حرف الحاء
الحياة ـ الحيوان
• الحياة والحيوان
فى اللغة متقاربان، إلَّا أن لفظ "الحيوان" فيه معنى الدوام والخلود والطِّيب
[1].
وقد تكرر لفظ الحياة فى القرآن الكريم كثيرًا، ومن شواهده:
- {فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا
خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} البقرة/85.
- {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى
حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا} البقرة/96.
- {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى
وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}
النحل/97.
بينما لم ترد كلمة "الحيوان"
فى القرآن الكريم إلَّا مرَّةً واحدة، فى قول الله تعالى: {وَمَا
هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ
لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}
العنكبوت/64.
جاءت كلمة "الحيوان"
فى هذه الآية بمعنى: الحياة المستمرة الدائمة الخالدة التى لا موت فيها. وفى بناء
"الحيوان"
زيادة معنى ليست فى بناء "الحياة"،
وهى ما فى بناء "فَعَلَان"
من معنى الحركة والاضطراب كالنَّزَوَان والدَّوَرَان والغَلَيَان ... إلخ. والحياة
حركة كما أن الموت سكون، فجاء هنا بناءٌ دالٌّ على معنى الحركة؛ مبالغةً فى معنى
الحياة، فى مقام وصف الحياة الآخرة[2].
كذلك يثير بناء "فَعَلان"
ظلالًا دلالية تُوحى بالنشاط والابتهاج وخفَّة النَّفْس، مع دوام ذلك واستمراره
وتجدُّد ألوانه، وذلك مقابل الحياة الدنيا ـ حياة اللهو واللعب ـ بما تشتمل عليه من
انكسارٍ وسأم وسرعة انقطاعِ لَذَّاتها وزوال نعيمها[3].
• ونخلص مما سبق إلى أن كلمتى "حياة
ـ حيوان" بينهما تقارب دلالىٌّ؛ حيث يشتركان فى
أصل المعنى. ويتميَّز لفظ "الحيوان"
بملامح فارقة هى:
1- اختصاصه بوصف الحياة فى الآخرة.
2- ملمح الدوام والاستمرار.
3- ملمح التجدُّد.
4- الحركة والنشاط.
5- الابتهاج وخفَّة النفْس.
6- لا يعقبها موتٌ.
***************************
[1]
تهذيب اللغة (ح ى ا).
[2]
الكشاف 3/211 - 212.
[3]
الإعجاز الصرفى فى القرآن،
د. عبد الحميد هنداوى، ص95.
|
|