مرحبًا بكم فى موقع بيان الإسلام الرد على الافتراءات والشبهات
 بحث متقدم ...   البحث عن

الصفحة الرئيسية

ميثاق الموقع

أخبار الموقع

قضايا الساعة

اسأل خبيراً

خريطة الموقع

من نحن

ادعاء أن عمر بن الخطاب خالف تعاليم الإسلام عندما نهى عن التمتع بالعمرة إلى الحج(*)

مضمون الشبهة:

يدعي بعض المشككين أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قد خالف شريعة الإسلام؛ وذلك عندما نهى المسلمين عن التمتع بالعمرة إلى الحج، ويستدلون على ذلك بقوله عز وجل: )فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي(لبقرة: ١٩٦)، وبحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «لو إني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة»[1]. وأجمع الصحابة على أن التمتع بالعمرة إلى الحج كان معروفا عندهم وطبقوه، ويهدفون من وراء ذلك إلى التشكيك في شعائر الحج وأنواعه وأنه ليس من قبل الله عز وجل.

وجوه إبطال الشبهة:

1) التمتع بالعمرة إلى الحج هو نوع من أنواع الحج التي فرضها الله على المسلمين؛ وذلك ثابت بنصوص القرآن والسنة والإجماع.

2) موقف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من كيفية التمتع بالحج كان بسبب خشيته اندثار الصور الأخرى للحج، وليس رفضا لكيفية بعينها.

3) الصحابة أشد الناس حبا للنبي - صلى الله عليه وسلم - واتباعا له، وهذا أمر يعرفه القاصي والداني، لوفرة ما تواتر فيه من الأخبار والآثار.

التفصيل:

أولا. التمتع بالحج كيفية من كيفيات الحج، عمل بها الصحابة - رضي الله عنهم - لأنها من سنن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحج:

يؤدي الحج على ثلاث كيفيات، وهي الإفراد[2]، والقران[3]، والتمتع، وحديثنا الآن يدور حول الكيفية الثالثة، وهي كيفية التمتع بالحج.

التمتع: هو أن يهل بالعمرة فقط في أشهر الحج، ويأتي مكة فيؤدي مناسك العمرة، ويتحلل، ويمكث بمكة حلالا، ثم يحرم بالحج، ويأتي بأعماله، ويجب عليه أن ينحر هديا بالإجماع. [4] وسمي متمتعا؛ لتمتعه بعد تمام عمرته بالنساء والطيب وغيرهما، مما لا يجوز للمحرم؛ ولترفقه وترفهه بسقوط أحد السفرين.

ولقد اتفق الفقهاء على مشروعيته، واستدلوا على ذلك بالكتاب، والسنة، والإجماع.

1.  أما الكتاب: فقوله تعالى: )فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي( (البقرة:١٩٦).

2. وأما السنة: فمنها حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحجة وعمرة، ومنا من أهل بالحج، وأهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج» [5].

وقال عمران بن حصين: «نزلت آية المتعة في كتاب الله - يعني متعة الحج - وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج، ولم ينه عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى مات» [6] [7].

المفاضلة بين كيفيات أداء الحج:

اختلف العلماء في أي أنواع الحج أفضل؛ تبعا لاختلاف الروايات في حجه - صلى الله عليه وسلم - على النحو التالي:

1.  ذهب المالكية والشافعية إلى أن الإفراد بالحج أفضل، وبه قال عمر بن الخطاب وعثمان.

2.  ذهب الحنفية إلى أن أفضلها القران، ثم التمتع، ثم الإفراد، وهو قول سفيان الثوري، والمـزني صاحب الشافعي.

3. ذهب الحنابلة إلى أن التمتع أفضل، فالإفراد، فالقران، وممن روي عنه اختيار التمتع: ابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وعائشة، والحسن، وعطاء، وطاووس، ومجاهد، وجابر بن زيد، والقاسم، وسالم، وعكرمة، وهو أحد قولي الشافعي".

ومن أدلتهم: قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث جابر: «لو إني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل، وليجعلها عمرة». [8] فقد أمر أصحابه بالتمتع وتمناه لنفسه، ولا يأمر ولا يتمنى إلا الأفضل. واستدلوا أيضا بأن التمتع يجتمع له الحج والعمرة في أشهر الحج - مع كمالها وكمال أفعالها - على وجه اليسر والسهولة مع زيادة نسك، فكان ذلك أولى [9].

وبعد هذا البيان نسأل: أين هذا الجدل بخصوص التمتع من قبل الصحابة؟! ثم إن كان ما يقولونه صحيحا، فكيف يستحب - التمتع في الحج - جماعة من الصحابة والفقهاء؟ ولقد تبين لنا كيف اختلف الفقهاء في تفضيل أي من الكيفيات على الأخرى.

فكل هذه الأوجه جائزة، فلماذا هذه الضجة المفتعلة على فعل عمر، وما كان إلا استحسانا واجتهادا في ضوء النصوص؛ مثلما اجتهد الصحابة عندما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة»[10]. وأقر النبي - صلى الله عليه وسلم - من صلاها في الطريق - باجتهاد - في فهمه لكلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أصحابه الاجتهاد بين يديه، وعلى كل فإن العمل بكيفية التمتع هو المأخوذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأيضا عن صحابته من بعده رضي الله عنهم.

 وروى ابن إسحاق عن الزهرى عن سالم، قال: «إني لجالس مع ابن عمر في المسجد إذ جاءه رجل من أهل الشام، فسأله عن التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال ابن عمر: حسن جميل. قال: فإن أباك كان ينهى عنها، فقال: ويلك، فإن كان أبي نهى عنها، فقد فعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر بها، أفبقول أبي آخذ، أم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قم عني»[11] [12].

فهذا دليل قاطع؛ حيث إن ابن عمر يترك قول أبيه ليأخذ بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فهل بعد كل هذا يقولون: إن الصحابة قبلوه على مضض؟! ولكن لعلك تتساءل فتقول: لماذا لم يستحسن عمر - رضي الله عنه - هذه الكيفية؟! وحمل الناس على غيرها على الرغم من علمه بأنها سنة، وهل هذا يعتبر مخالفة، أم أنه اجتهاد، والمجتهد يدور بين الأجر والأجرين؟!

إليك الإجابة؛ حتى تعلم زيف هذه الشبهة وبطلانها:

ثانيا. موقف عمر بن الخطاب من كيفية التمتع بالحج:

يحلل هذا الموقف ويوجهه شرعيا د. محمد بلتاجي، فيقول - بعد أن يشير إلى صور أداء الحج والعمرة المتفق عليها -: "ولا خلاف في أن كلا من هذه الصور الثلاث جائزة؛ لأن الرسول رضي كلا منها، ولم ينكره في حجته على أحد من أصحابه، وقال عمران بن حصين: نزلت آية المتعة في كتاب الله، وفعلناها مع رسول الله، ولم ينزل قرآن يحرم التمتع، ولم ينه الرسول عنه حتى مات.

ثم إن عمر بن الخطاب نهى عن متعة الحج في خلافته، فلماذا فعل ذلك؟ تورد الروايات أسباب النهي على النحو التالي:

رأي عمر أن الناس في خلافته مالوا إلى التمتع؛ ليسره وخفته، فخشي أن يضيع الإفراد والقران، وهما سنتان للنبي، فأراد أن يحملهم عليهما، وخاصة أنه كان يرى أن التمتع ليس هو الصورة المثالية لأداء النسك؛ لأنه لا يتم إلا بهدي، أو ما يقوم مقامه. ومن ثم قال: "أن تفرقوا بين الحج والعمرة، فتجعلوا العمرة في غير أشهر الحج أتم لحج أحدكم، وأتم لعمرته"، وقال: "إن الله قال: )وأتموا الحج والعمرة لله( (البقرة: ١٩٦)، وقال: )الحج أشهر معلومات( (البقرة: ١٩٧)، فأخلصوا أشهر الحج للحج، واعتمروا فيما سواها من الشهور.

كان يرى أنه من غير الوقار الواجب في أداء النسك أن يتمتع من يؤديه - وقد تحمل مشاق السفر؛ ليقصد البيت الحرام - بكل ما لا يجوز للمحرم عمله، من وقت حله في العمرة إلى وقت إنشائه الحج.

فأراد أن يحمل الحجاج على ما يجب من الوقار والخشية في هذا المكان المقدس، وفي الأشهر التي خصها الله بالفضل، فنهى عن متعة الحج؛ فقد روي عنه أنه قال عن المتعة: «قد علمت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد فعله وأصحابه، ولكن كرهت أن يظلوا معرسين[13] بهن في الأراك، [14] ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم» [15].

أراد عمر أن يخلص أشهر الحج للحج، وباقي السنة للعمرة؛ حتى لا يتعطل البيت الحرام في غير أشهر الحج، إذا أدى الناس الحج والعمرة معا فيها.

فأراد أن يقصد البيت مرتين، أو أكثر في العام؛ حتى تكثر عمارته بكثرة زواره طول السنة في أشهر الحج للحج، وفي غيرها للعمرة.

ويتبع ذلك فائدة للناس المقيمين حوله؛ حيث أراد أن يدخل الرفق واليسار على أهل الحرم؛ بتردد الناس عليهم طول العام؛ تحقيقا لدعوة إبراهيم عليه السلام: )فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون (37)( (إبراهيم).

ونستطيع أن نقول بعد ذلك: إن عمر رأي أن في نهيه عن متعة الحج حملا لهم على ما ورد في الكتاب من إتمام النسكين، وترغيبا لهم فيما جاءت به السنة من الإفراد والقران اللذين خشي اندثارهما؛ لميل الناس إلى التمتع، كما رأي أن نهيه يحقق الوقار الواجب في النسك، كما يحقق مصلحة إعمار البيت الحرام طول العام بما يتبعه من فائدة للناس المقيمين حوله؛ وذلك لأنه رأي أن جمهور المسلمين في خلافته قد مالوا إلى التمتع؛ ليسره وخفته عليهم - كما سبق - فتغير حالهم عما كان عليه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من التردد بين الإفراد والقران والتمتع؛ فرأي أن حملهم على التقليل من التمتع يؤدي إلى المصالح الدينية والاجتماعية السابقة.

ويجب أن نلاحظ أن نهي عمر للمسلمين عن المتعة هنا، إنما هو حمل لهم على صورتين من صور أداء النسك أقرهما الرسول، وليس حملا لهم على شيء ابتدعه عمر أو غيره من الناس، كما يجب أن نلاحظ أن هذا النهي مؤقت محدد بزمان معين وظروف خاصة، وليس نسخا أو إلغاء لما شرع في الكتاب والسنة، فما زال الناس يتمتعون في حجهم قبل خلافة عمر، وفيها، وبعدها إلي اليوم.

وقد روي عن ابن عباس أنه قال: «سمعت عمر يقول: لو اعتمرت، ثم اعتمرت، ثم حججت، لتمتعت»[16]. قال الجصاص معقبا علي ذلك: ففي هذا الخبر اختياره للمتعة. فثبت بذلك أنه لم يكن ما كان منه في أمر المتعة - أي النهي عنها - إلا علي وجه اختياره المصلحة لأهل البلد تارة، ولعمارة البيت أخرى.

وربما كان عمر قد قال هنا؛ ليبين للناس أنه - وإن نهاهم عن متعة الحج - يعلم يقينا أنها سنة أقرها الرسول، وهو ينهاهم عنها نهيا مؤقتا لما مر من أسباب، لكن ليس معنى هذا النهي أنه نسخها أو ألغاها. ومن هنا نذهب إلى القول بأن هذا النهي كان اختيارا منه للناس في عهده، لكنه لم يقصد به منع جميع الناس من التمتع في الحج، وإنما قصد إقلالهم منه.

فخلاصة الأمر: أن عمر أراد للأسباب السابقة أن ينصرف الناس إلي صورتين لأداء النسك أقرهما الرسول، إلى جانب التمتع الذي لم يلغه عمر، وإنما اختار للناس ألا ينصرفوا إليه جميعا، فأراد إقلالهم منه، وهو يعلم يقينا أنه هو أيضا سنة للنبي لا يستطيع أحد أن ينسخها.

ولا شك أن لولي الأمر أن يحمل الناس في زمن معين على أحد أنواع المباحات إذا رأي في ذلك مصلحة. وهذا - وأمثاله - من السياسات الجزئية التي تختلف المصلحة فيها باختلاف الظروف؛ كما يقول ابن القيم، ولم يقصد عمر أن يحمل الناس في جميع العصور على نهيه عن المتعة، فما زال الناس يتمتعون في عصره، وبعده. وقد كان مجتهدا في تعرف المصلحة، والمجتهد دائر بين الأجر والأجرين؛ كما قال ابن القيم" [17].

ثالثا. الصحابة أشد الناس حبا للنبي - صلى الله عليه وسلم - واتباعا له:

إن محبة الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أصل عظيم من أصول الإيمان، وإذا استقرت شجرة المحبة الصادقة في القلب آتت أكلها كل حين، وأثمرت كل أنواع الاتباع للمحبوب - صلى الله عليه وسلم - والصحابة - رضي الله عنهم - كانوا أكثر الناس حبا واتباعا للنبي - صلى الله عليه وسلم - حتى إنهم ضحوا بحياتهم من أجله - صلى الله عليه وسلم - وفدوه بأرواحهم، بل وبكل ما يمتلكون.

وإذا غرست شجرة المحبة في القلب، وسقيت بماء الإخلاص ومتابعة الحبيب أثمرت كل أنواع الثمار، وآتت أكلها كل حين بإذن ربها، أصلها ثابت في قرار القلب، وفرعها متصل بسدرة المنتهى.

فهذا أكبر الأدلة على أنهم علموا قدر نبيهم، فأحبوه أشد الحب، فكيف بعد كل هذا يخالفونه في أمر؟!

وكيف لا يحبونه، وقد أحبه الجماد؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - عن جبل أحد: «هذا جبل يحبنا ونحبه»[18]، وكيف لا يأتمرون بأمره وقد حن له الجذع، وليس له قلب، فكيف بمن له قلب؟! وكيف لا، وهم - رضي الله عنهم - يسمعون تسبيح الطعام بين يديه - صلى الله عليه وسلم - والحجر يسلم، والجمل يسجد للنبي - صلى الله عليه وسلم - والجن يستمعون للنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقرأ القرآن، والشجرة تخبره بذلك، وتشهد له بالرسالة، والوحش يوقر النبي - صلى الله عليه وسلم - ويحترمه، وملائكة الرحمن تدافع عن سيد الأنام، حتى كان جبريل وميكائيل - عليهما السلام - يدافعان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة أحد [19].

وهذا على - رضي الله عنه - يفدي النبي - صلى الله عليه وسلم - بنفسه ليلة الهجرة، وهذا زيد بن حارثة - رضي الله عنه - يختار النبي - صلى الله عليه وسلم - على أبيه وعمه، وهؤلاء هم الأنصار يدافعون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى الموت، فعن أنس - رضي الله عنه - قال: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش، فلما رهقوه[20]، قال: من يردهم عنا وله الجنة، أو هو رفيقي في الجنة، فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل، فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصاحبيه: ما أنصفنا أصحابنا» [21].

وها هو طلحة يدافع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى قطعت أصابعه، وعن قيس بن حازم قال: «رأيت يد طلحة شلاء، وقى بها النبي يوم أحد» [22].

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الصحابة كانوا يحبون ما يحبه النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلقد كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يفضل كل من يحبه النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى إنه فضل أسامة بن زيد على ابنه عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما ـ؛ لأن أسامة كان أحب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من ابن عمر، ولقد أحب الفاروق عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - حبا يعجز القلم عن وصفه حتى إنه كان يتمنى أن يفدي النبي - صلى الله عليه وسلم - بنفسه وماله وولده، وبكل ما يملك.

 ولما مات النبي - صلى الله عليه وسلم - أحس الفاروق أن الدنيا كلها أظلمت من حوله، فوقف - وقد أخرجه الخبر عن وعيه - يقول: «والله ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـوليبعثنه الله، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم» [23].

وما هذا إلا لحبهم الشديد لحبيبهم محمد - صلى الله عليه وسلم - أبعد كل هذه التضحيات يدعي مدع أن الصحابة يخالفونه في أمر؟! أيضحون من أجله بكل ما هو غال ونفيس حتى بأنفسهم، ثم يخالفونه في أمر لهم فيه مصلحة؟! أمر يسهل عليهم ويوسع عليهم، فكيف نصدق هذا؟!

الخلاصة:

يؤدي الحج على ثلاث كيفيات؛ وهي الإفراد: والقران، والتمتع، والتمتع هو أن يهل بالعمرة فقط في أشهر الحج، ويأتي مكة فيؤدي مناسك العمرة، ويتحلل. ويمكث بمكة حلالا، ثم يحرم بالحج، ويأتي بأعماله، ويجب عليه أن ينحر هديا بالإجماع.

لقد اتفق الفقهاء على مشروعية التمتع في الحج؛ لدلالة الكتاب والسنة والإجماع عليه؛ حيث يقول الله عز وجل: )فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي( (البقرة:١٩٦). وعن عمران بن حصين قال: نزلت آية المتعة في كتاب الله - يعني متعة الحج - وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لم تنزل آية تنسخ آية المتعة والحج، ولم ينه عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى مات[24]، ولقد تواتر عمل الصحابة ومن بعدهم على التخيير بين الأوجه الثلاثة: التمتع، والقران، والإفراد.

من الفقهاء من يستحسن وجه الإفراد، ومنهم من يستحسن وجه القران، ومنهم من يستحسن وجه التمتع، وهذا أيضا دليل على مشروعيته.

ثم إن عمر أراد أن ينصرف الناس إلى صورتين لأداء النسك أقرهما الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى جانب التمتع الذي لم يلغه عمر، وإنما اختار الناس أن ينصرفوا إليه جميعا، فأراد إقلالهم منه، وهو يعلم أيضا أنه سنة للنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يستطيع أحد أن ينسخها، ولا شك أن لولي الأمر أن يحمل الناس في زمن معين علي أحد أنواع المباحات إذا رأي في ذلك مصلحة معتبرة، وكل يؤخذ منه ويرد عليه إلا صاحب الروضة الشريفة؛ ولذلك قال ابن عمر لسائله: أقول لك قال رسول الله، وتقول لي قال عمر، ويلك.

ثم إن الصحابة - رضي الله عنهم - أشد الناس حبا للنبي - صلى الله عليه وسلم - واتباعا له، ولقد ضحوا بحياتهم من أجله - صلى الله عليه وسلم - وفدوه بأرواحهم، ووقفوا بجواره في أحلك الظروف وأقساها، فكيف لا يوافقونه بعد ذلك في أمر لهم فيه مصلحة وتوسعة ويسر؟!

 

 



(*) شبهات وردود، الرد على أحمد الكاتب حول إمامة أهل البيت، ووجود المهدي المنتظر، السيد سامي البدوي، طبعة قم شرعت، إيران، ط3، 1417هــ.

[1]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التمني، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت" (6803)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم (3009).

[2]. الإفراد لغة: مصدر أفرد، وأفردته: جعلته واحدا، وأفردت الحج عن العمرة: فعلت كل واحد على حدة، وقد استعمله الفقهاء بالمعنى اللغوي في مواطن متعددة؛ منها: الإفراد في البيع، والإفراد في الوصية، والإفراد في الأكل، وإفراد الحج.. وغيرها.

[3]. القران لغة: جمع شيء إلى شيء، واصطلاحا: هو أن يحرم بالعمرة والحج جميعا، أو يحرم بعمرة في أشهر الحج ثم يدخل الحج عليها قبل الطواف.

[4]. الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف الكويتية، دار الصفوة، الكويت، ط1، 1412هـ/ 1992م، ج14، ص6 بتصرف.

[5]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب التمتع والإقران والإفراد بالحج (1487)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب بيان وجود الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج والتمتع والقران (2975).

[6]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب جواز التمتع (3039).

[7]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، ج2، ص388.

[8]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم (3009).

[9]. انظر: الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف الكويتية، دار الصفوة، الكويت، ط1، 1412هـ/ 1992م، ج14، ص7 وما بعدها.

[10]. أخرجه البخاري في صحيحه، أبواب صلاة الخوف، باب صلاة الطالب والمطلوب راكبا وإيماء (904)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب من لزمه أمر فدخل عليه أمر آخر (4701).

[11]. أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 142)، كتاب مناسك الحج، باب ما كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ به محرما في حجة الوداع (3394).

[12]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، ج2، ص388.

[13]. التعريس: الجماع.

[14]. الأراك: جمع أراكة، وهي شجرة يستاك بعيدانها.

[15]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب في نسخ التحليل من الإحرام والأمر بالتمام (3020).

[16]. أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الحج، باب في المتعة من كان يراها أو يرخص فيها (13700).

[17]. منهج عمر بن الخطاب في التشريع، د. محمد بلتاجي، دار السلام، القاهرة،ط2، 1424هـ/ 2003م، ص338 وما بعدها.

[18]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب فضل الخدمة في الغزو (2732)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب أحد جبل يحبنا ونحبه (3438).

[19]. قلب موصول بحب الرسول صلى الله عليه وسلم، محمود المصري، مؤسسة قرطبة، القاهرة، ط1، 1424 هـ/ 2004م، ص8، 9 بتصرف.

[20]. رهق: أدرك.

[21]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة أحد (4742).

[22]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب قوله تعالى: ) إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون (122) ( (آل عمران) (3836)، وفي موضع آخر.

[23]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو كنت متخذا خليلا" (3467).

[24]. أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (6/ 180)، ترجمة عمران القصير.

redirect how do i know if my wife cheated unfaithful wives
click website dating site for married people
click read dating site for married people
husbands who cheat women who cheat on husband my boyfriend cheated on me with a guy
generic viagra softabs po box delivery viagra 50 mg buy viagra generic
website why some women cheat redirect
website why are women unfaithful redirect
husband cheat online online affair
read the unfaithful husband click here
مواضيع ذات ارتباط

أضف تعليقا
عنوان التعليق
نص التعليق
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء كاتبيها فقط ولا تعبر عن الموقع
 
 
 
  
المتواجدون الآن
  6555
إجمالي عدد الزوار
  38397402

الرئيسية

من نحن

ميثاق موقع البيان

خريطة موقع البيان

اقتراحات وشكاوي


أخى المسلم: يمكنك الأستفادة بمحتويات موقع بيان الإسلام لأغراض غير تجارية بشرط الإشارة لرابط الموقع