مرحبًا بكم فى موقع بيان الإسلام الرد على الافتراءات والشبهات
 بحث متقدم ...   البحث عن

الصفحة الرئيسية

ميثاق الموقع

أخبار الموقع

قضايا الساعة

اسأل خبيراً

خريطة الموقع

من نحن

دعوى أن الملائكة بنات الله عز وجل(*)

مضمون الشبهة:

ادعى المشركون الكذابون أن الملائكة بنات الله، فجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا، ثم عبدوهم من دون الله. قال سبحانه وتعالى: )ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون (57)( (النحل)، وقال سبحانه وتعالى: )وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا( (الزخرف: ١٩).

وجوه إبطال الشبهة:

1)  الله - سبحانه وتعالى - لا ولد له أصلا، وهو منزه عن ذلك.

2)  المشركون لا يرضون البنات لأنفسهم فكيف يجعلونها لله؟!

3)  جعلهم الملائكة بنات الله هو كفر مبين بنعمة الله، وسوء أدب مع الله.

4)  جعلهم الملائكة بنات الله يتناقض مع إقرارهم بالربوبية لله تعالى.

5)  لم يشهد المشركون خلق الملائكة، فكيف يحكمون بأنهم بنات الله؟!

6)  ليس للمشركين حجة ولا دليل على ما يدعون ويزعمون. وإنما يتبعون الظن والتقليد الأعمى للآباء.

7)  الملائكة عباد لله - عز وجل - مكرمون وله طائعون، ولم يأمروا أحدا بعبادتهم من دون الله.

التفصيل:

أولا. الله لا ولد له أصلا، وهو منزه عن ذلك:

لقد اجتمع على ضلالة أن الله اتخذ ولدا ثلاث فرق: اليهود والنصارى ومشركو العرب؛ فقالت اليهود: عزير ابن الله، وقالت النصارى: المسيح ابن الله، وقال مشركو العرب: الملائكة إناث وهن بنات الله، وقد سبق أن بينا رد القرآن على اليهود والنصارى وكيف فند مزاعمهم وأدحض شبههم، وهنا نعرض كيف فند الله تعالى شبهة مشركي العرب وزعمهم أن الملائكة بنات الله، وليس الرد مقصورا على مشركي العرب فحسب، بل يشمل كل من ادعى البنوة لله تعالى، قال الله سبحانه وتعالى: )وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون (116) بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون (117)( (البقرة).

وحين يعرض القرآن قولهم بلفظ )اتخذ الله ولدا(، فإن هذا تعريض بالاستهزاء بهم وسخرية، فكلامهم غير ملتئم؛ حيث إنهم أثبتوا ولدا لله، ويقولون اتخذه الله، والاتخاذ: الاكتساب، وهو ينافي الولدية؛ إذ الولدية تولد بدون صنع، فإذا جاء الصنع جاءت العبودية لا محالة، وهذا التخالف هو ما يعبر عنه في علم الجدل بفساد الوضع، وهو أن يستنتج وجود الشيء من وجود ضده كما يقول قائل: القتل جناية عظيمة فلا تكفر مثل الردة، وهذه حجة أولى أن تكون عليهم.

وأصل هذه المقالة بالنسبة إلى المشركين ناشئ عن جهالة، وبالنسبة إلى أهل الكتاب ناشئ عن توغلهم في سوء فهم الدين، وذلك حين توهموا أن التشبيهات والمجازات حقائق؛ فقد ورد وصف الصالحين بأنهم أبناء الله على طريقة التشبيه، وورد في إنجيل النصارى وصف الله تعالى بأنه أبو عيسى وأبو الأمة، فتلقفته عقول لا تعرف التأويل ولا تؤيد اعتقادها بواضح الدليل فظنته على حقيقته!

وقوله عز وجل: )سبحانه( تنزيه له عن شنيع هذا القول، وفيه إشارة إلى أن الولدية نقص بالنسبة لله وإن كانت كمالا في الشاهد؛ لأنها إنما كانت كمالا في الشاهد من حيث إنها تسد بعض نقائصه عند العجز والفقر وتسد مكانه عند الاضمحلال، والله منزه عن جميع ذلك، فلو كان له ولد لآذن بالحدوث وبالحاجة إليه.

وكيف يتخذ الله ولدا وكل ما في السماوات والأرض من بديع صنعه، والكل خاضع لعظمته )كل له قانتون (116)( (البقرة)، وهذه حجة أخرى على انتفاء الولد؛ لأن الخضوع من شعار العبيد، أما الولد فله إدلال على الوالد؛ وإنما يبر به ولا يقنت، فكان إثبات القنوت كناية عن انتفاء الولدية بانتفاء لازمها لثبوت مساوى نقيضه[1].

ثانيا. المشركون لا يرضون البنات لأنفسهم فكيف يجعلونها لله؟!

هذا الادعاء هو من قبائح المشركين الذين عبدوا مع الله غيره، فقد جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا، وجعلوها بنات لله، ثم عبدوها معه، فأخطئوا خطأ كبيرا في كل مقام من هذه المقامات الثلاث، فنسبوا إليه - سبحانه وتعالى - الولد ولا ولد له، ثم أعطوه أخس القسمين من الأولاد - في نظرهم - وهو البنات، وهم لا يرضون هذا القسم لأنفسهم، ولهذا أنكر عليهم القرآن ذلك الافتراء في غير موضع، ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى: )ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون (57)( (النحل)، وقوله - سبحانه وتعالى - أيضا: )ألكم الذكر وله الأنثى (21) تلك إذا قسمة ضيزى (22)( (النجم).

فهؤلاء المشركون يختارون لأنفسهم الذكور، ويأنفون من البنات التي نسبوها إلى الله عز وجل؛ ولذا فإن القرآن يحكي عنهم حالهم هذه إذا بشر أحدهم بالأنثى، يقول سبحانه وتعالى: )وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم (58) يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون (59)( (النحل)، والمعنى: أنه إذا بشر أحدهم بأن امرأته ولدت له أنثى ظل وجهه مسودا كئيبا من الهم، وهو كظيم ساكت من شدة ما هو فيه من الحزن، ويكره أن يراه الناس فيتوارى منهم من سوء ما بشر به، فإنه في هذه الحال إما أن يبقيها حية، ويجعلها مهانة لا يورثها ولا يعتني بها، ويفضل أولاده الذكور عليها، وإما أن يئدها وهي حية كما كانوا يصنعون في الجاهلية، فهذا هو موقفهم تجاه الأنثى.

والقرآن يرد على هؤلاء المفترين قائلا لهم: أفمن تكرهونه هذه الكراهية وتأنفون منه لأنفسكم تجعلونه لله؟! فبئس الحكم ما حكمتم، وبئست القسمة هذه القسمة الجائرة، )تلك إذا قسمة ضيزى (22)( (النجم)، فلو اقتسمتم أنتم ومخلوق مثلكم هذه القسمة لكانت جائرة باطلة، فكيف تقاسمون ربكم هذه القسمة؟!

كما رد القرآن عليهم توهمهم هذا بأن بين لهم أن المرأة ناقصة يكمل نقصها بلبس الحلي منذ أن تكون طفلة، وإذا خاصمت فلا عبارة لها، بل هي عاجزة عيية لا تستطيع الانتصار، فهي ناقصة الظاهر والباطن في الصورة والمعنى، فيكمل نقص ظاهرها وصورتها بلبس الحلي وما شابهه؛ ليجبر ما فيها من نقص، كما قال أحد شعراء العرب:

وما الحلي إلا زينة من نقيصة

يتمم من حسن إذا الحسن قصرا

وأما إذا كان الجمال موفرا

كحسنك لم يحتج إلى أن يزورا

فهل من كان شأنها كذلك تنسب إلى جناب الله العظيم؟! قال - عز وجل - منكرا وناعيا عليهم هذه القسمة: )أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين (18)( (الزخرف).

ثالثا. جعلهم الملائكة بنات الله كفر مبين بنعمة الله وسوء أدب مع الله عز وجل:

إذا كان الله تعالى متخذا أبناء، فما له يتخذ البنات ويصطفيهم هم بالبنين؟! وهل يليق أن يزعموا هذا الزعم لله - عز وجل - في حين أنهم يستنكفون ولادة البنات لهم ويستاءون من ذلك: )وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم (58)( (النحل).

أما كان من اللياقة والأدب ألا ينسبوا إلى الله من يستاءون هم إذا بشروا به حتى ليسود وجه أحدهم من السوء الذي يبلغ حدا يجل عن التصريح به فيكظمه ويكتمه وهو يكاد يتميز من هذا السوء؟!

أما كان من اللياقة والأدب ألا يخصوا الله بمن ينشأ في الحلية والدعة والنعومة، فلا يقدر على جدال ولا قتال، بينما هم - في بيئتهم - يحتفلون بالفرسان والقوالين البلغاء من الرجال؟!

إنه يأخذهم بمنطقهم ويخجلهم، فكيف ينتقون ما يكرهون وينسبونه إلى الله؟! فهلا اختاروا ما يستحسنونه وما يسرون له فينسبونه إلى ربهم إن كانوا لا بد فاعلين[2]، وهذا كفر بنعمة الله شنيع بين لا شبهة فيه، قال سبحانه وتعالى: )إن الإنسان لكفور مبين (15)( (الزخرف).

رابعا. جعلهم الملائكة بنات الله يتناقض مع إقرارهم بالربوبية لله عز وجل:

إن ما يدعيه هؤلاء المفترون من أن الملائكة بنات الله يتناقض مع ما يقرون به، فالمشركون مقرون بأن الله خالق الأشياء كلها، ومع ذلك جعلوا له - سبحانه وتعالى - شركاء في الألوهية، فكيف يستقيم أن يكون المخلوق إلها؟! كما جعلوا لله بنات، والبنوة تقتضي المماثلة في الماهية، وكيف يستقيم أن يكون لخالق الأشياء كلها بنات؟! فهن لا محالة مخلوقات له عز وجل، فإن لم يكن مخلوقات لزم أن يكن موجودات بوجوده، فكيف يكن بناته؟! وإلى هذا التناقض أشار القرآن، فقال سبحانه وتعالى: )وجعلوا له من عباده جزءا( (الزخرف: ١٥) أي: من مخلوقاته. فهم جمعوا بين اعتقاد حدوث الملائكة وهو مقتضى أنها عباد الله، وبين اعتقاد ألوهيتها وهو مقتضى أنها بنات الله؛ لأن البنوة تقتضى المشاركة في الماهية.. وبعد هذا الإبطال النظري اليقيني لمعتقدهم الفاسد يسوق القرآن دليلا جدليا بدهيا يدحض ما زعموا، قال تعالى: )أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين (16) وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم (17)( (الزخرف).

فإذا بطل معتقدهم أن الملائكة بنات الله؛ لأنه ينافي الكمال الذي تقتضيه الألولهية، أنكر عليهم أن يجعلوا الإناث المكروهة عندهم أبناء الله[3].

وعليه فإن الملائكة عباد الله ونسبة بنوتهم له - عز وجل - معناها عزلهم من صفة العبودية، وتخصيصهم بقرابة خاصة بالله، وهم عباد كسائر العباد، ولا مقتضى لتخصيصهم بصفة غير صفة العبودية في علاقتهم بربهم وخالقهم، وكل خلق الله عباد له[4].

خامسا. لم يشهد المشركون خلق الملائكة، فكيف يحكمون بأنهم بنات الله؟!

يبين القرآن مدى افتراء هؤلاء القوم وتقولهم على الله - عز وجل - بلا علم ولا دليل، فيقول سبحانه وتعالى: )أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون (150)( (الصافات)، ويقول أيضا: )وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون (19)( (الزخرف)، فهل شاهد هؤلاء المشركون خلق الملائكة فحكموا عليهم بأنهم إناث؟! لا شيء من ذلك قطعا، ولكنهم أفاكون مفترون كذابون، يقولون على الله الكذب وهم يعلمون.

فالرؤية حجة ودليل يليق بصاحب الدعوي أن يرتكن إليه، وما يملك هؤلاء أن يزعموا أنهم شهدوا خلق الملائكة، ولكنهم يشهدون بهذا ويدعونه فليحتملوا تبعة هذه الشهادة التي لم تكن عن حضور ومشاهدة: )ستكتب شهادتهم ويسألون(.. ثم يتابع القرآن هذه الفرية وما يصوغونه حولها من جدل واعتذار: )وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون (20)( (الزخرف).

إنهم يهربون حين تحاصرهم الحجج، وتتهافت بين أيديهم الأسطورة؛ فيحيلون على مشيئة الله، يزعمون أن الله راض عن عبادتهم للملائكة، ولو لم يكن راضيا ما مكنهم من عبادتهم ولمنعهم من ذلك منعا! وهذا القول احتيال على الحقيقة، فإن كل شيء يقع في هذا الوجود إنما يقع وفق مشيئة الله، هذا حق؛ ولكن من مشيئة الله أن جعل للإنسان قدرة على اختيار الهدى، أو اختيار الضلال وكلفه اختيار الهدى ورضيه له ولم يرض له اختيار الكفر والضلال، وهم حين يحيلون على مشيئة الله إنما يخبطون خبط عشواء؛ فهم لا يوقنون بأن الله أراد لهم أن يعبدوا الملائكة[5]، والقرآن في هذا إنما ينظر لمنهج علمي سديد، ويضع قاعدة علمية لا يختلف عليها أحد، وهي: طرح الدعاوي القائمة على الظن والخرص. وبذلك هدم هذه الدعوي لأنها غير مبنية على علم ويقين.

سادسا. المشركون ليس لديهم حجة ولا دليل على ما يدعون ويزعمون:

لقد أنكر القرآن على هؤلاء المفترين ما زعموه من أن الملائكة بنات الله، فقال سبحانه وتعالى: )أصطفى البنات على البنين (153)( (الصافات)، والمعنى: أي شيء يحمله سبحانه على أن يختار البنات دون البنين؟! كما قال سبحانه وتعالى: )أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما (40)( (الإسراء)، كما بين الله - عز وجل - أنهم ليس لهم حجة ولا برهان ولا مستند على ما يدعون، فهل يستندون في ذلك إلى كتاب منزل من السماء عن الله - عز وجل - أنه اتخذ مما يخلق بنات؟! فإن ما يقولون لا يمكن استناده إلى عقل، بل لا يجوزه العقل بالكلية، قال سبحانه وتعالى: )ما لكم كيف تحكمون (154) أفلا تذكرون (155) أم لكم سلطان مبين (156) فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين (157)( (الصافات).

وعليه فإن قولهم هذا لا يدعمه دليل ولا برهان ولكنه زعم وافتراء مبني على مجرد الأهواء والظنون والخرص؛ ولذا قال سبحانه وتعالى: )ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون (20)( (الزخرف).

فمن أين يأتيهم اليقين وهم إنما يتبعون الأوهام والظنون؟! ولذا يستنكر الله - سبحانه وتعالى - عليهم ذلك بقوله: )أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون (21)( (الزخرف)، فهل عندهم من كتاب يستندون إليه في دعواهم، ويستمسكون بما فيه من حقائق، ويرتكنون إليه في عبادتهم؟! وهكذا يسد عليهم الطريق من هذه الناحية، ويوحي إليهم كذلك أن العقائد لا يخبط فيها خبط عشواء، ولا يرتكن فيها إلى ظن أو وهم؛ إنما تستسقي من كتاب من عند الله يستمسك به من يؤتاه.. وعند هذا الحد يكشف عن سندهم الوحيد في اعتقاد هذه الأسطورة المتهافتة التي لا تقوم على روية، ومزاولة هذه العبادة الباطلة التي لا تستند إلى كتاب، قال تعالى: )بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون (22)( (الزخرف)، وهي مقولة تدعو إلى السخرية فضلا عن أنها متهافتة لا تستند إلى قوة، إنها مجرد المحاكاة ومحض التقليد بلا تدبر ولا تفكر ولا حجة ولا دليل، وهي صورة مزرية تشبه صورة القطيع يمضي حيث هو منساق، فلا يسأل إلى أين يمضي، ولا يعرف معالم الطريق! فلا بد من تدبر وتفكر ثم اختيار مبني على الإدراك واليقين[6].

سابعا. الملائكة عباد لله مكرمون وله طائعون:

إن الملائكة هم عباد لله مكرمون عنده في منازل عالية ومقامات سامية، وهم له في غاية طائعون قولا وفعلا، قال سبحانه وتعالى: )بل عباد مكرمون (26) لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون (27) يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون (28) ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين (29)( (الأنبياء). ففي هذه الآيات رد بليغ على هؤلاء المشركين ببيان حقيقة الملائكة وطبيعتهم، فهم ليسوا بنات الله - كما يزعمون - )بل عباد مكرمون( عند الله، لا يقترحون عليه شيئا تأدبا وطاعة وإجلالا، وإنما يعملون بأمره لا يناقشون، ولا يتقدمون بالشفاعة إلا لمن ارتضاه الله ورضي أن يقبل الشفاعة فيه، وعلم الله بهم محيط، وهم بطبيعتهم خائفون من الله مشفقون من خشيته - على قربهم وطهارتهم وطاعتهم التي لا استثناء فيها ولا انحراف عنها، وهم لا يدعون الألوهية قطعا، ولو ادعوها - جدلا - لكان جزاؤهم جزاء من يدعي الألوهية كائنا من كان، وهو الخلود في جهنم، فذلك جزاء الظالمين الذين يدعون هذه الدعوى الظالمة الحائدة عن كل حق في هذا الوجود! وهكذا تبدو دعوى المشركين في صورتها هذه واهية مستنكرة مستبعدة، لا يدعيها أحد، ولو ادعاها لذاق جزاءها الأليم! كما يتبين للوجدان مشهد الملائكة وهم طائعون لله، مشفقون من خشيته، بينما المشركون يتطاولون ويدعون[7]!

و بعد أن بين لهم القرآن حقيقة الملائكة، وأن عبادتهم من دون الله ضلال وكفر، وأنهم - أي هؤلاء المشركين - إنما يتبعون الظن ولا يستندون إلى برهان من وحي أو دليل من علم، وهم يعلمون ذلك كله ويقرون به في دواخلهم، كما بين لهم أن اتباع الآباء وتقليدهم بلا دليل ليس بحجة... بعد ذلك كله أوعدهم القرآن بأن الله سيواجههم يوم القيامة بالملائكة الذين كانوا يعبدونهم من دون الله؛ فتتبرأ الملائكة منهم ومن عبادتهم لهم، فالملائكة لم يأمروا هؤلاء المشركين بعبادتهم من دون الله، وما كان ينبغي للملائكة أن يتخذوا من دون الله أولياء، وهم أخوف الخلق لله وأعبدهم له عز وجل؛ قال سبحانه وتعالى: )ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل (17) قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا (18)( (الفرقان).

والاستفهام في قوله عز وجل: )أأنتم أضللتم( استفهام تقريري للاستنطاق والاستشهاد، والمعنى: أأنتم أضللتموهم أم ضلوا من تلقاء أنفسهم دون تضليل منكم؟ فيتبرءون من عبادتهم لهم، ويشهدون عليهم بكفرانهم نعمة الله وإعراضهم عن القرآن، وتكذبهم الملائكة فيما نسبوه إليهم من أنهم أمروهم بالضلالات؛ حيث قالوا: )سبحانك(، وهو تعظيم لله تعالى في مقام الاعتراف بأنهم ينزهون الله عن أن يدعوا لأنفسهم مشاركته في الألولهية.

كما قال عز وجل: )ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون (40) قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون (41)( (سبأ)؛ أي: إنما هم يتولون الشيطان؛ إما بعبادته والتوجه إليه، وإما بطاعته في اتخاذ شركاء من دون الله، وهم حين عبدوا الملائكة إنما كانوا يعبدون الشيطان في الحقيقة، وذلك بطاعتهم له.. وهكذا يحاصرهم القرآن من كل وجه ويبين لهم ضلالهم من كل ناحية؛ حتى لا يبقي لمعذرتهم عذرا[8].

الخلاصة:

·       الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ولم يشهد المشركون خلق الملائكة حتى يحكموا عليهم بكونهم إناثا.

·       المشركون يأنفون من إنجاب البنات ولا يرضونها لأنفسهم، فكيف يجعلونها لله عز وجل؟!

·       الملائكة أجسام نورانية، ولا يستطيع البشر رؤيتهم، وهم عباد لله - عز وجل - مكرمون، وله طائعون.

·       إن كون المخلوق عبدا ينافي دعوى كونه إلها أو ابن إله أو جزءا من إله؛ فلا يصح عقلا أن يجتمع المقامان - العبودية والألوهية - في ذات واحدة.

 

 



(*) الآيات التي وردت فيها الشبهة: (النحل/ 57، الزخرف/ 15، 16، 19، الأنبياء/ 26، الطور/ 39، الأنعام/ 100).

الآيات التي ورد فيها الرد على الشبهة: (الإسراء/ 40، النحل/ 57، 60، الصافات/ 149، 157، الزخرف/ 16، 19، 20، الأنبياء/ 26، 29، الطور/ 39، النجم/ 22).

[1]. التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، دار سحنون، تونس، د. ت، مج1، ج1، ص684 بتصرف.

[2]. في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، مصر، ط13، 1407هـ/ 1987م، ج 5، ص3181 بتصرف.

[3]. التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، دار سحنون، تونس، د. ت، مج12، ج 25، ص176: 179 بتصرف.

[4]. في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، مصر، ط13، 1407هـ/ 1987م، ج 5، ص3181.

[5]. في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، مصر، ط13، 1407هـ/ 1987م، ص3182.

[6]. في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، مصر، ط13، 1407هـ/ 1987م، ص3182.

[7]. في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، مصر، ط13، 1407هـ/ 1987م، ص3182 بتصرف.

[8]. في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، مصر، ط13، 1407هـ/ 1987م، ص2911 بتصرف.

click here unfaithful spouse women cheat husband
click here online women cheat husband
husbands who cheat women who cheat on husband my boyfriend cheated on me with a guy
online redirect read here
viagra vison loss viagra uk buy online read
read here website why women cheat on men
My girlfriend cheated on me find an affair signs of unfaithful husband
مواضيع ذات ارتباط

أضف تعليقا
عنوان التعليق
نص التعليق
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء كاتبيها فقط ولا تعبر عن الموقع
 
 
 
  
المتواجدون الآن
  8828
إجمالي عدد الزوار
  38398549

الرئيسية

من نحن

ميثاق موقع البيان

خريطة موقع البيان

اقتراحات وشكاوي


أخى المسلم: يمكنك الأستفادة بمحتويات موقع بيان الإسلام لأغراض غير تجارية بشرط الإشارة لرابط الموقع