مرحبًا بكم فى موقع بيان الإسلام الرد على الافتراءات والشبهات
 بحث متقدم ...   البحث عن

الصفحة الرئيسية

ميثاق الموقع

أخبار الموقع

قضايا الساعة

اسأل خبيراً

خريطة الموقع

من نحن

الطعن في وجود السحر والحسد وأثرهما
في الإنسان
(*)

مضمون الشبهة:

طالما أنكر الملحدون ظاهرة السحر, واعتبروها مجرد أساطير لا حقيقة لها, وأن الإنسان لا يمكن أن يرى أشياء غير حقيقية, أو أن يؤثر عليه شخص آخر ويسيطر على تفكيره وأساليبه, وما هذا إلا محض خيال وأساطير لا وجود لها في الواقع، كما ينكرون أثر الحسد وتأثيره في الإنسان؛ إذ لا يوجد دليل مادي يثبت هذا الأثر، ولا يمكن رؤية هذا التأثير المنتقل من الحاسد إلى المحسود, وإنما هي تخيلات العقل البشري الذي يتأثر بالأساطير والخرافات, وليس هناك دليل علمي على ثبوت هذا الشيء, أو التأكد من أثره. ويذهبون من وراء ذلك إلى إنكار وجود السحر والحسد, ونفي أثرهما على الإنسان وأفكاره وأساليبه, والطعن في عقيدة الإسلام.

وجه إبطال الشبهة:

أكد الشرع الحكيم وجود السحر والحسد بما لا يقبل الشك أو التأويل, وأنهما حق واقع, لا يردهما إلا الدعاء والقرآن والتحصن بالأذكار ولزوم طاعة الله, وأثر السحر والحسد واضح في الناس, وجعلهما الله آية على قدرته وإرادته, ثم جاء العلم الحديث وأثبت وجود السحر والحسد وأكد على أثرهما؛ حيث أثبت وجود أنواع شتى من الإشعاع الكهرومغناطيسي تحيط بجسم الإنسان وتؤثر عليه, كما أن الجسم والدماغ ينتجان ويولدان مجالات كهرومغناطيسية داخلية خاصة بهما, ولا يمنع العلم من تفاعل هذه الموجات وتأثيرها على بعض, وما الحسد والسحر إلا موجات يطلقها المؤثر على المتأثر فينفعل بها ويظهر أثرها عليه.

كما أثبت العلم إمكانية خداع النظر وخداع الدماغ، فقد يرى الإنسان أشياء لا وجود لها، أو يرى حركات لم تحدث؛ حيث إن قشرة الدماغ إذا تم تركيزها على منظر ما فإن بقية أجزاء القشرة المسئولة عن التركيز لا تعمل؛ وبالتالي يتخيل المرء الأشياء وكأنها حدثت, وهذا هو السحر.

التفصيل:

لقد جاءنا الإسلام بالمنهج الرباني القويم, الذي يلائم كل جوانب الحياة الإنسانية, ويرشد الناس لصالح أحوالهم وصلاح أمورهم, ويجنبهم الشرور والآثام, وقد كان معتقد الحسد والسحر قائمًا عند الناس قبل الإسلام، وكانت لديهم معتقدات أخرى في الطيرة والهامة والشرك, فأبطل الإسلام العقائد المنحرفة وأبقى على المعتقدات التي لا تخالف الشريعة ولها حقيقة ثابتة, فأبطل الطيرة والهامة ولعن فاعلهما, وأحبط الشرك وأنكره, وأقر وجود الحسد والعين والسحر, ونبه على وسائل التحصن منها, والعلاج من آثارها.

فقد جاء الوحي بما لا يقبل الشك أو التأويل بأن هناك حسدًا وسحرًا, وأنهما حق واقع لا يسبقهما إلا القدر ولا يردهما إلا الدعاء والذكر, وهي نصوص صحيحة صريحة من الكتاب والسنة, أكدتها المشاهدة وتقريرات النبوة؛ ولذلك فإن كثيرًا ما يطرق أسماعنا موضوع الحسد أو العين, أو أن فلانًا إنسان حسود أو عائن, أو أصابتني عين حاسد أو عائن, ولا نبالغ إذا قلنا: إن هذا الموضوع يكاد يكون من الأمور التي لا تخفى على أحد، مع تفاوت في تقبله والأخذ بأسبابه بين الناس, فمن منكر له ومن غالٍ فيه, فالناس بين إفراط وتفريط, فإنا نجد من يصدق الخرافات ويأخذ بالغث والسمين, ومنهم من لا يصدق إلا بعد جهد جهيد, وكل ذلك راجع إلى نوع الثقافة التي تلقاها والبيئة التي أحاطت به.

يقول الإمام ابن تيمية: "والحسد مرض من أمراض النفوس، وهو مرض غالب، فلا يخلص منه إلا القليل من الناس؛ ولهذا يقال: ما خلا جسد من حسد, لكن اللئيم يبديه والكريم يخفيه"([1]).

والسحر حقيقة ثابتة, وقد اعترفت به كل الأديان السماوية، ومارسه الأقدمون من مصريين وهنود بابليين وغيرهم، كما أشارت إليه الكتب السماوية، مما يؤكد وجود السحر وجودًا فعليًّا، وكانت علوم السحر شائعة في أهل بابل من السريانيين والكلدانيين، وفي مصر من الأقباط وغيرهم قبل بعث موسى عليه السلام؛ ولهذا كانت معجزته من جنس ما يدَّعونه ويفتخرون به، وفي عهد سليمان نبذ اليهود التوراة وأقبلوا على كتب السحرة من أهل بابل، وزعموا أنها علم سليمان وأنه كان ساحرًا، فكذبهم الله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم، ويؤكد ذلك ما يأتي:

مفهوم السحر والحسد:

أ. مفهوم السحر:

المعنى اللغوي: إن كلمة السحر تُستعمل في معان كثيرة، منها:

1.  "كل ما لطُف مأخذه ودقَّ فهو سحر".

2. بمعنى: إخراج الباطل في صورة الحق، "وأصل السحر صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره, فكأن الساحر لما أرى الباطل في صورة الحق وخيَّل الشيء على غير حقيقته قد سحر الشيء عن وجهه؛ أي: صرفه".

3. بمعنى: الخداع البصري؛ فهو الأخذة التي تأخذ العين حتى يظن أن الأمر كما يرى، وليس الأصل على ما يرى, والسحر الخديعة([2]).

4. وقد يأتي بمعنى: الاستمالة؛ فقد جاء في "فتح الباري": "السحر يُطلق على معان؛ أحدها: ما لطُف ودقَّ, ومنه: سحرت الصبي: خادعته واستملته, وكل من استمال شيئًا فقد سحره، ومنه: إطلاق الشعراء سحر العين؛ لاستمالتها النفوس، ومنه قول الأطباء: الطبيعة الساحرة"([3]).

ويأتي في اللغة على معان أخرى؛ فيأتي بمعنى: آخر الليل, وبمعنى: البيان, وبمعنى: القلة وانقطاع البركة, وغيرها.

المعنى الاصطلاحي للسحر: وردت تعريفات اصطلاحية مختلفة للسحر، منها: ما جاء في تفسير الطبري على أنه: "خدع ومخاريق ومعان يفعلها الساحر حتى يخيل إلى المسحور الشيء أنه بخلاف ما هو به، نظير الذي يرى السراب من بعيد فيُخيل إليه أنه ماء, ويرى الشيء من بعيد فيثبته بخلاف ما هو على حقيقته، وكراكب السفينة السائرة سيرًا حثيثًا يُـخيل إليه أن ما عاين من الأشجار والجبال سائر معه, قالوا: فكذلك المسحور ذلك صفته يحسب بعد الذي وصل إليه من سحر أن الذي يراه أو يفعله بخلاف الذي هو به على حقيقته"([4]).

أما ابن قدامة فعرَّف السحر على أنه: "عقد ورقى وكلام يتكلم به أو يكتبه أو يعمل شيئًا في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له"([5]).

وعرف الألوسي السحر بقوله: "أمر غريب يشبه الخارق- وليس به- إذ يجري فيه التعلم، ويُستعان في تحصيله بالتقرب إلى الشيطان بارتكاب القبائح قولاً؛ كالرقى التي فيها ألفاظ الشرك ومدح الشيطان وتسخيره، وعملاً؛ كعبادة الكواكب والتزام الجنابة وسائر الفسوق، واعتقادًا؛ كاستحسان ما يوجب التقرب إليه ومحبته إياه، وذلك لا يستتب إلا بمن يناسبه في الشرارة وخبث النفس, فإن النفس شرط التضامن والتعاون, فكما أن الملائكة لا تعاون إلا أخيار الناس المشبهين بهم في المواظبة على العبادة والتقرب إلى الله تعالى بالقول والفعل، كذلك الشياطين لا تعاون إلا الأشرار المشبهين بهم في الخباثة والنجاسة قولاً وفعلاً واعتقادًا"([6]).

بناء على هذه التعريفات فالسحر عبارة عن: علم مكتسب تمارسه بعض النفوس الدنيئة، إما بالخداع وتخييل الشيء على غير حقيقته, وإما بالإضرار بخلق الله تعالى وإيذائهم, وهذا الإضرار والخداع والتخييل لا يتحقق إلا بالاستعانة بالشيطان والتقرب إليه بارتكاب القبائح قولاً؛ كالرقى التي فيها ألفاظ الشرك، أو عملاً؛ كعبادة الكواكب والتزام الجنابة وسائر الفسوق، أو اعتقادًا؛ كاستحسان ما يوجب التقرب إلى الشيطان ومحبته، فيتحقق بذلك تأثير السحر في المسحور.

ب. مفهوم الحسد:

المعنى اللغوي: يأتي لفظ الحسد في اللغة بمعنى: تمني زوال نعمة المحسود وتحولها إلى الحاسد, فجاء في لسان العرب: "الحسد معروف, حَسَدَه يَحْسِدُه ويَحْسُدُه حَسَدًا وحَسَّدَه, إذا تمنى أن تتحول إليه نعمته وفضيلته, أو يسلبهما هو... وقال الجوهري: الحسد أن تتمنى زوال نعمة المحسود إليك"([7]).

المعنى الاصطلاحي: وردت بعض التعريفات الاصطلاحية للحسد, منها ما ذكره ابن القيم بأنه: "هو بغض نعمة الله على المحسود وتمني زوالها"([8]).

وقال ابن عاشور في "التحرير والتنوير": "الحسد إحساس نفساني مركب من استحسان نعمة في الغير بتلك الحالة أو على مشاركته الحاسد فيها, وقد يُطلق اسم الحسد على الغبطة مجازًا, والغبطة تمني المرء أن يكون له من الخير مثل ما لمن يروق حاله في نظره"([9]).

ويأتي لفظ العين دلالة على الحسد؛ لأنها أداته، وجاء في تعريف العين ما ذكره الحافظ ابن حجر فقال: "والعين نظر باستحسان مشوب بحسد من خبيث الطبع يحصل للمنظور منه ضرر"([10]).

    إثبات الشرع وجود السحر والحسد وكيفية علاجهما:

بيَّن الإسلام مسألة السحر والحسد بيانًا واضحًا, فأثبت وجودهما ودل على الطريقة المثلى في التحصن منهما, والعلاج النافع للوقاية منهما, فجاءت آيات قرآنية عديدة تؤكد وجود السحر والحسد, وتثبت أثرهما على الإنسان, وتبين طريقة العلاج منهما، وكذلك جاءت الأحاديث النبوية موضحة هذا الأمر جيدًا, وفصَّلت الحديث عنه, ومن هذه الآثار ما يأتي:

1. الآيات والأحاديث التي تؤكد وجود السحر:

قال الله تعالى: )ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أُنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلِّمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق((البقرة: 102)، وقال عز وجل: )أفتأتون السحر وأنتم تبصرون (3)( (الأنبياء)، وقال تعالى: )فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين (81)((يونس)، وقالتعالى: )ولا يفلح الساحر حيث أتى (69)( (طه)، وقوله تعالى: )يُخيل إليه من سحرهم أنها تسعى (66)((طه)، وقوله تعالى: )ومن شر النفاثات في العقد (4)((الفلق)، والنفاثات: السواحر.

فهذه آيات قرآنية تثبت وجود السحر وأنه حقيقة واقعة بين الناس، وأنه نوعان؛ نوع هو تخييل يعتمد على الـحيل وخفة الحركة, ونوع له حقيقة, يفرق بين المرء وزوجه, ويؤذي الإنسان ويوقع الشر به.

ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من عاقبة السحر في الدنيا والآخرة, وجعله من الموبقات, قال صلى الله عليه وسلم: «اجتنبوا السبع الموبقات, قيل: يا رسول, وما هن؟ قال: الشرك بالله, والسحر, وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق, وأكل مال اليتيم, وأكل الربا, والتولي يوم الزحف, وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات»([11]).

وليس أدل على حقيقة السحر وتأثيره في الإنسان من حديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم الذي ورد في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: «سحر رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يهوديٌّ من يهود بني زريق, يقال له: لبيد بن الأعصم, قالت: حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُـخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله, حتى إذا كان ذات يوم- أو ذات ليلة- دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم دعا, ثم دعا, ثم قال: يا عائشة, أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه؟ جاءني رجلان, فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي, فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي, أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب([12]), قال: من طبَّه؟ قال: لبيد بن الأعصم, قال: في أي شيء؟ قال: في مُشط ومُشاطة([13]), قال: وجُبّ طَلعَة ذَكَر([14]), قال: فأين هو؟ قال: في بئر ذي أروان، قالت: فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه, ثم قال: يا عائشة, والله لكأن ماءها نُقاعة([15]) الحِنّاء, ولكأن نخلها رءوس الشياطين، قالت: فقلت: يا رسول الله، أفلا أحرقته؟ قال: لا, أما أنا فقد عافاني الله, وكرهت أن أثير على الناس شرًّا, فأمرت بها فدُفِنت»([16]).

وقد علق الإمام النووي على الحديث قائلاً: "قال الإمام المازري: مذهب أهل السنة وجمهور علماء الأمة على إثبات السحر, وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء الثابتة, خلافًا لمن أنكر ذلك ونفى حقيقته, وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطلة لا حقائق لها, وقد ذكره الله تعالى في كتابه, وذكر أنه مما يتعلم, وذكر ما فيه إشارة إلى أنه مما يُكفَّر به, وأنه يُفرِّق بين المرء وزوجه, وهذا كله لا يمكن فيما لا حقيقة له.

وهذا الحديث أيضًا مصرح بإثباته, وأنه أشياء دُفنت وأُخرجت, وهذا كله يبطل ما قالوه, فإحالة كونه من الحقائق محال, ولا يستنكر في العقل أن الله تعالى يخرق العادة عند النطق بكلام ملفق, أو تركيب أجسام, أو المزج بين قوى على ترتيب لا يعرفه إلا الساحر, وإذا شاهد الإنسان بعض الأجسام منها قاتلة كالسموم, ومنها مسقمة كالأدوية الحادة, ومنها مضرة كالأدوية المضادة للمرض- لم يستبعد عقله أن ينفرد الساحر بعلم قوى قتالة, أو كلام مهلك أو مؤدٍّ إلى التفرقة"([17]).

ويقول الإمام القرطبي: "إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما حل السحر: «إن الله شفاني», والشفاء إنما يكون برفع العلة وزوال المرض, فدل على أن له حقًّا وحقيقة, فهو مقطوع به وبإخبار الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم على وجوده ووقوعه, وعلى هذا أهل الحل والعقد الذين ينعقد بهم الإجماع... ولقد شاع السحر وذاع في سابق الزمان وتكلم الناس فيه, ولم يبدُ من الصحابة ولا من التابعين إنكار لأصله"([18]).

وبهذا يتبين أن السنة أثبتت السحر ومضاره, وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم فيها من اتباع السحرة, بل وكفَّر الساحر ومن صدَّقه, وحديث سحره صلى الله عليه وسلم أكبر دليل على وقوع السحر وأنه حقيقة.

2. الآيات والأحاديث التي ورد فيها الحسد والعين:

ورد لفظ الحسد في القرآن في عدة مواطن، منها قوله تعالى: )ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارًا حسدًا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير (109)( (البقرة)، وقوله تعالى: )أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكًا عظيمًا (54)( (النساء)، وقوله تعالى: )سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلاً (15)((الفتح)، وقوله تعالى: )وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون (51)((القلم)، وقوله تعالى: )ومن شر حاسد إذا حسد(5)((الفلق).

يتضح من معاني تلك الآيات أن الحسد الوارد فيها يقصد به ذلك الخلق السيئ بتمني زوال النعمة من المحسود دون القدرة على أن يكون للحسد قوة في ذاته تؤثر على المحسود وتصيبه بالضرر, إلا أن آية سورة الفلق ربما أوحت في ظاهرها أن الحسد شر يُستعاذ بالله منه كما يُستعاذ بالغسق إذا وقب، وبالنفاثات في العقد, إلا أن المدقق في الألفاظ يجد أن المستعاذ منه في الآية إنما هو الحاسد وليس الحسد؛ لأن الحاسد إذا حسد وامتلأ قلبه بالحقد وتمنى زوال النعمة من المحسود قد يسعى في أذيته بنفسه؛ فيضربه أو يحرق ماله أو يسرقه أو يقتله, فيكون هنا الحسد سببًا في ضرر غير مباشر يصدر عن الحاسد بشخصه وأفعاله المادية لا مجرد أمنيته زوال النعمة.

أما في السنة النبوية الشريفة فقد جرى تناولهما في أحاديث كثيرة, وفي سياق الحديث عن أمور متنوعة جاء كل من الحسد والعين واضحين, وأُطلق على كل منهما لفظ مستقل، ومن هذه الأحاديث:

1. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسَّسوا، ولا تجسَّسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا»([19]).

2. عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال»([20]).

3. عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا»([21]).

4. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحاسد إلا في اثنتين؛ رجل آتاه الله القرآن، فهو يتلوه آناء الليل والنهار، يقول: لو أُوتيت مثل ما أُوتي هذا لفعلت كما يفعل، ورجل آتاه الله مالاً ينفقه في حقه، فيقول: لو أُوتيت مثل ما أُوتي هذا لفعلت كما يفعل»([22]).

5. عن أبي هريرة رضي الله عنه أيضًا أن رسول الله رضي الله عنه قال: «والله، لينزلن ابن مريم حكمًا عادلاً، فليكسرن الصليب، وليقتلن الخنزير، وليضعن الجزية، ولتتركن القلاص([23]) فلا يسعى عليها، ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد، وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد»([24]).

6. عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان يؤمر العائن([25]) فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين»([27])([26]).

7. عن عبيد بن رفاعة الزرقي أن أسماء بنت عميس قالت: «يا رسول الله، إن ولد جعفر تسرع إليهم العين، أفأسترقي لهم؟ فقال: نعم، فإن لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين»([28]).

8. عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه قال: «رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل فقال: ما رأيت كاليوم ولا جِلدَ مُخبَّأةٍ([29])، فلُبِط([30]) سهل، فأُتِـي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل: يا رسول الله، هل لك في سهل بن حنيف، والله ما يرفع رأسه, فقال: هل تتهمون له أحدًا؟ قالوا: نتهم عامر بن ربيعة, قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرًا فتغيظ عليه, وقال: علام يقتل أحدكم أخاه ألّا برَّكتَ! اغتسل له، فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره([31]) في قدح، ثم صب عليه فراح سهل مع الناس ليس به بأس»([32]).

نوجز مما تقدم أن النصوص النبوية الشريفة أشارت إلى الحسد والعين وبينت أنهما حقيقة لا خيال, وأن العين حق؛ أي إن لها تأثيرًا ملحوظًا, وإن الأذى الذي يصيب الشخص المضرور يتم بالمعاينة, وأنه لكي نخفف من أثرها بعد حدوثها فليغتسل العائن أو يتوضأ بالماء، ثم يغتسل المعين بذلك الماء، هذا بجانب الوسائل المعنوية المعينة على الخلاص من داء الحسد والعين؛ كالأذكار والأدعية النبوية المأثورة.

الأدلة العلمية على وجود السحر والحسد وأثرهما على الإنسان:

أولاً: الأدلة العلمية على وجود السحر:

طالما أنكر الملحدون ظاهرة السحر واعتبروها مجرد أساطير لا حقيقة لها, وأن الإنسان لا يمكن أن يرى أشياء غير حقيقية, ولكن هل أثبت العلم أخيرًا أن السحر موجود؟

دراسة علمية جديدة:

كلنا نمر بهذا الإحساس في حياتنا اليومية أكثر من مرة، نشاهد ما يدور حولنا ونتابع تفاصيله بعيوننا, ولكننا في غمرة ما نرى قد نغفل عن رؤية ملمح من أبرز ملامح الصورة، وأوضح مثال على ذلك عندما يغفل سائق السيارة عن ملاحظة تغير ضوء الإشارة من الأحمر إلى الأخضر، والعلماء يسمون هذه الظاهرة "العمى المتغير".

وقد أعلن الباحثون في الكلية الجامعة بلندن بالتعاون مع زملائهم في جامعة برنستون الأمريكية أنهم توصلوا إلى معرفة المكان المسئول عن تلك الظاهرة في الإنسان وهو القشرة الخارجية لجدار المخ؛ فالدراسات التي أجراها هؤلاء العلماء على رسومات المخ لعديد من الأشخاص بينت أن مهمة إدراكنا لما نراه حولنا من موجودات لا تقتصر على الجزء الخاص بالرؤية في المخ فقط, بل هناك مناطق أخرى في المخ تلعب دورًا في تحديد الرؤية.

ويقول البروفيسور تيلل لافي- رئيس فريق البحث بالكلية الجامعة في لندن- : إنهم ركزوا على الدراسة على المنطقة المسماة بـ "القشرة الخارجية لجدار المخ", وهذه المنطقة هي المسئولة عن التركيز، وباستخدام تقنية تعتمد على نقل موجات كهربية غير ضارة إلى المخ تُسمى "الحفز المغناطيسي" تمكن العلماء من وقف عمل تلك المنطقة- محل البحث- في تسعة أشخاص ممن أُجريت عليهم التجربة.

وعندما نجح العلماء في ذلك وجدوا أن هؤلاء الأشخاص لا يلاحظون أي تغير في المنظر المحيط بهم، حتى وإن كان التغير كبيرًا، فمثلاً لم يمكنهم رؤية تغيير وجه من وجوه أربعة رئيسية على شاشة الفيديو أمامهم.

ويقول العلماء: إن المنطقة المسئولة عن هذا الإدراك توجد في المخ على بعد سنتيمترات قليلة أعلى الأذن اليمنى للإنسان, وهي المنطقة التي يحكُّها الناس عادة عندما يستغرقهم التفكير والتركيز، ويرى العلماء الذين قاموا بالتجربة أنها تُفسِّر بطريقة علمية سبب تصديقنا لما يقوم به ممارسو الألعاب السحرية من خداع وحيل.

فالساحر يستغل فرصة تركيزنا بشدة على ما يفعله بيده اليسرى ليشغلنا عما يقوم به من حيلة بيده اليمنى، ويساعده على ذلك أن عقلنا قد ركز بشدة فيما يراه مما حجب الرؤية عن قشرة جدار المخ- محل الدراسة- ومنعنا من ملاحظة أية تغييرات أخرى.

ويقول جون دنان- العالم بمجلس أبحاث الطب- : إن نتائج هذه الدراسة يمكن أن تفيد في علاج الحالات المرضية المتعلقة بقلة القدرة على التركيز والإدراك، كما يحدث أحيانًا في حالات الإصابة بالجلطة الدماغية.

وفي دراسة ثانية يقول العلماء: إن الناس لا ينبغي أن يصدقوا كل ما يرونه! فقد أظهرت العديد من الدراسات السابقة أن الناس يتذكرون أشياء يعتقدون أنهم قالوها أو سمعوها, ولكنها لم تكن قد قيلت بالفعل.

لكن الدراسة التي أُجريت حديثًا في الولايات المتحدة أكدت أن الناس يمكن أيضًا أن يتذكروا رؤية أشياء لم تكن موجودة بالفعل، وأوضح باحثون في جامعة ولاية أوهاليو أن ما يُطلق عليه "الذكريات الكاذبة" تحدث بشكل أكثر سهولة مما يعتقد الكثيرون.

وبنى الدكتور ديفيد بيفرسدورف وزملاؤه نتائجهم على دراسة أُجريت على 23 بالغًا لا يعاني أي منهم من أي مشكلة عقلية، فقد عرض على كل متطوع 24 مجموعة لاثني عشر منظرًا، ويشمل كل منظر أشكالاً هندسية متنوعة تختلف في العدد والحجم والموقع والشكل واللون.

فعلى سبيل المثال: شاهد المتطوعون 12 شكلاً لمثلثات صفراء، وكان كل منظر يعرض مثلثًا واحدًا أو اثنين أو مثلثات كبيرة أو صغيرة، وكانت المثلثات تُرتب أفقيًّا أو رأسيًّا، ومُنِح المتطوعون فترة لتذكُّر كل مجموعة من الأشكال, بعدها عُرِضت عليهم خمسة مناظر إضافية، وسُئِلوا إن كانوا قد شاهدوا أيًّا منها في الأشكال الأصلية.

وكان اثنان فقط من بين المناظر الخمسة قد تم عرضها بالفعل، وبدا أن اثنين من المناظر تختلف تمامًا عن الأشكال التي عُرِضت من قبل, بينما بدت المناظر الأخرى مماثلة بعض الشيء، وهي ما أُطلق عليه الباحثون "الشكل الخادع".

ونجح المتطوعون بنسبة 80% في تحديد المناظر التي شاهدوها، وحددوا أيضًا بنجاح بنسبة 98% الصور التي لم تكن جزءًا من المجموعة الأصلية للأشكال, لكن نحو 60% قالوا أيضًا: إنهم رأوا "الشكل الخادع"، وقال الدكتور بيفرسدورف: يوضِّح ذلك أن رؤية الذكريات الكاذبة يمكن أن تخدع بسهولة، وقُدِّمت هذه النتائج في المؤتمر السنوي لجمعية علم الأعصاب في نيواورليانز.

يستخدم العلماء جهاز المسح بالرنين المغناطيسي الوظيفي (FMRI) من أجل مراقبة نشاط القشرة الدماغية، وما يحدث فيها من عمليات ونشاط أثناء الخداع البصري, وقد اكتشفوا أن بعض المناطق في قشرة الدماع تتعطل أثناء التركيز على صورة محددة؛ وبالتالي يرى الإنسان أشياء غير حقيقية، وقد تحدث أشياء أمامه ولا يراها، ومن هنا يمكن أن نعطي تفسيرًا علميًّا لعملية السحر

موجات كهرطيسية من المخ تؤثر على الكمبيوتر:

أكد فريق من الباحثين الأمريكيين أنهم قطعوا شوطًا كبيرًا في استخدام المخ البشري للتحكم في الأجهزة المختلفة، فقد تمكن أربعة أشخاص- منهم قعيدان يستخدمان الكرسي المتحرك- من تحريك مؤشر الفأرة الذي يعمل به الجهاز باستخدام غطاء للرأس مثبت به نحو 64 قطبًا إلكترونيًّا، وكانت أبحاث سابقة قد أثبتت قدرة القردة على تحريك مؤشر الفأرة، وذلك عن طريق أقطاب إلكترونية مزروعة في دماغها.

ونشر فريق الباحثين نتائج الدراسة الأخيرة في المنشورات الخاصة بالأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم، وقال العالمان جوناثان وولبو ودينيس ماكفارلين: "لقد أظهرت نتائج الدراسة أنه يمكن تعليم الأشخاص استخدام الإشارات الكهربائية للدماغ من خلال تسجيلها لتحريك مؤشر الفأرة في اتجاهين بشكل سريع ودقيق".

وأكد فريق الباحثين الذي ينتمي إلى فرع وزارة الصحة بولاية نيويورك وجامعتها أن الدراسة الأخيرة تعد خطوة نحو تمكين الأشخاص من التحكم بالكراسي المتحركة والأجهزة الإلكترونية الأخرى بأدمغتهم.

وارتدى الأشخاص الأربعة الذين خضعوا للتجربة غطاء رأس إلكتروني وجلسوا أمام شاشة عرض كبيرة، ولم تزرع في رءوسهم أية أجهزة، بل اكتفى الباحثون بـ "القبعة الإلكترونية"، وينتج نشاط خلايا المخ إشارات كهربائية يمكن استخدامها بواسطة الأقطاب الإلكترونية لتترجم بعد ذلك إلى أوامر للتحكم في الجهاز.

ولا يحتاج مثل هذا النشاط الدماغي لاستخدام عصب أو عضلة معينة؛ لذا فإن الأشخاص المصابين بالجلطات أو الذين يعانون من مشاكل في العمود الفقري يمكنهم استخدام غطاء الرأس الإلكتروني بكفاءة، وأظهرت التجربة أن الأشخاص الأربعة الذين خضعوا للدراسة باتوا يتحكمون بصورة أفضل في مؤشر الفأرة كلما زاد عدد محاولاتهم.

وأوضح الباحثون أن المقعدين كان أداؤهما أفضل في التجربة؛ لأن دماغيهما كانا أكثر استعدادًا، أو لأنهما كانا أكثر إقبالاً على التجربة، ولا تعد تلك هي المرة الأولى التي ينجح فيها الباحثون في مثل هذا النوع من التجارب، فقد استخدم بعض العلماء حركة العين, فيما لجأ آخرون لطرق أخرى لتسجيل إشارات المخ للتحكم في الأجهزة، وكان فريق من معهد إم أي تي الأوربي قد صمم غطاء رأس لاسلكي يمكنه ترجمة إشارات المخ للتحكم في إحدى ألعاب الكمبيوتر.

 

أظهرت القياسات العلمية التي أُجريت على الدماغ وجود موجات كهرطيسية يبثها الدماغ باستمرار, وتختلف من لحظة لأخرى ومن شخص لآخر, وهذه الموجات يمكن أن تؤثر على الآخرين, (على قلوبهم وأدمغتهم, حسب معهد رياضيات القلب الأمريكي)، وهذه الظاهرة يمكن أن تفسر كيف يحدث الحسد.

السحر بين العلم والقرآن:

إن الذي يتأمل هذه الدراسات يرى بوضوح إمكانية خداع النظر، حتى إن الدماغ يمكن خداعه أيضًا، فقد يرى الإنسان أشياء لا وجود لها، أو يرى حركات لم تحدث؛ لأن الله تعالى صمَّم قشرة الدماغ بحيث إذا تم التركيز على منظر ما فإن بقية أجزاء القشرة المسئولة عن التركيز لا تعمل؛ وبالتالي يتخيل المرء الأشياء وكأنها حدثت، وهذا ما يُعرف بـ "السحر".

والعجيب أن القرآن الكريم أعطانا تعريفًا دقيقًا للسحر، واعتبره مجرد خداع للعين، وهذا ما يكشفه العلماء اليوم! يقول الله عز وجل في قصة السحرة مع سيدنا موسى عليه السلام: )قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين (115) قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم (116)((الأعراف)، فقد تحدث الله في هذا النص الكريم عن السحر وحدد مكانه في قوله:)سحروا أعين الناس((الاعراف:116)، ويؤكد العلماء أن السحر هو خداع للعين لا أكثر ولا أقل.

ولكن هناك نوع آخر من السحر يسيطر فيه الساحر على الإنسان ويتحكم في طريقة تفكيره، فيمارس معه الإرهاب الفكري، وهذا ما عبر عنه القرآن بقوله تعالى:)واسترهبوهم((الأعراف:116)، وهو ما يحدث في حالات السحر الشديد؛ مثل التفريق بين الزوجين: )واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أُنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلِّمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون (102)((البقرة)، أو المس الشيطاني؛ حيث يعاني الإنسان من الوسواس القهري نتيجة تسلط الشيطان عليه، ولا يوجد علاج لهذا الخلل إلا تلاوة القرآن وتدبره والمحافظة على الطهارة والصلوات، فهذه الأشياء يكرهها الشيطان ويفر منها؛ ولذلك خاطب الله إبليس وقال له:)إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين (42)( (الحجر).

رأينا في هذه الدراسة أيضًا أن الله تعالى وهب الإنسان القدرة على بث موجات كهرطيسية من دماغه وتوجيهها باتجاه الآخرين، وهذه القدرة يمكن تطويرها وتنميتها، لدرجة أن الإنسان يمكنه التحكم بجهاز الكمبيوتر من دون لمسه، فقط بتركيز النظر عليه! ولذلك يجب ألا نستبعد إمكانية ما يُسمى "الحسد"، وهو عبارة عن تركيز الحاسد على إنسان ما، وبث موجات كهرطيسية قوية باتجاهه يتمنى زوال النعمة عنه أو يتمنى ضرره أو مرضه، ودماغ المحسود يستجيب لهذه الموجات ويتفاعل معها ويتأثر بها، وتحدث عملية الحسد والضرر.

ولكن المؤمن الذي اعتاد تلاوة القرآن الكريم وتدبره- وأهم شيء هو التدبر والفهم لما تقرأه- فإن خلايا دماغه تصبح أكثر مناعة أمام هذه الموجات؛ وبالتالي لا يتأثر بها، ومن هنا ندرك معنى قوله تعالى:)وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله( (البقرة: 102)؛ فالمؤمن لديه سلاح قوي جدًّا هو القرآن، بينما نجد البعيد عن ذكر الله تعالى سوف يتأثر بسهولة بمثل هذا الحسد أو السحر.

  وقد جرى السحر على بعض أنبياء الله؛ مثل سيدنا موسى عليه السلام:)قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى (65) قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يُخيل إليه من سحرهم أنها تسعى (66) فأوجس في نفسه خيفة موسى (67) قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى (68) وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى(69)((طه)، فقد خُيِّل لموسى عليه السلام أن الحبال تسعى مثل الثعابين.

وقد يعجب البعض: كيف يمكن لنبي أن يجري عليه السحر مثل البشر؟ وهل النبي لديه نقص في إيمانه؟ ونقول: هذه روعة الإسلام، حتى الأنبياء جرى عليهم السحر؛ لأنهم بشر مثلنا، يقول تعالى:)قل إنما أنا بشر مثلكم يُوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا (110)( (الكهف)، فالمؤمن قد يُبتلى بالسحر أو الحسد أو المرض، ولكن الله تعالى يلهمه الدعاء ليستجيب له، ويكون قد نجح في الامتحان!

ونتذكر قصة سيدنا أيوب عليه السلام عندما مسه الشيطان بنُصْب وعذاب، ولكنه لم يفقد الأمل من رحمة ربه، يقول تعالى: )واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب (41)( (ص)، وقد استجاب الله دعاء عبده أيوب، يقول تعالى: )وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين (83) فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين (84)( (الأنبياء).

فالمرض والسحر والحسد ونقص المال وغير ذلك كلها اختبارات للمؤمن؛ ليرى الله تعالى مدى صدقه وقوة إيمانه؛ ولذلك فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد الناس بلاء؛ ليعلمنا الصبر ويعلمنا العلاج لهذا البلاء، ألا وهو اللجوء إلى الله تعالى: )قل لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًّا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون (188)( (الأعراف).

ونتيجة القول: إن السحر حقيقة واقعة يعترف بها العلماء اليوم، ويعترفون بوجود خداع للدماغ والعين، ويعترفون بأن الإنسان يمكن أن يرى أشياء غير حقيقية، ويتذكر أشياء لم تحدث أبدا، ودماغ الإنسان يصدر ترددات كهرطيسية يمكن بواسطتها التأثير على الآخرين، وهناك عشرات الدراسات العلمية التي أثبتت هذه الحقائق، بما يتفق مع القرآن الكريم؛ أي إن القرآن لا يناقض العلم([33]).

ثانيًا: الأدلة العلمية على حقيقة الحسد والعين:

جاءت الأبحاث العلمية الحديثة والتجارب الواقعية لتؤكد على حقيقة وجود الحسد, وأثر العين في التأثير على الإنسان, وثبوت حقيقة التأثير بين الحاسد والمحسود.

يقول يوري خولودوف- وهو إخصائي وظائف الجهاز الفسيولوجي العصبي-: تحيط بجسم الإنسان أنواع شتى من الإشعاع الكهرومغناطيسي، إلا أن الأثر الذي قد تتركه تلك الموجات النابضة على كيان الحيوانات ليس مفهومًا فهمًا كافيًا, وإلى جانب هذه التأثيرات الخارجية نجد أن الجسم يولد مجالاته الكهرومغناطيسية الداخلية الخاصة به, ولا يصل علمنا إلا إلى القليل عن كيفية تفاعل هذه المجالات.

وقد بدأ العلماء يعيدون حساباتهم للتفهم الصحيح للعمليات الحيوية التي لم تكن الكيمياء وحدها كافية لتفسيرها؛ مثل انتقال النبضات العصبية بسرعة وتباين أشد بكثير من مجرد الانتقال من خلال الموصلات، ومثل انقباض العضلات وانقسام الخلية, وأخيرًا عملية التفكير؛ لأنه عند انقسام الخلية الحيوانية أمكن رصد انبعاث فوتونات من الضوء غير المرئي ومن الأشعة فوق البنفسجية, وكذلك أمكن رصد موجات فوق صوتية ترددها ما بين مليون و10 مليون ذبذبة في الثانية, وكذلك أمكن رصد موجات فوق صوتية تصدر، وعندها تتغير الجزيئات البروتينية الكبيرة من شكلها بالضغط أو المط, كما لو كنت تطبق علبة من الصفيح.

كما ثبت أن وجود الإنسان في ظل الجاذبية الأرضية يجعل تفكيره المتزن مع هذه الجاذبية، وعندما وضعوا رواد الفضاء في ظروف انعدام الجاذبية أمكن إحداث انتظام في أجهزتهم الحيوية, ولكن حدث خلل ملحوظ في طريقة تفكيرهم ونشاطه.

هذا وقد أمكن الوصول إلى فك شفرة لتتابع الطاقة الصادرة من المخ لأجزاء من الجهاز العصبي تحركه بناء على معلومة لدى الشخص المختبر, يتحرك على أساسها, ثم تم قطع هذا الجزء تمامًا وفصله عن منطقة أخذ المعلومات من المخ, وعرض هذا الجزء من الجهاز العصبي للشفرة نفسها من الطاقة التي تم التوصل إليها، والتي أمكن إحداثها بطريقة غير حيوية، فأعطت الاستجابة نفسها وكأنها صادرة عن المخ نفسه من مركز المعلومات ذاته.

وأثبت أرثر كوسلر أنه يمكن نقل المعلومات والصور عن طريق الجلد لو أمكن تحويلها إلى شفرة طاقة تنتقل في أطراف الأعصاب وتصل إلى المخ, حتى قال بيتر كابتسا: إنني أقسم الظواهر إلى ممكنة ومستحيلة, بل إلى مكتشفة وغير مكتشفة, ويجب ألا نقع في خطأ الاعتقاد القديم بأنه لن تكون هناك مكتشفات جديدة مستقبلاً.

وكانت هذه الظواهر- وغيرها الكثير- إرهاصة دعت بعض مراكز البحوث في العالم إلى تبني هذا الموضوع وتكثيف البحث حوله، وكان من رواد هذا المجال الدكتور هيروشي موتوياما- وهو عالم ياباني حصل على (ph.d.) في علم وظائف الأعضاء، وعلى (ph.d.) في علم النفس، وهو مدير معهد علم النفس الديني بطوكيو- الذي أجرى العديد من التجارب العلمية حول هذا الموضوع نُشرت خلال السبعينيات من هذا القرن، ونلخصها فيما يلي:

ميز هيروشي موتوياما بين الشخص العادي وشخص غير عادي سماه (Psi-ability) شخص له قدرة طاقية نفسية داخلية، فوجد أن الشخص ذي القدرة النفسية الداخلية يمكنه التحكم في بعض وظائف لا إرادية للجهاز العصبي؛ مثل سرعة ضربات القلب وسرعة التنفس، وبعضهم استطاع أن يوقف ضربات قلبه خمس ثوان، ولاحظ أن هؤلاء الأشخاص النفسيين هم من ذوي الطبائع التأملية والرياضات العقلية النفسية، وأنهم منطوون على أنفسهم، وأنهم قليلو الاختلاط بالناس، قليلو الحركة الحياتية، منهمكون في التأمل العقلي النفسي، وليس التأمل العقلي الرياضي أو العلمي أو الفني.

وتمكن هذا العالم من رصد بعض المؤشرات عن وظائف أعضاء هؤلاء الأشخاص وتسجيلها، مقارنة بالأشخاص العاديين؛ حيث ظهر اختلاف في معدل تدفق البلازما وسرعة التنفس والمقاومة الجهدية الكهربية للجلد بين الشخص العادي والشخص ذي القدرة النفسية الداخلية، وتمكن من ملاحظة ما يمكن أن ينتاب الشخص العادي من تأثير التركيز العقلي من الشخص ذي القدرة النفسية الداخلية عليه، فوجد أن التركيز العقلي من الشخص ذي القدرة النفسية الداخلية على شخص عادي يسبب له خللاً في المقاييس الثلاثة التي قاسها، وهي معدل تدفق البلازما وسرعة التنفس والمقاومة الجهدية الكهربية للجلد.

وقد استطاع أن يصمم أجهزة دقيقة لقياس الطاقة، فأثبت أن هناك انبعاثًا للطاقة من جسد الشخص ذي القدرة النفسية الداخلية، وهي التي تسبب التأثير على الشخص العادي، وأنها تنبعث من بؤر سماها "شاكرا" (CHAKRA) توجد على امتداد الحبل الشوكي مع المحور الطولي للإنسان، وأن أشدها نشاطًا هي البؤرة الموجودة بين العينين، والتي تقابل تمامًا الغدة النخامية فيه، ولـخص هيروشي موتوياما معلوماته على النحو الآتي:

1. الأشخاص العاديون غير قادرين على بعث هذه الطاقة.

2. الأشخاص المميزون يمكنهم إيقاظ الانبعاث عن طريق التركيز أو أثناء ما ينتابهم من حالات نفسية غير مستقرة.

3. أقوى النقاط المؤثرة في "الشاكرا" هي البؤرة التي على الجبهة بين العينين.

4. التأثير على الأشخاص يظهر واضحًا.

ولا يبقى إلا أن نضع المسميات المناسبة على مسميات هيروشي موتوياما، إن هناك أفرادًا قلائل يتميزون بوجود بؤر نشطة لانبعاث الطاقة، فإذا صحب ذلك أن كان هؤلاء الأشخاص منطويين على أنفسهم، كثيري التأمل فيما عند غيرهم من النعم، كثيري التألـم النفسي على عدم وجود مثل هذه النعم لديهم- نشطت عندهم هذه البؤر، وخاصة بؤرة ما بين العينين، وأصبح الشخص من هؤلاء شخصًا نفسيًّا على حد تعبير هيروشي، أو شخصًا عائنًا على حد تعبير الحديث النبوي الشريف؛ فإذا ما تحركت نفس هذا الشخص العائن تجاه شخص ذي نعمة واستكثرها عليه صدرت انبعاثات من الطاقة ذات شفرة خاصة من البؤرة بين العينين، وأثرت على الشخص المعين؛ فأفسدت الطاقة في جهازه العصبي أو غيره، فيصاحب ذلك خلل يؤدي إلى مرض أو ألم أو فساد أو ضعف أو غير ذلك، وهذا هو مفهوم العين تمامًا كما صوره الحديث النبوي الشريف.

بالإضافة إلى ما تقدم، تقول الكاتبة والباحثة الإنجليزية والصحفية لين ماكتاجارات في كتابها "البحث عن سر قوة الكون" (TheField:TheQuestfortheSecretForceof theUniverse): لقد كانت هناك دراسات مذهلة تـمت في منتصف القرن الماضي في الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وروسيا في موضوع الطاقة الكونية، إن هذه الدراسات قفزت قفزات خطيرة في عام 1973م؛ حيث قامت الإدارة الأمريكية آنذاك بجمع كبار علماء الطاقة والفيزياء ودعمت جهودهم في إيجاد حل إستراتيجي لوقود الآلات والمركبات كبديل عن البترول أو النفط، إلا أن العلماء- وفي أثناء تلك البحوث المركزة- أصابهم الذهول مما اكتشفوه من معلومات في غاية الغرابة عن طاقة الكون، وبسبب هذه الاكتشافات عادت مؤسسات الإدارة الأمريكية- وعلى رأسها وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) ومؤسسة الفضاء (NASA)- في بحث تفاصيل الموضوع؛ الأمر الذي أكدت الكثير منه.

إن هذه الاكتشافات تتحدث عن أن الكون مزود بطاقة ومتصل ببعضه البعض، ويؤثر كل جزء فيه في الآخر، ويبني على ما توصلت إليه دراسات الـ (QuantumPhysics) التي خرجت بعد نيوتن، ونظريات ألبرت إينشتاين في الطاقة والزمان، إن إحدى هذه الدراسات- على سبيل المثال- درست الذرة، وما بداخلها (نواة وإلكترون)، ويُسمى هذا العلم "الفيزياء الذرية"، ثم درسوا النواة من الداخل والإلكترون، ويُسمى هذا العلم "الفيزياء النووية"، ثم درسوا جزيئات النواة، ويُسمى هذا العلم "فيزياء الأشياء أو الجزيئات" (Particle Physics).

ومعلوم أن الإلكترون يدور حول النواة بعكس مدار عقارب الساعة، ولما نظروا في دوران وحركة الجزيئات الصغيرة في النواة توصلوا إلى حقيقة مذهلة؛ حيث إنها تتحرك يمينًا أو شمالاً أو بدوران بحسب فكرة الباحث؛ ولذلك توصلواإلى أن الفكرة تؤثر في حركة الجزيئيات الداخلية في النواة؛ وبالتالي فإن الفكرة بقوتها قد تؤثر في النواة، وإذا كانت أقوى أثرت في الذرة، وإذا كانت أقوى أثرت في البيئة المليئة بالذرات، كما يحصل للنفس الحاسدة- العين- أو التخاطر أو الكشف أو السحر أو الإلهام أو غيرها من أمور؛ ولذا تدخلت فيها الاستخبارات ووكالات الفضاء، حتى اشتهر من عملاء الـ (CIA) جريل فلايم (الاسم الحركي).

وكان بتعلم هذه الطرق يكشف مواقع الروس النووية عن بعد، ثم إن الدراسات كشفت أن القدرات هذه ليست حكرًا على أحد، أو خاصية يتمتع بها أناس متميزون عن غيرهم، بل هي موجودة في معظم البشر، وأقل البشر، شريطة أن يدرك قدراته ويعرف الطرق لاستخدامها.

ولعل أعجب القدرات على اختراق المادة بالنفس امتلكها الشاب ماثيو مانينغ (Matthew Manning)، فقد كان باستطاعته طوي الملاعق والسكاكين وتغيير شكلها بمجرد النظر, وكان ينظر إلى عقارب الساعة فيوقفها عن الحركة, ويستطيع إيقاف التيار الكهربائي, وثبتت لديه القدرة على التأثير في سريان الدم في الأوعية والشرايين، وكذلك التأثير على مرض السرطان، ويُعرف عن نابليون بونابرت أنه كان ذو نظرة حسد ثاقبة، فقد عُرف عنه أنه إذا ثبت نظره على خصمه سبَّب له متاعب كثيرة, وإذا نظر بنظرته الحاسدة إلى شيء ما حطم ذلك الشيء.

أما أكثر هذه الحالات غرابة، وأكثرها مصداقية، وذات توثيق علمي، هي التجربة التي أُجريت على نيليا ميخايلوفا التي كان باستطاعتها وبمجرد النظر من على بعد ستة أقدام أن تفصل بياض البيضة عن صفارها، مستخدمة في ذلك مقدرتها الخاصة جدًّا في تحريك الأجسام المادية عن بعد ودون أن تقربها، وقد أُجريت هذه التجربة وسط حشد من العلماء بجامعة ليننجراد، وباستخدام آلات التصوير لتسجيل الحدث لحظة بلحظة، وباستعمال العديد من الأجهزة التي تقيس الضغط والنبض وأنواع الإشعاعات التي تسود المخ أثناء التجربة.

إن الماء يتكون من ذرة من الأكسجين وذرتين من الهيدروجين، ويتكون جزيء الماء على شكل يشبه القضيب المغناطيسي يكون له قطب سالب وقطب موجب، ويدور جزيء الماء حول نفسه بسرعة كبيرة، كما أنه يدور حول الجزيئات الأخرى على مسافات ثابتة عند درجات الحرارة الواحدة، وينشأ عن ذلك أنه في أي لحظة نرى مثلًا كوبًا من الماء مليئًا بجزيئات الماء في مواضع مختلفة من حيث اتجاه الأقطاب السالبة والموجبة، وهذه الحالة تجعل للماء مقاومة ما للدخول إلى الخلايا والانسياب مع السيتوبلازم.

وقد أمكن في العصر الحديث إثبات أنه لو عُولج الماء بطاقة تبعث من مجال مغناطيسي مثلاً لأمكن انتظام جزيئاته في اتجاه واحد بالنسبة للقطبين السالب والموجب، وفي هذه الحالة أبدى الماء ظواهر غاية في الغرابة بالمقارنة به قبل التعديل، فقد أمكن استخدام هذه المياه في علاج العديد من الأمراض في الإنسان والحيوانات، كما أدت إلى زيادة نمو الدجاج وزيادة إنتاجه من البيض، وأدت إلى تقصير مدة إنبات عدد كبير من بذور الخضراوات والفاكهة والمحاصيل، كما زاد معدل النمو في النباتات وكذلك المجموع الخضري لها.

وأيًّا ما كانت التفسيرات التي سِيقت في هذا المجال، فإن وجود الطاقة لإعادة تنظيم جزيئات الماء في وضع معين يجعل هذا الماء ذا قوة انسيابية خاصة للمرور في بروتوبلازم الخلايا الحية، مما يحسِّن من طاقة الحياة بها ويصلح سلوكها الحيوي، وما هذا إلا تصور مبدئي يحتاج إلى دراسة التفاصيل([34]).

وهكذا فقد أثبت العلم الحديث أن للحسد تأثيرًا ينتقل من الحاسد إلى المحسود, ويؤثر فيه سلبًا, وهذا ما جاء به الشرع الحكيم، وأثبت هذه الحقيقة جلية, وأرشد إلى سبل التحصن والوقاية من شر الحسد والعين، وهذا إعجاز رباني وبرهان سماوي على أن هذا الدين حق من عند الله الخالق.

وهكذا فلم تتعارض حقائق العلم مع الأخبار الشرعية عن وجود السحر والحسد وأثرهما على الإنسان, بل أثبت العلماء صدق هذه الأخبار, بما أثبتته عن القوى الكهرومغناطيسية التي تحيط بالإنسان وتؤثر على الأشياء من حوله, وما يحدث للإنسان من خداع بصري وفكري, وما يحتويه الإنسان الخبيث من قوى ضارة تلحق بالآخرين, فهذه أدلة تؤكد حدوث السحر والحسد وأثرهما على الناس وإلحاق الضرر بهم، ولا يزال العلم يكتشف كل يوم جديدًا، وقد يوقفنا في المستقبل على حقائق أكثر ثبوتًا وتفصيلًا.

وتبقى الطريقة المثلى في العلاج من السحر والحسد والوقاية منهما في التزام طاعة الله عز وجل, والتحصن بالقرآن الكريم والرقى الشرعية والأذكار والأدعية النبوية, والله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين.

الخلاصة:

· أثبت الشرع الإسلامي وجود السحر والحسد, وأكد على حقيقتهما، وأرشد الناس إلى التحصن منهما والوقاية من آثارهما, وبيَّن طريقة العلاج النافعة من شرورهما.

· السحر في اللغة يدل على كل ما لطُف مأخذه ودَقَّ, وأصله صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره, ومعناه الاصطلاحي أنه عبارة عن علم مكتسب تمارسه بعض النفوس الدنيئة، إما بالخداع وتخييل الشيء على غير حقيقته، وإما بالإضرار بخلق الله تعالى وإيذائهم, ويستعين في ذلك بالعقد والرقى والطلاسم والاستعانة بالشياطين والتقرب إليهم, ويتحقق بذلك تأثير السحر في المسحور.

· الحسد في اللغة يأتي على معنى تمني زوال نعمة المحسود إلى الحاسد, ويأتي معناه الاصطلاحي على أنه إحساس نفساني مركب من استحسان نعمة في الغير بتمني زوالها عنه وإلحاقها به، وتدل كلمة "العين" على معنى الحسد أيضًا، وهي أداته, ومن تعريفها أنها نظر باستحسان مشوب بحسد من خبيث الطبع يحصل للمنظور منه ضرر.

· نص القرآن الكريم والسنة النبوية على حقيقة السحر والحسد ووقوع أثرهما على الإنسان, وطرق الشفاء منهما بالأذكار والأدعية والرقى, ومن ذلك المعوِّذتان وآية الكرسي, والرقى الشرعية من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.

· أثبت العلم الحديث إمكانية خداع الدماغ والنظر للإنسان عند تركيزه على جزء دون جزء من الصورة, وذلك من خلال دراسات على القشرة الخارجية لجدار المخ, وكذلك أثبتت أن هناك ما يُسمى بـ "الذكريات الكاذبة", وهذا هو نوع السحر القائم على الخداع والتخيل.

· كما أثبت العلم وجود موجات كهرطيسية تخرج من المخ بإمكانها السيطرة على أجهزة الحاسوب والتحكم فيها, فللإنسان القدرة على بث موجات كهرطيسية من دماغه وتوجيهها باتجاه الآخرين, والتأثير عليهم وإلحاق الضرر بهم, وذلك هو الأثر الواضح للحسد والسحر.

· كما أثبتت التجارب العلمية في علم النفس وعلم وظائف الأعضاء أن بعض الأشخاص لهم قدرة طاقية نفسية داخلية، ويمكنهم التحكم في بعض وظائف لا إرادية للجهاز العصبي؛ مثل سرعة ضربات القلب وسرعة التنفس والمقاومة الجهدية الكهربية للجلد, ولهؤلاء الأشخاص تأثير على الآخرين, وتبعث من جسدهم طاقة تؤثر على الشخص العادي, وتوجد على امتداد الحبل الشوكي، وخاصة في بؤرة العين, وهذا هو الأثر الحقيقي للعين وللحاسد يثبتها العلم بوضوح.


 

(*) تفسير علمي جديد للسحر, عبد الدائم الكحيل, بحث منشور بموقع: المهندس عبد الدائم الكحيل www.kaheel7.com.

[1]. أمراض القلب وشفاؤها, ابن تيمية, المطبعة السلفية, القاهرة, ط2, 1399هـ, ص21.

[2]. لسان العرب, مادة: سحر.

[3]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري, ابن حجر العسقلاني, مرجع سابق, ج10، ص232.

.[4] جامع البيان عن تأويل آي القرآن, ابن جرير الطبري, مرجع سابق، ج2, ص436.

[5]. المغني, ابن قدامة المقدسي, دار الفكر, بيروت, ط1, 1405هـ, ج10, ص104.

[6]. روح المعاني, الألوسي, تحقيق: علي عبد الباري عطية, دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1415هـ, ج1, ص337.

[7]. لسان العرب، مادة: حسد.

[8]. بدائع الفوائد, ابن القيم, تحقيق: هشام عبد العزيز عطا وآخرين, مكتبة نزار مصطفى الباز, مكة المكرمة، ط1, 1416هـ/ 1996م, ج2, ص458.

[9]. التحرير والتنوير, الطاهر ابن عاشور, مؤسسة التاريخ العربي, بيروت, ط1, 1420هـ/ 2000م، ج30، ص551.

[10]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري, ابن حجر العسقلاني, مرجع سابق, ج10, ص210.

[11]. صحيح البخاري ( بشرح فتح الباري), كتاب: الوصايا, باب: قوله تعالى: )إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا(, (5/462)، رقم (2766). صحيح مسلم (بشرح النووي), كتاب: الإيمان, باب: بيان الكبائر وأكبرها, (2/476)، رقم (256).

[xii]. مطبوب: مسحور, وفيه كناية عن السحر بالطب تفاؤلًا.

[12]. المشاطة: هي الشعر الذي يسقط من الرأس أو اللحية عند تسريحه.

[13]. جُبّ طلعة ذكر: الجُبّ: وعاء طلع النخل, وهو الغشاء الذي يكون عليه, ويُطلَق على الذكر والأنثى, فقُيِّد في الحديث بالذكر.

[14]. النُّقاعة: الماء الذي يُنقع فيه الحناء.

[15]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري), كتاب: الطب, باب: السحر, (10/232), رقم (5763). صحيح مسلم (بشرح النووي), كتاب: السلام, باب: السحر, (8/ 3311، 3312), رقم (5599).

[16]. شرح صحيح مسلم, النووي, تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض, مكتبة نزار مصطفى الباز, مكة المكرمة, ط2, 1422هـ/ 2001م, (8/3312, 3313).

[17]. الجامع لأحكام القرآن, القرطبي, دار إحياء التراث العربي, بيروت, 1405هـ/ 1985م, ج2, ص46.

[18]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري), كتاب: الأدب, باب: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا((الحجرات:12), (10/499), رقم (6066). صحيح مسلم (بشرح النووي), كتاب: البر والصلة والآداب, باب: تحريم الظن والتجسس والتنافس ونحوها, (9/3692), رقم (6416).

[19]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري), كتاب: الأدب, باب: الهجرة, (10/507), رقم (6076). صحيح مسلم (بشرح النووي), كتاب: البر والصلة والآداب, باب: تحريم التحاسد والتباغض والتدابر, (9/3689), رقم (6406).

[20]. صحيح مسلم (بشرح النووي), كتاب: السلام, باب: الطب والمرض والرُّقَى, (8/3307)، رقم (5598).

[21]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري), كتاب: التمني, باب: تمنِّي القرآن والعلم, (13/233), رقم (7232).

[22]. القِلاص: هي أشرف الإبل وأحسنها.

[23]. صحيح مسلم (بشرح النووي), كتاب: الإيمان, باب: نزول عيسى ابن مريم حاكمًا بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, (2/579), رقم (384).

[24]. العائن: الذي أصاب غيره بالعين.

[25]. المعين: المصاب بعين غيره.

[26]. صحيح الإسناد: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود), كتاب: الطب, باب: ما جاء في العين, (10/259، 260), رقم (3874). وقال عنه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (3880): صحيح الإسناد.

[27]. صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي), كتاب: الطب, باب: ما جاء في الرقية من العين, (6/183، 184), رقم (2136). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (2059).

[28]. المخبَّأة: الجارية التي في خِدْرها لم تتزوج بعد.

[29]. لُبِطَ: صُرِع وسقط على الأرض.

[30i]. داخِلَة الإزار: طَرَفُه وحاشِيتُه من الداخل، والإزار: ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن.

[31]. أخرجه مالك في موطئه, كتاب: العين, باب: الوضوء من العين, رقم (1715).

[32]. تفسير علمي جديد للسحر، عبد الدائم الكحيل، بحث منشور بموقع: المهندس عبد الدائم الكحيل www.kaheel7.com.

[33]. الإعجاز العلمي في الحسد والعين، قسطاس إبراهيم النعيمي، بحث منشور بموقع: جامعة الإيمان www.jameataleman.org.

wives that cheat redirect read here
signs of a cheater why married men cheat on their wives website
signs of a cheater why married men cheat on their wives website
reasons wives cheat on their husbands what is infidelity why do men have affairs
reasons wives cheat on their husbands affair dating sites why do men have affairs
go online how long for viagra to work
generic viagra softabs po box delivery us drugstore pharmacy viagra buy viagra generic
why wife cheat why do guys cheat why women cheat in relationships
website why are women unfaithful redirect
husband cheat online online affair
dating a married woman all wife cheat i cheated on my husband
read here my husband cheated on me why women cheat on men
مواضيع ذات ارتباط

أضف تعليقا
عنوان التعليق
نص التعليق
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء كاتبيها فقط ولا تعبر عن الموقع
 
 
 
  
المتواجدون الآن
  9169
إجمالي عدد الزوار
  36650648

الرئيسية

من نحن

ميثاق موقع البيان

خريطة موقع البيان

اقتراحات وشكاوي


أخى المسلم: يمكنك الأستفادة بمحتويات موقع بيان الإسلام لأغراض غير تجارية بشرط الإشارة لرابط الموقع