مرحبًا بكم فى موقع بيان الإسلام الرد على الافتراءات والشبهات
 بحث متقدم ...   البحث عن

الصفحة الرئيسية

ميثاق الموقع

أخبار الموقع

قضايا الساعة

اسأل خبيراً

خريطة الموقع

من نحن

الطعن في تحريم أكل لحم الجوارح (*)

مضمون الشبهة:

يشكك بعض الطاعنين في الإعجاز العلمي الوارد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن أكل كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير»، زاعمين أنه لا ينبغي التهويل من الأمراض التي قد يسبِّبها أكل هذه الحيوانات، فضلًا عن أن الله تعالى قد أباح أكل الصيد كله لغير المحرم، ولم يحدِّد كونه مفترسًا أو جارحة أو غير ذلك؛ فقال تعالى:)وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما((المائدة/96).

كما يدعي بعضهم أن قوله تعالى:)قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به((الأنعام/145)  يفيد الحصر؛ ومن ثم فلم يحرِّم القرآن من الحيوانات إلا لحم الخنزير، فكيف يتناقض الحديث مع القرآن ويأتي بحيوانات أخرى محرمة لم يذكرها القرآن؟!

وجه إبطال الشبهة:

إن حديث «تحريم أكل كل ذي نابٍ من السباع، وكل ذي مخلب من الطير» في أعلى درجات الصحة، وهو يفيد تحريم الأكل من لحم الجوارح، وهو ما ذهب إليه جمهور العلماء. ومن ثم؛ فإن قوله تعالى:)وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما((المائدة:96)يعنيصيد الحيوانات التي يحلُّ أكلها، لا مطلق الصيد، أما الحيوانات التي لا يحلُّ أكلها فيجوز صيدها لغرض الانتفاع بها فقط، وأما قوله تعالى:)قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير((الأنعام:145)،فلا يفيد حصر كل المحرمات من الأطعمة مطلقًا؛ وذلك لأن الآية مكية، جاءت في سياق نقض بعض أقوال المشركين، كما أنها جاءت بصيغة الفعل الماضي)قل لا أجد ( (الأنعام:145)؛أي وقتذاك، أما ما جاء الحديث بتحريمه فقد نزل بعد ذلك؛ لأن للسنة النبوية تشريعات مستقلة فيما سكت عنه القرآن. ومن ثم؛ فلا تعارض بين الحديث والآية.

وعليه؛ فتحريم أكل لحم الجوارح له حِكَم وعلل، وهو ما كشف عنه العلم الحديث عندما أثبت أن أكل هذه اللحوم يسبب أمراضًا فتاكة، ويصيب آكلها بشيء من الشراسة والميل إلى العنف؛ فأي إعجاز تشريعي هذا؟!

التفصيل:

1)  الحقائق العلمية:

لقد أثبت العلم الحديث أن لحوم الجوارح تحمل العديد من الطفيليات التي تسبب أمراضًا خطيرة لمن يأكلها، ومن هذه الطفيليات:

1.طفيل الشعرنية ناتيفا: ينتشر هذا الطفيل بين الثعالب القطبية والدببة، ويصيب الإنسان فور تناوله لحوم هذه الحيوانات أو الحيوانات الحاضنة لهذا الطفيل بصورة ثانوية كالقطط.

2.الشعرنيات شبه الحلزونية: تنتشر هذه الطفيليات (تريخنيليا سود وسيبراليس) في الطيور الجوارح (ذات المخلب)، ويصاب الإنسان بالعدوى إذا تناول لحم هذه الطيور؛ كالنسور والعقبان والصقور وغيرها.

3.طفيل تريخينلا نلسوني: ينتشر هذا الطفيل في الضباع، وبنات آوى، والنمور، والأُسود، وبعض الحيوانات المفترسة الأخرى.

وترجع معظم الإصابات البشرية في أفريقيا إلى تناول لحم الخنزير الداجن والوحشي؛ فهما حاضنان ثانويان لطفيل تريخينلا؛ لأنهما يتغذيان على الجيف([1]).

ولا شك أن هذه الطفيليات تسبب أمراضًا خطيرة كما قلنا، من هذه الأمراض الفتاكة التي ظهرت حديثًا مرض سارس الذي اجتاح الصين وجنوب شرق آسيا، وانتقل إلى مناطق أخرى في العالم, حتى أحدث ذعرًا هائلًا لكل الناس، وقد أثبتت الدراسات الحديثة أنه نتيجة لأكل لحم الجوارح والكلاب, وذلك بحسب ما أُعلن؛ فقد جاء تحت عنوان "السارس سببه إقبال الصينيين على أكل القطط والكلاب البرية", قال علماء من الصين وهونج كونج أن الفيروس المسبِّب للالتهاب الرئوي اللانمطي "سارس" قد يكون انتقل إلى البشر من حيوانات قطط الزبّاد وكلاب الراكون.

وذكر راديو الصين نقلًا عن العلماء أن خمسة من ضمن عشرة تجار حيوانات تم فحصهم في إقليم جوانج دونج جنوبي الصين وجد لديهم فيروس السارس, ويعتقد أن المرض نبع من إقليم جوانج دونج على حدود هونج كونج،  إلا أن خبير منظمة الصحة العالمية بوب دايتز قال: إن التعليق على النتائج التي توصَّل إليها الباحثون سابق لأوانه, وصرَّح دايتز قائلًا: "إن احتمال انتقال العدوى عن طريق الحيوان كان احتمالًا قائمًا, ولا يزال التعليق على ذلك سابقًا لأوانه", وقال: إن ارتباط الفيروس بالحيوانات كان في مُخيِّلة الكثيرين حينما زار خبراء منظمة الصحة العالمية أسواقًا محلية، وتحدثوا مع مسئولين في إقليم جوانج دونج في الشهر الماضي, وأضاف أن الخبراء يجب ـ مع ذلك ـ أن يطلعوا على التقرير المفصَّل الذي أعدَّه الباحثون قبل تقييم النتائج التي خلصوا إليها.

وأذاع راديو الصين نقلًا عن شوانج شيسيونج ـ رئيس وحدة مكافحة الأمراض في مدينة شينتجين في إقليم جوانج دونج ـ أن نتائج تحليل العينات التي أُخذت من ثلاث من ضمن ست من قطط الزبَّاد أظهرت أنها تحمل بوادر فيروس سارس, وألغت مدينة شينتجين جميع تراخيص تجارة الحيوانات, وقال عالم الأحياء المجهرية بجامعة هونج كونج يوين كووك يونج للصحفيين: إن الباحثين عزلوا حُمَّى تاجية لها علاقة بالسارس في حيوانات قطط الزبَّاد, ولكن الخوف من انتشار السارس عن طريق الحيوانات الأليفة جعل السلطات في بكين والمدن الأخرى تأمر بجمع القطط والكلاب الضالة والحيوانات الأخرى وتقتلها، كما دفع أصحاب الحيوانات الأليفة إلى التخلِّي عن حيواناتهم.

 وذكر الصندوق الدولي لرعاية الحيوانات في موقعه على الإنترنت أن الذعر من السارس دفع بالمئات من مالكي القطط والكلاب في بكين إلى التخلِّي عن حيواناتهم؛ خوفًا من أن تكون هي مصدر المرض القاتل. وطبقًا لإحصاءات منظمة الصحة العالمية؛ فإن السارس قضى على نحو 700 شخص, وأصاب بالعدوى أكثر من ثمانية آلاف آخرين في أنحاء العالم([2]).

وبالإضافة إلى ما سبق، فقد أثبت علم التغذية الحديث أن الشعوب تكتسب بعض صفات الحيوانات التي تأكلها؛ لاحتواء لحومها على سُمِّيَّات ومفرزات داخلية تسري في الدماء، وتنتقل إلى معدة البشر فتؤثِّر في أخلاقياتهم؛ لأنه قد تبيَّن أن الحيوان المفترس عندما يهمُّ باقتناص فريسته تفرز في جسمه هرمونات ومواد تساعده على القتال واقتناص الفريسة.

ويقول الدكتور س. ليبج ـ أستاذ علم التغذية في بريطانيا ـ : "إن هذه الإفرازات تخرج في جسم الحيوان حتى وهو حبيس في قفص، عندما تقدم له قطعة لحم لكي يأكلها"، ويعلِّل نظريته هذه بقوله: ما عليك إلا أن تزور حديقة الحيوانات مرة، وتلقي نظرة على النمر في حركاته العصبية الهائجة أثناء تقطيعه قطعة اللحم ومضغها، فترى صورة الغضب والاكفهرار المرسومة على وجهه، ثم ارجع ببصرك إلى الفيل وراقب حالته الوديعة عندما يأكل وهو يلعب مع الأطفال والزائرين، وانظر إلى الأسد وقارن بطشه وشراسته بالجمل ووداعته.

وقد لُوحظ على الشعوب آكلات لحوم الجوارح أو غيرها من اللحوم التي حرَّم الإسلام أكلها ـ أنها تُصاب بنوع من الشراسة والميل إلى العنف ولو بدون سبب إلا الرغبة في سفك الدماء.

ولقد تأكَّدت الدراسات والبحوث من هذه الظاهرة على القبائل الهمجية التي تستمرئ أكل مثل تلك اللحوم إلى حدِّ أن بعضها يُصاب بالضراوة فيأكل لحوم البشر.  كما انتهت تلك الدراسات والبحوث أيضًا إلى ظاهرة أخرى في هذه القبائل وهي إصابتها بنوع من الفوضى الجنسية، وانعدام الغيرة على الجنس الآخر، فضلًا عن عدم احترام نظام الأسرة ومسألة العرض والشرف، وهي حالة أقرب إلى حياة تلك الحيوانات المفترسة؛ حيث إن الذكر يهجم على الذكر الآخر من القطيع ويقتله لكي يحظى بإناثه، إلى أن يأتي ذكر آخر أكثر شبابًا وحيوية وقوة فيقتل الذكر المغتصب السابق وهكذا.

ولعل أكل لحم الخنزير أحد أسباب انعدام الغيرة الجنسية بين الأوربيين، وظهور الكثير من حالات ظواهر الشذوذ الجنسي، مثل: تبادل الزوجات والزواج الجماعي. ومن المعلوم أن الخنزير إذا رُبِّي في الحظائر النظيفة ثم تُرِكَ طليقًا لكي يرعى في الغابات فإنه يعود إلى أصله؛ فيأكل الجيفة والميتة التي يجدها في طريقه؛ بل يستلذّ بها أكثر من البقول والبطاطس التي تعوَّد على أكلها في الحظائر النظيفة المعقَّمة، وهذا هو السبب في احتواء جسم الخنزير على ديدان وطفيليات وميكروبات مختلفة الأنواع، فضلًا عن زيادة نسبة حامض البوليك التي يفرزها، والتي تنتقل إلى جسم من يأكل لحمه([3]).

2)  التطابق بين حقائق العلم وما أشار إليه الحديث الشريف:

حرصًا من الشريعة الإسلامية السَّمْحَة على صحة الإنسان وحفاظًا عليها؛ فقد حرَّمت عليه الأكل من حيوانات بعينها في مقابل أخرى يـحلُّ أكلها ـ وهي كثيرة جدًّا ـ
ومن هذه الحيوانات المحرَّم عليه أكلها: الجوارحُ؛ فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : «أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم نهى عن كل ذي ناب من السباع([4])، وعن كل ذي مخلب([5]) من الطير»([6])، وجاء من طريق آخر التصريح بأن النهي متعلق بأكلها؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن أكل كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير»([7]).

وهنا أثار الطاعنون شبهتهم قائلين: إن هذا الحديث باطل بدليل قوله تعالى: )وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما((المائدة:96)،الذي أباح فيه الأكل من الصيد مطلقًا لغير الـمُحْرم دون تحديد كونه مفترسًا أو جارحة، أو غير ذلك، واستدلَّ بعضهم بقوله تعالى:)قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير((الأنعام:145)،الذي لم يحرِّم فيه من لحوم الحيوانات إلا لحم الخنزير، هادفين من وراء ذلك إلى إنكار الإعجاز العلمي في الحديث.

الجواب:

في البداية هذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ فقد رواه الإمام مسلم في صحيحه، ورواه أيضًا غيره من أصحاب السنن والمسانيد بأسانيد صحيحة. هذا عن سند الحديث، فأما عن متنه، فيقول الشوكاني: "وفي الحديث دليل على تحريم ذي الناب من السباع، وذي المخلب من الطير، وإلى ذلك ذهب الجمهور"([8]).

وعليه؛ فهذا الحديث لا يعارض بحالٍ الآية الأولى التي استدلوا بها؛ لأنها تتحدَّث عن محظور من محظورات الإحرام، وهو قتل الصيد، والصيد ـ بمعنى المصيد ـ يشترط فيه أن يكون حيوانًا مأكول اللَّحم؛ أي: جائز الأكل، وهذا عند جميع الفقهاء إذا كان الصَّيد لأجل الأكل.

أمَّا مطلق الصَّيد فاختلفوا فيه: فذهب الحنفيَّة والمالكيَّة إلى عدم اشتراط أن يكون الصَّيد مأكول اللَّحم؛ بل يجوز عندهم صيد ما يُؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه؛ لمنفعة جلده أو شعره أو ريشه، أو لدفع شرِّه، وكلٌّ مشروع. أمَّا الشافعية والحنابلة فلا يجيزون صيد غير مأكول اللَّحم، ولهذا ذكروا في تعريفهم الصَّيد بمعنى المصيد: بأنَّه حيوان مقتنص، حلال، متوحش طبعًا، غير مملوك، ولا مقدور عليه([9])([10]).

وعلى كلٍّ؛ فإن قولهم: إن الله قد أباح كل الصيد لغير المحرم قول لا أساس له من الصحة مطلقًا، فضلًا عن أنه لم يقل به أحد من العلماء المعتبرين؛ وبهذا بَطُل الاستدلال بهذه الآية الكريمة على دعواهم.

وأما عن الاستدلال بالآية الثانية، فيُجاب عنه بما يأتي:

·  إن الاستدلال بالآية يتم فيما لم يرد فيه النص بالتحريم، ولحوم الجوارح وغيرها قد تواردت النصوص على تحريمها ـ كما سبق ـ والتنصيص على التحريم مُقدَّم على عموم التحليل وعلى القياس.

·  إن الآية الكريمة مكيَّة، والحصر فيها قبل أن يستجدَّ تحريم ما ذُكر في السنة، فقد حُرمت أشياء بعد نزولها، والآية جاءت بصيغة الفعل الماضي:)قل لا أجد ((الأنعام:145)، فمعنى ذلك أن وقت نزول الآية لم يحرِّم إلا ما ذُكر فيها، ثم حرَّم أشياء بعد نزولها.

·  إن الآية جاءت في سياق نقض أقوال المشركين الذين حرَّموا أشياء بأهوائهم، وافتروا على الله عز وجل، ومن ذلك أنهم يجعلون بعض الأنعام مُحرَّمًا ما في بطونها على الإناث دون الذكور، وأشياء أخرى ذُكرت في الآيات، فجاءت هذه الآية الكريمة لتبين أنه لا يُحرَّم من بهيمة الأنعام إلا الميتة، وما أُهِلَّ لغير الله به.

·  أن الله سبحانه وتعالى وصف المحرَّمات في الآية بأنها رجس، فما كان مشتركًا في هذا الوصف فيدخل في التحريم، ولا شك أن لحوم الجوارح ينطبق عليها هذا الوصف، وهذا ما كشف عنه العلم الحديث([11]).

وعليه؛ فإن ما ثبت بالسنة النبوية تحريمه يجب الأخذ به؛ كتحريم كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير... إلخ؛ فإن السنة النبوية تستقلُّ بالتشريع في أشياء سكت عنها القرآن، وهو القول الحق عند الأصوليين([12]).

ولا شك أن هذا التحريم لم يكن خاليًا من الحكمة والمنفعة ـ وهذا شأن كل أحكام الشريعة الإسلامية ـ بل هو تشريع مُـحْكَم تقبَّلَه المسلمون بالامتثال والطاعة؛ فامتنعوا عن أكل هذه المحرمات، ثم جاءت الاكتشافات العلمية الحديثة لتؤكد الأضرار الوبيلة المترتبة على تناول هذه المحرمات (الخبائث)([13]).

يقول الدكتور زغلول النجار: "الحكمة من هذا التحريم تنبع من طريقة الافتراس للحيوانات أو للجيف وغيرهما من أنواع الطعام الذي تحيا عليه هذه الجوارح، وينطبق عليه تحريم كل من الميتة والدم؛ وذلك لأن موت الحيوان قبل تذكيته قد يكون بسبب مرض من الأمراض العضوية أو الفيروسية التي أصابته بالعدوى، أو ألـمَّت به بسبب الشيخوخة، وهذا سبب من الأسباب المباشرة لنقل مسبِّبات الأمراض وغيرها من المركبات الكيميائية القاتلة، أضف إلى ذلك أكل لحم الفريسة أو الجيفة نيئًا بما فيه من دماء وسموم، وفيروسات وبكتيريا وطفيليات وفطريات وغيرها، وكل من الميتة والدم المسفوح مُحرَّم بنص القرآن الكريم؛ وذلك لاحتوائهما على العديد من مسببات الأمراض والسموم المعقَّدة وغيرهما من المركبات الكيميائية الأخرى الضارة بصحة الإنسان، والتي يحملها كل من الدم واللحم غير المذكَّى والجيف"([14])، وهذا يعني أن أي حيوان أو طائر يتغذَّى على هذا فأكل لحمه حرام.

ومما هو جدير بالذكر أن آكلات اللحوم تُعرف علميًّا بأنها ذات الناب التي أشار إليها الحديث الشريف؛ لأن لها أربعة أنياب كبيرة في الفك العلوي والسفلي، وهذا لا يقتصر على الحيوانات وحدها بل يشمل الطيور أيضًا؛ إذ تنقسم إلى آكلات العشب والنبات كالدجاج والحمام، وإلى آكلات اللحوم كالصقور والنسور، وللتمييز العلمي بينهما يقال: إن الطائر آكل اللحوم له مخلب حاد ـ ولا يوجد هذا المخلب في الطيور المستأنسة الداجنة.

 ومن المعلوم أن الفطرة الإنسانية بطبيعتها تنفر من أكل لحم الحيوانات أو الطيور آكلة اللحوم إلا في بعض المجتمعات التي يقال عنها إنها مجتمعات متحضرة، أو في بعض القبائل الهمجية.

ومن الحقائق المذهلة أن الإسلام قد حدَّد هذا التقسيم العلمي ونبَّه إليه منذ أربعة عشر قرنًا من الزمان([15])، من خلال الحديث الشريف (موضوع الشبهة)، وقد شهد بهذا البروفيسور نيلسون ـ أستاذ الطفيليات البريطاني الشهير([16]).

ولعل من حكمة تحريم أكل لحوم هذه الجوارح أيضًا أن الغذاء ينعكس على شيء من طباع آكله؛ فأكل لحوم الحيوانات والطيور الجارحة لا بد أن ينعكس على أخلاق وطباع آكله بشيء من التوحُّش والقسوة والشراسة، والميل إلى العنف، والرغبة في سفك الدماء، وقد لُوحظ ذلك على عدد من التجمعات البدائية للإنسان، التي لا تُفرق بين حلال وحرام فيما تأكل، فقست قلوبهم إلى حدِّ أكل لحوم الإنسان، مع العلم أن الفطرة وحدها تأبى ذلك ولا ترضاه.

ومن ثم؛ فتحريم رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل كل ذي ناب ومخلب سبق علمي لجميع معارف البشر التي لم تدرك شيئًا من أخطار ذلك إلا في القرن العشرين([17])، فأي إعجاز تشريعي هذا؟!

3)  وجه الإعجاز:

أثبت العلم حديثًا أن أكل لحم الجوارح يسبب أمراضًا خطيرة، من أشهرها: مرض سارس، وذلك لما تحمله من طفيليات عديدة، هذا بالإضافة إلى أن أكل هذه اللحوم يصيب الإنسان بشيء من التوحُّش والقسوة والميل إلى العنف؛ لأن الغذاء ينعكس على شيء من طباع آكله، كما أن الفطرة السَّويَّة تأبى ذلك ولا ترضاه.

وقد أشار إلى خطورة الأكل من لحوم هذه الجوارح النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما : «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن أكل كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير»؛ أفلا يُعدُّ هذا سبقًا علميًّا يشهد بعظمة التشريع الإسلامي؟!

 

(*) نقد بعض المنسوب للإعجاز العلمي في القرآن، رضا البطاوي، مقال منشور بموقع: أهل القرآن www.ahl.alguran.com. هل أكل الكلاب حلال؟ مقال منشور بمنتديات: أتباع المرسلين www.ebnmaryam.com.

[1]. الموسوعة الشاملة في الطب البديل، د. أحمد مصطفى متولي، دار ابن الجوزي، القاهرة، ط1، 1426هـ/ 2005م، ص116- 117 بتصرف. الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، د. عبد الله المصلح و د. عبد الجواد الصاوي، مرجع سابق، ص306.

[2]. تحريم أكل لحم الجوارح، عادل الصعدي، بحث منشور بموقع: جامعة الإيمانwww.jameataleman.org.

[3]. الإعجاز العلمي في الإسلام: السنة النبوية، محمد كامل عبد الصمد، مرجع سابق، ص84- 85.

[4]. السباع ذات الأنياب: تشمل الحيوانات الثديية المفترسة، والتي تُجمع في رتبة واحدة تُعرف باسم "رتبة الثدييات المفترسة" أو الحيوانات الجارحة أو الجوارح (ordercarnivora)، وتضم عشرة من العائلات التي تملأ جنبات اليابسة وأغوار الماء اليوم، ممثلة بنحو 115 جنسًا، 274 نوعًا، وهي حيوانات متوسطة إلى كبيرة الحجم، وتتميز بتحوُّرات واضحة في كل من مخالبها وبناء أسنانها للتلاءم مع طبيعتها في الافتراس وأكل لحوم فريستها، وهذه تشمل الأسود، والضبع، والنمور، والثعالب، والذئاب، والفهود، والكلاب، والقطط، والدِّبَبَة، وعجول البحر (seals)، وحيوانات الفظ (walruses)، وغيرها، وتتميز كلها بالأسنان المتخصصة للافتراس والتقطيع والتمزيق، فلها قواطع أمامية تقطع، وأربعة أنياب: اثنان في كل من الفكين العلوي والسفلي مهمتها تمزيق الفريسة، ومخالب قوية للقبض على الفريسة، وهي عادة من الحيوانات سريعة الجري على اليابسة وسريعة السباحة في الماء.

[5]. الطيور ذات المخالب: يُقصد بها الطيور الجارحة التي تعدو على فريستها بمخالبها، مثل: الصقر أو الباز والشاهين والعقاب والنسر والباشق والغراب والحدأة، وغيرها من الجوارح أو الرمامات من الطيور، التي تُجمع في رتبة واحدة تُعرف باسم "رتبة الصقور أو البازيات" (orderfalconi formes)، وتضم طيورًا ضخمة الحجم في العادة، لها قدرات هائلة على الطيران، وآكلة للحوم أو الجيف؛ ولذلك يستخدم بعضها في عمليات القنص الرياضي أو للصيد للطعام. وتتميز الطيور الجارحة عادة بأجنحتها القوية، ومناقيرها المعقوفة التي تمكِّنها من أكل لحم الفريسة التي تثبتها بواسطة القدمين القويتين بشكل غير عادي، والمزوَّدتين بمخالب طويلة قوية، ومعقوفة في أغلب الأحوال، ولها قدرات سمع وبصر فائقة للغاية.

[6]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الصيد والذبائح وما يُؤكل من الحيوان، باب: تحريم أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير، (7/ 3007)، رقم (4909).

[7]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه ( بشرح عون المعبود)، كتاب: الأطعمة، باب: ما جاء في أكل السباع، (10/ 198)، رقم (3799). وصحَّحه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (3805).

[8]. نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، الشوكاني، إدارة الطباعة المنيرية، دمشق، ج8، ص189. انظر: شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، ج7، ص3008. الموسوعة الفقهية الكويتية، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، دار السلاسل، الكويت، ط2، ج5، ص133- 134.

[9]. لا مقدور عليه؛ أي من خلال الذَّبح.

[10]. الموسوعة الفقهية الكويتية، مرجع سابق، ج28، ص122- 123 بتصرف.

[11]. كيف الجمع بين هذه الآية وهذا الحديث؟ د. محمد عبد الله القناص، مقال منشور بموقع: الإسلام اليوم www.islamtoday.net. انظر: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، محمد الأمين الشنقيطي، دار الفكر، بيروت، 1415هـ/ 1995م، ج7، ص102: 110.

[12]. المحرمات من الأطعمة في آية الأنعام، مقال منشور بموقع: شبكة يسألونك الإسلامية www.yasaloonak.

[13]. تحريم أكل لحم الجوارح، عادل الصعدي، بحث منشور بموقع: جامعة الإيمانwww.jameataeman.org.

[14]. الإعجاز العلمي في السنة النبوية، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ج3، ص195.

[15]. الإعجاز العلمي في الإسلام: السنة النبوية، محمد كامل عبد الصمد، مرجع سابق، ص86 بتصرف.

[16]. انظر: حوار علمي بين الشيخ الزنداني والبروفيسور نيلسون، بحث منشور بموقع: الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة www.eajaz.org.

[17]. الإعجاز العلمي في السنة النبوية، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ج3، ص195 بتصرف.

redirect redirect unfaithful wives
click read dating site for married people
click here online women cheat husband
open my husband cheated black women white men
signs of a cheater reasons people cheat website
husbands who cheat open my boyfriend cheated on me with a guy
husbands who cheat open my boyfriend cheated on me with a guy
my husband cheated my husband almost cheated on me open
husband cheat my husband almost cheated on me online affair
read here website why women cheat on men
مواضيع ذات ارتباط

أضف تعليقا
عنوان التعليق
نص التعليق
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء كاتبيها فقط ولا تعبر عن الموقع
 
 
 
  
المتواجدون الآن
  1302
إجمالي عدد الزوار
  36748370

الرئيسية

من نحن

ميثاق موقع البيان

خريطة موقع البيان

اقتراحات وشكاوي


أخى المسلم: يمكنك الأستفادة بمحتويات موقع بيان الإسلام لأغراض غير تجارية بشرط الإشارة لرابط الموقع