دعوى التشابه بين زيارة المسلمين لبيت الله الحرام وزيارة بعضهم لمقامات مشايخهم (*)
مضمون الشبهة:
يدعي بعض المنتسبين إلى البابية والباطنية والبهائية أنهم يزورون شيوخهم؛ عملا بما جاء في القرآن وفي الحديث النبوي مما يوجب زيارة بيت الله الحرام، وهم بهذا يتوهمون أن زيارتهم لمقامات شيوخهم والتمسح والتوسل بها يماثل زيارة بيت الله الحرام واستلام الحجر الأسود.
وجها إبطال الشبهة:
1) البابية والباطنية والبهائية وما شاكلها فرق كافرة بإجماع الأمة، وديانة مبتدعة خارجة عن الإسلام، هدفها هدمه والقضاء عليه وتلبيس المسلمين في ثوابت دينهم.
2) زيارة البيت الحرام فرض واجب على القادرين من المسلمين، وقياس زيارة القبور عليها قياس خاطئ. ثم إن العبادات أمور توقيفية، الأصل فيها التوقف عما لم يؤمر به، ولا يجوز الزيادة فيها إلا بدليل صحيح من الكتاب والسنة.
التفصيل:
أولا. البابية والباطنية والبهائية وما شاكلها فرق ضالة هدفها هدم الإسلام:
البابية والباطنية والبهائية وما شاكلها ديانات مبتدعة خارجة على الإسلام وتعاليمه، وهي لا تعبر عن الإسلام من قريب ولا من بعيد، فكل من يدعي ألوهية أي عبد من عباد الله عز وجل، أو حلول إله في شخص خارج عن الإسلام باتفاق الأمة الإسلامية، وإن أعلن انتماءه للإسلام أو تسمى بأسماء المسلمين؛ إذ إن هذه الملل تخالف صراحة تعاليم الإسلام وأصله في الاعتقاد المتمثل في التوحيد ونفي الشرك، وقد أصدر الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر السابق بيانا واضحا بشأن البهائية، ونشرته جريدة الأهرام في عددها الصادر يوم 21/ 1/ 1986م تحت عنوان "البهائية باطلة ومعتقدها كافر مرتد عن الإسلام"، يقول فيه: "والبابية والبهائية فكر خليط من فلسفات وأديان متعددة ليس فيها جديد تحتاجه الأمة.. إنها تعمل لخدمة الصهيونية والاستعمار"، ويقرر الشيخ جاد الحق "أن الإسلام لا يقر أي ديانة أخرى غير ما أمرنا القرآن باحترامه كالمسيحية واليهودية؛ لأن كل ديانة أخرى غير مشروعة، ومخالفة للنظام العام".
إن هؤلاء الذين أجرموا في حق الإسلام والوطن يجب أن يختفوا من الحياة، لا أن يجاهروا بالخروج على الإسلام، وأصدرت لجنة الفتوى بالأزهر في 23/ 9/ 1950م، بيانا بكفر هذه الطائفة، وفي العام نفسه أصدرت جبهة علماء الأزهر تحذيرا ضد البهائية[1].
هدف هذه الفرق هو القضاء على الإسلام:
تهدف هذه الفرق - البابية والباطنية والبهائية وأمثالها - إلى القضاء على الإسلام، وإن اتخذت أحيانا شكل دعوة دينية أو خلقية أو اجتماعية، وتهدف كذلك إلى تشكيك المسلمين في دينهم بمحاولة التقريب بين المسيحية والإسلام. ومن مهامها إضعاف مقاومة المسلمين للأجانب بتحريف تفسير آيات الجهاد. وكذلك فتح الباب أمام اليهود ومساعدتهم في السيطرة على أرض فلسطين، ومنع كل الاتجاهات المناهضة لإسرائيل في فلسطين.
ثانيا. قياس خاطئ مغلوط:
إن زيارة البيت الحرام فرض واجب على المسلم القادر، وذلك في تشريع الحج إليه، وأداء المناسك عنده، وهذا أمر تعبدي توقيفي مأمور به في القرآن الكريم، ومنصوص عليه في السنة المطهرة. وزيارة المسجد النبوي من المستحبات، ولا يجوز شد الرحال، إلى غيرهما، سوى المسجد الأقصى بفلسطين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى»[3].
أي أن ذلك أمر منصوص عليه، فلا يزاد عليه، فمن زاد فقد ابتدع في دين الله ما ليس منه.
وأما قياس زيارة قبور الأولياء الصالحين، على زيارة هذه المساجد، فقياس خاطئ، فضلا عن أن تكون زيارة لغير أولياء الله، بل لكفار بإجماع الأمة، فشتان بين زيارة البيت الحرام، والمسجد النبوي، وزيارة قبور الصالحين أو الطالحين على حد سواء.
وأقصى ما يفعله المسلمون - عن جهل من بعض - الذين يزورون قبور الصالحين أنهم يدعون الله تعالى عندها على اعتبار أنها أماكن يقبل فيها الدعاء - وهذا باطل - أو أنها تذكرهم بهؤلاء الصالحين فيعملون بعملهم، ويتذكرون الآخرة عند زيارتهم لها.
العبادات في الإسلام أمور توقيفية:
لا تجوز الزيادة على المشروع من العبادات في الإسلام إلا بدليل صحيح من كتاب أو سنة، وكذلك لا يجوز النقصان منها؛ فمثلا صلاة الصبح ركعتان، فلا يجوز الزيادة على ذلك، لا يجوز كذلك أن يتساءل المرء: ولماذا هي ركعتان؟ العقل يعجز عن إدراك الحكمة من وراء ذلك، فلا يسأل بل يسلم ويفوض ومن هنا يعلم المسلم المتبع لدينه ولنبيه، والمسلم الساخط الناقم على دينه وعلى تشريعاته، ولا يقبل من أحد - كائنا من كان - أن يحرف القرآن الكريم، وآياته عن مواضعها، ومن يفعل ذلك يلحق باليهود والنصارى، الذين سقطوا في هذا المنزلق، فخرجوا عن دين الله الحق، وطمسوا معالم الدين الذي جاء به أنبياء بني إسرائيل.
الخلاصة:
· إن البابية والباطنية والبهائية ونحوهما فرق ضالة مرتدة عن الإسلام، هدفها هدمه والقضاء عليه وإخراج المسلمين منه شيئا فشيئا.
· ليس ثمة أدنى تشابه بين زيارة المسجد الحرام، وزيارة بعض بعض الناس لقبور مشايخهم ومقاماتهم؛ لأن الإسلام حرم الغلو في الصالحين، وحرم إقامة المساجد على القبور، حتى لا يتخذها الناس سبيلا للابتداع المؤدي إلى الشرك، وأما تنزيل زيارة مقامات الصالحين - أو غيرهم - على زيارة المسجد الحرام، فهذا تنزيل في غير محله، وقياس خاطئ لا يصح.
(*) البهائية في ميزان الشريعة، د. عمارة نجيب، د. محمود عثمان، وزارة الأوقاف، القاهرة، رسالة الإمام، العدد الثاني، رمضان 1405هـ.