مرحبًا بكم فى موقع بيان الإسلام الرد على الافتراءات والشبهات
 بحث متقدم ...   البحث عن

الصفحة الرئيسية

ميثاق الموقع

أخبار الموقع

قضايا الساعة

اسأل خبيراً

خريطة الموقع

من نحن

الزعم أن هناك توافقا بين الإسلام واليهودية عقيدة وتشريعا وكتابا (*)

مضمون الشبهة:

يدعي بعض المشككين أن الإسلام موافق لليهودية من عدة جوانب:

·        من حيث العقيدة: فكلا الديانتين يدعو إلى عقيدة التوحيد.

·        كذلك النظام التشريعي متقارب فيهما.

·        تشابه أسلوب القرآن والتوراة ومضمونهما.

ويرمون من وراء ذلك إلى القول بأن الإسلام متأثر باليهودية وتابع لها.

وجوه إبطال الشبهة:

1) الإسلام واليهودية ديانتان سماويتان توحيديتان، وقد بقيت عقيدة التوحيد صافية نقية في القرآن، بينما طمستها[1] يد التحريف في التوراة.

2) يختلف التشريع في القرآن عنه في التوارة والتلمود كما وكيفا، وثمة فارق كبير بين السمو الأخلاقي في القرآن، وبين التدني والعنصرية غير الإنسانية في التوراة والتلمود الحاليين.

3) الأسلوب القرآني في القمة التي لا تدانى فصاحة ونصاعة وملاحة وبلاغة، في حين أن أسلوب التوراة والتلمود مفكك باهت هزيل.

التفصيل:

ربما يكون أبلغ في الرد على هذه المغالطات أن نرجع إلى متون الكتب المقدسة، وأصول العقائد في هذه المسائل عند المسلمين واليهود؛ لنتبين أوجه الشبه والاختلاف في الأصل، ثم نتابع تطوراتها لدى الطرفين.

أولا. عقيدة التوحيد بين التوراة والقرآن، وبين اليهودية والإسلام:

لا شك أن عقيدة التوحيد في التوارة المنزلة من عند الله تعالى قبل تحريفها، وكذلك في القرآن الكريم باعتبارهما كتابين سماويين من لدن الإله الواحد الأحد - عقيدة متماثلة جوهرها التوحيد الخالص، والتنزيه الكامل للذات الإلهية.

وعن قضية "الإيمان بالله بين التوراة والقرآن" يقول د. أحمد السقا: يعترف المسلمون بأن الله واحد، ويعترف المسلمون بأن هذا الإله الواحد ليس كمثله شيء لقوله سبحانه وتعالى: )قل هو الله أحد (1) الله الصمد (2)( (الإخلاص)، ولقوله سبحانه وتعالى: )ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (11)( (الشورى)، ويعترف المسلمون بأن هذا الإله الواحد يعلم ما خفي في الضمائر، لقوله سبحانه وتعالى: )وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون (3)( (الأنعام).

وفي التوراة عبارات تدل على أن الله واحد، وليس كمثله شيء، ويعلم ما خفي في الضمائر.

ففي سفر الخروج*: "ثم تكلم الله بجميع هذه الكلمات قائلا: أنا الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية. لا يكن لك آلهة أخرى أمامي. لا تصنع لك تمثالا منحوتا، ولا صورة ما مما في السماء من فوق، وما في الأرض من تحت، وما في الماء من تحت الأرض. لا تسجد لهن ولا تعبدهن، لأني أنا الرب إلهك إله غيور، أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضي". (الخروج 20: 1ـ5)، وفي سفر التثنية: "فاعلم أن الرب إلهك هو الله، الإله الأمين، الحافظ العهد والإحسان للذين يحبونه ويحفظون وصاياه إلى ألف جيل، والمجازي الذين يبغضونه بوجوههم ليهلكهم. لا يمهل من يبغضه. بوجهه يجازيه". (التثنية 7: 9، 10).

وقال سليمان ـعليه السلام - لله عز وجل: "وأعط كل إنسان حسب كل طرقه كما تعرف قلبه. لأنك أنت وحدك تعرف قلوب بني البشر". (أخبار الأيام الثاني 6: 30).

ولكن أية توراة هذه التي نقصدها حين نقول إن مضمون عقيدة التوحيد فيها يماثل ما في القرآن، لا شك أنها التوراة الكتاب السماوي الصحيح، قبل تحريفه، وإلا فإن التوراة التي بين أيدي الناس الآن، والتي سقنا منها الشاهد السابق تحفل بمئات الشواهد على طمس عقيدة التوحيد، وبسبب هذا التحريف اختلط الحابل بالنابل، والغث بالسمين[2]، والصحيح بالسقيم، والأصلي بالمحرف.

 في هذا المضمار كتب د. عبد الحليم عويس تحت عنوان "إله التوراة: وثنية وتجسيد" ما يأتي: "يقول المؤرخ العالمي أرنولد توينبي عن إله اليهود: كان يهوه إله قبيلة بدوية، وتطورت هذه الديانة حتى بلغت مرحلة متقدمة على يد الأنبياء في القرن الثامن ق. م. فلما نقل نبوخذ نصر - ملك البابليين بالعراق - جماعة من أشراف اليهود وكهانهم وصناعهم وعمالهم الماهرين - فيما عرف بالسبي البابلي - لا يزيد عددهم على 4600 بلغت الديانة اليهودية نضجها... مما استمده الأسرى اليهود من المجتمع البابلي من عقائد وأفكار، وتأثر اليهود بالديانة الزرادشتية،[3] واستمدوا منها بعضا من عقائدهم في الجن والشياطين، وربما أخذوا منهم بعضا من عقائدهم المهمة.

فاليهودية - بسبب الميل اليهودي الثابت للوثنية والحسية والنفعية - تعرضت في كثير من العصور، لغلبة الوثنية عليها، وهذا مكن لمدارس التحليل الأنثروبيولوجي والسيكولوجي - أن تجد فيها مجالا خصبا لدراسات منحرفة. وحسبنا أن نقرأ أسفار الملوك والقضاة لنرى صورا كثيرة من تعدد الآلهة المبجلة المعبودة، ليس من جانب عامة الناس فقط، بل من جانب الأنبياء أنفسهم بل إننا نجد ما هو أسوأ من ذلك بكثير، حيث يعزى[4] إلى النبي هارون - شقيق موسى - عليه السلام - نفسه - أنه هو الذي صنع للناس العجل أثناء ذهاب موسى لميقات ربه، بعد أن استبطأ بنو إسرائيل عودته التي لم تزد عن المقرر لها إلا عشرة أيام،)وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر( (الأعراف: 142).

ففي هذه الأيام العشرة وافق النبي الكريم هارون - حسب زعمهم - على أن يصنع لهم عجلا صنما يعبدونه. والتوراة تحكي هذه الواقعة بكلمات وأساليب لا يمكن أن تقبل دينا ولا عقلا. تقول: "ولما رأى الشعب أن موسى أبطأ في النزول من الجبل، اجتمع الشعب على هارون وقالوا له: «قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا، لأن هذا موسى الرجل الذي أصعدنا من أرض مصر، لا نعلم ماذا أصابه». فقال لهم هارون: «انزعوا أقراط[5] الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم واتوني بها». فنزع كل الشعب أقراط الذهب التي في آذانهم وأتوا بها إلى هارون. فأخذ ذلك من أيديهم وصوره بالإزميل[6]، وصنعه عجلا مسبوكا[7]. فقالوا: «هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر». فلما نظر هارون بنى مذبحا أمامه، ونادى هارون وقال: «غدا عيد للرب». فبكروا في الغد وأصعدوا محرقات وقدموا ذبائح سلامة. وجلس الشعب للأكل والشرب ثم قاموا للعب. فقال الرب لموسى: «اذهب انزل. لأنه قد فسد شعبك الذي أصعدته من أرض مصر. زاغوا سريعا عن الطريق الذي أوصيتهم به. صنعوا لهم عجلا مسبوكا، وسجدوا له وذبحوا له وقالوا: هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر»". (الخروج 32: 1ـ 8).

 بل من العجيب أنهم نسبوا إلى موسى - عليه السلام - أنه عمل حية نحاسا ظل بنو إسرائيل يعبدونها حتى ملك عليهم حزقيا بن آحاز فأزالها، ونص ذلك: "وتكلم الشعب على الله وعلى موسى قائلين: «لماذا أصعدتمانا من مصر لنموت في البرية؟ لأنه لا خبز ولا ماء، وقد كرهت أنفسنا الطعام السخيف». فأرسل الرب على الشعب الحيات المحرقة، فلدغت الشعب، فمات قوم كثيرون من إسرائيل. فأتى الشعب إلى موسى وقالوا: «قد أخطأنا إذ تكلمنا على الرب وعليك، فصل إلى الرب ليرفع عنا الحيات». فصلى موسى لأجل الشعب. فقال الرب لموسى: «اصنع لك حية محرقة وضعها على راية، فكل من لدغ ونظر إليها يحيا». فصنع موسى حية من نحاس ووضعها على الراية، فكان متى لدغت حية إنسانا ونظر إلى حية النحاس يحيا". (العدد 21: 5 - 9).

ولكن على خلاف هذه النظرة الحمقاء العبثية التي ترسمها التوراة المحرفة للأنبياء والتي يراد من خلالها تشويه مقام النبوة المعصوم - نجد القرآن الكريم يبرئ موسى وهارون - عليهما السلام - من الشرك ومن هذه الخيانة لرسالة التوحيد التي أرسلا بها: )واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا (51) وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا (52) ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا (53)( (مريم)، وقال تعالى: )ولقد مننا على موسى وهارون (114) ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم (115) ونصرناهم فكانوا هم الغالبين (116) وآتيناهما الكتاب المستبين (117) وهديناهما الصراط المستقيم (118) وتركنا عليهما في الآخرين (119) سلام على موسى وهارون (120) إنا كذلك نجزي المحسنين (121) إنهما من عبادنا المؤمنين (122)( (الصافات).

وعن براءة موسى وهارون من عبادة العجل يقول القرآن: )واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين (148) ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين (149) ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين (150) قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين (151) إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين (152) والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم (153)( (الأعراف).

وفي سورة طه يبين القرآن إنكار هارون على بني إسرائيل عبادتهم العجل وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن ذلك المنكر ووعظهم من أجل ردهم إلى الحق وإقلاعهم عن هذا الضلال من الشرك والكفر. يقول القرآن: )ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري (90) قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى (91)( (طه).

كما يبين القرآن الكريم موقف موسى الحاسم من الشرك وعبادة الأصنام ورفضه لكل ما يمس التوحيد، عندما طلب منه بنو إسرائيل أن يجعل لهم وثنا إلها يعبدونه من دون الله، قال تعالى: )وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون (138) إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون (139) قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين (140)( (الأعراف).

مما دفعه إلى تحطيم العجل - الذي اتخذه السامري لهم إلها في غيبة موسى عندما ذهب للقاء ربه - على مرأى ومسمع من بني إسرائيل، وطرده لمن صنعه لهم: )قال فما خطبك يا سامري (95) قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي (96) قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا (97) إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما (98) كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا (99)( (طه).

هذه هي الصور الوضيئة لموسى وهارون في القرآن الكريم، تناقض تماما الصورة المشينة[8] التي تحط من قدرهما في التوراة المحرفة، فما أبعد الشقة بين الصورتين، فهل بعد ذلك يجوز لإنسان أن يتجرأ ويدعي وجود أدنى توافق بين الإسلام الصحيح واليهودية المحرفة؟!

وإذا ما عدنا إلى التوراة نجد أنه على خطى موسى وهارون - حاشاهما - جاء نبي الله سليمان ـعليه السلام - لينهي هو الآخر حياته - بعد أن آتاه الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده - بعبادة الأوثان والأصنام تقربا لزوجاته الألف، وعلى رأسهم في الإغراء بالطبع زوجته المصرية ابنة فرعون التي نقلت إلى قصور سليمان معبوداتها الوثنية، وبدلا من أن يقودها نبي الله سليمان بن داود إلى توحيد الله، قادته هي - ولا أدري لأي سبب؟ أفليس في زوجاته الألف ما يعصمه من الخضوع لامرأة واحدة؟! - إلى نبذ التوحيد وخيانة عهده وعهد أبيه مع الله، ونحن نجد تصوير هذه الواقعة في سفر الملوك الأول على النحو الآتي: "فذهب سليمان وراء عشتورث إلهة الصيدونيين، وملكوم رجس العمونيىن، وعمل سليمان الشر في عيني الرب، ولم يتبع الرب تماما كداود أبيه. حينئذ بنى سليمان مرتفعة لكموش رجس الموآبيين على الجبل الذي تجاه أورشليم، ولمولك رجس بني عمون. وهكذا فعل لجميع نسائه الغريبات اللواتي كن يوقدن ويذبحن لآلهتهن. فغضب الرب على سليمان؛ لأن قلبه مال عن الرب إله إسرائيل الذي تراءى له مرتين، وأوصاه في هذا الأمر ألا يتبع آلهة أخرى، فلم يحفظ ما أوصى به الرب". (الملوك الأول 11: 5 - 10)، وهكذا تحول نبي الله سليمان بن داود النبي ابن النبي الذي كان يدعو الناس إلى التوحيد، هو وجنوده من الجن والإنس والطير، إلى داعية للوثنية يبني لها المعابد والمذابح في الأماكن المرتفعة الواضحة.

ولكن القرآن يذكر سليمان بالخير ويبرئه تماما من تهمة الكفر هذه: )ووهبنا لداوود سليمان نعم العبد إنه أواب (30)( (ص)، وقال تعالى: )واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون (102)( (البقرة). ويقول الله تعالى: )وداوود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين (78) ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما( (الأنبياء).

وإذا كان هذا هو مستوى الأنبياء أو الصالحين القدوة الذين يكلمهم الله - حسب زعم التوراة - فمن الطبيعي أن يكون هذا هو حال الشعب، فالناس على دين ملوكهم، ولهذا نجد أن عامة بني إسرائيل يتورطون في عبادة الأوثان لأوهن الأسباب، ويستمرون مع ذلك سنوات طويلة إلى أن تكثر عليهم المصائب، ويحمى عليهم غضب الرب، "فسكن بنو إسرائيل في وسط الكنعانيين والحثيين والأموريين والفرزيين والحويين واليبوسيين، واتخذوا بناتهم لأنفسهم نساء، وأعطوا بناتهم لبنيهم وعبدوا آلهتهم. فعمل بنو إسرائيل الشر في عيني الرب، ونسوا الرب إلههم وعبدوا البعليم[9] والسواري. فحمي غضب الرب على إسرائيل، فباعهم بيد كوشان رشعتايم ملك أرام النهرين. فعبد بنو إسرائيل كوشان رشعتايم ثماني سنين". (القضاة 3: 5ـ8).

وفي النسيج العام للأسفار الخمسة الأساسية التي تشكل التوراة يبدو التساهل مع الأصنام أمرا عاديا في حياة أنبياء بني إسرائيل، فراحيل - زوجة نبي الله يعقوب - تسرق الأصنام (الآلهة) من لابان وتخفيها تحتها وتجلس عليها، وترفض أن تقوم من فوقها وقت البحث عنها بحجة أن عليها عادة النساء ولا تستطيع أن تقوم. ولابان يعتب على يعقوب أنه يريد الهرب دون وداعه، ولكن هذا لا يهمه، بل الذي يهمه هو: لماذا سرق منه آلهته؟

 وفي مقابل هذه الصور الرذيلة للأنبياء في التوارة نجد صورة حسنة سامية في القرآن الكريم ترفض كل ما ألحق بسيرتهم من نقائص ومخازي فهم عباد الله المصطفون الأخيار، جعلهم الله هداة للبشرية وأسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر: )أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين (90)( (الأنعام)، وقال أيضا: )وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين (73)( (الأنبياء).

وإذا ما تركنا الحديث عن الأنبياء والرسل وذهبنا إلى عقيدة التوراة في الإله، رأينا من النسيج العام للتوراة أيضا أن إله اليهود نفسه يهوه لا يشعر في حديثه أنه إله واحد فرد صمد، بل هو يطالب حتى في الوصايا العشر بألا يعبد إسرائيل آلهة أخرى: "لا يكن لك آلهة أخرى أمامي". (الخروج 20: 3)، "فإنك لا تسجد لإله آخر، لأن الرب اسمه غيور. إله غيور هو. احترز من أن تقطع عهدا مع سكان الأرض، فيزنون وراء آلهتهم ويذبحون لآلهتهم، فتدعى وتأكل من ذبيحتهم، وتأخذ من بناتهم لبنيك، فتزني بناتهم وراء آلهتهن، ويجعلن بنيك يزنون وراء آلهتهن". (الخروج 34: 14 - 16).

وحتى أزمنة قريبة جدا، بل حتى القرن العشرين، نسمع عبارات تتردد في التراث اليهودي مثل: آلهتك وآلهتهن.. ولم يقف الأمر عند هذا الحد بالنسبة إلى الذات الإلهية ومكانتها عبر العصور، بل تضمن العهد القديم حتى في أسفار التوراة الخمسة المعتمدة.. نعوتا بالغة الهبوط، ليس بالنسبة لله فحسب، بل بالنسبة للبشر الأسوياء، فضلا عن بشر في مستوى الأنبياء عليهم السلام.

إننا نجد في أسفار التوراة حديثا عن الله يجعله أقرب إلى البشرية والتجسيد منه إلى الألوهية والتنزيه.

ومن المعروف أن تشويه صورة الله وتشبيهه بالصفات البشرية الناقصة من شأنه أن يقضي على مكانة الألوهية، وأن يقضي على الشعور بعظمة الله وقدرته وتعاليه، واستحقاقه للعبادة، فإذا لم يكن الله إلها بحق منزها عن صفات النقص، والعجز، والنسبة، فكل شيء مباح في هذه الدنيا، إن التوراة تصف الله بالتعب والإجهاد، والشعور بالإرهاق، ولهذا فإنه يأخذ عطلة ليستريح من عمله.

لقد ورد في سفر التكوين النص التالي: "فأكملت السماوات والأرض وكل جندها. وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل. فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل. وبارك الله اليوم السابع وقدسه، لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقا ". (التكوين 2: 1 - 3).

والنص - كما نرى - واضح لا يقبل تأويلا، وكل تأويل له لا يخلو من تكلف وتعسف. كما وصفت التوراة الله بالجهل وعدم العلم بالوقائع، يذكر سفر التكوين أن آدم عندما أخطأ اختبأ من وجه الرب الإله: "فنادى الرب الإله آدم وقال له: «أين أنت»؟ فقال: «سمعت صوتك في الجنة فخشيت، لأني عريان فاختبأت». فقال: «من أعلمك أنك عريان؟ هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها»؟ فقال آدم: «المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت». فقال الرب الإله للمرأة: «ما هذا الذي فعلت»؟ فقالت المرأة: «الحية غرتني فأكلت»". (التكوين 3: 9ـ13).

فهل يليق أسلوب هذا الحوار بجلال الله؟ وهل يقبل مع هذا الأسلوب البعيد عن التنزيه والعلم المطلق اللائق بعظمة الله، أي تكلف في التأويل أو محاولة للتبرير؟ أوليس من الواجب بالنسبة لقضية الألوهية تنزيه الله عن هذا الأسلوب؟! وهذا الإله - كما تصوره التوراة - يتوتر ويقلق ويخشى على مستقبله من آدم بعد أن أكل من الشجرة، تقول التوراة: "وقال الرب الإله: «هوذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر. والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضا ويأكل ويحيا إلى الأبد». فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل الأرض التي أخذ منها". (التكوين3: 22، 23).

ولنلاحظ هنا لغة الجمع في الإله "كواحد منا" فهل هناك أكثر من إله؟!

إن حكايات العهد القديم وخيالاته السارحة، تنال من جلال الألوهية، ولا تبعث النفوس على إعظام لله ولا تهيب، وأين له - هذا القاع المعتم - مما حفل به القرآن الكريم من ترديد لأسماء الله الحسنى وأوصافه السنية؟ فنلاحظ أن سورة بني النضير - وتسمى سورة الحشر - ختمت بأكثر من عشرين اسما ووصفا لله الكبير المتعال، كأنها تذكر القوم "اليهود" بما نسوه، أو تعلمهم ما جهلوه، عن إله انتسبوا إليه، ولم يقدروا قدره، ولم يعرفوا حقه، يقول الله تعالى بعدما وبخ اليهود على غدرهم وفسقهم: )هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم (22) هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون (23)( (الحشر).

في هذه الآية الثانية تسعة أسماء وصفات زيادة عن سابقتها التي تضمنت خمسة أسماء وأوصاف: )هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم (24)( (الحشر).

وفي هذه الآية الثالثة إضافة سبعة أسماء وأوصاف أخرى يتآلف فيها الكمال الإلهي نورا على نور، أين من هذه القمة السامقة حديث التوراة عن إله جهول أكول يصارع عبدا له طول الليل؟! من أجل ذلك حدد الإسلام عقيدته الكبرى في كلمات قلائل واضحة حاسمة: )قل هو الله أحد (1) الله الصمد (2) لم يلد ولم يولد (3) ولم يكن له كفوا أحد (4)( (الإخلاص).

فالإسلام يرفض كل قول ينسب لله تجسيد أو تشبيها أو حلولا في أشياء وما إلى ذلك من أوهام وضلالات، كما يرفض كل حديث يصور الله تعالى وقد لحقت به عواطف الإنسان وانفعالاته وضعفه، فكل ذلك باطل الأباطيل.

وليس مهما أن يعج العهد القديم بهذه الصور التي لا تليق بالله، ففي كتب الوثنيين أكثر من هذا. لكن أن يقال: إن هذا كتاب مقدس موصول النسب بالله، فهذا ما يستحيل نقلا وعقلا، والأسوأ من ذلك أن تشل العقول أمامه وتغلق، ويبلغ الأمر برجل كالرئيس الأمريكي ريجان أن يرفعه بيديه ملوحا وقائلا: هذا الكتاب يجب أن يحكم العالم!! وللأسف فهذا ما يقع فعلا، وهذا ما يقود البشرية إلى الدمار"[10].

أي شبه - بعد هذا - يمكن أن يشتبه على عاقل بين "التوحيد" في صفائه ونقائه في الإسلام، وبين ما رسمته التوراة "المحرفة" من صورة للإله، وهي أقرب ما تكون إلى الوثنية، والجسدية، والبشرية؟!

هذه الصورة المغشوشة المزيفة الشركية، التي رسمتها هذه التوراة لمقام الألوهية، هي التي أثارت في هذا المقام تساؤلات استنكارية جمة في عقل الإمام "ابن القيم" حين تحدث عنها فقال: "وأما اليهود فقد حكى الله لك عن جهل أسلافهم، وغباوتهم وضلالهم ما يدل على ما وراءه من ظلمات الجهل، التي بعضها فوق بعض، ويكفي في ذلك عبادتهم العجل الذي صنعته أيديهم من ذهب، ومن عبادتهم أن جعلوه على صورة أبلد الحيوان، وأقله فطانة، الذي يضرب المثل به في قلة الفهم.

فانظر إلى هذه الجهالة والغباوة، كيف عبدوا مع الله إلها آخر، وقد شاهدوا من أدلة التوحيد وعظمة الرب وجلاله ما لم يشاهده سواهم؟! وإذ قد عزموا على اتخاذ إله دون الله اتخذوه، ونبيهم حي بين أظهرهم لم ينتظروا موته، وإذ قد فعلوا لم يتخذوه من الملائكة المقربين، ولا من الأحياء الناطقين، بل اتخذوه من الجمادات! وإذ قد فعلوا لم يتخذوه من الجواهر العلوية كالشمس، والقمر، والنجوم، بل من الجواهر الأرضية! وإذ قد فعلوا لم يتخذوه من الجواهر التي خلقت فوق الأرض عالية عليها كالجبال، ونحوها، بل من جواهر لا تكون إلا تحت الأرض والصخور والأحجار عالية عليها! وإذ قد فعلوا لم يتخذوه من جوهر يستغني عن الصنعة، وإدخال النار وتقليبه وجوها مختلفة وضربه بالحديد وسبكه، بل من جوهر يحتاج إلى نيل الأيدي له بضروب مختلفة وإدخاله النار وإحراقه واستخراج خبثه!، وإذ قد فعلوا لم يصوغوه على تمثال ملك كريم ولا نبي مرسل، ولا على جوهر علوي لا تناله الأيدي بل على تمثال حيوان أرضي! وإذ قد فعلوا لم يصوغوه على تمثال أشرف الحيوانات وأقواها وأشدها امتناعا من الضيم كالأسد، والفيل، ونحوهما، بل صاغوه على تمثال أبلد الحيوان، وأقبله للضيم والذل بحيث يحرث عليه الأرض ويسقى عليه بالسواقى، والدواليب، ولا له قوة يمتنع بها من كبير ولا صغير.

فأي معرفة لهؤلاء بمعبودهم ونبيهم وحقائق الموجودات؟

وحقيق بمن سأل نبيه أن يجعل له إلها فيعبد إلها مجهولا، بعدما شاهد تلك الآيات الباهرات، ألا يعرف حقيقة الإله ولا أسماءه، وصفاته، ونعوته، ودينه، ولا يعرف حقيقة المخلوق وحاجته وفقره.

ولو عرف هؤلاء معبودهم ورسولهم لما قالوا لنبيهم: )لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة( (البقرة: 55)، ولا قالوا له: )فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون (24)( (المائدة)، ولا قتلوا أنفسا، وطرحوا المقتول على أبواب البرآء من قتله، ونبيهم حي بين أظهرهم، وخبر السماء والوحي يأتيه صباحا ومساء، فكأنهم جوزوا أن يخفى هذا على الله كما يخفى على الناس!!

ولو عرفوا معبودهم لما قالوا في بعض مخاطباتهم له: "يا أبانا، انتبه من رقدتك، كم تنام" ولو عرفوا لما سارعوا إلى محاربة أنبيائه وقتلهم، وحبسهم، ونفيهم، ولما تحيلوا[11] على تحليل محارمه، وإسقاط فرائضه بأنواع الحيل.

ولقد شهدت التوراة بعدم فطانتهم وأنهم من الأغبياء، ولو عرفوا لما حجروا عليه بعقولهم الفاسدة، أن يأمر بالشيء في وقت لمصلحة ثم يزيل الأمر به في وقت آخر لحصول المصلحة، وتبدله بما هو خير، وينهى عنه ثم يبيحه في وقت آخر لاختلاف الأوقات والأحوال في المصالح والمفاسد، كما هو شاهد في أحكامه القدرية الكونية التي لا يتم نظام العالم ولا مصلحته إلا بتبديلها واختلافها بحسب الأحوال، والأوقات، والأماكن، فلو اعتمد طبيب ألا يغير الأدوية والأغذية بحسب اختلاف الزمان والأماكن والأحوال لأهلك الحرث والنسل، وعد من الجهال، فكيف يحجر على طبيب القلوب والأديان أن تتبدل أحكامه بحسب اختلاف المصالح؟! وهل ذلك إلا قدح في حكمته ورحمته وقدرته، وملكه التام وتدبيره لخلقه؟

ومن جهلهم بمعبودهم ورسوله وأمره، أنهم أمروا أن يدخلوا باب المدينة التي فتحها الله عليهم سجدا ويقولوا: حطة، فيدخلوا متواضعين لله سائلين منه أن يحط عنهم خطاياهم، فدخلوا يزحفون على أستاههم[12] بدل السجود لله، ويقولون: "هنطا سقمانا"؛ أي: حنطة سمراء، فذلك سجودهم وخشوعهم، وهذا استغفارهم واستقالتهم من ذنوبهم.

ومن جهلهم وغباوتهم، أن الله ـعز وجل - أراهم من آيات قدرته وعظيم سلطانه وصدق رسوله ما لا مزيد عليه، ثم أنزل عليهم بعد ذلك كتابه، وعهد إليهم فيه عهده، وأمرهم أن يأخذوه بقوة فيعبدوه بما فيه كما خلصهم من عبودية فرعون والقبط، فأبوا أن يقبلوا ذلك وامتنعوا منه، فنتق الجبل[13] العظيم فوق رءوسهم على قدرهم، وقيل لهم: إن لم تقبلوا أطبقته عليكم فقبلوه من تحت الجبل. قال ابن عباس: رفع الله الجبل فوق رءوسهم، وبعث نارا من قبل وجوههم، وأتاهم البحر من تحتهم، ونودوا: إن لم تقبلوا أرضختكم[14] بهذا، وأحرقتكم بهذا، وأغرقتكم بهذا، فقبلوه، وقالوا: سمعنا وأطعنا ولولا الجبل ما أطعناك، ولما آمنوا بعد ذلك قالوا: )سمعنا وعصينا( (البقرة: 93).

ومن جهلهم أنهم شاهدوا الآيات ورأوا العجائب التي يؤمن على بعضها البشر، ثم قالوا بعد ذلك: )لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة( (البقرة: 55)، وكان الله سبحانه قد أمر موسى أن يختار لميقاته: )واختار موسى قومه سبعين رجلا( (الأعراف:١٥٥) لميقاته، فاختارهم موسى وذهب بهم إلى الجبل، فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه عمود الغمام حتى تغشى الجبل، وقال للقوم: ادنوا، ودنا القوم حتى إذا دخلوا في الحجاب وقعوا سجدا، فسمعوا الرب تعالى وهو يكلم موسى، ويأمره وينهاه ويعهد إليه، فلما انكشف الغمام قالوا: )لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة( [15].

ولعله من اللطيف أن نختم الحديث في هذا الجانب بطرفة ساقها الشيخ منصور الرفاعي عبيد تحت عنوان "نكتة"، قال فيها: "شاعر الإسلام العظيم محمد إقبال لما سئل: لماذا نزلت الأديان السماوية، وبعث الله رسله وأنبياءه في آسيا، ولم يبعث أحد منهم في أوربا؟ فأجاب محمد إقبال: آسيا اختارها الله لتكون مكانا لتنزل رسالته، وترك أوربا للشيطان، فقال السائل: قد عرفنا رسل الله، فأين رسل الشيطان إلى أوربا؟ قال: اليهود.

إن اليهود هم هم، في كل زمان. وقد أساءوا الأدب دائما مع الله، عبدوا العجل، وقالوا عزير ابن الله، ثم قالوا: إن الله فقير ونحن أغنياء، وهذا اجتراء منهم وافتراء. لكن ماذا نقول لأولاد الأفاعي الذين عاشوا وأيديهم ملوثة بدماء الأنبياء، ثم هم تمردوا على موسى، واتهموا إبراهيم ـعليه السلام - من قبل. وعاشوا في كل أنواع الفساد. لذلك عندما سمعوا قول الله تعالى في آية نزلت في القرآن الكريم: )من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون (245)( (البقرة). ذهب اليهود إلى رسول الله ـصلى الله عليه وسلم - وقالوا له: يا محمد افتقر ربك فسأل عباده القرض، فأنزل الله سبحانه وتعالى: )لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق (181) ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد (182)( (آل عمران).

إن من اجترأ على قتل الأنبياء بغير حق، لم يستبعد منه أن يقول على الله أقوالا منكرة، لكن الحق ـعز وجل - أخبر بأنه سينتقم من المجرمين الظالمين الذين يفترون الكذب.

وعن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: دخل أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - بيت المدراس،[16] فوجد من اليهود أناسا كثيرا قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له "فنحاص"، وكان من علمائهم وأحبارهم، ومعه حبر يقال له "أشيع". فقال أبو بكر: ويحك يا فنحاص، اتق الله وأسلم، فوالله إنك لتعلم أن محمدا رسول الله، قد جاءكم بالحق من عنده، تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل، فقال فنحاص: والله يا أبا بكر، ما بنا إلى الله من فقر، وإنه إلينا لفقير، ما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا، وإنا عنه لأغنياء، ولو كان عنا غنيا ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم، ينهاكم عن الربا ويعطينا، ولو كان غنيا ما أعطانا الربا. فغضب أبو بكر - رضي الله عنه - فضرب وجه فنحاص ضربا شديدا، وقال: والذي نفسي بيده، لولا الذي بيننا وبينك من العهد لضربت عنقك يا عدو الله، فاكذبونا ما استطعتم إن كنتم صادقين. فذهب فنحاص إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أبصر ما صنع بي صاحبك. فقال صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: "ما حملك على ما صنعت"؟ فقال: يا رسول الله، إن عدو الله قد قال قولا عظيما، زعم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء، فلما قال ذلك غضبت لله مما قال، فضربت وجهه. فجحد ذلك فنحاص، وقال: ما قلت ذلك. فأنزل الله فيما قال فنحاص ردا عليه وتصديقا لأبي بكر: )لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء(.

وقوله: )سنكتب ما قالوا( تهديد ووعيد؛ ولهذا قرنه بقوله: )وقتلهم الأنبياء بغير حق( (آل عمران: ١٨١)؛ أي: هذا قولهم في الله، وهذه معاملتهم لرسل الله، وسيجزيهم الله على ذلك شر الجزاء؛ ولهذا قال: )ونقول ذوقوا عذاب الحريق (181) ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد (182)( (آل عمران)؛ أي: يقال لهم ذلك تقريعا وتحقيرا وتصغيرا[17].

هذا ما كان من أمر عقيدة التوحيد بين كتب الديانتين - الإسلام واليهودية - المقدسة. فماذا عن الجوانب الأخرى كالمعاملات والأخلاقيات؟

ثانيا. التشريع والأخلاق بين القرآن والتوراة والتلمود:

يشتهر عن اليهودية أنها - على عكس المسيحية الديانة الروحانية بالأساس - ديانة تشريعية اهتمت بالتشريع والتقنين لحياة اليهود، وهي بهذا أشبه بالإسلام، ولكن الفارق الجوهري في هذا الشأن، هو الاختلاف كما وكيفا بين الديانتين، بالإضافة إلى ما أصاب كتب اليهودية المقدسة من تحريف يجعل الاختلاف في هذا المجال واضحا والبون[18] شاسعا.

تحت عنوان "من صور التشريع في اليهودية" يحدثنا في هذا الجانب د. أحمد شلبي - رحمه الله - قائلا: "ينسب إلى موسى - عليه السلام - أنه أول من رسم لليهود السلطة التشريعية، ويذكر Hosmer أن موسى وضع أسس التشريع في التوراة، فأصبحت المرجع القانوني، كما أصبحت حجر الأساس لبناء الدولة اليهودية، ويذكر Weech أن موسى كان قائدا لبني إسرائيل، وكان بجانب ذلك مرشدا ومشرعا له.

ونقرر أن الأسفار الخمسة المسماة بالتوراة والموجودة الآن ليست مما أوحي إلى موسى، وليست من كتابته أو إملائه، بل هي من تأليف كتاب متأخرين، وأن الوصايا العشر أو بعضها هي ما تبقى لنا من توراة موسى، وما عدا هذه الوصايا من تشريعات فهو من صنع الكهنة والرهبان من اللاويين أبناء ليفى، الذين كان لهم الحق في وضع الأحكام للأمة العبرية، ولم يكن أحد غير هؤلاء يستطيع أن يقر القرابين بالطريقة الصحيحة، أو يفسر الطقوس، أو الأسرار الدينية تفسيرا آمنا من الخطأ. وهكذا وضع الكهنة والرهبان هذه التشريعات يقررون بها حقوقا لأنفسهم، وتقاليد لقومهم، وقد آن لنا أن نقتبس الوصايا العشر ثم نتبعها بحديث عن التشريع الذي وضعه الكهنة والرهبان.

من مطالعة أسفار موسى الخمسة يتضح لنا أن الوصايا العشر وردت في صيغتين: إحداهما أكثر اتصالا بالدين والعقيدة، وقد جاءت في الإصحاح الرابع والثلاثين من سفر الخروج، وفي الإصحاح الخامس من سفر التثنية، وهناك في الصيغتين توافق في بعض الوصايا، ثم اختلاف في البعض الآخر، فتتجه الصيغة الأولى للعقيدة وتهتم بالقرابين التي تقدم، والثانية للتقاليد والآداب.

ونص الصيغة الأولى كالآتي:

"احفظ ما أنا موصيك اليوم... لا تسجد لإله آخر، لأن الرب اسمه غيور... لا تصنع لنفسك آلهة مسبوكة... تحفظ عيد الفطير. سبعة أيام تأكل فطيرا كما أمرتك في وقت شهر أبيب، لأنك في شهر أبيب خرجت من مصر... لي كل فاتح رحم، وكل ما يولد ذكرا من مواشيك بكرا من ثور وشاة. وأما بكر الحمار فتفديه بشاة، وإن لم تفده تكسر عنقه. كل بكر من بنيك تفديه، ولا يظهروا أمامي فارغين... ستة أيام تعمل، وأما اليوم السابع فتستريح فيه... وتصنع لنفسك عيد الأسابيع أبكار حصاد الحنطة... وعيد الجمع في آخر السنة... لا تذبح على خمير دم ذبيحتي، ولا تبت إلى الغد ذبيحة عيد الفصح... أول أبكار أرضك تحضره إلى بيت الرب إلهك. لا تطبخ جديا بلبن أمه... ". (الخروج 34: 11 - 28).

ونص الصيغة الثانية كالآتي:

"أنا الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية. لا يكن لك آلهة أخرى أمامي. لا تصنع لك تمثالا منحوتا، ولا صورة ما مما في السماء من فوق، وما في الأرض من تحت، وما في الماء من تحت الأرض. لا تسجد لهن ولا تعبدهن، لأني أنا الرب إلهك إله غيور، أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضي، وأصنع إحسانا إلى ألوف من محبي وحافظي وصاياي. لا تنطق باسم الرب إلهك باطلا، لأن الرب لا يبرئ من نطق باسمه باطلا. اذكر يوم السبت لتقدسه. ستة أيام تعمل وتصنع جميع عملك، وأما اليوم السابع ففيه سبت للرب إلهك. لا تصنع عملا ما أنت وابنك وابنتك وعبدك وأمتك وبهيمتك ونزيلك الذي داخل أبوابك. لأن في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض والبحر وكل ما فيها، واستراح في اليوم السابع. لذلك بارك الرب يوم السبت وقدسه. أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الرب إلهك. لا تقتل. لا تزن. لا تسرق. لا تشهد على قريبك شهادة زور. لا تشته بيت قريبك... ". (الخروج 20: 3 - 17).

هذه هي الوصايا العشر في أسفارهم يلاحظ عليها اختلاط الحق بالباطل بسبب تدخل البشر فيها بالزيادة والنقصان عبثا وتحريفا واتباعا للأهواء، أما في القرآن الكريم فنجد تشريعات أخلاقية راقية محكمة في كل جوانب التشريع الإسلامي أساسها قاعدة: )إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون (90) وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون (91)( (النحل).

وقد جمع القرآن الكريم معظم التشريعات المبثوثة في تضاعيف التوراة والإنجيل في آيتين من آياته في قوله عز وجل: )قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون (151) ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون (152) وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون (153)( (الأنعام).

والقرآن الكريم يمتلئ بمثل هذه الأحكام والوصايا الأخلاقية الراقية التي تحض على التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل واتباع الهدى والصراط المستقيم.

وفي أسفار التوراة الموجودة بين أيدينا، يلاحظ ازدحام التشريعات في سفر الخروج واللاويين والعدد والتثنية، وفيما يلي نماذج من تشريعات سفر الخروج:

·  "من ضرب إنسانا فمات يقتل قتلا. ولكن الذي لم يتعمد، بل أوقع الله في يده، فأنا أجعل لك مكانا يهرب إليه... وإذا ضرب إنسان عبده أو أمته بالعصا فمات تحت يده ينتقم منه. لكن إن بقي يوما أو يومين لا ينتقم منه؛ لأنه ماله... وإذا نطح ثور رجلا أو امرأة فمات، يرجم الثور ولا يؤكل لحمه. وأما صاحب الثور فيكون بريئا. ولكن إن كان ثورا نطاحا من قبل، وقد أشهد على صاحبه ولم يضبطه، فقتل رجلا أو امرأة، فالثور يرجم وصاحبه أيضا يقتل". (الخروج 21: 12ـ 29).

·  "إذا سرق إنسان ثورا أو شاة فذبحه أو باعه، يعوض عن الثور بخمسة ثيران، وعن الشاة بأربعة من الغنم. إن وجد السارق وهو ينقب، فضرب ومات، فليس له دم. ولكن إن أشرقت عليه الشمس، فله دم". (الخروج 22: 1 - 3).

 وفي سفر اللاويين أحكام تتصل بالقرابين والطقوس والأعياد والنذور والمحرمات وكفارات الذنوب، وفيه كذلك شروح ضافية لمكانة اللاويين، وخيمة الاجتماع، والمحرمات في الزواج، والطعام الذي يحل والذي يحرم، ومن هذا السفر يمكن أن نقتبس بعض التشريعات:

·  "متى ولد بقر أو غنم أو معزى يكون سبعة أيام تحت أمه، ثم من اليوم الثامن فصاعدا يرضى به قربان وقود للرب". (اللاويين 22: 27).

·     "والأرض لا تباع ألبتة، لأن لي الأرض، وأنتم غرباء ونزلاء عندي". (اللاويين 25: 23).

وفي سفر العدد - بالإضافة إلى العد والإحصاء - توجد تشريعات حول نقاط كثيرة؛ منها ما سمى بـ "شريعة الغيرة واللعان والاعتراف". وقد ورد ذلك مفصلا في الإصحاح الخامس، وهناك تشريعات أخرى بهذا السفر نقتبس منها ما يلي:

·  "من مس ميتا يكون نجسا سبعة أيام. يتطهر به في اليوم الثالث، وفي اليوم السابع يكون طاهرا. وإن لم يتطهر في اليوم الثالث ففي اليوم السابع لا يكون طاهرا... هذه هي الشريعة: إذا مات إنسان في خيمة، فكل من دخل الخيمة، وكل من كان في الخيمة يكون نجسا سبعة أيام. وكل إناء مفتوح ليس عليه سداد بعصابة فإنه نجس". (العدد 19: 11ـ 15).

·  "وكلم موسى رءوس أسباط بني إسرائيل قائلا: «هذا ما أمر به الرب: إذا نذر رجل نذرا للرب، أو أقسم قسما أن يلزم نفسه بلازم، فلا ينقض كلامه. حسب كل ما خرج من فمه يفعل. وأما المرأة فإذا نذرت نذرا للرب والتزمت بلازم في بيت أبيها في صباها، وسمع أبوها نذرها واللازم الذي ألزمت نفسها به، فإن سكت أبوها لها، ثبتت كل نذورها. وكل لوازمها التي ألزمت نفسها بها تثبت. وإن نهاها أبوها يوم سمعه، فكل نذورها ولوازمها التي ألزمت نفسها بها لا تثبت". (العدد 30: 1 - 5).

 وفي سفر التثنية تكرار للتشريعات والتعاليم التي وردت في الأسفار السابقة، بالإضافة إلى تشريعات أخرى استحدثت فيه، وفيما يلي نماذج من تشريعات هذا السفر:

·  "احفظ شهر أبيب واعمل فصحا[19] للرب إلهك، لأنه في شهر أبيب أخرجك الرب إلهك من مصر ليلا. فتذبح الفصح للرب إلهك غنما وبقرا في المكان الذي يختاره الرب ليحل اسمه فيه. لا تأكل عليه خميرا. سبعة أيام تأكل عليه فطيرا، خبز المشقة، لأنك بعجلة خرجت من أرض مصر، لكي تذكر يوم خروجك من أرض مصر كل أيام حياتك". (التثنية 16: 1 - 3).

·  "لا يقوم شاهد واحد على إنسان في ذنب ما أو خطية ما من جميع الخطايا التي يخطئ بها. على فم شاهدين أو على فم ثلاثة شهود يقوم الأمر". (التثنية 19: 15).

هذا جانب من التشريعات التي تخص الجانب العقابي أو الجنائي في اليهودية، وكما هو واضح نجده لا ينضبط بقاعدة، أو يقوم على مقصد وهدف، فهي أحكام مضطربة مشوشة مشوهة عبثت بها أهواء البشر وأمزجتهم. أما في الإسلام فإن الشريعة الإسلامية قائمة كلها على حكم وعلل منضبطة بقواعدها ومقاصدها، لذلك فإنها احتوت على أفضل القوانين والتشريعات على مر التاريخ، التي كانت تهدف دائما إلى تحقيق العدالة والمساواة داخل المجتمع البشري؛ مما يؤدي إلى الأمن والطمأنينة والاستقرار.

ولكن المجال لا يتسع هنا لعرض جميع تشريعات الإسلام سواء في الجانب العقابي أو غيره فقد تم الحديث عن ذلك في أماكن أخرى من هذه الموسوعة وفيها الكفاية.

ونورد الآن نماذج لبعض التشريعات المتصلة بمسائل مهمة كموقف اليهودية من المرأة، ومن الرق والاعتراف ورأيها في الميراث، والمحرمات في الزواج وغيرها. وسيمكننا بعرض هذه المسائل أن نبرز المقارنة بين التشريعات في اليهودية والتشريعات في الإسلام:

1.    الاعتراف والتطهير:

 في الفكر اليهودي تكثر الخطايا، ففي كل شهوة من الشهوات تكمن الخطيئة، فالخطيئة تدنس المخطئ، والحيض والولادة كالخطيئة يدنسان المرأة، ويتطلبان تطهيرا ذا مراسم وتقاليد وتضحية وصلاة على يد الكهنة، والهبات والقرابين هي الوسيلة للتكفير عن الخطايا، على أن تقدم للكهنة بعد الاعتراف الكامل بما ارتكب الإنسان من إثم، وعلى هذا كان المجتمع اليهودي مجتمع خطايا، ومجتمع تكفير وغفران في نفس الوقت، حتى إن التاجر كان ولا يزال يطفف الكيل ويغش في الميزان، ثم يحاول التكفير عن ذنبه بالتضحية والصلاة.

وقد أورد سفر العدد صورة مفصلة للمرأة التي تريد أن يغفر لها وضرورة أن تذهب للكاهن، لتعترف عنده بخطيئتها، وذكر السفر أن الكاهن يوقفها أمام الرب، ويأخذ ماء مقدسا في إناء خزف، ويتلو عليه ترانيم وأدعية، ويطلب الكاهن من المرأة الاعتراف، فإن رفضت سقاها من هذا الماء الذي يسمى ماء اللعنة، وهددها بأن هذا الماء إذا دخل أحشاءها وهي مذنبة لم تعترف، ورم بطنها وسقط فخذها، وإذا اعترفت استطاع الكاهن أن يطهرها بالقرابين والهبات والأدعية؛ وهذه هي الفقرات التي تعبر عن هذا المعنى: "وكلم الرب موسى قائلا: «كلم بني إسرائيل وقل لهم: إذا زاغت امرأة رجل وخانته خيانة، واضطجع معها رجل اضطجاع زرع، وأخفى ذلك عن عيني رجلها، واستترت وهي نجسة وليس شاهد عليها، وهي لم تؤخذ، فاعتراه روح الغيرة وغار على امرأته وهي نجسة، أو اعتراه روح الغيرة وغار على امرأته وهي ليست نجسة، يأتي الرجل بامرأته إلى الكاهن، ويأتي بقربانها معها: عشر الإيفة من طحين شعير، لا يصب عليه زيتا ولا يجعل عليه لبانا، لأنه تقدمة غيرة، تقدمة تذكار تذكر ذنبا. فيقدمها الكاهن ويوقفها أمام الرب، ويأخذ الكاهن ماء مقدسا في إناء خزف، ويأخذ الكاهن من الغبار الذي في أرض المسكن ويجعل في الماء، ويوقف الكاهن المرأة أمام الرب، ويكشف رأس المرأة، ويجعل في يديها تقدمة التذكار التي هي تقدمة الغيرة، وفي يد الكاهن يكون ماء اللعنة المر. ويستحلف الكاهن المرأة ويقول لها: إن كان لم يضطجع معك رجل، وإن كنت لم تزيغي إلى نجاسة من تحت رجلك، فكوني بريئة من ماء اللعنة هذا المر. ولكن إن كنت قد زغت من تحت رجلك وتنجست، وجعل معك رجل غير رجلك مضجعه يستحلف الكاهن المرأة بحلف اللعنة، ويقول الكاهن للمرأة: يجعلك الرب لعنة وحلفا بين شعبك، بأن يجعل الرب فخذك ساقطة وبطنك وارما. ويدخل ماء اللعنة هذا في أحشائك لورم البطن، ولإسقاط الفخذ. فتقول المرأة: آمين، آمين. ويكتب الكاهن هذه اللعنات في الكتاب ثم يمحوها في الماء المر، ويسقي المرأة ماء اللعنة المر، فيدخل فيها ماء اللعنة للمرارة. ويأخذ الكاهن من يد المرأة تقدمة الغيرة، ويردد التقدمة أمام الرب ويقدمها إلى المذبح. ويقبض الكاهن من التقدمة تذكارها ويوقده على المذبح، وبعد ذلك يسقي المرأة الماء. ومتى سقاها الماء، فإن كانت قد تنجست وخانت رجلها، يدخل فيها ماء اللعنة للمرارة، فيرم بطنها وتسقط فخذها، فتصير المرأة لعنة في وسط شعبها. وإن لم تكن المرأة قد تنجست بل كانت طاهرة، تتبرأ وتحبل بزرع". (العدد 5: 11 - 28).

وإذا ما ذهبنا إلى نظام التطهير من الذنوب في الإسلام وجدنا نظاما آخر يختلف تماما عن هذا النظام الآسن[20] الذي لا يزيد الإنسان إلا خبالا ورجسا، بل يدفع الإنسان إلى الاستمرار في السيئات والفواحش، حيث لا يوجد في الإسلام واسطة بين العبد وربه، وليس فيه مراسم للتطهير، وإنما من أخطأ وارتكب إثما أو فعل منكرا عليه أن يتوب ويرجع إلى الله، ولا تقبل التوبة إلا بشروط، منها: الإقلاع عن الذنب وعدم الرجوع إليه، والندم على فعله، ورد الحقوق إلى أهلها، ثم الاستزادة من الحسنات التي تذهب السيئات، قال تعالى: )والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون (135)( (آل عمران)، وقال تعالى: )وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين (114)( (هود)، وقال تعالى: )إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما (17) وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما (18)( (النساء).

2.    الرق:

أباحت التوراة الاسترقاق بطريق الشراء، أو سبيا في الحرب، فجعلت للعبري - اليهودي - أن يستبعد العبري إذا افتقر، فيبيع الفقير نفسه للغني، أو يقدم المدين نفسه للدائن حتى يوفـي له الثمن، ويبقى عبدا له ست سنين ثم يتحرر، ففي سفر الخروج: "إذا اشتريت عبدا عبرانيا، فست سنين يخدم، وفي السابعة يخرج حرا مجانا". (الخروج 21: 2)، وإذا سرق العبري ماشية وذبحها، أو أي شيء استهلكه، ولم يكن في يده ما يعوض به صاحبه، يباع السارق بسرقته كما نصت التوراة على ذلك في سفر الخروج، وأباحت التوراة للعبري أن يبيع بنته فتكون أمة للعبري الذي يشتريها.

أما الاسترقاق سبيا في الحرب فهو أيسر ما ينزله اليهود بأعدائهم، وقد نص العهد القديم على ما يلي: "حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك. وإن لم تسالمك، بل عملت معك حربا، فحاصرها. وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف. وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة - كل غنيمتها - فتغتنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك". (التثنية 20: 10 - 14).

فأين هذا من التشريعات الإسلامية المنضبطة في مسألة الرق والاسترقاق وغيرها؛ إذ إن الإسلام حرص على تحرير الرقيق تدريجيا في المجتمعات؛ وذلك بتضييق روافده وتوسيع أبواب الخروج من الرق، فجعل عتق الرقاب كفارات لكثير من الذنوب كالقتل والظهار والحنث في القسم وغيرها... والأعظم من ذلك تلك الحقوق التي أعطاها الإسلام للرقيق على سادتهم من المعاملة الحسنة وتلبية حاجاتهم وضرورياتهم، وفي الحديث الصحيح: «إخوانكم خولكم[21]، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم»[22].

وهذه الحقوق التي أعطاها الإسلام للرقيق نابعة من نظرة الإسلام للناس كافة، التي لا تفرق بين غني وفقير أو عبد وسيد أو امرأة ورجل، فالكل عند الله سواسية، لا تميز إلا بالإيمان والعمل الصالح، قال عز وجل: )يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير (13)( (الحجرات).

3.    الميراث:

إذا نظرنا إلى نظام الإرث في التوراة فإننا نجد أن أول من يرث الميت ولده الذكر، وإذا تعدد الذكور الأولاد فللبكري حظ اثنين من إخوته، ولا فرق بين المولود بنكاح صحيح أو غير صحيح من الأولاد في المواريث، فيعطي لكل منهم نصيبه بصرف النظر عن النكاح الذي ولد منه، ولا يحرم البكري من امتيازه إذا كان من نكاح غير شرعي.

أما البنات فمن لم تبلغ منهن الثانية عشرة فلها النفقة والتربية حتى تبلغ هذه السن تماما، وليس لها شيء بعد ذلك، وإذا لم يكن للميت ولد ذكر فميراثه لابن ابنه، وإذا لم يكن له ابن انتقل الميراث إلى البنت فأولادها وهكذا. ويرى القراءون أن يكون للبنت نصيب مع الولد، سهمان للولد وسهم للبنت. وإذا لم تكن له ذرية فميراثه لأصوله، وأحق الأصول بميراث الميت أبوه، وله كل التركة، فإن لم يكن له أب فجده. وإذا لم يكن له أصول انتقل الميراث إلى درجات الأقارب الفرعية من الذكور، وإذا لم يكن للميت وارث من فروع أو أصول أو حواش، كانت أمواله مباحة يملكها أسبق الناس إلى حيازتها، وتظل وديعة في يد حائزها[23]مدة ثلاث سنوات، فإذا لم يظهر للميت وارث خلالها صارت ملكا لحائزها، وعند اختلاف الدين يرث اليهودي أقاربه من غير اليهود، ولا يرث الأقارب غير اليهود اليهودي.

أما الميراث في الإسلام فله نظام بديع في توزيع التركة وأهم ميزة تميز النظام الإسلامي عن غيره في هذا المجال أنه أبطل قاعدة: لا ترث البنات إلا عند فقد الذكور، المعمول بها في الشرائع السابقة، فأصبحت البنات يرثن في أبيهن المتوفـى، سواء ترك أبناء ذكورا أو لا، وترث الأم في ابنها المتوفى مع أبيه إن كان على قيد الحياة، أو كان قد توفـي، وترث الزوجة في زوجها المتوفى كما يرث الزوج زوجته المتوفاه.

فالميراث في الإسلام قائم على مبدأ العدالة وإعطاء كل ذي حق حقه، ويعتمد في توزيعه للإرث - حتى يحقق العدالة والمساواة - على جهة القرابة ودرجتها والعبء المالي، وليس على النوع، فلا تفاوت في الميراث حسب الذكورة والأنوثة، والمرأة في الإسلام لا ترث نصف الرجل إلا في أربع حالات، وترث في إحدى عشرة حالة مثل الرجل، وترث في أربع عشرة حالة أكثر من الرجل، وترث في خمس حالات ولا يرث نظيرها من الرجال، والحالات الأربع التي ترث فيها نصف الرجل ترجع إلى العبء المالي الذي يوجبه الإسلام على الرجل في مقابل معافاة المرأة من هذه الالتزامات.

ولكي نعرف دقة تشريع نظام الميراث في الإسلام نطالع الآيات التي وردت فيها أحكامه: )يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما (11) ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار وصية من الله والله عليم حليم (12)( (النساء).

وقال تعالى: )يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم (176)( (النساء).

هذه هي القواعد العامة في توزيع الميراث في الإسلام، ونجد أنها تختلف كلية عن نظام الإرث في التشريعات اليهودية والتشريعات الأخرى، ومن ثم فلا مجال للمقارنة بينهما.

4.    النكاح وتعدد الزوجات:

السن المفروضة لصحة التزوج في اليهودية هي الثالثة عشرة للرجل، والثانية عشرة للمرأة، ولكن يجوز نكاح من بدت عليه علامات بلوغ الحلم قبل هذه السن، ومن بلغ العشرين ولم يتزوج فقد استحق اللعنة، وتعدد الزوجات جائز شرعا بدون حد، ولم يرد بالتوراة ولا أحكام الأنبياء نهي عن تعدد الزوجات ولا عن تحديد عددهن، وعلى العكس من ذلك فقد ورد في التوراة ما يفيد تعدد الزوجات للأنبياء، ولغير الأنبياء. وحدد الربانيون الزوجات بأربع، وأطلقه القراءون.

 ويقول غوستاف لوبون: وكان مبدأ تعدد الزوجات شائعا كثيرا لدى بني إسرائيل على الدوام، وما كان القانون المدني أو الشرعي ليعارضه.

 وغير اليهود يعتبرون وثنيين في نظر اليهود، ومن أجل هذا لا يجيزون زواج اليهودي أو اليهودية من غير اليهود.

وعن المحرمات في الزواج تمنع الديانة اليهودية أن يتزوج الرجل من كانت زوجة لعمه، ومن كانت زوجة لأخيه إذا أنجبت منه، ولا تجعل اليهودية الرضاعة سببا للتحريم. وفيما يتعلق بزوجة الأخ المتوفـى فقد نصت التوراة على أنه إذا لم يكن للمتوفى ابن فلا تصير امرأة الميت إلى خارج لرجل أجنبي، بل يدخل عليها أخو زوجها ويتخذها لنفسه زوجة، والبكر الذي تلده يقوم باسم أخيه الميت، لئلا يمحى اسمه من إسرائيل، ولا يزال الربانيون يعملون بهذا التشريع. أما القراءون فيرون أن هذا التشريع قد نسخ من زمن ولا يزال منسوخا.

وبعض القرائين يحرمون امرأة زوج الأخت، فإذا تزوج زوج الأخت زوجة أخرى ثم طلقها، أو مات عنها فإنها تكون محرمة على إخوة ضرتها، وبعضهم يجعل الزوج والزوجة كشخص واحد، ويجرون التحريم على هذا الأساس، ومعنى هذا أنه يحرم على الزوجة ما يحرم على زوجها لو قدر زوجها امرأة، أي أنها يحرم عليها أخوه وعمه وخاله وابنه.

5.    المرأة:

وقد ورد بالعهد القديم عن المرأة ما يلي:

"درت أنا وقلبي لأعلم ولأبحث ولأطلب حكمة وعقلا، ولأعرف الشر أنه جهالة، والحماقة أنها جنون. فوجدت أمر من الموت: المرأة التي هي شباك، وقلبها أشراك، ويداها قيود. الصالح قدام الله ينجو منها. أما الخاطئ فيؤخذ بها ". (الجامعة 7: 25، 26).

والزواج في اليهودية صفقة شراء تعد المرأة به مملوكة، وتشترى من أبيها فيكون زوجها سيدها المطلق، ويتم الزواج إذا باركه أحد الكهنة، وقدم الرجل للمرأة خاتما، أو هدية أخرى لها قيمة في حضور شاهدين على الأقل، ويعتبر ذلك عقدا، وإذا حضر العقد عشرة رجال فأكثر أتبع العقد بصلوات وأدعية يشترك فيها الجميع. ومن تقاليد الفكر اليهودي أن الرجل إذا تزوج لا يلتحق بالجيش، ولا يرتبط بأعمال تبعده عن زوجته مدة عام، فشهر العسل في الفكر اليهودي عام كامل.

والمرأة المتزوجة كالقاصر والصبي والمجنون، لا يجوز لها البيع أو الشراء، وينص الفكر اليهودي على أن جميع مال المرأة ملك زوجها، وليس لها سوى ما فرض لها من مؤخر الصداق في عقد الزواج، تطالب به بعد موته، أو عند الطلاق منه، وعلى هذا فكل ما دخلت به من مال، وكل ما تلقطه وتكسبه من سعي وعمل، وكل ما يهدى في عرسها، ملك حلال لزوجها، يتصرف فيه كيف شاء بدون معارض ولا منازع.

وبالنسبة لكثرة ما شوهد من وقوع الشقاق والفرقة بين الأزواج، فقد استقر رأي السادة على وجوب الأخذ بمشروع "وقف الزوجية" ومعنى وقف الزوجية أن توقف أموال الزوجة، ويصير الزوج قيما عليها يستغلها، دون أن يبيعها أو يرهنها، فتصبح الزوجة بذلك مالكة لرقبة الأموال، والزوج مالكا للمنفعة، فإذا حصلت الفرقة عادت الثروة للزوجة "[24].

وإذا كانت المرأة في اليهودية تباع وتشترى، وهي المسئولة عن الخطيئة الأولى، وتعامل معاملة الصبي القاصر أو المجنون، وتملك هي ومالها لزوجها، فإن هذه النظرة الدونية للمرأة قد رفضها الإسلام، وأعطاها حقوقا لم تكن المرأة نفسها تحلم بها، بل إن الإسلام سوى بين الرجل والمرأة في سائر الحقوق والواجبات إلا في بعض الأحكام القليلة، وأعطاها حرية اختيار زوجها ونهى عن إكراهها في النكاح، وأعطاها حق تملك المال والتصرف فيه بحريتها دون وصاية من أحد، وجعل لها حق المشاركة في الأمور العامة والسياسة كالبيعة والحسبة وغيرها، حتى في أمور العبادات والطاعات لم يفرق الإسلام بين الرجل والمرأة إلا في بعض الأحكام القليلة: )ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا (124)( (النساء).

وقد كرم الإسلام المرأة في جميع أحوالها: بنتا وأما وأختا وزوجة ورحما، كرمها أما وجعل حقوقها أضعاف حقوق الأب: )ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين (15)( (الأحقاف).

وجاء رجل إلى رسول الله ـصلى الله عليه وسلم ـفقال: «يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "ثم أمك"، قال: ثم من؟ قال: "ثم أمك"، قال: ثم من؟ قال: "ثم أبوك»[25].

وكرمها زوجة جعل نفقتها وكسوتها وطعامها وشرابها على زوجها، وجعل أساس الزواج المودة والرحمة والسكن وليس مجرد التمتع والشهوة كما في غير الإسلام من أديان، وكرمها بنتا وجعل الجنة جزاء تربيتها ورعايتها.

والكلام في مجال تكريم الإسلام للمرأة لا يتسع له هذا المقام وقد تقدم في مجلد المرأة والأسرة ما فيه الكفاية[26].

6.    الأخلاق اليهودية:

هذا عن جانب التشريع الذي لعله ظهر للقارئ من عرض بعض ملامحه، الفارق الواضح بين التشريع الإسلامي الرباني، وبين تشريع التوراة والتلمود، الذي طالته يد التحريف والتزييف؛ فحفل بالمتناقضات والغرائب. فماذا عن الجانب الأخلاقي، لا شك أن الملم ببعض المضامين في الجانبين والروح السائدة فيهما، سوف يتوقع أن الاختلاف بين القرآن وبين التوراة والتلمود سيكون أوضح والفارق أبين في الجانب الأخلاقي والإنساني.

في هذا المجال، وتحت عنوان "نظرة اليهود إلى باقي الأمم على أنهم كلاب وحمير وخنازير" كتب د. محمد عبد الله الشرقاوي يقول: "جاء في التلمود، أن الإسرائيلي معتبر عند الله أكثر من الملائكة، فإذا ضرب أمي إسرائيليا فكأنه ضرب العزة الإلهية، ويعتقد اليهود فيما سطره لهم حاخاماتهم - أن اليهودي جزء من الله، كما أن الابن جزء من أبيه، ولذلك ذكر في التلمود أنه إذا ضرب أمي إسرائيليا فالأمي يستحق الموت، وأنه إذا لم يخلق اليهود، لانعدمت البركة من الأرض، ولما خلقت الأمطار والشمس، ولما أمكن باقي المخلوقات أن تعيش، والفرق بين درجة الإنسان والحيوان هو بقدر الفرق الموجود بين اليهود وباقي الشعوب، وجاء في تلمود أورشليم أن النطفة المخلوق منها باقي الشعوب الخارجين عن الديانة اليهودية هي نطفة حصان... ويعتبر التلمود أيضا الأجانب كلابا، وفي سفر الخروج (12، 16) أن الأعياد المقدسة لم تجعل للأجانب ولا للكلاب... وذكر في كتب أخرى: أن الكلب أفضل من الأجانب؛ لأنه مصرح لليهودي في الأعياد أن يطعم الكلب، وليس له أن يطعم الأجانب، وغير مصرح له أن يعطيهم لحما، بل يعطيه للكلب؛ لأنه أفضل منهم.

والأمم الخارجة عن دين اليهود ليست فقط كلابا بل حميرا أيضا. وقال الحاخام "أباربانيل": الشعب المختار فقط يستحق الحياة الأبدية، وأما باقي الشعوب فمثلهم كمثل الحمير.. فالخارج عن دين اليهود حيوان على العموم، فسمه كلبا، أو حمارا، أو خنزيرا. والنطفة التي هو منها هي نطفة حيوان.. فبناء على هذه القواعد لا يعتبر اليهود باقي الأمم أقارب لهم؛ لأنه لا يمكن اعتبار الحيوان قريبا للإنسان.

ويعتبر اليهودي الوثني الذي لا يتهود والمسيحي الذي على دين المسيح كلاهما عدو الله وعدوهم، كما يعتبر اليهود كل خارج عن مذهبهم غير إنسان، ولا يصح أن نستعمل معه الرأفة، ويعتقدون أن غضب الله موجه إليه، وأنه لا يلزم أن تأخذ اليهود شفقة به.

وجائز لبني إسرائيل على حسب تعاليم التلمود أن يغشوا الكفار؛ لأنه يقول: يلزم أن تكون طاهرا مع الطاهرين، ودنسا مع الدنسين، ومحظور على اليهود - حسب التلمود - أن يحيوا الكفار بالسلام، ما لم يخشوا ضررهم أو عداوتهم، فاستنتج الحاخام بشاي من ذلك أن النفاق جائز، وأن الإنسان - أي اليهودي - يمكنه أن يكون مؤدبا مع الكافر، ويدعي محبته كذبا إذا خاف أن يؤذيه. وذكر التلمود أنه جائز استعمال النفاق مع الكفار، والكفار هم كل الخارجين عن الدين اليهودي[27].

وفي مقابل هذه النظرة العنصرية البغيضة في اليهودية نجد أن أعظم ما امتاز به الإسلام وشرائعه - هو تكريم الإنسان عموما دون النظر إلى جنسه أو لونه أو دينه قال تعالى: )ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا (70)( (الإسراء)، وكذلك فإن الناس سواسية لا فرق بينهم لدين أو جنس أو عنصر )يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير (13)( (الحجرات)، وفي الحديث: «أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى»[28].

وهذه الأمم والشعوب على تنوع دياناتها ومللها وثقافتها وحاضاراتها - كان العدل هو معيار النظرة القرآنية وروح الحضارة الإسلامية والسماحة أساس التعامل مع كل الفرقاء المختلفين.

قال تعالى: )يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون (8)( (المائدة)، وقال تعالى)فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين (194)( (البقرة)، وقال تعالى: )وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين (126)( (النحل).

والنصوص التي تبين سماحة الإسلام وعدالته وإنصافه لكل المخالفين أكثر من أن تحصى ولا يسع المجال لسردها، وقد سبق تفصيلها في أماكن أخرى من هذه الموسوعة وفيها الكفاية[29].

وفي أحد أعياد اليهود - وهو عيد الفصح - يأمر التلمود بذبح الآدميين من غير بني إسرائيل وتقديمهم قربانا لآلهتهم، ومزج دمائهم بعجين الفطائر المقدسة التي يتناولونها في أعيادهم وأفراحهم الدينية، ويستنزف اليهود دم ضحاياهم بطرق كثيرة منها ما يسمى "البرميل الإبرى" وهو برميل يثبتون على جانبه من الداخل إبرا حادة توضع فيها الضحية حية، فتغرز هذه الإبر في جسمها حتى يسيل الدم ببطء من مختلف أعضائها، وتظل كذلك في عذاب أليم حتى تفارقها روحها، بينما يكون اليهود الملتفون حول هذا البرميل في نشوة تامة؛ لما يبعث هذا المنظر في نفوسهم من لذة وسرور، وينحدر الدم إلى قاع البرميل، ثم يصب في إناء معد لجمعه، وأحيانا تقطع شرايين الضحية من عدة مواضع ليتدفق الدم من جروحها، وأحيانا يذبح الضحية كما تذبح الشاة، ويؤخذ دمها وبعد أن يجتمع الدم يقدم للحاخام أو الكاهن، لإعداد الفطائر المقدسة.

واليهود لا يشمئزون من مزاولة هذه الجريمة البشعة حتى في العصر الحاضر، لو تمكنوا من ذلك، وخاصة بعد إقامة دولتهم غير الشرعية على أرض فلسطين الإسلامية.

بل أكثر من هذا لقد جاء في التلمود أنه: "محرم على اليهودي أن ينجي أحدا من الأميين من هلاك أو يخرجه من حفرة يقع فيها، بل إذا رأى أحد الأميين يقع في حفرة لزمه أن يسدها بحجر"؛ لأن السكان الذين كانوا في أرض كنعان وقضت التوراة المزعومة بقتلهم جميعا لم يقتلوا عن آخرهم، بل هرب بعضهم واختلط بباقي أمم الأرض، ولذلك يلزم قتل غير اليهودي لاحتمال أن يكون من هؤلاء الهاربين"[30].

ثالثا. بين أسلوب القرآن وأسلوب التوراة:

تتمة هذه المزاعم أن هناك تشابها بين أسلوبي القرآن والتوراة، مع أن المتصفح للكتابين - ولو متعجلا - يدرك بيسر وبداهة الفرق بين الأسلوب القرآني البليغ البديع الفصيح، عالي المستوى قوة وجزالة، ووضوحا ودقة، وبين أسلوب التوراة الركيك - في معظمه - الهزيل، مفكك البنية غامض المعنى في أحيان كثيرة، لا تستشعر فيه جلال الأسلوب القرآني وبلاغته المهيبة.

يقول د. الجديع: " يعسر أن تحد وجوه الإعجاز في القرآن العظيم، فكل شيء منه لا نظير له، فهو باهر في ألفاظه وأسلوبه، في تأليفه ونظمه، في بيانه وبلاغته، في تشريعه وحكمه التي حيرت الألباب، في أنبائه وأخباره، في تاريخه وحفظه في علومه التي لا تنقطع ولا تقف عند غاية.

ومن أنواع الإعجاز القرآني: الإعجاز اللغوي: هذا النوع هو أبرز ما تحدى به القرآن العرب في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو التحدي في أبرز خصائصهم، فمع أنه بلسانهم، وأتى بما لا يخرج عن وجوه فصاحتهم، وأساليب بيانهم، وهم يومئذ في الذروة في ذلك نثرا ونظما. لكنهم عجزوا عن معارضته ولو بسورة من مثله، فصاروا يتخبطون، فتارة يقولون "هو شعر" وتارة "قول كاهن" وتارة "أساطير الأولين" لا يثبتون على شيء؛ لأنهم يعلمون أنه ليس كما يقولون، وما كانوا ليغفلوا عن صفة الشعر ولا صيغة النثر، وهم أهل ذلك وعباقرته، وإنما شأنهم شأن من قال الله فيهم: )فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين (13) وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين (14)( (النمل).

 ثم إن هذا القرآن قد اشتمل من القاموس العربي على أحسن الكلمات وأفصحها، )الله نزل أحسن الحديث( (الزمر: 23)، أما في تركيب جمله وتناسق عباراته، ومقاطع آياته، فهو الفرد الذي لا نظير له، )كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون (3)( (فصلت)، )ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون (27) قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون (28)( (الزمر).

فكم ترى يكون في الكلام من المعاني، أو البيان، أو البديع، فإن القرآن في ذروة ذلك، بل به عرف كل ذلك، فما وضعت علوم البلاغة إلا بسببه طريقا إلى فهمه، وإبرازا لعظيم قدره، وتأصيلا ليبنى سائر الكلام على قاعدته ونهجه.

وأهل التفسير في القديم والحديث، يراعون هذه الخصوصية للقرآن، فلم يتكلم أحد في تفسير هذا الكتاب، وبيان دلائله ومعانيه من لدن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وإلى اليوم، إلا وهو يراعي الجوانب البلاغية فيه، وأسرار ذلك لا تنتهي، ولن تنتهي: )ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا (82)( (النساء)[31].

فأين هذه البلاغة وتلك الفصاحة في أسلوب التوارة، ولغتها أشبه ما يكون بلغة الأطفال، حيث الجمل التي لا رابط بينها، والتكرار المعيب، والحشر والإقحام؟!

إن التوارة - بوضعها الحالي - يعود تاريخها إلى سنة 90 قبل الميلاد بعد وفاة موسى - عليه السلام - بمئات السنين فكيف يمكن الوثوق بها؟!

هذا بالإضافة إلى السطحية والخرافات والأباطيل التي تطفح بها هذه الأسفار وكل ذلك يؤكد عدم ارتباطها بالوحي الإلهي.

وقد اعترف كثير من الدارسين والباحثين بهذه الحقيقة؛ لأن التناقضات وعدم التجانس المعهود في نصوص التوراة تؤكد حقيقة أن الأناجيل تحتوي على فصول ومقاطع ما هي إلا النتاج الوحيد للخيال البشري، فقد جاءت من خلال فكر الكنيسة وآراء المؤلفين يقول جراهام سكروجي: نعم إن الكتاب المقدس بشري، هذه الكتب المقدسة قد مرت عبر عقول الناس، وهي مكتوبة بلغة الناس، وخطت بأقلام الناس وأيديهم تحمل في أساليبها خصائص البشر".

بعد هذا العرض المسهب، لا شك أنه قد اتضح للعيان الفارق الظاهر بين القرآن من ناحية، وبين التوراة والتلمود من ناحية، مضمونا - عقيدة وتقنينا وأخلاقا - وأسلوبا، فارق ما بين الإلهي الرباني وبين البشري الإنساني.

الخلاصة:

·   بما أن اليهودية والإسلام ديانتان سماويتان؛ فمن الطبيعي أن تكونا ديانتين توحيديتين، إلا أن القرآن - المحفوظ بأمر الله - قد ظل كتابا توحيديا خالصا، بينما شوهت يد التحريف والتزييف هذه العقيدة في التوراة فجعلتها أقرب إلى التجسيدية الوثنية.

·   التوحيد في الإسلام ينزه الله تعالى عن الشرك وعما لا يليق به - سبحانه وتعالى - من صفات وينعته بنعوت الكمال وصفات الجلال فهو الذي لا إله إلا هو الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، وهو المعبود بحق ولا معبود سواه، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، أما في اليهودية فقد تأثر اليهود بالمجتمعات الوثنية كالمجتمع البابلي أثناء الأسر البابلي وتأثروا بالديانة الزرادشتية وما بها من عقائد وأفكار، بل أخذوا معظم عقائدهم في الإلهيات وغيرها كالجن والشياطين من هذه المجتمعات الوثنية، فهم يصفون الله بصفات النقص والعجز مثله مثل البشر يعتريه التعب والإرهاق والخوف والجهل وغيرها مما لا يليق بالذات العلية؛ فأدى ذلك إلى تشويه صورة الله عند اليهوديين وقضى على مكانة الألوهية والشعور بعظمة الله وقدرته وتعاليه واستحقاقه للعبادة.

·   الجانب التشريعي في الإسلام متعاظم دقيق منطقي متلائم مع الطبيعة البشرية، بينما هو في اليهودية، في كثير من الأحيان، غريب الأحكام متناقض قاس غير واقعي، غير ملائم للطبيعة الإنسانية؛ إذ إنها من صنع الكهنة والرهبان من اللاويين أبناء ليفى الذين كان لهم الحق في وضع الأحكام للأمة العبرية، وذلك بشهادة المنصفين من الدارسين الذين شهدوا بأن هذه التشريعات جاءت من وضع الكهنة والرهبان يقررون بها حقا لأنفسهم وتقاليد لقومهم حسب أهوائهم وأغراضهم الشخصية.

·         الجانب الأخلاقي في القرآن إنساني خالد راق، بينما هو في الناحية الأخرى عنصري حاقد، وحشي فاسد.

·   كذا الأسلوب القرآني في فصاحته وبلاغته، يشعرك بجلال الألوهية، وتسري فيه الهيبة الربانية، بينما الأسلوب في التوراة والتلمود بشري متهافت مفكك لا يرقى إلى حد البلاغة والفصاحة البشرية، فضلا عن أن يكون منزلا من عند الله تعالى.

·   لقد شهد العلماء الدارسون للأديان والعاملون في مقارنتها بأن القرآن الكريم - وهو مصدر التشريع الأول في الإسلام - محفوظ ومصون كما أنزل من عند الله تعالى، بينما اعترف جميع الدارسين ومعظمهم من غير المسلمين بأن الأسفار الخمسة المسماة بالتوراة الموجودة الآن ليست مما أوحي إلى موسى - عليه السلام - وليست من كتابته أو إملائه؛ بل هي من تأليف كتاب متأخرين، وهم بالطبع غير معصومين فزادوا فيها وانتقصوا منها وحرفوا وغيروا وبدلوا.

 

 



(*) قصة الحضارة، ول ديورانت، ترجمة: محمد بدران، دار الجيل، بيروت، 1418هـ/ 1998م. الإسلام والغرب، روم لاندو، ترجمة: منير البعلبكي، دار العلم للملايين، بيروت، 1962م. الأديان في القرآن، محمد بن الشريف، دار المعارف، القاهرة، ط3. الرد على المشكل، سيد أحمد محسب مرسي، المكتبة الثقافية، بيروت، ط1، 1408هـ/ 1988م.

[1]. طمستها: أزالت معالمها وغيرتها وبدلتها.

[2]. اختلط الحابل بالنابل والغث بالسمين: أي اضطربت الأمور.

[3]. الزرادشتية: ديانة فارسية قديمة تقوم على عبادة وثنية في إطار من الصراع بين قوى النور وقوى الظلام، تنسب إلى زرادشت الذي ادعى النبوة، وقال بواحدنية الله، وأنه خالق النور والظلمة، وأن الخير والشر والصلاح والفساد إنما حصل بامتزاجها لحكمة رآها في التركيب، وقد جاءهم بكتاب سماه (الأوفستا)، زعم أنه نزل عليه من السماء، وقد دعا فيه إلى عبادة النار؛ لأنها تمثل رمز الخير.

[4]. يعزي: ينسب.

[5]. الأقراط: جمع قرط، وهو ما يعلق في شحمة الأذن من در أو ذهب أو فضة أو نحوها.

[6]. الإزميل: آلة من حديد أحد طرفيها حاد ينقر بها الحجر والخشب، أو تزال بها الزوائد من المصنوعات الخشبية.

[7]. المسبوك: يقال: سبك المعدن: إذا أذابه وخلصه من الخبث، ثم أفرغه في قالب.

[8]. المشينة: المعيبة.

[9]. البعليم: جمع بعل، وهو بمعنى إله عند اليهود.

[10]. الفكر اليهودي بين تأجيج الصراعات وتدمير الحضارات، د. عبد الحليم عويس، مركز الإعلام العربي، القاهرة، ط1، 2003م، ص9 وما بعدها.

[11]. تحيلوا: استخدموا الحيلة والخداع.

[12]. الأستاه: الأعجاز.

[13]. نتق الجبل: ارتفع من مكانه ليسقط في مكان آخر.

[14]. أرضختكم: المقصود بها أسقط عليكم الجبل.

[15]. هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى، ابن قيم الجوزية، تحقيق: أحمد حجازي السقا، دار الريان للتراث، القاهرة، 1979م، ص369 وما بعدها.

[16]. بيت المدراس: هو البيت الذي يدرس فيه اليهود كتبهم.

[17]. القرآن واليهود، منصور الرفاعي عبيد، مركز الكتاب للنشر، القاهرة، ط1، 2003م، ص58: 60.

[18]. البون: المسافة بين الشيئين.

[19]. الفصح من الأيام: الصحو الذي لا غيم فيه ولا برد، وعند اليهود: عيد ذكرى خروجهم من مصر، وعند المسيحيين: عيد ذكرى قيامة السيد المسيح من الموت في اعتقادهم، ويعرف بالعيد الكبير.

[20]. الآسن: الفاسد.

[21]. خولكم: عهدتكم، أي أمانة في أعناقكم.

[22]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب المعاصي من أمر الجاهلية ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا الشرك (30)، وفي موضع آخر، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب إطعام المملوك مما يأكل، وإلباسه مما يلبس، ولا يكلفه ما يغلبه (4405).

[23]. الحائز: المالك.

[24]. اليهودية، د. أحمد شلبي، النهضة المصرية، القاهرة، ط12، 1997م، ص291 وما بعدها.

[25]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب من أحق الناس بحسن الصحبة (5626)، ومسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والأدب، باب بر الوالدين وأنهما أحق به (6664).

[26]. لمزيد من التفصيل انظر مجلدي: قضايا المرأة، وأحكام الأسرة من هذه الموسوعة.

[27]. الكنز المرصود في فضائح اليهود، د. محمد عبد الله الشرقاوي، دار عمران، القاهرة، ط1، 1993م، ص200 وما بعدها.

[28]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم(23536)، والطبراني في الأوسط، باب العين، باب من اسمه عبد الرحمن (4749)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2700).

[29]. للمزيد يرجى مراجعة مجلدي: أصالة التشريع الإسلامي، والنظم الحضارية من هذه الموسوعة.

[30]. دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند، د. محمد الأعظمي، مكتبة الرشد، الرياض، ط1، 1422هـ/ 2001م، ص242: 244.

[31]. المقدمات الأساسية في علوم القرآن، عبد الله بن يوسف الجديع، مؤسسة الريان، بيروت، ط3، 1427هـ/ 2006م، ص17: 21 بتصرف.

read women who cheat on husband want my wife to cheat
wives that cheat link read here
click here unfaithful spouse women cheat husband
click here unfaithful spouse women cheat husband
signs of a cheater why women cheat website
my husband cheated married looking to cheat open
why do wife cheat on husband dating for married men reasons why married men cheat
website wifes cheat redirect
dating a married woman cheat on my wife i cheated on my husband
read here my husband cheated on me why women cheat on men
مواضيع ذات ارتباط

أضف تعليقا
عنوان التعليق 
نص التعليق 
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء كاتبيها فقط ولا تعبر عن الموقع
 
 
 
  
المتواجدون الآن
  4818
إجمالي عدد الزوار
  38497302

الرئيسية

من نحن

ميثاق موقع البيان

خريطة موقع البيان

اقتراحات وشكاوي


أخى المسلم: يمكنك الأستفادة بمحتويات موقع بيان الإسلام لأغراض غير تجارية بشرط الإشارة لرابط الموقع