مرحبًا بكم فى موقع بيان الإسلام الرد على الافتراءات والشبهات
 بحث متقدم ...   البحث عن

الصفحة الرئيسية

ميثاق الموقع

أخبار الموقع

قضايا الساعة

اسأل خبيراً

خريطة الموقع

من نحن

اتهام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالانتهازية والوصولية (*)

مضمون الشبهة:

يزعم بعض المغرضين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان انتهازيا وصوليا؛ إذ تزوج السيدة خديجة رضي الله عنها، لتحقيق مصالحه الشخصية، زاعمين أنه تزوجها قسرا[1] دون رضا أهلها، وأنه كان فقيرا مغمورا، فرأى أن يتزوجها وهو في مقتبل عمره للاستفادة من مالها، وليضمن بذلك وجاهة واحتراما في المجتمع. هادفين من وراء ذلك إلى الطعن في مبادئه وقيمه صلى الله عليه وسلم.

وجها إبطال الشبهة:

1)   تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أم المؤمنين خديجة - رضي الله عنها - بناء على رغبتها وبمباركة أهلها وترحيبهم، بل إنها هي التي سعت إلى الزواج منه لما أحسته ولمسته بذكائها من كونه الشخصية النموذجية في عصرها.

2)   لو تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - خديجة - رضي الله عنها - لتحقيق مصالح شخصية، كالحصول على المال، أو الوجاهة الاجتماعية وغيرها - لما ظل وفيا لها بعد وفاتها رضي الله عنها.

التفصيل:

أولا. تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - خديجة - رضي الله عنها - بناء على رغبتها:

بعدما رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - بتجارة السيدة خديجة - رضي الله عنها - من الشام، وقص غلامها ميسرة عليها ما قد رآه من كرامات للنبي - صلى الله عليه وسلم - وما سمعه من الراهب نسطورا، وبعدما رأت خديجة مالها قد تضاعف أعجبت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبأمانته، وأرادت الزواج منه بعدما ضنت بنفسها على وجهاء قريش، ولكن كيف ذلك؟ كيف تعرض امرأة الزواج على رجل؟ هذا ما تأباه البيئة العربية، ولكن.. كان هناك من حل هذا اللغز، إنها نفيسة بنت منية، خادمة السيدة خديجة، لنسمعها وهي تحكي هذه القصة قائلة:

"كانت خديجة امرأة حازمة جلدة شريفة، مع ما أراد الله - عز وجل - بها من الكرامة والخير، وهي يومئذ أوسط قريش نسبا، وأعظمهم شرفا، وأكثرهم مالا، وكل قومها كان حريصا على نكاحها لو قدر على ذلك، قد طلبوها، وبذلوا لها الأموال، فأرسلتني دسيسا[2] إلى محمد بعد أن رجع في عيرها[3] من الشام، فقلت: يا محمد، ما يمنعك أن تتزوج؟ فقال: "ما بيدي ما أتزوج به"، قالت: فإن كفيت ذلك، ودعيت إلى المال، والجمال، والشرف، والكفاءة، ألا تجيب؟ قال: "فمن هي"؟ قالت: قلت: خديجة، قال: "وكيف لي بذلك"؟ قالت: قلت: علي، قال: "فأنا أفعل"، فأعلمت خديجة أهلها، فوجدت منهم قبولا وترحيبا، وحددت للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأهله موعدا يحضرون فيه، وذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك لأعمامه، فخرج معه عماه: أبو طالب وحمزة، حتى جاءوا بيت خديجة، فوجدوا عندها عمها عمرو بن أسد حاضرا، فخطبها منه أبو طالب لابن أخيه محمد، فوافق ورحب، وقال: هذا الفحل لا يقدع أنفه[4]، وخطب أبو طالب خطبة الإملاك[5]، وهي تنم عن فضائل النبي وخصائصه، وشرفه، وشرف آبائه، وهي قطعة من بليغ الكلام، وفصيح القول" [6].

هذا هو حديث ذلك الزواج، لا تجد فيه دليلا على "وصولية" أو "انتهازية" مما يزعمون، وإنما نجد شابا وكهلة[7] في سن أمه، أو أسن منها، فلو عاشت أمه آمنة بنت وهب لما تجاوزت الأربعين يومئذ، ونجد هذه الكهلة تعزف عن الزواج؛ لأنها استشعرت من الخاطبين الأثرياء طمعا في ثروتها الطائلة، فاعتصمت بالإباء، حتى وجدت ذلك الشاب الفقير، وجربت أمانته، وعفته، وعزة نفسه، فأدركت أن له خلقا يعصمه من الطمع في مالها، فأحبت أن يكون زوجها.

فظروف ذلك الزواج إذن وأسبابه على نقيض ما يزعمه المفترون من التكالب، أو الرياء، أو الانتهازية.

وهذا الزواج المبارك الميمون كان له في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - مقدمات هيأت أسبابه، ويسرت سبيله؛ فإن السيدة خديجة لم تكن لتسعى إلى الاقتران بهذا الشاب - وقد رغبت عن كهول مكة وسادتها - إلا لما رأته من تميز شخصيته، وكرم خصاله، ونبل شمائله. وما أخطأ نظر خديجة؛ فقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - أكثر الناس أمانة، وأعف الناس عما لا يليق بحضرته، وأصدق الناس لهجة،[8] وكان هو الأعدل بين الناس؛ لأنه أعلمهم وأحكمهم، وأرحمهم، وآمن الناس، وأعف الناس، وقد اعترف له بذلك الجميع، حتى مخالفوه وأعداؤه، وكان يسمى قبل ظهور نبوته: الصادق الأمين، قال ابن إسحاق: كان يسمى الأمين بما جمع الله - عز وجل - فيه من الأخلاق الصالحة[9].

لقد كان - صلى الله عليه وسلم - قليل المال، يأكل من كسب يده، ليس عالة على أحد، وكان مستودع الأمانات، ورغم فقره لم تتطلع نفسه إلى شيء فيها، إن القوة النفسية التي تجعل صاحبها يصمد لإغراء المال أو الكسب الحرام وهو فقير، هي بعينها التي يمكن أن تتجه إلى إغراء الجنس أو اللذة الحرام، كي تمنع صاحبها من الزلل، فإذا هو "أمين".

ولذا كانت أمانته - صلى الله عليه وسلم - في الأموال مضرب المثل، وهي في الواقع أمانة فرعية، أصلها الأمانة الكبرى وهي قوة النفس التي تلجم صاحبها عن تجاوز الحدود وإن كان ذلك التجاوز ميسورا.

وتلك القوة الأصلية الكامنة هي التي ألزمته حدودا لا يكترث لها الناس في تلك البيئة لذلك العهد، وهي حدود العفة في الجنس، والأمانة على العرض.

لا زوجة يومئذ له، ولا رقابة ولا إلزام من العرف بالعفة، ولكنه كان العفيف الأمين يضن بنفسه عن خساسة الفحش والفجور؛ لأن نفسه المترفعة الصافية كريمة عليه، والكرامة تلزم صاحبها حدودا أضيق مما يلتزمه الناس، فمحمد - صلى الله عليه وسلم - الشاب الوسيم غير المتزوج هو الذي فرضت عليه نفسه هذه الحدود المرهقة[10].

كل هذا دفع السيدة خديجة - رضي الله عنها - إلى أن تستأجر النبي - صلى الله عليه وسلم - ليكون أمينا على تجارتها "وكانت - رضي الله عنها - سيدة تاجرة ذات شرف ومال، وتجارة تبعث بها إلى الشام، وكانت تستأجر الرجال، وتدفع إليهم المال مضاربة[11]، وكانت قريش قوما تجارا، ومن لم يكن تاجرا فليس عندهم بشيء.

وكان النبي قد ناهز العشرين من عمره المبارك، وأصبح شابا جلدا قويا، أغر الطالع، ميمون النقيبة[12]، يزين شبابه الغض ما يتمتع به من حلو الشمائل، وكرم الأخلاق: من أمانة، وصدق حديث، وعفة، وعزوف عما ينغمس فيه أمثاله من الشباب من لهو ومجون، فكان ذلك مما وجه السيدة خديجة إلى أن يعمل لها في تجارتها، فأرسلت إليه، فلما جاء إليها قالت له: دعاني إلى طلبك ما بلغني من صدق حديثك، وعظم أمانتك، وكرم أخلاقك، وأنا أعطيك ضعف ما أعطي رجلا من قومك، فذكر ذلك لعمه أبي طالب، فقال له: إن هذا لرزق ساقه الله إليك" [13].

فلا انتهازية ولا وصولية مما يدعيه هؤلاء؛ فالسيدة خديجة - رضي الله عنها - هي التي دعت النبي - صلى الله عليه وسلم - للخروج بالتجارة، ولم يسع هو - صلى الله عليه وسلم - لذلك، كما رأينا، بل هي التي طلبته ورغبت في أخلاقه وأمانته، وخرج النبي بتجارة خديجة إلى الشام، وكانت سنه تخطو إلى الخامسة والعشرين، وكان خروجه لأربع عشرة ليلة من ذي الحجة ومعه غلام خديجة "ميسرة"، حتى وصل سوق "بصرى"، فنزل تحت ظل شجرة في هذا السوق قريبة من صومعة راهب يسمى "نسطورا"، فقال: يا ميسرة من هذا الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ فقال: رجل من قريش من أهل الحرم، فقال الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة - وفي رواية بعد عيسى - إلا نبي!!

ولا تسل عما غمر نفس ميسرة من حب وتقدير وإكبار لسيده محمد صلى الله عليه وسلم، لقد رأى تظليل الغمام له في مسيره هذا، ولمس عن كثب[14] الكثير من أخلاقه وبره وعطفه وحسن معاملته وأمانته، وسمع من نسطورا ما سمع، فلا عجب إذا كان حدث سيدته بعد عودته بما رأى وما سمع، وما وجده منه من حسن الخلق.

وباع النبي - صلى الله عليه وسلم - التجارة وابتاع، وعاد بربح وفير، وعاد معه غلام خديجة، ووصل الركب في الظهيرة إلى مكة، وخديجة في علية لها ـ  غرفة عالية ـ، فرأت النبي تكسوه المهابة والجلال، فلما دخل عليها أخبرها بخبر التجارة، وما ربحت، فسرت لذلك سرورا عظيما، وخرج النبي، وترك ميسرة يقص على سيدته من شأن سيده محمد - صلى الله عليه وسلم - ما شاءت له نفسه أن يقص[15].

نخلص من هذا كله إلى أن هذا الزواج المبارك كان عن رضا وإعجاب متبادل بأخلاق كلا الطرفين وشمائله، ومنزلته من قريش، وكان سعي خديجة - رضي الله عنها - موفقا، وكانت فراستها صادقة؛ إذ أسفر سعيها الناجع هذا عن زواجها من سيد العالمين وسيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم.

ثانيا. وفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - للسيدة خديجة رضي الله عنها حتى بعد وفاتها:

لو كان تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - من السيدة خديجة لغرض الحصول على المال أو الوجاهة الاجتماعية، لظهر ذلك في سلوكه ونشاطه بعد الزواج، ولكنه لم يكن من أمره بعد زواجها ما يدل على إسرافه في مالها، كما يفعل النفعيون الذين يتزوجون العجائز الثريات، فلم يعمد إلى البذخ في مظهره، بل كان متواضعا عفيفا، ولم يعمد إلى القصف مع أبناء المياسير إظهارا لثرائه الطارئ، بل ازداد تباعده عن كل ألوان القصف[16]، وزاد زهده في الرخاء والترف، وصار يقضي الكثير من وقته صائما معتزلا للناس وحده في الجبل.. حتى كانت خديجة تخرج للبحث عنه مع خدمها، كما تبحث الأم عن ابن لها أقلقها طول غيابه، وتحمل إليه هناك الطعام، لقد زاد الرجل بالزواج من الكهلة عفة واستقامة، وزاد الرجل بالزواج من الثرية نزاهة وعزوفا عن البذخ والترف، فأين الطمع هنا، وأين الوصولية؟ لا طمع ولا وصولية، ولكنها الأكذوبة التي لا تتورع ولا تستحيي.

وإن كان للوصولية موضع في حياة خديجة رضي الله عنها، فلن يكون لها موضع وقد ماتت، فإذا به يحزن عليها حزنا شديدا، وإذا حزنه يطول في حين اشتد عليه اضطهاد القرشيين وإيذاؤهم لشخصه، وقد زاد من جرأتهم عليه موت عمه أبي طالب في تلك السنة أيضا.

وفي ذلك الحين أدرك المؤمنون القلائل أن نبيهم - صلى الله عليه وسلم - في حاجة ماسة إلى من يؤنس وحشته، ويخفف عليه أعباء الجهاد ومتاعب الاضطهاد، وأن طفلته الصغيرة فاطمة الزهراء بحاجة إلى عناية الأمهات، وندب المؤمنون لمفاتحته في ذلك خولة بنت حكيم، فتلطفت في ذلك، ثم عرضت عليه أن يتزوج، فمن التي تزوجها ذلك "الوصولي المزعوم"؟ سودة بنت زمعة، امرأة متقدمة في السن ليس لها جمال خديجة، ولا مال لها على الإطلاق ولاجاه، وإنما هي أرملة طيبة القلب، ولم يكن للرجال فيها مأرب[17].

ثم أية مصانعة هذه التي تجعل الزوج يفي لزوجته بعد مماتها بسنين وسنين، فلا يذكرها إلا ورق قلبه ولهج لسانه بالترحم والثناء؟!

وهل ينسى المنصف ما حدث بعد موقعة بدر، فقد وقع "أبو العاص بن ربيع" زوج ابنته زينب في الأسر، وكان يومئذ على دين أبيه مستمسكا بالكفر، وطولب أبو العاص بالفدية كما طولب سائر الأسارى، وبعثت زينب بنت محمد - صلى الله عليه وسلم - من مكة بالفدية، وفيها قلادة كانت لأمها خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، فإذا بالقائد الظافر يرق لمرأى القلادة أيما رقة، وكأنما تمثل له جيد[18] صاحبتها الراحلة، وكم التمس معها من عزاء، وكم نعم معها بالراحة من وعثاء الجهاد[19] وعناء الدعوة، وما يلقاه من صدود وجفوة وقسوة، فالتفت إلى أصحابه ينشدهم أن يردوا القلادة إلى زينب، ويفرجوا عن زوجها المأسور إكراما لتلك الذكرى العزيزة.

وأبو العاص بن الربيع من هو؟ أليس ابن أخت خديجة، ابن هالة بنت خويلد؟ وكانت خديجة تعده بمثابة ولدها، وهي التي أشارت على زوجها أن يزوجه من ابنتها زينب قبل بعثته.

وقد يتلكأ ذو طوية مغرضة في هذه المناسبة، فيزعم أنه ربما رق لمرأى القلادة، لأنه تذكر ابنته، ولأن هذه القلادة كانت من قبل لخديجة ثم "أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها" كما جاء في سيرة ابن هشام.

ولكن ما القول في أمر وقع بعد ذلك بأعوام، ولا شبهة في أن تكون عاطفته في تلك المناسبة منصرفة إلى الوفاء للزوجة الأولى التي غبر[20] على موتها زمن مديد؟

فقد كانت عائشة بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - على صباها وملاحتها، وهي البكر الوحيدة التي تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم - تقول إنها لم تغر من امرأة إلا خديجة، «كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة»[21].

وكانت عائشة كثيرا ما تغار منها كلما ذكرها صلى الله عليه وسلم، وضاقت ذات يوم بما في صدرها فهتفت مغيظة محنقة: «وما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين[22] هلكت في الدهر فأبدلك الله خيرا منها؟[23] فإذا وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - يربد[24]، ويصيح بعائشة في زجر وتقريع عنيف: "ما أبدلني الله - عز وجل - خيرا منها؛ قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني منها الله - عز وجل - ولدها إذ حرمني أولاد النساء».[25] ولم تجسر[26] عائشة ـ الزوجة الشابة ذات الحظوة ـ أن تجري ذكر خديجة على لسانها بعد تلك الغضبة.

فمن ذا الذي كان محمد - صلى الله عليه وسلم - يصانعه وهو يفي لخديجة - رضي الله عنها - هذا الوفاء الجميل الذي يستحق أن يكون مضرب الأمثال لسائر الأزواج، رجالا ونساء!

أتراه كان يصانع التي ماتت، ليغضب التي يعيش معها ويحبها؟! ما القول في هذا الوفاء المعجز، والدنيا حافلة من حولنا بأمثلة العقوق ونسيان الفضل وخيانة العهد؟! وما كان أحرى ذلك "الوارث" أن يعوض ما فات عليه في ربع قرن من اللذات، لو أنه كان الرجل الانتهازي الذي يزعمون[27].

الخلاصة:

·       كان زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من خديجة - رضي الله عنها - نتاجا للرضا الكامل، والقبول المتبادل والترحيب التام من الأهل والعشيرة، وليس فيه أية شبهة قسر أو نفور، بل إن السيدة خديجة هي التي سعت إلى الزواج من النبي - صلى الله عليه وسلم - لـما لمسته بذكائها من كونه الشخصية النموذجية في عصرها، فقد نقل إليها غلامها ميسرة خبر رحلة محمد في تجارتها إلى الشام، وما كان من خلقه وسماحته ومهارته وحكمته، وكذلك ما ذكره الراهب النصراني نسطورا من نبوءة وبشارة بشأنه، وما كان له في ذلك السفر من الكرامات والخصائص.

·       لقد كان ذلك الزواج موفقا، فقد كانت خديجة سيدة نساء مكة، وأوسط قريش نسبا، وأعظمهم شرفا، وأكثرهم مالا، وأوفرهم عفة واستقامة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - زينة شباب قريش جمالا وعقلا وأدبا وخلقا، مع مكانة اجتماعية، ووجاهة في قومه، واشتهار بجميل الخصال من صدق وأمانة، وكل هذه الصفات وتلك، كانت دافعا للطرفين للاقتناع والرضا والقبول بهذا الارتباط الزوجي العظيم.

·       لم يتزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - خديجة - رضي الله عنها - من أجل تحقيق مصالح شخصية، كالحصول على المال، أو الوجاهة الاجتماعية. فأما الوجاهة الاجتماعية، فلم تكن تعوز النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق الأمين، وهو الذي حكم بين قبائل قريش، وارتضت حكمه ورأيه حين اختلفوا حول وضع الحجر الأسود موضعه، ثم هو فتى بني هاشم، وزهرة شبابهم، وهم أهل السقاية والرفادة، وإليهم أمر البيت الحرام. وأما البحث عن المال، فلم يكن مطلبا للنبي - صلى الله عليه وسلم - بحال، وإلا لظهر على سلوكه بعد زواج خديجة ما يدل على هذا، تبذيرا في الإنفاق، وبذخا في المظهر، وترفا في الحياة، لكن شيئا من هذا لم يكن.

·       لو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في زيجته هذه وصوليا انتهازيا لما عرف الوفاء إلى قلبه أو لسانه طريقا، لكنه ظل لخديجة الزوج الوفي، الذاكر بالخير والثناء لها دائما، الواصل لأهلها وصديقاتها، فلم تزده وفاتها إلا برا ووفاء لها، وما هكذا يكون شأن الوصوليين.

وهكذا ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - المثل الكامل، في الحب الكبير والمودة الصافية لزوجته خديجة رضي الله عنها في حياتها، ثم الوفاء المعجز والأحدوثة الطيبة الخالدة بعد وفاتها.



(*) لكن محمدا لا بواكي له، د. إبراهيم عوض، دار الفكر العربي، القاهرة، طـ2، 2001م.

[1]. القسر: القهر والكره.

[2]. دسيسا: خفية وسرا.

[3]. العير: الإبل.

[4]. لا يقدع أنفه: مثل يضرب للكفء الكريم.

[5]. خطبة الإملاك: إعلان الزواج.

[6]. السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1427هـ/ 2006م، ج1، ص 220.

[7]. الكهل: من جاوز الثلاثين إلى نحو الخمسين.

[8]. أصدق الناس لهجة: أي: منطقا وحكاية.

[9]. شمائل المصطفى، د. وهبة الزحيلي، دار الفكر، دمشق، ط1، 1427هـ/ 2006م، ص145 بتصرف.

[10]. محمد في حياته الخاصة، نظمي لوقا، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1994م، ص53، 54 بتصرف يسير.

[11]. تدفع إليهم المال مضاربة: يعملون لها في التجارة ولهم نصيب من الربح.

[12]. النقيبة: السجية والطبيعة.

[13]. السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1427هـ/ 2006م، ج1، ص 214، 215.

[14]. الكثب: القرب.

[15]. السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1427هـ/ 2006م، ج1، ص 214: 216 بتصرف.

[16]. القصف: اللهو واللعب والافتتان في الطعام والشراب.

[17]. محمد في حياته الخاصة، نظمي لوقا، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1994م، ص58: 60 بتصرف.

[18]. الجيد: الرقبة.

[19]. وعثاء الجهاد: مشقته.

[20]. غبر: مضى.

[21]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب تزويج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خديجة وفضلها رضي الله عنها (3607).

[22]. الشدق: جانب الفم مما تحت الخد.

[23]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب تزويج النبي  ـ صلى الله عليه وسلم ـ خديجة وفضلها رضي الله عنها (3610)، ومسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل خديجة أم المؤمنين (6435)، واللفظ له.

[24]. اربد وجهه: احمر حمرة فيها سواد من الغضب.

[25]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، حديث السيدة عائشة رضي الله عنها (24908)، والطبراني في المعجم الكبير، باب الباء، ذكر أزواج رسول الله  ـ صلى الله عليه وسلم ـ منهن (21)، وصححه الأرنؤوط في تعليقه على مسند أحمد (24908).

[26]. تجسر: تجرؤ أو تتمكن.

[27]. محمد في حياته الخاصة، نظمي لوقا، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1994م، ص61: 64 بتصرف يسير.

redirect how do i know if my wife cheated unfaithful wives
click website dating site for married people
click here My wife cheated on me women cheat husband
open read here black women white men
go using viagra on females how long for viagra to work
where to order viagra online buy viagra free shipping viagra sipari verme
viagra vison loss viagra uk buy online read
dating a married woman cheat on my wife i cheated on my husband
مواضيع ذات ارتباط

أضف تعليقا
عنوان التعليق 
نص التعليق 
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء كاتبيها فقط ولا تعبر عن الموقع
 
 
 
  
المتواجدون الآن
  1562
إجمالي عدد الزوار
  38107832

الرئيسية

من نحن

ميثاق موقع البيان

خريطة موقع البيان

اقتراحات وشكاوي


أخى المسلم: يمكنك الأستفادة بمحتويات موقع بيان الإسلام لأغراض غير تجارية بشرط الإشارة لرابط الموقع