حرف الباء
التبذير ـ الإسراف
• التبذير فى
اللغة: نثر الشىء وتفريقه، مأخوذ من بذر الحبوب للزراعة، وكلُّ ما فرَّقته وأفسدته
فقد بذَّرته، واستعير لتضييع المال؛ لأن فاعل ذلك يشبه ـ فى الظاهر ـ مَنْ يلقى
البذر فى الأرض ولا يعرف مآل ذلك
[1].
• والإسراف فى اللغة: مجاوزة القصد وترك الاعتدال فى كل شىء، والإسراف فى المال:
إضاعته أو وضعه فى غير موضعه
[2].
فاللفظان متقاربان فى الدلالة؛ إذ يجتمعان فى معنى الإضاعة والتفريق.
وبتأمُّل الاستعمال القرآنى للفظين "بذَّر
ـ أسرف" نجد أن الأول منهما قد خصَّ به إضاعة
المال دون غيره
[3]،
كما فى قول الله عز وجل:
- {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ
السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ
الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}
الإسراء/26-27.
وتحديد معنى التبذير بإضاعة المال فى الآيتين يرجع إلى ورودهما فى شأن
الزكاة، والمراد: آتِ ذا القربى والمسكين وابن السبيل حقَّهم من الزكاة، ولا تضيِّع
مالك فيما نهى الله عنه من المباهاة والتفاخر
[4].
بينما استعمل القرآن الكريم لفظ الإسراف فى المال وغيره، فمن استعماله فى معنى
إضاعة المال ووضعه فى غير موضعه قول الله عز وجل فى صفة عباد الرحمن:
- {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ
يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}
الفرقان/67.
ومن استعماله فى معنى مجاوزة الحدِّ والإفراط فى المعاصى قول الله عز وجل:
- {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى
أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}
الزمر/53.
• ونخلُص مما سبق إلى أنَّ لفظَى "التبذير
ـ الإسراف" بينهما تقارب دلالىّ؛ حيث يشتركان فى
الملمحين التاليين:
• أن كِلَيهما وصف مذموم.
• دلالة كليهما على الإفراط ومجاوزة الحد.
مع وجود ملامح دلالية فارقة بينهما:
فالتبذير خاص بإضاعة المال.
والإسراف: عامٌّ فى المال وغيره من الذنوب والمعاصى والقتل وغير ذلك.
فبين اللفظين عموم وخصوص.
************************
[1]
مفردات الأصفهانى، اللسان (ب ذ ر).
[2]
مفردات الأصفهانى، اللسان (س ر ف).
[3]
مفردات الأصفهانى (ب ذ ر).
[4]
الكشاف 2/446.
|
|