ادعاء أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - كان أسطورة خرافية لا شخصية حقيقية (*)
مضمون الشبهة:
ينكر بعض الأدعياء وجود شخصية النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - زاعمين أنه خرافة اختلقها خيال طائفة من كتاب السير؛ أما التاريخ العام فلا يعرف رسولا اسمه محمد. هادفين من وراء ذلك إلى إنكار وجوده - صلى الله عليه وسلم - بوصفه حقيقة تاريخية ثابتة.
وجوه إبطال الشبهة:
1) إن الأدلة على وجود محمد - صلى الله عليه وسلم - ثابتة في التوراة والإنجيل فقد أخبرتا بصفاته الخلقية والخلقية، كما بشرتا بمولده ووقت مبعثه، وصفة بلده وقومه، وقد عرف هذه الصفات طائفة من ملوك وعلماء أهل الكتاب فأقرت بنبوته بعد تيقنهم أنها لا تنطبق على أحد غيره.
2) يمثل القرآن الكريم الذي بعث به النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جانب غيره من معجزاته - صلى الله عليه وسلم - دليلا حسيا ليس على وجوده فحسب, بل على نبوته وبعثته كذلك.
3) السيرة النبوية التي دونت فيها تفصيلات حياته - صلى الله عليه وسلم - على وجه لم يعهد عند أحد من عظماء التاريخ تعد دليلا حسيا - أيضا - على وجود صاحبها.
التفصيل:
أولا. شهادة الملوك والأحبار والرهبان بنبوته - صلى الله عليه وسلم - وذكره في التوراة والإنجيل بصفاته الخلقية والخلقية دليل وجوده - صلى الله عليه وسلم:
لقد أخبر الله - سبحانه وتعالى - في القرآن الكريم أنه بشر بالنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - في كتبه السماوية، وذلك في قوله )ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين (89)( (البقرة). وقال سبحانه وتعالى: )الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون (146)( (البقرة).
يقول الشيخ محمد رشيد رضا في تفسير المنار: "إنهم يعرفون النبي - صلى الله عليه وسلم - لما في كتبهم من البشارة به، ومن نعوته وصفاته التي لا تنطبق على غيره، وبما ظهر من آياته وآثار هدايته، كما يعرفون أبناءهم الذين يتولون تربيتهم، حتى لا يفوتهم من أمرهم شيء" [1].
ثم إن الذين اطلعوا على التوراة يعترفون بأن صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثابتة فيها، وأنها تنطبق عليه تماما، لذا سارعوا للدخول في الإسلام، كأمثال: عبد الله بن سلام، وكعب الأحبار وغيرهما كثير.
ويروى أن عمر - رضي الله عنه - سأل عبد الله بن سلام، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أنا أعلم به مني بابني، قال: ولـم؟ قال: لأني لست أشك في محمد أنه نبي، فأما ولدي، فلعل أمه خانت، فقبل عمر رأسه، وذلك مصداقا لقوله سبحانه وتعالى: )الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر( (الأعراف: ١٥٧). وهذا يؤكد أن صفات النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ثابتة في التوراة والإنجيل. ولنتأمل بعض الأدلة على وجوده والتبشير به - صلى الله عليه وسلم - في التوراة والإنجيل.
1. محمد - صلى الله عليه وسلم - في التوراة:
لقد تنبأ موسى - عليه السلام - ببعث الرسول الكريم في عدة آيات، ففي سفر التثنية: "يقيم الرب إلهك نبيا من وسطك من إخوتك مثلي، له تسمعون. قال لي الرب: قد أحسنوا فيما تكلموا. أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به". (التثنية 18: 15ـ 18).
ويشاء الله أن يجعل الأمر لبني إسرائيل طلسما حتى لا يحرفوا الكلم عن مواضعه، فيظهر الحق، ويزهق الباطل، ويحرصوا على حماية وجود البشارة بنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وهم لا يدرون، وينتظروا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ولكنهم كانوا يظنون أنه سيبعث من بني إسرائيل، فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم من العرب خاب رجاؤهم وقابلوه بعدوان، كأنه اغتصب منهم النبوة والكتاب والملك[2].
ويبين النص أن الله - سبحانه وتعالى - سيبعث نبيا من وسط إخوة بني إسرائيل، لا من بني إسرائيل أنفسهم؛ لأنه لو كان المراد أنه سيبعث من بني إسرائيل لقال: "منهم" بدلا من قوله: "من وسط إخوتهم"، إذن فالنبي الذي سيبعث من إخوة بني إسرائيل هو من بني إسماعيل، تحقيقا لوعد الله إبراهيم - عليه السلام - بالبركة في نسل إسماعيل - عليه السلام - ومعلوم أن نبينا من نسل قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم، ويبين النص أن النبي المبعوث مثل موسى - عليه السلام - في قوله "مثلك"، ومعلوم أن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - مماثل لموسى عليه السلام في كثير من الأمور، من أهمها: أنه أتى بشريعة ذات أحكام وفرائض، وأنه مأمور بالجهاد وبالطهارة للصلاة، قال سبحانه وتعالى: )إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا (15)( (المزمل), ويبين النص أيضا أن النبي المبعوث أمي يحفظ ما يسمع لقوله: "أجعل كلامي في فمه"، ومعلوم أن النبي محمدا - صلى الله عليه وسلم - كان كذلك[3]، وذلك مصداقا لقوله سبحانه وتعالى: )لا تحرك به لسانك لتعجل به (16) إن علينـا جمعـه وقرآنـه (17) فــإذا قرأنـاه فاتبـع قرآنـه (18) ثم إن علينا بيانه (19)( (القيامة)، "أي: إذا قرأه عليك جبريل - عليه السلام - فأنصت لاستماعه، فإن علينا أن نجمعه في صدرك يا محمد، وأن تحفظه، وأن نبينه بلسانك" [4].
وورد في سفر إشعياء: "لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا". (إشعياء 9: 6). وفي نسخة قديمة: "على كتفه علامة النبوة"، يشير هذا النص إلى أخص الصفات الخاصة بنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وهي الشامة التي خلقها الله على كتفه كعلامة واضحة على نبوته، فهذه بشارة واضحة بالنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي وجد على كتفه خاتم النبوة ورآه الكثير من الصحابة، ولم ينقل عن أحد من الأنبياء مثل ذلك، لا سليمان ولا عيسى - عليهما السلام - جاء «عن السائب بن يزيد قال: ذهبت بي خالتي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إن ابن أختي وجع، فمسح رأسي ودعا لي بالبركة، ثم توضأ فشربت من وضوئه، ثم قمت خلف ظهره، فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه مثل زر الحجلة» [5] [6]؛ وقوله "يدعى اسمه عجيبا" أي: لم يعهده بنو إسرائيل، ثم إن قومه أصابهم العجب عندما سماه جده محمدا؛ لأنه لم يكن مألوفا عندهم أيضا[7].
2. محمد - صلى الله عليه وسلم - في الإنجيل:
جاء في إنجيل متى: "قال لهم يسوع: أما قرأتم قط في الكتب: الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية، من قبل الرب كان هذا. وهو عجيب في أعيننا، لذلك أقول لكم: إن ملكوت الله ينزع منكم، ويعطى لأمة تعمل أثماره". (متى 21: 42، 43) وقد قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى دارا فأتمها وأكملها، إلا موضع لبنة، فجعل الناس يدخلونها ويتعجبون منها ويقولون: لولا موضع اللبنة"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأنا موضع اللبنة، جئت فختمت الأنبياء» [8].
صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي يؤيده القدير بقوله ـ سبحانه وتعالى ـ: )إنه لقول رسول كريم (40) وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون (41) ولا بقـول كاهـن قليلا ما تذكـرون (42) تنزيل من رب العالمين (43)( (الحاقة) [9]، وبالتالي فالمقصود بالحجر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو مجاز عنه - صلى الله عليه وسلم - فهو خاتم النبيين وآخر المرسلين.
ومن خلال نصوص الكتب المقدسة نستطيع أن نضع صورة كاملة لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ذلك النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل، هذا الرسول بدا شامخا بشيمه الشماء وهي من شقين:
· أنه الرسول النبي الخاتم ولا نبي بعده.
· أنه رسول الله للعالمين كافة للأسباب الآتية:
o لأنه متمكن ورحيم.
o لأنه مؤسس لأمة على الحق والبر.
o لأنه بفضل الله نور للأمم.
o لأنه وثيق الصلة بسلالة قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
o لأنه يتلقى الوحي مباشرة من الله [10].
هذه النصوص المذكورة في التوراة والإنجيل ناطقة برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - وتدلل على وجوده، وأنه لم يكن وهما أو خيالا كما يزعمون.
3. شهادة الرهبان والأحبار والملوك بنبوته:
تواترت الأخبار بأن كثيرا من الرهبان شهدوا للرسول صلى الله عليه وسلم أنه النبي المنتظر المنعوت في كتبهم قبل أن يبعث، ومن أمثال ذلك: بحيرا الراهب الذي رآه وهو صغير مع عمه أبي طالب، وقد كان متبحرا في النصرانية، وقد عرف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبره برسالته مما اطلع عليه في الكتب المقدسة، ففيها أوصافه - صلى الله عليه وسلم - وشيء من إرهاصاته[11]ومعجزاته[12]، وأخبر بحيرا أبا طالب بما رأى من علامات النبوة البادية على ابن أخيه - صلى الله عليه وسلم - وأمره برعايته والحفاظ عليه وحذره من اليهود؛ لأنهم أعداء له.
ومنهم أيضا نسطورا الراهب الذي أخبر ميسرة الغلام المرافق للرسول - صلى الله عليه وسلم - في تجارة للسيدة خديجة - رضي الله عنها - أنه نبي بما عرف من صفاته. ومنذ بزوغ فجر الدعوة وإشراق شمسها شهد له صلى الله عليه وسلم عالم من علماء النصرانية أنه النبي الموصوف في الإنجيل، ذلك العالم هو ورقة بن نوفل حينما ذهبت السيدة خديجة برسول الله إليه بعد نزول الوحي عليه[13].
ولما أخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - بما رأى من الوحي قال له ورقة بن نوفل: «هذا الناموس الذي نزل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا[14]، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أومخرجي هم"؟ قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا» [15] [16] [17].
وقد أخبر أحبار اليهود جهارا نهارا عن قرب مبعث النبي صلى الله عليه وسلم وانتظروه وذكروا اسمه صراحة، وحددوا الجهة التي سيبعث منها مما دفع من سمع ذلك منهم إلى الإيمان برسول الله - صلى الله عليه وسلم - واتباعه[18].
وقال هرقل ملك الروم عندما استلم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم: «وقد كنت أعلم أنه خارج، ولم أكن أظن أنه منكم» [19] [20].
ويقص لنا المغيرة بن شعبة خبر إسلامه وقد فر من دعوة الحق، ويأبى الله عليه إلا أن يشرح صدره للإيمان بما يسمع من ملوك النصارى ورهبانهم وشهادتهم له أنه نبي صادق بشرت به كتبهم، قال له المقوقس ملك مصر في أمر نبينا صلى الله عليه وسلم: هو نبي مرسل إلى الناس كافة ولو أصاب القبط والروم تبعوه، وقد أمرهم بذلك عيسى ابن مريم - عليه السلام - وهذا الذي تصفون منه بعث به الأنبياء من قبله، وستكون له العاقبة حتى لا ينازعه أحد، ويظهر دينه إلى منتهى الخف والحافر، ومنقطع البحور، ويوشك قومه يدافعونه بالرماح[21].
وقد شهد له النجاشي بأنه رسول رب العالمين، فكتب إليه قائلا: "بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد رسول الله من النجاشي أصحمة، سلام عليك يا نبي الله من الله وبركات الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد.. فقد بلغني كتابك فيما ذكرت من أمر عيسى، فورب السماء والأرض إن عيسى لا يزيد على ما ذكرت تفروقا[22]، إنه كما ذكرت، وقد عرفنا ما بعثت به إلينا، وقد قربنا ابن عمك وأصحابه، فأشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا، وقد بايعتك وبايعت ابن عمك، وأسلمت على يديه لله رب العالمين" [23].
أيعقل بعد كل هذه الشهادات والبشارات أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أسطورة أو خرافة؟! لقد شهد الملوك والرهبان والأحبار بوجوده، وبأنه رسول رب العالمين وخاتم المرسلين، وأنه نبي آخر الزمان الذي بشرت به الكتب السماوية، والذي بشر به موسى وعيسى - عليهما السلام - وغيرهما من الأنبياء، وأمروهم باتباعه ونصرته. فكيف يدعي هؤلاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شخصية خرافية؟!
ثانيا. معجزة القرآن شاهدة على وجوده صلى الله عليه وسلم:
إن وجود القرآن الكريم اليوم بين أيدينا لدليل قاطع على أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - حقيقة وواقع، وعلى أنه كان موجودا، وقد بلغ هذا القرآن للبشر عن رب العزة، ولا نعلم أحدا على وجه البسيطة قام بهذا العمل إلا النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - له معجزات كثيرة تشهد بأنه رسول من عند الله، إلا أن القرآن هو معجزته الخالدة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحى الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة» [24].
قال الحافظ في "فتح الباري" في شرح هذا الحديث: "أي: إن معجزتي التي تحديت بها هي الوحي الذي أنزل علي؛ لما اشتمل عليه من الإعجاز الواضح، وليس المراد حصر المعجزات فيه، ولا أنه لم يؤت من المعجزات ما أوتي من تقدمه، بل المراد أنه المعجزة العظمى الخالدة التي اختص بها دون غيره؛ ولأن كل نبي أعطي معجزة خاصة به لم يعطها بعينها غيره تحدى بها قومه، وكانت معجزة كل نبي تقع مناسبة لحال قومه، كما كان السحر فاشيا عند فرعون، فجاء موسى - عليه السلام - بالعصا على صورة ما يصنع السحرة، ولكنها تلقفت ما صنعوا، وكذلك إحياء عيسى الموتى وإبراء الأكمه والأبرص؛ لكون الأطباء والحكماء كانوا في ذلك الزمان في غاية الظهور، فأتاهم من جنس عملهم بما لم تصل قدرتهم إليه، ولهذا لما كان العرب الذين بعث فيهم نبينا - صلى الله عليه وسلم - في الغاية من البلاغة جاءهم بالقرآن، الذي تحداهم بأن يأتوا بسورة من مثله، فلم يقدروا على ذلك" [25].
فالقرآن ليس له مثل لا صورة ولا حقيقة، بخلاف غيره من المعجزات فإنها لا تخلو عن مثل.
وقد جمع بعضهم إعجاز القرآن في أربعة أشياء:
أحدها: حسن تأليفه والتئام كلمه مع الإيجاز والبلاغة.
ثانيها: صورة سياقه وأسلوبه المخالف لأساليب كلام أهل البلاغة من العرب نظما ونثرا، حتى حارت فيه عقولهم، ولم يهتدوا إلى الإتيان بشيء مثله.
ثالثها: ما اشتمل عليه من الإخبار عما مضى من أحوال الأمم السالفة والشرائع الدائرة، مما كان لا يعلم منه بعضه إلا النادر من أهل الكتاب.
رابعها: الإخبار بما سيأتي من الكوائن التي وقع بعضها في العصر النبوي وبعضها بعده. ومن غير هذه الأربعة آيات وردت بتعجيز قوم في قضايا أنهم لا يفعلونها فعجزوا عنها مع توفر دواعيهم على تكذيبه، كتمني اليهود الموت، ومنها الروعة التي تحصل لسامعه، ومنها أن قارئه لا يمل من ترداده، وسامعه لا يمجه، ولا يزداد بكثرة التكرار إلا طراوة ولذاذة، ومنها جمعه لعلوم ومعارف لا تنقضي عجائبها، ولا تنتهي فوائدها[26].
فهل يمكن أن تكون هذه المعجزة العظيمة التي جاء بها محمد - صلى الله عليه وسلم - وهي موجودة بين أيدينا شاهدة على وجوده أن تكون أسطورة، أو أن صاحبها لا وجود له؟ )كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا (5)( (الكهف).
القرآن يسجل وجوده صلى الله عليه وسلم:
إن القرآن الكريم شاهد على وجود النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه لم يكن وهما أو خيالا كما يدعون وذلك يمكن إثباته في الآتي:
· محمد - صلى الله عليه وسلم - مذكور باسمه وصفته في القرآن الكريم، وذلك في عدة آيات، فقال سبحانه وتعالى: )محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما (29)( (الفتح). تبدأ هذه الآية بإثبات صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - تلك الصفة التي ينكرونها وهي: "محمد رسول الله". إنها صورة وضيئة عجيبة يرسمها القرآن الكريم بأسلوبه البديع، فنجد صورة مؤلفة من عدة لقطات لأبرز حالات تلك الجماعة المختارة التي صاحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتلك الصورة الوضيئة ثابتة لهم في التوراة: "ذلك مثلهم في التوراة" وتلك صفتهم فيها، ثم أورد الله - عز وجل - صفتهم كما في الإنجيل في بشارة عيسى - عليه السلام - بمحمد ومن معه[27]، وهذا دليل على أنه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه موصوفون في الإنجيل، وقد بشر عيسى عليه السلام بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.
قال تعالى في سورة الأحزاب ذاكرا اسم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: )ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما (40)( (الأحزاب)، ففي هذه الآية يذكر الله - سبحانه وتعالى - اسم نبينا عندما عالج - سبحانه وتعالى - قضية التبني في الإسلام، حيث يؤكد رب العزة أنه رسول رب العالمين، وخاتم النبيين، قال سبحانه وتعالى: )والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم (2)( (محمد)، وهذه الآية توضح أن المؤمنين لم يخالفوا نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم في شيء مما جاء به وصدقوه، كما أن وجود أتباعه من المسلمين الذين يزدادون يوما بعد يوم على مر العصور يعتبر دليلا على وجوده، فكيف تتبعه كل هذه الأمة من المسلمين حتى وقتنا هذا، وهو غير موجود؟
هناك آيات أخرى ذكر فيها اسمه - صلى الله عليه وسلم - كقوله سبحانه وتعالى: )وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين (144)( (آل عمران), وكأن الله لم يتكفل بحفظ القرآن الكريم وآياته فقط، بل تكفل بحفظ الدليل على وجود نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - من خلال تلك الآيات التي يذكر فيها المولى - سبحانه وتعالى - اسمه، ويؤكد صفته، وكما أن المولى - سبحانه وتعالى - قد أفرد سورة كاملة من سور القرآن الكريم وسماها باسمه، وهي "سورة محمد" رقم (47) من سور القرآن الكريم - حسب ترتيب المصحف - وهذه السورة تدل على تكريم الله لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - فكان ذلك تخليدا لذكرى نبينا وتكريما له من ربه وهو دليل آخر على وجوده صلى الله عليه وسلم.
إن القرآن الكريم خير شاهد على وجود النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد سجل لنا طرفا من حياته ووقائعه، حيث قال سبحانه وتعالى: )ألم يجدك يتيما فآوى (6)( (الضحى)، وخاطبه عند نزول الوحي عليه أول مرة على لسان جبريل فقال: )اقرأ باسم ربك الذي خلق (1)( (العلق)، وعندما كذبه قومه واتهموه بأنه شاعر، وأنه كاهن قال سبحانه وتعالى ردا عليهم: )إنه لقول رسول كريم (40) وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنـون (41) ولا بقـول كاهن قليلا ما تذكرون (42) تنزيــل مــن رب العالميــن (43)( (الحاقة)، وقال سبحانه وتعالى: )وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين (69)( (يس)، ثم سجل القرآن جهاده ضد الكفار والمنافقين، فقال سبحانه وتعالى: )يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير (73)( (التوبة)، وسجل القرآن الكريم بعض معجزاته، ومنها معجزة انشقاق القمر، يقول سبحانه وتعالى: )اقتربت الساعة وانشق القمر (1)( (القمر).
إن القرآن الكريم خير مصدر لمعرفة شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته الشريفة معرفة واضحة دقيقة، لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، فالقرآن الكريم هو الباعث لتشخيص شخصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسيرته منذ البعثة وما بعدها[28].
ثالثا. لو سلمنا جدلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أسطورة، فمن أين جاءت السيرة النبوية، وإلى من ننسبها؟!
إن التاريخ يثبت وجود محمد - صلى الله عليه وسلم - منذ ولادته وحتى وفاته - صلى الله عليه وسلم - وذلك من خلال كتب التاريخ والسير، والأحاديث الصحيحة، كما أن الدولة الإسلامية وحضارتها تشهد بوجوده، فقد أسس لها منذ هجرته للمدينة، وإقامة دعائم هذه الدولة التي قامت على أسسها الحضارة الإسلامية التي شهد العالم كله بتقدمها ورقيها دليل على وجوده صلى الله عليه وسلم فإذا أنكروا وجود نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فهل يستطيعون إنكار التاريخ بأسره؟!
لقد استطاع النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحدث تغييرا ملحوظا في عصره، سجله التاريخ، فقد "ولد - صلى الله عليه وسلم - يتيما في عصر اتفقت كلمة المؤرخين والرواة على أنه من أخبث العصور وأكثرها انحطاطا من جميع النواحي الخلقية والعقلية والدينية والحكومية، عصر هو في الحق عصر الظلم والظلمات، ولد في أمة تائهة في الضلال والجهل، تائهة في الشرك والكفر، تائهة في الفرقة والاستبداد، تائهة في القساوة والعنف، وكل معاني الغضب والسخط" [29]، فأخرجها إلى النور والهداية، وكانت أمة تعبد ما تصنع بأيديها من أحجار، وأصنام، وغير ذلك، فاستطاع أن يقضي على كل هذا الجهل والتخلف والظلام حتى أصبحت هذه الأمة بعد إسلامها من أرقى الأمم حضارة وخلقا، فاستطاع - صلى الله عليه وسلم - بالإسلام أن يخرجها من الظلمات إلى النور، قال سبحانه وتعالى: )رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور( (الطلاق: ١١).
فهل يعقل بعد كل هذا التغيير الذي أحدثه النبي - صلى الله عليه وسلم - في مجتمعه - وكان التاريخ شاهدا له على هذا التغيير - أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - شخصية خرافية؟
على أن السيرة النبوية العطرة ما هي إلا ترجمة حية للقرآن الكريم، كما أن كتاب السيرة النبوية وعلماءها لم تكن وظيفتهم بصدد أحداث السيرة إلا تثبيت ما هو ثابت منها، بمقياس علمي يتمثل في قواعد مصطلح الحديث المتعلقة بكل من السند والمتن، وعلم الجرح والتعديل المتعلق بالرواة وتراجمهم، فإن انتهت بهم هذه القواعد العلمية الدقيقة إلى أخبار ووقائع، وقفوا عندها ودونوها، دون أن يقحموا تصوراتهم الفكرية، أو انطباعاتهم النفسية، أو مألوفاتهم البيئية إلى شيء من تلك الوقائع بأي تلاعب أو تحوير.
كما يرون أن الحادثة التاريخية التي يتم الوصول إلى معرفتها بالقواعد العلمية التي تتسم بمنتهى الدقة حقيقة مقدسة، يجب أن تجلى أمام الأبصار والبصائر كما هي ضمن هذه الوقاية من القواعد العلمية، وعلى ذلك الأساس من النظرة الموضوعية للتاريخ، وصلت إلينا سيرة المعصوم - صلى الله عليه وسلم - بدءا من نسبه وولادته، إلى طفولته فصباه اليافع، إلى الإرهاصات الخارقة التي صاحبت مراحل طفولته وشبابه إلى بعثته، وظاهرة الوحي التي تجلت في حياته، إلى أخلاقه وصدقه وأمانته، إلى الخوارق والمعجزات التي أجراها الله تعالى على يده، إلى مراحل الدعوة التي سار فيها لتلبية أمر ربه، من سلم، فدفاع، فجهاد مطلق، حيثما طاف بالدعوة إلى الله - سبحانه وتعالى - تحت أي تهديد، إلى الأحكام والمبادئ الشرعية التي أوحي بها إليه، قرآنا معجزا يتلى وأحاديث نبوية تشرح وتبين.
فهل يمكن بعد كل هذه الدقة العلمية في تدوين السيرة النبوية أن نصدق ادعاءهم بعدم وجود شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟! فإذا كان غير موجود كما يدعون، فمن أين أتت هذه السيرة النبوية العظيمة؟! وليس للإمام البخاري وغيره من أئمة السنة الشريفة، من أصحاب المصنفات الحديثية والتاريخية، ليس لكتاب السيرة وعلمائها ككل أن يرسموا شخصية النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - كما يدعون؛ لأن دورهم كما سبق هو تسجيل تلك التراجم الحية التي اشتمل عليها القرآن الكريم، من عقائد وعبادات ومعاملات وأخلاق وحدود وغزوات، وأحوال شخصية... إلخ.
إن التأكد من ثبوت السيرة النبوية الواردة في السنة المطهرة سهل ميسور من خلال دراسة السند والمتن، وهذا ما قام به أئمة أعلام من سلفنا الصالح، وأسفرت نتيجة جهودهم إلى صحة أصول السيرة النبوية التي اشتملت عليها صحاح كتب السنة، وعلى رأسها الصحيحان للبخاري ومسلم، وهذان المصدران: القرآن والسنة النبوية الصحيحة، أهم مصادر السيرة وأوثقها.
وإذا كان القرآن الكريم أوثق كتاب على وجه الأرض، وكان من الثبوت المتواتر بما لا يفكر إنسان عاقل في التشكيك في نصوصه وثبوتها التاريخي، وإذا كانت السنة الشريفة نقلت لنا سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسند الصحيح المتصل بما يجب أن تقبله كحقيقة تاريخية لا يخالجنا الشك فيها.
فإنك تجد نفسك في النهاية أمام أصح سيرة وأقواها ثبوتا متواترا، هي سيرة المعصوم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم[30].
فإذا كانت سيرته من أصح السير وأقواها، فمن أين جاءوا بادعائهم هذا أنه غير موجود؟! إن سيرته الشريفة والقرآن العظيم، وما تركه من أحكام وتشريعات وسنة، كل هذا يشهد بوجوده، فكيف يكون كل ذلك بين أيدينا، وهم يدعون أنه أسطورة ووهم وخيال؟!
ويمكن تتبع بعض الأحداث من سيرته التي سجلها التاريخ، وهي موثقة بالتاريخ الهجري، وما يقابله من التاريخ الميلادي ومنها:
· مولده: 20 أغسطس سنة 570 م:
ولد النبي - صلى الله عليه وسلم - في فجر يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول في عام الفيل، وروي أنه عند ولادته ارتج إيوان كسرى ارتجاجا شديدا، وسقط منه أربع عشرة شرفة من شرفاته، وذلك إشارة إلى أنه لم يبق من ملوكهم المستبدين بالملك إلا أربعة عشر ملكا فهلك عشرة في أربع سنين، وهلك أربعة إلى زمن عثمان - رضي الله عنه - كما خمدت نار فارس، وكان على ما يقال لها ألف عام لم تخمد كما رواه البيهقي وأبو نعيم وابن عساكر[31].
· تكليفه بالرسالة:
في السادس من أغسطس سنة 610م، يوم الإثنين لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان للسنة الحادية والأربعين من ميلاده، فيكون عمره إذ ذاك أربعين سنة قمرية وستة أشهر وثمانية أيام، جاءه جبريل بالنبوة وهو في غار حراء، فقال له: اقرأ، وكان أول ما أنزل عليه من الوحي قوله سبحانه وتعالى: )اقرأ باسم ربك الذي خلق (1) خلق الإنسان من علق (2) اقرأ وربك الأكرم (3) الذي علم بالقلم (4)( (العلق)[32].
· جهاد النبي - صلى الله عليه وسلم - وغزواته:
في 17 رمضان في السنة الثانية من الهجرة يناير سنة 624م كانت غزوة بدر الكبرى، ورغم قلة عدد المسلمين في ذلك الوقت، وكانوا 313 مقاتلا، وكثرة من خرج من قريش، وكانوا نحو 1000 مقاتل ـ إلا أن الله عز وجل كتب النصر لهم على كفار قريش.
بعد ذلك توالت الغزوات ومنها: غزوة أحد 3 هـ/ 625م، وغزوة ذات الرقاع 4 هـ/ 626م، وغزوة الخندق 5هـ/ 627م، وغزوة خيبر 7 هـ/ 628م، وغزوة فتح مكة 8هـ/ 630م[33]، وغير ذلك من الغزوات.
فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - شخصية أسطورية كما يدعي هؤلاء فإلى من ننسب هذه الوقائع والأحداث المسطرة على صفحات التاريخ؟! وإلى من ننسب وجود أكثر من ألف مليون مسلم على وجه الأرض؟ إن وجود المسلمين دليل على وجود النبي - صلى الله عليه وسلم - كما أن وجود المسيحيين دليل على وجود السيد المسيح، ووجود اليهود دليل على وجود موسى عليه السلام.
فمن أنكر وجود نبي الإسلام فعليه أن ينكر وجود المسلمين اليوم، وهذا محال عقلا.
كما أن من أنكر وجود النبي - صلى الله عليه وسلم - فعليه أن ينكر وجود موسى وعيسى - عليهما السلام -، وهذا ما لا يرتضيه أحد من هؤلاء بأي حال من الأحوال.
وليس أدل على حقيقة شخصية النبي صلى الله عليه وسلم مما تركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مبادئ وتعاليم سواء كانت في العقيدة، أم في الأخلاق، أم في التشريع، وقد كانت هذه التشريعات والعقيدة والأخلاق - ولا تزال - صالحة لكل مكان وزمان، وقد أقام بها المسلمون الأوائل دولتهم العظمى وحضارتهم الشامخة التي فرضت نفسها على حضارتي الفرس والروم.
وبهذا يتبين لنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شخصية حقيقة لا مراء في ذلك, والدلائل والشواهد على ذلك كثيرة لا تحصى, فقد أرسله الله - عز وجل - إلى الناس ليخرجهم من الظلمات إلى النور, وختم به الرسالات السماوية, فلا نبي بعده ولا رسول, وقد دل على وجوده - صلى الله عليه وسلم - وجود القرآن الكريم معجزته الخالدة إلى يوم الدين, وكذلك سنته وسيرته الطاهرة التي شغلت معظم كتاب التاريخ والسير حتى يومنا هذا، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها, وكذلك وجود أتباعه من المسلمين المؤمنين برسالته، حيث يزداد عددهم يوما بعد يوم مما يدل على إيمانهم الكامل بنبوته ورسالته صلى الله عليه وسلم.
الخلاصة:
إن الأدلة على وجود شخصية النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيرة ومتنوعة، ولا يمكن حصرها، وهي تقود الإنسان في النهاية إلى الإيمان به نبيا ورسولا من الله تعالى، ومن هذه الأدلة:
· أن الأحبار والرهبان والملوك كانوا على معرفة بنبوته صلى الله عليه وسلم ووقت مبعثه وصفة بلده وقومه، وأنهم شهدوا بذلك قبل بعثته وبعدها.
· أن التوراة والإنجيل قد بشرتا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبالرغم من تحريفهما إلا أنه لا يزال فيهما إشارات وإيماءات يفهم منها البشارة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع العلم أن ما نقله علماء سلفنا الصالح أمثال الإمام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم من بشارات التوراة والإنجيل أشد صراحة مما نجده الآن فيهما، مما يدل على أنهما قد دخلهما تحريف جديد من زمنهم إلى يومنا هذا، وقد شهد القرآن بهذه البشارات كما شهد بتحريف التوراة والإنجيل.
· أن القرآن الكريم معجزة النبي - صلى الله عليه وسلم - الخالدة إلى يوم القيامة شاهدة على وجوده صلى الله عليه وسلم فقد اختص الله - سبحانه وتعالى - النبي صلى الله عليه وسلم بهذه المعجزة لتكون دليلا على صدقه، وصدق ما جاء به، إذ هي من جنس ما برع فيه قومه من البلاغة وحسن التأليف، وتحداهم أن يأتوا بسورة من مثله، فلم يستطيعوا.
· أن التاريخ صدق ما جاء به القرآن الكريم، والسيرة النبوية الشريفة من وقائع وأحداث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان هذان المصدران خير شاهد ودليل على وجوده صلى الله عليه وسلم.
· أن ما تركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مبادئ وتعاليم سواء كانت في العقيدة، أم الأخلاق، أم التشريع يدل دلالة واضحة على أنه كان شخصية حقيقية، ولم يكن وهما أو خيالا كما يدعون.
· أن صحة السيرة النبوية ثابتة بالأدلة العلمية والتواريخ، إذ إن كتاب السيرة وعلماءها لم تكن وظيفتهم بصدد أحداث السيرة إلا تدوين ما هو ثابت منها، بمقياس علمي دقيق، يتمثل في قواعد مصطلح الحديث المتعلقة بكل من السند والمتن، وعلم الجرح والتعديل، وقد اعترف كل من له باع من العلم والمنهج الموضوعي في البحث حتى من المستشرقين أنفسهم أن منهج علماء المسلمين من المحدثين في نقد الروايات لم يسبق له مثيل، حتى قال مرجليوث: "ليفخر المسلمون ما شاءوا بعلم حديثهم". وعليه فلا وجه للقول بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان شخصية أسطورية أو خرافية.
(*) افتراءات المستشرقين على الإسلام: عرض ونقد، د. عبد العظيم المطعني، مكتبة وهبة، مصر، ط1، 1413هـ/ 1992م.
[1]. تفسير المنار، محمد رشيد رضا، دار المعرفة، بيروت، د. ت، ط2، ج2، ص20.
[2]. محمد في التوراة والإنجيل والقرآن، إبراهيم خليل أحمد، دار المنار، القاهرة، 1409هـ/ 1989م، ص67، 68 بتصرف.
[3]. الأدلة على صدق النبوة المحمدية، هدى عبد الكريم مرعي، دار الفرقان، الأردن، 1411هـ/ 1991م، ص56، 57 بتصرف.
[4]. صفوة التفاسير، محمد علي الصابوني، المطبعة العربية الحديثة، القاهرة، د. ت، ج3، ص1651.
[5]. الحجلة: بيت كالقبة يكون له أزرار كبار.
[6]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الوضوء، باب استعمال فضل وضوء الناس (187)، ومسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب إثبات خاتم النبوة وصفته ومحله من جسده (6233).
[7]. الأدلة على صدق النبوة المحمدية، هدى عبد الكريم مرعي، دار الفرقان، الأردن، 1411هـ/ 1991م، ص68، 69 بتصرف.
[8]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المناقب، باب خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم (3341)، ومسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب ذكر كونه خاتم النبيين (6103)، واللفظ له.
[9]. محمد في التوراة والإنجيل والقرآن، إبراهيم خليل، دار المنار، القاهرة، 1409هـ/ 1989م، ص73، 74 بتصرف.
[10]. محمد في التوراة والإنجيل والقرآن، إبراهيم خليل، دار المنار، القاهرة، 1409هـ/ 1989م،، ص61 بتصرف.
[11]. الإرهاص: الأمر الخارق للعادة يظهر للنبي قبل بعثته.
[12]. محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، محمد رضا، دار الكتب العلمية، بيروت، 1395هـ/ 1975م، ص48.
[13]. الأدلة على صدق النبوة المحمدية، هدى عبد الكريم مرعي، دار الفرقان، الأردن، 1411هـ/ 1991م، ص22 بتصرف يسير.
[14]. الجذع: الشاب القوي.
[15]. المؤزر: الشديد القوي.
[16]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (3)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بدء الوحي إلى رسول الله (422).
[17]. محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، محمد رضا، دار الكتب العلمية، بيروت، 1395هـ/ 1975م، ص60، 61.
[18]. الأدلة على صدق النبوة المحمدية، هدى عبد الكريم مرعي، دار الفرقان، الأردن، 1411هـ/ 1991م، ص39.
[19]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (7)، ومسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب كتاب النبي إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام (4707).
[20]. تنزيه سيد الأنبياء عن مطاعن السفهاء، د. ياسر عبد القوي، دار الإيمان، الإسكندرية، 2006م، ص98 بتصرف.
[21]. الأدلة على صدق النبوة المحمدية، هدى عبد الكريم مرعي، دار الفرقان، الأردن، 1411هـ/ 1991م، ص44، 45 بتصرف.
[22]. التفروق: علامة تكون بين النواة والتمرة.
[23]. أسد الغابة في معرفة الصحابة، ابن الأثير الجزري، دار الفكر، بيروت، د. ت، ج1، ص76.
[24]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل القرآن، باب كيف نزول الوحي وأول ما نزل (4696)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد إلى جميع الناس (402)، واللفظ له.
[25]. فتح الباري، ابن حجر، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ج8، ص623.
[26]. تنزيه سيد الأنبياء عن مطاعن السفهاء، د. ياسر عبد القوي،، دار الإيمان، الإسكندرية، 2006م، ص98: 100 بتصرف.
[27]. في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، القاهرة، ط13، 1407هـ/ 1987م، ج6، ص3331، 3332 بتصرف.
[28]. رد شبهات حول عصمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ضوء الكتاب والسنة، د. عماد السيد الشربيني، مطابع دار الصحيفة، القاهرة، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص462.
[29]. نقد كتاب "حياة محمد"، عبد الله بن علي القصيمي، المطبعة الرحمانية، مصر، ط1، 1354هـ/ 1935م، ص1.
[30]. رد شبهات حول عصمة النبي صلى الله عليه وسلم، د. عماء السيد الشربيني، مطابع دار الصحيفة، القاهرة، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص462: 465 بتصرف.
[31]. محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، محمد رضا، دار الكتب العلمية، بيروت، 1395هـ/ 1975م، ص19، 20 بتصرف.
[32]. محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، محمد رضا، دار الكتب العلمية، بيروت، 1395هـ/ 1975م، ص59، 60 بتصرف.
[33]. محمد المثل الكامل، أحمد جاد المولى، مكتبة دار المحبة، دمشق، ط1، 1412هـ/ 1991م، ص432، 433 بتصرف. husband cheat online online affair
|