اسم المقالة:
الزعم بأن القرآن تحدى الضعفاء فقط
المؤلف:
الزعم بأن القرآن تحدى الضعفاء فقط
زعم بعضهم أن
القرآن الكريم قد تَحَدَّى الجاهليين بقوله عز وجل: {قُلْ
فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ}(هود:
13).
قالوا: والتحدي لا يكون للضعيف المغلوب، بل للأقران الأكفاء.
وهذا تجاهل ـ وليس جهلاً ـ من صاحب الشبهة، فهو يعلم المواضع الأخرى التي ورد فيها
التحدي بالقرآن، مثل قوله عز وجل: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ
الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ
بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (الإسراء:
88)، وقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ
مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا
شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ
تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ
وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (البقرة:
23 ـ 24).
إذن فالقرآن معجزة عامة، والتحدِّي بها ليس للجاهليين وحدهم، بل للناس كافة، ومعهم
الجن أيضًا، والدليل على ذلك ما يلي:
1) أنَّ القرآن لم يحدث أن بدأهم بالتحدى، بل هم الذين تحدّوه زاعمين أنه من صنع
البشر، بل بلغ بهم الحال أن أخذوا يُذيعون أنهم قادرون على أن يأتوا بمثله، ومن
ثَمَّ فلا فضلَ لمحمد في هذا يُخوِّل له ادِّعاءَ النبوَّة في نظرهم: {وَإِذَا
تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا
مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ} (الأنفال:
31).
2) أنَّ اليهود كانوا من جانبهم يُمِدُّونهم بالأسئلة السخيفة التي يظنون أنها
ستُحرِجُ محمدًا صلى الله عليه وسلم، زاعمين لهم أنَّ وثنيتهم خيرٌ من التوحيد الذي
جاء به، فكان لا بُدّ أن يَرُدّ القرآن على تحدّيهم، وإلاّ قيل: إنّ ربَّ محمَّدٍ
عاجزٌ عن الردّ، ولكان هذا تسليمًا بما يقولون.
3) أنَّ المُشركين كانوا يتَّهمون النبيّ صلى الله عليه وسلم بأنه هو مُؤلّف
القرآن، وأن قرآنه هذا ليس إلاّ شعرًا أو كهانة أو أساطير من أساطير الأولين، فكان
الردّ المنطقي هو أن يقول لهم: وأنتم بشرٌ مثلي وتستطيعون أن تقولوا الشعر أو
الأساطير، فهيا اجهدوا جهدكم، وأشركوا معكم في الأمر من تحبون وأروني مقدرتكم على
الإتيان بمثله أو بعشر سور منه أو حتى سورة واحدة!
4) أنَّ القرآن تحدى أرباب الفصاحة والبلاغة، وأساطين العرب وساداتهم، ومعهم الإنس
والجن كافة، وليس ـ كما زعم أصحاب هذه الشبهة ـ حفنةً من الضعفاء المغلوبين!!
فانظر كيف يقلبون الأمور فيجعلون الحق باطلاً والباطل حقًّا؟!
|