اسم المقالة:
واقع مر
المؤلف:
محمد كمال الباز
واقع مر
كتب – محمد كمال الباز
جريدة الفتح –
الجمعة 3 / 5 / 2013
حدثنى أحد إخوانى أنه حين بدأ الدعوة فى قريته فى أوائل الثمانينيات، وهى قرية تبعد
نحو4 كيلومترات فقط من إحدى مدن البحيرة، وبها مدرسة ابتدائية وأخرى إعدادية
ودخلتها الكهرباء من السبعينيات، حدثنى أنه صدم حينئذ بنساء من أهل القرية يظننّ أن
الصلوات الخمس ليس بفرض على النساء، وأن صلاة الرجل تغنى عن أهل بيته (كالأضحية
وصدقة الفطر مثلا)، وأن المرأة إذا صلت فلا بأس فهو نفل ومقبول إن شاء الله، وأن ما
فرض الله على المرأة هو رعاية بيتها وحفظ أسرتها وأداء حق زوجها، فقط !!!
قصصت مؤخرا هذه القصة متندرا متفكها مع بعض إخوانى فى محافظة فى الصعيد، فلم أجد
القوم يعجبون أو يتندرون، بل قالوا وما الغريب فى هذا؟ فمثل هذا التصور موجود حتى
يومنا هذا فى قرانا؟!، بل أعاد علىَّ ما ورد فى أحد الفيديوهات التى تم تصويرها فى
بعض قرى الصعيد، حين عجز رجال ونساء عن قراءة الفاتحة أو معرفة اسم نبى الإسلام،
المصطفى – صلى الله عليه وسلم - .
ولا يظن ظان أن ذلك هو حال الريف فى الدلتا والصعيد فحسب، فكثيرا ما يقابلك من لا
يحسن الصلاة أو الوضوء أو لا يحفظ التشهد من شباب الجامعة وفتياتها، بل قابلت أحدهم
وقد فاتته ركعة فى جماعة الظهر فأتم مع الإمام ثم استكمل أربع ركعات بعده، ليصلى
بذلك الظهر سبعا، لأنه لا يعرف شيئا عن صلاة المسبوق، وإن أنسَ فما أنسَ حديثا مع
سيدة متعلمة تعليما فرنسيا راقيا، تنتمى إلى إحدى العائلات العريقة المقربة من
دوائر الحكم منذ عهد الخديوى إسماعيل حتى اليوم، تخبرنى أنها تتبع وتأخذ دائما
بالمذهب الحنفى، قلت: لماذا؟، فأجابت: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بعث
بالحنيفية السمحة!!!
يقع كل هذا فى مصر بلد الأزهر وعشرات الآلاف من المآذن، التى صارت اليوم ترتعد خوفا
من التشييع والتنصير والإلحاد والأمركة والعلمانية، بما يوحى بقناعة داخلية مستقرة
بهشاشة العمل الإسلامى وأثره فى الأرض، ومحدودية كفاءته فى مواجهة هذه الهجمات.
والسؤال البريء: فى رقبة من هؤلاء وأولئك؟ وأين
الدعاة والجماعات والأزهر والأوقاف؟ وأين التشريعات والقوانين التى تحمى العقيدة
وتحرسها؟ وأين مناهج التعليم فى المدارس والجامعات التى تعلم ما لا يسع المسلم جهله
من أمر دينه؟ وأين الرؤية الاستراتيجية لإصلاح الأمة التى تجعل الدين محور الحياة
ومدار شأنها؟ أين من يقرأ ويعمل بقوله تعالى: {يَا قَوْمَنَا
أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ
وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف/31]،
وأين من يعمل بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم : "بلغوا عنى ولو آية".... من لهذا
الدين؟.
|