إنكار الغيبيات بحجة أنها لا تخضع للتجربة والإدراك الحسي(*)
مضمون الشبهة:
ينكر بعض الجاحدين الإيمان بأمور الغيب التي أخبر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - بها؛ بحجة أنها لا تدخل تحت علومهم التي تخضع للإدراكات الحسية أوالتجارب، ويقولون: لا نؤمن إلا بما أدركته حواسنا واستساغته عقولنا.
وجوه إبطال الشبهة:
1) لقد استند مثيرو هذه الشبهة على دليل لا يقبله العقل، الذي ينص على أن عدم إدراك الشيء ليس دليلا على عدم وجوده.
2) الأمور الغيبية يقينية؛ لأنها قائمة على دلائل قاطعة، وليست خرافات وأساطير، فهي تقوم على الإعجاز الغيبي والإعجاز العلمي.
3) إن الإيمان بالغيب ضرورة عقلية، وحيوية، وإنسانية، وعملية. وليس لدى أي إنسان ما يبرهن على عدم وجوده.
التفصيل:
أولا. دليل لا يقبله عقل:
تجدر الإشارة في بداية الرد على الشبهة التي نحن بصدد الحديث عن دفعها - إلى أن مثيريها استندو في إثارتها إلى دليل لا يقبله العقل ولا الواقع المعيش؛ وذلك أنهم أنكروا أمور الغيب التي أخبرنا بها الله - عز وجل - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - جميعها، مستندين إلى أن هذه الأمور الغيبية لا تخضع لإدراكهم الحسي، ذاهبين إلى أن عقولهم لا تستسيغ الإيمان بشيء لا يدرك بالحواس.
إن العقل الذي احتكم إليه هؤلاء لا يقبل بحال الاستناد إلى ما استندوا إليه من كون الإيمان بوجود الشيء فرع عن إدراك ذلك الشيء إدراكا حسيا؛ وذلك أن عدم إدراك الشيء لا ينفي وجود ذلك الشيء، فكم من أشياء في واقعنا المعيش لا نراها، ومع ذلك فلا يصح لعاقل أن ينفي وجودها.
فهذه الكهرباء التي تسري في أسلاك، فهل رأيتموها أو سمعتم صوتها؟! ثم هل بإمكانكم أن تنفوا وجودها لعدم رؤيتها؟!
وهذا الهواء الذي منحنا الله إياه، ولا حياة لكائن إذا افتقده، هل شاهدتموه أو سمعتم صوته؟! وهل يتنسى لكم ألا تعترفوا بوجوده؟!
إن إنكار هؤلاء الماديين الحسيين الغيبيات - أمر بدهي لا يدعو إلى العجب؛ وذلك أنهم لم يؤمنوا بداية بالله - عز وجل - الذي أمرنا أن نؤمن بالغيب، وجعل الإيمان به أول صفة من صفات المتقين، يقول سبحانه وتعالى: )الم (1) ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين (2) الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون (3)( (البقرة).
ما الغيب؟
إن هذا السؤال الذي يطرح نفسه الآن، وسنترك الإجابة عنه للإمام القرطبي الذي يقول في سياق تفسيره للآيات السابقة: "الشمس تغيب، والغيبة معروفة. واختلف المفسرون في تأويل الغيب هنا؛ فقالت فرقة: الغيب في هذه الآية: الله سبحانه وتعالى. وضعفه ابن العربي، وقال آخرون: القضاء والقدر، وقال آخرون: القرآن وما فيه من الغيوب، وقال آخرون: الغيب كل ما أخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ممما لا تهتدي إليه العقول من أشراط الساعة وعذاب القبر والحشر والنشر والصراط والميزان والجنة والنار. قال ابن عطية: وهذه الأقوال لا تتعارض، بل يقع الغيب على جميعها"[1].
إن هؤلاء الحسيين لا يؤمنون بالغيبيات السابقة جميعها؛ لا يؤمنون بقبر، ولا بحشر ولا بصراط ولا بجنة ولا بنار. بل إنهم لا يؤمنون بداية بوجود الله عز وجل؛ إذ لم يقم دليل مادي لديهم يدل على وجوده تعالى، ولا يؤمنون بالأنبياء، والرسل جميعهم؛ إذ إنهم لم يروهم.
ثانيا. يقينية أمور الغيب:
والغيب كما علمنا أنه كل ما لا سبيل إلى الإيمان به إلا عن طريق الخبر اليقيني، وعن يقينية هذه الأمور يفصل د. عبد الرحمن الزنيدي فيقول: حينما جاء محمد صلى الله عليه وسلم معلنا أنه مبعوث من قبل الله سبحانه بما يحمله من شريعة، وأنه يوحي إليه بما يشاء عز وجل، كان تبليغه مقترنا بالأدلة على صدق دعواه، ليتبين المدعوون أنه يخالف - في دعواه - الدجالين والكهنة من المتنبئين، ومدعي علم الغيب زورا وبهتانا. وقد اتضحت السبل الدالة على حقيقة ما ادعاه وصدق ما نادى به، ومنها:
النظر في شخصية النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث يعلمون أنه يتصف بأكمل الخلال وأعلى الخصال، أمانة وصدقا، ويعلمون سلامته من عوارض الأمراض النفسية ونحوها، قال سبحانه وتعالى: )قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة( (سبأ: ٤٦).
البشارات في الكتب السابقة، حيث بشرت بخروجه - عز وجل - وحددت صفاته، بل ونصت على اسمه الكريم، ومن خلالها أسلم بعض أهل الكتاب، كعبد الله بن سلام.
المعجزة التي تحدى بها الناس ليثبت من خلال تفرده بالإتيان بها اتصاله بالله الذي أمده بها، والمعجزة: "أمر يجريه الله على يد النبي يفوق طاقات البشر، ويخرق قوانين الطبيعة، وخواص المادة، يتحدى بها النبي الناس فلا يقدر أحد على معارضته".
وقد أجرى الله على يدي نبيه - صلى الله عليه وسلم - أنواعا من المعجزات؛ منها: المعجزات الحسية: ومن ذلك نبع الماء من بين أصابعه، وتكثير الطعام القليل ببركته - صلى الله عليه وسلم - وانشقاق القمر. ولكن معجزته - صلى الله عليه وسلم - الكبرى هي: معجزة القرآن، وهي المعجزة الخالدة أبد الدهر، حتى يرث الله الأرض ومن عليها، بما لها من خصائص تفوق المعجزات الأخرى، وقد أشار إلى هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله: «ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة»[2].
يقول ابن حجر العسقلاني في شرحه: "المراد أن معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض عصورهم، فلم يشاهدها إلا من حضرها. ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة، وخرقه للعادة في أسلوبه وبلاغته، وإخباره بالمغيبات، فلا يمر عصر من الأعصار إلا ويظهر فيه شيء مما أخبر - صلى الله عليه وسلم - أنه سيكون، مما يدل على صحة دعواه".
من ذلك يتبين أن هناك دلائل كثيرة تبرهن على صدق محمد صلى الله عليه وسلم في دعواه النبوة، وأن ما جاء به وحي من الله، ولن أستغرق ــ والحديث للدكتور الزنيدي ــ في ذكر هذه الدلائل وبيانها، وحسبي أن أتكلم عن جانب منها، أشار إليه العسقلاني في كلامه؛ لأن البحث فيه في صميم مصدرية المعرفة، ويتمثل في وجهين من وجوه الإعجاز الدالة على صدوره من الله: الإعجاز الغيبي، والإعجاز العلمي وهما دليلان قويان على أن الغيبيات التي أخبرنا بها النبي - صلى الله عليه وسلم - مبلغا في إياها عن ربه - عز وجل - أمر يقيني، وليس خرافة، كما ادعوا:
الوجه الأول: الإعجاز الغيبي.
اشتمل الوحي على أخبار غيبية كثيرة كإخباره - صلى الله عليه وسلم - بأمور غيبية ستقع في المستقبل، ووقعت كما أخبر صلى الله عليه وسلم بشكل مطابق تماما لتحديدات الخبر، وربما قال قائل: إن توقع حدوث أشياء في المستقبل بناء على قياس الماضي، والحاضر، من قبل عالم بسنن الحياة أمر من الممكن أن تصدقه الأيام، وهذا لامراء فيه، ولكن أمر النبي صلى الله عليه وسلم يختلف عن هذا اختلافا بينا:
1. فكثير مما أخبر به من غيبيات، ما كانت الأحوال التي أنبأ الناس بها تؤيده، أو تومئ ولو من بعيد بحصولها.
2. ثم إنه كان يخبر بما يخبر به جازما غير متردد، واثقا من صدق ما جاء به أتم الثقة، مما لا يكون مشابها لما بني على الفراسة والدراسة والحسبان.
يضاف إلى ذلك: أن الغيبيات التي تنبأ بها كثيرة متنوعة، منها ما هو عام، ومنها ما هو خاص محدد، ومنها ما هو خاص به صلى الله عليه وسلم، ومنها ما يتناول أمته، ومنها ما يتناول أعداءه.
ومع هذا كله، فلم تتخلف منها نبوءة واحدة، ولم يمتر المشاهدون لوقوعه في تمام التوافق مع ما أخبر - صلى الله عليه وسلم - وفق هذه الأصول جاءت النبوءات الغيبية من قبل الوحي الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وإليك نماذج جلية منها:
قال سبحانه وتعالى: )الم (1) غلبت الروم (2) في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3) في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون (4) بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم (5)((الروم).
ذكر المفسرون أن المشركين كانوا يجادلون المسلمين في مكة قبل الهجرة إلى المدينة، يقولون لهم: تزعمون أنكم ستغلبوننا بهذا الكتاب الذي جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - وها قد غلبت فارس وليس لها كتاب الروم، وهم أهل كتاب، فسنغلبكم كما غلبت المجوس الروم.
فأنزل الله هذه الآيات يخبر فيها بأن الروم ستنتصر في أقل من عشر سنين، وبأن ذلك اليوم سيكون فيه نصر للمسلمين على أعدائهم، ولم تكن الأمارات والشواهد العقلية تدل على شيء من هذا، لا بالنسبة للروم، ولا للمسلمين، فقد كان الروم منهكين، قد غزاهم الفرس في بلادهم، وهزموهم، وأثخنوا فيهم، كما أن حال المسلمين كانت حالة ضعف قبل الهجرة.
ولكن وعد الله تحقق، فانتصر الروم على الفرس، في أقل من عشر سنين بإجماع المؤرخين، وهزم المسلمون قريشا في بدر في الوقت نفسه.
وقال سبحانه وتعالى: )يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس( (المائدة: 67).
جاء عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية: )والله يعصمك من الناس(، فأخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه من القبة فقال لهم: يا أيها الناس: انصرفوا؛ فقد عصمني الله»[3].
ولقد تحقق ما أخبر به - صلى الله عليه وسلم - من هذا الضمان الإلهي، فقد حماه الله من كيد أعدائه مرات كثيرة، لم يحل بينهم وبينه إلا عصمة الله وحدها، وبقي محوطا بهذه العصمة حتى أكمل الله به الدين الذي بعثه به وأنزل عليه: )اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا( (المائدة: 3).
ومن أعظم هذه النبوءات: إعلانه المصحوب بتقرير أن البشر عاجزون وسيظلون كذلك عن معارضة القرآن، قال سبحانه وتعالى: )قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا (88)( (الإسراء)، وقال سبحانه وتعالى:)وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين (23) فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين (24)( (البقرة).
ولقد نزل هذا الحكم الصارم، والنفي المؤبد على أناس يتمتعون بأرقى مواصفات المجال الذي وقع فيه الإقرار، وهو الأسلوب أو النظم الكلامي، وفي فترة بلغوا فيها الذروة في إتقان هذا الفن، حيث كانت في تلك الفترة الأسواق العربية محتدمة بالتنافس بين الخطباء، والشعراء، والنقاد، يلتقون فيها للمباريات والمعارضات، وكان كثير من أبطال هذا الميدان محاربين لهذا الدين وكتابه ورسوله، يلتمسون أوهي الأسباب لتحطيمه والحط من قدره، وإهانته بين الناس.
ومع هذا، لم يستطع أحد منهم أن يفعل شيئا، بل كانوا - كما أثبت التاريخ - يشهدون بمقامه العلي الذي لا يمكن أن تسمو إليه قدرة البشر، من ذلك ما روي عن الوليد بن المغيرة - أحد كبار رجال قريش - أنه قال بعد ما سمع القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فوالله، ما فيكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه ولا بقصيدته مني، ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا، ووالله، إن لقوله الذي يقول حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته»[4].
وتتابعت القرون، وازدهر الأدب، وازدهرت الصناعة البيانية، ولكن هذا الكتاب ما زال بمنأى من أن ترتفع إليه قدرات البشر، فتحققت نبوءته وتم حكمه، وفي كتب المعجزات، ودلائل النبوات، كثير من أمثال ما ذكر - صلى الله عليه وسلم - إخبار بمستقبل مكنون، مع الجزم الكامل بوقوعه، ثم وقوعه وفق ما جاء به الخبر.
ومما لا يمتري فيه عاقل - فضلا عن عالم بالمصادر البشرية للمعرفة - أنه ليس في طوق هذه المصادر مهما بلغت من الرشد والنضوج أن تصدر مثل تلك الأحكام جازمة بوقوعها، ثم تقع كلها طبقا لما ذكرته لا يتخلف منها شيء.
بعد هذا لا يبقى ريب في أن هذا العلم جاء من مصدر أعلى من الإنسان يملك العلم المحيط بالماضي، والحاضر، والمستقبل، والقدرة على تصريف الأشياء وفق ما يريد، وهكذا يؤدي التسلسل المنطقي السليم في البحث في هذه المسألة إلى أن هذا العلم جزء من علم الله، الذي لا يستطيع البشر بوسائلهم العقلية، والحسية أن ينالوه أو يحيطوا به، أوحى به سبحانه إلى عبد من عباده اصطفاه لذلك وهيأه لتلقيه، وإضاءة العالم بنوره.
الوجه الثاني: الإعجاز العلمي:
استطاعت المصادر البشرية للمعرفة - في عصرها الأخير - نتيجة تطور مناهجها وترقي وسائلها، أن تكشف كثيرا من الحقائق العلمية، خصوصا في ميدان عالم الطبيعة، مما لم يكن ميسورا للناس قبل هذا الزمن، فكان البحث فيه - إذ ذاك - لا يعدو أن يكون ضربا من الاستنتاج، والتأملات العامة، ومن ثم فقد قلب العلم الطبيعي المعاصر كثيرا من المفاهيم السابقة، وبين خطأها، وقد شمل هذا كتب الفلاسفة والعلماء الطبيعيين، والديانات المحرفة، ولكن كتابا واحدا - وهو القرآن الكريم - عرفته البشرية منذ أكثر من أربعة عشر قرنا، انفرد من بين ذلك التراث كله:
· بأنه لم يتعارض - على وفرة نصوصه التي تناولت العلم الطبيعي - مع أية حقيقة علمية ثابتة، ولقد أوغل العلم الطبيعي بعيدا في ميدان الأنفس والآفاق، وحدد أشياء كثيرة، وكشف مزيدا من الحقائق، ومع كل ذلك لم يقدم حقيقة واحدة تنافي ما ورد في الوحي الذي جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافا للتراث البشري والديني غير الإسلامي، على حد سواء، فقد تزعزعا أمام العلم الطبيعي الحديث، وانكشف عوارهما بتناقضهما مع العلم في كثير من القضايا.
· كما انفرد القرآن - أيضا - بأنه قد ذكر حقائق علمية جاءت من خلال بيان آيات الله في عالم الشهادة، للدلالة على عظمة خالقها وجلاله، والامتنان على العبد بنعم الله الوفيرة، التي أسداها إليه، وكانت متطابقة تماما مع ما وصل إليه العلم التجريبي المعاصر، بعد اعتماده على مناهج ووسائل مكنته من الكشف عن هذه الحقائق.
من ذلك قوله سبحانه وتعالى: )ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين (12) ثم جعلناه نطفة في قرار مكين (13) ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين (14)( (المؤمنون).
فقد ذكرت هذه الآيات أن الإنسان مخلوق من طين، وكذلك كثير من الآيات الأخرى، وهذا ما تقرر في العلم الحديث، فجميع العناصر المكتشفة في جسم الإنسان الآن - وقد بلغت اثنين وعشرين عنصرا - موجودة في التراب بأكملها.
كما ذكرت الآية المراحل التي يكون عليها الجنين ابتداء من قذفه نطفة في الرحم، ثم تطوره إلى العلقة، فالمضغة، فالمرحلة العظمية، فاكتسائها باللحم، ثم نفخ الروح فيه؛ ليصبح إنسانا حيا، هذه المراحل هي التي حددها العلم التشريحي الحديث، لدى من لا يعرفون القرآن ولا تلقوا مفاهيمه.
ومما ينبغي أن يقترن بحقيقة تفرد القرآن بإثبات حقائقها وصحتها، أن الشخص الذي جاء بهذه الحقائق في ذلك العصر كان أميا لم يتلق العلم، وعاش في بيئة أمية جاهلية، ولم يكن لدى العرب قبل بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونزول الوحي أي اهتمام بالمعارف الطبيعية - بالمعنى الذي تشعر به هذه الألفاظ - فضلا عن أن تكون لديهم هذه المعارف - ولكنها في حالة ركود.
فإذا جمعت بين هاتين الحقيقتين: العلمية والتاريخية، فإنك لن تستطيع أن ترد هذا الوحي إلى مصدر من مصادر المعرفة البشرية، ولن يبقى أمام الباحث الحر سوى ردها إلى مصدر أعلى من الإنسان، يتجاوز علمه حدود الزمان، والمكان، ويستغني عن الوسائل المعينة على الوصول إلى الحقائق، وهو علم الله - عز وجل - وهذا ما وصل بباحثين أحرار إلى هذه الغاية من خلال هذا الوجه الإعجازي.
ولعل من أشهرهم: العالم الفرنسي المعاصر موريس بوكاي الذي أجرى مقارنة بين الكتب الدينية - التوراة، والإنجيل، والقرآن - والعلم بحقائقها التي وصل إليها، فانتهى إلى أن نصوص التوراة التي وصلت إلينا لا تعبر عن الحقيقة، وهل يمكن أن يكون الله قد أوصى بشيء غير الحقيقة، إنه لا يمكن تصور أنه يعلمنا بواسطة الأوهام، إنه فوق ذلك، الأمر الذي ينتهي بنا إلى افتراض تشويه حصل بواسطة الناس. إلى أن الأناجيل تحوي فصولا ومقاطع ناشئة من مجرد الخيال الإنساني، كما انتهى بالنسبة للقرآن - ولم يكن لديه إذ ذاك أي إيمان بالإسلام، كما يصرح بذلك - إلى أن حقائقه العلمية تدل جميعها على أن نصوص القرآن نصوص لا دخل للبشر فيها، وأنها وحي لا شك فيه.
وهكذا من خلال وجهي الإعجاز اللذين ذكرا، ينتهي طالب الحق إلى أن الوحي الإسلامي جزء من علم الله - سبحانه وتعالى - أنزله على الإنسان يستضيء بنوره عن طريق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم [5].
ثالثا. ضرورات الإيمان بالغيب وأدلته:
إن الإيمان بالغيب - الذي أنكره من أثار هذه الشبهة - ضرورات وأدلة تؤكد وجوده، ويفصل د. حبيب الله الحديث عن هذه الضرورات فيقول:
1. الغيب الذي لا يدرك بالحس ضرورة عقلية:
إذا أعمل العاقل عقله، وجد نفسه أمام اعتراف بالغيب لا محالة، فهو - مبدئيا - لا يحق له أن ينكره، وليس لديه من الحجج ما يبرهن على عدم وجوده، والقول: إن عدم إدراك الحواس للغيبيات دليل على عدم ثبوتها حجة ساقطة، بل إنها قضية تحمل في طياتها دليل كذبها، فلتسأل كل حاسة نفسها، وليسأل كل ذي حاسة نفسه: هل هذه الحاسة تدرك كل شيء؟ هل ترى العين كل المرئيات؟ هل تسمع الأذن كل الأصوات؟ بل إن الحاسة الواحدة تختلف فيما تدركه من شخص لآخر، فقد يرى بعينه ما لا يراه الآخر، ويختلف إدراك الحاسة من كائن إلى آخر، فحاسة البصر عند بعض الحيوانات أقوى منها عند حيوانات أخرى، وكذلك حاسة السمع، والشم... إلخ.
فإذا أنكر كل من لم يدرك شيئا وجود هذا الشيء؛ بناء على عدم إدراكه، فماذا تكون النتيجة؟ ستكون النتيجة النهائية أنه لن يثبت شيء بالمرة، فالكل ينكر ما أثبته الآخر، وهكذا فلا يثبت شيء أبدا.
إن عدم إدراكنا لأي موجود لا يدل على أنه غير موجود إطلاقا، وإنما يدل فقط على أننا لم ندركه، ومن هنا قال العقلاء: "عدم الإدراك لا يدل على عدم الوجود"، فإذا افترضنا أسوأ الفروض، وقلنا: إن العقل لم يثبت الغيب، فليس من حقه أن ينفيه، فإذا ثبت من طريق آخر فقد دخل من باب غير بابه، وثبت بطريق غير طريقه.
ما الذي يراه الإنسان من جسده؟ لا يرى منه إلا شكله الخارجي، فهل ينكر أعضاءه، وأجهزته الداخلية؟ بالطبع لا، إنه يثبتها، على الرغم من عدم رؤيته لها، ولم يثبتها فقط، بل إنه إذا قارن بينها وبين ما رآه من شكله الخارجي، لوجد أن ما لم يره من أعضائه وأجهزته أكثر أهمية مما رآه، بل هو قوام جسده، وقوام حياته، فإذا انتقل إلى روحه أيا كان تفسير المفسرين لها، فهل يراها، أو يدرك آثارها؟ وهكذا كلما غاب الشيء عن الحس كان بالوجود أولى، وللوجود سببا.
فإذا أخبر الدين أن وراء هذا التدبير المشاهد بنظامه المتقن تدبيرا من عالم الغيب هم الملائكة: )فالمدبرات أمرا (5)( (النازعات)، ووراء هؤلاء الملائكة مدبر يدبر أمر الكل، وهو الله تعالى - أفيكون ذلك قد خرج عن منطق العقل أم جاء امتدادا لما حكم به؟
2. الغيب ضرورة حيوية:
إننا - بني البشر - نتعامل مع الغيب، وعلى أساس من الغيب، سواء أشعرنا بذلك أم لم نشعر، أنكرنا الغيب أم اعترفنا به، ألا ترى إلى الواحد منا يضحي بنفع عاجل حاضر محقق مقابل نفع آجل مرجو غائب عنه، غير محقق، بل مظنون متوقع.
انظر إلى الزارع، ينثر الحب في الأرض، يجهد نفسه، يستأجر العمال، يحرث، يغرس.. لماذا حرم نفسه من هذا الذي بذله؟ هل هو سفيه؟ كلا، إنه يضحي بعاجل قليل مقابل آجل أكثر، أين هذا الآجل؟ إنه غيب، وهكذا كل إنسان في موقعه، الطالب في دراسته، التاجر في تجارته، الصانع في صناعته... إلخ، كل إنسان في مسعاه يضحي بما في يده من عاجل حاضر من عالم الشهادة؛ انتظارا لآجل أفضل منه في عالم الغيب، فإذا جاء الدين، وقال للإنسان: ما رأيك إذا ادخرت لك آجلا في عالم الغيب: )خير وأبقى (17)( (الأعلى) من كل عاجل في حياتك؟ وكل ماهو مطلوب منك أن تضحي ببعض المتع العاجلة، وتضبط حياتك على مثال ما شرع لك ربك، وفي ذلك خير لعاجلتك أيضا، أيكون الدين بذلك قد خرج عن الخطة التي يعمل بمقتضاها الإنسان لنفسه، ويشكل على أساسها حياته؟ كلا، إنه عامله بالمنطق الذي يتعامل به، وأكثر من ذلك، إنه يلبي في نفس الإنسان رغبة جامحة، وطموحات ملتهبة، لا تطفئها هذه الدنيا بحذافيرها.
إن الإنسان مفطور على حب الخلود، إنه يود لو يعمر ألف سنة، ولو خير لاختار أكثر، إنه مفطور على حب الأفضل والأبقى في كل شيء في حياته، وفيما تملك يداه، إن الإنسان عالم من الطموحات والتطلعات لا تلبيها هذه الدنيا، كما شخص الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - نفسية الإنسان أصدق تشخيص قائلا: «لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب»[6]. وغريزة حب البقاء والخلود، والتطلع إلى الأفضل كغيرها من الغرائز، ما خلقت عبثا، ولا وجدت باطلا، وهي تلبى كما تلبى بقية الغرائز.
فإذا كانت هذه الدنيا بحذافيرها لا تلبى حاجة الإنسان، ولا تطفئ نهمه، فإن ما بعدها من نعيم الآخرة كفيل بأن يلبي هذه الغرائز، كما أخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: «فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر»[7].
3. الغيب ضرورة إنسانية:
وأعني بوصف "إنسانية" الجانب الإنساني في الإنسان من مكارم الأخلاق، ونبل الصفات، فكيف يكون الغيب ضرورة إنسانية؟
إن من يحترم إنسانيته ويعتمد عليها في مهمات الأمور هو من يتعامل مع الغيب كما يتعامل مع المشاهدة، أما إذا كان لا يحسب حسابا إلا للمشاهد فقط، فإذا ما اختفى هذا المشاهد من أمام عينيه فإنه سرعان ما ينكص على عقبيه، فإن أقل وصف يمكن أن يوصف به هذا المرء "عدم احترامه لإنسانيته"، ولنضرب على ما نقول مثلا فنقول: لو كان عندك اثنان من الأبناء: أحدهما - وهو الأصغر سنا - يحسب لك حسابا في غيبتك كما يحسب لك حسابا في حضورك، برا وتقديرا، والآخر - وإن كان الأكبر - لا يطيعك إلا وأنت حاضر أمام عينيه، بل لا يطيعك إلا تحت وسائل الزجر والتهديد، فإذا أردت أن تسافر خارج البلاد، وأردت أن تسند بعض شئون الأسرة وتبعاتها إلى أحدهما، فبمن تثق؟ وعلى من تعتمد في مهام الأمور المهمة؟
فالذي يعمل للشهادة فقط، للحظته الحاضرة، أشبه بالحيوان الذي لا هم له إلا إشباع شهواته الحاضرة، لكن الإنسان يتميز عن الحيوان بالتفكير في العواقب، وكلما امتد نظره إلى العقبى أكثر وأكثر شعر بإنسانيته أكثر وأكثر، وكذلك تقوم حياة البشرية، وتحدد مصائر الأمم والشعوب على أكتاف نماذج من البشر، شعروا بإنسانيتهم، وتعاملوا مع منطق الغيب، لا مع منطق الشهادة، هؤلاء الذين سقطوا في ميادين الجهاد، وضحوا بأغلى ما عندهم، وهي حياتهم، لو ركنوا إلى الشهادة لما بذلوا النفس والنفيس، لكن ذلك كله هون عليهم ابتغاء ما هو أغلى وأبقى، ولو ركنوا إلى المشاهد المعيش لما قام دين، ولا قامت دنيا.
4. الغيب ضرورة عملية:
إن منطق الإلحاد الذي ينكر الغيب لو طبق لتعطلت مسيرة العلم، كما تتعطل مسيرة الدين، فالعلم دائما يبحث عن مجهول مفترض وجوده، فلو سار العلم مع منطق الإلحاد، في كون ما لا يدرك لا وجود له، لما كان هناك جدوى للبحث، ولتوقف العلم؛ فواقع العلم والعلماء الاعتراف بالغيب، وإن جحد الجاحد ذلك بلسانه[8].
ونعود فنقول لمن يجادل فيما جاء به القرآن والسنة من أمور غيبية، ويزعم عدم وجودها، نقول له: دونك هذه الأمثلة التي ربما صادفتك في أمور حياتك، أو قد تصادفها يوما ما:
· قال لك الطبيب - وقد تأمل في كأس الماء التي في يدك لتشربها: إن هذا الماء ملوث، وإن شربته عرض حياتك لخطر مؤكد؛ قال لك هذا الكلام، وأنت لا تعلم شيئا عن الطب، وعناصر الأشياء، وطبائعها، وكل ما تعلمه أن الذي يقول لك هذا الكلام طبيب حاذق صادق.
· بلغك أن علماء الأرصاد والفلك في العالم، أخبروا عن خسوف يظهر على سطح القمر في ليلة معينة، بعد أيام معدودة، وبحثت، فأيقنت أن الخبر ليس شائعة مجردة، بل هو خبر رسمي منقول بطريق يقيني عن المصادر المختصة.
· سمعت من مصادر رسمية موثوق بها أن المسئولين في مؤسسة الكهرباء سيقطعون التيار الكهربائي في ساعة معينة من ليلة معينة.
· لا شك أنك تستيقن في المثال الأول خطورة شرب ذلك الماء، وتمتنع عن أن تطعم شيئا منه، وتستيقن في المثال الثاني حدوث الخسوف في الوقت الذي عينه أرباب الاختصاص، كما تستيقن في المثال الثالث أن تيار الإضاءة الكهربائية سينقطع في الوقت المعين المذكور، وتأخذ الأهبة لذلك. فلماذا تستيقن هذه الأمور، وما البرهان العلمي الذي أخضع عقلك لتصديقه؟
والجواب: أن عقلك اضطر إلى تصديق ذلك بدافع برهانين اثنين:
أولهما: يقينك بأن الطبيب حاذق وصادق، وبأن الطب حقيقة ثابتة، ويقينك بأن علماء الأرصاد والفلك، لا يفوتهم معرفة ما قد يحدث من تقلبات الجو، وأمر الخسوف والكسوف، إن هم دققوا النظر واطلعوا على ما هو مطرد من سنن الكون ونظامه الذي أقامه الله عز وجل، ويقينك بأن تنظيم الإضاءة في البلد المعين منوط بمؤسسة معينة عهد إليها بكل شئونها.
الآخر: يقينك بأن ما بلغك من كلام الطبيب، وعلماء الأرصاد، والفلك، وبلاغ المؤسسة الكهربائية - خبر يقيني تولت نقله إليك جهة رسمية، على نحو لا يحتمل التأويل والكذب.
فثبوت البرهان الأول، ثم إثبات البرهان الثاني يترتب عليه لا محالة تيقن تلك الأخبار الثلاثة، وإن لم يكن مضمونها قد تحقق بعد، وإن كنا نسميها بسبب ذلك أمورا غيبية [9].
وبعد عرض أمثلة تلك الحقائق الواضحة التي لا يماري فيها عاقل نبادر فنقول: لا شك أن من العبث المضحك، أن نخاطب بشيء من الحقائق الغيبية، من لم يؤمن بعد بوجود الله عز وجل و لم يصدق بعد ببعثة الأنبياء والرسل وبأن القرآن هو كلام الله. ونخلص مما سبق كله إلى أن مسائل الغيب فوق قدرة العقل البشري، أمرنا الله - عز وجل - أن نؤمن بها، وإيماننا بها نابع من إيماننا بطلاقة قدرته سبحانه وتعالى؛ فالإنسان ولا يحتكم إليه في أية قاعدة من القواعد التي شرعها، فله - عز وجل - الكمال المطلق، وهو منزه عن النقص.
الخلاصة:
· استند من أثار هذه الشبهة إلى دليل لا يقبله العقل؛ وذلك أنهم عقدوا علاقة تلازمية بين إدراك الشيء بإحدى الحواس وبين وجود ذلك الشيء، وإن العقل ينص صراحة على أن عدم إدراك الشيء ليس دليلا على عدم وجوده.
· إن الغيبيبات أمور يقينية، وليست خرافة أو أساطير؛ وذلك أن الإيمان بها قائم على دلائل قاطعة، لا سبيل إلى تجاهلها،وهناك وجهين من وجوه الإعجاز الدال على أن الغيبيات التي يتحدث عنها القرآن والنبي من عند الله وهما الإعجاز الغيبي والإعجاز العلمي ولكل شواهده.
· إن الإيمان بالغيب ضرورة عقلية، وحيوية، وإنسانية، وعملية. وليس بوسع أي إنسان أن يبرهن على عدم وجوده.
· إن منطق الإلحاد وإنكار الغيب لو أذنت به البشرية لتعطلت مسيرة الحياة، ولن يجنى الإنسان سوى التيه والتخبط، إذا ما أنكر ما تنزلت به الشرائع.
· لا تستقل الإدراكات الحسية بتحصيل المعرفة العلمية، وإن كانت تشكل أساسا تقوم عليه، ودعوة القرآن إلى استخدام الحواس، إنما هي دعوة إلى تحقيق هذه المعرفة، والتي يصل إليها الإنسان من خلال حركة العقل، فيما تقدم له الحواس. أما الإحساس المجرد فليس مقصودا بتلك الآيات.
مسائل الغيب فوق مدارك العقل البشري أمرنا أن نؤمن بها؛ لأن ذلك من تمام الإيمان وتعد أحد أركان الإيمان، فضلاعن كون إيماننا بها نابع من طلاقة قدرة الله.
[1]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/1985م، ج1، ص163.
[2]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "بعثت بجوامع الكلم" (6846)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى جميع الناس (402).
[3]. صحيـح: أخرجـه الترمـذي في سننـه، كتـاب تفسيـر القـرآن، سـورة المائـدة (3046)، والحاكم في مستدركه، كتاب التفسير، تفسير سورة المائدة (3221)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2489).
[4]. صحيح: أخرجه البيهقي في دلائل النبوة، باب اعتراف مشركي قريش بما في كتاب الله تعالى من الإعجاز، باب أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم (505)، وصححه الألباني في صحيح السيرة النبوية (1/ 158).
[5]. مصادر المعرفة في الفكر الديني والفلسفي، د. عبد الرحمن الزنيدي، ضمن منشورات المعهد العالمي للفكر الإسلامي، مكتبة المؤيد، السعودية، ط1، 1424هـ/ 1992م، ص163 وما بعدها.
[6]. أخرجـه البخـاري في صحيحـه، كتـاب الرقـاق، بـاب مـا يتقـى مـن فتنــة المــال (6072)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب لو أن لابن آدم واديين لابتغى ثالثا (2462).
[7]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة (3072)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب حدثنا عبد الله بن مسلمة (7310).
[8]. الإنسان والغيب، د. حبيب الله حسن، مجموعة محاضرات ألقيت على طلاب كلية أصول الدين، جامعة الأزهر، طبعة خاصة، ص46: 85.
[9]. كبرى اليقينيات الكونية، د. محمد سعيد رمضان البوطي، دار الفكر المعاصر، بيروت، ط25، 1426هـ/ 2005م، ص402: 404.
go
link how long for viagra to work
generic viagra softabs po box delivery
viagra 50 mg buy viagra generic
husband cheat
online online affair