اسم المقالة:
القرآن الكريم لا يخضع لقواعد اللغة
المؤلف:
القرآن الكريم لا يخضع لقواعد اللغة
هكذا ساق المشككون
تلك الحقيقة فى صورة شبهة، قالوا: إن قواعد اللغة من نتاج المخلوق، على حين أن
القرآن كلام الخالق؛ وإذن فالقرآن لا يخضع لقواعد اللغة .
وللرد عليهم نقول:
1) هذه كلمة حقٍّ أُرِيدَ بها باطِلٌ، فالقرآن لا يخضع للقواعد اللغوية؛ لأنه سابق
على هذه القواعد، وينسحب هذا على كلام العرب قبل نشأة العلوم العربية، فلقد كان
العرب الأوئل يتكلمون بالسليقة دون أن تكون هناك قواعد فى صورة علم منضبط يحتكمون
إليه، ثم جاءت مرحلة أخرى استخلص فيها العلماء قواعد اللغة من أهلها، ومحمد صلى
الله عليه وسلم إن لم يكن رسولاً ـ كما يزعم المبطلون ـ فهو عربىٌّ فصيح يُحْتَجُّ
بكلامه، فمن ينسب القرآن إليه يُقرُّ ضمنًا بأن القرآن من كلام العرب الذى تؤخذ منه
القواعد، فَهو على أسوأ الاحتمالات ليس أقل من خُطَبِ قس بن ساعدة وشعر امرئ القيس
.
2) لو كان فى القرآن خطا لغوىٌّ واحد ـ كما يزعم المبطلون ـ فليخبرونا لماذا سكت
عنه الكفار المنكرون لنبوَّة محمد صلى الله عليه وسلم كل هذه الفترة وهم أهل فصاحة
وبيان، خاصةَّ وأن الله عز وجل قد تحداهم به، أم أن هؤلاء الْمُدَّعين أعلم من
العرب بلغتهم؟!
والحقيقة هى أنه لو وُجد خطأٌ لغوىٌّ فى القرآن لَمَلأ الكفار الدنيا صياحًا
وسخريةً، لكنَّهم لم يجدوا فى القرآن ثغرة ولا شبهة خطأ لغوى أو قصور بلاغى، فسكتوا
عن هذا وراحوا يرمون النبى صلى الله عليه وسلم مرة بأنه شاعر، وأخرى بأنه ساحر،
وثالثة بأنه كاهن. فهل يزعم زاعم بعد ذلك أن القرآن قد احتوى على أخطاء لغوية؟!
3) كان القرآن الكريم مصدرًا أصيلاً من مصادر السماع التى بنى النحاة قواعدهم
عليها، وقد كان وجود القرآن سابقًا لعلم النحو، فعلم النحو يُقَنِّن للظواهر
اللغوية الموجودة فى القرآن الكريم ويضعها فى اعتباره عند استخلاص القواعد، ومن
ثَمَّ فإن من العبث أن نعود وُنحَكِّم هذه القواعد فى الظواهر اللغوية الموجودة فى
القرآن الكريم، بل العكس هو الصحيح، القرآن هو الحاكم، والقواعد اللغوية نشأت فى
رحاب القرآن الكريم والحديث الشريف.
4) بعض هذه الافتراءات تنتج عن الجهل بقواعد اللغة وأقوال النحاة وما ذكره المفسرون
من تخريجات للآيات التى يزعمون وجود خطأ لغوى فيها، فلكل موضع من هذه المواضع التى
يزعمون وجود خطأ بها أكثر من وجه تُحْمَل عليه وتتفق به مع قواعد اللغة العربية
1.
*****************************
(1) رسم المصحف: دراسة لغوية وتاريخية، غانم قدورى الحمد،
ص649 ـ 656 (باختصار).
|