حرف اللام
اللمز ـ الهمز
• اللَّمْز فى
اللغة: العيب فى المواجهة، وأصله الإشارة بالعين والرأس والشَّفَة مع كلام خَفِىٍّ[1].
• والهمز فى اللغة: أصله نَخْس الدابَّة بالعَصَا، ويكون ذلك من وراء، ومنه أُخِذ
معنى العيب بالغيب دون مواجهة مَنْ يعيبه[2].
وقد راعى القرآن الكريم هذا الفارق الدلالى بين الكلمتين فى استعماله لهما، فقد ورد
اللمز فى أربع آيات هى:
- {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ
أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ}
التوبة/58.
- {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ
فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
التوبة/79.
- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ
قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ
نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا
تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ
لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
الحجرات/11.
- {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ}
الهمزة/1.
يلمزك فى الصدقات: يعيبك ويطعن عليك، وسبب نزول هذه الآية أن ابن ذى
الخويصرة رأس الخوارج دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم غنائم غزوة
حنين فخاطبه قائلًا: اعدل يا رسول الله. فقال صلى الله عليه وسلم: "ويلَك! إنْ لم
أعْدِلْ فمَنْ يعدل؟!"[3].
وواضح من سياق الآية وسبب نزولها أن المراد باللمز: الطعن والعيب فى المواجهة.
أمَّا الهمز فقد ورد فى القرآن الكريم ثلاث مرات، فى الآيات التالية:
- {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ}
المؤمنون/97.
- {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ
مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} القلم/10-11.
- {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ}
الهمزة/1.
قال الزمخشرى فى آية المؤمنون رقم "97":
"الهمز: النَّخْس، ومنه مهماز الرائض "الذى
يروض الدابة"، والمعنى أن الشياطين يحثُّون الناس
على المعاصى ويُغْرُونهم عليها كما تهمز الراضة "المدرِّبون"
الدوابَّ حَثًّا لها على المشى[4].
سُمِّيَت وسوسةُ الشياطين همزاتٍ "لا
لَمَزَات"؛ لأنها خفيَّةٌ.
وجمع بين الهمز واللمز فى سورة الهمزة للتحذير من العيب والطعن والوقوع فى الناس
سواء فى المواجهة "وهو اللَّمْز".
أو فى الغيب "وهو الهمز".
• ونخلص مما سبق إلى أن لفظى "اللمز
والهمز" متقاربان دلاليًّا؛ حيث يشتركان فى معنى:
العيب والطعن فى الناس.
• ويتميَّز اللمز بملمح الظهور، فهو عيب فى المواجهة.
• بينما يتميَّز الهمز بملمح الخفاء، فهو العيب بالغيب.
****************************
[1]
اللسان (ل م ز).
[2]
انظر: اللسان (ل م ز، هـ م ز).
[3]
معانى القرآن للفراء 1/443، 447، الكشاف
2/196-197.
[4]
الكشاف 3/42.
|
|