الزعم أن أبا هريرة كان مجرد راوية لا شأن له بالفقه والاجتهاد(*)
مضمون الشبهة:
يزعم بعض المتقولين أن أبا هريرة كان راوية فقط، غير ملم بأدوات الاجتهاد، ولا مستوف لشرائطه، مستدلين على ذلك بما روي في الصحاح من أنه أفتى بفطر من أصبح جنبا في رمضان قبل أن يغتسل مستندا لخبر لم يسمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما أعلمه به الفضل، معارضا بذلك الحكم الأصوب الذي أفتت به عائشة وأم سلمة؛ مستندتين لما شاهدتاه من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة.
ويتساءلون: كيف لنا أن نثق في روايات أبي هريرة وهو الذي يحدث عن النبي دونما سماع منه؟! وإذا كان أبو هريرة مجتهدا - حقا - لا مجرد راوية، فكيف لم يعلم حكم المسألة ويفتى به بدلا من خلافه؟! ولماذا لم يصمت ورعا طالما لا علم له به؟!
وجوه إبطال الشبهة:
1) لقد اجتمعت لأبي هريرة - رضي الله عنه - شروط الاجتهاد وأدواته؛ فكان - رضي الله عنه - عالما فقيها مجتهدا حريصا على العلم زاهدا ورعا ذا منهج علمي في التحمل والرواية والفتيا، حافظا محققا، مدققا، راسخا في العلم، وسيرته خير شاهد عليه.
2) كان أبو هريرة - رضي الله عنه - خامس خمسة يفتون بالمدينة ويحدثون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لدن وفاة عثمان - رضي الله عنه - إلى أن توفوا، وإلى هؤلاء الخمسة صارت الفتوى، وقد عرف الصحابة فضله؛ فأنزلوه منزلته وقدروه حق قدره.
3) إن إفتاء أبي هريرة بفطر من أصبح جنبا كان استنادا لحديث منسوخ، وحين علم أبو هريرة ناسخه أخذ به وأفتى بمقتضاه متراجعا عن فتواه، على أنه حين لم يعلم الناسخ لا يعتبر جاهلا أو مجرد راوية، وحين أسند الدليل للنبي - دون سماع منه - لم يكن كاذبا أو متقولا؛ فالأولى واقعة شهدتها - عائشة وأم سلمة - ولم يشهدها هو، والثانية من مراسيل الصحابة، وإرسالهم محتج به، وجرى عليه العمل؛ لعدالتهم، وليس أبو هريرة - رضي الله عنه - بدعا من الصحابة فيه.
التفصيل:
أولا. أبو هريرة فقيه مجتهد مستوف أدوات الاجتهاد وشرائطه:
لقد أرسى القرآن الكريم والسنة النبوية المنهج العلمي الكفيل بتخريج العلماء الجهابذة في كل علم وفن، ولقد كان أبو هريرة ثمرة من ثمار هذا المنهج، وعالما متبعا لهذا المنهج، وقد كانت هناك عدة عوامل ساعدت أبا هريرة أن يكون عالما فقيها مجتهدا، وهذه العوامل تتمثل فيما يأتي:
1. حرصه على العلم بالكتاب والسنة:
لقد كان أبو هريرة يعرف أن قيمة العلم تربو على المال، بل على الدنيا بأسرها؛ لأن العلم ميراث الأنبياء، ولقد جاءت نصوص القرآن والسنة معلية من شأن العلم والعلماء، ولما كان أبو هريرة رجلا ذا حس مرهف، فقد جذبته هذه النصوص، وجعلته يحرص على العلم حرصا منقطع النظير.
ولقد شهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشدة الحرص على العلم، وأنه أحرص الصحابة عليه؛ فلقد سأل أبو هريرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم قائلا: «يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فأجابه - صلى الله عليه وسلم - قائلا: لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك؛ لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه، أو نفسه»[1].
وهذه الشهادة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كافية للتدليل "على حرص أبي هريرة على العلم وعلى كفاءته في تحمله وأدائه في الوقت ذاته، وكذا فقهه والعمل به، ولقد ساعده على ذلك تفرغه التام لتعلم العلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفوق ذلك كله دعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - له بعدم نسيان العلم"[2]، ولاشك أن تحمل العلم أول مراتب الاجتهاد.
ولقد كان أبو هريرة يشعر بدافع داخلي ذاتي، وإحساس فطري يجذبه نحو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي تطيب نفسه برؤيته، وينشرح صدره لحديثه، لهذا كثيرا ما نرى أبا هريرة يبذل جهده في خدمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إنه كان يحمل له الماء لقضاء حاجته، وهو في هذا كله ينهل من المعين الصافي، والمنبع الطيب، يسأل الرسول تارة، ويسمع منه أخرى، ويجالسه حينا، ويراه أحيانا فيتعلم دقيق أحكام الشريعة وعظيمها... لأجل ذلك نراه يقول: "الحمد لله الذي هدى أبا هريرة للإسلام، الحمد لله الذي علم أبا هريرة القرآن، الحمد لله الذي من على أبي هريرة بمحمد صلى الله عليه وسلم "[3].
ولقد كان "أبو هريرة يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة المنورة، وفي مكة المكرمة، كما حدث في دمشق، وحفظ عن أهلها، وحدث في العراق والبحرين، وكان يحدث حيثما حل، ويفتي الناس بما سمع من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ومن يتتبع حديثه يرى أنه قد جعل بيته معهدا للمسلمين يترددون إليه؛ ليسمعوا حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما كان يستقبل طلاب العلم في أرضه بالعقيق، وكانت أكثر مجالسه في المسجد النبوي إلى جانب الحجرة المشرفة"[4].
ولقد سمع أبو هريرة القرآن الكريم من الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما سمع منه الحديث، وكان - رضي الله عنه - شيخ شيوخ نافع صاحب القراءة المشهورة، قال ابن حزم رحمه الله: "ولأهل المدينة، القراءة المعروفة بنافع بن أبي نعيم، مات سنة تسع وستين ومائة، قرأ على يزيد بن القعقاع وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج و مسلم بن جندب الهذل، ويزيد بن رومان وشيبة بن نصاح، هؤلاء عن أبي هريرة، وابن عباس وعبد الله بن عباس بن أبي ربيعة المخزومي، وهؤلاء كلهم عن أبي بن كعب"[5].
ولقد كان الإمام الذهبي - رحمه الله - عالما بمكانة أبي هريرة في العلم والاجتهاد؛ فهو يقول في ترجمته: " أبو هريرة الإمام الفقيه المجتهد الحافظ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم "[6]، ويقول في موضع آخر: " وقد ذكرته في طبقات القراء... وذكرته في تذكرة الحفاظ، فهو رأس في القرآن، وفي السنة، وفي الفقه"[7].
2.الاجتهاد في العبادة والورع:
إنه من المعلوم لمن فقه في دين الله أن اجتهاد الإنسان في العبادة أوسع أبواب نعم الله تعالى القائل: )ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا( (الطلاق: ٤).
وقال سبحانه وتعالى: )يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم (29)( (الأنفال).
والمعنى: إن المؤمن إذا اتقى الله فابتعد عن المعاصي، واجتهد في الطاعات فإن الله يجعل له نورا في صدره يفرق به بين الحق والباطل، والخطأ والصواب.
والدارس لسيرة أبي هريرة يجد الرجل يجتهد في العبادة، مع الزهد والورع، فهو القائل: «أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث، لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر»[8].
ولقد كان يسمع الآية من كتاب الله فيعمل بمقتضاها؛ لأنه يعلم أن الذين يخالفون أمر الله من الأشقياء الذين توعدهم الله، وعلى هذا النهج نفسه "صار مع حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلتزم ويقتدي و يطبق، ويعمل، وبهذا النهج في العبادة تقدم أبو هريرة علميا؛ فإن العبادة سبيل التقدم في كل خير و سبيل التقدم في العلم خاصة.
إن المتعبد تصفو روحه، ويأنس بدنه، ويسمو فكره، فيتقدم في طلب العلم تقدما لا يمكن تحققه بغير العبادة"[9]، حتى إذا ما اجتهد أصاب في اجتهاده. وبهذا الأمر صار أبو هريرة فقيها عالما متحريا مجتهدا.
3.سلامة منهجه العلمي:
لقد حافظ أبو هريرة على ما عنده من العلم والحديث الذي حفظه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك ببركة دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - له أن لا ينسى؛ لذا وجد الصحابة والتابعون فيه صحابيا، حافظا، محققا، مدققا، إذا ناقشه أحد ثبت أنه الحافظ وإذا روجع في مسألة ثبت أنه الراسخ، لم يجربوا عليه خطا ولا كذبا، كيف وقد روى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»[10]، ولقد كان - رضي الله عنه - يعرف قيمة الفقه؛ فلقد سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين»[11].
ولاشك أن سلامة منهج أبي هريرة العلمي جاءت نتيجة حرصه على العلم، وورعه وتقواه، وكذلك حرصه على تتبع حديثه - صلى الله عليه وسلم - وأحكامه وفتاواه، وهذا كله كان له أكبر الأثر في أن يكون أبو هريرة عالما فقهيا مجتهدا.
ولابد أن نعلم حقيقة مهمة "أنه لم يكن شرط الاجتهاد في زمن الصحابة إلا معرفة النصوص؛ لتوفر حظهم من الفهم للمعاني، وسلامة فطرهم الصحيحة من تعبيرات المبتدعة، ووضع القوانين الفاسدة"[12]، وما كان أبو هريرة إلا واحدا من هؤلاء الصحابة.
ثانيا. إن أبا هريرة - رضي الله عنه - ممن نقلت عنهم الفتيا من الصحابة:
كان أبو هريرة - رضي الله عنه - من علماء الصحابة وفضلائهم، يشهد بذلك رواية كثير منهم عنه، ورجوعهم إليه في الفتوى؛ فقد روى عنه من الصحابة: زيد بن ثابت، وأبو أيوب الأنصاري، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وأبي بن كعب، وجابر بن عبد الله، وعائشة، والمسور بن مخرمة، وأبو موسى الأشعري، وأنس بن مالك، وأبو رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم من الصحابة.
وروى عنه من التابعين: قبيصة بن ذؤيب، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وسالم بن عبد الله بن عمر، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وأبو صالح السمان، وعطاء بن أبي رباح، وعطاء بن يسار، ومجاهد، والشعبي، وابن سيرين، وعكرمة، ونافع مولى ابن عمر، وأبو إدريس الخولاني، وغيرهم من التابعين رضي الله عنهم[13].
قال البخاري: روى عنه - أي: أبو هريرة - ثمانمائة نفس أو أكثر[14]، وكما رووا عنه فقد رجعوا إليه في السؤال والفتوى، ومنهم من قدمه في ذلك ووافقه فيما قال، "قال الشافعي - رحمه الله، أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد، عن بكير بن الأشج، عن معاوية بن أبي عياش الأنصاري: أنه كان جالسا مع ابن الزبير، فجاء محمد بن إياس بن البكير، فسأل عن رجل طلق ثلاثا قبل الدخول، فبعثه إلى أبي هريرة وابن عباس - وكانا عند عائشة - فذهب فسألهما، فقال ابن عباس لأبي هريرة: أفته يا أبا هريرة؛ فقد جاءت معضلة، فقال: الواحدة تبينها، والثلاث تحرمها، وقال ابن عباس: مثل ذلك"[15].
قال الذهبي معلقا على هذا الخبر بعد ذكره: "وناهيك أن مثل ابن عباس يتأدب معه، ويقول: أفت يا أبا هريرة".
ولذلك قال عنه الذهبي: "وكان من أوعية العلم مع الجلالة والعبادة والتواضع"[16]، ومن هذا فإن أبا هريرة - رضي الله عنه - لم يكن "راوية للحديث فقط، كما ادعى المغرضون، بل كان من رءوس العلم في زمانه، في القرآن والسنة والاجتهاد، فإن صحبته وملازمته رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاحت له أن يتفقه في الدين، ويشاهد السنة العملية، عظيمها ودقيقها، ويحفظ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكثير الطيب، فتكونت عنده حصيلة كبيرة من الحديث الشريف، وقد اطلع على حلول أكثر المسائل الشرعية التي كانت تعرض للمسلمين في عهده - صلى الله عليه وسلم - كل ذلك هيأ أبا هريرة لأن يفتي المسلمين في دينهم نيفا وعشرين سنة، والصحابة كثيرون آنذاك"[17].
يقول زياد بن مينا: "كان ابن عباس، وابن عمر، وأبو سعيد، وأبو هريرة، وجابر، مع أشباه لهم، يفتون بالمدينة ويحدثون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لدن توفي عثمان إلى أن توفوا، قال: وهؤلاء الخمسة إليهم صارت الفتوى"[18].
وقد عمل الصحابة ومن بعدهم بحديث أبي هريرة في مسائل كثيرة تخالف القياس، كما عملوا كلهم بحديثه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها»[19].
وقد عمل أبو حنيفة والشافعي وغيرهما بالحديث الذي رواه: «إذا نسى فأكل وشرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه»[20].
مع أن القياس عند أبي حنيفة: أنه يفطر، فترك القياس لخبر أبي هريرة.
وهذا مالك قد عمل بحديث أبي هريرة في غسل الإناء سبعا من ولوغ الكلب، مع أن القياس عنده: "أنه لا يغسل لطهارته عنده"[21].
"وقد ولي أبو هريرة البحرين لعمر، وأفتى بها في مسألة المطلقة طلقة واحدة ثم يتزوج بها آخر، ثم بعد الدخول فارقها، فتزوجها الأول، هل تبقى عنده على طلقتين - كما هو قول عمر وغيره من الصحابة، ومالك والشافعي، وأحمد في المشهور عنه - أو تلغى تلك التطليقة، وتكون عنده على الثلاث، كما هو قول ابن عباس وابن عمر وأبي حنيفة، ورواية عن عمر، بناء على أن إصابة الزوج تهدم ما دون الثلاث، كما هدمت إصابته لها الثلاث، فالأول مبني على أن إصابة الزوج الثاني، إنما هي غاية التحريم الثابت بالطلاق الثلاث؛ فهو الذي يرتفع، والمطلقة دون الثلاث لم تحرم، فلا ترفع الإصابة منها شيئا.
وبهذا أفتى أبو هريرة، فقال له عمر: لو أفتيت بغيره، لأوجعتك ضربا"[22].
ويحكي سالم أنه سمع أبا هريرة، يقول: "سألني قوم محرمون عن محلين أهدوا لهم صيدا، فأمرتهم بأكله، ثم لقيت عمر بن الخطاب، فأخبرته. فقال: لو أفتيتهم بغير هذا، لأوجعتك"[23].
وهكذا تصدر أبو هريرة في المدينة للفتوى والاجتهاد يسأله الناس فيجيبهم أويستفتونه فيفتيهم، ويستشهدونه على حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيشهد لهم.
من هذا ما رواه البخاري بسنده عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه «سمع حسان بن ثابت الأنصاري يستشهد أبا هريرة، فيقول: يا أبا هريرة، نشدتك بالله، هل سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يا حسان أجب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللهم أيده بروح القدس، قال أبو هريرة: نعم»[24].
وقد عرف الصحابة والتابعون وأهل العلم من بعدهم منزلته ومكانته، فكانوا يحتجون بعلمه واجتهاده، ومن هذا ما رواه الإمام مالك عن نافع، مولى عبد الله بن عمر أنه قال: «شهدت الأضحى والفطر مع أبي هريرة، فكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة، وفي الأخيرة خمس تكبيرات قبل القراءة»[25].
ومن هذا أيضا ما رواه الإمام مالك أنه بلغه أن: «عثمان بن عفان، وعبد الله بن عمر، وأبا هريرة كانوا يصلون على الجنائز بالمدينة، الرجال والنساء، فيجعلون الرجال مما يلي الإمام، والنساء مما يلي القبلة»[26].
من هذا يتبين لنا أن أبا هريرة "كان أحد أعلام الصحابة - رضي الله عنهم - في الفتوى والاجتهاد، وأنه لا يقل في ذلك عن عبد الله بن عمر، وعثمان بن عفان وغيرهما من كبار الصحابة، وأنه كثيرا ما كانت تتلاقى فتاواه بفتاوى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب؛ لسعة علمه، وإتقانه وحفظه، وفضله ومكانته، وورعه وتقواه؛ لذا كثر عليه الناس في عصره ينهلون من علمه ويعملون به، وبقي علما لمن بعده يقتدي به ويهتدي بسيرته"[27].
وبعد...ففيما أسلفنا ذكره شاهد صدوق على قدر هذا الصحابي الجليل الحافظ المجتهد، الورع الفقيه، الذي ملأ الدنيا بعلمه وفقهه، مما يدل على تهافت المفترين عليه، المدعين أنه لم يكن فقيها ولا مجتهدا.
ثالثا. عدم معرفة أبي هريرة بأن حديث «من أصبح جنبا فلا صوم له»[28] قد نسخ بحديث عائشة، لا يقدح في عدالته:
وليس في الحديث المذكور ما يخل بعدالة أبي هريرة - رضي الله عنه - ولا ما يطعن في أمانته؛ إذ كل ما فيه أنه كان يفتي بما علم، وهو ما رواه له الفضل عن النبي صلى الله عليه وسلم، والظاهر أن هذا الحكم كان في مبدأ الإسلام؛ فقد كان الرجل في مبدأ الإسلام إذا صلى العشاء ونام حرم عليه الأكل والشرب والجماع حتى يصبح، ثم اقتضت رحمة الله التخفيف على الأمة بتحليل الأكل والشرب والجماع إلى طلوع الفجر، وهو ما جاء في قوله عز وجل: )أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون (187)( (البقرة)
وإليك ما قاله العلماء الأثبات في هذا الحديث؛ فقد ذكر الحافظ في الفتح "أن أبا هريرة لم يغلط، بل أحال على رواية صادق إلا أن الخبر منسوخ؛ لأن الله تعالى عند ابتداء فرض الصيام منع في ليل الصوم من الأكل والشرب والجماع بعد النوم، قال: فيحتمل أن يكون خبر الفضل كان حينئذ، ثم أباح الله ذلك كله إلى طلوع الفجر، فكان للمجامع أن يستمر إلى طلوعه،فيلزم أن يقع اغتساله بعد طلوع الفجر فدل على أن حديث عائشة ناسخ لحديث الفضل، ولم يبلغ الفضل ولا أبا هريرة الناسخ، فاستمر أبو هريرة على الفتيا به، ثم رجع بعد ذلك عنه لما بلغه... وإلى دعوى النسخ ذهب ابن المنذر والخطابي وغير واحد"[29].
فأبو هريرة كان يفتي حتى علم الناسخ فرجع عنه، وتلك كما قال الحافظ في الفتح: "فضيلة لأبي هريرة؛ لاعترافه بالحق ورجوعه إليه، وفيه استعمل السلف من الصحابة والتابعين الإرسال عن العدول من غير نكير بينهم؛ لأن أبا هريرة اعترف بأنه لم يسمع هذا الحديث من النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أنه كان يمكنه أن يرويه عنه بلا واسطة وإنما بينها لما وقع من الاختلاف"[30]، فانظر يا أخي كيف جعل الطاعنون الفضيلة رذيلة.
وإذا كان أبو هريرة - رضي الله عنه - أسند إلى الرسول ما لم يسمعه، فإن هذا هو مرسل الصحابي الذي لم ينفرد به أبو هريرة، بل شاركه كثير من الصحابة كأنس والبراء وابن عباس وابن عمر، هؤلاء وأمثالهم أسندوا إلى الرسول ما سمعوه من صحابته عنه؛ وذلك لما ثبت عندهم من عدالة الصحابي وصدقه، فلم يكونوا يجدون حرجا في صنيعهم هذا؛ فقد روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم «إنما الربا في النسيئة»[31]، ولما روجع فيه، قال: أخبرني به أسامة بن زيد، والأمثلة على ذلك كثيرة.
وقد قال أنس بن مالك رضي الله عنه: «والله ما كل ما نحدثكم عن رسول الله سمعناه منه، ولكن لم يكن يكذب بعضنا بعضا»[32]، وقال البراء: «ما كل الحديث سمعناه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحدثنا أصحابه عنه، وكانت تشغلنا عنه رعية الإبل»[33].
هذا ما يسمى "عند العلماء بمرسل الصحابي، وقد أجمعوا على الاحتجاج به، وأن حكمه حكم المرفوع"[34]، ومن هذا نستطيع القول بأن أبا هريرة في إرساله هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعدم تصريحه في البداية بأنه سمعه من الفضل بن عباس لا يعد بذلك كاذبا على النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن هذا الأمر كان متعارفا عليه بين الصحابة الكرام؛ لذلك لم ير أبو هريرة غضاضة من التصريح بسماعه من الفضل لا من النبي عندما اقتضت الحاجة ذلك، كما في الحديث.
ثم إن كتب الصحيح لم تذكر إنكار عائشة عليه، ولكنها ذكرت المسألة على أن أبا هريرة استفتي في صوم من أصبح جنبا فأفتى بأنه لا صوم له، فاستفتيت عائشة وأم سلمة في المسألة نفسها فكلتاهما أفتت بصحة صومه، وأخبرتنا: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله، ثم يغتسل ويصوم"، فلما قيل ذلك لأبي هريرة رجع عن فتواه، وقال: هن أعلم»[35]، فالواقعة واقعة فتوى، أفتى فيها كل بما علمه وصح عنده عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس فيها إنكار عائشة ولا ردها عليه[36].
ولو سلمنا ثبوت إنكار عائشة - رضي الله عنها - وهو لم يحدث كما بينا - فليس معناه تكذيب أبي هريرة فيما روى؛ بل معناه أنها لا تعرف هذا الحكم وإنما تعرف خلافه، فيكون من الاستدراكات التي استدركتها عائشة - أم المؤمنين - على كبار الصحابة كعمر وابنه عبد الله وأبي بكر وعلي وابن مسعود وابن عباس وزيد بن ثابت وأبي سعيد الخدري وغيرهم، وما زال الصحابة يستدرك بعضهم على بعض لا يرون ذلك تكذيبا، بل تصحيحا للعلم، وأداء للأمانة على ما يعرفها الصحابي، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة»[37][38].
وبهذا يتضح أنه لا غبار على أبي هريرة في إفتائه ببطلان صوم من أصبح جنبا في رمضان قبل أن يغتسل؛ وذلك لأنه أفتى بما علم، فلما وصله الناسخ رجع إليه، وهذه ميزة وفضيلة تعد من مناقبه؛ ولذلك ذكرها رواة الحديث ضمن الكلام عن مناقب أبي هريرة، كما أنه لا غبار علي أبي هريرة في إرسال الحديث؛ لأنه لم يكن عند الصحابة غضاضة في إرسال الحديث لعدالتهم، ولذلك تلقت الأمة مراسيلهم بالقبول، وهذا لا يطعن في فقه أبي هريرة ولا في عدالته، إنما المطعون في إيمانهم وصدقهم ونزاهتهم هم أعداؤه رضي الله عنه.
ومن جملة ما سلف نخلص بحقيقة مؤداها أن أبا هريرة - رضي الله عنه - كان نموذجا للراوي الفقيه الممتلك لأدوات الاجتهاد المستوفي لشروطه؛ ولذا احتل مكانه الأليق به في نفوس معاصريه وتابعيهم، فقدموه في الفتيا، وقالوا: "هو أعلم". إلى آخر تلك الشهادات التي سيقت على ألسنة أجلاء فقهاء من علماء الصحابة.
الخلاصة:
· إن أبا هريرة - رضي الله عنه - لم يكن راوية للحديث فقط، كما ادعى مثيرو هذه الشبهة، بل كان من رءوس العلم في زمانه، في القرآن والسنة والاجتهاد، ولقد ساعده على ذلك عدة عوامل، منها:
1. حرصه على ملازمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا بلا شك أتاح له أن يتفقه في الدين ويشاهد السنة العملية، عظيمها ودقيقها، وقد اطلع على حلول أكثر المسائل الشرعية التي كانت تعرض للمسلمين في عهده صلى الله عليه وسلم.
2. اجتهاده في العبادة وزهده وورعه؛ فقد كان تقيا نقيا عابدا لله يلتزم ويطبق ويقتدي ويعمل على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبهذا النهج في الالتزام تقدم أبو هريرة علميا.
3. سلامة منهجه العلمي؛ فلقد حافظ أبو هريرة على ما عنده من معلومات، لم يشبها بشيء يجعل الصحابة والتابعين يشكون فيه، أو ينفرهم منه، وذلك ببركة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعجزته وبشارته له بعدم النسيان كما في حديث بسط الرداء.
· من المعروف أن أبا هريرة كان من فقهاء الصحابة؛ ولذلك نقلت عنه الفتوى، حتى إن ابن عباس - وهو حبر الأمة - كان يتأدب معه ويقدمه في الفتوى، قائلا: "أفت يا أبا هريرة"، وقال الذهبي في ترجمته له: "الإمام الفقيه المجتهد"، ثم يتساءل - ونحن معه - "أين مثل أبي هريرة في حفظه وسعة علمه؟!"
· كان أبو هريرة عالما فقهيا ضابطا مجتهدا، يفتي في أدق المسائل في عهد الخلفاء الراشدين، ومعلوم أن هذا العصر لم يكن يفتي فيه إلا فقيه مشهود له بالفقه والاجتهاد.
· لقد أفتى أبو هريرة فيمن أصبح جنبا وهو صائم - مناط الاستدلال - بما رواه عن الفضل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان ذلك في أول الإسلام ثم نسخ بعد ذلك بحديث عائشة، ويبدو أن أبا هريرة والفضل لم يكونا قد سمعا - حينئذ - بالنسخ، فحكم أبو هريرة بما علم.
· أما كون أبي هريرة لم يصرح بأنه سمع الحديث من الفضل ولم يسمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن هذا من مرسل الصحابة، وهو مجمع على الاحتجاج به، وقد كان يفعله كل الصحابة دون أن يروا غضاضة في ذلك؛ لعدالتهم جميعا.
· إن عائشة - رضي الله عنها - لم تنكر على أبي هريرة ذلك، وإنما هو من استدراكاتها التي كانت تستدركها على كبار الصحابة رضي الله عنهم؛ فليس أبو هريرة بدعا في ذلك.
(*) العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم، محمد بن إبراهيم الوزير اليماني، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة ناشرون، بيروت، ط1، 1429هـ/ 2008م. حجية السنة ورد الشبهات التي أثيرت حولها، الجامعة الدولية بأمريكا اللاتينية، د.ت. السنة المفترى عليها، سالم علي البهنساوي، دار الوفاء، مصر، ط4، 1413هـ/ 1992م.
[1]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العلم، باب: الحرص على الحديث، (1/233)، رقم (99).
[2]. انظر: دفع الشبهات عن السنة النبوية، د. عبد المهدي عبد القادر عبد الهادي، مكتبة الإيمان، القاهرة، ط1، 1421هـ/ 2001م.
[3]. تاريخ دمشق، ابن عساكر، تحقيق: علي شيري، دار الفكر، بيروت، ط1، 1419هـ/ 1998م، (67/364).
[4]. أبو هريرة راوية الإسلام، د. محمد عجاج الخطيب، مكتبة وهبة، القاهرة، ط3، 1402هـ/ 1982م، ص170، 108.
[5]. جوامع السيرة، ابن حزم، جوامع السيرة، ابن حزم، تحقيق: حسين عباس، دار المعارف، القاهرة، ط1، 1900م، ص269.
[6]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م،(2/ 578).
[7]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (2/ 627).
[8]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التهجد، باب: صلاة الضحى في الحضر، (3/68)، رقم (1178).
[9]. انظر: دفع الشبهات عن السنة النبوية، د. عبد المهدي عبد القادر عبد الهادي، مكتبة الإيمان، القاهرة، ط1، 1421هـ/ 2001م، ص165: 168.
[10]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العلم، باب: إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، (1/242)، رقم (110). صحيح مسلم (بشرح النووي)، المقدمة، باب: تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، (1/146).
[11]. صحيح: أخرجه ابن ماجه في سننه، المقدمة، باب: فضل العلم والحث على طلب العلم، رقم (220). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم (220).
[12]. العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم، محمد بن إبراهيم الوزير اليماني، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة ناشرون، بيروت، ط1، 1429هـ/ 2008م، (1/ 315) بتصرف.
[13]. المستدرك على الصحيحين، الحاكم النيسابوري، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1411هـ/ 1990م، (3/513). سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (2/580: 585).
[14]. تذكرة الحفاظ، الذهبي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1317هـ، (1/36). الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار نهضة مصر، القاهرة، 1383هـ/ 1970م، (4/205).
[15]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (2/ 607).
[16]. تذكرة الحفاظ، الذهبي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1317هـ، (1/34).
[17]. أبو هريرة راوية الإسلام، د. محمد عجاج الخطيب، مكتبة وهبة، القاهرة، ط3، 1402هـ/ 1982م، ص128 بتصرف.
[18]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (2/ 606، 607).
[19]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: النكاح، باب: لا تنكح المرأة على عمتها، (9/64)، رقم (5109). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: النكاح، باب: تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح، (5/2171)، رقم (3375).
[20]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الصوم، باب: الصائم إذا أكل أو شرب ناسيا، (4/183)، رقم (1933).
[21]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (2/ 619: 621).
[22]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (2/ 620).
[23]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م (2/ 623).
[24]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأدب، باب: هجاء المشركين، (10/562)، رقم (6150). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل حسان، (8/3624)، رقم (6269).
[25]. أخرجه مالك في الموطأ، كتاب: العيدين، باب: ما جاء في التكبير والقراءة في صلاة العيدين، ص60، رقم (439).
[26]. صحيح: أخرجه مالك في الموطأ، كتاب: الجنائز، باب: جامع الصلاة على الجنائز، ص77، رقم (546).
[27]. أبو هريرة راوية الإسلام، د. محمد عجاج الخطيب، مكتبة وهبة، القاهرة، ط3، 1402هـ/ 1982م، ص130، 131.
[28]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الصوم، باب: الصائم يصبح جنبا، (4/ 170)، رقم (1925).
[29]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (4/175).
[30]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (4/ 175، 176) بتصرف.
[31]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: المساقاة، باب: بيع الطعام مثلا بمثل، (6/2473)، رقم (4014).
[32]. صحيح: أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، كتاب: الألف، باب: أنس بن مالك الأنصاري، (1/246)، رقم (699). وصححه الألباني في ظلال الجنة برقم (816).
[33]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الكوفيين، مسند البراء بن عازب رضي الله عنه، رقم (18516). وصححه شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند.
[34]. السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، د. مصطفى السباعي، دار السلام، القاهرة، ط3، 1427هـ/ 2006م، ص282 بتصرف.
[35]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الصوم، باب: الصائم يصبح جنبا، (4/ 170).
[36]. انظر: السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، د. مصطفى السباعي، دار السلام، القاهرة، ط3، 1427هـ/ 2006م، ص283.
[37]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: العلم، باب: كراهية منع العلم، (10/ 66)، رقم (3653). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (3658).
[38]. السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، د. مصطفى السباعي، دار السلام، القاهرة، ط3، 1427هـ/ 2006م، ص284.
open
online black women white men
husbands who cheat
open my boyfriend cheated on me with a guy