إنكار قوامة الرجل على المرأة
مضمون الشبهة:
يزعم بعض أدعياء تحرير المرأة أن الإسلام يحيف على المرأة، ويجنح لجانب الرجل، ويحتجون لذلك بقوامة الرجل على المرأة، ويتوهمون أن القوامة ديكتاتورية واستبداد ينتقص من المساواة التي قرنها القرآن الكريم بهذه القوامة.
وجوه إبطال الشبهة:
1) المساواة بين الرجل والمرأة - في الإسلام - تعني المساواة في الحقوق والواجبات، لا في الخصائص والقدرات.
2) القوامة ليست عنوانا على أفضلية ذاتية؛ وإنما تعني الرعاية والمسئولية والقيادة، والتفاهم والشورى.
3) لم يلغ الإسلام قوامة المرأة كلية؛ بل جعلها قيمة على شئون زوجها وبيتها.
التفصيل:
أولا. سوى الإسلام بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، لا في الخصائص والقدرات:
إن المساواة المنشودة بين الرجل والمرأة لدى بعض من يسمون أنفسهم دعاة تحرير المرأة هي أن يصب الرجال والنساء في قوالب اجتماعية واحدة؛ فيتحرك الكل بنسق واحد، وتتكافأ فيهم الجسوم والأحكام، وينطلق الكل إلى واجبات محددة واحدة، ثم يتقلب الكل في نعيم مكرر لحقوق لا تخضع لأي تنوع أو تمايز؛ بحيث تسقط من بينهم فوارق القدرات والإمكانات، ويظهر الجميع وكأنهم أحجار مرصوفة في حجم واحد.
ونحن نقول - والكلام للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي -: إن كانت المساواة المنشودة لديهم هي هذه المساواة الآلية الحرفية، فبوسعهم أن ينشدوها ويبحثوا عنها فيما تنتجه المخارط الآلية فقط، أما في عالم الإنسان، فحتى الرجال فيما بينهم والنساء فيما بينهن، بل حتى الطبقة الواحدة في مجتمع الرجال، والطبقة الواحدة في مجتمع النساء، إنما يتساوون من حيث إنسانيتهم الواحدة في مبدأ تحمل الواجبات ومبدأ ممارسة الحقوق، ثم إنهم يتفاوتون - في ذلك كله - حسب اختلافهم في القدرات والملكات والاختصاص والإمكانات.
فالتساوي المبدئي ناظر إلى وحدة الإنسانية فيما بينهم جميعا، والتفاوت التطبيقي ناظر إلى الحكمة الربانية التي اقتضت بعد ذلك أن يتفاوتوا في القدرات، ويتنوعوا في الخصائص والملكات.
إن الملاحظ أن الذكورة والأنوثة لا دخل لهما بحد ذاتهما، في هذا التصنيف أو الإسقاط، وإنما العامل الوحيد الذي يلعب الدور في ذلك، هو العوارض التي تعرض للمرأة أو تعرض للرجل، فيتسبب عن ذلك حجب الصلاحية بعد وجودها، أما الأهلية الأساسية فهي موجودة، ولا تتأثر بالعوارض فقدا أو وجودا.
إن من ينعتون أنفسهم اليوم بحماة حقوق المرأة، بين يدي تبريرهم لاتهام الإسلام بهضم حقوقها، وبترسيخ النظرة الدونية إليها، إنما يدورون على محور الخلط بين الأهلية الواحدة في كل من الرجل والمرأة، والعوارض المختلفة المتفاوتة في كل منهما.
إن المساواة المطلقة التي يهتف بها عشاق المدنية الغربية، مستعصية على التطبيق في المجتمعات الإنسانية كلها، ولو تحققت هذه المساواة الحرفية المطلقة لتفكك المجتمع، ولتناثر أفراده على ساحة واسعة ممتدة من التناكر والتدابر، ولاختفت بينهم جسور التواصل والتعاون، وسوف تزداد يقينا عندما تعلم أن منشأ ما قد تراه مظهرا لهذا التفاضل في مسألة المساواة، ما هو إلا عوارض وعوامل خارجية طارئة وليس جوهر الذكورة أو الأنوثة بأي حال[1].
الحكمة من الاختلاف بين الرجل والمرأة:
يرجع الاختلاف بين الرجل والمرأة إلى تمييز فطري بين الجنسين، وإلى ما أودعه الله في كل منهما من صفات طبيعية، وتأمل هذا القانون البريطاني الذي نشرت عنه جريدة (الأهرام) القاهرية بتاريخ 25/9/1973م في باب (مع المرأة) تحت عنوان "أخيرا فقط": "أصدرت الحكومة البريطانية أخيرا فقط قانونا يقضي بالمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في جميع مجالات الحياة؛ في التعليم، والتدريب، وفرص العمل، والمرتبات والمهن، والحرف والوظائف، والمراكز المختلفة، والاستثناء الوحيد في قانون المساواة هو بعض وظائف الكنيسة، والجيش والشرطة، والسجون".
وحتى في مثل هذا القانون يجب أن نتنبه إلى أمرين هامين:
1. أن هذا الاستثناء فيه - رغم وسمه بقانون المساواة الكاملة، واتجاه القائمين به إلى تحقيقها - ما يؤكد الفروق الطبيعية بين الجنسين المؤثرة في صلاحية كل منهما لوظائف القيادة.
2. أن التسوية بينهما في التعليم والتدريب وفرص العمل والمرتبات والوظائف لا يعني إلا إتاحة فرص متكافئة لتولي القيادة، أما احتلالها فعلا مختلف وظائفها في هذه المجالات فهي قضية أخرى.
وبعد أكثر من عشرين عاما من صدور القانون ما يزال التمييز قائما في جميع هذه الجوانب في انجلترا وفي غيرها. فالمساواة التي متع الله بها الإنسان على أساس الأهليات الإنسانية، موجودة ومقررة فيما بين الرجال بعضهم مع بعض، وفيما بين النساء بعضهن مع بعض، وفيما بين الرجال والنساء معا.
يقول الأستاذ عباس محمود العقاد: إنه من اللجاجة الفارغة أن يقال: إن الرجل والمرأة سواء في جميع الحقوق وجميع الواجبات؛ لأن الطبيعة لا تنشئ جنسين مختلفين لتكون لهما صفات الجنس الواحد ومؤهلاته وأعماله وغايات حياته، وفي حكم التاريخ الطويل ما يغني عن الاحتكام إلى التقديرات والفروض، فلم يكن جنس النساء سواء لجنس الرجال قط في تاريخ أمة من الأمم التي عاشت فوق هذه الكرة الأرضية على اختلاف الهيئات والحضارات، وكل ما يقال في تعليل ذلك يرجع إلى علة واحدة: وهي تفوق الرجل على المرأة في القدرة والتأثير على العموم.
إن المساواة في الإنسانية أمر طبيعي ومطلب معقول؛ فالرجل والمرأة هما شقا الإنسانية، وشقا النفس الواحدة، أما المساواة في وظائف الحياة وطرائقها فكيف يمكن تنفيذها، ولو أرادتها كل نساء الأرض وعقدت من أجلها المؤتمرات وأصدرت القرارات؟
هل في وسع هذه المؤتمرات وقراراتها الخطيرة أن تبدل طبائع الأشياء فتجعل الرجل يشارك المرأة في الحمل والولادة والإرضاع؟ وهل يمكن أن تكون هناك وظيفة بيولوجية من غير تكييف نفسي وجسدي خاص؟ هل اختصاص أحد الجنسين بالحمل والرضاعة لا يستتبعه أن تكون مشاعر هذا الجنس وعواطفه وأفكاره مهيأة بطريقة خاصة لاستقبال هذا الحادث الضخم والتمشي مع مطالبه الدائمة؟
وهذا ليس معناه الفصل الحاسم القاطع بين الجنسين، ولا معناه أن كلا منهما لا يصلح أية صلاحية لعمل الآخر، الجنسان إذن خليط وعلى نسب متفاوته، فإذا وجدت امرأة تصلح للحكم أو القضاء، أو حمل الأثقال، أو الحرب، أو القتال... وإذا وجد رجل يصلح للطهي وإدارة البيوت، أو الإشراف الدقيق على الأطفال، أو الحنان الأنثوي، أو كان سريع التقلب بعواطفه، ينتقل في لحظة من النقيض إلى النقيض، فكل ذلك أمر يمكن التسليم به، ونتيجة يمكن قبولها، لاختلاط الجنسين في كيان كل جنس منهما، ولكنه خلو من الدلالة المزيفة التي أريد لها أن يلصقها به شذاذ الآفاق في الغرب المنحل والشرق المتفكك سواء.
ومعنى اختلاف طبيعة الجنسين وصلته بأمر القوامة أن الأمر يرجع إلى تمييز فطري بين الجنسين، وإلى ما أودعه الله في كل منهما من صفات طبيعية، بحيث يصح معه القول بأن الله - عز وجل - قد جعل الرجل قواما على المرأة بما فضله به من صفات تجعله صالحا لهذه المهمة، وليست أسباب تهيؤ الرجل لذلك قاصرة على التكوين النفسي والعقلي، بل تتعدى هذا إلى التكوين الجسدي وخصائص ووظائف الأعضاء التي تميز بين الجنسين فيه، بما لا نعتقد أن منصفا يجادل فيه.
ونشير هنا إلى أن معنى قوامة الرجل على المرأة متحقق فطريا وطبيعيا في أدق شئون العلاقة الخاصة بينهما؛ حيث تتحقق معاني القوامة من الإشراف والرعاية والقيادة، والدليل القاطع هنا على تمشي ذلك مع الفطرة والطبيعة أن السعادة والوفاق يتحققان بينهما بقدر تمسك الرجل ونجاحه فيما يقتضيه معنى القوامة، والعكس ينتج العكس.
ثانيا. القوامة ليست عنوانا على أفضلية ذاتية؛ وإنما تعني الرعاية والمسئولية والقيادة، والتفاهم والشورى:
لقد جاء ذكر القوامة بشكل عام في التنزيل الحكيم دون تعريف لها، وأنها ثابتة للرجال على النساء؛ وذلك لأسباب موضوعية، قال عز وجل: )الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا (34)( (النساء).
وتعريف القوامة، يقال: قام على الأمر، أي: أحسنه, والمراد بها المسئولية، فالرجال مسئولون مكلفون أن يرعوا أهليهم ويحرسوهم ليدرأوا عنهم الشر والأذى، وبذلك أناط الإسلام بالرجل المسئولية عن البيت، ومن فيه من زوجة وأولاد، وليس في ذلك حيف[5] بالمرأة أو جنوح لجانب الرجل - كما يتقول المغرضون - وحقيقة المسألة أن المراد بذلك تحقيق المصلحة ودفع الأضرار والمفاسد عن البيت ومن فيه.
فالقوامة يراد بها الإمارة والإدارة، تقول: فلان قائم على أمر هذه الدار أو المؤسسة، أي: إليه الإمارة فيها والإدارة لشئونها، وإنما تستلزم الإمارة الإدارة؛ فمن ينصب أميرا على مؤسسة أو جماعة تكون إليه إدارة لشئونها وتسيير أمورها.
إذا تبين لنا هذا المعنى فلنتساءل: ترى ما هو مصدر تطلع الشارع إلى إيجاد وظيفة القوامة, أي الإمارة والإدارة، سواء في المنزل أو في المؤسسات أو المراكز أو داخل أي جماعة؟ هل هو مركز سمو وتشريف يتفضل به الشارع خلعة[6] لذوي الأفضلية والمكانة الباسقة لديه، ولقد كانت الأفضلية عند الله للرجل، ومن ثم فقد فاز هو بهذه الخلعة من دون المرأة؟!
إن الأمر - بحكم البداهة - ليس من هذا القبيل في شيء، وإنما هو الحرص الشديد من الشارع على أن تكون روح النظام هي السائدة في المجتمع كله، بسائر مرافقه، وفي كل الأحوال والظروف، وإنما يسود النظام في المجتمع بهيمنة ضوابط المسئولية فيه، ولن تترجم المسئولية الفعلية إلا بوجود الأمير الذي إليه تعود مسئولية الإدارة والإشراف.
ومما يجدر بيانه هنا وينبغي تنبيه المغرضين إليه أن احتمال المسئولية - في تصور الإسلام - ليس تشريفا يتزاحم عليه المسلمون أو يتسابقون بقوة لنيله والظفر به، إن المسلمين ليسوا على هذه الطبيعة، أو السلوك المتشبث بحب الظهور والشهرة، بل إن مجرد القوامة أو حب الظهور واحتمال المسئولية في نظر الإسلام أمر جسيم ورهيب، وفادح العواقب، والإسلام من جهته يدعو المسلمين أن يزهدوا بالغ الزهد في الزعامة والرياسة وحب الظهور.
بل إن الإسلام يحذر الناس من الرغبة في الرياسة أو السعي إليها، ويحرضهم على الاستنكاف عن كل ظواهر الشهرة والزعامة في استعلاء وأنفة، وإحساس بفظاعة العواقب يوم القيامة.
وفي التنديد بطلب الإمارة والترهيب من الرغبة فيها، روي عن عوف بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن شئتم أنبأتكم عن الإمارة ما هي؟ فناديت بأعلى صوتي: وما هي يا رسول الله؟ قال: أولها ملامة، وثانيها ندامة، وثالثها عذاب يوم القيامة، إلا من عدل، وكيف يعدل مع أقربيه».
وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: «قلت: يا رسول الله، ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال: "يا أبا ذر، إنك ضعيف وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها».
ولعمري إن الشارع الذي يحرص على ألا يسير ثلاثة إلى عمل لهم في طريق، إلا بعد أن يؤمروا واحدا منهم عليهم ويبدو هذا جليا في قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم». لهو أشد حرصا على أن لا تمر على أسرة في منزل ساعة من زمان إلا ولها أمير، يرعى شئونها، ويدبر أمورها.
إن في قوله صلى الله عليه وسلم: "فليؤمروا أحدهم" ما يدل بوضوح أن الذي يختار أميرا من القوم ليس بالضرورة أفضلهم وأعلاهم رتبة عند الله - عز وجل - لأن الأفضلية إنما تكون بالتقوى: )إن أكرمكم عند الله أتقاكم( (الحجرات: 13)، إنما المهم أن يكون على مستوى تحمل المسئولية، وأن تكون لديه الكفاءة لإدارة شئون الجماعة على نهج سليم.
إذن فالقوامة على الأسرة، في نظام الإسلام وشرعه قوامة رعاية وإدارة، وليست قوامة هيمنة وتسلط، ثم إنها ليست عنوانا على أفضلية ذاتية عند الله يتميز بها الأمير أو المدير، وإنما ينبغي أن تكون عنوانا على كفاءة يتمتع بها القائم بأعباء هذه المسئولية.
فليس مؤدى ذلك أن يستبد الرجل بالمرأة، أو بإدارة البيت، فالرئاسة التي تقابل التبعة لا تنفي المشاورة ولا المعاونة، بل العكس هو الصحيح، فالرئاسة الناجحة هي التي تقوم على التفاهم والتعاطف المستمر، وكل توجيهات الإسلام تهدف إلى إيجاد هذه الروح داخل الأسرة، وإلى تغليب الحب والتفاهم على النزاع والشقاق، فالقرآن يقول: )وعاشروهن بالمعروف( (النساء: 19)، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: «خيركم خيركم لأهله».
فجعل ميزان الخير في الرجل هو طريقة معاملته لزوجته، وهو ميزان صادق الدلالة، فما يسيء رجل معاملة شريكة حياته إلا أن تكون نفسه من الداخل منطوية على انحرافات شتى تفسد معين الخير، أو تعطله عن الانطلاق.
فهل بعد ذلك تعني قوامة الرجل على بيته منحه حق الاستبداد والقهر؟ فبعض الناس يظن ذلك، وهو مخطئ، فإن هناك داخل البيت المسلم ما يسمى "حدود الله"، وهي كلمة تكررت عند كلام الله - عز وجل - عن قواعد تدعم البيت المسلم حتى لا يتصدع، وفي تدارك صدوعه حتى لا ينهار، وهما قوله عز وجل: )الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون (229)( (البقرة).
وقد عني كبار المفسرين بجو البيت المسلم، وهم يشرحون حدود الله التي تكررت كثيرا فيما سقناه من آيات، وكان أهم ما حذروا منه الظلم.
وهكذا فإن قول الله عز وجل: )الرجال قوامون على النساء( (النساء: 34)، إخبار عن واقع يفرض نفسه، أكثر من أن يكون تقريرا لحكم مفروض.
يقول الأستاذ المودودي: "فإذا كان من المعلوم أنه لا يمكن أن يستقيم نظام لبيت من البيوت إلا بالقوامة والإشراف على أموره، كان رب البيت أجدر وأليق من غيره لهذا المنصب الجليل في نظر الإسلام، إلا أنه ليس من معنى ذلك أن الإسلام قد جعل الرجل راعيا قاهرا على أفراد البيت يسوسهم كيف يشاء، وأن المرأة فوضت إليه أمرها وأصبحت مملوكة لا مجال لها في تدبير البيت ولا نفوذ".
فالمودة والرحمة هما الأساس الحقيقي للعشرة البيتية في الإسلام، فإذا كان على المرأة أن تطيع بعلها، فكذلك يجب على البعل - على حد سواء - أن يستعمل نفوذه في ما يعود على الأسرة بالفلاح والسعادة والهناء، ولا يستعمله في الجور والعدوان.
لماذا كانت القوامة بيد الرجل؟
ولك أن تقول: فإذا كان الأمر كذلك، فلماذا جعل الشارع القوامة - أي إدارة شئون الأسرة سلفا - بيد الرجال، وهلا ترك الأمر إلى أعضاء الأسرة يتخيرون لهذه المهمة من يشاءون؟
ثم لماذا برر هذا الاختيار بقوله: )بما فضل الله بعضهم على بعض( (النساء:34)، وهو يكاد أن يكون نصا على أفضلية الرجال على النساء، من حيث الذات بقطع النظر عن العوارض؟
والإجابة عن ذلك واضحة وجلية:
إن الضرورة تقتضي أن يكون هناك قيم توكل إليه الإدارة العامة لهذه الشركة القائمة بين الرجل والمرأة، وما ينتج عنها من نسل، وما تستتبعه من تبعات، وقد اهتدى الناس في كل تنظيماتهم إلى أنه لا بد من رئيس مسئول، وإلا ضربت الفوضى أطنابها، وعادت الخسارة على الجميع.
وهناك ثلاثة أوضاع يمكن أن تفترض بشأن القوامة في الأسرة: فإما أن يكون الرجل هو القيم، أو تكون المرأة هي القيم، أو يكونا معا قيمين.
ونستبعد الثالث منذ البدء؛ لأن التجربة أثبتت أن وجود رئيسين للعمل الواحد أدعى إلى الإفساد من ترك الأمر فوضى بلا رئيس، والقرآن يقول عن السماء والأرض: )لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا( (الأنبياء: 22)، )إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض( (المؤمنون: 91).
وهذا المثال بقدر ما ينفي وجود آلهة مع الله - عز وجل - بقدر ما ينفي أن يستقيم عمل واحد تحت قيادتين، ويؤكد علم النفس أن الأطفال الذين يتربون في ظل أبوين يتنازعان على السيادة تكون عواطفهم مختلة وتكثر في نفوسهم العقد والاضطرابات.
وهنا نسأل هذا السؤال: أيهما أجدر أن تكون وظيفته القوامة بما فيها من تبعات، الفكر أم العاطفة؟ فإذا كان الجواب البديهي هو الفكر؛ لأنه هو الذي يدبر الأمور في غيبة عن الانفعال الحاد الذي كثيرا ما يلتوي بالتفكير فيحيد به عن الطريق المباشر المستقيم، فقد انحلت المسألة دون حاجة إلى جدال كثير.
فالرجل بطبيعته المفكرة لا المنفعلة، وبما يحتوي كيانه من قدرة على الصراع واحتمال أعصابه لنتائجه وتبعاته، أصلح من المرأة في أمر القوامة على البيت، بل إن المرأة ذاتها لا تحترم الرجل الذي تسيره فيخضع لرغباتها، بل تحتقره بفطرتها ولا تقيم له أي اعتبار.
وها هي المرأة الأمريكية بعد أن ساوت الرجل مساواة كاملة، وصار لها كيان ذاتي مستقل، عادت فاستعبدت نفسها للرجل، فأصبحت هي التي تتنازل وتتلطف معه ليرضى، وتتحسس عضلاته المفتولة وصدره العريض، ثم تلقي بنفسها بين أحضانه حيث تطمئن إلى قوته بالقياس إلى ضعفها.
على أن المرأة إذا تطلعت للسيادة في أول عهدها بالزواج، وهي فارغة البال من الأولاد وتكاليف تربيتهم التي ترهق البدن والأعصاب، فسرعان ما تنصرف عنها حين تأتي المشاغل، وهي آتية بطبيعة الحال، فحينذاك لا تجد في رصيدها العصبي والفكري ما تحتمل به مزيدا من التبعات.
إذن فما المعنى المراد من قوله عز وجل: )بما فضل الله بعضهم على بعض( (النساء:٣٤) نقول بكلمة جامعة وجيزة: إنها أفضلية التناسب المصلحي مع الوظيفة التي يجب النهوض بأعبائها.
ونشرح هذه الحقيقة الجلية فنقول: إن القيام على شئون الأسرة والنهوض بواجب رعايتها، وحمايتها من سائر الأخطار التي قد تحدق بها، بما في ذلك الإنفاق وتوفير العيش الكريم وأسبابه، من أهم الوظائف الاجتماعية وأقدسها، وهذا لا يختلف عن الواجب الذي لا يقل عنه أهمية، وهو واجب الحضانة والرضاعة، ورعاية الطفولة وتوفير مقومات السعادة الزوجية.
ترى أي الزوجين هو الأقدر على النهوض بالوظيفة الأولي في أعم الظروف والأحوال؟ إننا جميعا لا نشك أن أفراد الأسرة إذا شعروا في جنح ليل مظلم بلص يتسور الدار أو يعبث برتاج الباب، هب الزوج الأب ليقف في وجه الخطر الداهم، وقبعت الزوجة الأم في زواية مظلمة آمنة من الدار، وكذلك الأمر إذا طرق الدار طارق سوء، أو اقتحمها عدو، أو طالب ثأر، وقد تجد ما يشذ عن هذه القاعدة، ولكن الشاذ لا حكم له.
هذا هو الواقع السائد في مجتمعاتنا، وعلى كل الأصعدة، ومن قبل الناس كلهم مهما اختلفوا في الآراء والمذاهب والأفكار,فإن قلت فما الذي يمنعنا من تغيير هذا الواقع؟
قلنا: أما الجزء الأول من هذا الواقع فأمره ليس بيدي ولا بيدك، وإنما هو بيد من أقام الرجل على صفات الرجولة بكل خصائصها ومزاياها، وأقام المرأة على صفات الأنوثة بكل خصائصها ومزاياها، ولله في ذلك حكمة بل حكم باهرة لا تخفي على أي عاقل من أي نحلة أو مذهب كان.
وأما الجزء الثاني من هذا الواقع، وهو تحمل الزوج دون الزوجة مسئوليات بناء الأسرة واستمرارها، فمرد ذلك إلى ما قد شرعه الله من الضمانات التي تحفظ في المرأة أنوثتها وترعى لها كرامتها.
أما فيما يتصل بالصفات الطبيعية فإن الواقع ومشاهدات الحياة كلها تدل على أن الرجل أقرب إلى تحكيم النظر العقلي في الأمور منه إلى الاستجابة للعاطفة، أما المرأة فهي - في الغالب الأعم - أقرب في معظم حالاتها إلى الاستجابة للعاطفة ومتطلباتها، وأيضا فإن المرأة تعتريها حالات خاصة من الحمل والحيض والولادة وسن اليأس، تتسبب عنها متاعب صحية ونفسية، تنتهي بها إلى أنواع من عدم الاستقرار المزاجي والنفسي، تكون فيها بعيدة شيئا ما عن النظرة العقلية المتوازنة الهادئة إلى الأمور، وحتى في غير هذه الحالات الخاصة فهي أقرب من الرجل إلى تحكيم المشاعر والأحاسيس العاطفية في الأمور[18].
مما سبق يتضح أن الله - عز وجل - قد جعل الرجل قواما على المرأة بما فضله به من صفات تجعله صالحا لهذه المهمة، وبما أوجب عليه من النفقة على زوجته.
وهنا لا بد من الالتفات إلى حقيقة عامة، وهي أن المرأة دائما ما تكون في كفالة رجل ينفق عليها ويتولى مسئوليتها، فهي إن كانت بنتا فنفقتها على أبيها، ثم تصير على زوجها عندما تتزوج، ثم إذ طلقت ظلت لها على زوجها نفقة، وإذا مات عنها زوجها انتقلت نفقتها إلى أبنائها، أو عادت إلى أبيها أو إخوتها مرة أخرى إن لم يكن لها ولد.
وهذه الدائرة المتصلة من الكفالة التامة لنفقات المرأة المعيشية تطلعنا على حكمة عظيمة في التشريع الإسلامي؛ فالرجل يعمل ويكتسب ويضرب في الأرض ويحصل على الأموال، بينما تكون المرأة منشغلة عن هذا غالبا بحجابها في بيت أبيها أو بأولادها وأعباء بيتها بعد الزواج، أو بشيخوختها وضعفها بعد ذلك.
ثم إن الشرع قد رتب للرجل ضعف حق الأنثى في الميراث؛ فالوضع الغالب أن يكون الرجل أكثر مالا من المرأة، وقد راعى الشرع هذا كله فحمل الرجل مسئولية الإنفاق على أمور المعيشة والحياة، بينما أذن للمرأة أن تحتفظ بأموالها ومكاسبها ومواريثها، فلا تنفق منها إلا تفضلا واختيارا.
ثالثا. لم يلغ الإسلام قوامة المرأة كلية، بل جعلها قيمة على عرض زوجها وشئون بيتها:
إن المرأة في كل الأحوال منوط بها مسئولية عظمى، لا تقل أهمية عما يناط بالرجل من مسئوليات والتزامات، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته؛ فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع في مال أبيه ومسئول عن رعيته، وكلكم راع ومسئول عن رعيته».
وبذلك فإن المرأة لا تنجو من المسئولية التي أنيطت بها، وهي الاضطلاع برعاية الأسرة والأبناء وكل شئون البيت.
لا جرم أن تلكم أعظم المسئوليات كافة، وهي تأتي في الذروة من المراتب؛ لما ينبني عليها من مستقبل الأولاد، من حيث سلامتهم النفسية، والشخصية، والبدنية، والسلوكية.
وهذا ما ذهبت إليه الآية الكريمة حين بدأت بقوامة الرجال على النساء )الرجال قوامون على النساء( (النساء: 34)، ثم انتقلت الإشارة إلى اشتراك الرجال والنساء فيما فضل الله به بعضهم على بعض، ثم انتهت لتعرض طبيعة المرأة الصالحة وسلوكها وتصرفها الإيماني في محيط الأسرة:)فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله( (النساء: 34).
فمن طبيعة المؤمنة الصالحة، ومن صفتها الملازمة لها بحكم إيمانها وصلاحها أن تكون قانتة، والقنوت: الطاعة عن إرادة وتوجه ورغبة ومحبة، لا عن قسر وإرغام وتفلت.
ومن طبيعتها أيضا أن تكون حافظة لحرمة الرباط المقدس بينها وبين زوجها في غيبته وفي حضوره، فلا تبيح من نفسها - في نظرة أو في نبرة - ما لا يباح إلا له هو، وما لا يباح لا تقرره هي ولا يقرره هو، إنما يقرره الله عز وجل.
والقرآن الكريم حين ذكر للرجل مزية الإنفاق المادي التي تعلو بها هامته، لم ينس أن يذكر في مقابل ذلك ما للمرأة من مزايا، لو أنها فرطت في واحدة منها لانهدم البيت وانهدم المجتمع، وعلت على وجوه الرجال حمرة الخجل وصفرة العار؛ فلئن كان للرجل أن يدل بمال هو قيمة مادية وعرض زائل، فلها أن تدل بما حباها الله من قيم معنوية وعرض غال وشرف يموت دونه الرجال وتقطع دونه الرقاب، فتأمل البيان الإلهي وهو يعادل بين ما يزهو به الرجل من الإنفاق، وما تدل به المرأة من صون الشرف والحفاظ على الأسرة.
ويقول د. إبراهيم أبو محمد تحت عنوان "القوامة بين سوء الفهم والنوايا المدخولة": "التزم الإسلام - بشكل لا سابق له - جانب المرأة في الأمور المالية والاقتصادية، فهو من جهة قد منح المرأة الاستقلال والحرية الاقتصادية الكاملة، وكف يد الرجل عن مالها، وقد كان هو المتصرف في ملكها في العالم القديم وفي أوربا حتى أوائل القرن العشرين".
من جهة أخرى، أزال عنها مسئولية تأمين الأسرة، وأراحها من السعي وراء اللازم لتأمين ميزانية الأسرة، والحقيقة أن الإسلام حين قرر تشريعاته، لم يكن يريد أن يضع قانونا لمصلحة المرأة ضد الرجل، ولا لمصلحة الرجل ضد المرأة، فهو لا يتحيز لطرف على حساب الطرف الأخر، إنما يأخذ بعين الاعتبار سعادة الرجل والمرأة معا، وما يتولد عن تلك السعادة من بنين وحفدة، والطريق لتحقيق ذلك لا يمكن أن يتم بتجاهل الفطرة والقوانين الطبيعية التي وضعتها يد الخالق الأعلى في الذكر والأنثى معا, وبما أن الله هو خالق الاثنين معا، وهو رب الاثنين معا، فلا يمكن أن يظلم طرفا لحساب الطرف الآخر، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
لذلك نجد أن ما شرعه الله من الضمانات التي تحفظ للمرأة أنوثتها الربانية وترعى لها كرامتها، قد لبت حاجة المرأة الفطرية والطبيعية؛ فالمرأة تظل هي المرأة منذ نعومة أظفارها وحتى نهاية العمر، قال عز وجل: )أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين (18)( (الزخرف).
لقد أكد الإسلام احترام شخصية المرأة المعنوية، وسواها بالرجل في أهلية الوجوب والأداء، وأثبت لها حقها في التصرف، ومباشرة جميع العقود: كحق البيع، وحق الشراء، وحق الدائن، وحق المدين، وحق الراهن، وحق المرتهن، وحقوق الوكالة والإجارة والاتجار في مالها الخاص، وما إلى ذلك من الحقوق المدنية واجبة النفاذ.
ولقد أطلق الإسلام للمرأة حرية التصرف في هذه الأمور بالشكل الذي تريده، دون أية قيود تقيد حريتها في التصرف، سوى القيد الذي يقيد الرجل نفسه به، وهو قيد المبدأ العام: لا تصطدم الحرية بالحق أو الخير.
قال الله عز وجل: )للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن( (النساء: 32)، وجعل الإسلام للمرأة حق الميراث وسواها بالرجل في أصل وجوبه واستحقاقه فقال عز وجل: )للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا (7)( (النساء)، كما جعل صداقها ملكا خالصا لا يشاركها فيه أحد، قال عز وجل:)يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن( (النساء: 19)[21].
فللمرأة كامل الحرية في التملك والإنفاق، ولم يمانع الإسلام في خروج المرأة للعمل والاكتساب إذا التزمت بالضوابط الشرعية، وراعت سلم الأولويات في مهامها الحياتية، فلم يؤثر عملها على وظائفها التربوية والزوجية داخل البيت.
وهكذا لم ينزع الإسلام من المرأة حقها في الاستقلال الاقتصادي الحقيقي، فأجاز لها حرية التملك ومنحها حرية التصرف والإنفاق وتنمية الثروة، إن الإسلام قد اعتنى بالمرأة المسلمة فأمن حاضرها عن طريق المهر، وأمن مستقبلها عن طريق الإرث، وعن طريق الحق في اختيار الزوج جعل بداية الحياة الزوجية بيدها، وعن طريق منحها في طلب التطليق أو الخلع جعل إنهاء الحياة الزوجية برغبتها أسوة بالرجل[22].
لقد اقتضت حكمة الله ألا تكلف المرأة بالإنفاق على الأسرة؛ وذلك لأنها بطبيعتها لا تستسيغ الكد وتحمل المشاق سعيا وراء المال؛ فدوام جمال المرأة ونشاطها وكبريائها يتطلب رفاهية أكثر وجهدا أقل وراحة نفسية أكبر، فلو اضطرت المرأة لأن تكون مثل الرجل في الكد والسعي والركض وراء المال فسيجرح كبرياؤها، وتعلو وجهها الأخاديد والتجاعيد التي تعلو وجه الرجل في العادة.
وراحة المرأة وسلامتها ونشاطها وصفاء ذهنها، له قيمة كبرى في اعتدال مزاج وراحة الأسرة، وإضفاء جو السعادة في البيئة المحيطة بها، ولعل هذا هو السر الذي يكمن وراء استعداد الرجل للعمل المضني، ثم تقديم الأجر طواعية واختيارا بكلتا يديه إلى زوجته لتنفق عن سعة هنا وهناك.
إن الرجل هنا يدرك بالفطرة حاجته الروحية لتفرغ زوجته لتكون مصدر الراحة وسكون الروح: )هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها( (الأعراف: 189).
لقد أدرك الرجل أنه كلما هيأ لها وسائل الراحة وأسباب الطمأنينة، هيأ لنفسه أسباب السعادة، وعرف أيضا - من خلال المعيشة اليومية - أن أحد الزوجين - على الأقل - يجب ألا يكون متعبا ومرهقا، كي يتيسر له أن يوفر الهدوء لروح الآخر، وعلى هذا التقسيم، فليس هناك أفضل من أن يكون الرجل هو الذي يدخل معركة الحياة التي تتوافق مع طبيعته وتكوينه، وليس أفضل للمرأة من أن تكون هي مصدر الهدوء، وباعث الراحة، ومنبع الحب، والمرفأ الحلو الحنون الذي يمتص متاعب الحياة ويحول عناءها إلى هناء، وتوترها إلى طمأنينة، وضجيجها إلى سكون.
وعندما منح الإسلام المرأة حريتها الاقتصادية، لم يكن الدافع إلى ذلك إلا رغبة الإسلام في تحقيق إنسانيتها عن طريق تحقيق العدالة الإلهية، وليس العمل في المصانع بأجر أقل، يقول الشيخ محمد الغزالي: عندما نقرأ أن فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم - طحنت بالرحى حتى ورمت يداها، أو حملت الماء في القربة حتى كل كتفها، أشعر بأن السيدة الفضلى لم تكن أنثى تخدم ذكرا، بل كانت أما مؤمنة تقيم بيتا يربو فيه اليقين والحب، فهي تقدم لرجلها وولدها نفسها وما تملك، ولم يكن هناك رب بيت يصدر الأوامر، وامرأة ذليلة تنفذ، بل كان هناك شريكان يتقاسمان السراء والضراء إنجاحا لأمرين متساويين: حياة الدين الذي آمنا به، وحياتهما الخاصة.
وعلى ضوء هذا نفهم كلام أسماء بنت أبي بكر زوجة الزبير بن العوام: كنت أخدم الزبير خدمة البيت كله، وكنت أسوس فرسه وأعلفه، واحتش له، وأخرز الدلو، وأسقي الماء، وأنقل النوى على رأسي من أرض له على ثلثي فرسخ[23].
إن جمهور الفقهاء يرى أن المرأة لا تكلف بخدمة الرجل، ولكن الأمر ليس ما يقضي به القانون، الأمر هنا ما تقضي به مصلحة الشركة القائمة بين مؤمن ومؤمنة، الأمر هنا محكوم بعاطفة الإيثار لا بشعور الأثرة.
والرجل قيم على بيته يقينا، وهذه القوامة تكليف قبل أن تكون تشريفا، وتضحية قبل أن تكون وجاهة، والمشكلة في الأمة الإسلامية أن الجهل عم الزوجين الذكر والأنثى، وأن العلاقة بينهما تم النظر إليها من ناحية الشهوة وحدها, أما رسالة الأمة الكبرى في العالم فما يدريها الآباء ولا الأمهات، والزواج عقد نكاح وحسب، يحكمه منطق البدن الأقوى[24].
إن طاعة الزوجة لزوجها طاعة أدبية، قوامها الاحترام والحب المتبادل، والخلق الرفيع، وماهية هذه الطاعة التزام على الزوجة بالانقياد للزوج في الحقوق المترتبة على عقد الزواج، فلا تخرج من البيت إلا بإذنه، وإذا دعاها إلى فراشه بادرت إليه إن لم تكن ذات عذر شرعي, وأن تصون نفسها من كل ما يشينها ويلحق ضررا بالزوج، سواء كان في نسبه أو شرفه، وأن تحافظ على أمواله فلا تعطي لأحد شيئا مما لم تجر العادة بإعطائه إلا بإذنه.
وبناء على ماهية الطاعة وتعريفها, يتضح أن الطاعة مجموعة من الآداب الأخلاقية الرفيعة التي يجب تحلي المرأة بها، لإعلاء شأنها والحفاظ على أمانتها وعفافها وشرفها، وهي أيضا من الالتزامات الواجبة لصيانة الأسرة، ومن ينادي بمحو هذه الالتزامات تحت أي مسمى، حتى لو كان باسم المساواة التامة، والحرية وحقوق الإنسان، فإنه يهدر كل القيم والمثل الرفيعة التي تحمي الأسرة والمجتمع والعالم كله، وينادي بإحلال الرذائل محل الفضائل[25].
فهذه الطاعة لها أثرها البعيد في انتظام سير الحياة الزوجية، وتكون الزوجة سكنا هادئا، وراحة لا تعدلها راحة، ورحمة شاملة وعزاء لما يلاقيه الرجل في حياته من متاعب، قال عز وجل: )ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها( (الروم: 21)، وقال: )هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها( (الأعراف: 189).
ومن المشاهد أن الزوجة المطيعة تسر زوجها، وتقوي حرارة حبه لها في قلبه، فيسارع هو بالتالي إلى تلبية رغباتها وإمتاعها بما تهوى، وربما لا ينظر حتى تطلب منه ذلك، فإن الرسالة قد وصلت إلى قلبه ممهورة بطاعتها، ومسطرا فيها قوله عز وجل: )هل جزاء الإحسان إلا الإحسان (60)( (الرحمن)، وكلمة الحكيمة العربية القديمة "كوني له أمة يكن لك عبدا "[26].
إن الولاية وسلطان الزوج على زوجته في المعروف لهو أدب إسلامي يجب أن يفخر به، وهذا الحق للزوج تقابله التزامات شرعية وواجبات عليه، بحيث لا ضرر ولا ضرار، فلا طاعة للزوج في معصية الله، ولا طاعة له إن لم يكن أمينا على زوجته في نفسها ومالها، وكذلك إذا لم يوفر لها المسكن الشرعي المناسب لمستواها ومستوى أمثالها... إلى غير ذلك من الحالات التي أثبتتها موسوعة الأحوال الشخصية[27].
وعلى هذا فطاعة الزوج ليست عبودية أو إذلالا, بل هي طاعة أدبية قائمة على الخلق الرفيع، والحب المتبادل.
هذا السمو الأخلاقي وروعة المثالية التشريعية في الإسلام، تغرينا ألا نفوت الفرصة حتى ننظر إلى الوجه الآخر من العملة، أو نستطلع الشاطئ الآخر من البحيرة - كما يقولون - لنقف على طبيعة علاقة الرجل بالمرأة في تراث هؤلاء المفترين الناعين على الإسلام تشريعه العنيف - في زعمهم - ضد المرأة.
يقول الأستاذ علاء أبو بكر في كتابه "إنسانية المرأة بين الإسلام والأديان الأخرى"، تحت عنوان "سيادة الرجل على المرأة في الكتاب المقدس": هي قوامة السيد على عبده، وهذا يتضح من النصوص الكتابية، ومن نصوص الآباء والقديسين:
· "وقال للمرأة: تكثيرا أكثر أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولادا، وإلى رجلك يكون اشتياقك، وهو يسود عليك". (التكوين 3: 16).
· "أيها النساء: اخضعن لرجالكن كما للرب؛ لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضا رأس الكنيسة، وهو مخلص الجسد، ولكن كما تخضع الكنيسة للمسيح، كذلك النساء لرجالهن في كل شيء". (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 5: 22 - 24).
· "أيتها النساء، اخضعن لرجالكن كما يليق في الرب". (رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسي3: 18).
· "ولكن أريد أن تعلموا أن رأس كل رجل هو المسيح، وأما رأس المرأة فهو الرجل، ورأس المسيح هو الله". (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 11: 3).
· "فإن الرجل لا ينبغي أن يغطي رأسه لكونه صورة الله ومجده، وأما المرأة فهي مجد الرجل؛ لأن الرجل ليس من المرأة، بل المرأة من الرجل, ولأن الرجل لم يخلق من أجل المرأة، بل المرأة من أجل الرجل". (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 11: 7 - 9).
ظلت النساء طبقا للقانون الإنجليزي العام - حتى منتصف القرن التاسع عشر تقريبا - غير معدودات من الأشخاص أو المواطنين الذين اصطلح القانون على تسميتهم بهذا الاسم، لذلك لم يكن لهن حقوق شخصية، ولاحق في الأموال التي يكتسبنها، ولاحق في ملكية شيء حتى الملابس التي كن يلبسنها، أليس هذا استعبادا للمرأة وليس فقط قوامة؟!
ونص القانون المدني الفرنسي - بعد الثورة الفرنسية - على أن القاصرين هم الصبي والمجنون والمرأة، حتى عدل عام 1938، ولا تزال فيه بعض القيود على تصرفات المرأة المتزوجة. ومن ثم لم يكن لها الحق في امتلاك العقارات أو المنقولات، ولم يكن لها الحق في أن تفتح حسابا في البنك باسمها، وبعد أن سمحوا لها أن يكون لها حسابات، لم يكن لها الحق أن تسحب منه، فعلى زوجها أن يسحب لها من حسابها، الأمر الذي لا يتم إلا مع الأولاد القصر والمجانين.
وكان شائعا في بريطانيا حتي نهاية القرن العاشر قانون يعطي الزوج حق بيع زوجته وإعارتها، بل يعطيه الحق في قتلها إذا أصيبت بمرض عضال[28].
وفي زمن شباب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - عقد الفرنسيون في فرنسا عام 586م "مجمع باكون" لبحث: هل تعد المرأة إنسانا أم غير إنسان؟ وهل لها روح أم ليس لها روح؟ وإذا كان لها روح، فهل هي روح حيوانية أم روح إنسانية؟ وإذا كانت روحا إنسانيا، فهل هي على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟ وأخيرا قرروا أنها إنسان، ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب، فأيهما أكثر إنصافا للمرأة: القوامة في الإسلام أم الاستعباد في المسيحية واليهودية[29]؟!
الخلاصة:
· التشريع الإسلامي لم يسو بين الرجل والمرأة تسوية مطلقة، كتلك التي ينادي بها المطالبون بإزالة كافة الفروق بينهما بصورة مطلقة؛ حفاظا على خصوصية كل منهما، فالرجل له خصوصية الرجولة والمرأة لها خصوصية الأنوثة.
· لا مساواة بين الرجل والمرأة في وظائف الحياة وطرائقها، فطبيعة الرجل تختلف عن طبيعة المرأة، ولكل منهما ما يناسبه.
· قضية الاختلاف بين الرجل والمرأة في طبيعة الحياة ليست قضية إهانة وكرامة، وإنما قضية تميز واختصاص, وهذا في حد ذاته ليس منقصا من شأن من يتصف به.
· القوامة على الأسرة في الإسلام قوامة رعاية وإدارة، وليست قوامة هيمنة وتسلط؛ فحق القوامة والطاعة للزوج على زوجته ليس هو الاستبداد الظالم والتحكم الباطل، إنما هو حق الطاعة بالمعروف في حدود ما شرعه الله - عز وجل - لكل منهما.
· جعلت القوامة بيد الرجل لا المرأة لأسباب كثيرة ترجع كلها إلى علة اختلاف طبيعة كل منهما الفطرية، وهذه حكمة الخالق عز وجل.
· إن المرأة في كل الأحوال منوط بها مسئولية عظمى لا تقل أهمية عما يناط بالرجل من مسئوليات والتزامات، وهي رعاية الأسرة وكل شئون البيت.
(*) حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين، د. محمود حمدي زقزوق، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، ط2، 1425هـ/ 2004م. نحو أصول جديدة للفقة الإسلامي، د. محمد شحرور، الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، ط1، 2000م. المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني، د. محمد سعيد رمضان البوطي، دار الفكر، دمشق، ط7، 1425هـ/ 2005م.
[1]. المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني، د. محمد سعيد رمضان البوطي، دار الفكر، دمشق، ط7، 1425هـ/ 2005م، ص95: 97 بتصرف يسير.
[2]. مكانة المرأة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، د. محمد بلتاجي، مكتبة الشباب، القاهرة، 1996م، هامش ص139.
[3]. مكانة المرأة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، د. محمد بلتاجي، مكتبة الشباب، القاهرة، 1996م، ص141، 142.
[4]. انظر: شبهات حول الإسلام، محمد قطب، دار الشروق، القاهرة، ط23، 1422هـ/ 2001م، ص116 وما بعدها.
[5]. الحيف: الظلم.
[6]. الخلعة: العطاء.
[7]. المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني، د. محمد سعيد رمضان البوطي، دار الفكر، دمشق، ط7، 1425هـ/ 2005م، ص98، 99.
[8]. صحيح: أخرجه البزار في مسنده، المجلد الثاني، مسند عوف بن مالك الأشجعي (2756)، والطبراني في المعجم الكبير، باب العين، عوف بن مالك الأشجعي كان ينزل بدمشق، الشعبي عن عوف بن مالك (132)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1562).
[9]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب كراهة الإمارة بغير ضرورة (4823).
[10]. افتراءات على الإسلام والمسلمين، د. أمير عبد العزيز، دار السلام، القاهرة، ط1، 1422هـ/ 2002م، ص48، 49.
[11]. حسن صحيح: أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الجهاد، باب في القوم مسافرون يؤمرون أحدهم (2611)، والبيهقي في سننه، كتاب الحج، باب القوم يؤمرون أحدهم إذا سافروا (10129)، وقال الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود: حسن صحيح (2609).
[12]. المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني، د. محمد سعيد رمضان البوطي، دار الفكر، دمشق، ط7، 1425هـ/ 2005م، ص99، 100.
[13]. صحيح: أخرجه الدرامي في سننه، كتاب النكاح، باب في حسن معاشرة النساء (2260)، وابن ماجه في سننه، كتاب النكاح، باب حسن معاشرة النساء (1977)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (285).
[14]. شبهات حول الإسلام، محمد قطب، دار الشروق، القاهرة، ط23، 1422هـ/2001م، ص122، 123 بتصرف يسير.
[15]. يقول د. عبد الله وكيل الشيخ: "أما قوامة الرجل فالمرأة أحوج إليها من الرجل؛ لأن المرأة لا تشعر بالسعادة وهي في كنف رجل تساويه أو تستعلي عليه، حتى لقد ذهبت إحداهن إلى القاضي، تطلب طلاقها من زوجها، وحجتها في ذلك أنها سئمت من نمط الحياة مع هذا الرجل الذي لم تسمع له رأيا مستقلا، ولم يقل لها يوما من الأيام كلمة (لا) أو: (هكذا يجب أن تفعلي)، فقال لها القاضي مستغربا: أليس في هذا الموقف من زوجك ما يعزز دعوة المرأة إلى الحرية والمساواة، فصرخت قائلة: كلا.. كلا.. أنا لا أريد منافسا، بل أريد زوجا يحكمني ويقودني". (المرأة وكيد الأعداء، د. عبد الله وكيل الشيخ، مكتبة صيد الفوائد الإسلامية).
لعل هذه حكمة الله التي أودعها في تعاليم الدين؛ علمناها أم جهلناها، ولعل هذا الموقف يجيء استجابة لطبيعة التكوين الخلقي والنفسي التي فطر الله عليها الرجل والمرأة، والتي تأسس مبدأ القوامة على أساسها، ولعل هذا في النهاية هو ما يدفع أحيانا إلى ازدواجية في السلوك البشري، بحيث يغاير الظاهر الباطن، خصوصا عند بعض ذوات الأصوات العالية في مجال ما يدعى بــ (تحرير المرأة، والنشاط النسائي).
وفي هذا السياق يروي د. محمد بلتاجي حكاية دالة، يقول: "وقد كنت في إحدى الندوات الثقافية أتكلم، فورد على لساني حديث: « لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ». «صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الكوفيين، حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه (19422)، وابن ماجه في سننه، كتاب النكاح، باب حق الزوج على المرأة (1852)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (3366)», فقامت امرأة مثقفة من اللاتي ينادين بحرية المرأة واستقلالها، فتشككت في صحة الحديث؛ لأنه لا يعجب عقلها وشعاراتها، فبينت لها أن الترمذي قال عنه: (حسن صحيح)، وأنه لم يطعن في صحته أحد من العلماء، فقالت: فليكن صحيحا، لكنه كان مناسبا للمرأة الجاهلة التي كانت في عصر الرسالة، أما بعد أن تعلمت المرأة مثل الرجل، بل تفوقت عليه، فلم يعد مناسبا أن يقال لها مثل هذا الكلام! فأخذت أنبهها إلى خطورة ما تقوله، باعتبارها امرأة مسلمة، وقرأت عليها قوله عز وجل: ) إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا ( (النور: 51) بأسلوب الحصر، وقوله: ) فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما (65) ( (النساء)، فقالت: لم يكن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعلم الغيب، ولم يكن يعلم أن المرأة ستتعلم وتتفوق على الرجل، فقلت لها: وهل لم يكن الله ـ عز وجل ـ يعلم ذلك أيضا حين قال: ) من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا (80) ( (النساء)، فبهتت مدة ثم قالت: على أية حال الحديث لا يعجبني.
وكنت أعلم أن عقدة حياتها هو فشلها الذريع في أن تطمئن في حياة زوجية موفقة، فقلت لها: قد تكون تجربة بعض النساء في الزواج مريرة، وقد يكون الزوج الذي صادفته قد ظلمها، وقد يكون لظلمه وغشمه وبغيه عليها غير مستحق لهذه المنزلة الرفيعة الواردة في الحديث الصحيح، الله أعلم بحقيقة كل ذلك، لكن ألا يقتضي المنهج العلمي الذي يتشدق به بعض الناس القيام باستقراء صحيح لأحوال الأزواج قبل الولوج في هذا المنزلق الخطير؟! لكن المشكلة هي أن بعض الناس ينطلقون من السخط على بعض من يقابلهم إلى السخط على الإسلام نفسه وتشريعاته، ونعوذ بالله من سوء المنقلب، وكما قال عز وجل: ) من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ (15) ( (الحج).
ومن أعجب الأمور أنني علمت فيما بعد أن هذه المرأة نفسها تعرفت على رجل أصغر منها سنا، وعاشرته دون زواج، وكانت تتذلل له بطريقة مهينة لكي لا يقطع صلته المحرمة بها، رغم علمها أنه يخدعها ولا يستمر في صلته بها إلا في مقابل مال يحصل عليه منها، وكفى بذلك وبأمثاله عبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد (مكانة المرأة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، د. محمد بلتاجي، مكتبة الشباب، القاهرة، 1996م، ص155: 157).
فانظر إلى هذه ـ هداها الله ـ كيف حملها لجاجها إلى معاندة الله ورسوله في الظاهر، وكيف نزلت في الباطن على حكم الفطرة حتى جاوزته وشردت بعيدا عنه إلى الفسوق والإثم.
[16]. شبهات حول الإسلام، محمد قطب، دار الشروق، القاهرة، ط23، 1422هـ/2001م، ص121، 122 بتصرف.
[17]. المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني، د. محمد سعيد رمضان البوطي، دار الفكر، دمشق، ط7، 1425هـ/ 2005م، ص101: 103.
[18]. مكانة المرأة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، د. محمد بلتاجي، مكتبة الشباب، القاهرة، 1996م، ص138 بتصرف يسير.
[19]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجمعة، باب الجمعة في القرى والمدن (853)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية (4828).
[20]. في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، القاهرة، ط13، 1407هـ/1987م، ج2، ص652.
[21]. عودة الحجاب، محمد بن أحمد إسماعيل المقدم، دار طيبة، السعودية، ط10، 1428هـ/2007م، ج2، ص78، 79.
[22]. الزواج والطلاق والتعدد بين الأديان والقوانين ودعاة التحرر، زكي علي أبو غضة، د. م، د. ن، ط1، 1425هـ/2004م، ص98.
[23]. الفرسخ: مقياس قديم من مقاييس الطول يقدر بثلاثة أميال.
[24]. تكريم الإسلام للمرأة، د. إبراهيم أبو محمد، مقال ضمن بحوث المؤتمر السابع عشر للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، تحت عنوان "إنسانية الحضارة الإسلامية"، القاهرة، 1426هـ/ 2005م، ص1070: 1072.
[25]. الزواج والطلاق والتعدد بين الأديان والقوانين ودعاة التحرر، زكي علي أبو غضة، د. م، د. ن، ط1، 1425هـ/2004م، ص101، 102 بتصرف يسير.
[26]. موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام، عطية صقر، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1424هـ/2003م، ج3، ص238.
[27]. الزواج والطلاق والتعدد بين الأديان والقوانين ودعاة التحرر، زكي علي أبو غضة، د. م، د. ن، ط1، 1425هـ/2004م، ص102، 103 بتصرف.
[28]. العضال: الشديد.
[29]. إنسانية المرأة بين الإسلام والأديان الأخرى، علاء أبو بكر، مركز التنوير، القاهرة، ط1، 2005م، ص79، 80 بتصرف.
open
online black women white men
generic viagra softabs po box delivery
viagra 50 mg buy viagra generic
why do wife cheat on husband
website reasons why married men cheat