مرحبًا بكم فى موقع بيان الإسلام الرد على الافتراءات والشبهات
 بحث متقدم ...   البحث عن

الصفحة الرئيسية

ميثاق الموقع

أخبار الموقع

قضايا الساعة

اسأل خبيراً

خريطة الموقع

من نحن

دعوى أن ثبات النواميس الكونية ينافي طلاقة
القدرة الإلهية
 (*)

مضمون الشبهة:

يواصل أهل الإلحاد والاستشراق طعونهم في قضايا الربوبية والإلهية, وتشكيكاتهم في وجود الخالق؛ فيدَّعون أن الثبات في نواميس الكون, واطراد أسبابه وعلاقاته ينافي طلاقة القدرة التي يجب أن يتصف بها الإله الخالق, فما الحياة في الكون إلا رتابة وميكانيكية ثابتة, وسنن لا تتغير, أما كمال القدرة وطلاقتها إنما هي في الخروج عن هذه الميكانيكية المطردة.

أما بقاء الثابت على ثبوته, والساكن في سكونه, فقد يعطي الدليل على دقة الصانع وإتقانه, وإنما لا يكفي دليلاً على طلاقة قدرته, وكمال إرادته في الخروج عن هذا النظام المطرد، وكأن الصنعة قد حكمته.


وجه إبطال الشبهة:

إن الله عز وجل لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء, وله الكمال المطلق والقدرة التامة سبحانه وتعالى, ومن كمال قدرة الله تعالى وعظيم حكمته أن يسير هذا الكون وفق سنن منضبطة وأسباب مطردة تقتضي الحفاظ على نظامه, وسلامته من العبث والفساد, وصلاحه لاستمرار الحياة وقيامها متزنة؛ إذ لو تغيرت النواميس الكونية واضطرب ميزانها لفسد الكون, ولهلك كل من عليه, وما يطلبه الملحدون من خرق النواميس ما هو إلا عبث وتدمير للكون, وهذا ينافي طلاقة القدرة وكمال الحكمة الإلهية, ولو حدث ذلك لقالوا: إن الكون تحكمه آلهة متعددة, وإن كل إله يغير ما يفعله الآخر.

وقد وضع الله عز وجل الأسباب ومسبباتها, وربطهما بدرجة التلازم، ووضع قوانين حاكمة للعلاقات في الكون حتى يكفل له استقراره وصلاحه, وليدل على وجوده عز وجل, وليتمكن الإنسان من إعمار الكون وفهم قوانينه وإتمام الهدف الذي خُلق لأجله, والأسباب ليست فاعلة بذاتها, وإنما هي تفعل بقدرة الله عز وجل وإرادته, فلو شاء سلبها الفعل, ولو شاء أوجده فيها؛ فالنواميس لا تحكم الخالق, وإنما هو عز وجل الحاكم لها.

ورغم هذا التوازن العجيب في الكون, والتناسق البديع في الخلق, فقد شاء الله أن يخرق هذه النواميس, ولكن بحكمة إلهية دون عبث أو فساد, ومن ذلك تأييد الأنبياء والرسل بالمعجزات والخوارق, من نطق الجماد, وسلب النار الإحراق, والخلق من أب دون أم, ومن أم دون أب, وغيرها.

وفي الواقع المشاهد أيضًا كثير من الأمثلة على خرق النواميس, ومنها: عدم الإنجاب من زوجين صالحين له, والمواليد التي تولد على غير الصفات الخلقية لعامة البشر "الأمراض الخلقية"، وكذلك التنبؤات الجوية المتوقع حدوثها فلا تحدث, والعكس, كالأمطار والأعاصير والزلازل وغيرها, ومظاهر أخرى كثيرة في الحياة.

فكل هذا يثبت طلاقة القدرة الإلهية مع كمال الحكمة وتمامها, ويثبت لله عز وجل الإرادة التامة, والقدرة الكاملة, والألوهية الحقة.

التفصيل:

إن الله عز وجل خالق كل شيء, وهو اللطيف الخبير, وهو القادر فلا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء, خلق كل شيء فقدَّره تقديرًا.

خلق الله تعالى هذا الكون على درجة عالية من الدقة والإتقان, وجعله منضبطًا بمقاييس محددة, وأسباب مطردة؛ بحيث تكفل لهذا الكون ثبوته واستقراره, وأن تحفظ الحياة على سطحه, وتحميه من الفساد والهلاك؛ وقدر الله حياة الخلق على هذا النحو, وألهمهم ما ينفعهم, ويحفظ حياتهم, ويبعد عنهم الضرر, واستقر الكون على هذا النحو في نظام بديع محكم يشهد له كل عاقل بالإتقان والإحكام والدقة.

هذا الاطراد في نظام الكون, وهذه الدقة المتناهية التي تسير بها عجلة الكون منذ قيامه ليدل على كمال القدرة الإلهية وعظمتها؛ إذ لا يشذ شيء من الخلق عن هذا النظام الكوني الفريد, فلا يحدث فيه خلل, ولا يلاحظ فيه عبث, وهذا أيضًا من كمال حكمة الخالق في مخلوقاته؛ بحيث لا يحدث تناقض في أسباب الخلق, وتعم الفوضى والخلل, فتتضارب المخلوقات, وتدمر الكائنات, وتهلك الأحياء, ويسود العبث والخلل في النظام الكوني البديع, فبدلاً من أن يكون آية في الإبداع يكون دليلاً على الفوضى والتناقض.

فكان من حسن تقدير العزيز العليم, وجليل حكمته أن يسير هذا الكون وفق تنظيمات بديعة, وتوافقات عجيبة؛ بحيث يضمن له البقاء والاستقرار, والثبات, وأن يحقق الهدف المنشود من وجوده.

وهنا نقف مع مجموعة من التنظيمات البديعة في هذا الكون, والنواميس العجيبة التي تحكم النظام الكوني؛ ليتبين لنا عجيب قدرة الخالق, وضرورة وجود هذا الميزان الضابط لحركة الكون:

العناية الإلهية بكوكب الأرض:

  كوكب الأرض هو دنيانا التي نعيش فيها ونتمتع بخيراتها, وهو كوكب صغير غير عادي، تزدهر الحياة على سطحه, ونحن على سطح الأرض أشبه ما نكون بركاب سفينة فضاء إلهية- سقفها الغلاف الجوي- تدور حول نفسها وحول الشمس مع باقي كواكب المجموعة الشمسية التي تجري بدورها في الفضاء الكوني مع بلايين المجرات في هذا الكون العظيم.

إن الأرض التي يعيش عليها الإنسان وغيره من المخلوقات تمثل جزءًا ضئيلاً جدًّا في ملكوت الله, ونجم الشمس وكواكبه التسعة: (عطارد- الزهرة- الأرض- المريخ- المشتري- زحل- أورانوس- نبتون- بلوتو)، والأقمار التي تدور حول الكواكب والكويكبات والمذنبات والنيازك والشهب يمثلون المجموعة الشمسية التي تمثل فقط حبة رمل في صحراء الكون الواسعة!

ولقد شاءت الإرادة الإلهية أن تجعل الأرض مقرًّا للإنسان؛ ولهذا فقد سخر الله الأرض وما فيها وما عليها لخدمة الإنسان خاصة, والحياة عامة, ولقد اكتشف العلم الحديث أن ملاءمة كوكب الأرض للحياة تتخذ صورًا عديدة من التنظيمات والتوافقات الرائعة التي لا يمكن تفسيرها على أساس المصادفة أو العشوائية, بل تجعلنا نتلمس قدرة الله تعالى وعظمته وآياته... وصدق الله العظيم إذ يقول: )وفي الأرض آيات للموقنين (20)( (الذاريات)، ويقول:)هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا( (البقرة: 29).

وباستعراض بعض الحقائق الكونية في خلق الأرض فإننا سوف نجد البراهين الساطعة القوية على وجود التوجيه الإلهي المقصود وراء كل شيء:

·      نشأت شمسنا بكتلة معينة وبحجم معين، وبدرجة حرارة معينة, فالشمس ليست نجمًا عملاقًا أحمر وليست نجمًا من الأقزام البيضاء, ولكنها نجم متوسط يعطي معدل انبعاث حراري معين ثابت، مناسب بالضبط لنمو الحياة على الأرض.

·      تكونت الأرض بالانفصال من الشمس بكتلة معينة وبحجم معين, ولو افترضنا أن الأرض صغيرة كالقمر, أو أن قطرها كان ربع قطرها الحالي لعجزت الأرض عن احتفاظها بالغلافين الجوي والمائي اللذين يحيطان بها, ولصارت درجة الحرارة فيها بالغة حد الموت, أما لو كان قطر الأرض ضعف قطرها الحالي لأصبحت جاذبيتها للأجسام ضعف ما كانت عليه, ولزاد الضغط الجوي إلى الضعف؛ مما يؤثر أبلغ الأثر في الحياة على سطح الأرض.

·      تبعد الأرض عن الشمس مسافة قدرها 93 مليون ميل, وهذه المسافة ثابتة عبر بلايين السنين؛ بحيث تستقبل الأرض من إشعاع الشمس ما يكفي فقط لنمو الحياة, ولو أُزيحت الأرض إلى ضعف بعدها الحالي عن الشمس لنقصت كمية الحرارة التي تتلقاها من الشمس إلى ربع كميتها الحالية, ولقطعت الأرض دورتها حول الشمس في وقت أطول, وتضاعف تبعًا لذلك طول فصل الشتاء, وتجمدت الكائنات الحية على سطح الأرض, ولو نقصت المسافة بين الأرض والشمس إلى نصف ما هي عليه الآن لبلغت الحرارة التي تتلقاها الأرض أربعة أمثال, ولزادت سرعتها المدارية حول الشمس ولصارت الحياة على سطح الأرض مستحيلة.

·      تدور الكرة الأرضية حول نفسها مرة كل 24 ساعة, ولو أكملت الأرض هذه الدورة في مدة أطول لطال نهارنا وطال ليلنا، ولهلك الناس من حر ومن برد, ولو دارت الأرض حول نفسها في مدة أقصر لقصر نهارنا وليلنا، علاوة على أن هذا الإسراع في الدوران يؤدي إلى تفكك الأرض وتناثر أجزائها وكل شيء على سطحها؛ نظرًا لتغلب القوة المركزية الطاردة على قوة الجاذبية, ولقد اتضح علميًّا أن مدة الدوران الحالية للأرض حول نفسها تساعد على التوزيع المنتظم العادل للمياه والرياح على سطح الأرض, كما أن ميل محور دوران الأرض يسبب ظاهرة تتابع الفصول من ربيع وصيف وخريف وشتاء؛ مما يؤدي إلى زيادة مساحة الجزء الصالح للسكنى من سطح كوكبنا، ويزيد من اختلاف الأنواع النباتية.

·      الأرض محاطة بغلاف جوي كروي نسميه "الهواء", كما يحيط بياض البيضة بصفارها، ويبلغ ارتفاع هذا الغلاف حوالي 1000 كيلو متر عن سطح الأرض, كما تبلغ كثافته درجة تحول دون وصول ملايين الشهب القاتلة والإشعاعات الفتاكة إلينا مما يحفظ الحياة على سطح الأرض, كما أن هذا الغلاف الجوي يحفظ درجة الحرارة ويحمل بخار الماء من المحيطات إلى مسافات بعيدة داخل القارات, وبتكاثف البخار وينزل على هيئة مطر يحيي الأرض بعد موتها.

·      الهواء الجوي يتكون من غازات أساسية معينة ثابتة مثل الأكسجين (1: 5 من حجم الهواء), والنيتروجين (4: 5 من حجم الهواء)، وثبات نسبة الأكسجين رغم استهلاكه المستمر بسبب تنفس الكائنات الحية وعمليات الاحتراق يرجع إلى الاتفاقية المذهلة بين النبات والحيوان والمسماة بـ "التمثيل الضوئي"- الكلوروفيللي- والتي يمتص فيها النبات ثاني أكسيد الكربون السام من الجو ليصنع منه الغذاء, ويعطي بدلاً منه الأكسجين.

وكمية الأكسجين الثابتة هي الكمية التي تفي تمامًا باحتياجات الحياة على الأرض, ولو زاد الأكسجين لأصبح كل ما على الأرض عرضة للاشتعال, ولو نقص الأكسجين عن هذه النسبة لتعذر الاشتعال والتنفس ولاختفت الحياة, والنيتروجين بنسبته الحالية ضروري لتهدئة الأكسجين؛ لأنه لا يشتعل ولا يساعد على الاشتعال, كما أن النيتروجين يلعب دورًا أساسيًّا في تكوين الغذاء في النبات بالامتصاص بمساعدة البكتيريا التي تسكن جذور بعض النباتات، ومساعدة عواصف البرق التي تؤدي إلى اتحاد النيتروجين مع بعض الأكسجين في الجو لتكوين أكسيد النيتريك الذي يذوب في ماء المطر ويعمل كسماد مفيد للأرض.

·      لو كان سمك قشرة الأرض أكبر مما هي عليه الآن بضعة أقدام لحدث امتصاص لغازي ثاني أكسيد الكربون والأكسجين الموجودين في الجو بواسطة هذه الزيادة، ولاستحال نشوء النبات اللازم للحيوان والإنسان, ولولا هروب الأيدروجين خارج الغلاف الجوي للأرض لاتحد عند نشأتها بالأكسجين الموجود بالأرض، ولأصبح الماء المتكون يغطي كل سطح الأرض لعمق أميال! ولكن الماء الموجود الآن والذي يغطي 3/4 سطح الأرض فقط هو الكمية اللازمة تمامًا لعملية التوازن الحراري على سطح الأرض, وهذه الكمية ثابتة بسبب الدورة المستمرة لمياه الأمطار, فإذا تبخر جزء من الماء من سطح الأرض عاد إليها من السماء على هيئة أمطار.

·      لو كانت الأرض كرة ملساء دون منخفضات أو تعاريج لغطاها الماء الموجود بغلاف مائي سمكه ميلان, ولو تخيلنا أن الجليد الذي يغطي سلاسل الجبال والجزر عند القطبين قد انصهر فإن مستوى مياه البحار والمحيطات في العالم كله سوف يرتفع في هذه الحالة بنحو 65 مترًا ويغطي مدنًا كثيرة آهلة بالسكان.

·      تحتوي الأرض على عناصر غذائية يمتصها النبات ويمثلها ويحولها إلى أنواع مختلفة من الطعام الذي يحتاج إليه الحيوان والإنسان, ويوجد كثير من المعادن قريبًا من سطح الأرض علاوة على البترول والفحم ومصادر الطاقة المختلفة؛ مما هيَّأ السبيل لقيام الحضارة, ومن الجدير بالذكر أن نسبة عنصر اليورانيوم 235 القابل للانشطار والانفجار الذري نسبة ضئيلة في باطن الأرض تُقدر بـ 0,71%, بينما اليورانيوم 338 غير القابل للانشطار يكون 99,28% من كمية اليورانيوم الخام الموجود في الأرض، ولولا هذا لتفجرت الأرض تفجيرًا ذريًّا طبيعيًّا.

·      ينتشر المجال المغناطيسي للأرض إلى ارتفاع يصل إلى عشرة أمثال نصف قطر الأرض مما يجعل الجسيمات الذرية النشطة الفتاكة القادمة من الفضاء الخارجي تقع في مصيدة هذا المجال فتدور في أحزمة بعيدة عن سطح الأرض تم كشفها حديثًا، وتُدعى "أحزمة فان ألن الإشعاعية"؛ وبهذا لا تتعرض الحياة على سطح الأرض للخطر!

·      يمتاز الهواء الجوي بخواص طبيعية هائلة؛ فالهواء مائع يتأثر فورًا بالحرارة والضغط مما يؤدي إلى سهولة تحركه, وما ينتج عن هذه الحركة من رياح وعواصف وأعاصير تثير أمواج البحر وتحمل أبخرته التي تتكاثف إلى سحب وأمطار, وتحدث عملية توازن حراري, ولقد احتفظت الأرض بفضل جاذبيتها بهذا الهواء وبحيث يظل الأكسجين والنيتروجين اللازمان للحياة قريبين من سطح الأرض لارتفاع كثافتهما, كما أن الهواء الجوي شفاف ويسمح بنفاذ الضوء وتشتيته مما يؤدي إلى ظهور ضوء النهار, ولولا الهواء لساد جو الأرض ظلام تام، كما اعترف بذلك رواد الفضاء عند مغادرتهم الغلاف الجوي, والهواء وسط ضروري لانتقال الصوت على سطح الكرة الأرضية.

ويقوم الأكسجين الجوي علاوة على أهميته في التنفس بامتصاص الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس, ويتحول لذلك إلى غاز مطهر يُدعى "الأوزون" عند طبقة جوية تُعرف بـ "الأوزونوسفير" على ارتفاع 20 كم تقريبًا من سطح الأرض، وبذلك يحمينا من أضرار هذه الأشعة الخطيرة التي لا يصل منها إلى الأرض سوى القدر اللازم لنمو الحياة, ولولا هذا لاختفت الحياة من فوق سطح الأرض!

·      تمتلئ البحار بثروات هائلة؛ مثل: الأملاح المختلفة، والأكاسيد المعدنية، والتبر والماس واللؤلؤ والمرجان، علاوة على حقول البترول الممتدة تحت الرصيف القاري في أماكن بحرية كثيرة، وكذلك الرمال المشعة, وغير ذلك من أسماك وحيوانات بحرية ونباتات مائية، بالإضافة إلى استخدام ظاهرة الطفو في النقل البحري، وطالقة أمواج البحر لتوليد الكهرباء، وغير ذلك من أشياء- لم يصل إليها العلم بعد- مسخرة لخدمة الإنسان.

·      إن كوكب الأرض يمتاز بوجود الماء, وخواص الماء الطبيعية أذهلت العلماء؛ فالماء يمكن أن يوجد في الصور الثلاث للمادة في درجات حرارة الأرض على هيئة بخار يختلط بالهواء, أو سائل في البحار والمحيطات والأنهار, أو صلب في أعالي الجبال وقمم السحب, والماء أكثر السوائل المعروفة إذابة لغيره من العناصر والغازات والمركبات، وهو بذلك يلعب دورًا كبيرًا في العمليات الحيوية داخل أجسامنا بوصفه مركبًا أساسيًّا من مركبات الدم, ويساعد الماء على امتصاص المواد الغذائية بواسطة الكائنات الحية من نبات أو حيوان أو إنسان.

وللماء قدرة على اختزان الحرارة؛ حيث يمتصها ببطء ويفقدها أيضًا ببطء؛ ولهذا فهو أعظم منظم للحرارة على سطح الأرض, ولولاه لتضاءلت صلاحية الأرض للحياة إلى حد الانعدام.

والماء سائل شفاف منفذ للضوء؛ مما يساعد على وصول الضوء إلى الكائنات النباتية المائية ليساعدها على النمو بالتمثيل الضوئي، علاوة على أن الماء له القدرة على إذابة جزء من أكسجين الجو ليساعد جميع الكائنات الحية المائية على التنفس تحت الماء.

وتمتاز جزيئات الماء السطحية بأن لها قوة شد عالية تُدعى "قوة التوتر السطحي"، والتي تساعد على تماسك الجزيئات فيتم تكوين الأمواج وقطرات الندى, كما تساعد قوة التوتر السطحي للماء على صعود الماء في سيقان النبات بالخاصية الشعرية رغم أنف جاذبية الأرض!

وللماء خاصية فريدة من نوعها؛ فالماء يمتاز بأن كثافته تقل عندما يتجمد، بخلاف السلوك الطبيعي لسائر المواد، ولهذه الخاصية الشاذة أهمية كبرى بالنسبة للحياة؛ إذ بسببها يطفو الجليد على سطح الماء عندما يشتد البرد بدلاً من أن يغوص في القاع، وهذا الجليد الطافي يكون بمثابة طبقة عازلة تحفظ الماء الذي تحتها في درجة حرارة 4م فوق درجة التجمد, وبذلك تبقى الأسماك وغيرها من الحيوانات المائية على قيد الحياة.

هذه هي بعض التوافقات والتنظيمات التي أودعها الله كوكب الأرض لتقوم الحياة فيها بأمره سبحانه وتعالى, وهناك العديد من التنظيمات الإلهية المقصودة لهذا الغرض لم يتسع المجال لذكرها, ولقد ثبت الآن بالبرهان العلمي أن جميع مقومات الحياة ما كان يمكن أن توجد وتتجمع في مكان كالأرض بمحض المصادفة... ألا ساء ما يقول الملحدون.

كلا إنه نظام ولا بد للنظام من منظم, وإنه مقصود ولا بد للقصد من قاصد مريد, وإنه وجود ولا بد للوجود من موجد, وإنه إبداع ولا بد للإبداع من مبدع، وصدق الله العظيم إذ يقول: )إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون (164)( (البقرة)"([1]).

هذه عناية إلهية واضحة بهذا الكوكب الذي نعيش عليه, وهذا جزء بسيط جدًّا وسط عالم شاسع الاتساع عظيم الحجم, يسير في تنظيم عجيب ودقة متناهية, وتظهر هذه العلاقات والتنظيمات في كل شيء من حولنا؛ في عالم الإنسان وحياته, وفي عالم الكائنات الحية من حيوان ونبات وحشرات وطيور, وفي الكون الخارجي, من مجرات وكواكب وأفلاك ومجموعات، كل ذلك يسير وفق تنظيم عجيب, وعناية إلهية فائقة.

كل هذه النواميس الكونية العجيبة, وهذا الخلق البديع ليدلنا على عظمة الخالق عز وجل وطلاقة قدرته في تسيير أمر هذا الكون وتدبير شئونه, وقيامه بنظامه المتكامل, دون خلل أو تناقض, فهي قدرة فائقة أوجدت هذا الكون على نحو دقيق متكامل, وحفظته عن الفساد والهلاك، وأرادته مستمرًّا صالحًا بعناية فائقة، وهنا نقف على الحكمة من وجود هذه النواميس الكونية والأسباب في الحياة.

الحكمة من وجود النواميس الكونية:

لقد خلق الله عز وجل الكون وأودعه مجموعة من القوانين الثابتة والأسباب المطردة, والعلاقات الدائمة بين أجزائه؛ بحيث يسير الكون وفق هذه التنظيمات بشكل ثابت يحفظ له الاستمرار والصلاح على طول السنين, وهذا القانون- أي قانون السببية- من ربط المسببات بأسبابها, والنتائج بمقدماتها- قانون عام شامل لكل ما في العام, وقد جعل الله عز وجل هذا النظام المحكم لحكمة بالغة, ولغاية واضحة.

فهذا الكون يجري بموجب أسباب ومسببات تكون قانونًا عامًّا في غاية الدقة والإحكام والشمول؛ بحيث لا يخرج عنه شيء ولا يفلت منه مخلوق، يحكم كل شيء من المخلوقات بلا استثناء؛ من أصغر ذرة إلى أكبر جرم, ومن الجماد والنبات بأنواعه إلى ذي الروح بأنواعه, ومن حركة الذرة في مادتها التي لا نشعر بها إلى حركة الريح العاصف التي تقلع الأشجار وتخرب البيوت، فالكل خاضع ومنقاد لهذا القانون الرهيب لا يستطيع منه تفلـتًا ولا خلاصًا، وهذا الخضوع التام من الجميع ما هو في الحقيقة إلا خضوع للملك القوي الجبار واضع هذا القانون وخالق هذا الكون, وعلى هذا دل القرآن الكريم, قال الله تعالى: )والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم (38)( (يس)، وقال تعالى: )وله أسلم من في السماوات والأرض طوعًا وكرهًا وإليه يرجعون (83)((آل عمران)، وهذا القانون الإلهي العام المسمَّى في القرآن الكريم بـ "سنة الله" لا يقبل التبديل ولا التحويل.

وقد ذُكرت كلمة "سنة الله" وأنها لا تتبدل, في القرآن الكريم في مواضع كثيرة؛ حتى يرسخ مفهومها في النفوس وتنحسر الأوهام عن العقول، وسنة الله أو هذا القانون الإلهي العام يقوم على الأسباب والمسببات وربط النتائج بالمقدمات على نحو في غاية الدقة والصرامة والاطراد، والإنسان- وهو جزء من هذا الكون, ولكنه جزء ممتاز- يخضع لهذا القانون في جميع حركاته وسكناته وتقلبات أحواله([2]).

تعود الحكمة من وجود هذه الأسباب الحاكمة للكون, والسنن السارية فيه أولاً إلى حفظ هذا الكون وحمايته من الهلاك والفوضى واستقراره وثبوته لصلاح الحياة عليه واستمرارها.

"فالله سبحانه وتعالى لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء, ولكنه سبحانه وتعالى له الحكمة التامة في كل شيء؛ فقد وضع نواميس للكون لا تتحمل التغيير, وهذا من كمال قدرته, وإلا لفسد الكون ولوقع الضرر على جميع المخلوقات, ومنها الإنسان: )ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن( (المؤمنون: 71)، فلو بعدت الشمس مثلاً عن الأرض لتحولت إلى كرة من الجليد ولدمرت جميع مظاهر الحياة, ولو اقتربت منها لأحرقت كل ما عليها, وغيرها الكثير من النواميس التي لو تغيرت لأحدثت خللاً رهيبًا في الكون, فهي ثابتة منذ ملايين السنين, لم يصبها عطب, ولم تحتج إلى راحة أو صيانة؛ فالشمس مثلاً مخلوقة منذ ملايين السنين ولم تتعطل يومًا لحين إصلاحها, أو تركيب قطع غيار لها, أو غير ذلك, في حين أن أدق ماكينة من صنع البشر لا بد أن تتعطل, وتتآكل أجزاؤها, وتحتاج لقطع غيار وتشحيم وصيانة، أما الكون فلم يتعطل نظامه منذ خلقه الله عز وجل, وما يطلبه الملحدون من خرق النواميس فهو عبث وتدمير للكون وليس طلاقة قدرة, ولو حدث لقالوا: إن الكون تحكمه آلهة متعددة, وإن كل إله يغير ما يفعله الإله الآخر: )لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا((الأنبياء: 22).

إن النواميس التي خلقها الله لا تحكمه سبحانه وتعالى, أما البشر فتحكمهم قوانين صنعتهم؛ فلو ذهبت إلى خياط وأعطيته مترًا من القماش وقلت له: اعمل لي بدلة وصديري وبالطو، لقال لك: لا أستطيع؛ لأن الصنعة تحكمني, أو قلت لنجار: اعمل لي غرفة نوم وسفرة وصالونًا وكذا وكذا من لوح خشبي، لقال لك: لا أستطيع؛ لأن قانون الصنعة يحكمني, أما الله سبحانه وتعالى فلا تحكمه صنعته, فرغم ما جعله من هذا التناسق البديع والتوازن والثبات في الكون فقد خرق بعض نواميسه في بعض الأحيان ولكن بحكمة, وبغير أن يفسد نظام الكون, ومن أمثلة ذلك: ما حدث من سلب خاصية الإحراق من النار وإنجاء سيدنا إبراهيم عليه السلام منها, وإخراج الناقة من الصخرة لسيدنا صالح عليه السلام, وخلق سيدنا آدم عليه السلام بغير أب ولا أم, وخلق السيدة حواء بغير أم, وخلق سيدنا عيسى عليه السلام بغير أب, وتليين الحديد لسيدنا داود عليه السلام, وتسخير الرياح وتسييل النحاس لسيدنا سليمان عليه السلام, وقلب العصا إلى ثعبان وفلق البحر لسيدنا موسى عليه السلام, وإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص لسيدنا عيسى عليه السلام, وغير ذلك من المعجزات التي أيد الله بها الأنبياء عليهم السلام"([3]).

ثمة حكمة أخرى وراء السنن الكونية والأسباب الحاكمة له تتمثل في إثبات وجود الخالقعز وجل والإيمان به, والتصديق بأنه الإله الحق, والخالق لكل شيء, والمدبر لأمر هذا الكون.

إن الوقوف على العلاقات الحاكمة لهذا الكون, والأسباب المتبادلة بين أنواعه وأجزائه, والتعرف على خصائص العلاقات السببية الكامنة فيه- ليفتح أمام الإنسان الفرصة الكاملة لاكتشاف قوانين هذا الكون, واستعماره, وتسخيره لأجل منافعه؛ فالكون كله مسرح للعقل وميدان لعمله, والعقل مهيأ للسيطرة الكلية على الكون, فكرًا وتأملاً, مقدمات ونتائج, علاقات بين الأشياء, أسباب ومسببات, تسخيرًا وتوظيفًا, وتلك مهمة العقل اعتمادًا على أسباب الكون.

ثم إن هذه الأسباب الحاكمة للكون تأخذ بيد العقل البشري؛ إدراكًا لهذه العلاقات بين الأشياء, وترقيًا في فهم الأحداث من حوله, نظرًا وتأملاً، فيدرك القوانين العامة, وينطلق من بديهيات التفكير؛ ليدرك الأسباب وراء هذا الكون, ويعرف أن لكل خلق من خالق, فيبحث عن الخالق وراء هذا الكون المحكم المنتظم, فيسبح بحمده ويقف على عظمته وقدرته, ويؤمن بوجوده وعنايته بهذا الخلق العجيب([4]).

فالحكمة من قيام السنن الكونية عظيمة وجليلة؛ فهي تحفظ الكون ثابتًا مستقرًّا دون خلل أو نقص, وتكفل له الاستمرار والصلاح على طول المدى, كما أنها تبصر الإنسان بخالقه, وتمكنه من تحقيق الهدف من وجوده, وإتمام الرسالة التي خلقه الله من أجلها؛ إنها إعمار الكون وتوحيد الخالق عز وجل.

"إن أبرز مظاهر دلالة هذا الكون على وجود الخالق إنما هو مظهر التناسق والانسجام فيه, كما أوضحنا ذلك من قبل, وليس معنى التناسق والانسجام فيه شيئًا غير ظاهرة السببية والعلية الشائعة والسارية في كل صوره وأجزائه.

إذًا فلِكي يدل الكون دلالة باهرة على وجود الله عز وجل ينبغي أن يكون متناسقًا، ولكي يتم فيه التناسق ينبغي أن يكون مرتبًا بعضه على بعض؛ بأن يكون هذا محتاجًا وذاك محتاجًا إليه، فيتلاقيان طبقًا للحاجة التي بينهما, فإذا تجلى لك من الكون هذا التناسق تنبهت لما قلناه من ضرورة تناقص العلل في المسائل المتناسقة كلما أمعنت النظر أكثر, وكلما سبرت مزيدًا من أغوار هذه العلل والمعلولات؛ فتسير متأملاً في هذا السبيل, إلى أن تنتهي بك هذه العلل الكثيرة المختلفة إلى العلة الوحيدة الكبرى الكامنة خلف كل ما قد رأيت, أي إلى واجب الوجود وهو الله عز وجل.

إن الذي يتأمل أجهزة وآلات معينة ومنتشرة لا يمكن أن يصدق أنها جميعًا من صنع شخص واحد هو الموجد لها, إلا إذا تأمل فرآها متممة بعضها لبعض, متعاونة لدى التركيب في إيجاد عمل نوعي معين, وكلما ازداد لمسًا لهذا الانسجام وسبر مزيدًا من دقائقه ازداد يقينًا بوحدة الصانع؛ وذلك كأن يعمد فيركبها إلى بعضها تركيبها الصحيح المتصور، وإذا هي قد انقلبت في يده ساعة تضبط الزمن, وإذا هي من صنع معمل معين معروف.

وهكذا اقتضت رحمة الله بعباده أن يجعل من كونه أفصح بيان ناطق بألوهيته وحده عز وجل، وبأنه الخالق والمبدع للكون كله, فجعلك في حاجة مستمرة إلى كثير من الأمور المعينة, ثم جعل بينك وبين هذه الأمور حلقات من الوسائط والأسباب, كلما تجاوزت واحدة منها إلى الأخرى تبدَّى لك جديد من معنى الانسجام بين أجزاء الكون وجزيئاته، ووقفت على ما بينهما من تعاون ومشاركة في سبيل تحقيق أغراضك وحاجاتك؛ حتى تستيقن أخيرًا بأن من وراء هذا الكون كله من يدبره هذا التدبير ويؤلف بينه هذا التأليف.

ولو أن الله عز وجل خلقك غير محتاج إلى شيء وخلق المكونات الأخرى كذلك- وهو قادر أن يفعل ذلك- لما وجدت أمامك أي فرصة لاكتشاف معنى التناسق والتلاؤم فيها, ولفقدت بذلك أبرز مظهر من مظاهر الدلالة على وجود الله تعالى في الكون.

ثم إن الله عز وجل لما اقتضت حكمته ورحمته بعباده ذلك, وعاش الإنسان حياة ألف فيها نظام الوسائط والأسباب, وأصبح خياله لا يتصور الأمور إلا منوطة بمقدماتها ووسائطها- اقتضت حكمتهعز وجل أن يقيم الأحداث الغيبية أيضًا على نظام الأسباب؛ ليتصورها الإنسان حسب مألوفه وكما اعتاد فكره وخياله, فأخبره عن مراقبة الله لكل أعماله وتصرفاته في الدنيا، وأوضح له أن ذلك يتم بواسطة ملكين يراقبان ذلك منه ويحصيان كل حركاته وسكناته, وأخبره أن من رجحت حسناته على سيئاته كان من المفلحين يوم القيامة, وأوضح له أن الكشف عن ذلك يتم بميزان تُوزن فيه الأعمال, وأخبره عن النار وأن لها زبانية يقومون بشأنها وبتعذيب الكافرين فيها, وأن ملائكة تحمل العرش, وملائكة تحافظ على الإنسان, وملكًا يقبض الأرواح.

ومعلوم بالبداهة أن الله عز وجل- وهو الذي خلق هؤلاء الملائكة وأولاهم هذه الطاقة- غير محتاج إلى وساطتهم وسببيتهم في شيء, ولكن شاء الله عز وجل أن يظهر سلطانه وقوته لعباده بالشكل الذي ألفوه في حياتهم وتعودته أخيلتهم وأفكارهم, ولعل أقرب مثال لذلك ما جاء في صريح تبيانه عز وجل من أنه سبحانه يختم يوم القيامة على أفواه الكافرين ويأمر أيديهم وأرجلهم فتشهد بما اقترفوا, وذلك في قوله عز وجل:)اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون (65)((يس)، فما قيمة شهادة الأيدي والأرجل لصاحبها أو عليه مع ما هو ثابت من أن الله عز وجل مطلع على كل خافية منه؟! إن قيمة ذلك محصورة في أن هذه الشهادة توضح للإنسان أن لا سبيل له في ذلك الموقف إلى استعمال شيء مما كان اعتاده في الدنيا من مختلف مظاهر التوسط أو التحايل أو التخفي, إن من اليسير على الله عز وجل أن يبطل ذلك كله بمثله, فإن زورت في النطق بين يديه عز وجل أنطق طرفًا من أطرافك بما يكشف عن تزوير لسانك, وفي هذا من تجلي ألوهية الله وعظيم سلطانه ما لا تجده في قوله مثلاً: اليوم لا يخفى علينا شيء من سابق شئونهم وسوف نحاسبهم على كل ذلك"([5]).

وهكذا فقد جعل الله تعالى هذه الأسباب الكونية- لحكمة إلهية جليلة- تتجلى في بديع صنعه عز وجل؛ لتدل عليه, فربط الأسباب بمسبباتها في شكل قانون إلهي إنما هو من قدر الله ليستقر نظام العالم في عقلية المؤمن, وليستقر في عقله أيضًا أن من طلب النتائج فيجب عليه أن يبدأ بالأخذ في الأسباب, فإن من طلب الحصاد بغير زرع فقد طلب المستحيل, ومن طلب النسل دون زواج فقد طلب المستحيل في قانون الحكمة الإلهية، فهذه المراحل كلها من تقدير الله تعالى في ربط النتائج بأسبابها كنظام أساس لعمار الكون, وهكذا تمتد سلسلة الأسباب لتنتهي إلى مسبب الأسباب كلها، وهو الخالق عز وجل.

إن هذه الأسباب والنواميس الكونية المطردة في الخلق ليست فاعلة بذاتها، وليست قائمة بآلية من ذاتها, وإنما هي مرتبطة بالخالق عز وجل؛ فهي تقوم بإرادته وتفعل بمراده وتقديره, فهو القادر على سلبها هذه الخواص فلا تفعل ولا تؤثر, وإنما اقتضت حكمته عز وجل أن يسير هذا الكون وفق هذا الإحكام المتناهي ليحقق أهدافه وغاياته التي وُجد لأجلها.

"فإن سلسلة الأسباب وترابطها في هذا الكون هي من صنع الله عز وجل ومن تقديره, وأنها تعمل وفق إرادته ومشيئته, والاطراد الملحوظ بين الأسباب ونتائجها هو من خلق الله وتقديره, فهو سبحانه وتعالى كما جعل الطاعة مكفِّرة للمعصية جعل الماء مزيلاً للعطش, وجعل الدواء مزيلاً للألم, وأمر الإنسان بالنظر العقلي في ملك الله وملكوته لينظر كيف تنتج الأسباب نتائجها؛ لأن كلها آيات الله, ومبثوثة في كونه دالة عليه, وهي في الوقت نفسه تجليات لصفات الخالق في خلقه.

إن تكرار الارتباط بين الأسباب والمسببات لا يمنح السبب صفة الفاعل الحقيقي, بل يدل على أن العقل وقع أسيرًا للعادة, فلم ينظر إلى ما وراءها من أسباب بعيدة هي الفاعل الحقيقي, والسبب القريب أشبه بالشرط في حصول النتيجة وليس سببًا حقيقيًّا، والشروط تصاحب الفعل, وليست هي الفاعلة, ومن شروط صحة الفاعل تقدم الشروط المصحِّحة للفعل, وهكذا نجد في سلسلة مخلوقات الله بعضها شرط في حصول البعض الآخر؛ فمباشرة الزوج لامرأته شرط في حصول الولد, وتعهد البذر والزرع شرط في حصول الثمرة"([6]).

وهذه هي العقيدة الحقة في الأسباب, وتأثيرها, وقيامها بأمر الخالق عز وجل, فكلها راجعة إليه, وقائمة بأمره.

"فإن على المسلم أن يعتقد عقيدة جازمة أن لا تأثير في الكون لأي شيء إلا الله عز وجل, وأن كل ما يتراءى لنا من مظاهر الأسباب والعلل إنما هو أسباب وعلل جعلية, جعلها الله عز وجل كذلك, وأن ما قد يجده الباحث فيها مما يسميه العلم بالعوامل والمؤثرات وما إلى ذلك, إنما هو كذلك من حيث الظاهر فقط, والعلم لا شأن له بالأشياء إلا أنه يصفها على ما هي عليه في أدق مظاهرها, ثم يمارس هذا الوصف بالتجربة في مجالات متكررة, وإذا كان العلم إنما يصف واقعًا لا يزيد عليه فإن هذا الواقع لا يزيد على المقارنة المستمرة, أما إمكان الانفصال فشيء آخر, وهيهات أن يتوصل العلم إلى أن مقارنة الأسباب بمسبباتها أمر حتمي لا مناص من تلازمهما ولا حيلة لانفكاكهما"([7]).

الأمثلة على خرق النواميس الكونية:

إن الخالق عز وجل رغم ما جعله من توازن مدهش في هذا الكون, وما فيه من تناسق عجيب وثبات مستمر- فقد خرق بعض نواميسه في بعض الأحيان, وخرج عن أسبابه المطردة في بعض الأمور, ولكن كل هذا بحكمة وعناية, فلا يفسد نظام الكون ولا يتغير, وإنما يستمر الكون على ثباته وتظل هذه الحالات جزئية ونادرة, تدل على قدرة الخالق عز وجل وعظم تقديره ووجوده, ولكن دون دمار كامل ولا هلاك تام كما يريد ذلك الملحدون.

حدثت كثير من المخاريق والكرامات للأنبياء والرسل, وتحدث المعجزة؛ فمن ذلك يولد الإنسان من غير أب ولا أم كما في خلق آدم عليه السلام, ومن غير أم فقط كما في خلق حواء, ومن أم دون أب كما في خلق عيسى عليه السلام، ومنها نطق العصا وتحولها ثعبانًا هائلاً كما حدث مع موسى عليه السلام, وغيرها من هذه الخوارق والمعجزات التي حدثت في تأييد الأنبياء عليه السلام, وإثبات صدق دعوتهم.

"وفي المشاهد من واقعنا أمثلة أخرى على خرق النواميس؛ ففي بنى آدم مثلاً معروف أن الذرية تأتي من اتصال الذكر بالأنثى, ولكن أحيانًا يكون الزوج سليمًا والزوجة سليمة ليس بهما أي معوقات عن الإنجاب, وكل فحوصاتهما الطبية سليمة, ولكن يقدر الله عز وجل ألا ينجبا, فإذا افترقا وتزوج كل واحد منهما أنجب:)لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذكور (49) أو يزوجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيمًا إنه عليم قدير (50)( (الشورى)، وفي هذا حجة على الملاحدة الذين يقولون: إن كل شيء يسير بقانون لا يخرج عنه, فلو كان قولهم صحيحًا لـما وُجد عقم على الإطلاق إلا بما يعترفون به من خلال حالات مرضية, ولكن هذه الآية تتحدى البشرية باستمرار وجود حالات عقم مهما بلغت من تطور علمي في اكتشاف الأمراض وعلاجها, والمواليد التي لم تولد بالصفات الخلقية نفسها لعامة البشر, والتي يقولون عنها إنها "عيب خلقي" هي أيضًا من خرق النواميس, ولكن هذه التسمية خطأ, فلا يصح لمسلم أن يقولها على أية حال, حتى لو قالها أكبر أساتذة الطب؛ لأنه في هذه الحالة ينسب العيب للصانع وليس للمصنوع.

فلو أتيتني مثلاً- ولله المثل الأعلى- بكرسي له ثلاث أرجل كلما جلست عليه وقعت, أيكون العيب في الكرسي أم الذي صنعه؟! ولكن الله سبحانه وتعالى ليس في خلقه عيب:)الذي أحسن كل شيء خلقه( (السجدة: 7)، )صنع الله الذي أتقن كل شيء( (النمل: ٨٨)، )إنا كل شيء خلقناه بقدر (49)((القمر)،)لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم (4)( (التين)، ولكنه تغير رباني لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى, سواء علمناها نحن أم لم نعلمها, فالأفضل في هذه الأحوال أن نقول: مرض خلقي، أو كلمة تشابهها.

ويقال: إن سيدنا يونس عليه السلام بعدما أمر الله الحوت أن يلقيه على الشاطئ وجد أطفالاً يلعبون, ووجد طفلاً جالسًا حزينًا لا يلعب معهم, وعندما حقق فيه النظر وجده أعمى, فدعا الله أن يرد إليه بصره, فاستجاب لدعوته ورد بصره, ولكن ماذا حدث؟ كان أول شيء فعله هذا الطفل بعد أن ارتد إليه بصره أن رمى سيدنا يونس بالحجارة, وحرض الأطفال الآخرين أن يفعلوا مثله, فدعا الله أن يعميه كما كان؛ لأنه مفسد في الأرض.

هذه القصة لم نتأكد من صحتها, ولكن ذكرناها للاستئناس, وأنه لا بد من وجود حكمة في تغيير خلقة بعض البشر عن الآخرين, ونحن في عالم للكفر فيه قدم وساق, فلو كانت كل الأطفال تولد بصفات خلقية ثابتة لتطاول الجاحدون وقالوا: إن الذي يخلق ليس بوسعه أن يغير خلقته, وهناك الكثير والكثير من خرق النواميس؛ حتى لا نظن أننا قد ملكنا الدنيا بالأسباب, وأن كل شيء ثابت ولن يتغير, فيصيبنا الأمان من مكر الله عز وجل وعدم التوكل عليه, بل التوكل على الأسباب وحدها.

ونذكر من أمثلة خرق النواميس: بعض المناطق المعروفة بحلول الأمطار الغزيرة وبالشلالات التي تمد البلدان الأخرى بالمياه- مثل بعض منابع النيل في أفريقيا- تأتي عليها فترة لا تمطر قطرة واحدة, حتى يكاد الحرث والنسل يهلك من شدة العطش, ولا يستطيع الإنسان بكل ما أُوتي من علم أن يتنبأ بوقت الجفاف, أو يأخذ حذره فيعد لذلك عدته, فلو كانت الأسباب وحدها هي المسيرة لهذا الكون لـما انقطعت هذه الأمطار عن تلك المناطق, وعلى العكس من ذلك قد تهطل الأمطار على مناطق صحراوية جافة لم تعهد المطر قط, أو يأتي المطر في الحر، كما يحدث عندنا في بعض الأحيان؛ ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إثر سماء كانت من الليل- أي في صبيحة ليلة ممطرة- : «هل تدرون ماذا قال ربكم الليلة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر, فأما من قال: مُطِرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب, وأما من قال: مُطِرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب»([8])، وأحيانًا تأتي ليال باردة في الصيف، وليال حارة في الشتاء.

وفي عالم الحيوان تجد صبيًّا لا يتجاوز عمره بضعة أعوام يسحب جملاً أو ثورًا كبيرًا لو وقع على سيارة لحطمها, وفي الهند تجد الطفلة الصغيرة تركب فوق ظهر الفيل الضخم دون أن تخاف منه, أو تمسك بزمامه وتضربه وتجعله يعمل في الحقل حيث شاءت, من الذي سخر لنا هذه الكائنات العملاقة التي لو ثارت لـما وقف في طريقها أحد؟ إنه القادر على كل شيء الذي لا يعجزه شيء، ولا يظن أحد أن هذا ذكاء من ابن آدم أو مهارة, فإنه يعجز عن السيطرة على ما هو أضعف منها بكثير, فلا يستطيع أن يسيطر على ثعبان أو فأر أو ذئب أو ثعلب... إلخ، ويـحار في السيطرة على ذبابة أو بعوضة أو برغوث أو بقة تقلقه.

وفي عالم النبات تجد الفلاح يبذر الحبوب ويسقيها بالماء ويفعل كل ما كان يفعله من قبل, ثم تأتي آفة أو صاعقة على هذا الزرع فتهلكه دون أن يعرف لها أي سبب:)وأُحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدًا (42)( (الكهف)،)فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون (19) فأصبحت كالصريم (20)( (القلم)، أو يخرج النبات ولكنه أردأ بكثير مما كان متوقعًا: )والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبُث لا يخرج إلا نكدًا((الأعراف: 58)، في حين أن هناك مناطق أخرى جدباء يخرج النبات فيها بإذن ربها دون بذر ولا حرث, مثل بعض الجبال الصخرية والمناطق الصحراوية, حتى إن البعض يسمي هذا النبات "زرع شيطاني"، ولكن هذه التسمية خطأ؛ لأن كل شيء بأمر الله عز وجل, فالأرض والمطر والرياح والزرع، وكل شيء لا يفعل بذاته ولكن بقدرة الله, حتى لا نتوكل على الأسباب وننسى الخالق سبحانه وتعالى.

وفي الجماد نرى ما يطرأ على الكرة الأرضية من زلازل وبراكين وانزلاقات أرضية وأعاصير وغير ذلك, والله سبحانه وتعالى لا يخلق هذه الأشياء عبثًا، ولكنها بذنوب العباد؛ ففي الزلزال الذي حدث في مصر عام 1992م ارتعدت قلوب الكثير من العباد وعادوا إلى ربهم, وفي اليوم الذي غامت فيه السماء نهارًا حتى أظلمت الدنيا تمامًا وكأنه الليل, أصاب الكثير من سكان القاهرة الرعب والفزع, وظنوا أن القيامة قد قامت, أليس هذا خرقًا للنواميس؟ وسبحان الله، تجد الإنسان الذي بلغ من العلم ما بلغ لا يستطيع أن يتنبأ بوقوع الزلازل ولا يقدر شدتها بمقياس ريختر إلا بعد حدوثها, في حين أن الذي يشعر بقرب وقوعها بعض الحيوانات, وخاصة الفئران والكلاب والحمير, فتراها تهرب في اتجاه بعيد عن مصدرها, حتى إن الحيوانات المحبوسة في الأقفاص يصيبها حالة من الهياج؛ لأنها مقيدة لا تستطيع الفرار, وقد بدأوا في عمل أبحاث باستخدام الفئران في المناطق التي تكثر فيها الزلازل كمحاولة للتنبؤ بوقوعها, وفي هذه الزلازل تحدث الأعاجيب, ففي حين أن المرء لا يقاوم العطش أكثر من ثلاثة أيام وبعدها يموت, فقد وجدوا في الزلزال الذي حدث في إيران امرأة عجوزًا تحت الأنقاض بعد عشرة أيام، وهي ما زالت على قيد الحياة بدون ماء ولا غذاء.

وفي عالم البحار تكون الرياح أحيانًا هادئة والأمواج غير عالية, وفجأة ينقلب كل شيء رأسًا على عقب: )هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أُحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين (22)( (يونس).

ومن طلاقة قدرة الله عز وجل أن يقصم الجبابرة كما فعل بفرعون وأمثاله, وأن ينصر المستضعفين كما فعل ببني إسرائيل وأمثالهم, وما زالت طلاقة قدرة الله عز وجل ماثلة أمامنا حينًا بعد حين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها"([9]).

هذه مظاهر من خوارق النواميس في الكون تدل بوضوح على طلاقة القدرة الإلهية, وتقر له سبحانه وتعالى بالكمال المطلق, فله عز وجل كمال القدرة وكمال الحكمة, وكمال الإرادة, وكل صفاته وأسمائه كمال وتنزيه، فسبحانه له الملك والخلق والتدبير, خلق كل شيء فقدَّره تقديرًا, وهذا كله يدحض مزاعم الملحدين وافتراءاتهم, ويثبت الكمال المطلق والقدرة التامة للخالق عز وجل.

الخلاصة:

·      خلق الله عز وجل هذا الكون على درجة عالية من الدقة والإتقان, وأودعه سننًا ثابتة وأسبابا مطردة؛ حيث يسير وفقها في درجة تامة من الانضباط والاتزان، بحيث يكفل له الثبات والاستقرار وتستمر الحياة عليه.

·      الكون عالم مدهش من الدقة والإتقان والاتزان؛ حيث تقوم فيه الأشياء بمقاييس دقيقة وموازين ثابتة, فكوكب الأرض الذي نعيش عليه آية تنطق بالدقة والاتزان, ويظهر ذلك في الكتلة والحجم ودرجة الحرارة, والموقع من الشمس بعدًا وقربًا, والدوران حول الشمس وحول محورها, كل هذا لو تغير قليلاً عن مقاديره لاستحالت الحياة على الأرض ولأصبحت جحيمًا, فالكون كله محكوم بموازين دقيقة تحفظ له الاستقرار والحياة على الآماد البعيدة.

·      تتجلى الحكمة الإلهية في قيام السنن الكونية والنواميس المطردة في الخلق في الحفاظ على هذا الكون ثابتًا مستقرًّا وصالحًا للحياة بعيدًا عن الفوضى والعبث؛ لأداء الغاية المنشودة منه على أتم وجه.

·      وكذلك تكمن الحكمة الإلهية في ربط علاقات الكون بالأسباب والمسببات وسير الكون وفق قوانين ثابتة- في الأخذ بيد العقل البشري لاكتشاف الكون واستعماره, والوصول من خلال هذه العلاقات الثابتة إلى ما وراء الكون, ليستدل على وجود الخالق ويؤمن به حق الإيمان, فيحقق الهدف من خلقه, ويتم رسالته في إعمار الخلق, وتوحيد الخالق عز وجل.

·      رغم أن هذا الكون يسير وفق توازنات ثابتة وأسباب مطردة إلا أنه قد خرج عن هذه النواميس وخرق هذه الأسباب أحيانًا, ولكن هذا كان بحكمة كبيرة, فلم يهلك الكون ولم تحدث الفوضى, ومنها تأييد الأنبياء والرسل بالمعجزات والخوارق؛ كسلب النار خاصية الإحراق, وكتحول العصا ثعبانًا هائلاً, وكميلاد الإنسان دون أب, أو دون أم, وكخروج الناقة من الجبل, وغيرها كثير من المعجزات التي جاءت على أيدي الأنبياء في دعوتهم ورسالتهم.

·      وفي المشاهد من الواقع أمثلة أخرى على خرق النواميس, وكلها بحكمة وقدر أيضًا, فلا دمار شامل, ولا فوضى عبثية؛ ومن ذلك ما يحدث في بني آدم أن يولد بعض الأطفال على غير الصفات البشرية لعامة الناس, أو ما يُسمى بـ "الأمراض الخلقية", فالمطرد في خلق الإنسان أن يكون في أحسن تقويم, وما يحدث من إعاقات في ذلك فهي من باب خرق النواميس, وذلك لحكمة يعلمها الله, وكذلك الأمر في عدم الإنجاب من زوجين صالحين له, دون وجود أي موانع لذلك, ويبقى العقم بينهما دليلاً على خرق هذا الناموس.

·      وكذلك فهناك أمثلة أخرى لخرق النواميس في الطبيعة؛ وذلك ما نراه في المناطق المعروفة بهطول الأمطار، فيأتي عليها وقت لا تمطر تمامًا حتى يكاد الحرث والنسل أن يهلك ويحدث الجفاف دون علم الإنسان, ويخرق الناموس المطرد في وجود الأمطار في هذه المواسم, وكذلك العكس في المناطق المعروفة بالجفاف فقد تهطل فيها الأمطار على غير اطراد ودون سبب.

·      وفي عالم الحيوان كذلك من انقياد الحيوانات العظيمة للطفل الصغير, وكذلك استئناس الحيوانات المفترسة, فهذا دليل على خرق ناموسها, وكذلك في عالم النبات، ما يحدث من قلة الإنتاج وضعفه في أرض صالحة لذلك وقادرة على وفرة الإنتاج, ولكن في بعض الأوقات ينخفض, وكذلك ما ينتج من نباتات في أماكن صحراوية جافة دون راعٍ أو زارع, فهي خوارق لنواميس الكون في الزراعة أيضًا.

·      وكذلك الخوارق في الطبيعة من زلازل وبراكين وأعاصير وانزلاقات أرضية فهي صور قاسية في الحياة؛ حيث تعصف وتدمر, وهي على خلاف ناموس الكون في الاستقرار والثبات, ولكنها تأتي بحكمة وفي مناطق قليلة على الأرض؛ دليلاً على عظمة الخالق وقدرته.

·      هذه حكمة الخالق عز وجل وكمال قدرته وإرادته, فهو سبحانه وتعالى له الكمال المطلق والقدرة الفائقة, وله الملك والخلق والتدبير, وإنما ما يريده الملحدون من خرق للنواميس الكونية إنما هو إرادة للعبث والفوضى والدمار, ولو حدث لقالوا: إن الكون تحكمه آلهة متعددة, تعالى الله سبحانه وتعال عما يقولون علوًّا كبيرًا.


 

(*) ردود علماء المسلمين على شبهات الملحدين والمستشرقين, محمد ياسين, مكتبة الإيمان, القاهرة, ط1, 1429هـ/ 2008م.

[1]. الكون والإعجاز العلمي للقرآن الكريم, د. منصور محمد حسب النبي, دار الفكر العربي, القاهرة, ط1, 1427هـ/ 2006, ص40: 45.

[2]. السنن الإلهية في الأمم والجماعات والأفراد في الشريعة الإسلامية, د. عبد الكريم زيدان, مؤسسة الرسالة, بيروت, ط1, 1413هـ/ 1933م, ص23 بتصرف.

[3]. ردود علماء المسلمين على شبهات الملحدين والمستشرقين, محمد ياسين, مرجع سابق، ص22، 23.

[4]. انظر: قضية الألوهية بين الدين والفلسفة, د. محمد السيد الجليند, مرجع سابق، ص52 وما بعدها.

[5]. كبرى اليقينيات الكونية, د. محمد سعيد رمضان البوطي, مرجع سابق، ص291: 293.

[6]. الإمام الغزالي: دراسات وبحوث, د. محمد السيد الجليند, دار الهاني, القاهرة, ص212، 213.

[7]. كبرى اليقينيات الكونية, د. محمد سعيد رمضان البوطي, مرجع سابق, ص293.

[8]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأذان، باب: يستقبل الإمام الناس إذا سلم، (2/ 388)،  رقم (846). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: بيان كفر من قال: مُطِرنا بالنَّوء، (2/ 453)، رقم (227).

[9]. ردود علماء المسلمين على شبهات الملحدين والمستشرقين, محمد ياسين, مرجع سابق, ص23: 26.

redirect redirect unfaithful wives
read go want my wife to cheat
why do men have affairs why do husband cheat why men cheat on beautiful women
click here unfaithful spouse women cheat husband
signs of a cheater why married men cheat on their wives website
husbands who cheat open my boyfriend cheated on me with a guy
my husband cheated married looking to cheat open
go online how long for viagra to work
generic viagra softabs po box delivery buy generic viagra buy viagra generic
viagra vison loss buy viagra online read
husband cheat online online affair
dating a married woman all wife cheat i cheated on my husband
read cheat husband click here
مواضيع ذات ارتباط

أضف تعليقا
عنوان التعليق
نص التعليق
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء كاتبيها فقط ولا تعبر عن الموقع
 
 
 
  
المتواجدون الآن
  2470
إجمالي عدد الزوار
  36890899

الرئيسية

من نحن

ميثاق موقع البيان

خريطة موقع البيان

اقتراحات وشكاوي


أخى المسلم: يمكنك الأستفادة بمحتويات موقع بيان الإسلام لأغراض غير تجارية بشرط الإشارة لرابط الموقع