك اللفظ إلا في بعض الكتب، كشرح مسلم الثبوت، وليس في صحيح مسلم إلا «حفظت أم نسيت»([41])، وقد نبه شارح مسلم الثبوت إلى هذا، فقال: "والمحفوظ في صحيح مسلم: «حفظت أم نسيت»، كما أنه من المعلوم أن "مسلم الثبوت" ليس من كتب السنة، ولا يرجع إليه في معرفة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وبذلك فإن ما استدلوا به على تكذيب الصحابة بعضهم بعضا لا يحتج به؛ لعدم وجوده أصلا.
وعلى فرض صحة هذه العبارة - وهو ما لم يثبت حتى الآن - فكان ينبغي حمل كلمة «كذبت» على الخطأ، وحمل كلمة «صدقت» على الصواب، كما بينا في الوجه الأول، وقد قال ابن حجر: أهل الحجاز يطلقون الكذب على الخطأ، وإنما رد عمر خبر فاطمة؛ لأنه وجده متعارضا مع ما صح عنده من الكتاب والسنة، ومن المعلوم أن الخبرين إذا تعارضا يصار إلى الأقوى منهما، ومدلول الكتاب أقوى من مدلول السنة بيقين، فلا جرم أنه كان متعينا على عمر ترك خبرها، والأخذ بما قام عنده من الأدلة، واعتذر عنها بأنها لعلها نسيت فأخبرت بما أخبرت، وليس في هذا تشكيك ولا طعن.
وبهذا يتضح أنه لم يقع من الصحابة شك ولا نقد قائم على التكذيب من فريق نحو فريق، وكل ما أثر عنهم لا يخرج عن كونه نقاشا علميا في فهم الحديث، أو يكون تعليما للجيل الناشئ لينشأ على ما كان عليه الصحابة من التحري والتثبت، وكل ذلك يدل على حرصهم على الحق، وإخلاصهم للعلم، واهتمامهم بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتأديته إلى الأمة من بعدهم خاليا من اللبس والوهم، فرضي الله عن هذا الجيل الفريد في تاريخ الإنسانية، وجزاهم عنا أكمل الجزاء([43]).
الخلاصة:
· إن ألفاظ "التكذيب" التي وردت على ألسنة الصحابة لم يكن معناها الافتراء، وإنما يقصدون بها الخطأ والغلط، وقد عرفت عند العرب بهذا المعنى.
· لم يقصد الزبير بن العوام من قوله: «صدق، كذب...» تكذيب أبي هريرة، وإنما كان يقصد أن أبا هريرة أصاب في وضع بعض الأحاديث في مواضعها، وأخطأ في وضع بعضها على غير ما يجب أن توضع.
· إن طلب أبي بكر وعمر من المغيرة وأبي موسى - رضي الله عنه - من يشهد معهما إنما كان للاستيثاق والتثبت في الحديث، وليس للتكذيب، وأرادا بذلك أن يعطيا درسا للصحابة جميعا - خاصة الصغار منهم - حتى لا يرووا حديثا إلا بعد التثبت منه؛ ويؤكد ذلك ما قاله عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لأبي موسى الأشعري: «أما إني لم أتهمك ولكن خشيت أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فالهدف كان الحفاظ على حديث رسول الله لا التكذيب، وهذا ما قصده أبو بكر عندما طلب من المغيرة شاهدا معه على حديث ميراث الجدة.
· يقول أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن الصحابة: «لم يكن يكذب بعضنا بعضا»، وبذلك فإن القول بتكذيب الصحابة بعضهم بعضا مردود، والأدلة تثبت عكسه، إنما هو النقاش العلمي النزيه، وتحري الحق.
· إن ما ورد على لسان أحد الصحابة مثل: "كذب فلان" أو نحو ذلك، فإن المراد منه أنه أخطأ أو نسي؛ لأن الكذب يعني عند أهل السنة الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه عمدا أو نسيانا أو خطأ، وهذا مشهور عندهم.
· لم يكن رد بعض الصحابة أحاديث بعضهم الآخر بسبب التكذيب، وإنما كانت هناك أسباب أدت إلى وقوع الخلاف بينهم؛ مما أدى إلى رد بعضهم روايات بعض، وهذه الأسباب هي:
o الاختلاف في فهم الأحاديث ومدلولاتها، مما يؤدي إلى الاعتقاد بعدم صحتها.
o نسخ الحديث بحديث آخر دون علم الراوي بذلك، فيكون هذا سببا في رد الصحابة لهذا الحديث.
o كان لبعض الصحابة ظروف خاصة يعامله بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فيحكيها هذا الصحابي للناس على أنها حكم عام، فيقع بينهم نقاش علمي حول هذا الحديث الذي يحكي عنه.
فكل ما ورد في الآثار عن الصحابة في رد بعضهم أحاديث بعض، واستدراك صحابي على آخر مرده إلى ما ذكرناه، وليس معناه تكذيبا من فريق لآخر.
· أما استدلالهم بقول عمر عن حديث فاطمة بنت قيس: «لا نترك كتاب ربنا وسنة نبينا بقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت»، فهو استدلال مردود؛ لأن عمر لم يقل ذلك، وإنما قال: «... لا ندري أحفظت أم نسيت»، وعلى فرض صحة هذه العبارة فإن كلمة «كذبت» تحمل على الخطأ، وكلمة «صدقت» على الصواب.
وبذلك فإن ما قصده عمر - رضي الله عنه - أن هذه المرأة لم تدر أن هذا الحكم الذي حكم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاص بها وليس عاما، ولم يقصد أنها كذبت في هذا الخبر.
(*) السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، د. مصطفى السباعي، دار السلام، القاهرة، ط3، 1427هـ/ 2006م. السنة النبوية حجية وتدوينا، محمد صالح الغرسي، مؤسسة الريان، بيروت، ط1، 1422هـ/ 2002م. السنة المطهرة والتحديات، نور الدين عتر، دار المكتبي، دمشق، ط1، 1419هـ/ 1999م. السيدة عائشة وتوثيقها للسنة، جيهان رفعت فوزي، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط1، 1421هـ/ 2001م.
[1]. البداية والنهاية، ابن كثير، دار التقوى، القاهرة، 2004م، (4/ 593).
[2]. أبو هريرة راوية الإسلام، د. محمد عجاج الخطيب، مكتبة وهبة، القاهرة، ط3، 1402هـ/ 1982م، ص233، 234 بتصرف.
[3]. لسان العرب، ابن منظور، دار المعارف، القاهرة، د. ت، (5/ 3843).
[4]. النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير الجزري، تحقيق: طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي، المكتبة العلمية، بيروت، 1399هـ/ 1979م، (4/ 282).
[5]. توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته، د. رفعت فوزي عبد المطلب، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط1، 1400هـ/ 1981م، ص34.
[6]. إسناده صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود، (6/ 136)، رقم (4273). وصحح إسناده أحمد شاكر في تعليقه على المسند.
[7]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الديات، باب: إذا قتل نفسه خطأ فلا دية له، (12/ 227)، رقم (6891).
[8]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: الصلاة، باب: المحافظة على وقت الصلوات، (2/ 66، 67)، رقم (421). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (425).
[9]. مدارج السالكين، ابن قيم الجوزية، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط2، 1393هـ/ 1973م، (1/ 364).
[10]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العلم، باب: ما يستحب إذا سئل أي الناس أعلم، (1/ 263)، رقم (122). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفضائل، باب: من فضائل الخضر عليه السلام، (8/ 3505)، رقم (6047).
[11]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: عامر الجزار وأنور الباز، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (22/ 266).
[12]. دفاع عن أبي هريرة، د. عبد المنعم صالح العلي، نقلا عن: توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته، د. رفعت فوزي، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط1، 1400هـ/ 1981م، ص35.
[13]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الزكاة، باب: الزكاة على الأقارب، (3/ 381)، رقم (1462).
[14]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الرقاق، باب: العمل الذي يبتغى به وجه الله، (11/ 246)، رقم (6422).
[15]. الودي: هو صغار النخل.
[16]. الصفق بالأسواق: كناية عن التجارة والعمل.
[17]. الضياع: المزارع والبساتين.
[18]. تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة، دار الحديث، القاهرة، 1427هـ/ 2006م، ص92، 93.
[19]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العلم، باب: إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، (1/ 242)، رقم (107). صحيح مسلم (بشرح النووي)، المقدمة، باب: تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، (1/ 169).
[20]. دفع الشبهات عن السنة النبوية، د. عبد المهدي عبد القادر عبد الهادي، مكتبة الإيمان، القاهرة، ط1، 1421هـ/ 2001م، ص173.
[21]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: الأدب، باب: كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان، (14/ 59)، رقم (5173). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (5184).
[22]. صحيح لغيره: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الشاميين، حديث محمد بن مسلمة الأنصاري، رقم (18007). وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على مسند أحمد: صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين.
[23]. السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، د. مصطفى السباعي، دار السلام، القاهرة، ط3، 1427هـ/ 2006م، ص76 بتصرف.
[24]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الاستئذان، باب: التسليم والاستئذان ثلاثا، (11/ 28، 29)، رقم (6245). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الآداب، باب: الاستئذان، (8/ 3272)، رقم (5522).
[25]. الرسالة، الشافعي، تحقيق: أحمد محمد شاكر، المكتبة العلمية، بيروت، د. ت، ص434، 435.
[26]. المستصفى من علم الأصول، أبو حامد الغزالي، تحقيق: محمد سليمان الأشقر، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1417هـ/ 1997م، (1/ 287، 288).
[27]. صحيح: أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، (1/ 346)، رقم (699). وصححه الألباني في ظلال الجنة برقم (816).
[28]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الكوفيين، حديث البراء بن عازب، رقم (18516). وصححه شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند.
[29]. السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، د. مصطفى السباعي، دار السلام، القاهرة، ط3، 1427هـ/ 2006م، ص244 بتصرف.
[30]. السنة النبوية حجية وتدوينا، محمد صالح الغرسي، مؤسسة الريان، بيروت، ط1، 1422هـ/ 2002م، ص131 بتصرف.
[31]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (8/ 642).
[32]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجنائز، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه"، (3/ 181)، رقم (1287). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الجنائز، باب: الميت يعذب ببكاء أهله عليه، (4/ 1526)، رقم (2113).
[33]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجنائز، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه"، (3/ 181)، رقم (1288). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الجنائز، باب: الميت يعذب ببكاء أهله عليه، (4/ 1527)، رقم (2115).
[34]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الجنائز، باب: الميت يعذب ببكاء أهله عليه، (4/ 1529)، رقم (2122).
[35]. الإجابة لإيراد ما استدركته السيدة عائشة على الصحابة، بدر الدين الزركشي، تحقيق: رفعت فوزي عبد المطلب، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط1، 2001م، ص61.
[36]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الجنائز، باب: الميت يعذب ببكاء أهله عليه، (4/ 1527)، رقم (2115).
[37]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الصوم، باب: الصائم يصبح جنبا، (4/ 169، 170)، رقم (1926).
[38]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (4/ 171: 176).
[39]. السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، مصطفى السباعي، دار السلام، القاهرة، ط3، 1427هـ/ 2006م، ص245 بتصرف.
[40]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الطلاق، باب: قصة فاطمة بنت قيس، (9/ 387)، رقم (5323، 5324).
[41]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الطلاق، باب: المطلقة ثلاثا لا نفقة لها، (6/ 2321)، رقم (3644).
[42]. السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، د. مصطفى السباعي، دار السلام، القاهرة، ط3، 1427هـ/ 2006م، ص246 بتصرف.
[43]. السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، د. مصطفى السباعي، دار السلام، القاهرة، ط3، 1427هـ/ 2006م، ص246، 247 بتصرف.
why do men have affairs
redirect why men cheat on beautiful women
go
link how long for viagra to work
read here
website why women cheat on men
My girlfriend cheated on me
find an affair signs of unfaithful husband