توهم تناقض القرآن بشأن القاسطين والمقسطين(*)
مضمون الشبهة:
يتوهم بعض المغرضين أن هناك تناقضا بين قوله سبحانه وتعالى: )إن الله يحب المقسطين (42)( (المائدة)، وقوله سبحانه وتعالى: )وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا (15)( (الجن)، ويتساءلون: كيف أن الله - عز وجل - يصرح بحبه للمقسطين في الموضع الأول، ثم يجعلهم حطبا لجهنم في الموضع الثاني؟! مستدلين بهذا الفهم الخاطئ على وقوع التناقض في القرآن، وأنه من صنع البشر وليس كتابا إلهيا.
وجه إبطال الشبهة:
ليس بين الآيتين أدنى تناقض؛ لأن الكلمتين متضادتان؛ إذ إن:
· المقسط في الموضع الأول معناه: العادل.
· القاسط في الموضع الثاني معناه: الجائر والظالم.
التفصيل:
ليس بين الآيتين أدنى تناقض؛ لأن الكلمتين متضادتان:
الذي يفقه اللغة أو يعرف معاني مفرداتها ومشتقاتها يستطيع - بقليل جهد - أن يفند هذا الزعم الباطل، الذي إن دل على شيء فإنما يدل على معرفة قائله السطحية باللغة ومعانيها، ويمكن تفنيد هذا الزعم بالآتي:
1. المقسط في الموضع الأول معناه: العادل:
ورد في "المعجم الوسيط" أن المقسط: اسم فاعل من الفعل "أقسط"، أي: عدل، ويقال: أقسط في حكمه أي: عدل في حكمه، وأقسط بينهم وإليهم: عدل في القسمة والحكم، فهو "مقسط" جمعه مقسطون"، وجاء في التنزيل: )فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا( (الحجرات: ٩).
2. القاسط في الموضع الثاني معناه: الجائر الظالم:
وورد في "المعجم الوسيط" أيضا أن القاسط: اسم فاعل من الفعل "قسط"، أي: جار وعدل عن الحق، فهو "قاسط"، وهم "قاسطون"[1].
وبهذا البيان اتضح لنا أن الكلمتين بينهما تضاد في المعنى، فالمقسط هو العادل، أما القاسط فهو الجائر الظالم الذي يعدل عن الحق، وبهذا الفهم ينتفي الزعم القائل بالتناقض بين الموضعين.
الخلاصة:
ليس هناك أي وجه للتناقض بين الموضعين، فالموضع الأول يتحدث عن العادلين، فأولئك يحبهم الله تعالى، والآخر يتحدث عن الجائرين الظالمين، وأولئك يجعلهم الله حطبا لجهنم.
(*) أسئلة عن الإيمان، قناة الحياة. البيان في درء التعارض المتوهم بين آيات القرآن، د. عاطف المليجي، مكتبة اقرأ، القاهرة، ط1، 2004م. هل القرآن معصوم؟ عبد الله عبد الفادي، موقع إسلاميات.