اسم المقالة:
افتراءات وشبهات
المؤلف:
د. سعيد اسماعيل على
افتراءات وشبهات؟
د.سعيد إسماعيل على
19-03-2012
15:50
كُن كالنخيل عن
الأحقاد مرتفعًا*** يُرمى بصخر فيلقى أحسن الثمر
معنى حكيم ضمنه
أديب فى هذا القول البليغ، نقوله كلما شكا لنا شخص ناجح، مما يواجهه من حقد وكراهية
وافتراء، من البعض، حيث إن الإنسان الخامل، الذى لا يترك بصمة واضحة فيما، وفيمن
حوله، لا يستدعى من غيره حربا ولا حقدا ولا افتراء.
هذا على مستوى
الأفراد، فما بالك بدين رب العالمين، الذى أنزله لهداية البشرية إلى يوم الدين، حيث
تثبت الأيام والأعوام، أنه بالفعل خير ما يصلح به أهل كل مكان وزمان؟
صحيح أن أهله
اليوم فى حال يُرثى لها، لكننا نُذكر دائما بالمقولة الفقهية الذكية بأن الرجال
يُقاسون بالحق، ولا يُقاس الحق بالرجال، أى أننا نحاسب الناس وفقا لمعايير العقيدة
والشريعة، لكن العكس غير صحيح بالمرة.
ومنذ أن جاء رسول
الله محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة الإسلامية، وهذه الرسالة تتعرض دائمًا
لحملات تشكيك وافتراء، نرجو ألا نُدهش القارئ إذا قلنا له إن هذه الحملات من
التشكيك والافتراء، لا تأتى من المغايرين للإسلام فقط، بل هناك من بين المسلمين
أنفسهم من وقع فى هذا الُجبّ، أحيانا بغير علم، مع أنهم مأمورون ألا يتحدثوا عن أمر
بغير علم، وربما عن ادعاء علم، وربما بسوء نية.
ومن الممكن أن
نشير إلى بعض المعاصرين، لنبرهن على هذا، لكننا ممن لا يندفعون إلى معارك شخصية،
ويكفى أن نشير إلى فكرة هنا أو هناك.. ادعاء هنا أو هناك.
والحق أن الافتراء
والهجوم عندما يجىء من عدو ومخالف، يكون الأمر مفهوما، فضلا عن أن مثل هذا الهجوم
كثيرا ما يولد مقاومة، وتنبها، وإدراكا بأن من الطبيعى أن يقول هؤلاء ما يقولون،
لكن المشكلة تكمن فى بعض المحسوبين على الفكر الإسلامى نفسه، ممن يرفعون راية
الانتماء إليه، حيث من العسير اتهامهم فى دينهم، لأن المولى عز وجل هو الأعلم بما
فى القلوب والعقول، لكنهم يقولون بتفسيرات وتأويلات ما أنزل الله بها من سلطان، مثل
هذا الذى يقول بأن التدخين فى رمضان لا يُفطر، وهو الذى حرمه عدد من العلماء على
وجه العموم..
والمصيبة أن مثل
هؤلاء يقدم الإعلام الواحد منهم بأنه "مفكر إسلامى"،
فينخدع كثيرون فيما يقول ويدعى.
ومن المشاهد
الأخيرة التى رأيت فيها من يلقى شبهات، ويسوق افتراءات، فى مجلس مفروض أنه علمى
تربوى، هذا الذى زعمه متحدث، وهو يتحدث عن الحداثة وما بعد الحداثة، بأن الدين،
مجموعة مسلمات، لا تقبل المناقشة، ولا التجريب، ومن ثم فإن العقلانية تغيب عن
التفكير الدينى! وقد فندنا هذا الافتراء من خلال ثلاثة مقالات، نُشرت فى أعداد
مختلفة من جريدة اللواء الإسلامى، مبرهين على أن الدين، على عكس ما زُعم، يقوم على
العقلانية، من جوانب ثلاثة، وفقا لتسمية أخينا الدكتور صلاح سلطان:
أولا: من خلال ما يمكن تسميته بفقه التأصيل.
وثانيا: من خلال فقه التنزيل على أرض الواقع.
وثالثا: من خلال فقه التفعيل، بحيث يصبح الدين وتصبح
الشريعة وكأنها كائن حى يسعى على الأرض.. وكل هذا لا يكون إلا بناء على مناقشة
ودليل وبرهان.
والحمد لله أن ندب
المولى عز وجل فريقا آخر، على العكس من ذلك تمامًا، من المرابطين على الثغر
الإسلامى بصدق وعلم، وحب وشجاعة، يمارسون صورة من صور الجهاد، على أرض العلم
والمعرفة الصادقة، ردا على ما واجهه الإسلام ويواجهه من شبهات وافتراءات، وتكون
نتيجة هذا الجهاد موسوعة رائعة من أربعة وعشرين مجلدا، من القطع الكبير، شارك فيها
جمع من علماء الإسلام ومفكريه، أعملوا عقولهم، وصدقوا ما عاهدوا الله عليه، فكانت
هذه الموسوعة المعنونة بـ( بيان الإسلام)، والتى أشرف
على تحريرها عَلم عظيم من علماء الإسلام واللغة العربية فى مصر، هو الأستاذ الدكتور
محمد محمد داود أستاذ ورئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب، جامعة قناة السويس.
ولم يكن الجهد
الخارق لكاتبى الموسوعة إلا تتويجا لجهود سابقة وحالية لنفر من علماء الإسلام
ومفكريه، نذكر منهم على سبيل المثال، لا الحصر(حقائق الإسلام
وأباطيله) لعباس العقاد، و(شبهات حول الإسلام)
لمحمد قطب، ومعظم ما كتبه الدكاترة والشيوخ: يوسف القرضاوى، ومحمد عمارة، ومحمد
الغزالى، وغيرهم كثير.
وهكذا يكون الجهد
المتمثل فى موسوعة بيان الإسلام، أنه جهد فريق من العلماء والمفكرين، كذلك فهو قد
احتل حجمًا ضخمًا، مما ساعد المشاركين على أن يدرسوا العديد من الافتراءات والشبهات
دراسة وافية محيطة.
وكما ذكر الدكتور
داود فقد كان المنهج المتبع فى كتابة محتويات الموسوعة، كما يلى:
1- بيان فكرة
الشبهة.
2- بيان فكرة أو
أفكار الرد عليها.
3- البدء بالمنهج
العقلى فى الرد لأن المخالف – فى الأعم الأغلب – لا يؤمن بقرآن أو سنة.
4- إلحاق الرد
النقلى، بعد التأسيس العقلى له، والربط بينهما بعبارة: وهذا الذى استقر لدى
العقلاء، يلتقى مع هدى القرآن والسنة.
5- ثم يختمون
بخلاصة مركزة بعد التفصيل.
وأجمل ما فى هذه
الموسوعة، فتحها أبوابًا كثيرة لشرائح مختلفة لزيادة الوعى الدينى، وتصحيح الزائف
منه، بحيث تجد فيه هذه الشرائح مقصدها، مثل:
- كل مسلم ومسلمة
من الشباب والمثقفين، ويساعد على هذا مراعاة سهولة الأسلوب.
- الخطباء
والوعاظ، وعموم الدعاة إلى الله تعالى، لتكون مرجعية لهم إذا ما طلب منهم بيان موقف
الإسلام من شبهة ما.
- أصحاب الديانات
السماوية، نتيجة عرض حقائق الأمور بين أيديهم.
- كل باحث يرغب فى
معرفة حقيقة الإسلام خالصة مما أُلصق بها من شبهات وافتراءات.
وحتى يعرف القارئ
الجهد الرائع، والمقصد العظيم لهذه الموسوعة، يكفى أن يعلم أنها تضمنت ثلاثة أقسام:
الأول: القرآن الكريم، حيث تمت تغطية موضوعات الشبهات
والافتراءات المتعلقة به، أحد عشر مجلدا، تشتمل على تسعة عشر جزءا، بالإضافة إلى
مجلد للفهارس.
الثانى: الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث أُخرج العمل
الخاص به فى ثلاثة مجلدات، اشتملت على ستة أجزاء، بالإضافة إلى مجلد الفهارس.
الثالث: السنة النبوية، حيث تم إخراج هذا العمل فى
سبعة مجلدات، تشتمل على اثنى عشر جزءا، بالإضافة إلى مجلد للفهارس.
وحقا ما كتبه
العالم الفاضل الكبير، الدكتور الأحمدى أبو النور، وزير الأوقاف الأسبق، من أن هذه
الموسوعة جديدة بالفعل فى منهجها، مستوعبة كل المجالات العلمية، ومُطَوّفة بكل
الفروع الدينية ببحوث مستفيضة، واستيعاب يجل عن النظير، فهى لم تُسبق فى ابتكارها
واستيعابها.
وإذا كنا قد كتبنا
عدة مقالات وصفنا فيها التغلغل الأجنبى عامة، والأمريكى خاصة فى مجالات التعليم
المصرى، صورة من صور الحرب الناعمة، التى وصفناها بأنها أخطر من الحربين الساخنة
والباردة، فإن ما يُرَوح له من شبهات، وما يُزعم من أباطيل وافتراءات على الإسلام،
هى حرب شرسة، تعلن أن حروب الفِرنجة، لم تنته بعد، وأننا وإن كنا لا نرى فى كثير من
الأحيان دماء إسلامية تراق، لكننا نرى ما يوازيها خطرا وإفسادا، وربما أكثر.. فى كم
الافتراءات والشبهات التى تثار حول الإسلام، مما يجعلنا، بغير ما مبالغة، نقول إن
الذين قاموا، ويقومون، بمثل هذه الأعمال العلمية الضخمة المبتكرة، مثلهم مثل
المجاهدين الذى خاضوا غمار حروب ساخنة شتى، دفاعا عن الإسلام.
http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=109893
|