اسم المقالة:
ديموقراطية تفصيل «على المقاس»
المؤلف:
د. محمد داود
ديمقراطية تفصيل «على
المقاس»
د. جمال فوزي
في ظروفنا هذه يقبل العلمانيون أية نتيجة تؤدي إليها الديمقراطية، إلا أن ينال
الإسلاميون خلالها تمثيلًا في السلطة يمكنهم من إيصال صوتهم، والمنافحة عن أفكارهم
عبر الطرق الشرعية ـ مثلهم مثل بقية خلق الله، بعد طول كبت وقهر ومطاردة.
ومنذ عبَّر الشعب ـ بحرية ونزاهة ـ عن توجهاته عبر صناديق الاستفتاء التي جاءت بما
لا تشتهيه نفوس القوى العلمانية، وهي تتفنن بكل سبيل وتحتال كل حيلة ـ ديمقراطية أو
غير ديمقراطية ـ لتحول دون إمضاء استحقاقات الاستفتاء وإجراءات الديمقراطية، ولا
يهم هذه القوى إن كانت السفينة تسير قدمًا أو محلك سر أو حتى تتراجع للخلف.
ومن آخر تقاليعهم الدعوة لفرز الناس لمعرفة من يصلح للآدمية ـ عفوًا، أقصد
للديمقراطية ـ ومن لا يصلح.
اقرأ معي لأحدهم يقول: «كم من الجرائم تُرتكب باسمك
أيها الديمقراطية!!... وإذا طرحنا سؤالًا حول هذه الأغلبية التي في يدها الآن تحديد
مستقبل مصر عبر صناديق الانتخابات ـ ويا للأسف نجدها ـ أغلبية تعاني الأمية، أمية
القراءة والكتابة تصل إلى خمسين في المائة!! هذه هي الأغلبية التي من المقرر أن
تحدد مستقبل مصر ومستقبل أولادنا وأحفادنا. وإذا اعترضنا قالوا هذه هي الديمقراطية.
وهنا دعونا نجادل: هل الديمقراطية مذهب سياسي بلا عيوب؟ ولماذا لا نتدخل في فحوى
كتالوج الديمقراطية ونقدم تعديلات تناسب الواقع المر، الذي أفرز لنا أغلبية إذا
قادتنا حطمتنا، وإذا اعتمدنا عليها سلمتنا إلى يد من لا يرحم!!!...
وما معنى الأغلبية هنا؟ فهل هي أغلبية بلا ضابط ولا رابط ولا شروط؟ فقط المطلوب أن
يكون لك صوت وبطاقة رقم قومي يتم بها إحصاء المواليد والموتى، ومن بلغ سن الرشد دون
حتى مجرد شرط الحصول على شهادة محو الأمية!!
لقد حرصت الأنظمة الفاسدة الحاكمة بمصر على إبقاء هذه الأغلبية على حالها، تعاني
المثلث المدمر: (الجهل والفقر والمرض)؛ حتى تسهل
قيادتها ويمكن الحصول على أصواتها، ولنسقط نحن في فخ الشكل الديمقراطي، فلا نحصد من
الديمقراطية غير لعتنها ونشرب مرارتها، وننتظر حكم الأغلبية الجاهلة على الأقلية
المستنيرة، وهذا ليس استعلاء أو كبرياء، بل توصيف صادق لواقع مؤلم يضعنا في خندق
مظلم لا حل للهروب منه سوى قيادة المستنيرين ووضع شروط للتصويت الانتخابي...
لا بد ألا يتاح التصويت للجميع ولو لفترة زمنية نتغلب فيها على الأمية، ويمكن
اعتبارها فترة عقاب لمن باعوا أصواتهم مقابل الأرز والسكر والزيت، ولنضف لتعريف
الديمقراطية أنها حكم الأغلبية المتعلمة الواعية الناضجة أو نصمت ونستسلم لـ
«اللعنة» أو نبكي على مستقبلنا من الآن».
(روبير الفارس: المصري اليوم، 11/8/2011م).
وبرغم ما ينضح به هذا المقال من تعالٍ وعجرفة وازدراء ـ وإن حاول الكاتب إنكاره ـ
إلا أننا ـ بموضوعية وهدوء ـ نتساءل بدورنا: هل مبدأ الأغلبية بدعة خاصة بنا؟! ام
أنه مبدأ مقرر في كل الديمقراطيات العالمية من أرقاها وأعرقها في الغرب إلى أحدثها
في أدغال أفريقيا، ومفاده أن الأغلبية يسود حكمها والأقلية تُصان حقوقها وتُمثِّل
في الحكم بقدر نسبتها؟!
ثم من قال: إن هذه الأغلبية تخلو في طياتها من نخبة
مستنيرة ـ على طريقتهم في التعبير ـ قد تكون أضعاف النخبة العلمانية؟!!
وإذا سلمنا برأي الكاتب فمن يا تُرى سيقوم بالفرز والعزل وتحديد الصالح من الطالح،
في هذا الشأن؟! وعلى أي معيار؟! معيار الشهادة العلمية؟ فما رأيك يا سيدي في أمية
المتعلمين؟! وإلى متى ستطول فترة حرمان الأغلبية الأمية؟ إلى أن تصل نسبة الأمية
إلى صفر؟! وأنَّى لنا بهذا ونحن نحاول محو الأمية من عشرات السنين ولا فائدة
ملموسة؟!!
أم أنها مجرد الرغبة في إثارة البلبلة وخلق الفوضى لمصادمة الواقع الحي، وعدم
التسليم به، والمصادرة على التوجه العام؛ لأنه لا يروق لكم ولا يأتي على هواكم، على
طريقة الفوضوية التي قصدتم إيجادها من دعوى (الدستور أولًا)؟!!
وأخيرًا، لِمَ الغمز واللمز وإساءة الأدب في حق عموم الناس بالإشارة إلى الأرز
والسكر والزيت؟ ومن قال إن الجانب الآخر يخلو من البقول بل اللحوم؟!!
ومن قال: إن (لا) لم
يكن وراءها دافع ديني كنسي واضح صريح؟!!
وصدق أمير الشعراء حين قال:
حرام على بلابله الدوح
حلال للطير من كل جنس!!!
|